آخر 10 مشاركات
جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          و أَمَةٌ إذا ما ابتُلِيَت في شرَكٍ ما جنتَ *مميزة* *مكتملة* (الكاتـب : فاطمة عبد الوهاب - )           »          لعـ زواج ـــبة (2) "الجزء 2 من سلسلة لعبة الصديقات" للكاتبة المبدعة: بيان *كاملة* (الكاتـب : monny - )           »          مكافحة الصراصير بالرياض (الكاتـب : سلوي عبدالله - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          متجر زمرد: إحدى أفضل الوجهات للعناية بالبشرة عبر الإنترنت (الكاتـب : حماد - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-05-23, 12:34 AM   #381

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي


منذر حصل الارض و الوطن و القلب و الحب
اخيرااااااااااااااااااااا

بشر قاسي اووووووووووى متوقعتش منك كل القسوة دي

امتى سلطان هيعرف ان فاطمة كانت بتساعد

امتى كنزى هتتكلم مع على


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-05-23, 06:09 PM   #382

عيوش نعيم

? العضوٌ??? » 510275
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 45
?  نُقآطِيْ » عيوش نعيم is on a distinguished road
افتراضي ارد السيد

ما شاء الله فصل جميل
،❤️❤️❤️❤️❤️❤️


عيوش نعيم متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-05-23, 10:43 PM   #383

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيوش نعيم مشاهدة المشاركة
ما شاء الله فصل جميل
،❤️❤️❤️❤️❤️❤️
حبيبتي منوراني سعيدة جدا ان الفصل نال اعجابك ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-05-23, 10:45 PM   #384

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
منذر حصل الارض و الوطن و القلب و الحب
اخيرااااااااااااااااااااا

بشر قاسي اووووووووووى متوقعتش منك كل القسوة دي

امتى سلطان هيعرف ان فاطمة كانت بتساعد

امتى كنزى هتتكلم مع على
منذر وبهية اكتملت قطعو البازل ال كانت نقصاهم والاتنين كملو بعض
بشر صعب نوصفه بالقسوة ولكن هو مغدور بيه وموجوع بعد سنين تعب فجأة يلاقي نفسه في نفس نقطة البداية صعب يتقبل مهما كانت الأعذار
سلطان وجعه حاليا مش فاطمه بس تقدري تقولي فاطمه هي القشة ال قسمت ظهر البعير
وفاطمه خوفها من الرفض وعدم التقبل وكمان هي اكتر واحده مدركة غضب سلطان


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-05-23, 10:47 PM   #385

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
روووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووو وووعة
يونس هو اللى سحب ملاك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ طيب هى كانت رايحة فين
كانت رايحة المكتب وشخص سحبها من قدام الاسانسير


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-05-23, 09:18 PM   #386

H.M

? العضوٌ??? » 384601
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » H.M is on a distinguished road
افتراضي

طولتي الغيبة كاتبتنا المبدعة

H.M متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-05-23, 06:45 PM   #387

امل ابراهيم

? العضوٌ??? » 256227
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 772
?  نُقآطِيْ » امل ابراهيم is on a distinguished road
افتراضي

مبدعةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة ةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة ةةة

امل ابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-23, 10:50 PM   #388

روان عمر

? العضوٌ??? » 480932
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 58
?  نُقآطِيْ » روان عمر is on a distinguished road
افتراضي

في انتظار الفصل

روان عمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-05-23, 04:01 AM   #389

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني من الفصل الثلاثون


تباغتني برحيل يملأني بحزن الدنيا
يا رجل …
حين يعقد حاجبيه بحضرتي يكن كمن جمع في قسمات وجهه أقطاب الدنيا
وحين ينظر لي بعينيه التي تشتعل دون نيران يكن كمن يجرفني من دنياي للدنيا

يا صاحب الصمت الرهيب كيف تشد رحالك لتهجر صدري وتعبرني مفارقًا كأنك ما عدت ترى في قربي حلاوة الدنيا

يا سيدي..
من منحك حق القرار لترحل عائدًا من حيث أتيت كأنك تملك كل مفاتيح الدنيا
من أوهمك أن دخول قلبي هينًا أو أن الخروج منه آمنا سيعيدك كما كنت خاليًا تهيم في الدنيا

حشاك أن تظن أن الحشا الذي رعاك بداخلي قد يلفظك أو يتكابل عليك معاديًا وإن فعلت الدنيا

حاشاك أن تظن سيدي أني قد تذل خطايا عنك أويتعثر نبضي الثائر لأجلك مهما أثقلتني نوائب الدنيا

حاشاك يامن تغلغل في أعماقي واستوطنني أن تشك أني قد أختار غيرك لنفسي وإن أتاني بملك الدنيا

يا سيدي كيف لمن زرع بذور الحب بين جوانحي أن يجمع إلا جنان ياليتك تعلم أنها لا تقارن بنعيم الدنيا
يا ليتك تعلم ماذا أعيشه في حبك دون أن أفصح خوفًا من أن تفضحني لهفتي و تملأ من حولي الدنيا
يا من تحاججني كأنني قتلت الحب فيك غدرًا إن دفاعي الشامخ تقهقر متراجعًا أمام نظرة
عينيك التي زلزلت عالمي وأظلمت في عيناي سماء الدنيا

فقل لي بربك كيف استوطنتك ظنونك وكيف صدقك
قلبك الذي ظننت أني أعمر لذاتي بداخله كون يغنيني عن الدنيا ….

