آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          52 - عودة الغائب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي أكثر شخصية من الأبطال أثارت انتباهكم في الرواية؟؟
سمر 3 27.27%
عليا 5 45.45%
ثريا 7 63.64%
عزة 2 18.18%
أسامة 3 27.27%
أشرف 1 9.09%
أنس 2 18.18%
زكريا 1 9.09%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 11. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree1899Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-04-22, 12:07 AM   #11

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثاني -1-


الفصل الثاني



"في القرية"
خرج طارق يجوب القرية و يبحث عن ثريا في جميع الأماكن التي من الممكن أن تختبئ فيها ...لكن لم يجرؤ على سؤال أحد... يعلم جيدا في أي محيط يعيش...لن تكف الألسن عن التكلم وتشويه الحقائق لذلك آثر الصمت و البحث في الخفاء إلى أن وصل لمحطة سيارات الأجرة...فتوقف لبرهة ينتظر توقف جميع السيارات..والتي اعتاد أصحابها الاجتماع و تناول الغذاء بعد الزوال ...لذلك استغل تلك الفرصة و اقترب من الوسيط بتردد قائلا" مرحبا.."
ومد يده...انتبه له الوسيط وعلت وجهه نظرات تقيمية لطارق ...
شاب في الثامن و العشرين ذو بشرة قمحية و عيون زرقاء وشعر بني فاتح...تكلم الوسيط بخشونة" مرحبا" تردد طارق و ابتلع ريقه ثم سأل" كنت أريد أن أسألك إن كنت قد رأيت فتاة شابة في هذا الطول تقريبا"أشار للطول بجانب كتفه"ذات بشرة بيضاء و عيون زرقاء...ترتدي حجابا"
نظر له الوسيط باهتمام و ظهرت على وجهه علامات التفكير " في الحقيقة ..تمر علي العديد من الأوجه كل يوم ..ربما إن حددت لي الساعة تقريبا سأستطيع مساعدتك"..."ربما غادرت في الصباح الباكر..لا أعلم متى تحديدا.."
"هكذا إذن ....انتظر لحظة" نادى الوسيط على أحد الشباب" هاي يا ولد ..نعم أنت..اقترب ...هل كنت هنا فجرا؟"
اقترب منه الشاب العشريني..."نعم يا كبير ..لقد كنت هنا وسيارة فلان و فلان"..."هكذا إذن ...هل رأيت فتاة شابة بيضاء و ذات عيون زرقاء وترتدي حجابا؟.."
بدا على الشاب التفكير العميق و هو يهمس"شابة بعيون زرقاء ...شابة بعيون زرقاء".."آه تذكرت..هل شعرها أحمر؟ ..أقصد كانت ترتدي حجابا لكن بعض خصلات شعرها كانت بارزة "..
انتبه له طارق و اقترب منه بسرعة ثم شد كتفه" نعم هي..هي... هل رأيتها؟..هل هي بخير؟"نظر الشاب لحالة طارق المزرية،شعره المشعت و لحيته النامية وعيونه الدابلة فأدرك أن المشكل كبير والحسناء التي رآها سابقا فعلت شيئا مجنونا ثم قال بهدوء "لقد أوصلتها لمحطة القطار..لقد بدت متوثرة وخائفة...انطلقنا بعد أذان الفجر بدقائق"...
ابتعد عنه طارق بوهن وهمس شاكرا...ثم ذهب مكسور الخاطر ومهموما..وأفكاره كلها تدور حول كيف ستتدبر ثريا حالها..حدسه يخبره أن عمته تعلم شيئا ولها علاقة بهروب ثريا... لم تخفى عنه ردة فعلها المزيفة السابقة ...لكنه فضل التغاضي عنها خوفا من أي يتصرف والده بجنون..وبما أن عمته في الصورة فثريا ستكون بأمان حتما ...والرسالة التي قرأها سابقا ..تبدو كرسالة من شخص يعلم جيدا إلى أين يتجه..لكنه لا يستطيع ألا يقلق...يدرك جيدا طبيعة شقيقته المتمردة ...وعلم أن إجبارها على شيء لا ينتج عنها سوى ردة فعل عكسية وهذا ماكان يخشاه عندما أخبره والده أنه سيزوجها قسرا لرجل خمسيني..لكن لم يظن أنها ستتهور وتهرب...فكر في أنها ستضرب عن الطعام ربما ..لكن الهرب كان مستبعدا ...بل مستحيلا..
اتصل بهاتفها للمرة الألف منذ علم باختفائها لكن دون جدوى و لا يجيبه سوى المخاطب الآلي ..شتم مجددا ثم همس" أين أنت يا ثريا أين؟إنه خطئي...خطئي بالكامل"...قادته خطواته للمدرسة الثانوية والتي كانت تبعد عن القرية ببعض الكيلومترات و بدأ في استرجاع بعض الذكريات لهما معا..
في سنته الثانية في الثانوية كانت ثريا في سنتها الأولى في الإعدادية...لازال يتذكر حماسها وهي ممسكة بيده و يتجهان معا للمدرسة ..كانت تتحدث و تتحدث و تخبره أنها تحب الدراسة وتريد أن تصبح طبيبة مشهورة جدا و تعالج الناس في القرية مجانا..وهو كان يعدها أنه عندما يصبح غنيا سوف يساعدها في فتح عيادة خاصة...ابتسم بحزن لتلك الفكرة...
لكن تغير كل شيء بعد قرار والدها المفاجئ ...والدها الذي استسلم للافكار الرجعية التي تسيطر على مجتمعهم ...أن خروج المرأة للدراسة والحياة العملية يعتبر فتنة..وأن ذلك يسبب انحلالا في أخلاقها و أول ظواهر هذا الانحلال ،التمرد على العائلة و السعي للاستقلالية....
لقد كانا مقربين جدا ..كانت تخبره بكل ما يؤلمها و تحكي له عن أحلامها ..متى ابتعدوا لهذه الدرجة ربما بعد ذهابه لاتمام دراسته...لدرجة أنه لم يعرف أنها ضاقت درعا بكل شيء و ستغامر لتؤسس حياتها بالطريقة التي تريدها...
قطع سيل أفكاره رنين هاتفه..فتفقده بلهفة يظن أن ثريا من تتصل لكنه شعر بالإحباط عندما لمح اسم عمته على الشاشة..فأجاب باقتضاب"نعم..حسنا أنا آت"...

*********
حل المساء وكانت الأجواء متوثرة في منزل عائلة ثريا...دموع والدتها لم تنضب وفتيحة تحاول احتواء حزن سكينة التي كانت متعلقة بشقيقتها..أما عبد الرحمان فلم يغادر المنزل ...كان يخرج من غرفته ليصب جام غضبه ولعناته عليهم ثم يدخل لينزوي وحيدا...
دخل طارق و الكل يتطلع لوصوله و استقصاء اخبار عن ثريا ..لكن ملامحه المكفرة كانت كافية ليعلموا أن لا جديد و ثريا اختفت من القرية تماما..
ذهب لوالدته الجالسة فوق سجادة الصلاة مقبلا رأسها فأجهشت في البكاء ما إن احتضنها وانضمت لهم سكينة أيضا أما عمته فاكتفت بالمشاهدة بحسرة وتأنيب ضميرمقيت..
خرج عبد الرحمان من غرفته يحمل في يده الرسالة مجعدة ...فمسح بنظراته على العائلة بأكملها ثم قال بصوت صارم و عالي "اسمعوني جيدا ...من اليوم وصاعدا ليست لي ابنة اسمها ثريا..لا أريد أن أسمع اسمها في هذا البيت...من يسأل عنها سنخبره أنها سافرت"
اندفع طارق إلى والده وصارخا"ماذا تقصد بهذا؟ ألن نبحث عنها ...أو نبلغ الشرطة على الأقل؟"
زمجر عبد الرحمان بغضب " اخفض صوتك ... لقد قلت ما عندي ومن سيعارضني فالباب يفوت جمل .."
اقتربت حبيبة جاثية على قدميها وتشبتت بركب زوجها وتوسلت إليه"أرجوك يا عبد الرحمان جد لي ابنتي ...يعلم الله ماذا سيحدث لها وهي في الخارج..هل أكلت..وأين ستبيت"
دفعها بقدمه فترنحت للخلف قبل أن يمسكها طارق من كتفيها وصرخ في وجه والده"كيف سترتاح و ابنتك ستبيت خارج المنزل ...أليس في قلبك رحمة ...إنها ثريا يا أبي ثريا ..."
صرخ عبد الرحمان"لن أعيد كلامي مرة أخرى...ليس لي ابنةاسمها ثريا وانتهينا...أين طعامي أريد أن آكل الآن ..."
شيعته فتيحة بنظرات غاضبة و محتقرة وهي أدرى الناس بقسوة شقيقها...لو لم تكن قوية الشخصية لما سلمت من بطشه...كائن نكدي..عصبي و منفر ...صعب المعشر ..أناني لا يقبل المناقشة في قرارته و لا يهتم برأي أحد أصلا...وجشع
غادر طارق المنزل صافقا الباب بقوة ولم يكن ينوي الرجوع على الأقل الأيام القادمة..
____________________________

بعد يومين من هروبها قضتهم ثريا في غرفتها تبكي فقط وتحاول استيعاب الفعل الذي أقدمت عليه ..لا تخرج من غرفتها إلا لتناول الطعام ولا تتحدث كثيرا.. و تعود لتنزوي على نفسها مجددا..وكانت السعدية متفهمة للحالة التي عليها ثريا بحكم أنها لم تبتعد عن عائلتها من قبل ...
استيقظت باكرا كما اعتادت في منزلها ..تأملت السقف لوقت طويل تحاول استيعاب أين هي؟ تجمعت الدموع في عينينها مجددا فأبت تحريرها هذه المرة..نهضت من الأريكة و جلست على طرفها وجسدها مازال منهكا من السفر أم هو التعب النفسي...شعرت بالتوثر و لم تستطع مغادرة الغرفة وكانت قد قررت سابقا أنها لن تظل على نفس حالتها... سمعت طرقا خفيفا على الباب .. فدخلت السعدية بقامتها القصيرة ووجهها البشوش..فوجدت ثريا تحدق في الباب.."صباح الخير يا حلوة"...أجابتها ثريا بصوت ناعس" صباح النور يا خالة السعدية"..اقتربت منها السعدية وربتت على شعرها الأحمر الطويل الذي تركته منسدلا " هل نمت جيدا؟"..."نعم ..لقد ارتحت..شكرا".."هيا انهضي و استحمي لترتاحي وبعدها سنفطر سويا.."توثرت ثريا وقالت بتردد"حسنا شكرا لك...أنا آسفة حقا على الإزعاج يا خالة"
ضربت السعدية كفيها ببعضهما ثم قالت بتأنيت"لا حول ولا قوة إلا بالله ...أي أسف يا ابنتي ..بالعكس أنا سعيدة لأنك أتيت ..لقد كنت أشعر بالوحدة ..أما الآن فستؤنسين وحدتي"
اقتربت منها وجلست بجانبها فوق الأريكة ثم ربتت على ظهرها بحنان "اعتبري نفسك في منزلك ...وأنا في منزلة أمك أو عمتك"...شعرت ثريا بانقباض في قلبها على سيرة أمها و عمتها وأخفضت رأسها تحاول مداراة دموعها و شعورها بالخواء و الخوف ..جدبتها السعدية إلى حضنها برفق و هي تطبطب على ذراعها.... وتحدثت بحماس" هيا هياا إلى الحمام ...فأنا أنوي اليوم أن آخذك معي إلى السوق و أعرفك على الحي بأكمله ...هيا أمامنا يوم طويل جدا " وقفت السعدية وشدت ثريا من ذراعها بخفة تدفعها ناحية الباب
أخذت ثريا حمامها بسرعة و لبست ملابسها وجدلت شعرها خلف رأسهاثم نزلت إلى المطبخ لتساعد السعدية...تناولا الفطور معا و تبادلا الحديث أو الأصح كانت ثريا تستمع لثرثرة السعدية عن الجيران و عن عائلتها..
السعدية امرأة سهلة المعشر .. ثرثارة ولكن طيبة القلب و روحها مرحة ..تشعرك بالألفة ..وهذا ما شعرت به ثريا في هذا المنزل..
بعد الفطور والقيام بالأعمال المنزلية البسيطة خرجت السعدية و ثريا التي اختارت عدم ارتداء طرحتها بعد الآن،واتجهوا إلى السوق ومروا على العديد من الأماكن و من بينها محل لبيع الخيوط و الكبب الصوفية و اشترت العديد من الألوان...
في طريقهم للرجوع إلى المنزل التقوا بعماد الذي ساعدهم على حمل مقتنياتهم...كانت ثريا تستمع فقط للحديث الممتع بين جدة وحفيدها وما استنتجته أنه يعمل أستاذ في السلك الثانوي..فلمعت فكرة في دماغها وشعرت بأن الرؤية بدأت تتضح لديها... التزمت الصمت تماما إلى أن وصلوا للمنزل...
وضع عماد المشتريات في المطبخ وودع جدته بعناق وقبلة فوق دماغها عندما استوقفته ثريا أمام باب المطبخ..
كانت تفرقع أصابعها ببعضهم وبدت متوثرة ومرتبكة"سيد عماد"...استدار عماد وابتسامة عابثة تزين وجهه وقال"عماد فقط" نظرت لوجهه بتساؤل "عفوا"..اتكأ على إطار الباب و وضع يده في جيبه ويلعب بمفتاح في يده الأخرى وتحدث بهدوء "بإمكانك مناداتي بعماد فقط ..لا أرى سببا للرسمية بيننا"نظرت له بتوجس ثم قالت"آه حسنا شكرا ...كنت أريد أن أسألك بعض الأسئلة إذا كنت متفرغا"
بالرغم من الهدوء الذي تبدو عليه ملامحه و الابتسامة المتسلية التي تزين شفتيه إلا أنه كان يقيم عرسا بداخله فالحسناء التي أثارت انتباهه قبل يومين وقضى الليلتين يفكر فيها تسأله الآن إن كان متفرغا وتريد محادثته...حتى إن لم يكن متفرغا ..سيتفرغ رغما عنه..تنحنح و تخلى عن وقفته ليقف مستقيما مقابلا لها قائلا"آه نعم بالطبع ...تفضلي" وأشار للبهو المقابل للمطبخ حيث تعد السعدية طعام الغداء..
جلسا متقابلين و الطاولة بينهما فاختار عماد البدأ بالحديث ما إن لاحظ أن ثريا مترددة و تبدو كمن يحاول ترتيب أفكاره"إذن فيما تحتاجينني يا آنسة ثريا" ابتسمت ثريا لكلمة آنسة ثم قالت"مما فهمته سابقا أنك أستاذ رياضيات " "نعم تماما.."
"في الحقيقة...أنا كنت أريد ..امم.."ابتلعت ريقها تحاول إيجاد الوصف المناسب لما تريده ..أما عماد فقد استغل ارتباكها و سمح لنفسه بتأملها و عيون تراقبه من بعيد و تبتسم بخبث "ماذا تريدين تحديدا يا آنسة ثريا؟"
"امم كنت أريد أن أدرس في الجامعة..إن كانت لديك فكرة عن موعد التسجيل ونا سأحتاجه من وثائق"..عقد عماد حاجبيه "جامعة ...لقد ظننت سابقا أنك أتيت للبحث عن عمل ..أقصد هذا ما أخبرتني به جدتي"
ظهر الارتباك جليا على ملامح ثريا و حاولت انتقاء كلماتها بحذر" نعم بالطبع ...لكن كنت أتساءل إن كانت هناك إمكانية للتسجيل في الجامعة أيضا" .."هكذا إذن...هل تريدين التسجيل لدراسة الإجازة أم الماجستير؟"
"لا لا ...أنا لم يسبق لي أن درست في الجامعة ...مستواي الدراسي هو الباكالوريا وبعدها توقفت عن الدراسة لظروف معينة"...شعر عماد بالحماس و هو يكتشف معلومات جديدة عن ثريا " كم عمرك تحديدا؟"..بدى لها السؤال غير منطقي" أنا؟ أنا في الرابعة والعشرين.." "هكذا إذن ... ومتى حصلتي على الباكالوريا؟""قبل ست سنوات بميزة حسن جدا"..
اعتدل عماد في جلسته متكئا على الأريكة بظهره وضم مرفقين لصدره"لا يمكنك التسجيل في الجامعة"
عقدت ثريا حاجبيها تنتظره أن يقول أنه يمزح بالرغم من أن علاقتهم لا تسمح بهذا النوع من المزاح ...إلا أنها آملت ذلك في هذه اللحظة لكنه لم يحرك ساكنا واكتفى فقط بالصمت ينتظر ردة فعلها إلى أن همست"ماذا تقصد؟"..."أنت لا تستوفين الشروط للدخول للجامعة..لا يجب أن يمر عامين على حصولك على الباكالوريا لتستطيعن الالتحاق بها..."
أيا كان ماكانت تظن أنه سيواجهها بعد هروبها ،لم تتوقع ما سمعت الآن...
الخطوة الأولى لتحررها و استقلاليتها تتهدم أمامها الآن ..التحاقها بالجامعة مستحيل ..شعرت بالعجز وقلة الحيلة و الدموع تجمعت في عينينها لكنها أبت تحريرهم...رفعت رأسها لعماد والذي هاله امقتاع وجهها والعواصف التي تعصف بزرقاوتيها...ابتلعت ريقها علها تستطيع استحضار الأسئلة الأخرى التي كانت تنوي سؤاله"لكن..لكن هناك أشخاص كبار و مع ذلك يدرسون في الجامعة ..كيف هذا ؟"
أجابها عماد ولازالت نظراته تلتهم ملامح وجهها"في تلك الحالة أغلبهم يجتازون باكالوريا حرة أولا ثم يسجلون للالتحاق بالجامعة"
"باكالوريا حرة؟ ما هذه؟".."تجتازين باكالوريا لكن مع فئة الأحرار اي الناس الذي سبق أن اجتازوها سابقا و يريدون الحصول على أخرى لكن في مجال مختلف..أو الناس الذين توقفوا عن الدراسة بعد السلك الإعدادي و يريدون اجتيازها للالتحاق بالجامعة أو الدراسة خارجا...ولكنها تعتمد كليا على الدراسة الذاتية أو بإمكانك الاستعانة بالدروس الإضافية...كل ما عليك فعله هو أن تبحثي عن المنهج الدراسي المناسب للشعبة التي ستختارينها و تبدئي في الدراسة"
كانت تتطلع فيه باهتمام وأمل" وكيف أستطيع التسجيل؟"
"بسيط جدا ...ستحتاجين لبعض الوثائق و يمكنك التسجيل عبر الرابط المخصص..من حسن حظك أن التسجيل لم يبدأ بعد بما أننا في فصل الصيف.."
"هكذا إذن...ما هي هذه الوثائق بالضبط؟."
"لا أعلم تحديدا..لكن بإمكانك الاستعانة بالرجل صاحب المكتبة في آخر الشارع ..ستجدين لديه كافة المعلومات التي ستحتاجينها..إنه طيب..أخبريه أنك من طرف العماد و سيساعدك بلا أدنى شك"
شعرت ثريا بالراحة وبدا ذلك واضحا على ملامحها"أشكرك كثيرا سيد عماد..أثقلت عليك بالأسئلة ..شكرا لك" ..
"بالعكس ..هذا من دواعي سروري..لو احتجتي شيئا آخر وكان باستطاعتي مساعدتك فتأكدي بأني لن أتأخر أبدا ...فأنا أقدر جيدا ضيوف سوسو أليس كذلك يا سوسو؟"
نطق بجملته الأخيرة بنبرة عابثة ذات مغزى التقطتها السعدية بوضوح..لكن ثريا لم تهتم بالمعنى المبطن و اكتفت باتسامة ممتنة فقط..
_____________________________

يتبع..


فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-04-22, 12:09 AM   #12

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي -2-

"في برشلونة"

انتهى دوام سمر ووقفت تنتظر سيارة الأجرة ...رن هاتفها فلمحت اسم محمد ..أجابت ببشاشة"مرحبا عم محمد"
"مرحبا يا فاتنة...أين أنت؟"..ابتسمت لكلماته وقالت "لقد خرجت من العمل للتو...و أنتظر سيارة الأجرة للذهاب للمنزل"
"هكذا إذن...ما رأيك أن أمر عليك الآن لنشرب قهوة معا ثم نتصل بأسامة ليلحق بنا فأنا سأغادر غدا صباحا"
تحمست للفكرة بالرغم من التعب الذي تشعر به من يوم طويل في العمل فقالت" حسنا سأنتظرك ..أنا أمام مبنى الشركة" "حسنا ثواني و نصل عندك"..
************
بعد لحظات
توقفت سيارة سوداء من الفئة المتوسطة من السيارات الفارهة أمام المبنى وكان يستقلها شخصين...أشرف في مقعد السائق و محمد في المقعد على يساره..
اتصل محمد بسمر التي كانت تقف أمام المبنى وتعبث بالهاتف...كانت ترتدي قميصا حريريا باللون الأبيض بأزرار و تركت الزرين العلويين مفتوحين وسلسال فضي متدلي من عنقها ...بدى القميص متناقضا مع بشرتها السمراء...و سروالا كلاسيكيا مستقيما باللون الأسود يصل لكعبها و حذاء أسود ذو كعب عالي..علقت على كتفها الأيمن حقيبة صغيرة سوداء و في يدها اليسرى المزينة بخاتم فضي ،حاسوبها وعليه بعض الأوراق..وصففت شعرها على شكل ذيل حصان خلف رقبتها.. بدت جميلة جدا بهيئتها المكتبية...
استقبلت المكالمة مبتسمة بإشراق مدركة أن محمد قد وصل ليقلها و عيونها على الشارع تبحث عن وجهه وسيارته...اصطدمت عيونها بعيون أشرف الذي كان يلتهمها بنظراته المقيمة لهيئتها..شعرت بالارتباك واختفت ابتسامتها المشرقة...لم تتوقع حضوره..
كسرت الاصطدام ونقلت نظراتها لمحمد ثم ابتسمت و اقتربت من السيارة.."مرحبا"..
أجابها محمد بإشراق"مرحبا يا جميل..هيا لنذهب"بينما همس أشرف فقط بسلام بارد...
انطلقت السيارة وانهمكت سمر و محمد في الحديث عن العمل و أحوالها في الشركة ومواضيع أخرى بينما أشرف كان يشاركهم الحديث أحيانا فقط ..اكتفى بالتركيز على الطريق و التعامل مع التوثر الذي تسببه له ذبذبات سمر الصوتية وعطرها الأخاذ بنكهة الخزامى والذي اكتسح السيارة ووصل جيوبه الانفية..إنه يؤجج مشاعره..كان يراقب تحركاتها من المرآة الأمامية للسيارة و التقت أعينهم مرارا و تكرارا أثناء الحديث مما جعل قشعريرة لذيذة تسري في أجسادهم..هل هو الانجذاب أم شيء أقوى بكثير...
قبل توجههم إلى المقهى المرافق للفندق الذي يعمل به أسامة كانت سمر قد طلبت من أشرف المرور على منزلها أولا لإحضار بعض الأشياء الذي سترسلها إلى والدها و والدتها مع محمد ...و قد استنتج أشرف أثناء حديثهما أن والد سمر..حكيم..هو صديق قديم لمحمد ..كانوا قد درسوا معا و استمرت صداقتهم منذ ذلك الحين حتى بعد مغادرة محمد للبلد و استقراره في اسبانيا لبعض الوقت..بل كان حريصا على زيارته في كل العطل...صداقة قوية ممتدة الأواصر...وبما أن محمد كان قد اختار أسلوب حياته وقرر عدد الزواج بعد وفاة زوجته منذ وقت طويل جدا..فهو يعتبر سمر بمتابة ابنته..وهي أيضا تعتبره بمتابة والدها ...
جلس أشرف في السيارة مع محمد يتبادلان الحديث في انتظار أن تشرف البرنسيسة كما سماها بينه وبين نفسه....والسؤال الذي حير عقله ماصلة القرابة بينها و بين أسامة إن لم يكونوا إخوة..والأكيد أنهما ليسا متزوجان ..فهي لا ترتدي خاتم زواج وأثناء حديثها عن سنوات دراستهما هنا لم تتطرق لأنها تزوجت..هل هما شقيقين من أبوين مختلفين؟....لم يستطيع السؤال عن هذا الموضوع ..اعتبره قلة ذوق و تدخل فيما لا يعنيه ...لذلك آثر الصمت ربما في جلستهم مع أسامة سيستطيع تيبن الجواب الصريح عن السؤال الذي يؤرقه منذ الحفلة..وتمنى حقا ألا يكون الجواب صديقين فقط اختارا العيش معا كما هو شائع في المجتمعات الغربية...انزعج من هذه الفكرة بل شعر بشعور مقيت وضيق في التنفس ففتح أول زرين من قميصة الأبيض..بدأ بالتأفف و فتح الزجاج الجانبي للسيارة..وتخليل شعره بأصابعه...ثم نهر نفسه في حديث داخلي"ما بالك يا أشرف؟و ما شأنك أصلا إن كانا يعيشان معا بدون موجب شرع..؟ إنها حياتها هل ستسمع لفتاة رأيتها مرات معدودة على رؤوس أصابعك أن تقلب كيانك ..إنها مجرد عقلة أصبع مزعجة تتكلم كثيرا ..أنيقة ..جميلة ..مرحة...ابتسامتها آه من ابتسامتها" لم يشعر بنفسه و قد بدأ في عد مميزاتها واستدار وهو يراقب نزولها من سلالم العمارة وقد غيرت حذائها بآخر رياضي مريح مناسب لحلتها و استبدلت أحمر شفاهها بآخر فاتح بدل الأحمر القاني الذي كانت تضعه قبل قليل...نزل من السيارة وحمل عنها حقيبة صغيرة لم يعلم ما بداخلها و ضعها في صندوق السيارة ...شكرته بهمس ودخلت السيارة..."إنها قصيرة جدا"همس هذا لنفسه عندما وقف بجانبها وبالكاد وصل كتفها لمرفقه وقمة رأسها لأسفل كتفه بقليل...
أما سمر فشعرت بانقباض غريب في معدتها كفراشات تتحرك مخلفة دغدغة وتقلصات خفيفة... ناولته الحقيبة و تمتمت بشكر ثم دخلت السيارة محدثة نفسها" بالله علي لماذا نزعت الحذاء ..أكدت له أني عقلة أصبع حقا"حركت رأسها بخفة تطرد الأفكار ثم همست"فليذهب للجحيم بظنونه المهم أن ترتاح قدماي"..
كان محمد يراقب باستمتاع التيار بين هذا الثنائي ..لقد لاحظ نظرات أشرف لسمر في الحفلة...والخجل الفطري الذي ينتاب سمر ما إن يتحدث أشرف أو تذكر سيرته ..وهو أدرى الناس بهما...فأشرف قد اعتزل النساء والمشاعر منذ مدة بل أصبح يمقتها وبالنسبة له الفتيات مخادعات...أما سمر فلا تعترف بمنطق الخجل الأنثوي الذي ينتاب الإناث أمام الذكور ..بل تتحدث بتلقائية مع الجميع...
_____________________________

دلفت ثريا غرفتها بعد تناول الغذاء و مساعدة السعدية في الأشغال المنزلية المتبقية...وضعت الكبب الصوفية في الخزانة بجانب مسمارين للحياكة ...جلست على الأريكة و أسندت ظهرها للحائط ..
إنها تشعر بالرهبة والخوف الشديد ...عندما خرجت مع السعيدة اليوم كانت تنتفض في كل مرة تلمح رجلا يرتدي جلبابا يشبه جلباب والدها..ويتشنج جسدها و تتوثر ملامحها في كل مرة يرن فيها جرس الباب وتظن أن والدها وجدها وسوف يعيدها للمنزل ولا تستبعد أن يقتلها...
أخرجت صورة مطوية من جيب حقيبتها البالية وتأملتها حتى تحجرت بعض الدموع في مقلتيها..اشتاقت لعائلتها..اشتاقت لسكينة الشقية وطارق حتى وإن كانت تراه في نهاية الأسبوع فقط بحكم عمله... لكنها اشتاقت إليه جدا ..ترى ماذا فعل عندما علم باختفائها..لقد كان ينصحها دائما أن تتعقل ولا تسمح لمشاعرها الجامحة أن تحجب المنطق ..وألا تتحدى والدهم..على حسب علمها بشقيقها..لا بد أنه بحث عنها في كل مكان في القرية... وسيكون قلقا جدا لكنه لن يغضب منها ..هي متأكدة من ذلك ..هو أدرى الناس بها بعد عمتها لذلك لن يغضب و ما إن تهدأ الأوضاع و تشعر أنها مستعدة للتحدث ستهاتفه..
ركزت نظراتها على أمها في الصورة و تحسست وجهها بسبابتها...حبيبة امرأة خاضعة...لطالمها كرهت شخصية أمها...الفتيات العاديات يطمحن لأن يكن نسخة مصغرة عن أمهاتهن لكن ثريا لم تتمنى ذلك أبدا ...ثريا كرهت أن تكون أمها امرأة خاضعة بدون شخصية ، لا تستطيع التعبير عن رأيها ولا الدفاع عن نفسها وكل ما تجيده هو التوسل ،الاستجداء و البكاء دون تحريك ساكن وخوفها الأكبر في حياتها أن يتركها زوجها...لطالما اهتمت حبيبة بزوجها ومطالبه أكثر من الاكثرات لاحتياجات أبنائها العاطفية...ثريا تحب والدتها لكنها تكره شخصيتها...
"اشتقت إليك" هذا ما همست به ثريا لصورة والدتها وانهمرت دموعها ثم حضنت الصورة...
مسحت دموعها بقسوة و همست لنفسها "توقفي عن هذا الضعف ..أنت لم تجازفي بكل شيء لتجلسي هكذا و تبكين...يجب أن تجدي عملا بسرعة...وتحصلي على المعلومات عن الباكالوريا الحرة...لقد غادرتي لسبب فلا مجال للتهاون"
انتفضت من فوق الأريكة وفتحت باب الخزانة لتخرج مجموعة من الوثائق والتي حرصت على إحضارها وجمعها ورقة بورقة قبل مجيئها...عقد الازدياد..وثائق دراسية من مدرستها السابقة وغيرها...وزعتهم فوق الأرضية و جلست أرضا تمعن النظر فيهم ثم لمتهم مجددا في أحد الأظرفة ووضعتهم في الخزانة...ورجعت لمكانها السابق فوق الأريكة...
استسلمت لأفكارها مجددا مستغلة السكون الذي يعم المكان ...وسرحت في تفكيرها تخطط لما ستفعله صباحا...
بعد ساعة تقريبا كانت مستلقية تتأمل السقف مجددا إلى أن سمعت صوت السعدية ينادي عليها"ثرياا ...يا ثرياا"
اتجهت نحو غرفة السعدية ثم قالت بهدوء"نعم يا خالة سعدية؟"..كانت السعدية قد ارتدت ملابسها تنوي الخروج وزيارة إحدى الجارات ...فاقترحت على ثريا مراقفتها لكن الأخيرة لم تستسغ الفكرة خاصة أنها لا تعرف أحدا في هذا الحي سوى السعدية و عماد و صاحب الدكان الذي اشترت منه الخبز صباحا في الشارع المقابل..لذلك رفضت بأدب و فضلت الجلوس في المنزل...
______________________
وصلت السيارة إلى الفندق فوجدوا أن أسامة في انتظارهم...لمحته سمر أولا فأشّرت له بيدها من المقعد الخلفي ولمح أشرف ابتسامتها المتسعة من المرآة الأمامية للسيارة و السؤال ذاته يلح على عقله يكاد يصيبه بالجنون..
نزلوا من السيارة...فتصافح الرجال فيما بينهم بينما اكتفى أسامة بالتربيت بخفة على رأس سمر كقطة وديعة ...حركة تشنجت معدة أشرف بسببها...
تكلمت سمر بوداعة واقتربت من أسامة تحتضن ذراعه السمراء العضلية"هل تصدق يا سوما أنني اشتقت إليك ...لم أرك منذ الصباح لكنني اشتقت إليك حقا ...حتى أن معدتي بدأت تصرخ باسمك..اسمع اسمع"..ووضعت كفها الصغيرة فوق معدتها...ضحك أسامة وقال" أنا أعرف هذه الجملة جيدا..فأنت لا تحرفين اسمي إلى سوما إلا عندما تكونين جائعة..متى كانت آخر لقمة أكلتها.."..تذمرت سمر"آخر لقمة كانت ما أطعمتني إياه صباحا...أطعمني فأنا أتضور جوعا"شبك أسامة ذراعيه أمام صدره و تحدث بثقة مستفزة" هل ترين إلى أي حد حياتك بائسة بدوني...هيا رددي ورائي ..أطعمني يا أحسن شريك سكن في العالم"...قلبت سمر عيونها ونظرت له باستخفاف...لوت فمها وقالت بسخرية"أطعمني يا أحسن شريك سكن في العالم"
و ختمت جملتها بابتسامة صفراء...
ضحك أسامة وقال"كم أنت وديعة يا سمارا عندما تكونين جائعة.."وقرص خدها"هيا قائمة الطعام ستروق لك اليوم "
كان محمد يراقب باستمتاع و الابتسامة تزين ثعره ...لقد تعمد عدم توضيح نوع العلاقة بين سمر و أسامة و بمعرفته بأشرف يعلم أنه لن يسأل حتى لو وصل به الفضول لأقصاه لن يسأل..
أما أشرف فكان يراقب الوضع ومشاعر مبهمة تغلي بداخله و كلمة شريك سكن فعلت به الأفاعيل ...حرص على إبقاء ملامح وجهه متجمدة وتظاهر باللامبالاة وأنه منشغل بهاتفه ..بينما هو كان مركزا على كل كلمة في الحوار أمامه وصدمه الجانب الطفولي من سمر والذي لا يظهر على الأغلب إلا مع أسامة و محمد..فقد كانت تبدو في المرات التي تقابلا فيها..رقيقة..ذكية وناضجة..لكن الآن تبدو كأنها طفلة أكثر من كونها شابة ناضجة..لسبب ما ذكرته بشقيقته...
هل عائلتها راضية عن كونها تشترك في السكن مع رجل غريب عنها ربما يكون على معرفة بعائلتها لكنه يظل غريبا وقد تأكد من ذلك فأسامة لم يكن يلبس خاتم زواج أيضا
..هو مدرك لأن مجتمعه محافظ والعائلات لا يسمحون بمثل هذه التجاوزات..وحتى محمد لم يبد منزعجا من الوضع..ربما لأنه اعتاد عادات هذا المجتمع الغريبة المختلفة تماما عن عادات مجتمعهم المحافظ..
اجتمع الأربعة على الطاولة وبعد اختيارهم لطعامهم جلسوا على الطاولة وباشروا في تناوله في صمت إلا من بعض مشاكسات أسامة و سمر ويشاركهم محمد في الضحك وأشرف اكتفى بتناول طعامه و مراقبة سمر و أسامة بتدقيق بانزعاج واضح على ملامحه..فكانت تلتقي نظراته الصارمة بنظرات سمر أحيانا وتتجاهله كليا لتكمل طعامها أو مشاكسة أسامة..
بعد انتهائهم باشروا في الحديث عن مشروع أسامة و توصلوا في النهاية إلى أن سمر ستأخد إجازة من عملها في الأشهر القادمة وتنزل للبلد مع أسامة وبعدها سيتم البدء في العمل بالتنسيق مع فريق أشرف...أما بقية الحديث فكانت عن الفرق الرياضية لكرة القدم واكتشف أشرف اهتمام سمر بالرياضة بشكل عام خاصة كرة السلة والسباحة فقد كانت تشاركهم في الحديث باهتمام و كان هو المستغرب الوحيد من اهتمامها بينما أسامة كان يبدو معتادا على ذلك و محمد كذلك...
امتدت ساعات اللقاء إلى أن حل المساء...فصعد أشرف ومحمد لغرفهم بما أنهم كانوا ضيفين هناك ..أما سمر فانتظرت إلى أن أنهى أسامة بعض الأشغال و انطلقوا سويا إلى منزلهم..
___________________
جلست ثريا أمام التلفاز في البهو المقابل للمطبخ بعد خروج السعيدية..وبدأت في ممارسة هوايتها المفضلة ..الحياكة...كانت قد قررت سابقا حياكة وشاح صوفي للسعيدية كهدية شكر على استقابلها و سماحها لها بالبقاء معها وعندما خرجوا معا في الصباح استغلت الفرصة لشراء الكبب الصوفية ..أما السنارات فقد حرصت على إحضار مجموعتها الخاصة التي اشترتها لها عماتها سابقا و المتكونة من مجموعة من السنارات بأقطار مختلفة..
بدأت في الحياكة واختارت الكبة الصوفية في اللون الأبيض ...استنتجت سابقا أن السعدية تحب اللون الأبيض...وسنارتين ذات قطرين متوسطين و بدأت تحيك في الوشاح ...كانت تحرك يديها بسلاسة ..فقد اعتادت ذلك منذ طفولتها ...كانت تحرص على الجلوس بجانب والدتها وتراقبها عن كثب..وساعدها أنها سهلة التعلم على تعلم التقنيات الأساسية..وبعد انقطاعها عن الدراسة حرصت على تذكر ما تعلمته و إتقانه وإضافة لمستها الخاصة...بالإضافة إلى التطريز بشتى أنواعه...
استغرقت فيما تفعله لساعات دون ملل إلى أن قاطعها دخول السعدية تحمل في يدها كيسا مليئا بالمخبوزات ..انبعتث منها رائحة زكية..ابتسمت لها ثريا وجلست السعدية بجانبها ثم قالت" ما هذا في يدك؟"أجابتها ثريا بابتسامة"إنه وشاح صوفي لقد بدأت في حياكته بعد خروجك" اقتربت منها السعدية بفضول"إنه جميل...أنت بارعة يا فتاة بارعة جدا.."تحسسته بيدها بإعجاب وشعرت ثريا بالثناء ثم قالت "إنه هدية لك يا خالة السعدية ...عندما أنتهي منه سأسلمه لك"...شعرت السعدية بالتأثر فاحتضنت ثريا و قبلت خدها عدة قبلات ثم انتقلت للخد الآخر وقبلته أيضا ..تأثرت ثريا من حركتها كالمرة الأولى وابتسمت ثم قالت" هل تفضلين أن أضيف لونا آخر في الجوانب أم أتركه هكذا؟"أجابتها السعدية بصوت متأثر" أنا أريده على ذوقك بما أنه هدية"وربتت على فخدها.."سأصنع الشاي لنتناول بعض المخبوزات الساخنة"نهضت ثريا من مكانها "لا بل أنا من سأصنعه ...أنت غيري ملابسك و أنا سأجهز كل شيء".."بارك الله فيك يا ابنتي.."
جهزت ثريا كل شيء ووضعته فوق الطاولة ثم جلست تنتظر السعيدية أن تنضم لها...كانت السعدية هي من تثرثر بينما ثريا تستمع لها باستمتاع وهي تروي تفاصيل زيارتها لإحدى الجارات و تارة تنتقد تصرفات بعض الجيران و هكذا..
قطع حديثهم رنين هاتف السعدية فمدته لها ثريا و لمحت اسم عمتها ...دق قبلها بعنف و توثرت ملامحها
أخذت منها السعدية الهاتف و أجابت ببشاشة" فتيحة كيف حالك وحال أخيك و أولاده وزوجته..نحن بخير و ثريا أيضا بخير ..نعم إنها بجانبي...ثريا عمتك تريد محادثتك"
أخذت ثريا الهاتف بيد مرتجفة ووضعته على أذنها" مرحبا عمتي..أنا بخير ...الخالة السعدية تعاملني جيدا كابنتها..كيف حال أمي؟ وسكينة"
أجابتها فتيحة"إنها ليست بخير ..لم تأكل شيئا منذ رحيلك و لا تريد التحدث مع أحد..سكينة بخير تسأل عنك كثيرا"
ارتجفت شفتي ثريا وابتلعت غصة تمنع دموعها من الانهمار وعيون السعدية تراقبها بفضول ولم يغب عن ذهنها أن ثريا لم تستعمل هاتفها منذ مجيئها ولم تحادث أهلها أبدا ..لكنها فضلت عدم التدخل والمراقبة في صمت..
تظاهرت ثريا بأنها تريد شرب الماء و اتجهت إلى المطبخ ثم همست لعمتها"أخبري أمي أنني سأحادثها في أقرب فرصة ممكنة لكن لا تخبريها عن مكاني قد تستسلم لتهديدات أبي و تخبره عن مكاني..وأخبري سكينة أنني تركت لها شيئا تحت فراشها.."
لم تتجرأ فتيحة على إخبار ثريا أن والدها لم يحاول البحث عنها بل اعتبرها ميتة منذ قراءته لتلك الرسالة التي لا أحد يعلم محتواها سوى طارق و عبد الرحمان و ثريا ولم تتجرأ عن السؤال عنها أبدا...
أكملت ثريا"سأشتري رقما جديدا وسأهاتفك منه المرة القادمة...لا لم أخبر خالتي بشيء..إنها طيبة جدا لا أريد أن أثقل كاهلها بمشاكلي...آه عمتي هل علم طارق؟ كيف حاله"
أجابتها عمتها بهمس" لقد جن جنونه وبحث عنك في كل مكان لكن لم يحصل هلى شيء سوى أنك غادرت في سيارة الأجرة نحو المحطة وبعدها لم يستطع تقفي أثرك..وبعدها غادر المنزل إلى عمله..ولم نره منذ ذلك الحين..لا أظن أنه سيوقف البحث عنك.."
أجابتها ثريا بتأثر و دموع حبيسة تزين زرقاوتيها"شكرا عمتي ....حسنا سأكون حذرة.."
أغلقت ثريا الخط وتنفست بعمق تحاول السيطرة على دموعها و المشاعر التي خلفتها المكالمة مع عمتها...لم تستطع سؤال عمتها عن والدها..إنها تخشاه ..تخشى بطشه ومازال صوت صفعاته لها يتردد في أذنها...صفعات من يد ضخمة وخشنة فوق وجنة رقيقة للاشيء سوى أنها رفضت الزواج وتمردت لأنها تريد إكمال دراستها والطموح و تحقيق طموحاتها...أغمضت عينيها تتذكر ذلك الألم و الذي لا يشكل شيئا أمام ما شعرت به من ضغوطات نفسية..تحسست خدها ببطء ثم تنفست بعمق مجددا وغادرت المطبخ ..
___________________
"بعد أسبوع"
ضغط أشرف زر الطابق السفلي للمصعد ثم انهمك في تفحص بعض التصميمات التي توصل بها على بريده الالكتروني هذا الصباح من الأستاذ محمد ...توقف المصعد في الطابق الثالث و انفتحت الأبواب ثم دخل شاب يماثله عمرا بشعر فاتح وملابس رسمية كالتي يلبسها أشرف ثم هتف بمفاجأة"عاش من شافك يا كبير...لم أرك منذ مدة" انتبه أشرف للصوت الذي يعرفه جيدا فرفع عينيه و تهللت أساريره ثم تصافحا برجولية و تعانقا بخفة..."لقد عدت اليوم من رحلة عمل ...إذن كيف الحال؟" تطلع فيه أنس من المرآة و هو يعبث بخصلات شعره الكثيف مجيبا" بخير يا صاح...هل سأراك في قاعة الرياضة هذا المساء ؟"أغلق أشرف الهاتف ووضعه في جيب سترته ثم التفت لأنس"لا أظن ذلك...مضى وقت طويل لم أقضه مع العائلة سأمر عليهم مساءا ...ربما في وقت لاحق"..."بلغ سلامي لهم واحدا واحدا و خاصة الحاجة و مراد"
فُتح المصعد و غادر الرجلان المبنى منهين الحديث بسلام القبضة و ركب كل منهما سيارته مغادرا..
مر أشرف في طريقه على شقته و أخذ منها بعض الأغراض ثم غادر متجها نحو بيت والده؛استقبلته الحاجة نجاة كعادتها دائما كلما زارها حتى وإن لم يخبرها بزيارته يجدها بانتظاره كأنها تشعر بمجيئه كما حدث الآن،امرأة في أوائل الخمسينات بعيون سوداء ترتدي نظارات طبيه ووجه دائري،قصيرة القامة و متوسطة الوزن...من يراها لا يظنها أنجبت و أكبر أبناءها في الثالثة و الثلاثين من عمره...نزل من سيارته و اتجه نحوها مهرولا بخفة ثم تلقفها بين أحضانه ووزع قبلاته على رأسها و ختمها بقبلة فوق راحة يدها
"اشتقت إليك يا حبيبي..لماذا غبت عني كل هذه المدة؟"وضع يده على كتفها و مشى معها نحو السيارة" إنها عشرة أيام فقط يا أمي ..ظروف العمل يا أمي..تعلمين لم أعد سوى البارحة" احتضنت خصره بيدها و تكلمت بدلال"وإن يكن إنها كالشهور بالنسبة لي"ابتسم في حنو قائلا"هل تتدللين يا نجاتي..ربما سأخطفك لعدة أيام من الحاج رشيد وآخدك معي لبيتي..أنا أيضا أريد حقي منك"قهقهت و ازداد تشبتها بسترته من الخلف"ومن حرمك من هذا الحق يا قرة عيني...نجاة كلها لك يا حبيبي..ثم لماذا لا تبيت معنا غرفتك لم يتغير فيها شيء وأمك ستطعمك و تغطيك كما كانت تفعل عندما كنت صغيرا تتشبت برجلها أينما ذهبت أم أنك كبرت على هذا"
فتح أشرف الباب الخلفي للسيارة وصوت ضحكاته تدغدغ أذن والدته ثم حمل منها عدة أكياس و استدار نحو والدته"ربما في وقت لاحق يا نجاتي مع إني مازلت مصرا على خطفك"
"خطف من يا حبيب أمك؟" قاطعهم صوت أنثوي و نسخة مصغرة من أمه في سن الثالثة والعشرين تتجه نحوهم بحجابها الأبيض الملتف حول وجهها ونظارة طبية ذات إطار ضخم أسود و حقيبة ظهر تبدو أثقل منها "زارتنا البركة في هذا اليوم المجيد الذي تكرمت علينا فيه برؤية وجهك يا شروفة يا حبيب أمك التي فقعت مرارتنا بالشكوى منك بأنك لا تزورنا"أنهت وصلتها الترحيبية وتعلقت برقبة أشرف تحتضنه بقوة ثم طبعت قبلة قوية على وجنته وبادلها الحضن بمثله ثم قال "ارحميني من هذه الوصلة التي تكررينها على مسامعي بعدد رؤيتي لوجهك ...ولا تناديني شروفة..اسمي أشرف "ثم وكز جبهتها بإبهامه
لمحت أكياس الهدايا في يده فتملكها الفضول ومدت يدها تحاول نزعها من يده "أشرف أو شروفة المهم أنك أخي حبيبي الذي اشتقت إليه بعدد شعرات رأس أمك البيضاء"رفع يده عاليا في محاولة منه لإبعاد الأكياس فقفزت تحاول التقاطها"توقفي عن تملقي يا ماكرة....ثم احترمي سنك وتوقفي عن القفز ككنغر قصير لا يقوى على حمل نفسه حتى"توقفت عن القفز و رمقته بنظرة غاضبة و قالت"أميي ...هل سمعته إنه يتنمر على طولي.." ابتسم بعد أن نجح في استفزاز شقيقته التي يكبرها بعشر سنوات..علاقته بها مختلفة يحاول دائما تقريبها منه و احتوائها حتى لا تبحث عن الاحتواء في مكان آخر بالرغم من أنه متأكد أنها ليست من ذلك النوع.....والده من النوع الكتوم و الصارم فأخذ هو دور الأب و الأخ في حياتها ويحاول فعل نفس الشيء مع شقيقه الأصغر ...كان يحاول دائما تقليص تلك الهوة التي يشكلها فارق العمر بينه و بينهما مراد و عزة...ابتعد عنهما لفترة من الزمن بسبب ظروف قاسية قد مر بها لكنه استطاع الرجوع و استرجاع تلك العلاقة..تقبضت ملامحه للحظة بسبب الخاطرة الأخيرة وشرد فقطع شروده هتاف عزة بجانبه ...
استغلت عزة شروده للحظة وسرقت الأكياس من يده ثم هتفت بانتصار"أفضل أن أكون كنغر قصير على أن أكون عزافة طويلة بعيون زرقاء"قهقه وهو يراقب ملامحها قائلا" كنت أشك أنك تحسدينني على لون عيوني لكني تأكدت الآن" رمقته بامتعاض وحملت حقيبة ظهرها التي رمتها سابقا ثم ألقتها في حضنه بقوة جعلته يتأوه وغادرت ثم قهقه بقوة"هل تحملين هذه الحقيبة الثقيلة؟ لا بد أن ثقلها أثر على سلامة عقلك" استدارت ترمقه باستخفاف و ابتسمت بتصنع تحاول كتم ضحكتها وأخرجت له لسانها ثم نقلت أنظارها إلى الأكياس تبحث عن شيء معين...
أحاط أشرف كتف أمه بذراعه و هي مازالت تضحك على مزاح أولادها و تتمتم بالدعاء بسرية على أن يحفظهم الله و يجعل الابتسامة لا تفارق وجوههم ،ضمها إليه برفق و دخلوا منزلهم..
اجتمعوا على طاولة الطعام...عائلة قاسمي...يترأس الطاولة الحاج رشيد..رجل غزا الشيب خصلات شعره السوداء... يشترك وأشرف في العيون..عيون زرقاء..ونظرة قاسية... وعلى يمينه زوجته نجاة وبجانبها مراد ذو السادسة عشر..على يساره أشرف و بجانبه عزة...
كان الصمت يسيطر على المكان والأجواء متوثرة ...كسرها أشرف"كيف حالك يا حاج؟"..أجابه والده باقتضاب"بخير.."
تجاهل أشرف نبرة والده الذي اعتادها منذ سنتين تقريبا..بعد أن توثرت علاقته بوالده ومنذ ذلك الحين و الأحاديث بينهما شبه منعدمة لا تتجاوز السؤال عن الحال..حتى في السابق لم تكن علاقتهم قوية جدا بسبب طبيعة الأب المتسلطة وقبل سنتين حدث ما أحدث شرخا أوسع في تلك العلاقة..
سأله أشرف بقلق"هل تأخذ دوائك في الوقت...الطبيب قال أن حالتك الصحية لا تسمح بتجاهل الدواء ويجب احترام المواعيد".."لا تلق بالا لذلك واهتم أنت بحياتك ...والدتك تقوم بواجبها على أكمل وجه"لم يكلف رشيد نفسه عناء النظر لوجه ابنه ومحادثه كما من المفترض أن يكون الحوار بين أب وابنه لم يرو بعضهم منذ أيام عديدة ..بل التفت إلى صحنه وأكمل طعامه في صمت ثم نهض واتجه إلى غرفته..
وضعت عزة يدها على يد شقيقها فوق الطاولة فرفع نظراته لها و ابتسمت له بمواساة وبادلها الابتسام..
وجه نظراته لمراد" كيف حالك أنت يا ولد؟"
كان مراد يعبث بالطعام في صحنه فتوقفت حركة يده ونظر لأشرف وأجابه بهدوء ظاهري"بخير ..كيف حالك أنت؟" "بأفضل حال...إذن ما بالك تعبث بطعامك عوض أن تأكل"
"ليس من شأنك ...لا تتظاهر بأنك تهتم و نحن بالكاد نراك" أجاب مراد بانفعال صدم أشرف ولم يفهم سبب هذا المزاج الناري ثم استدار لوالدته " أخبرتك مرارا أنني لا أحب السمك و أنت كالعادة لا تهتمين سوى بأشرف و ما يحبه أشرف" رمى المنديل بعصبية فوق الطاولة وصعد الدرج متجها لغرفته..
نقل أشرف نظراته بين عزة التي شيعت شقيقها بنظرات غامضة و أمه التي اتجهت نحوه و ربتت فوق كتفه برفق"لا تأبه له يا حبيبي..إنه في مزاج ناري منذ الصباح وتشاجر مع والدك قبل قليل...سيهدأ بعد قليل و يأتي معتذرا"احتضن أشرف كف والدته وقال بهدوء" لا عليك يا أمي ...سأحادثه قبل أن أغادر...هيا لنكمل طعامنا...الطعام لذيذ جدا يا نجاتي ...سلمت يداكِ.." قبل يدها وربت على الكرسي الذي كان يجلس عليه والده سابقا يدعوها للجلوس بجانبه..
___________________________
يتبع..


فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-04-22, 12:09 AM   #13

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي -3-

"في برشلونة"

كانت سمر تتحدث مع والدتها على الهاتف في مكالمة مرئية..."سمسم حبيبتي ...اشتقت لك كثيرا"..."وأنا اشتقت لك كثيرا"أرسلت سمر لوالدتها قبلات هوائية عبر الهاتف ثم سألتها" كيف حال أبي و حمادة؟...أين أبي أنا لا أراه"..ابتسمت والدتها وقالت"إنهما بخير...حمادة في غرفته و والدك هنا بجانبي يقرأ جريدته كالعادة...حكيم ابنتك على الهاتف"...ظهر على الشاشة رجل ذو بشرة خمرية و عيون عسلية تشبه عيون سمر وكست الشعيرات الفضية رأسه..ابتسم ابتسامة عريضة وجلس بقامته المتوسطة و جسده الرياضي على حافة الأريكة التي تجلس عليها سميرة زوجته واحتضن كتفها ثم قرب وجهه من الهاتف.."سمارا صغيرتي..اشتقنا لك ألم يحن الوقت لطلب إجازة و المجيء إلينا.."..أجابته بحسرة واشتياق" و أنا أيضا أريد المجيء ...أحتاج لشحن طاقتي وهذا لن يحصل إلا برؤيتكم و النعم بأحضانكم..."تكلم حكيم بحنية" ونحن سنكون في انتظارك يا صغيرتي"..
اقترب قط ذو فرو رمادي قصير ووجه عريض و عيون ذهبية وملامح مسترخية من سمر يتحسس وجهها بفرو وجهه ويموء بصوت منخفض فشدته نحوها و حضنته ثم رفعت كفه تشير لوالدها و والدتها"هيناتا ..قل مرحبا لأمي وأبي "..أصدر الهر مواءا ثم تتاءب و انزلق من حضن سمر و خرج من الغرفة...تبعته وهي تصرخ منادية"سوما...هل تريد التحدث مع أبي و أمي على الهاتف"..خرج أسامة من غرفته بملابس بيتية مريحة وأخذ الهاتف من يد سمر ثم قال لها"أخرجي قطك من غرفتي و إلا سأطبخه على العشاء" ثم دفعها بمشاكسة ...
سألت سميرة"أسامة كيف حالك يا حبيبي"..."بخير يا سمسم وأنت كيف حالك؟ "ثم أكمل مشاكسا"هل بابا حكيم يعتني بك جيدا؟"..قاطعه حكيم وقال بصوت خشن"هل ستعلمني كيف أعتني بزوجتي يا ولد؟"..ابتسم أسمامة و غمزه "لا أبدا يا كابتن ..لا أحد يجيد الاعتناء بها غيرك"وانفجر الاثنان ضحكا..وضم حكيم سميرة أكثر مقبلا رأسها فطبطبت على كفه المحتضنة لكتفها بحنية وهي تطالعه بنظرات متيمة...
نادى أسامة سمر"سمارا تعالي بسرعة ..فأنت تفوتين عليك فيلما رومانسيا من الزمن الجميل"..اقتربت منه تطالع الهاتف باتسامة وهي تحتضن قطها وقالت بمشاكسة"دعهم وشأنهم ...أنت تغار منهم يا سوما..لا تحزن يا صديقي ستجد أنت أيضا الحب يوما ما ..لا تحزن"ربتت على ذراعه بمواساة ساخرة..ضحك الزوجان على الهاتف و هما يراقبان نظرات أسامة القاتلة نحو سمر "والله ظريفة يا سمارا...لا أعلم حقا كيف سأعيش بدون ظرافتك..ثم بالله عليك لا تتركي قطك يتجول في المطبخ"رفع سبابته مهددا وأكمل" فإن رأيته يلعق الأطباق مجددا سأطرده وستلحقين به أيضا"...قضمت سبابته بأسنانها فتراجع خطوتين للخلف وهو يحرك يده بألم ثم صرخ"يا مسعورة...ألك يكفيك ما تناولته سابقا...لا لا ...على هذا المنوال أنت يجب أن أخاف على نفسي..ربما أستيقظ يوما ما وأجد أن أحد أعضائي قد اختفى"...انفجرت ضاحكة من ردة فعله و يشاركها الضحك كل من حكيم و سميرة ثم قالت وسط قهقهاتها" هل رأيت يا أبي إنه لا يعاملني جيدا..إنه حتى يتذمر من أنني جائعة طوال الوقت..ولا يطعمني...انظر انظر لقد فقدت الكثير من وزني بسببه" ورفعت سترتها لتريه بطنها المسطحة..نظر لها أسامة باستخفاف ثم قال بتكهم و هو يرفعها من غطاء الرأس الملتصق بالسترة العريضة"حسنا ..حسنا فهمنا أنك حصلت على عضلتي بطن..لا داعي لهذا العرض المزري"
كانت تصارع لتتخلص من قبضة أسامة وتحرك ساقيها المرفوعتين يمينا وشمالا وتضرب ذراعه بكفها الصغيرة وهي تصرخ"اتركني اتركني ..يا متعدي ..يا همجي..سأقاضيك بتهمة التعدي على الأطفال.."انفجر أسامة ضاحكا وترك سترتها ليترنح جسدها قليلا قبل أن تقف مستقيمة و الشرارات تنبعث من عيونها وضمت ذراعيها إلى صدرها" حسنا ...حسنا ..لفظ أطفال مناسب لك تماما" ثم حرك سبابته صعودا و نزولا على طول قامتها بتهكم..والقط يراقبهم بلامبالاة ثم تتاءب للمرة الألف قبل أن يتسلق الأريكة ويدور مرتين حول نفسه ثم استلقى باسترخاء..
"نحن سنذهب الآن" قطع حكيم مشاكسة أسامة وسمر
خطفت سمر الهاتف من يد أسامة"لحظة يا أبي ..هل توصلتهم بحقيبة صغيرة سوداء؟ كنت قد أرسلتها مع عمي محمد"..أجابتها سميرة"آه نعم تلك الحقيبة ..لقد جلبها شاب وسيم في الصباح الباكر وقال أن محمد هو من أرسلها معه..قال أن اسمه أشرف"
تشنجت معدة سمر و ذكرى عيون قاسية تراقب تحركاتها في آخر لقاء وكف ضخم يصافح كفها الصغيرة وإبهامه داعب سطح يدها بحركة شبه منعدمة لكنها استشعرتها وخلفت قشعريرة لذيذة سرت بكامل جسدها الصغير...أبت الذكرى مغادرة أفكارها منذ ذلك الحين...
قالت سمر بهدوء "هكذا إذن..المهم أن الحقيبة في عهدتكم...هناك عطر قد أوصاني عليه حمادة في الجيب الأمامي و باقي الأشياء تخصك أنت ووالدي..
"حسنا يا حبيبتي شكرا..هيا تصبحين على خير"
"وأنت من أهل الخير يا سمسم..بلغي سلامي لحمادة و قبلاتي لكم"..أغلقت سمر الخط واتجهت إلى غرفتها لتنام ولم تنسى هيناتا أيضا..أما أسامة فقد ارتدى ملابسه وخرج للسهر..
______________________
"في منزل عائلة القاسمي"
صعد أشرف الدرج متجها نحو غرفة مراد ..طرق الباب ثم اقتحم الغرفة بطوله الفارع ...غرفة يغلب عليها اللون الأزرق ودرجات من اللون الرمادي..سرير لشخص واحد وطاولة واسعة عليها بعض الكتب الدراسية ولابتوب حديث..لكن الغرفة فارغة...خرج أشرف ليبحث عنه وصادف عزة التي كانت تتجه إلى غرفتها ...نظرت له بعيون ناعسة وقالت"ستجده في السطح..إنه يجلس هناك عندما يكون حزينا"...احتضن أشرف خدها بيده وقال"كعادته دائما...حسنا سأذهب لأتحدث معه"...تعلقت بعنقه وقبلت خده "شكرا على الحذاء الرياضي ...لقد أحببته"...ابتسم أشرف قائلا"ههه كنت أعلم أنك ستحبينه يا مهووسة"..ضحكت عزة و دفعت كتفه بخفة ثم دخلت غرفتها..
أما أشرف فقد صعد إلى السطح وفي يده علبة مخملية بالأزرق الغامق...اقترب بهدوء من مراد الجالس في ركن من السطح كان قد صممه سابقا تحت طلب من أمه والتي أصرت على أن يكون ذو طابع خشبي...وبالفعل فقد كان ذلك الركن مغطى بلوحات خشبية ممتدة إلى نصف السطح تقريبا ... يضم أثلا أرائك خشبية منجدة بمفروش أصفر ناعم الملمس ووسائد صغيرة بألوان مختلفة متوزعة...يستقر على الأرضية سجاد عشب صناعي و فوقه طاولة خشبية مربعة وبعض الأصائص المتنوعة منتشرة هنا وهناك...كان ذلك الركن يشبه حديقة إلى حد ما...وكان جسد مراد يستقر على إحدى الأرائكو وسادة برتقالية مستقرة في حضنه ويده تعبث بسوار رجالي في شرود تام...جلس أشرف بجانبه لا يفصل بينهما سوى إنشات قليلة..."إذن كيف حالك يا بطل؟"وضع أشرف كفه على ركبة مراد كحركة للفت انتباهه...فنظر له الأخير واعتدل في جلسته" بخير"....
فكر أشرف قليلا فيماذا يمكنه أن يحدث شقيقه الأصغر ثم قال بعد برهة"بما أن العطلة الصيفية قد بدأت..ما هي مخططاتك؟"...قال مراد بتهكم"لا أملك مخططات ..أو بالأحرى كانت لدي مخططات لكن كالعادة والدك يخرب كل شيء"نهره أشرف "لا تتحدث عنه هكذا..""أنا لم أقل شيئا أصلا"..."إذن أخبرني ماذا كانت مخططاتك؟"أجابه مراد ببرود"كنا قد اقترحنا أنا ومجموعة من أصدقائي الذهاب للمصيف...والد صديقنا يملك منزلا هناك ...كنا سنشتري ما يلزمنا لقضاء أسبوع هنا ثم نذهب..لكن أبي قد رفض بدون سبب نقنع وأنا لا أعلم ماذا سأخبرهم...ولا تطلب مني أن أخبرهم أن أبي رفض، لأنني لم أعد طفلا"...
تذكر أشرف أنه كان يعاني من نفس الشيء...كان دائما ما يتخلف عن مخططات أصدقائه بسبب رفض والده...ودائما ماكان يصنع أعذارا واهية للتهرب ...ولم يستطع التعامل مع طبيعة والده المتسلطة...بل عانى الأمرين و فرضت عليه أمور عديدة غيرها وكان يقبل صاغرا...تقريبا الشيء الوحيد الذي اختاره عن طيب خاطر واقتناع هو مجال دراسته وعمله..بعد أن فشلت خطة والده في أن يصبح طبيبا..اختار هندسة داخلية...
تنحنح أشرف ثم قال بهدوء"اسمعني إذا...الأباء عامة يحبون أبناءهم جدا...يظنون أن التدخل في تفاصيل حياتهم حق مشروط منح لهم ربما يكونون قلقون مما قد يصيبهم وهم في غفلة عنهم أو ربما هو فضول لمعرفة تلك التفاصيل ...وطبعا ليس من حقنا التمرد عليهم..لكن بإمكانك تجنب طبيعتهم المتسلطة..والطريقة التي تستعملها مع أبي ليست جيدة ..ولا تنسى أن أبي أصبح رجلا مسنا لا يقوى على الشجار والصراخ..لذلك من واجبك احترامه..فهو. والدك في النهاية ولن تجد من يحبك ويخاف عليك أكثر من والديك...المشكل فقط في أننا من أجيال مختلفة ..فنحن لا نستطيع تقبل أفكارهم و هم لا يستطيعون التأقلم مع ما أصبح عليه العالم..خد الأمور بروية و ستصل لمرحلة ستسير معك فيها الحياة بسلاسة"
أجابه مراد بعدم اقتناع"لكن إلى متى؟...أنا أريد أن أخرج مع رفاقي و الاستمتاع بوقتي...وإن نفذت ما قلته فلن أغادر هذا المنزل ...ولماذا لا ينطبق الأمر عليك؟ أنت تعيش بمفردك وتفعل ما تريده بحياتك..لماذا انا؟"
تأفف أشرف من طريقة تحليل مراد للأمور ثم قال بقليل من العصبية" هل تقارن حالتك بحالتي؟ ما تمر به أنت الآن مررت به أنا من قبل و أسوء ..على الأقل أنا سأحرص على أن لا تمر بما مررت به أنا. قبل سنوات وأظن أنك تتذكر ذلك جيدا...لذلك لامجال المقارنه...ما عليه أنا الآن ستصل إليه حتما يوما ما..ركز على دراستك وطموحاتك فقط"..
تأفف مراد و رمى الوسادة باتجاه الأريكة المقابلة ثم قال بتذمر "وماذا سأفعل الآن؟...مخططات و ألغيت..ولا مجال للذهاب في عطلة حتى مع أبي وأمي وعزة ...وأنت مشغول دائما بالكاد نراك"...
اعتدل أشرف في جلسته واتكأ بظهره على الأريكة وضم ذراعيه لصدره وعيونه على مراد...إنه يتفهم تماما أن شقيقه يمر بفترة مراهقة ويحتاج لبناء كيان خاص به و الاحتكاك مع العالم خارج نطاق العائلة والدراسة..بالنسبة لأشرف هذه هي ثاني أهم مرحلة ليدرك المرء مايريده في هذه الحياة..فإن كان يقضي طفولته في كنف والديه ليتعلم الفرق بين الصالح والطالح ..فالمراهقة هي اختبار لما تعلمه ،و في تلك الفترة يدرك المرء ما تميل له النفس سواء على المستوى العملي أو العاطفي ...إنها الفترة الحاسمة في شخصية الإنسان وما يليها فهو نتيجة لتلك المرحلة بغض النظر عن التحديات التي يصادفها المرء في حياته...
"حسنا إذن ..ما رأيك أن تأتي معي لبيتي بما أننا لن نستطيع إقتناع والدي بالعكس...لكن ليكن في علمك ..سأكون مشغولا لكن يمكننا قضاء بعض الوقت معا في المساء وربما يمكنك دعوة أصدقائك.."
تحمس مراد للفكرة وبدى ذلك جليا على وجهه فقال بحماس" هل أنت جاد؟"ابتسم أشرف وقال بهدوء "نعم" انتفض مراد واقفا ثم قال" سأذهب لأجهز حقيبتي ... أنت الأفضل يا صاح"
ضحك أشرف ومد له العلبة المخملية"خذ..هذه هدية بمناسبة نجاحك"
سحبها مراد من يده بلهفة مراهق بقلب طفل وفتحها...نظارة شمسية أنيقة من علامة تجارية معروفة وصرخ"إنها رائعة يا أشرف..شكرا شكرا" واحتضنه في عناق ذكوري ثم ذهب لتجهيز حقيبته ..في حين أن أشرف ذهب لتوديع والديه وشقيقته وانطلقا إلى وجهتهما...
**********
دخل أشرف غرفته ذات الطابع الذكوري...غرفة واسعة حيطانها مصبوغة باللون الأسود و يتوسطها سرير ضخم تتدرج ألوان وسائده من الرمادي الفاتح إلى الغامق و فراش أسود مرتب بعناية فوق السرير...نافذة زجاجية طويلة تطل على ڤلل راقية...وتلفاز كبير يتوسط الحائط الكبير الذي يضم بعض اللوحات مختارة بعناية بإطارات سوداء و تنوعت ألون محتواها بين الرمادي بتدرجاته والأسود و الأبيض..
أخذ حمامه و غير ملابسه لأخرى مريحة واستثنى القميص.. ارتمى فوق سريره بجذعه العضلي العاري وشعره المبلل الذي لم يهتم بتجفيفه...
سمع هاتفه الذي رن بإشعار لأحد مواقع التواصل الاجتماعي..لم يكن من هواة تلك المواقع ...لكنه تسجل بها ليبقى على إطلاع بالعالم الخارجي..تناول هاتفه الذي وضعه سابقا فوق المنضدة الملاصقة للسرير..إنه إشعار طلب صداقة..ومن فتاة بجسد دمية لم تغادر تفكيره منذ رآها...قفز قلبه و تملكه فضول لم يستطع كبحه...قاطع ذلك الفضول طرقة خفيفة على الباب و اقتحام مراد للغرفة..نظر له أشرف بنظرة هل تحتاج شيئا و تفكيره متجه للهاتف...استأذن مراد إن كان يستطيع استعمال شاحن اللابتوب لأنه نسي خاصته ثم خرج من الغرفة..
نظر للهاتف في يده ثم دخل يروي فضوله...تعطشه لرؤية وجهها أو أيا كان ما انتابه في تلك اللحظة...سمح لنفسه بتأمل صورها...مرة مع قط رمادي يشبة دمية فرو بعيون ذهبية... ومرة وحدها في وضعيات مختلفة التقطتها لنفسها و التقطها لها أحدهم...وصور متنوعة مع أسامة كتب تحتها بالاسبانية"شريكي في الجريمة"بعضها التقط قبل سنوات كانا يبدوان أصغر عمرا و بعضها التقط قبل أشهر همس بتفكير "ما العلاقة التي تجمع بينكماا؟"...وكانت آخر صورة في الحفلة التي رآها فيها لأول مرة بفستانها الذهبي...تنظر للكاميرا بنظرات مغرورة وابتسامة صغيرة متكبرة وكتب تحتها"A party is no fun if I'm not dancing on a table."...تأملها لوقت طويل ثم همس لنفسه"ماذا فعلت بك هذه الدمية التي لا يتجاوز طولها عقلة الاصبع.."..تريت قليلا ثم ضغط على زر قبول الصداقة...