كيف رضخت وأنت الذي لا ترضخ وأعددت حقائبك
وأقنعت قلبك لتلفظني منه وتمضي وحدك دون يدي بهذه الدنيا
من أين يا سيدي جئت بكل تلك القسوة وأنت الذي كان يرق قلبه لي إذا زارني طيف حزن من أحزان الدنيا
سامحك الله يا رجل مليء قلبي بحبه وسامحني على
كوني بت لا أرى في سواك عمري وأنفاسي وخير الدنيا..
༺༻
قيثارة الأحلام الوردية حين تتحطم تصبح كل النغمات الحياتية محض نشاز يشوه جميع الأصوات الباقية في نوتة العمر الذي دومًا ما كانت موسيقاه رتيبة وحزينة، أو ربما مع تحطمها تخفت جميع الأصوات إلا من طنين حاد يحاصر مراكز الشعور الكامنة بداخلنا ويحفزها لتفرز أطنان من الخوف المميت والذي يعجل بأجلنا لا محالة، و يدفعنا لنعيش لمحات ما قبل الموت دون سابق إنذار، دون حتى أن ندري الطريقة التي سنغادر بها تلك الحياة أو نجد الوقت لنتساءل هل كان ما أوصلنا لتلك النهاية يستحق كل ما فعلناه لأجله أم أننا تركنا العالم أجمع وضحينا بأنفسنا وكل ما نملك لأجل من لا يستحق !! طفرت دموع ملاك التي كانت تقاتل لتفلت ذاتها من أسر تلك الأذرع التي تسحبها للخلف ولا تعرف لما تخيلت نفسها تسقط في بؤرة مظلمة تفوح منها رائحة مليئة بالوحشة والفزع، رأت نفسها طفلة صغيرة تقف أمام قبر والدها تبكي فلا يرى أحد عمق جرحها، رأت أعمامها بملامحهم الغليظة وهم يرهبون والدتها التي كانت ترتجف أمامهم كورقة في مهب الريح دون أن يلتفتون إليها، رأت نفسها مراهقة صغيرة فاقدة للثقة بذاتها ترتدي ملابس بالية وتقف في يومها الأول أمام بوابة مدرسة يتوافد إليها المئات من الفتيات فتشعر أنها غير مرئية لدرجة أنهن دفعنها لتسقط وعبرن من فوقها حتى انتشلتها يد سارة التي كانت كأنها الوحيدة التي رأتها …ثم رأت نفسها تقف على سلم المنزل تنظر لأعين ضبابية بدت كأنها كانت تنتظرها منذ زمن، عيون رأتها من الوهلة الأولى بعكس كل العيون التي حولها، كل شيء في داخلها كان عابرًا إلا عيون يونس كانت كأطياف نابضة اخترقتها ثم استوطنتها دون ذرة مقاومة منها، ازداد انفعال ملاك وازدادت مقاومتها شراسة لتسمع صوت بدى لأذنيها مهزوزًا مترجيًا ضائعًا يقول بخفوت
" لا تخافي ملاك، هذا أنا " تجمدت كأنها استوعبت هويته وبقى جزء المنطق منها يعاند منكرًا أن ذلك الصوت هو لرجل أحبته دون حسابات ولا منطق فخدعها دون تردد، نفرت عروقها بهلع وهي ترفع كفوفها التي ترتعش وتبعد يده عن فمها فوجدتها تبتعد بسهولة دون مقاومة فالتفتت ملاك بسرعة لتتأكد من هوية مهاجمها وتقطع كافة شكوكها بسكين اليقين الباتر فتزداد دموعها حدة وهي تهز رأسها وبصدرها يقام لحبها محاكمة شرسة لا استئناف فيها غير تلك المحاكمة التي أقامها لها جميع من حولها، قال يونس بلوعة
" ملاك "
قالت ملاك بروع كمن فطن لعمق خديعته للتو
" أنت تتكلم !!!!؟"
اقترب يونس منها فعبر لبؤرة ضوء متسلل داخل ذلك الجانب الهاديء من مدخل ال**** لتظهر كل انفعالاته وكل الحقيقة دفعة واحدة، تراجعت ملاك مبهوتة ليرفع يونس يديه مترجيًا يقول
" ملاك أرجوكِ، أرجوكِ اسمعيني، لا تبتعدي عني أنا لم يعد لي بهذه الحياة سواكِ، لم يعد لدي أحد ليحميني من هذا العالم سواكِ، أنا خائف ملاك …خائف وأنشد أمانك "
قالت ملاك بصدمة شطرت قلبها نصفين
" أنت تتكلم، وتتحرك …وتنظر لعيني كأي إنسان طبيعي، أنت كنت كل ذلك الوقت صامت بإرادتك …لماذا …لتخدعني ….لماذا …ماذا فعلت لك، ماذا قدمت لك لتفعل بي ما فعلت" اقترب منها يسحب يدها مباغتًا ليرفعها لفمه فيقبلها قبلة اختلط فيها الخوف بالاحتياج والحب بالدموع والأسى بالكثير من الأشياء الأخرى وهو يقول
" ملاك أنا أسف، أقسم بالله العظيم أني أسف ونادم لكن لم يكن بيدي شيء مما حدث" حاولت ملاك سحب يدها بقوة فبدا كما لو أنه يتمسك بها مستميتًا وهو يقول
" ملاك أنا خائف "
قالت له ملاك بصوت يتقطع بشهقاتها العنيفة
" اتركني …اتركني، أنا لم أكن أستحق ذلك منك، أتدري بما ورطني، أتدري ما الذي عرضتني له، يكفي أن أقول لك أني الآن فقط وأنا أراك أمامي وقد جئت بوجهك الحقيقي لتقابلني كأنك تضعني مع خيبة أملي وجهًا لوجه أتمنى لو أنني مت و لم أعرفك أبدًا، لماذا أذيتني هكذا، كان بإمكانك تجاهلي والمضي بحياتك بلا ضرر ولا ضرار " قال لها يونس
" لا تتخلي عني ملاك، أرجوكِ أحبيني واحميني من هذا العالم، تعالي معي لنفر بعيدا عن هذا الخوف أنا لست قوي لأواجه هذا العالم وحدي "
تأملته ملاك بوجع وخذلان بلغا ذروتها في صدرها وقالت
" أنا لم أكن أريدك قويًا أو متزنًا وواعيًا أو غنيًا وذا سلطة، كنت أحتاجك فقط صادق تراني دون عناء، طيب القلب تشبهني لا مخادع لتلك الدرجة التي لا أستوعبها "
هز يونس رأسه بتخبط وقال
" ملاك أنا لست الشرير، لست من ورطكِ بهذه الكارثة، أنا كنت مغلوب على أمري مثلكِ تمامًا منذ سنوات طويلة وأنا ضحية كل من حولي، ضحية أبي الذي جاء بي لتلك الحياة التي لا أقوى أن أخوضها، لا أقوى عليها ملاك، لا تتخلي عني ملاك أرجوك " قالت له ملاك التي كان النبض في صدرها يعدم على مصقلة الخداع نبضة تلو الأخرى بأسنان تصك في بعضها من عنف البكاء " ماذا تفعل، هل تريد لي أن أقع في فخ تصديقك مجددا، هذا لن يحدث يونس ..لن يحدث، المرة الماضية كنت مريض …هذه المرة ماذا مضطهد "
قال لها يونس وهو يضع كفها المأسور بكفه على صدره
" مرضي ليس فخ يا ملاك، أنا مريض فعلا، منذ رأيت والدي يقتل أمام عيني، لقد كنت محض مراهق حينها أدخلتني صدمتي في حالة هذيان متواصل، كنت أرى أشياء لا يراها غيري وأسمع أشخاص لا وجود لهم، كنت تائه في ظلام لا ينقطع وظللت سنوات أحاول الخروج منه لسنوات من خلال العلاج الذي قطعه أخي وهو يأمرني أن أتي إلى الحارة " هزت ملاك رأسها وقالت له بمرارة
" لا تبرر …فما عاد ذلك مجدي "
قال يونس بانفعال شديد وهو ينظر لها بضياع
" عليكِ أن تسمعيني ملاك ..عليكِ أن تفهمي ما كان يحدث لي، أنا في البداية كنت خائف من كل من حولي.. كنت لا أعرف كيف أتصرف فيما يأمرني به أخي لكن كل ذلك تغير حين رأيتك، يومها شعرت أن الله ساقكِ إلي لتدفعيني دفعًا لأحاول أن أتخلص من كل الماضي، لذلك بدأت أن أضغط على ذاتي لأفهم ماهية المطلوب مني وأحاول تنفيذه كي أنهي مهمتي وأبتعد لكني تعلقت بكِ، حتى أنتِ يا ملاك لم يكن لي يدا في تعلقي بك لذلك أرجوك لا تتركيني "
قالت له ملاك وهي تدفعه بصدره ليبتعد وتحاول أن تخلص كفها منه
" اصمت تمامًا …وارحل عني .. ارحل دون أن تحاول أن تبرر كذبك لي "
قال لها يونس وهو يحاول ألا يفلت يدها مهما كلفه الأمر
" أنا لست كاذب ملاك، أنا كانت مهمتي تنقسم إلى شطرين الأول انتحال شخصية رجل اسمه يونس، كان يشكل تهديدًا لأخي ببحثه الدؤب خلفنا والذي لم نفهم له سببا حتى الآن لذلك قرر أخي التخلص منه لكنه فر هاربًا بعدما قتل رجال أخي زوجته وسلبوه ابنته والتي لا أعرف ما آل مصيرها وكان أخي يريد إستقطاب من خلفه بأن يذاع خبر وجوده فيأتي من يريدونه نحو الفخ المتمثل في من كل حدب وصوب"
الدموية التي كانت تقطر من كلماته جعلت هلعها يتفاقم فهمت بالصراخ ليسارع يونس ويكمم فمها وهو يترجاها بعينيه ألا تفعل ويقول ببكاء
" لا تفعلي "
ابتعدت ملاك تقول له بصدمة
" أنتم مجرمون وقتلة، أنا لا أصدق أنك يونس الذي كان يخشى أن يفتح باب غرفتة إن سمع صوت قطة تمر أمامه "
قال لها يونس
" أنا مظلوم يا ملاك، أنا لم أؤذ شخص مطلقًا، حتى أنني بمجرد ظهور رائف جعلت حورس يتولى أمره وطلبت من أخي أن يخرجني من الحارة ويجد حل أخر غيري يصنع به فخ للرجال الذين خلف ذلك الآخر المسمى بيونس، لكن موسى رفض أن يفعل ذلك إلا حينما يضمن أني سأرضخ له وأجعلكِ تساعدينه، أنا لا ذنب لي، أنا خائف، جميعهم قتلو …وأنا صرت مهدد "
اقترب يونس يريد أن يلقي بجبهته على صدرها لتبتعد ملاك بوجه جامد ..شاحب …انسحبت منه كل معالم الحياة وبكل قوتها التي استمدتها من غيوم الألم التي تمطر في صدرها رفعت كفها وصفعته صفعه تمنت لو لطمت بها قلبها بدلًا منه فأغمض يونس عينيه برعب وجسده ينكمش ويرفع يديه المرتجفان ليقول بقلة حيلة
" أنا أسف ملاك، لكن لا تتركيني فأنا خائف "
ركضت ملاك تبتعد وهي تبكي بحرقة ليركض يونس خلفها يقول برجاء
" ملاك …أقسم لكِ أني بريء …ملاك لا تتخلي عني، أنا ليس لي سواكِ …أرجوكِ أمسكي يدي أنا خائف …لا تتركيني "
خرجت ملاك تركض من بوابة ال**** بشكل هستيري تكاد معه لا ترى الطريق، لا ترى البشر، ولا ترى شيء، كانت لأول مرة مرئية لكل الأعين لحارس ال**** الذي فز يلحقها، للمارة من حولها والذين كان مظهرها يأجج فضولهم ولكن يا للبؤس كانت هي في تلك اللحظة من فقدت الرؤية تمامًا كأنما بات بينها وبين العالم حجاب من الدموع لتسمع يونس يقول بصوت باكٍ
" ملاك امسكي يدي وتعالي معي لنبتعد عن هنا فهنا لم يعد آمن" أسرعت تعبر الطريق دون أن تلتفت له ليحدث كل شيء في لمح البصر، صرير إطارات حاد صم أذنيها تبعه صراخ مدوي لم تفهم له أسبابه ثم جسد يونس يطير عاليًا ويسقط أمامها جثة هامدة أسفلها بؤرة من الدماء، بدأت ملاك تهزرأسها بشكل هستيري دون أن تجرؤ على الاقتراب منه ليتجمع المارة من حولهما وتسمع صوت يقول
" ليطلب أحدكم الشرطة لقد مات
وفرت السيارة "
تراجعت ملاك للخلف ليسألها الحارس
" هل تعرفينه يا أنسة ملاك " هزت ملاك رأسها منكرة وركضت مبتعدة عنهم توقف أول سيارة أجرة تمر بها وتركبها وهي تشعر أنها لم تعد بالشيء الذي يذكر لقد انهدمت تمامًا حتى صارت بقايا ركام داخل عالم تصدع بعدما إنكسرت بداخله كل الثوابت والمتغيرات وبات الحب يعني كارثة والرجال تعني ألم …..
༺༻