_____________________
"في برشلونة"
بعد أن انهت سمر المكالمة مع والدتها ....دخلت غرفتها وجلست فوق السرير تعبث بهاتفها..ثم قالت بصوت منخفض"إذن أنت من أوصلت الحقيبة لعائلتي يا سيد أشرف....حسنا"خفق قلبها وانتابها شعور غريب كان يتسلل إليها ببطء وخبث
كتبت اسمه في محرك البحث على أحد مواقع التواصل الاجتماعي ..فوجدت حسابه ...كان لا يحتوي إلا على صورة واحدة له مع شقيقه وشقيقته..كانت قد أصرت عزة عليه ليحملها على حسابه فاستجاب لاصرارها...همست لنفسها مجددا وهي تدقق في الصورة"إنه وسيم..يمتلك عيونا جميلة...لابد أن الفتاة بجانبه شقيقته..بينهما تشابه طفيف إلا أن عيونها بني غامق ..جميلة..وهذا الفتى إنه نسخة مصغرة منه"..تأففت بعد برهة و رمت الهاتف بجانبها على السرير"تبا..ماهذا الشعور الغريب؟...لذيذ ومؤلم"ارتمت فوق وسادتها ثم حملت هاتفها مجددا وضغطت على زر إرسال طلب الصداقة وقالت"سأشكره فقط.." واستدارت لتنام قريرة العين..


نهاية الفصل الثاني

أتمنى أن ينال إعجابكم

سلام،،


فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-05-22, 12:22 AM   #14

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثالث -1-

الفصل الثالث :

"في برشلونة"
تمطت سمر على سريرها لثواني قبل أن تفتح عينيها وأول ما طرأ على بالها صورة أشرف مع أشقائه ...بحثت عن الهاتف الذي غرق وسط أغطية السرير ووجدته أخيرا...تطلعت في الشاشة فوجدت أن طلب الصداقة قد قبل..انتفضت جالسة و شعرها المشعث يلف حول وجهها و بعض الخصلات قد تجرأت عليه..
ابتسمت ثم نهضت من سريرها في اتجاه الحمام ...استحمت وغيرت ملابسها لملابس خاصة بالعمل، وضعت زينة وجهها ولم تنسى أحمر الشفاه القاني و اختارت اللون البني هذه المرة..أمسكت هاتفها و قررت إرسال رسالة لأشرف "صباح الخير سيد أشرف..أشكرك على إيصال الحقيبة لمنزل عائلتي..نهار سعيد"
وسمعت نداء أسامة من خارج الغرفة "سمارا..هيا الإفطار جاهز..أسرعي لأوصلك في طريقي"
وحملت حقيبتها و حاسوبها و اتجهت إلى المطبخ...
كان أسامة يعبث بحاسوبه فاقتربت منه وقبلت خده"صباح الخير يا سوما"..
ابتسم وقال"صباح الخير يا سمارا ...مابال هذا الجو الرائق والابتسامة الواسعة"
تناولت سمر لقمة وقالت"لا شيء مميز..فقط مزاجي رائق اليوم"..
نظر لها أسامة باستغراب ثم حول نظراته لحاسوبه مجددا ثم قال"اممم مزاج رائق."
اقتربت منه مجددا و نظرت لما ينظر إليه ثم قالت بهدوء"لماذا ترسل ايميلات للبحث عن عمل؟...هل طردت؟"..
نظر لها بحذر قبل أين يقول بمزاح وتباهي"أسامة لا يطرد يا حبيبتي...أسامة فتتتهافت عليه الفنادق"..
لم تستجب سمر لفكاهته ..دفعته بخفة وأخذت مكانه أمام الحاسوب وبدأت تحرك أناملها على لوحة المفاتيح"هذا فندق في البلد و هذا وهذا و هذا أيضا"حولت نظراتها إليه وسألته مباشرة"هل تنوي المغادرة؟"..
اِرتبك أسامة قليلا ثم اقترب و احتضن يدها الصغيرة بكفه الضخمة ثم قال بهدوء و جدية"كنت أريد أن أفاتحك في الموضوع منذ مدة...لقد مضى على استقراري هنا في إسبانيا حوالي ثماني سنوات..وبدأت أشعر بأنني أشتاق للبلد و العائلة ...صحيح أن انضمامك لي هنا شكل فرقا كبيرا ولم أعد أشعر بالوحدة.."
قاطعته و هي تنظر له بهدوء"لهذا قررت أن تفتتح مشروعا في البلد ...كنت تنوي الاستقرار هناك و تركي هنا وحيدة؟"
بدت على وجهه علامات النفي"لا لا هذا ليس صحيحا...لقد كنت أنوي أن أفاتحك في الموضوع و أقترح عليك أن نذهب سويا ..كنت قد أخبرتني سابقا عندما تم تعيينك في العمل ..أن الشركة تملك فرعا في البلد و هو نفسه الذي يترأسه العم محمد و أن هناك إمكانية أن تطلبي منهم أن ينقلوك للفرع هناك بعد مرور ثلاث سنوات من تعيينك..والثلات سنوات شارفت على الانتهاء لم يبقى سوى أشهر "
نزعت يدها من يده ثم قالت بعصبية واستنكار"لكنك قررت وحدك دون اللجوء لسؤالي وما رأيي في الموضوع وهل أنا مرتاحة هنا أم أنوي الرجوع للبلد..أنت لم تسأل وربما لو لم أر ما تفعله على الحاسوب لم تكن لتخبرني بنواياك...ظننت أننا سنفعل كل شيء معا"
نهرها بهدوء"سمر لا تقولي هذا… ظننت أننا نفهم بعضنا كفاية..وكنت أستشعر اشتياقك لأهلك ..وبدى لي الأمر أنك تنتظرين انقضاء الثلاث سنوات بفارغ الصبر"
حاولت تمالك نفسها وهي مدركة أن ردة فعلها مبالغ فيها لكنه أسامة…
اعتادوا على فعل كل شيء معا سوى العام الذي اختار فيه الانتقال لهنا عندما وجد فرصة تخول له تكوينا دراسيا في مجال الفندقة و التسيير ودراسة اللغة الاسبانية في نفس الوقت و عملا بعدها مباشرة في فندق جيد على حسب مؤهلاته...كان عمرها أنذاك سبعة عشر عاما لكنها كانت مدركة تماما أنها فرصة لا تعوض خاصة وأنه بعد إنهاء دراسته بحث كثيرا عن عمل و لم يجد شيئا فاتجه مجددا لعدة تكوينات متعلقة بالطبخ... وبعد انتهاء عامها الدراسي قررت الالتحاق به ووالداها رحبا بالفكرة لأنها ستكون بين أيد أمينة فاستغلت العطلة الصيفية في صقل اللغة الاسبانية التي كانت تعلمت الأساسيات في المرحة الإعدادية والثانوية والتحقت به بعدها لدراسة الهندسة الداخلية..
صحيح أنها لم تكن تنوي الاستقرار خارج البلد بصفة نهائية وكانت دائما ما تراودها الفكرة..لكن فكرة أن أسامة سيتركها هنا وحدها مخيفة هي لم تجرب البقاء وحدها في مكان لا تعرف فيه أحد من قبل بالرغم من سنواتها الخامسة والعشرين...اخترق تفكيرها صوت أسامة مناديا اسمها بخفوت..
فرفعت نظراتها المبهمة له وقالت بهدوء" متى ستذهب؟"..
قال بهدوء"لا شيء مؤكد ..من الممكن تأجيل الأمر إلى أن تكوني مستعدة لنذهب معا ...أنا لا أريد تركك هنا وحدك..لقد بدأت بإرسال الايمايلات اليوم فقط وربما تُرفض كلها"..
"وماذا عن العمل هنا؟"..
قال بتأكيد"أنا لازلت أعمل و مازلت أحتاج هذا العمل ...عندما نقرر الذهاب سأقدم استقالتي"..
ثم قالت باستيعاب"وماذا عن المطعم الذي تنوي فتحه؟"
أجابها بثقة"أنا لن أجازف بترك كل شيء والتركيز على المطعم فقط...إذا حدث ووجدت عملا في البلد سأحرص على توزيع الوقت بينهما ..أما أن أعتمد كليا على دخل كوفي شوب ربما لن ينجح كمشروع.. فهذه فكرة مستبعدة..هو حلم و أنا سأحرص على تحقيقه رويدا رويدا لكن ليس على حساب مصدر رزقي"..
قالت بهدوء وعيناها على الحاسوب"أنت مخطط لكل شيء بالفعل"تنفست بعمق ثم قالت"حسنا سأفكر في الموضوع.."
وحملت حقيبتها وحاسوبها ثم سبقته للسيارة دون إكمال إفطارها..
بعد لحظات لحق بها أسامة للسيارة وكانت جالسة تعبث بهاتفها ..
جلس في المقعد المخصص للسائق واهتزت السيارة قليلا ..
ناولها فنجان القهوة الذي تركته دون أن تلمسه سابقا فهمست له بالشكر ثم انطلقا للعمل في صمت يفكران في الخطوة التالية"
____________________________
استيقظ أشرف على صوت اهتزاز الهاتف معلنا عن وصول رسالة ..فتح عينيه بانزعاج ثم حرك ذراعه العضلية العارية يبحث عن هاتفه فوق المنضدة فوجده أخيرا و ضيق عينيه من ضوء الشاشة إلى أن لمح اسمها مرسلة له رسالة فتوسعت عيناه ثم فتح الرسالة وقرأ محتواها ويحاول استيعاب عن ماذا تتحدث و أي حقيبة..إلى أن تذكر أخيرا أنه عندما التقيا سابقا كانت قد ناولته الحقيبة التي سيوصلها محمد لوالديها و كان قد وضعها في صندوق السيارة التي كان قد حصل عليها من وكالة لكراء السيارات..محمد كان قد نسي الحقيبة و غادر في اليوم التالي وبعدها بيومين قرر هو المغادرة وعندما أراد إفراغ السيارة من أشيائه وتسليم السيارة وجد تلك الحقيبة فاتصل بمحمد الذي أوكل إليه مهمة إيصالها لأنه في مدينة أخرى ولن يعود إلا بعد عودة أشرف بأسبوع..وبالفعل أوصل أشرف الحقيبة بعد أن أرسل له محمد العنوان وهناك قابل والدتها..
ِامرأة تبدو صغيرة في السن على أن تكون أما لسمر..امرأة بشوشة محجبة في الخامسة والأربعين قصيرة القامة كابنتها تماما وتشبهها جدا إلا أن عيون المرأة أمامه رمادية مخضرة و وعيون سمر عسلية وربما سمار بشرة سمر أفتح بدرجة ..لا بد أنها تزوجت في سن صغيرة هذا ما استنتجه أشرف...وقابل والدها أيضا ..رجل خمسيني وسيم بجسد رياضي عيون عسلية وابتسامة كابتسامة ابنته وبشرة خمرية...يبدوان ثنائيا رائعا استطاع التقاط نظرات الحب والود بينهما في الدقائق التي وقف معهما يتبادلون التحية والشكر..ولا يبدوا أنها سيسمحان لابنتهما أن تعيش مع شاب غريب عنها في نفس الشقة أم ربما هما لا يعلمان شيئا...رفض دعوتهما بلباقة وغادر و العديد من المشاعر اجتاحته...الغضب و الاستغراب و شعور آخر بدأ بالتسرب إلى خلاياه منذ ليلة الحفلة...ربما أدرك كنهه لكنه ادعى التجاهل...
وضع الهاتف في مكانه السابق دون أن يكلف نفسه عناء الإجابة ثم اتجه للحمام ليجهز نفسه ليوم عمل طويل جدا..
_______________________
دخلت ثريا لمكتبة الحي في آخر الشارع والتي تحتوي على أربع طاولات تضم حواسيب مكتبية يرتادها الطلاب الذين لم تسعفهم قدراتهم الشرائية على اقتناء حاسوب خاص ،ومنضدة زجاجية خاصة بالأدوات المدرسية وخلفها مباشرة كرسي خاص بصاحب المكتبة ثم رفوف كبيرة ملتصقة بالحائط وتضم العديد من الدفاتر و الكتب المدرسية وبعض الروايات والجرائد وأخيرا طابعات الأوراق كبيرة...
حيت صاحب المكتبة ما إن استشعرت نظراته الفضولية نحوها وهي تتأمل المكان و رائحة الكتب تخللت أنفاسها...رجل في أواخر الخمسين يرتدي جلبابا مغربيا ويضع قبعة فوق رأسه...اتجهت نحوه وقبل أن تحدثه عن مطلبها أرجعت ضفيرتها الحمراء الطويلة خلف ظهرها وقد اعتادت الخروج الآن بدون حجابها بل ولم تُحِطْ به عنقها هذه المرة...لم تكن مقتنعة حين أجبرت على ارتدائه وكانت أولى خطوات تمردها هي التخلص منه...فالإجبار دائما يوتي بنتائج عكسية...
اقتربت وقالت بصوت حاولت ما أمكن أن يبدو واثقا..ففي قريتها لم تعتد التحدث مع الغرباء و كان الجميع يعرفون بعضهم البعض...ولم تعتد الاحتكاك مع الباعة ولا الدكاكين منذ إجبارها على ترك الدراسة إلى أن قررت بيع ما تصنعه من خلال الحياكة ..فكانت كلما توفرت لديها بضع قروش تنتظر خروج والدها لتتبعه وتستقل الدراجة الهوائية الخاصة بطارق وتبتاع ما تحتاجه قبل أن يدرك أنها خرجت وحدها بدون علمه..
قالت"صباح الخير...هل تمتلك دليلا خاصا بالأشخاص الذين يريدون دراسة باكالوريا حرة؟"..
نظر لها الرجل بفضول لأن وجهها لم يكن مألوفا بالنسبة له وحتى لون شعرها غريب وهيأتها أيضا...فقد كانت طويلة القامة...ترتدي تنورة بيضاء تصل لكعبها و قميص صوفي فستقي بأكمام لا يتناسب مع حرارة الجو والشمس الحارقة…
ثم قال "يمكنك استعمال الحاسوب هناك"(وأشار لأحد الحواسب المكتبية)"ستجدين فيه كل ماتحتاجينه"..
توثرت وتعرقت أناملها وشعرت بالإحراج فهي لم تستعمل حاسوبا من قبل وربما لم تره في حياتها سوى في الأفلام الأجنبية نظرت له بغباء وقطبت حاجبيها ثم قالت مطأطأة رأسها بإحراج مناقض تماما للثقة التي تحدثت بها سابقا"هل يمكنك البحث من أجلي أرجوك ..فأنا لم أتعامل مع حاسوب من قبل"
نظر لها الرجل برقة وشفقة وكان قد أدرك منذ الوهلة التي تحدثت فيها أنها غريبة عن المنطقة وطريقة نطقها لبعض الحروف مختلفة جدا فتنطق حرف القاف همزة و حرف الراء مفخما وربما لو نطقت كلمة بها حرف الشين ستجدها تنطقه مابين الشين والسين...وتلك اللهجة تنتشر في أقصى شمال شرق البلد..والقليل فقط من يحافظ على تلك اللكنة وخاصة في المدن العريقة أو البوادي..
ثم قال بلباقة اكتسبها من تعامله مع العديد من الأشخاص"المرء يا ابنتي لا يزداد متعلما..لذلك ارفعي رأسك و أنت تقولين أنك لا تجيدين استخدام الحاسوب"
سكت لبرهة يراقب تلون خديها باللون الوردي ثم قال "هل تريدين تعلم كيفية استخدامه؟"
رفعت وجهها تنظر لوجهه بإحراج ثم قالت" لا أرجوك ..أنا فقط أريد منه بعض المعلومات وفقط...ولا أملك واحدا أساسا وربما لن أحتاجه"ضيق الرجل عيناه قليلا ثم رفع اصبعي السبابة والوسطى يحركهما في علامة نصر وقال"اثنان لا يتعلمان المستحي والمتكبر...إذن من أنت بينهما؟"
ضيقت عيناها هي الأخرى ثم قالت محتجة"أنا لست متكبرة..ولا أستحيي أبدا من السؤال عن شيء أريد معرفته"
ابتسم الرجل ببشاشة"إذن هذا جيد..والآن سأكرر سؤالي هل تريدين تعلم كيفية استخدام الحاسوب"
شعرت بنار التحدي تصرخ بداخلها ثم قالت بثقة"نعم أريد التعلم" وصححت جملتها بأدب وهمة"هل يمكنك تعليمي من فضلك"...
إنها فتاة مؤدبة هذا ما همس به الرجل لنفسه ثم ابتسم ببشاشة وأدار رأسه ناحية باب موصل لمنزله على ما يبدو ولم تلمحه مسبقا ثم نادى بصوت عالي أفزعها"رضاا ..تعالى إلى هنا"
نظرت للباب في ترقب ثم دلف طفل بشعر أسود كثيف و وجه دائري أبيض ونظارات طبية..من خلال طوله استنتجت أنه سيكون في عمر شقيقتها أو أكبر بقليل..