الحب هو أن نصرخ ونتمرد حين تجبرنا كل الظروف على أن نصمت ونرضخ ……

بالحارة أوقف شاهين سيارته بانفعال أمام منزل سلطان العطار وظل جالسًا مكانه للحظات مطبقًا كفيه بقوة على عجلة القيادة وهو يرمق المنزل بنظرات حوت في طياتها صراع خفي، كم كان خائفًا في تلك اللحظة مزعزع الثقة
مهزوز وكم كان مقدامًا مندفعًا مستميتًا، وكم كان يريد أن يجد حلًا يلوح بالأفق ولو كان مستحيلًا ليعيد كل شيء كما كان، يعيده هو صقر آل الجوهري لتلك المساحة الآمنة من العالم والتي تتلخص في كونه أصبح يملك إمرأة جارحة كسارة العطار، إمرأة دفعته من حافة شاهقة قصدها للسقوط والموت كفرًا بالحب إلى حافة أعلى وأكثر وعورة قصدها بكامل إرادته للسقوط في أعماق نبضها دون تفكير، من قال أن ثوب عقلانيته الضيق الذي بات يدفع نفسه فيه قسرًا مريح ومن قال أن عبائة جنون الماضي متاحة، هو الآن دون أثمال فكره البالية قادم ليقاتل من أجل مرساه لذلك فليحرق كافة المراكب إذا تطلب الأمر ليجد لذاته مكان يسكن إليه …ليجد لنفسه طريق يصل به لابنة العطار …
༺༻
كان سلطان ينام على سريره بخمول شديد، جميع عظامه تئن
ورأسه كما لو أنها تزن طن وبصدره هناك شيء ثقيل مستمر بالهبوط من علياء روحه إلى أسفلها سارقًا معه أنفاسه وقوته، كان مريض دون مرض ..عليل وكأنما ما بين جوانحه يضمر شيئًا فشيء، كان وإن أنكر مكسور القلب بشكل يجعله يتوارى بين الجدران خوفًا من أن يتسع شرخ ذلك الكسر حتى يطول ملامحه فيراها كل من ينظر لعينيه هناك تقف بكل هدوء لتزهق نبضه دون لمحة تردد هو الذي عاش عمره حتى تخطى الثلاثين دون أن تطرف عينيه إمرأة، جاءت من اقتلعت أحداقه وألقتهما أرضًا ودهستهما بقدمهيا ثم تركته وحيدًا يصارع عمى بصره وشتات بصيرته وحرقة قلبه الذي باتت الدماء في نيران بمراجل، انقلب سلطان على جانبه يحاول طرد صورتها وهي تقف بجوار ذلك الضابط من رأسه ليسمع طرق على الباب الخارجي، عقد سلطان حاجبيه وانتظر أن يتوقف الطرق أو يفتح الباب لكن لم يحدث هذا أو ذاك، اعتدل سلطان يجلس على السرير يرهف السمع لأي حركة بالخارج فلم يصل أذنيه سوى صوت الطرق الذي يشتد ففز واقفًا بانفعال وتحرك خارج الغرفة يقول بغضب
" سارة أين أنتِ ألا تسمعين كل هذا الطرق "
لم يأته رد فتوجه سلطان للباب بغضب وقد ظن أن سارة خرجت دون مفتاح ليفتحه بغضب وهو يقول
" ما الصعب في جملة لا أريد إزعاج "
ليصمت ويزداد وجهه تجهما حين وجد شاهين يقف أمامه ويقول
" كيف حالك يا سلطان "
لم يجبه سلطان وظل ينظر له بغضب ليقول شاهين بتوتر
" أنا ببيتك ألن تسمح لي أن أدخل، أنا لم أعتد منك سوى على طيب الأصل يا سلطان وأظن أنك أفرغت بي كافة إنفعالاتك سابقًا والآن هلا منحتني الفرصة لنتحدث بهدوء …كما تقول أنت رجل لرجل "
نظر له سلطان بصمت للحظات أعلم شاهين أنه يجاهد كي لا يغلق الباب بوجهه أو يفعل ما هو أسوء ليرفع سلطان ذراعه متنحيًا مفسحًا الطريق لشاهين الذي خطى لداخل المنزل فأغلق سلطان الباب بعنف ثم نظر إليه نظرة تقول له دون كلمات هات ما لديك، فقال شاهين
" لقد جئتك أولًا لأطمئن على أحوالك فقد وصلني أنك لست بخير و …
صمت شاهين بتوتر فأشار له سلطان بيده بحدة في إشاره معناها ادلو بدلوك ليقول شاهين
" ولنتكلم بشكل عقلاني ونحل المشكلة التي بيننا بالشكل الذي يرضيك "
نظر له سلطان وقال بصوت أجوف
" أي مشكلة …لمَ تتحدث كأنك ارتطمت بي دون قصد منك وأنت تعبر بجواري "
امتقع وجه شاهين وقال
" سلطان أنا لا أنكر فداحة ما فعلته ولا أتنصل من تحمل مسؤولية أفعالي، أنا هنا أمامك لأشرح لك أن لا أحد منا لا يخطيء لكن ضع نفسك مكاني، كن بنفس انفعالي …بنفس عدائيتي حينها ثم جد إمرأة مستضعفة تنتهك بسببك، سلطان أنت أكثر من يجب أن يلتمس عدم تعمدي لما حدث حتى وإن لم تسامحني لأنك أحيانا حين تغضب تندفع وتتصرف دون تفكير أو تريث، وعلى كل حال أنا هنا لأغلق صفحة الماضي بأي ثمن وأحتاجك أن تصدق طيب نواياي وأني باق على ما بيننا
لأني أحب سارة وأريدها لذلك أخبرني كيف يمكن لي أن أصلح خطئي لتعود علاقتنا الطيبة وتسمح بمنحي يد سارة مجددا " أغمض سلطان عينيه كأنه يحاول أن يسحب نفسه إلى أعمق نقاط ضبط النفس بداخله وأغلق قبضته بعنف أنت له مفاصل كفه التي تتألم من صدى الألم الصارخ بقلبه ثم فتح عينيه وقال