يتبع...


فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-05-22, 12:25 AM   #15

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي -2-

اقترب منهم ثم قال بأدب "هل تريدني في شيء يا أبي؟".."نعم يا بني "نظر لثريا ثم قال"هذا رضا هو من سيعلمك استخدام الحاسوب وهذه.."
نظر لها ينتظر أن تنطق باسمها فقالت وهي تراقب الفتى عن كثب "ثريا"
وهمست لنفسها (هل هذا من سيعلمني..هل الشيء الذي سأتعلمه بسيط لدرجة أن أعتمد على طفل لتعليمي؟)
ثم رفعت نظرها للرجل الذي يراقبها بتفحص"لا تقلقي إنه ولد شاطر"وربت على شعر ابنه"ناديني العم عبد الله"..نقلت ثريا نظراتها المرتبكة والمحرجة بينهما ثم قالت"شكرا"
بعد ساعة تقريبا كانت ثريا لازالت تتصارع لتذكر المراحل الذي أخبرها بها رضا سابقا...فوجدت أن الأمر لم يكن بتلك الصعوبة إن اقتصر على الدخول إلى محرك البحث وكتابة ما تريد ولكنها وجدت صعوبة في التعامل مع لوحة المفاتيح و الكتابة عليها بسرعة خاصة وأن الحروف العربية قد مسحت تقريبا من كثرة الاستعمال.. فتستغرق ما يقارب دقيقة لتجد الحرف الذي تريده ..تأففت للمئة الألف منذ جلست أمام الحاسوب..
فقال رضا بهدوء مكتفا ذراعيه الرفيعين أمامه فوق الطاولة ويراقبها"لا تقربي وجهك للشاشة..وإلا ستتضرر عيونك وسترتدين نظارات مثلي"..نظرت له قليلا مستجيبة لتعليماته ثم ابتعدت عن الشاشة التي كانت تقريبا ملاصقة لوجهها..
وقالت بمرح"هل من تعليمات أخرى سيد رضا؟"..أجابها بهدوء مراقبا ملامحها"لا..وحرف الباء هنا بجانب حرف الياء" ثم أشار إليه بسبابته..ضغطت عليه و أكملت حصتها التعليمية من أستاذ يصل طوله لخصرها تقريبا لكنه يجيد استخدام هذا الصندوق أمامها و كم حسدته في نفسها و تمنت لو أنها توفرت على حاسوب في مثل سنه بعد أن عدَّد مميزاته أمامها وماذا يمكنها أن تفعله به لو كانت تمتلك واحدا..
___________________________
"في برشلونة"
بعد يوم طويل في العمل...اختارت سمر التنزه قليلا ثم العودة للمنزل...بعدها بساعات وصل أسامة كذلك..لم يتحدثا اكتفيا فقط بتبادل النظرات و انزوى كل واحد منهم في غرفته..
في المساء..طرق أسامة باب غرفة سمر ثم اقتحمها وكانت تعبث بهاتفها ولملمت شعرها في كعكة ضخمة وفوضوية وترتدي ملابس بيتية مريحة..رفعت نظراتها لرأسه الظاهر من الباب فابتسم بحنية وقال"هل تخاصمينني؟"
فقالت بهدوء"لا ..أنا فقط أفكر قليلا"....
اِقترب منها وجلس بجانبها على حافة السرير ثم قال بهدوء"في ماذا تفكرين إذن؟"..
تملمت في جلستها وقالت"لا شيء محدد..ربما فيما سأفعله بعد أن تغادر"
احتضنت كفه الضخمة كفها الصغيرة وقال"أنا لن أغادر بدونك"..
قالت بنرفزة طفيفة"لكنك فكرت في المغادرة بدوني...عامة أنا لست طفلة ..أستطيع الاعتماد على نفسي"
ابتسم أسامة وقال"و أنا أعلم أنك كذلك..ومع ذلك لن أغادر بدونك"
ثم مد يده و احتضن خدها الأيمن ابتسمت من حركته ثم قالت"إذن ماذا ستفعل الآن؟..أنا لست غاضبة منك على فكرة...ربما استغربت من عدم إشراكي في موضوع كهذا..ومع ذلك أحتاج تعويضا..ماذا ستطبخ لي؟" ..
اِنفجر أسامة ضاحكا وقال"ألا تستطعين عدم التفكير في الطعام؟"
ابتسمت باستخفاف"لا للأسف لا أستطيع مقاومة طبخك..فهناك رائحة شهية تدغدغ أنفي لكن كبريائي منعني من الاكل"
انتفض أسامة واقفا وقال"موهبتي في الطبخ تحت أمرك آنستي" و انحنى في حركة استعراضية كأنه ينحني لأميرة ومد يده لتمسكها ..استقام و أشار للمطبخ بيده الحرة..ضحكت سمر من حركاته و ضربت ذراعه بخفة ثم قالت" أنت تعلم جيدا كيف تجعلني أنساق لما تريده..ومع ذلك يجب أن نتكلم بجدية..لكن بعد الأكل"ورفعت سبابتها في وجهه.
سحبها من يدها و اتجها للمطبخ" حسنا ..هيا هيا لتعبئة معدتك الفارغة"
بعد تناول طعام العشاء
جلس كل من أسامة وسمر على طاولة الطعام متقابلان وبدآ في التحدث عن مخططاتهما ومناقشة الأمر بروية ابتداءا من تحديد وقت إجازة العمل وكم مدتها إلى مسألة الاستقرار النهائي في البلد ...استغرقوا في الكلام لوقت طويل جدا..
______________________
في شقة أشرف
طرقات ملحنة و رنين الجرس على باب الشقة و صاحبته لن تكون سوى عزة..فتح أشرف الباب بانزعاج ونظرات نارية تخترق جسدها ثم هتف"ماهذا الإزعاج؟كان لا بد أن أعرف أنها أنت"...ابتسمت عزة بوداعة ودفعت أشرف ليتنحى من أمامها ثم قالت باستنكار و هي تنقل أنظارها بين أشرف و الشقة"أنتم خونة.. كيف هنت عليكما وتركتموني وحدي..وأنت يا أشرف قليل الذوق على فكرة ..لم تفكر بدعوتي ولو من باب المجاملة"..
رفع أشرف حاجبه الأيمن يحدق فيها من رأسها إلى أغمص قدميها ثم قال بمشاكسة مخفية"لهذا لم أدعوكِ..بسبب هذه الوصلة المزعجة المفتعلة قبل قليل"..
نظرت له باستخفاف ولوت فمها ثم قالت" أساسا أنا لا أنتظر دعوة فالبيت بيتنا كما تعلم"ورمت حقيبتها فوق الكنبة ثم جلست بخيلاء و أكملت"ألن تضيفني يا شوشو؟ كأس ماء كافي يا قليل الذوق"..
هتف باستنكار"شوشو!!ألن تكفي عن تحريف اسمي وتقصيره..المرة القادمة لا تتعبي نفسك ..اكتفي فقط بالإشارة علي و سألبي ندائك آنستي"
ضحكت عزة من سخريته و قالت"ظريف يا شروفة..لا أحد يعرف مواهبك غيري..تعال اجلس بجانبي"وربتت على المكان بجانبها'لدي ما أخبرك به"..
جلس أشرف بجانبها وقال"ماذا تريدين؟"..
نظرت للمنزل بتفحص"أين مراد؟"..
"خرج مع أصدقائه..سيعود بعد قليل"...
"هل لاحظت مزاجه السوداوي..أأُخبرك بشيء لكن لا تقل له أنني أخبرتك"
شعر أشرف بالقلق من نبرة صوتها فنظر لها"ماذا هناك؟"..
استدارت تقابله و ربعت ساقيها ثم قالت"لا يعجبني أصدقائه..لم أقابلهم كثيرا لكن بعضهم مريبون وأشك في أنهم يتعاطون مخدرات"..
قطب حاجبيه ثم قال"هل أنت متأكدة؟.."ابتلع ريقه وقال بتوجس"هل تظنين أن مراد يدخن أو يتعاطى مخدرات؟"
ظهرت الحيرة على ملامحها وردت"لا أعلم حقا..ربما يدخن..لكنني لست متأكدة...لا تخبره بشيء ولا تعنفه..دعنا نراقب تصرفاته ونجس نبضه و إذا استدعى منا الأمر التدخل فلن نتهاون"..
فتح باب الشقة فاستدار الاثنان لمصدر الصوت ..وكان مراد من دخل الآن..نظرا له بتفحص وريبة استشعرها فقال"هل كنتما تتحدثان عني؟"..حركت عزة رأسها بلا واتجهت نحوه بينما أشرف يحدق فيه بتمعن..
اقتربت منه عزة واحتضنت عنقه بذراعها...لقد كان يفوقها طولا..قالت باستلطاف"كيف الحياة بدوني ؟أرى أنك استبدلتني بسرعة"..نظر لها مراد من تحت جفونه و ابتسم"الحياة بدونك هادئة و الأهم خالية من استظرافك"
نظرت له بعيون مقلوبة و خنقته بذراعها منزلة رأسه باتجاه بطنها ثم قالت"سأريك الآن ما يعننيه الاستظراف..تعال هنا"
وشدت شعره الحريري بين أصابعها وهي تعلم أن تلك الحركة تستفزه فصرخ"لا عزة توقفي ...إلا شعري...توقفي"
ابتعدت عنه و نفضت كفيها ببعضهما ثم ابتسمت بتشفي"يا إلهي لقد أفسدت وسامتك"واستدارت لأشرف"المهم يا سيد أشرف أنا هنا لأقضي معكم المساء وأبشرك بأن الشركة التي أرسلت لهم ايمايل بشأن التدريب قد قبلت بأن أتدرب لديهم لمدة شهرين و سأباشر في بداية الأسبوع القادم"
حدق فيها أشرف باهتمام"هذا جيد جدا خاصة أن السنة المقبلة هي سنتك الأخيرة في الجامعة وستستفيدين من هذا التدريب كثيرا عوض الجلوس في المنزل دون فعل شيء..ومن الأفضل أيضا أنك اعتمدت على نفسك في إيجاد مكان للتدريب دون الاستعانة بي بالرغم من أني اقترحت عليك الأمر سابقا"...
حركت كتفيها بخيلاء و ابتسمت بوداعة "فضلت الاعتماد على نفسي في هذا الأمر بما أنني مقبلة عليه عاجلا أم آجلا..."وصفقت بكفيها"إذن ما هي خطتنا لليوم"
وقف أشرف و أولاها ظهره"ليست هناك خطة أنا متعب و سأرتاح"..
تعلقت في ذراعه وقالت بإصرار"بلى لابد أن نفعل شيئا...انفض عنك الكآبة ودعنا نستمتع بوقتنا..هناك مكان سيعجبك حقا..سأنادي مراد"
بحث أشرف عن هاتفه كأنه تذكر شيئا"انتظري لحظة"نظرت له باستفهام فأكمل"هل لديك فكرة عن كيفية تفعيل الاشعارات لحساب معين في مواقع التواصل"..
"نعم..بسيطة،سأريك كيف"اقتربت منه و أخذت الهاتف من يده ثم رفعت نظراتها له"أي حساب تريد؟"ارتبك قليلا ثم قال"استعملي أي حساب لتريني كيف وبعدها سأفعلها أنا في الحسابات التي أريدها"نظرت له بشك ثم ركزت نظراتها على الهاتف و اقتربت تطلعه على الطريقة...
انتهت وقبل أن تناوله الهاتف لمحت حسابا تعرفه"هل تتابع هذه المؤثرة؟لم أكن أظن أنك تهتم بهذه الأمور"عقد حاجبيه"ماذا تقصدين بمؤثرة..وعن أي حساب تتحدثين؟"
رفعت الهاتف لمستوى نظره وقالت"هذه الفتاة سمر الطالبي إنها مؤثرة عربية نشيطة على مواقع التواصل و تمتلك العديد من المتابعين الذين تشارك معهم حياتها اليومية..ألم تكن تعلم؟..انظر لعدد الأشخاص الذين يتابعونها...إنها تتابعك أيضا ..هل تعرفها؟"..
نظر لها أشرف بغباء لأنه لم يعر اهتماما لعدد المتابعين في حساب سمر و لم يكن يظن أنها مؤثرة كما تقول عزة الآن"على أي أنا لا أعلم عن ماذا تتحدثين..كل مافي الأمر أننا تقابلنا في اسبانيا في رحلتي الأخيرة و تبين أنها تشتغل مهندسة تصميم داخلي في الفرع الاسباني"
نظرت له بشك وقالت"هكذا إذن..هل هي لطيفة؟ إنها تبدو كذلك في الميديا.."
أجابها أشرف بنفاذ صبر" وما شأني أنا إن كانت لطيفة..هيا لنخرج أنت تتحدثين كثيرا"
رفعت يديها في حركة استسلام"حسنا حسنا لنذهب" ونادت مراد الذي انضم إليهما بحماس وغادروا إلى وجهتهم.
___________________________
أحيانا لحظة واحدة تكفي لتبديد الأمل و هدم المخططات ...لحظة واحظة تكفي لترجعك لنقطة البداية..
هذا ما حدث مع ثريا بعد اطلاعها على الوثائق التي ستحتاجها للتسجيل في الباكالوريا الحرة لتكتشف بعدها أن الأمر مستحيل حاليا ومن شروط التسجيل هو أنه يجب إيداع ملف الترشيح في المديرية الإقليمية التابع لها المترشح ...ناهيك على أن هذا الملف يتضمن وثائق من الصعب أن تحصل عليها في الوقت الحالي إلا إذا غامرت و رجعت لقريتها وهذا ما لن تستطيع فعله بل أمر مستحيل...
كانت تمشي بترنح طفيف و بدون تركيز وعقلها مشوش و يدر الكثير من الأفكار أساسها كيف يتلاعب بها القدر و أرسلها لمكان من أجل الالتحاق للجامعة لتكتشف بعدها أنها لن تستطيع الالتحاق بها فتفقد الأمل ليتجدد من مجرد فكرة مقترحة والتي تبين فيما بعد أنها مستحيلة هي الأخرى فيختفي ذلك الأمل تماما…
روح مكسورة ، عيون مغرورقة بالدموع،تشتت مقيت،تفكير في الخطوة التالية واتجاه نحو المجهول هذا ملخص ما تشعر به ثريا في هذه الأثناء ليكتمل المشهد بصورة مراهق يرتدي ملابس رثة يتخطاها بسرعة البرق منتزعا منها حقيبة يدها كانت قد ابتاعتها سابقا من سوق الملابس البالية وكانت تحملها بين أصابعها بلامبالاة..
كانت النقطة التي أفاضت الكأس ...وانفجرت باكية وهي تراقب الفتى الذي يصارع الرياح يجري حتى توارى عن الأنظار ولم تكن تقوى حتى على الصراخ أنه سارق سرق حقيبتها وفر هاربا بل اكتفت بالتمتمة قائلة"هذا كثير..لا أستطيع التحمل.. لماذا يحدث معي هذا كله"وأكملت بكاءها بنحيب عالي…
لمحها عماد من بعيد فهرول ناحيتها ...لمس كتفها من الخلف فانتفضت وقال بقلق"اهدئي إنه أنا...هل أنت بخير..ماذا حدث لك؟"..تراجعت خطوة للخلف ومسحت دموعها بعنف ثم قالت بصوت مرتعش"أنا بخير أنا بخير"..تأمل ملامح وجهها المحمر من البكاء ثم قال بهدوء"لماذا كنت تبكين؟هل أزعجك أحدهم في الحي؟"
هزت رأسها بلا و قالت"لا شيء أنا بخير..لقد سرقت حقيبة يدي"وتمنعت عن ذكر موضوع التسجيل...
اقترب منها عماد واحتضنت كفه مرفقها ثم تفحصها بقلق قبل أن يبادر بالكلام مجددا"هل كانت الحقيقة تحتوي على أشياء مهمة"..
انتبهت أخيرا لوقفتها المشبوهة مع عماد و العيون تحدق فيهم بفضول خاصة وأنه ابن هذا الحي و هي الضيفة التي حلت على منزل جدته من اللامكان...سحبت مرفقها ببطء وشعرت بخجل فطري عندما لفحت أنفاسه خذها الأبيض فتراجعت للوراء ثم قالت بخفوت وارتباك"لا لا شيء مهم..أقصد كان بها هاتفي و بعض الفكة"
استقام عماد وقال بهدوء وعواصف مشاعر هوجاء تصر على الانبثاق إلى الوجود تعصف بقلبه وكيانه"هيا سأرافقك للمنزل"
اكتفت بإيماءة صغيرة برأسها و التزمت الصمت ترافقه و ذهنها مشغول عن كل شيء تماما سوى الخطوة القادمة في حياتها وماذا استفادت من هروبها..أما عماد فكان في فلك آخر وأحاسيس غريبة تجتاح صدره تجاه الفتاة الغريبة التي رآها مرات معدودة على الأصابع لكن أثارها عميق فاكتفى بمراقبتها من تحت جفونه والتزم الصمت هو الآخر..إلى أن وصلا للمنزل و أكمل طريقه إلى منزله بعد أن نادى جدته و سلم عليها ووعدها بزيارة مسائية..

يتبع...


فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-05-22, 12:28 AM   #16

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي -3-


**
استدارت السعدية لثريا التي اكتفت بإلقاء تحية بخفوت وقالت بقلق"مابك يا عزيزتي؟ هل كنت تبكين؟"وربتت على خدها بحنان..
تأملتها قليلا و شعرت بتأنيب ضمير من أنها مضطرة لتكذب على هذه المرأة الطيبة التي تغدق عليها من الحنان والتفهم وكل المشاعر الطيبة منذ خطت أول خطوة في هذا البيت..وقالت بخفوت"أنا آسفة يا خالة كنت قد وعدتك بإحضار مخبوزات ساخنة معي لكن أحدهم سرق حقيبتي"
ضربت السعدية على صدرها قائلة"يا إلهي ألن نسلم من النشالين..لا عليك حبيبتي المهم أنك بخير و لم يمسك سوء..هل كان بالحقيبة أشياء ثمينة؟"
هزت رأسها بلا و قالت"هاتفي و بعض النقود فقط"....
ردت بكلمات ذات مغزى"ستحتاجين هاتفا جديدا لتطمئني عائلتك عليك"
حدقت فيها ثريا لبرهة دون أن تستوعب المغزى"سأبتاع واحدا جديدا عندما أجد عملا يا خالة"..
فقالت السعدية بإصرار" بإمكانك استعمال هاتفي كما تشائين"
ابتسمت ثريا بوهن وقالت"شكرا يا خالة..أفضالك علي كثيرة"..
ضربتها بخفة على ذراعها"أستغفر الله من هذا الكلام يا فتاة أنت في مقام أحفادي..هيا غيري ملابسك لنتناول طعام الغذاء"
"حسنا يا خالة..أنت اجلسي مكانك و أنا سأغير ملابسي و أغسل وجهي و أجهز الطاولة حالا."
____________________
"بعد أيام"
في حي صناعي مليء بالمعامل والشركات....خطت عزة نحو إحدى الشركات بخطوات مرتبكة..دخلت الباب ليستقبلها مكتب السكرتيرة التي ابتسمت في وجهها..وبجانبه مكتب مغلق وقاعة اجتماعات ضخمة في الجهة الأخرى وحمام ملاصق له...
...اقتربت منها و حيتها ببشاشة"صباح الخير ..أنا عزة..لقد أرسلت إيمايل سابقا غرضه التدريب في شركتكم"..
تأملتها السكرتيرة من رأسها إلى أغمص قدميها تقيم ملابسها المتكونة من سروال واسع على طول ساقيها باللون الكريمي و تيشيرت بنفس اللون فوقه قميص زنجبيلي اللون تركت أزراره مفتوحه و حجاب أفتح من لون التيشرت وأخيرا حقيبة يد كبيرة أفتح من لون القميص..ثم قالت بديبلوماسية"صباح الخير..آه نعم المتدربة الجديدة..اجلسي في ذلك المقعد ستأتي موظفة قسم الموارد البشرية بعد قليل"
انتظرت عزة طويلا تراقب الموظفين الذين يتوافدون رويدا رويدا كل يتأخر على حسب ثقل منصبه في الشركة ومنهم من يثبت حضوره في الآلة المخصصة لذلك عن طريق تحليل بصمة الأصبع ثم ينسحب بهدوء..
سمعت اسمها بعد قليل فدخلت لمكتب الموظفة التي استقبلتها ببرود و أملت عليها مجموعة من الأوامر والقواعد التي يجب اتباعها منهية حديثها بأن أخذت منها نسخة من البطاقة الوطنية وأمرتها بكتابة اسمها وساعة حضورها في أحد الدفاتر الذي لمحته سابقا فوق مكتب السكرتيرة والخاص بالمتدربين يسجلون عليه أسماءهم وساعة الدخول و الخروج من الشركة طوال فترة التدريب..
صعدت الدرج الفاصل بين الطابق الأرضي والطابق الأول الذي يضم مجوعة من المكاتب واتجهت نحو المكتب الذي ذكرته الموظفة سابقا…
طرقت الباب بهدوء ثم سمعت من خلاله صوتا عميقا يسمح لها بالدخول..
دخلت بهدوء و ارتباك حاولت مداراته وأغلقت الباب خلفها ثم استدارت لتستقبلها نظرات عميقة من عيون أعمق..ثواني فقط ثم أشاح ببصره نحو الأوراق التي كان يتفحصها سابقا..
اقتربت حتى وقفت أمام المكتب فأشار لها بالجلوس دون النظر إليها..
تمتمت بشكر و انتظرت منه إشارة للتعريف عن نفسها..ثواني فقط ثم ركز نظراته عليها الآن وقال بهدوء"أنت المتدربة الجديدة أليس كذلك؟"..
فركت أصابعها بتوثر ثم ردت"بلى...عزة القاسمي"..
وضع كفيه فوق الأوراق وانحنى قليلا للأمام ثم قال بديبلوماسية"حسنا أستاذة عزة..حديثي عن نفسك قليلا"..
رفعت نظراتها له ليقابلها وجهه الخالي من أي تعابير..
تنحنت واسترسلت في تقديم نفسها"اسمي عزة القاسمي طالبة في سلك الماجستير السنة الأولى تخصص محاسبة و تدقيق..عمري 22 سنة"
أومأ برأسه بخفة وقال"لماذا اخترت أن تتم فترة تدريبك في شركتنا بالضبط"..
قالت بثقة"في الحقيقة لم أختر..لقد قررت سابقا أنه آن الأوان للانتقال من المستوى النظري إلى المستوى التطبيقي بما أنني مقبلة على العمل إذا انهيت الماجيستير... لذلك أرسلت مجموعة من الإيمايلات بخصوص تلقي التدريب لفترة معينة وتلقيت أول رد من سيادتكم..لذلك لم أختر أنتم من اختارني وأنا لبيت النداء"
انفرجت شفتيه باتسامة تلتها ضحكة لم يتوقع هو أن يضحكها و لم تتوقع هي أن تتلقاها من وجهه خالي التعابير فنظرت له باستغراب وقال بعد برهة"الإجابة المتوقعة كانت أن تقولي مثلا لقد سمعت عن شركتكم ومدى نجاحها في مجال تخصصها و تمنيت أن تحتضن أول فترة تدريبي وذلك لإغناء رصيدي و سيرتي الذاتية والاستفادة من قسم المحاسبة الخاص بشركتكم.."
شعرت بالارتباك و كحركة تلقائية معتادة تفعلها كلما توثرت.. دفعت إطار نظارتها بخفة من الوسط ثم لمست جانبه وقالت"لم أشأ أن تكون إجابتي ديبلوماسية بالرغم من أن ما قلته صحيح لكنه لسؤال آخر..ربما لو سألتني ماذا سأستفيد من فترة التدريب لديكم كنت سأجيبك بذلك"
بدت واثقة بالنسبة لشخص يزور مكانا لأول مرة و يحتك بميدان العمل لأول مرة أيضا...لكنها هكذا دائما صريحة،واثقة ولا تراوغ"
ابتسم وتطلع في وجهها بتحفظ وتحديدا نظارتها ذات الإطار الأسود الضخم ثم قال بديبلوماسية"حسنا يا أستاذة عزة..سيسعدني أن تكوني تحت إمرتي في فترة تدريبك ولا تخجلي في طرق باب المكتب كلما احتجت لشيء..بإمكانك استعمال قاعة الاجتماعات في الأسفل كمكتب لك والتجول قليلا في الشركة للتعرف على جميع الأقسام"
ثم أخفض نظراته للأوراق أمامه وتجاهلها تماما
انسحبت بهدوء و بدأت جولتها في التعرف على جميع الأقسام و إرضاء فضولها..
_____________
'بعد شهر ونصف'
شهر كامل من التجول في الشوارع ..لم تترك مكانا إلا ووضعت فيه سيرتها الذاتية استماعا لنصيحة صاحب المكتبة الذي نصحها في أحد الأيام أن تلخص مسيرتها الدراسية و قدراتها في ورقة مطبوعة مرفوقة بصورة لها و توزعها على الأماكن التي من الممكن أن تشتغل فيها..مرة تعطيها لحارس و تترجاه ليناولها للمسؤول لكنه يرميها في القمامة أو ربما ينسى أين وضعها..وأحيانا لسكرتيرة تخبئها أوترميها خوفا على منصبها..حتى أنها زارت مجموعة من المحلات التجارية الكبرى وانتظرت كثيرا لتقابل المسير وتناوله سيرتها الذاتية ..لكن كل هذا بدون جدوى...تجولت كثيرا وتعرفت على أغلب مناطق المدينة ..والنقود التي كانت قد ادخرتها سابقا لم يتبقى منها سوى القليل ولا تعرف ماذا تفعل
..بدأ الشعور بالإحراج يتملكها من حلولها ضيفة لوقت طويل عند السعدية بالرغم من أن الأخيرة تبدو سعيدة جدا بأن هناك من يجلس معها ويؤنس وحدتها..لكن إلى متى ستظل كذلك لابد أن تجد حلا ما إن تتحسن ظروفها المادية والتي لن تتغير أبدا إن لم تشتغل في أقرب وقت ممكن..
اشتاقت لعائلتها كثيرا..يبدو أنهم لم يبحثوا عنها طويلا أو ربما لم يبحثوا أبدا..هذا ما فهمته من المكالمات القليلة مع عمتها التي تطلعها على أحوالهم..تريد الاتصال بوالدتها وطارق لتطمئنهم عليها لكنها لا تريد أن تفعل ذلك و هي فاشلة ولا شيء تغير منذ هروبها.ربما بعد أن تجد عملا و تستقر أوضاعها ستتصل و ربما إذا تحسن وضعها المادي ستذهب لزيارتهم يوما ما..
لكن كل هذه مجرد أحلام والواقع شيء آخر...لن تستفيد شيئا من مجرد شهادة باكالوريا..وطموحاتها أكبر بكثير من أن تشتغل مربية أطفال أو مساعدة منزلية..والطموح يحتاج لدواعم تفتقر لها حاليا وأهمها الشهادة الجامعية وفي زمننا الحالي أشخاص بشواهد جامعية ممتازة ولازالوا يتجولون بدون وظيفة فكيف ستنجح هي ومسارها الدراسي لا يتجاوز الثانوية..
حل المساء ..
دخلت الحي بخطوات متعبة ومحبطة ..تلقي سلاما عابثا على بعض الوجوه التي تعرفت عليها إلى أن وصلت للمنزل الذي يحتضنها وفتحت الباب بنسخة المفتاح الذي سلمته لها السعدية سابقا.. سمعت كلام مجموعة من النساء منبعث من بهو المنزل فآثرت الإنسحاب إلى غرفتها والتخلص من ثرثرة الجارات لكن لمحتها السعدية التي كانت تحضر الشاي في المطبخ
فنادت عليها"ثريا عدتِ يا ابنتي...كيف كان يومك هل وجدت عملا؟"
اقتربت منها ثريا في إحباط من موضوع العمل و من فشل خطة انسحابها وقالت بتعب"لا شيء جديد يا خالتي..لم أترك مكانا إلا و بحتث فيه"
ربتت السعدية على كتفها"ان شاء الله خير يا ابنتي..ستجدين عملا ان شاء الله.."وناولتها الصينية"هيا ساعديني و اذهبي بهذه للضيفات"
دلفت البهو وقابتها عيون الجارات المتفحصة لهيئتها بظفيرتها الطويلة الحمراء والتي تستقر على جانبها الأيمن وتصل لقبل نهاية خصرها بقليل..حيتهم بهدوء ووضعت الصينية وهمت بالخروج
لكن قاطعتها إحدى الجارات اسمها بهية وقالت بفضول"لقد مضى على مجيئك شهرين تقريبا يا ثريا"
استدارت ثريا بهدوء و نظرت لها تحاول استيعاب فحو السؤال ثم قالت"شهرين و عشرة أيام"
فأكملت بهية"لماذا لم تزرك عائلتك؟أو تزوريهم مثلا؟أنا ابنتي متزوجة وتقطن في مدينة أخرى ولكني أزورها ووالدها كل ثلاثة أسابيع.."
ردت ثريا بحدة"كل شخص وظروفه يا خالة..فأنت مثلا متفرغة تماما لتلك الزيارات"
لم تغفل ثريا عن همسات الجيران حولها...فتاة صهباء غريبة تستقر في حيهم فجأة ولا يعرفون عنها شيئا سوى أنها قريبة للسعدية من بعيد و أتت للبحث عن عمل..تخرج مؤخرا من الصباح الباكر و لا تأتي إلا بحلول المساء و لا أحد يعلم ماذا تفعل..
قالت بهية بإصرار واستفزاز و هي تمسح بعيونها على جسد ثريا من رأسها إلى قدميها"وإن يكن يجب أن تزوري والديك ..خاصة أنك لم تجدي عملا إلى الآن أن أنك وجدته ولم تخبرينا ..عيب يا ثريا..فنحن جيران"
شعرت ثريا بالغضب من طريقة كلام المرأة والتي على ما يبدو تلمح لشيء فقبضت كفيها تهدأ نفسها ورسمت ابتسامة مزيفة على شفيتها"شكرا على النصيحة يا خالة سأجد عملا ان شاء الله وسأزور عائلتي أيضا"
واستدارت لتغادر مجددا لكن قاطعتها بهية مجددا تقول بغل واضح"هل يعلم والديك أنك نزعت حجابك وتتجولين في المدينة عارية الشعر؟ فعلى حسب علمي نساء البادية يرتدين الحجاب خاصة المنطقة التي تنحدرين منها ورأيتك عندما أتيت أول مرة ترتدينه بالرغم من أنه كان يغطي نصف رأسك فقط"
جحظت عيون ثريا وقبضت كفيها بجانب فخذيها و شعرت برغبة حارقة في قطع لسان بهية الثرثارة التي تتدخل في كل شيء و تبدي رأيها في كل شيء وهمت بالصراخ في وجهها بليس من شأنك و الأدهى أن تراقبي تصرفات ابنتك بدل التدقيق في كل شيء يخصني لكنها ابتلعت تلك الكلمات عندما قاطعت سعدية الحديث الذي كانت تتابعه من باب البهو وعلمت أن الأمر لن ينتهي على خير خاصة و أن الجارات يسألن دائما عن ثريا و بهية بدأت تتمادى في وقاحتها
"اتركي الفتاة يا بهية ولا تتدخلي في شؤونها...اذهبي لترتاحي يا ابنتي لا بد أنك متعبة"
أجابت بهية ببراءة مزيفة مفضوحة"أنا كنت فقط أسأل يالالة السعدية ..تعلمين أننا نحب التعرف على الضيوف الجدد"
انسحبت ثريا إلى غرفتها مبتعدة عن ثرثرة النساء وعن كل شيء تريد فقط الانزواء في ركن بعيد والتفكير فيما ستفعل في حياتها المقلوبة رأسا على عقب.. تأنيب الضمير اتجاه عائلتها من جهة و النقود التي قاربت على الانتهاء من جهة وعدم قدرتها على إيجاد عمل من جهة أخرى..


يتبع...


فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-05-22, 12:33 AM   #17

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي

في مكتب مغلق لكن صوت الصراخ يُسمع من الداخل..اقتربت عزة بحذر من الباب..كانت تريد أن تسأله عن بعض الأشياء التي لها علاقة بتدريبها و المشروع الذي طلبه منها لكن حالته المزاجية لا تبشر بالخير..منذ بدايتها لفترة التدريب وهي تراه إنسانا جادا ولا يتكلم كثيرا..هادئ ولا ينفعل أبدا..كان صوت صراخه يعلو مع اقترابه من الباب و يبدو أنه يتكلم مع شخص ما اسمه أنس على الهاتف"إلا لينا يا أنس لقد قلت لك مرارا و تكرارا إن لم تستطع الاعتناء بها لا تأخذها معك اتركها عند أمي ..لا تقل اهدأ..لن أهدأ إلا إذا رأيتها أمامي بخير"وفتح الباب لتقابله نظرات عزة المترقبة وبيدها حاسوبها و قلم و مذكرة واليد الأخرى متكورة في قبضة كانت على وشك طرق الباب المفتوح أمامها
تجاوزها قائلا "ليس الآن يا عزة ..سأعود بعد فترة الغذاء..انتظريني في مكتبي أو في قاعة الاجتماعات"
وغادر يمسك بالهاتف على أذنه بيده اليمنى ورفع اليسرى لمستوى عينيه ليرى كم الساعة
في قاعة الاجتماعات ..
مر على فترة الغذاء ساعات ولم يتبق إلا دقائق معدودة على نهاية الدوام لكنه لم يأت ..تأففت من كثرة الانتظار وأنزلت رأسها تتكئ فوق طاولة الكبيرة ومرر القلم فوقها في حركة رتيبة ليصدر صوتا يكسر صمت الدور الأرضي..
طرقات على الباب أيقظتها من سهوتها لتستقيم فوق كرسيها ثم ترفع إطار نظارتها من وسطه للأعلى وعدلت حجابها وقالت بخفوت"أستاذ زكريا لقد أتيت"..
استقر في الكرسي بجانبها وشبك يديه أمامه على الطاولة فالتقت أطراف أصابعه مع بعضها ثم التفت لها وقال"هل تأخرت عليك؟أعلم أن فترة تدريبك قاربت على الانتهاء و يجب أن تنهي مشروعك و تسلميه قبل ذهابك..لكن العمل هذه الأيام كثير و بالكاد أجد وقتا لمناقشة أسئلتك" ..
نقلت نظراتها بين أصابعه المتشابكة ووجهه الحاد الملامح ثم خفضت بصرها"آسفة على إزعاجك بكثرة أسئلتي "
قاطعها قائلا بهدوء"لا بالعكس..أنت تسألين أسئلة ذكية و هذا يروق لي ..وأحب أن أسمع ما في جعبتك من أفكار" شعرت بتخضب وجنتيها من إثنائه عليها و رفرف قلبها من صوته القريب فأجلت صوتها تطرد مشاعر المراهقة التي أعجبت بأستاذها و استحضرت عزة العملية فقالت بصوت منخفض نسبيا"شكرا أستاذ زكريا"ضرب بيده على الطاولة بخفة فانتقلت نظراتها مجددا ليده بعروقها البارزة والخاتم الفضي المستقر في بنصره وقال "حسنا يا عزة لدينا عشر دقائق بالضبط لمناقشة مشروعك و إن لم ننتهي منه اليوم سنكمل ما تبقى غدا"..
فتحت شاشة الحاسوب و قربته منه ثم استرسلت في شرح الاستراتيجية التي اشتغلت بها على المشروع..تطلع في الملف الرقمي أمامه يقرأ بتمعن محتواه ويستمع لما تقوله ونظرة إعجاب لم تخطئها عزة ارتسمت على عيونه فقال"طريقة شرحك لكل شيء جيدة..هناك فقط بعض الملاحظات سأخبرك بها فيما بعد"
ابتسمت له وقالت بامتنان"شكرا جزيلا سيد زكريا"
اكتفى بالإيماءة برأسه وقال "أعطني ورقة وقلم"..
ناولته قلمها و فتحت مذكرتها على إحدى الصفحات الفارغة ثم مدتها له...كتب شيئا عليها ثم أغلق المذكرة والقلم بداخلها و قال"هذا إيميلي الخاص..أرسلي لي الملف الرقمي لمشروعك لأدرسه أكثر"عانقت مذكرتها وأومأت برأسها ثم أضاف "أخبري المتدرب الآخر أن يرسل لي ملفه أيضا على نفس الايمايل" أومأت مجددا وبدأت توظب أغراضها عندما سمعت جرس نهاية الدوام بعد أن غادر زكريا لتغادر هي الأخرى
___________________
'بعد أسبوع'
دخلت سيارة أجرة حيا يضم منازل من طابقين مرفقة بحديقة بمرآب ..بعض العائلات استغلوه كمرآب للسيارات والبعض الآخر كورشة لعمل خاص..
توقفت السيارة بجانب أحد المنازل ونزل منها شخصان أفرغوا صندوق السيارة من الأمتعة واتجهوا نحو البوابة ثم دقوا الجرس وفتحت الباب سميرة التي هتفت بصدمة"يا إلهي لقد أتيتما"
ابتسمت سمر ابتسامة واسعة و بعيون متأثرة مليئة بالاشتياق ارتمت في حضن والدتها التي أجهشت بالبكاء قائلة"عام كامل يا سمر تحرميني من رؤيتك"
واحتضنتها بقوة"يا إلهي كم اشتقت لك"زادت سمر من قوة الحضن أيضا مقبلة عنق والدتها وجانب وجهها ثم قالت بصوت متهدج"اشتقت لك كثيرا كثيرا"
راقبهما أسامة بتأثر طفيف مدرك تماما لقوة علاقة سمر بوالديها وتعلقهما بها ثم اقترب قائلا بمزاح"ابتعدي قليلا يا سمارا ستخنقين أختي"ولمس ذراعها يبعدها برقة"هيا هيا دعيني أحضنها لقد اشتقت لها أنا أيضا"..
تعلقت سمر بحضن والدتها أكثر وقالت"لا اتركني هكذا قليلا..لقد رأيتها قبل أشهر أما أنا فلم أرها منذ العام الماضي"
ابتسم أسامة وقال"حسنا تحملي هذا إذا" وحضنهما معا في حضن جماعي قوي اعتبرته سمر مشاكسة و تأثرت به سميرة كثيرا مدركة أن وراء خفة دم شقيقها وشقاوته طفل صغير يحتاج لمن يغدق عليه بحنان وافر عملت على غمره به منذ تعرض لفاجعة الفقد بالرغم من أن الأمر كان موجعا لكليهما لكن تأثره كان أعمق بكثير بما أنه كان جزءا من الأمر لولا لطف الله ...
قاطع الحضن الجماعي دخول حكيم الذي ارتجف قلبه داخل قفصه الصدري عند رؤيته لسلوة فؤاده متعلقة بحضن والدتها كما كانت تفعل وهي طفلة..تهللت أساريره عندما تركت حضن والدتها وجرت نحوه وتعلقت بعنقه فاحتضن خصرها ورفع قامتها ثم ربت على ظهرها قائلا"الحمد لله على سلامتكما"
اقترب منهما أسامة يحتضن كتفي سميرة بذراعه وتبادل عناقا حارا مع زوج أخته ثم دلفا للمنزل معا
المرء منا لا يدرك مدى تعلقه بوالديه إلا عندما يضطر لتركهم من أجل الدراسة أو العمل في مكان بعيد..الأمر أشبه باقتلاع أحد أطرافك والاضطرار للعيش بدونها...مهما اعتدت على الأمر ستشعر دائما ذلك أن حجم الفراغ بداخلك يتزايد ويتزايد ...
اجتمعت العائلة على طاولة العشاء ولم تخل الجلسة من المشاكسات و تبادل الأخبار الجديدة...كان حكيم يترأس الطاولة و على يمينه سميرة و يساره أسامة يجلس بجانبه حمادة شقيق سمر بينما الأخيرة أخذت كرسيها و حشرت نفسها بين كرسي والدها ووالدتها ثم قالت بمشاكسة"افسحا لي المجال قليلا"وضعت كرسيها وجلست ثم أكملت"والآن سأسمح لكما بتدليلي كما شئتما"وابتسمت بوداعة في وجه والدها الذي بادلها الابتسامة و ملأ طبقها بالطعام وأمها فعلت المثل أيضا
فقال والدها "إذن ما هي مدة إجازتها؟" ..أجاب أسامة"أنا خمسة عشر يوما"وأكملت سمر"وأنا عشرون يوما"..
اِقترح حمادة الذي كان مندمجا مع صحنه منذ البداية"إذن نستطيع استغلال مدة بقائكما والذهاب في عطلة للشاطئ"
أيده أسامة قائلا"فكرة جيدة..لكن من الصعب الذهاب في الأسبوع الأول بما أنني وسمارا سنكون مشغولان جدا"
وأكملت سمر"مارأيك إذن أن نستغل الأيام الأولى في إنجاز الأعمال التي ستحتاج لكلينا و ما بقي ننجزه بعد العطلة.. ويمكنني إنجاز باقي المهام بعد ذهابك"
رفع أسامة كفه قائلا"حسنا اتفقنا..كفك"ورفعت سمر كفها أيضا ثم ضربا كفيهما ببعضهما في حركة"high five"
أضافت سميرة بحماس"فكرة رائعة ..مضى زمن بعيد لم نخرج معا في رحلة"
تجاوزت يد حكيم جسم سمر لتتناول كف سميرة الصغير وقال بابتسامة تزين ثغره"سأحرص على أن تكون رحلة ممتعة لك صغيرتي" فبادلته الابتسام و توردت خدودها من حركته بالرغم من مرور ما يقارب ستة وعشرين عاما على زواجهما الناتج عن قصة حب عظيمة.
تنحنح أسامة مقاطعا اللحظة وقال مازحا"أرجو منكم مراعاة شعور العزاب"..
قهقهه الجميع فوق الطاولة وقال حكيم ونظرات ذات مغزى تستقر على وجه أسامة"لا تحسِبَنَّ أني غافل عن مغامراتك يا ولد..ابتعادك ببعض الكيلوميترات لا يعني أني لا أحفظك كخطوط يدي..أنت تربيتي ياولد"
وضرب كتفه بخفة...ابتسم أسامة بتأثر من أفضال حكيم عليه ثم رفع نظراته لسمر مهددا فقالت بصوت عالي"أنا لم أخبره بشيء أقسم لك"..
نظرت لهما سميرة بترقب و قالت"عن أي مغامرات تتحدثون يا أسامة؟"
أدار رأسه ناحيتها و ابتسم بوداعة "لاشيء يا عزيزتي..تعلمين أنني أحب الفراشات و اللعب معهن قليلا"
نظرت له باستفهام قبل أن يجذب حكيم انتباهها بأنه يريد شيئا بجانبها فأولت له اهتمامها الكامل فغمز الأخير أسامة و أشار له بأن يلتزم حدوده في الكلام..
بينما انحنى حمادة إلى أسامة و همس في أذنه "ماذا تقصد بالفراشات؟"...
غمزه قائلا بعبث"لقب كنا نطلقه على الفتيات أيام الدراسة..."..أومأ حمادة وابتسم بعبث ثم أكمل طعامه..
_______________
'في اليوم التالي'
موجة رائحة قوية اجتاحت المكان و أنفاسه خصوصا وذكرى الاصطدام الرقيق وملمس شعر مموج غزى أصابع يده فور ملامسته لظهر الجسد الذي اصطدم به كردة فعل تلقائية استغرق منه الأمر عدة ثواني فقط ليستنتج أنها رائحة لافندر مختلطة برائحة جسد منعشة؛قاطع تفكيره صوت رقيق يعتذر بلغة اسبانية ثم جسد فتاة تمر من جانبه منسحبة فلم يتبين منها سوى وشم نبتة اللافندر أسفل عظمة الترقوة و شعر مموج بني غامق كثيف يصل لوسط ظهرها و فستان ذهبي براق أبرز سمرة بشرتها.

نهاية الفصل الثالث

أتمنى أن ينال إعجابكم

قراءة ممتعة

عيدكم مبارك سعيد


فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-05-22, 11:10 PM   #18

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع-1-

الفصل الرابع

'في اليوم التالي'
موجة رائحة قوية اجتاحت المكان و أنفاسه خصوصا وذكرى الاصطدام الرقيق وملمس شعر مموج غزى أصابع يده فور ملامسته لظهر الجسد الذي اصطدم به كردة فعل تلقائية استغرق منه الأمر عدة ثواني فقط ليستنتج أنها رائحة لافندر مختلطة برائحة جسد منعشة؛قاطع تفكيره صوت رقيق يعتذر بلغة اسبانية ثم جسد فتاة تمر من جانبه منسحبة فلم يتبين منها سوى وشم لنبتة لافندر أسفل عظمة التروقة و شعر مموج بني غامق كثيف يصل لوسط ظهرها و فستان ذهبي براق أبرز سمرة بشرتها.
فتح باب غرفة مكتبه فازداد تركيز الرائحة..شعر بالاستغراب وتساءل بينه وبين نفسه هل أصبح أنفه حساسا لجميع الروائح أم هي رائحة اللافندر وحدها التي تتسلل لجيوبه الأنفية لتستقر بين الخلايا وتأبى المغادرة...مسح بنظراته على مكان عمله الذي يضم عدة مكاتب مفتوحة على بعضها ومكتبة كبيرة بجانب باب مؤدي لمطبخ صغير خاص بالموظفين ثم غرفة مكتب خاصة بالمدير و بجانبها قاعة الاجتماعات ذات باب خشبي كبير حديث الطراز...كان مقر العمل يحتوي على ثلاث غرف مغلقة فقط ..مكتب أشرف والسيد محمد وآخر مغلق..كان محمد قد أصر بعد ترأسه للفرع على أن يغير تصميم المقر ليناسب تخيله لنوعية العلاقة التي يجب أن تكون بين الموظفين...علاقة عائلية و محببة لتكون الأجواء مرحة ويسير العمل بسلاسة..
وجد ضالته بل استشعر وجودها قبل أن يسمع ضحكتها الرنانة ترافقها ضحكات أخرى ذكورية وهاهي تظهر أمامه متأبطة ذراع محمد وتخرج من مكتبه ويرافقهما أسامة...تأمل وجهها لثواني فتوقفت عيناه على شفتيها وتساءل لماذا تصر على وضع أحمر شفاه قاني...مسح بنظراته على قامتها القصيرة،كانت ترتدي سروال جلدي فضفاض يصل لمنتصف فخدها باللون البني الرملي وذو خصر مرتفع وتعلوه بلوزة سوداء واسعة ومزررة بنصف كم وحذاء ذو كعب عالي بأربطة ربطتهم أعلى كعبها بقليل..لم يشعر بنفسه ولا بالتعابير التي علت وجهه وهو يتأملها فقد رفع حاجبه الأيمن قليلا وبرم شفتيه ثم أدخل كفيه في جيبي سرواله الرمادي مستغربا من طلتها التي تعتبر جريئة نوعا ما بالرغم من أنها بدت بها كطفلة في المرحلة الاعدادية....نهر نفسه من تأمله الدقيق لها وحاول إيقاف ذهنه الذي عصف به لأفكار لذيذة لا يستسيغها ...
اقتربوا منه وكان قد أنهى تأمله وانتقلت نظراته لأسامة الذي حدجه بنظرة قاسية استنتج منها أنه كشف أمر نظراته المفضوحة لسمر..تجاهل نظراته وتنحنح قليلا قبل أن ينادي عليه محمد قائلا ببشاشة"أشرف..لقد كنا في طريقنا إلى مكتبك ..سمر وأسامة هنا"..قطعوا الخطوات المتبقية لهم للوصول إلى مكتب أشرف الذي قال بصوت ثابت"أهلا وسهلا..تشرفنا بحضوركم..تفضلوا"
دخلوا المكتب فاستقر جسد أشرف على كرسي مكتبه وأشار لهم بالجلوس أيضا..جلست سمر في أحد الكراسي التي تكون أمام المكتب وجلس محمد أمامها بينما آثر أسامة الاستناد على الحائط الذي يضم نافذة زجاجية كبيرة تطل على الشارع الذي يتواجد به محله واستقرت نظراته على سمر التي استشعر ارتباكها عندما لمحت أشرف بل يكاد يجزم أنها استشعرت نظراته التي كانت تخترق جسدها الصغير...
ثم نقل نظراته لأشرف الذي بدا هادئا ومسترخيا ...قطع أشرف الصمت قائلا"كيف كانت رحلتكم؟"
أجابه أسامة باقتضاب"جيدة"
وقال محمد بمرح يراقب الأجواء وقد استشعر التوتر بين أشرف و أسامة "إذن ما هي خطتكم للعمل؟..أنا أثق في أن سمر وأشرف سيشكلان فريقا رائعا..والتصاميم ستكون رائعة..أليس كذلك؟"
وركز نظراته عليهما ثم أكمل"لقد أرسلت لأشرف بعضا من تصاميمك يا سمر...ما رأيك بها يا أشرف؟"
التقت النظرات فتنحنح أشرف قائلا أمام نظراتها الفضولية "تصاميم جيدة..لديك حس عال بالألوان لكن هناك بعض الثغرات يسعدني أن نناقشها معا في وقت لاحق إن إردتِ"
أومأت سمر برأسها بخفة وتساءلت""أي ثغرات؟"واستدارت لمحمد"لم تسبق أن أشرت لأن تصاميمي بها ثغرات يا عم محمد وحتى في مقر عملي دائما ما تنال استحسان الجميع"
قال أشرف بتحفظ"وأنا قلت أنها جيدة أيضا..لكن هنا بعض الملاحظات لا تراها سوى العين الخبيرة..لا أقصد الإهانة يا سيد محمد..تعلم جيدا عن أي شيء أتحدث"
نظرت لوجهه لثواني تتساءل في نفسها هل هذا الشخص أمامها يتقصد استفزازها أم أن أسلوبه في الكلام هكذا في العادة،ثم قالت ببساطة"هكذا إذن..حسنا لنتحدث عن تلك الثغرات الآن ربما تكون لكلينا وجهات نظر مختلفة"..وقفت واتجهت نحو أسامة الذي كان ينقل نظراته بينهم وبين النافذة..كان يحمل حقيبة حاسوب،اقتربت منه وابتسمت في وجهه بوداعة ثم فتحت الحقيبة المعلقة على ظهره وأخرجت منها حاسوبها المحمول..وجلست في مكانها مجددا ثم قالت بتحفظ"عن أي تصاميم كنت تتحدث يا سيد أشرف بالضبط؟" وبدأت تحرك أناملها على لوحة المفاتيح تبحث عن أحد الملفات ثم أدارت الحاسوب لأشرف قائلة بثقة"هذا الملف يضم جميع التصميمات منذ بداية مسيرتي المهنية..بإمكانك تصفحه والتدقيق فيه أما أنا فسأراقب المشهد من نافذة مكتبك..يبدو المنظر جميلا من هنا" وتجاهلت أشرف تماما لتقف بجانب أسامة الذي يراقب بصمت و يحاول بصعوبة لجم لسانه حتى لا يصب كلماته على أشرف الذي بدا له متكبرا منذ تقابلا في المرة الأولى والآن أضيفت صفة أخرى و هي أنه مستفز...أما محمد فقد كان يراقبهم باستمتاع وهو الأدرى بكل واحد منهم قبل أن يقاطع الصمت مجددا قائلا"هل أفهم من كلامك يا أشرف أنك لا تريد التعاون مع سمر لإنجاز هذا العمل؟"كان أسامة من رد هذه المرة قائلا بإصرار"إن لم تكن سمر في هذا المشروع.. فنحن نشكر خدماتك يا سيد أشرف ولا داعي منها"واستدار لمحمد يقول بقلة صبر"أنت يا عم محمد من شجع فكرة أن تتكلفوا بالمشروع وتمت الموافقة على اشتغال سمر به...ربما يكون هذا مخالفا للقانون لكن وعلى ما أذكر لم تعترض عن الفكرة يا سيد أشرف" ربت محمد على ذراعه مهدئا"اهدأ يا أسامة لم أعهدك متسرعا هكذا"
قال أشرف موضحا"لم يتحدث أحد عن عدم مشاركة السيدة سمر يا سيد أسامة...أتفهم رغبتك الشديدة في مشاركتها..كل ما قلته كان بخصوص تصميماتها وفقط"
اقتربت سمر من المشهد وهمست لأسامة"اهدأ يا أسامة..الأمر لا يستحق انفعالك" ثم ربتت على ذراعه تهدئه
كل هذا تحت أنظار أشرف الذي يراقبهما باهتمام...
ردت سمر بهدوء"فلنهدأ الآن جميعا..الأمر لا يستحق كل هذا..هل وجدت الثغرات التي تحدثت عنها سابقا يا سيد أشرف"
أجابها أشرف بديبلوماسية"دعينا نتحدث عنها فيما بعد...عموما يسعدني العمل معك يا سيدة سمر" ومد يده ففعلت المثل و التقى كفاهما في مصافحة عملية وتعانقت النظرات لثواني فقط قبل أن تخفض نظراتها و تسحب كفها الصغيرة من كفه الضخم..
صفق محمد بيديه بحماس "والآن حان وقت العمل...ولكن أولا يجب أن نزيل الكلفة بيننا..لا مزيد من سيد و سيدة ...وعلى فكرة يا أشرف سمر آنسة وليست سيدة.."
نظر لها فالتقت عيونهما مجددا واكتفت بابتسامة...واكتفى بإيماءة خفيفة من رأسه...
ثم قال أسامة بجدية نادرة ما يتصف بها"لنذهب الآن لنرى المحل"
فتجاوزه محمد متجها نحو الباب و قال"نعم هيا بنا"
لحقت به سمر وخلفها أسامة الذي ما إن وصل إليها حتى وكزت بطنه بخفة بسبابتها وقالت بخفوت"لماذا لست في مزاجك؟"
ضيق عينه وخفض بصره ناحيتها ثم رد عليها بخفوت أيضا"لا أطيق ذلك المزعج" وحرك يديه بانزعاج ثم أكمل"طريقة كلامه تستفزني"
أشرقت الابتسامة على وجهها وهو يبدو أمامها كطفل منزعج من زميله وربتت على وسط ظهره تهدئه ثم قالت بخفوت تمازحه"لا تبكي يا عزيزي...هل تريد أن أرجع وأضربه من أجلك؟" وتظاهرت بأنها ترفع ذراعي قميص وهمي ثم ضمت كفها في قبضة وغمزته بمنعى 'ما رأيك هل أذهب لأضربه لأنه أزعجك'
ابتسم أسامة من حركاتها وضم كتفيها بذراعه ثم أكملا طريقهما معا ..
أما أشرف فكان يراقب المشهد أمامه بمشاعر غريبة والسؤال الذي سيظل جوابه مبهما بالنسبة له'ما نوع العلاقة بينهما'...حتى إمكانية أنه شقيقها من جهة الأم غير ممكنة نظرا لسن والدتها..
تخللت أنامله خصلات شعره الناعم فأرجعه للخلف ثم زفر نفسا بقوة كأنه يطرد التساؤلات التي تعصف بدماغه والمشاعر المستفزة التي تنبت بداخله ثم لحق بهم و نظراته تخترق ظهرها..
____________
...يتبع



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 09-05-22 الساعة 11:43 PM
فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رواية:
وشمتِ اسمك بين أنفاسي~
بقلمي
🤍أكتب لأحيا الواقع بنكهة الخيال🤍
رد مع اقتباس
قديم 09-05-22, 11:11 PM   #19