" لو أنك أنهيت كلامك وما جئت لأجله تفضل فأنا أريد أن أرتاح " امتلأ شاهين بالقهر وامتقع وجهه أكثر وأكثر حتى شعر أن دمائه التي تجمعت تفور برأسه باتت حممًا تخنقه ليقول بصوت مختنق حاول أن يخرج منه بمنتهى الثبات
" لماذا لا تمنحني فرصة أخرى لأثبت لك أن …..
صرخ به سلطان فاقدًا لكل ذرة سيطرة يملكها
" لأن أختي ليست للتجارب، أنا لن أمنحها لك لتقيم عليها تجاربك ثم تعيدها إليّ مكسورة لأني منحتها لرجل بدلًا من أن يحافظ عليها وعلى كرامتها وهو يدرك أنه قد باتت هناك إنسانة في حياته مسؤولة منه وبناء عليه يجب أن تكون أولوياته لا إندفاعه ولا عدائيته ولا شهامته حتى، أنا قد أتفهمك لكن هذا لن يغير من الوضع شيء، أنت لم تحترم كلمتك معي كرجل ومن الصعب أن أثق فيك مجددًا وأمنحك فرصة ثانية قد تكون نتيجتها أسوأ من الأولى بمراحل "
هاج شاهين وقد شعر أنه يرزخ تحت ضغط هائل وتهديد صعب جدًا أن يتعايش معه
" ليس صعبًا يا سلطان أنت فقط من تصعبها عليّ وعلى نفسك وحتى على سارة، أنا واثق أنك تفهم في معادن الرجال، في أنك تستطيع إدراك صدقي من عدمه،
واثق أنك تعلم جيدًا ندمي على ما فعلت وعلى ما آلت إليه الأمور خاصة أني استطعت إصلاح كل شيء وبقيت سارة الشيء الوحيد الذي أدور حول نفسي دون أجد لي في أمرها حل ولا مخرج، سلطان إن كنت تعاقبني برفضك لي فأنا متفهم وسأصبر لكن قل لي إلى متى، إلى متى ستظل تحاول كسر كبريائي وأنا أراها تسير هنا وهناك حرة متاحة ليطلب ودها غيري، ضع شروطك ….خذ ضماناتك …عاقبني كيفما شئت حقك لكن أعطني كلمة أنها لي وأنا سأصبر حتى ترضى وتمنحني إياها أمام الجميع بطيب خاطر "
نظر سلطان لشاهين للحظات بعيون لم يفهم شاهين ما يدور داخلها، كان شاهين ينهت انفعالًا …كان متألمًا وقد أسقط في يديه، كان عاجزًا وقد أخرج كل ما بجعبته من مخاوف دفعة واحدة ليقول له سلطان
" لا شروط ولا ضمانات كانت لدي أكثر من كلمة طلبتها منك، كلمة رجل لرجل أعطيتني إياها وأنت لم تكن قادرا عليها، ما الذي يجعلك تظن أنك قادر عليها الآن"
قال شاهين باندفاع
" لأني بت قادر عليها "
صرخ به سلطان
" ما الذي يجعلك تظن أنك قادر عليها "
لم يفهم شاهين ماهية السؤال وبدا كما لو أنه غريق يريد التشبث في قشة ليقول
" أنا أحب سارة يا سلطان "
جذبه سلطان من تلابيبه يدفعه نحو الباب بعنف وهو يقول
" إذا وجدت يوما إجابة مقنعة عد إليّ، لكن حتى ذلك اليوم لا تدفعني لأريك أنا كيف يكون اندفاعي وعدائي "
خرج شاهين من الباب ليجد سارة بعيون باكية تصعد السلم مسرعة لتتوقف بحزن تنظر له ولأخيها دون أن تنبث ببنت شفة، صامتة لكن عيناها تتحدث بالكثير، ارتخت قبضة سلطان الذي نظر لأخته فلم يجد في ملامحها سوى الألم وسألها هادرًا
" أين كنت "
أرخت سارة أجفانها تداري دموعها لوهلة قبل أن تنظر إليه وتقول
" كنت أحضر بعض أشيائي من المجمع السكني فجائت كنزي وتولين معي وملاك في طريقها، وأريد مفتاح الطابق الثاني لأنهم سيبقون معي هنا عدة أيام "
ظهر عدم الرضا على وجه سلطان ورغم ذلك قال لها بحدة
" ادخلي "
كانت لحظة أبطأ من كل ما فات من عمرها، تحركت فيها في ذلك الحيز الضيق نحو الباب الذي يسده شاهين بجسده وينظر لها بأعين ما عادت تدري كهن ما بداخلها نحوهما أهو حزن بلغ نصابه في الحب، أم حزن بلغ نصابه في الحب، أفسح شاهين لها لتعبر من تحت ذراع أخيها كأنها مجددا تعود لتكون بعيدة وما بينه وبينها رجل كما لو أنه تنين جاهز لنفس نيرانه في وجه كل من يحزنها، كان الموقف ككل ضاغط وصعب ومنهك لكبريائه ورغم ذلك نظر لسلطان وهو يعدل ملابسه بمنتهى الهدوء وقال بثبات رجل قرر ألا يخلع عنه زي الاصرار
" تريد إجابة مقنعة حسنًا، سأجدها وحينها ستمنحني ما أريد دون تردد، لقد أخذت منك كلمة وأعلم أنك قادر عليها"
ثباته وإصراره هزا جمود سلطان وأصابوه هو أيضًا بشرخ بات من الممكن أن يمتد حتى يدمر كل ذلك الجمود لكن ذلك يعتمد على الرجل الذي أمامه، تحرك شاهين ينزل درجات السلم وهو يفكر أن ماذا سيكون أكبر من الحب إجابة قد يمنحها لسلطان ليمنحه ما يريد….
༺༻