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي -2-

'في الحي'
خرجت ثريا من المنزل في العاشرة صباحا واتجهت نحو مكتبة الحي التي اعتادت زيارتها خاصة في نهاية الأسبوع والجلوس مع رضا ابن صاحب المكتبة الذي كان في كل مرة يعلمها شيئا جديدا عن عالم الانترنيت بعد المرة الأولى التي تقابلا فيها...حتى أنه أنشأ لها على حسابا على الفايسبوك وعلمها كيفية استخدامه..
دخلت لكنها وجدت المكان خاليا إلا من رضا الذي كان يرتب بعض الكتب على الرفوف ويبدو أنه يعاني من صعوبة في الوصول لأحدها..اقتربت منه وحملت عنه مجموعة من الكتب التي كان يحملها ثم نزعت من يده الكتاب الذي كان يحاول وضعه على الرف عالي وقالت "يجب ألا تحمل العديد منها وإلا ستفقد توازنك وتسقط وتُسقِط الكتب أيضا"
استدار ينظر إليها ويده على صدره و تعابير وجهه تعبر عن الجزع ثم قال "لقد أفزعتني!!"..ابتسمت وربتت على شعره الكثيف"أنا آسفة..ماذا تفعل هنا وحدك؟"..
أمسك منديلا في يده وانتقل لرف آخر يمسح الغبار عن الكتب ثم قال وهو منهمك في عمله"لقد كلفني أبي اليوم بترتيب الرفوف والتعامل مع الزبائن لأنه مريض"
ردت عليه وهي تساعده في ترتيب الكتب على الرفوف العالية التي لم يستطيع الوصول إليها"هكذا إذن...كنت أريد إن أقتني كتابا باللغة الفرنسية..لكن ما رأيك أن أساعدك؟"
نظر لها لبرهة ثم قال"كما تشائين..لكنني لن أتقاسم معك الأجرة التي وعدني بها أبي"
قهقهت بصوت عالي حتى ظهر صف أسنانها البيضاء فنظر لها رضا ببلاهة وضيق عينيه ثم قال مجددا ببراءة"هل ستتراجعين عن مساعدتي؟"
ابتسمت في وجهه وقالت"سأساعدك...لكن بشرط، ستعلمني كيف أبحث عن شخص ما عن طريق الفايسبوك..لقد قلت لي سابقا أنني يمكنني أن أجد فيه أي شخص أريده"
هز كتفه بلا مبالاة وقال"حسنا ..بسيطة،عندما ننتهي من الترتيب سأريك كيف"
ردت عليه وهي ترفع أكمام قميصها لمرفقيها فبرزت بشرتها البيضاء"هل تعلم أنني كنت دائما أرتب الرفوف في مكتبة المدرسة عندما كنت في مثل سنك"
أجابها قائلا"هل المدارس في البادية تحتوي على مكتبات؟"
تفاجأت من معرفته أنها من البادية فهي لم تذكر الأمر من قبل فسألته "كيف عرفت أنني من البادية؟"وأكملت مدافعة"ثم إن المدارس في البادية تحتوي على مكتبات أيضا...صحيح أنها لا تشبه التي في المدينة لكنها تضم رفوفا و كتبا أيضا"
ورد عليها ولازال منهمكا فيما يفعله"أبي أخبرني أنك من البادية عندما سألته لماذا تتحدثين بطريقة مختلفة عنا"
ضيقت عينيها و ضمت ذراعيها لصدرها ثم رفعت حاجبها الأيمن وقالت "مابها طريقة كلامي يا رضا؟"
أرجع إحدى خصلات شعره خلف أذنه وقال"ليس بها شيء..لكن طريقة نطقك لبعض الحروف مختلفة كالقاف مثلا..."
أجابته قائلة"في قريتنا الجميع يتحدث هكذا ..وأنا أجد أن طريقة كلامكم غريبة لكني اعتدت عليها"
استغرقا في ترتيب الكتب على الرفوف والأدوات المدرسية ومسح الغبار وتبادلا العديد من الأحاديث حتى حل الزوال فكانا قد أنهيا ما كان يفعلانه وجلسا لينالا قسطا من الراحة
"أرى أنك قد اعتدت على الحي وناس الحي يا ثريا"
رفعت ثريا عيونها لتجد عماد بابتسامته المعهودة ينظر إليها فحيته بخفوت ثم قالت"المكان هنا جميل"
رد عليها "نعم جميل" وحال لسانه يقول'كجمالك'
نقل نظراته لرضا الذي كان يحسب بعض الدريهمات التي جناها اليوم من بيعه لبعض أقلام الحبر ثم قال له"كيف حالك يا بطل؟ هل أنت مستعد لمهمة اليوم"
ترك رضا ما يفعله و اقترب منه تفصلهما المنضدة ثم قال باهتمام"أنا بخير..أنا مستعد لأي مهمة"
ربت عماد على شعره بمودة ثم قال"حسنا إذن..أريد عشرة نسخ من هذه الورقة..وعشرة أخرى من هذه ..لكن لا تخلط النسخ ببعضها"
نظرت لهما ثريا باهتمام وراقبت رضا الذي حمل الورقتين واتجه بهم نحو طابعة الورق ضخمة كانت تستقر بجانب الحواسيب،ثم وضع بها إحدى الورقتين و ضغط على بعض الأزرار فصدر عنها صوت مزعج ثم خرجت منها مجموعة من الأوراق..كان بصدد تكرار العملية مع الورقة الثانية..فانتفضت من الكرسي واتجهت نحوه تقول بصوت عالي قليلا"لحظة انتظر..علمني كيف قمت بذلك و دعني أنا أقوم بالمهمة"
نظر لها بضجر ثم قال "لماذا تصرين على تعلم كل شيء...لن تحتاجي لتعلم شيء كهذا"
حركت يديها في الهواء بعشوائية وقالت"وإن يكن عملني فقط وأنا سأعلم إن كنت سأحتاجه أم لا ..هيا هيا و كفاك كلاما"
تأفف بضجر مجددا ثم بدأ يعلمها كيف تعمل الطابعة وهي تراقبه بحماس وتركيز ثم سمح لها باستخدامها وصفقت بكفيها عندما نجح الأمر فاتسعت ابتسامتها واحتضنت الأوراق فقال رضا"تجعلين الأمر يبدو كأنك حصلت على لعبة ڤيديو جديدة"
نظرت له ثريا بنظرة يعرفها جيدا فرد سريعا"لا لا إنها ليست شيئا تستطعين تعلمه...ثم إنه خاص بالأولاد"
راقبهما عماد بابتسامة بلهاء مستمتعا بهذا الجانب الذي اكتشفه في ثريا..محبة للتعلم بل متعطشة لتعلم أي شيء..ودقات قلبه تتسارع بداخل قفصه الصدري وعيناه تتأمل قامتها وشعرها الأحمر الغريب على شكل ظفيرة طويلة تعتمدها كتسريحة دائمة ثم زرقاوتيها..
استدارت ثريا واتجهت نحوه وهي تتحدث مع رضا و يتجادلان عن كون الفتيات لا يستطعن إتقان ما يتقنه الذكور..
سلمت نصف الأوراق لرضا ليسلمها لعماد الذي كانت عيونه على ثريا...جلست على الكرسي خلف المنضدة وشعرت بنظرات عماد تخترقها و تدفق الدماء لخديها
إنها تستشعر نظراته و اهتمامه بها...لكن الأمر بات يوترها... والسعدية تلمح لأشياء غريبة...وتنتهز الفرص للتحدث عنه و عن ميزاته وعن كونه يبحث عن زوجة ليستقر...
في المرات القليلة التي التقيا..كان حديثهما يتمحور حول الدراسة أو إن كانت قد وجدت عملا وفي بعض الأحيان تسأله عن بعض الأماكن التي تستطيع اللجوء إليها للعمل..
بعد محاسبة رضا..سألها عماد يتعمد فتح الحديث"هل استطعت تدبير أمر الهاتف؟"
"لا ليس بعد.. لقد أجلت الأمر"
وضع شيئا فوق الممضدة ثم قال"هذا هاتفي القديم..إنه صالح للاستعمال وتستطعين استعمال الانترنيت من خلاله"
نظرت له بحرج ورفعت يدها معترضة"لا لا ..لا داعي أرجوك ..أناسأتدبر أمري"
دفعه بخفة نحوها وقال بإصرار"أنا مصرّ..ستحتاجينه عاجلا أم آجلا وعندما تشترين هاتفا جديدا سأستعيده"
ردت عليه بحرج"عماد أنت تحرجني حقا"
قال مبتسما"الأمر لا يستحق..بإمكانك اعتباره مساعدة من فرد من العائلة..أو صديق ربما.."
أمسكت الهاتف بيدها ثم قالت بخفوت"شكرا جزيلا" وابتسمت بامتنان...
_____________________
دخل أسامة للمحل الذي يفصله عن الشركة التي يشتغل بها أشرف الشارع فقط ..حتى أن نوافذ مكتب محمد و أشرف يطلان عليه بوضوح.....لحق به محمد و أشرف ثم سمر التي نا إن دخلت حتى قالت بحماس"المكان واسع جدا..وأشعة الشمس تدخل من كل مكان" وتمشت تتجول في المكان وصوت كعبها العالي يصدح في المكان..
بينما أشرف كان يتفحص المكان بفضول وعقله يرسم خرائط كفكرة مبدئية عن ماذا يستطيع أن يفعل ليجعل من المكان تحفة فنية مناسبة للمفهوم الذي يريده أسامة..فقال بتساؤل"ما المفهوم الذي تريد أن تتبناه تحديدا يا أسامة؟"
أجابه أسامة باهتمام"كوفيه شوب..سأمزج فيه بين المشروبات بمختلف أنواعها والحلويات و بعض أصناف الطعام..وربما ركن لمشاهدة المباريات"
أدخل أشرف كفيه لجيوب سروال بدلته الرسمية وعيناه تتأمل المكان من حوله ثم قال "هل تفضل أن تستغل الشرفة أم أنك ستركز على الكوفيه من الداخل فقط"
...يتبع


فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-05-22, 11:12 PM   #20

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي -3-


أجابته سمر التي أقبلت عليهم من آخر المحل"أنا في رأيي أن يستغلها بما أن المحل في آخر الشارع و يطل على وجهتين..أليس كذلك يا أسامة"
ضيق أسامة عينيه مفكرا ثم قال"لا أعلم حقا..كنت أريد أن أكتفي بتزيينها فقط.."
ردت سمر تحاول إثناءه عن رأيه "لا بالعكس..أنا لدي فكرة متأكدة من أنها ستعجبك" واقتربت من الباب ثم قالت"ما رأيك أن تفتح نافذة واسعة تطل على الجهة الأخرى من الشارع وتُثَبِّتُ طاولات قابلة للطي تحتها مباشرة بحيث تكون منضدة الاستقبال على الجهتين..جهة تطل على الخارج يأخذ منها الزبائن طلباتهم و الجهة الأخرى تطل على الداخل وسيتكلف بها شخص آخر يستقبل الزبائن الذين يريدون الجلوس في الداخل...لا أعلم كيف تسير الأمور تحديدا فذلك مجال عملك أنت..وفي الجهة الأخرى المقابلة للشركة تكون الشرفة مفتوحة على الشارع و تضم الطاولات"
كانت منهمكة في الشرح تحرك يديها و تحاول توضيح الفكرة وأشرف مركز تماما مع ما تحاول إيصاله بينما أسامة بدأ بالفعل يتخيل فكرتها على أرض الواقع..
استدارت إليهم ثم قالت"إذن ما رأيك بالفكرة؟"
ابتسم أسامة باقتناع قائلا"لقد راقت لي..أستطيع تخيل كيف ستبدو" فابتسمت هي الأخرى ونقلت نظرها لأشرف الذي كان يتابعهم باهتمام،تنتظر تعليقه عن الموضوع..
أومأ برأسه قائلا"فكرة جيدة..لكن تطبيقها سيأخذ وقتا بما أن الأمر سيحتاج لهدم و بناء وحتى ستحتاج رخصة للبناء بجانب رخصة فتح كوفيه شوب"
ضم أسامة ذراعيه لصدره و قال بعملية"الوقت ليس مهما..سأحرص على الحصول على الرخص قبل عودتي لبرشلونة لكني سأحتاج للتصميمات ثلاثية الأبعاد خاصة فيما يتعلق بالفضاء الخارجي..فور الحصول على الرخص سنباشر بالعمل على أن يتم الافتتاح خلال 5أشهر على أقصى تقدير"
رد عليه أشرف "حسنا ...الأمر يعتمد على مدة بقائكم هنا بما أن التصميمات ستكون بالمشاركة بيني و بين سمر...فعن نفسي يحتاج التنفيذ لعشرة أيام على أقصى تقدير..لكن يجب تكثيف الجهود"
قالت سمر بحماس"وأنا مستعدة..ستجدني في مكتبك منذ الصباح الباكر"
مشط أشرف خصلات شعره بأنامله للخلف وقال بديبلوماسية "حسنا اتفقنا إذن"
أومأت سمر بخفة وابتسامة صغيرة تزين ثغرها وتحفر باطن كفها الأيسر بسبابة يدها اليمنى بارتباك
استدارت بعد برهة لأسامة الذي كان يعبث بهاتفه وقالت"ألا تظن أن المكان يحتاج إلى التنظيف؟" فأجابه أسامة بعد أن مسح بعينيه على المكان مجددا"بلى..الغبار يعم المكان سأبحث عن شخص مدفوع الأجر لينظفه"
اعترضت سمر عن اقتراحه قائلة"لا لا دعنا نفعلها نحن..لنختر وقتا ونأتي أنا وأنت وحمادة لننظفه ...سيكون الأمر ممتعا"
ضحك أسامة بمرح وقال"حسنا كما تشائين..اشتقت للعب على ما يبدو كالأيام الخوالي"
ضحكت أيضا و رفعت يدها لصدرها تقول بدرامية"لا تذكرني بتلك الأيام.. يوم كنا لا نحمل هموما والحياة عندنا كانت تقتصر على زربية متسخة مفروشة في السطح وأنبوب مطاطي كبير و الكثير من الصابون السائل..ثم يتحول السطح لمعركة رش بالمياه..اشتقت لتلك الأيام حقا"
قهقه أسامة عاليا و قال"أتذكرها جيدا تلك الأيام...كان ينتهي بك المطاف كالكتكوت المبلول بشعرك المشعت الذي كان يغطيك بالكامل وبعدها تصيبك نزلة برد"
ضحكت حتى ظهرت غمازتيها"وأنت كنت تنال تقريعا من أبي" وأخرجت لسانها تغيظه..
فقال يجادلها"أقسم بالله طفلة.."وأمسك لسانها بأصبعيه ثم قال"الأطفال فقط من يفعلون ذلك"وضغط عليه بخفة
ضربت يده لتحرر لسانها ثم مسحته بقرف بظاهر يدها وقالت بصوت عال" أنت مقرف ومقزز"وصرخت باعتراض أشبه بنحيب"يعلم الله ماذا لمست بتلك اليد" وبدأت تبحث في حقيبة يدها عن منديل و هي تحتج بينما أسامة يضحك على منظرها..
أشرف الذي كان يتابع الموقف من بدايته شعر بانزعاج مجهول السبب منهما ومنها خصوصا وتباسطها الشديد معه بالرغم من أنه كان يتظاهر بانشغاله بالهاتف خاصة بعد أن قفز عقله لاستنتاج أنه ربما يكون ابن جارتهم أو ابن صديقة والدتها...
أخرج منديل قماش أبيض اللون من جيبه ثم ناولها إياه وقال بخفوت"إنه ليس مستعمل"
أخذت المنديل وعيناها تعلقت بعيناه لثواني ثم أشاحت ببصرها وبدأت تمسح شفتيها و لسانها في صمت وقشعريرة لذيذة سرت بكامل جسدها..
راقب حركات يدها على شفتيها ولسانها بمنديله الخاص الذي تلطخ ببقعة من أحمر شفاهها الداكن فبلع ريقه ومشط شعره للخلف ثم أشاح بنظراته ينظر لأي شيء أمامه إلا هي..
أما محمد فكان يراقب الموقف باستمتاع كما يفعل دائما وتارة ينقل نظراته لهاتفه...
________________
خرجت ثريا من المكتبة بعد أن ودعت رضا و تعمدت إطالة طريق الرجوع للمنزل ..تجولت قليلا ثم دخلت الحي مجددا تمشي بثبات ظاهري وتردد وخوف باطني تعلمت إخفاءه وادعاء الثبات وهي تفكر وتفكر ولا تقوى على شيء حاليا سوى التفكير...توقفت عند دكان الحي وابتاعت بطاقة هاتف جديدة لأنها خائفة بل مرتعبة من استعمال القديمة...ثم مرت من أمام المكتبة مجددا وبيدها بسكويت كانت قد اعتادت شراءه لشقيقتها لكن هذه المرة سيكون من نصيب رضا..طرقت المنضدة ليطل عليها بوجهه الأبيض فناولته إياه وقالت "هذا من أجلك لأنك عملت بجد اليوم"
احمرت خدوده فهمس بشكر قبل أن يقول"لقد كان أبي يبحث عنك"
نظرت له باهتمام قائلة"حقا؟هل يريدني في شيء؟"
أجابها وهو يلتهم قطعة من بسكويته"لا أعلم..انتظري لحظة سأناديه"ونادى عليه بصوت عالي من الباب مؤدي لمنزلهم"أبي ثريا هنا"
أطل العم عبد الله من الباب الفاصل بوهن بسبب نزلة برد قاسية أصابته فقال يحاول استخراج صوته بصعوبة"كيف حالك يابنيتي؟"..شعرت ثريا بالشفقة من حالته فأجابته بصدق"أنا بخير..أتمنى لك الشفاء العاجل يا عم"
رد عليها"شكرا يا بنيتي..لقد أخبرني رضا أنك ساعدته اليوم في ترتيب المكتبة والتعامل مع الزبائن"
حكت رقبتها بحرج"لم أفعل شيئا يا عم"
سعل عبد الله بوهن ثم قال"ما رأيك أن تشتغلي معي هنا؟"
نظرت له بعدم تصديق ثم رمشت عدة مرات وقالت"هل تقصد العمل عندك هنا في المكتبة؟"
أومأ برأسه بجدية قائلا"نعم..إذا كنت موافقة سينتظرك رضا هنا صباحا"
لم تعرف بما ستجيبه...سئمت من البحث عن عمل دون جدوى والآن أتتها الفرصة لبين يديها لكنها ليست راضية عنها تمام الرضا...ليس تكبرا عن النعمة لكنه طموح أعمى أقوى من إمكانياتها..تشعر بالفرح لأن الأبواب بدأت تفتح أمامها الآن وعلى الأقل ستحصل على مصروف يمَكِّنها من سد احتياجاتها..لكن هناك شعور مقيت بداخلها يخبرها أنها تستحق أفضل من هذا و أن هروبها من المنزل لم يكن من أجل عمل في مكتبة الحي بل من أجل شيء أعظم..
استيقظت من أفكارها على صوت عبد الله يسألها عن قرارها
فأجابته بذهن متشتت"حسنا يا عم عبد الله..سأكون هنا غدا صباحا..شكرا"
وغادرت تتجه إلى المنزل بذهن متشتت وفرحة بسيطة لأنها ستدبر أمرها بهذا العمل في انتظار إيجاد عمل يناسب طموحاتها..
'في صباح اليوم التالي'
استيقظت ثريا باكرا و جهزت الفطور وابتاعت الخبز الساخن من الفرن ثم أيقظت السعدية لتتناولا الفطور سويا ثم توجهت بحماس لعملها الجديد..لقد دربت نفسها كثيرا على أنها ستخطو خطواتها ببطء..لن تتسرع للحصول على أشياء أقوى من مقدرتها ولن تتكبر على النعمة...وستبذل قصار جهدها في أول عمل ستحصل عليه في حياتها..
_____________________
'في الحي الصناعي'
شارفت فترة تدريب عزة على الانتهاء واستغل زكريا الفرصة ليطلعها على بعض الوثائق ثم طلب منها إنشاء مجموعة من التقارير المالية بما أنها أنهت المشروع الخاص بها ولم يبقى سوى التحقق من النسخة الأخيرة..
طرقت الباب بتردد من مزاجه الناري اليوم خاصة وأنه هادئ دائما ونادرا ما يغضب من شيء والذي لم يسلم منه أحد ثم دخلت بعد أن أذِن لها بالدخول و هي تحمل حاسوبها في سدها..وضعت الحاسوب على مكتبه ثم أشارت للشاشة قائلة"هذه هي التقارير التي طلبت مني إنجازها سابقا...لقد أنهيتها"
أشار لها بالجلوس و بدأ يطَّلِع على الشاشة دون تكليف نفسه عناء التحدث معها..
...يتبع


على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t486722-3.html


shezo, bibabasma, Soy yo and 4 others like this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 09-05-22 الساعة 11:44 PM
فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:23 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.