محال أن نشعر داخل الغربة بالغربة إلا لو كنا صنعنا لأنفسنا بداخل الغربة وطن….

بالمزرعة …..

كانت تجلس على مقعد صغير تضم ساقيها لصدرها وتمسك المصحف الشريف مسكة لجوء تحاول أن تمتد سكينة روحها من بين الآيات الكريمة، ظلت بتول ترتل القرآن بخفوت ودموعها تسيل في صمت حتى وصلت للأية الكريمة التي تقول ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) أغلقت بتول المصحف وضمته إلى صدرها وهي تقول بخفوت
" إنا لله و انا اليه راجعون" شردت نظرات بتول تذكر اللحظة التي أزهقت بها روح غازي، تذكر ضغطها على زناد المسدس دون تردد، تذكر نظراته التي تشعرها مازالت تراقبها خلسة من كل مكان مظلم يحاوطها، تحركت بتول تفتح كل أضواء الغرفة ثم توجهت نحو السرير الضخم الذي يرقد عليه فيلو وجلست بجواره ترتجف وعيناها تشرد للذكرى مجددا فتمنعها قسرًا وهي تتأمل حالة فيلو والذي ستموت من قلقها عليه، تحسست بتول جبهته بحنان وهي تنظر لوجهه المكدوم ثم لصدره الملفوف بضمادات طبية ضخمة ونظرت لكم الأدوية الموضوع على الطاولة المجاورة للسرير لتزداد دموعها انهمارا وهي تنحني لتضع جبهتها بخفة على كتفه ليلفت نظرها ذلك الخاتم الذي مازال في يده، نظرت بتول للخاتم وتذكرت الطريقة التي فتحه بها فيلو فمدت يدها تسحبه من إصبعه ببطء شديد لتتفاجأ أن تحت رأس الخاتم وشم دائري، مسحت بتول عينيها وهي تنظر لذلك الوشم والذي لأول مرة تراه، كان دائرة بداخله وجه لوحش مخيف يفتح فمه، أغمضت بتول عينيها بقوة كأنها تشعر أنها رأت شيء مشابه في مكان ما لكن ذاكرتها كانت أضعف من أن تأتي بذلك فورًا لتشعر بكف فيلو يتحرك بين يدها، ففتحت عينيها تنظر له بلهفة لتجده ينظر لكفه بصدمة ثم يعيد الخاتم لنهاية إصبعه بسرعة وهو يقول لها بصوت مجهد
" بتول "
نداءه شتت عقلها عن ما رأته لتسأله بلهفة
" هل أنت بخير، هل تشعر بالألم "
هز فيلو رأسه نافيًا وهو يقول لها بخفوت كأنما أقل كلمة تخرج منه بصعوبة شديدة
" أنا بخير لكن المهم هو أنتِ " قالت له بتول
" أنا قلقة عليك جدا، أنت فاقد لوعيك على الدوام …وكلما فتحت عينيك نظرت لي مليًا للحظات ثم أغلقتهما لساعات طويله فأظل أنا أدور حولك أتحسس نبضك وجبهتك وأباشر مواعيد دوائك "
قال لها فيلو
" كنت أحتاج أن أطمئن أنك جواري من آن لآخر فأجاهد نفسي وأفتح عيني لأبحث عنك وحين أطمئن أعود مغلقًا إياهما مستسلمًا "
قالت بتول
" أنا لم أتركك لحظة "
نظر لها فيلو نظرة أشعرتها أن هناك موج أزرق هاج في عينيه ثم قال
" ساعديني لأقف "
تحركت بتول تدور حول السرير ثم انحنت تدعم كتفه بكفها وكفها الأخرى تمسكت بيده ثم جذبته ليعتدل لتشعر أن أنفاسه الهادرة تلفح وجهها فنظرت لعينيه لتصدمها كل حواجز الأمان التي دمرها ذلك القرب الموتر، كانت كأنها خطت دون حذر إلى مجال مغناطيسي عنيف مليء بالشغف الذي لا تدرك حجمه أو عواقبه، تاهت بتول في سطوة الانجذاب حتى انتصب واقفًا أمامها وقد تلون وجهه بألف لون أثر الألم فقالت له بارتباك
" لا داعي لتتحرك إن كنت لا تستطيع "
قال لها فيلو وذراعه تحاوطها بخشونه ذكورية بدت كرسالة خفية لم تفهم فحواها لكنها شعرتها رغم وهنه الواضح ليقول لها
" خذيني للنافذة، تحركت معه بتول نحو النافذة ليقف فيلو ينظر للمشهد أمامه بعيون ذكرتها بفيلو الذي رأته أول مرة، نظراته ذات الرهبة والغموض لتسأله بضياع " فيلو ..لما اختفيت وأين كنت " أجابها وعيناه مازالت تغوص في تفاصيل المشهد أمامه
" ذهبت للتحرر من أحد كوابيسي بتول "
سألته ومازالت ترفع رأسها وتنظر له نظرات تعكس شتاتها
" وهل فعلت فيلو "
نظر لها بطرف عينه وقال
" لست بمفردي من فعل، نحن الاثنان تحررنا بتول "
قالت له وهي تعقد حاجبيها برفض
" لا تحدثني بهذا الغموض فيلو، لا تحاول أن تعود لتلك النقطة معي فبالماضي كنت أقبل بغموضك لأني كنت أشعر أن كل ما تخفيه أمور خاصة بك عليّ احترامها وقد اقتحمت حياتك دون مقدمات أما الآن فالوضع تغير تمامًا وما عاد شيء لنخشاه حين نتكلم وما عاد الوقت يصارعنا ونصارعه فيلو "
صمت فيلو للحظة يرمقها بنظرات لا تعرف لمَ بدت معقدة تتلاعب في أنفاسها ونبضها وقال " فاروق "
هزت راسها كأنما باغتها رده وسألته
" منذ متى بت فاروق "
انفعلت ملامحه وغاب البرود وانطفأ هدوء أنفاسه ليشتعل بدلًا منه ثورة مجهولة الأطراف وهو يقول
" منذ ملكت زمام الأمور وبت صاحب القرار "
قالت له بتول بتحفز
" وكيف حدث ذلك "
ليجيبها دون تردد
" بالطريقة الصعبة جدا بتول " ابتعدت عنه بتول بانفعال وقالت
" لماذا تتعامل معي هكذا، لمَ كل ذلك التعقيد والغموض، لمَ ليس لديك إجابات صريحة وواضحة، لمَ لا تأخذ ما يجمعني بك على محمل الجد قليلا وتقدر كوني منذ سبعة أيام أنظر لوجهك وأفكر أني زوجتك ولكني أجلس جوارك كما الغريبة، أفكر في كل شيء جمعنا منذ التقيتك أفكر في بهوميتك في شهامتك في شجاعتك في جانبك المظلم، أنظر لوجهك أتأمل ملامحك وأفكر بسؤال ملح وهو…ما ماهية ما يجمعنا….ما مصير هذا الزواج …."
تغيرت ملامح فيلو لشيء تخطى ما عرفته كأنها وصلت لجانب منه ما كان يجب أن تقترب منه وقال لها
" ما الذي تقصديه "
ارتجفت وهي تقول
" لقد تزوجتك أنشد الامان وتزوجتني شهامة منك والآن انتهي ما ….
قاطعها فيلو يجذبها نحوه بقوة اقتلعت نبضها من بين ضلوعها وزرعته في عمق بعيد كانت تشعر أنها تسقط فيه وهي مازالت بمكانها بين ذراعيه اللذين أغلقهما من حولها ومال برأسه حتى تعانقت أنفاسهما ثم همس لها
" انتهى ماذا "
تاهت كل الكلمات عن لسانها لتقول
" فيلو "
فيعود ليسألها بقوة وأنفاسه تزداد انفعالًا
" انتهى ماذا"
هزت بتول رأسها تحاول إستجماع كل ما تريد قوله والبوح به ليقول هو بحزم
" ما انتهى حقًا هو ذلك الحاجز اللامرئي الذي كان يقف بيننا دومًا، فأنتِ أثبتِ لي أنكِ من بقيت كل تلك السنوات أنتظرها بعدما عبرت أعنف اختبارات الثقة وخرجت منه كما دخلت دون خدش، رجل مثلي فقد الثقة بالعالم بأكمله حين يجد إمرأة مثلك لن يفلتها، بتول أنا دفعت ثمن ذلك الزواج غاليًا وأنتِ أكدت لي أن كل دمائي التي أريقت لم تكن سدى، أنا دفعت مهرك دماء لن يحلك منها شيء مطلقًا، أنتِ الآن زوجتي رغم عن مخاوفك وأفكارك ومشاعرك التي قد لا تتحرك بشكل يرضيني مطلقًا، أنتِ ملكي وإن عنى ذلك أن تتحول زيجتنا لزيجة عقل خالصة، لذلك لا تحاولي الآن التحرر من أمانك لأنك بت تشعرين أكثر بالأمان بعيدا عنه لأني لا أريدك أن تخذليني ولأني لن أسمح لكِ بذلك "
قربهما كان يجعل كل انتفاضة لجسده تمر بجسدها لثؤثر بها، وأنفاسه كانت وتلعب على أوتار أنوثتها دون رحمة، كانت مأسورة بين ذراعيه تأبى أن تتحدث بالكثير، تأبى أن تعترض، تأبى أن تنتفض كما ينتفض لكنها لم تجد في ذاتها قوة لفعل شيء إلا التجمد أمامه وهو يقرب شفتيه ليمس طرف شفتيها حينها شعرت بالخطر الحقيقي ورفعت يدها تخفي شفتيها بقوة وهي تنظر له بحزن عميق امتزج بضياع لا تقبله ليتجمد فيلو لوهلة قبل أن يبتعد ببطء ويتراجع خطوة واحدة ثم ينسحب بخطوات واهنة نحو الحمام ليقف فجأة ويقول دون أن يلتفت لها وقد تصلبت عضلات كتفيه أمام عينيها
" تركك في غرفة ذلك الخسيس كان قاسي جدًا على رجل يدرك جيدًا كيف يكون الرجل حين يرغب، لقد كنت كمن تركتك في القفص مع وحش وتركت بيدك شفرة لتعادل القوى، لو أنكِ خرجت لي من تلك الغرفة يومًا وقطرة دماء على ثيابك لكنت رحلت وتركتكِ خلفي بتول، انظري لما تحملته لأجلكِ هذا لم يأت من فراغ … لقد عبرتي الاختبار و ظفرتي بما تبقى من حياتي لذلك لم أتردد في أن أزهقها فداء لكِ، لذلك أزهقي عمري أنتِ كيفما شئت لكن وأنتِ تدركين أن ما يجمعنا الآن بات لا مفر منه أنا ليس لي روح أخرى لأغامر بها وأنا أبحث عن إمرأة قادرة على أن تكون كل جيوشي، قادرة على أن تحارب لأجلي، قادرة على أن تحفظ أنفاسها لي …قادرة على أن تضحي بأمانها لأجلي حتى وإن كان قلبها مازال قادرًا على جعلها تفكر في الانفصال …أنا وجدتك وانتهى سيدتي "
أغلق فيلو باب الحمام من خلفه واستند عليه بألم يرفع رأسه لأعلى وهو يضرب رأسه بالباب ثم يرفع يده التي بها الخاتم وينظر لها ولا يدرك أنه ترك خلفه إمرأة بدأت للتو تفهم كيف يمكن للكون أن يدور من حول إنسان وهو واقفًا مكانه لم يقدم على فهم ما قيل له دفعة واحدة حتى …….
༺༻

ألا يأتيك شعور بأنك بت المسؤول الوحيد عن عواصف الشتاء حين تضرب زمريرها في صدري، إني رهن مشاعرك فارضي عني لينتهي فصل الشتاء…
༺༻

على مشارف أرض العزايزه كانت سيارات الشباب تقترب من المنزل الكبير وقد عمّ بها الصمت، فلا حديث في تلك اللحظة كان يملك القوة ليصدع ذلك الصمت ويكسره، كل الحديث الذي قد يقال ما هو إلا مخاوف كانت تملأ الجميع بلا استثناء، كل ما يمكن أن يباح به كان ليثبط عزيمتهم أكثر لذلك التزموا الصمت عامدين حتى توقفت السيارات في باحة المنزل ليكون أول من يترجل منها هو بشر الذي أرسل رسالة لمنذر يخبره بوصولهم ويأمره أن يلحق بهم، ثم أرسل رسالة لليل الذي عاد مع فخر من منتصف الطريق ليحضروا أصالة التي شدد الشيخ عبد الرحمن على حضورها، ثم حاول بشر التواصل مع رائف ليتفاجأ أن الرقم الذي هاتفه منه قد اختفى ولم يعد له وجود على هاتفه فأغلق بشر الهاتف منفعلًا يزفر أنفاسه بتثاقل ويتقدم من المجلس وهو يجر قلبه العصي جرًا فيؤذيه قلبه بالاشتياق والحنين، تبع الشباب بشر فيما التصق عاصي بغفران يحمل ابنته بذراع ويحاوطها بذراع كأنه يخشى عليهما مما سيحدث بالداخل فتنظر له غفران بعيون تطمئنه وتعده أنها لن تتخلى عنه مهما حدث، أما نزار فنظر لتبارك وقال هامسًا
" إن قرر والدك أن يبقيك لديه ويطردني كما فعل آخر مرة أنا لن أصمت، قدمك على قدمي أسمعتي "
قالت له تبارك بابتسامة
" اهدأ يا خواجة وكن عاقلًا لكي يمر هذا الموقف، وإن طردك سأدخلك ليلا خلسه من الباب الخلفي، أظنك تعرفه "
ضيق نزار عينيه مدعيًا التفكير وقال
" حيث تضعون التفاح "
قالت له
" نضع كل الفاكهة أنت فقط لا تتعصب، ثم لقد ظننت أن التسلل يستهويك "
همّ نزار بالرد عليها لينتفض بفزع حين سمع صوت عبد الرحمن يقول
" أخيرا تكرمتم وقررتم أن تأتوا إليّ بأنفسكم، لا أعرف من عليّ أن أشكر، أنتم أم الكوارث التي لا تنتهي خلفكم "
ربت منير علة كتف أخيه وقال
" اهدأ يا عبد الرحمن "
قال عبد الرحمن بحدة
" كيف أهدأ وأنا لم يعد خلفي سوى أحفاد رأفت العزايزي ومصائبهم …لم يعد لدي شغل ولا انشغال غيرهم "
ركضت تبارك نحو والدها تسحب يده لتقبلها وهي تقول
" اشتقت اليك يا شيخ، أدامك الله فوق رؤسنا أبدا "
ربت عبد الرحمن على رأس تبارك التي بدت كأنها ازدادت جمالًا ونضجا لتتجه تبارك نحو منير تقول له بمحبة
" يا إلهي ما كل هذا الوقار، كيف حالك عمي "
ابتسم منير وقبل جبهتها بتحفظ وسعادته لرؤيتها تلمع بعينيه لتقف غفران أمام عبد الرحمن تقبل يده فينحني عبد الرحمن ليقبل رأسها كأنه دون كلام يعتذر عن شيء لم يكن له يد به وهي أمانة أبيه فتلمع الدموع بعينيها وهي تقول
" اشتقت إليك يا شيخ "
ربت عبد الرحمن على رأسها لتتحرك غفران لتقف أمام منير فيمد لها يده بالسلام فتنحني لتقبل يده كأخ كبير وهي تقول له
" كيف حالك أخي "
لمعت أعين منير بالدموع لتقول له غفران
" هل رأيت مغفرة "
قال جعفر الصغير وهو يأخذها من عاصي
" أنا رأيتها منذ ولجت إلى المجلس هذه الصغيرة لي " ابتسمت غفران فتقدم بشر وقد شعر أن الأجواء هدأت قليلا يقول " السلام عليكم يا شيخ "
نظر له عبد الرحمن نظرة نارية وقال بشدة أكدت لبشر أن شعوره محض وهم
" أهلا بالكبير، أهلا بزعيم جماعة الفضائح داخل العزايزه، ماذا تظنون أنتم أن كل مرة ستنفدون من كوارثكم دون عقاب، أني سأصمت على تلك الفضائح والأسرار التي فتحت علينا أفواه كل من لم يكن ليجرؤ على أن يطالنا بكلمة "
قال بشر مهادنا
" يا شيخ عبد الرحمن بهدوء كل شيء سيحل بإذن الله "
نظر عبد الرحمن لمنير وقال
" خذ تبارك وغفران والطفلة للداخل "
نظر عاصي لغفران بخوف شديد لتقترب غفران من عاصي وتتعلق بذراعه وتقول بوجل
" سامحني يا شيخ لكني لن أترك زوجي ليواجه ما سيحدث بمفرده "
احتدت ملامح عبد الرحمن أكثر وضرب عصاه بالأرض حتى شعر الجميع أن هناك شحنات من التوتر تملأ المكان جعلتهم جميعًا على حافة الانفجار وهدر بغفران " غفران للداخل هيا "
فزعت الصغيرة من الصراخ وبدأت بالبكاء فتحركت تبارك تأخذها من أخيها وتقول
" سأخذها أنا للداخل "
تحرك نزار نحو تبارك فقال له عبد الرحمن
" قف مكانك، فأنا لم أبدأ كلامي بعد ولو أني علمت أنك تشاركهم في إخفاء تلك المهزلة اعتبر تلك الزيجة منهية، أنتم تتعاملون كأنما لم يعد هناك كبير ولا حساب تخشون منه، كل فترة كارثة و فضيحة والآن ماذا هل تشعرون بالزهو لأنكم استعتطم خداعي والكذب عليّ ونزع أختي وابنتي مني بالمكر والحيلة "
توسعت أعين نزار بصدمة وقال " ما علاقتي وتبارك بما يدور يا شيخ "
قال عبد الرحمن
" اسأل عمك أو ابن عمتك أو أنتم أدرى بهويته مني "
قال عاصي وقد دفعه التوتر ليسقط في عمق الهياج
" يا شيخ ما ترمي إليه أنا لم يكن لدي علم مسبق به، ومن الظلم أن تتعامل معنا بتلك الشدة وتحاسبنا على شيء لم يكن لنا يد به "
قال له عبد الرحمن
" شدة …أين الشدة، أنتم لم تروا شيئا بعد، أجبني …هل كان إصرارك على الزواج من ابنة الشيخ وفعلك لكل ما فعلت لأجل حماية نفسك حين تحين هذه اللحظة، هل زيجة ابنتي كانت ضمن الخطة لتقيدوني وتخضعوني …..أنتم تحلمون" نظر عاصي لغفران وهز رأسه منكرًا فتمسكت به بقوة ليتقدم بشر ويقف أمام عاصي ويقول بحدة
" يا شيخ أنت هكذا ترمينا بالباطل، ثم ليس من المنطقي أبدا أن تجعل غفران وتبارك طرفا في هذا "
قال له عبد الرحمن
" هما فعلا طرف بالأمر، ألا تظن أن هذا ما سيقال على جميع الألسنة عاجلا أو آجلا حين تعرف الحقيقة "
قال منير لعبد الرحمن
" ليس هكذا يا أخي "
قال بشر بغضب شديد
"ليقال ما يقال نحن لا ذنب لنا في الماضي وحاليًا نحاول أن نحافظ على جمعتنا مهما كان الثمن وبعدها ليحدث ما يحدث "
قال له عبد الرحمن
" حديثك هذا محض شعارات فارغة، فبمجرد أن يأتي عمك الحقيقي ليطالب بهويته وحقه سنكون لقمة سائغة لكل كلب وما سيقال سيطول عائلتنا وشرفنا وكرامتنا "
همّ بشر بالرد عليه وقد ازداد انفعاله ليسمع صوت من خلفه يقول
" يا شيخ، أنا صاحب الحق وأنا متنازل عنه وقلتها لك وسأقولها مجددا أنا لا أريد مال ولا جاه ولا هوية وكل ما أريده أنت تعرفه جيدا "
التفت بشر يتنفس الصعداء حين سمع صوت رائف ليفجعه مظهره فينظر له متسائلا فيطمئنه رائف بهزه من رأسه وهو ينظر لعبد الرحمن ويتذكر ذلك اليوم الذي خرج فيه من مزرعة حكم لا يملك سوى ساعات، ورغم أنه كان يريد الذهاب لرؤية أصالة فلربما كان هذا لقائهما الاخير وجد الطريق قد انتهى به في هذا المجلس يقف أمام عبد الرحمن ويسأله
" لقد طلبت لقائي يا شيخ " لينظر له عبد الرحمن يومها نظرة اختبار نافذة وقال
" هو أمر واحد …. أنهي ما خلفك وعد نظيف من المشاكل إن كنت تريد أن أمنحك إحدى بناتي" لا أكثر ولا أقل كان أمرا لا يقبل النقاش ولا المماطلة ولذلك كان ذهاب رائف لتلك المعركة دون أن يهاب الموت خلفه سبب أسمى من أن يتراجع عنه اسمه أصالة، قال الشيخ عبد الرحمن
" لقد عدت "
قال له رائف بثبات
" عدت بعدما نفذت شرطك يا شيخ، وعدت وأنا لا أريد سوى ما أريد لا أكثر، أريد سلامي فقط لا دمار ولا حزن ولا مشاكل ولا تعقيد يطولني أو يطولهم بأي شكل من الأشكال، يا شيخ أنا أتنازل لعاصي عن كل شيء ليبقى كما هو وتبقى حياته كما هي ويبقى الموقف علي ما هو عليه فلا يطولكم جميعًا كلمة واحدة، أنا مسامح في حقي لكني لن أسامح في كلمتك إن تبدلت " قال عبد الرحمن بانفعال
" محال لكلمة الشيخ أن تتبدل " قال رائف
" أنا هنا وأقولها لك بكل صدق لا عاصي ولا غيره كانوا يعرفون شيئًا، فأنا صاحب الحقيقة ومن بحثت عنها سنوات لم أعلم إلا منذ شهور لذلك لتكن أكرم منا ومن تلك الحقيقة البشعة ولا تعلق المقاصل لهم فهم لا ذنب لهم ولا تحرمني من مطلبي، ولك مني كلمة لا يردني عنها سوى الموت أن أظل رائف ويظل السر في بئر للممات "
ربت بشر على كتف رائف الذي لم يخذله ويتأخر وهمّ بالاعتراض على ما يقوله تحت نظرات الشباب المتأثرة ليسمعوا صوت اقتراب سيارة ليقول منير الواقف بجوار نافذة المجلس
" لقد وصلوا يا شيخ "
صمت عبد الرحمن لوهلة وقال لمنير
" ادخلهم لمجلس الشيخة حتى أستدعيكم، تبادلوا النظرات فيما بينهم بتوتر ليقول منير بابتسامته السمحة
" لا تقفوا هكذا …تفضلوا …أنارت دار الشيخ ….تفضلوا "
فتبعوه وحين همّت خطوات رائف بالتردد دفعه بشر لتتوازى خطاهم كتفا بكتف …قدم بقدم ….كعائلة واحدة ……
༺༻

جلس الشيخ عبد الرحمن في صدر مجلسه بجسد متحفر ووجه جامد وعيون حادة يموج بها الغضب والتصميم في آن واحد، دخل محمود العزايزي ووالده بوجوه ممتقعة ينظرون للشيخ عبد الرحمن بحقد دفين لا يجرؤن عن الإفصاح عنه ليقول محمود العزايزي دون سلام أو مقدمات
" فيما تريدنا يا شيخ "
نظر لهم عبد الرحمن بإذدراء معلن وقال بتهكم
" في كل خير بالطبع "
ثم صمت للحظات قبل أن يقول " أريدك أنت وأباك وإخوتك أن تسلموني أرضكم ومنازلكم وترحلوا عن أرض العزايزة دون عودة "
ثار محمود ونظر لوالده نظرة فحواها ألم أقل لك أن ذلك ما سيحدث ثم قال
" نترك أرضنا ؟؟ لمَ يا شيخ …لقد عطلت كافة أعمالنا بعدما حدث في العزاء وقبلنا بصمت، وقبلها زوجت أختي دون رضانا جميعا وقبلنا بصمت، وبدأت تضيق علينا الخناق فيما يخص الري والزراعة وقبلنا بصمت لكن أن نترك أرضنا ومنازلنا ونرحل لن يحدث أنا لن أدعك لتجور علينا لكونك الشيخ، أنا سأذهب لرجال العائلة بأكملهم وأحكي لهم عن ابتزازك العلني لنا "
قال له عبد الرحمن
" هذا جيد جداً، ستكون وفرت عليّ الكثير لكن لا تنسى أن تمر بأقرب قسم شرطة في طريقك لتخبره بماهية العمل الذي جمعك وإخوتك بيوسف العزايزي لأن هناك ضابط زارني وطلب مني أبلغه بأسماء شركاء ذلك القذر داخل العائلة "
صمت محمود بصدمة ليسارع والده ويقول برعب بين
" يا شيخ عملنا معه انتهى وقد نلنا عقابنا منك وتقبلناه بصمت لكن هذا لا يعطيك الحق لتسلبنا أراضينا وبيوتنا كما فعل والدك مع راضي العزايزي من قبل حين تبرأت منه العائلة "
قال عبد الرحمن
" بالضبط، ما فعله والدي مع راضي العزايزي ما أنا بصدد فعله معكم بالضبط لكن ليس لعملكم مع ذلك القذر "
سأله برعب واضح
" لأي سبب إذا "
قال له عبد الرحمن
" لأنك ستزوج ابنتك لرجل من خارج العائلة "
قال له والد أصالة
" من أبلغك بهذا الخبر، هذا كذب، أنا لن أزوج ابنتي لشخص غريب يا شيخ "
قال عبد الرحمن بسطوة
" بل ستفعل والآن "
بهت الواقف أمامه
ليقول عبد الرحمن بصوت مدوي كقصف المدافع
" يا شيخ منير "
ولج منير للمجألس يقول
" أمرك يا شيخ "
قال عبد الرحمن
" أحضر المأذون والشباب ليشهدوا على عقد القران"
قال والد أصالة بصراخ
" أنا لن أزوج ابنتي لرجل لا أعرفه "
قال له عبد الرحمن
" ستفعل وقدمك فوق رأسك ثم سترحل من أرض العزايزه دون عودة وتلك ستكون حجتك للرحيل أو سترحل ولكن وجميع العائلة تشهد على أنك رميت ابنتك وحيدة ببلد غريب كادت أن تفقد فيه شرفها أكثر من مرة لولا هذا الرجل الغريب الذي أرسله الله لينقذ شرفنا جميعا من أن يدنس، اختر ما يناسبك إما أن تتبرأ العائلة منك وأنت رجل وإما أن تتبرأ منك وأنت من أشباه الرجال هذا قرارك وفي الحالتين ما أريده سينفذ "....
༺༻
حين قدر لي أن ألتقيك صدفة في منتصف الطريق لم أفهم حينها أنك من جئت لتصحح مسار الأشياء، ولتجعل كل ما قبلك محنة قد مرت وكل ما بعدك منحة بدأت حلاوتها للتو ….
༺༻

بالمجلس الداخلي كان رائف يجلس مطأطأ الرأس لا يعرف أهربًا من الأعين المسلطة بالكامل عليه أم هربًا من التوقعات التي تتأرجح في رأسه من أقصى الخوف إلى عمق التمني حتى سمع بشر يقول
" أرني وجهك هذا، أنا ضربتك كثيرا لكن لم تصل يوما لهذا الشكل "
رفع رائف وجه متفاجئًا من حديث بشر ليسترخي حين لمح الهزل يلوح على وجهه المرهق ليقول له بشر
" هل أنت بخير، من فعل بك هذا، مظهرك يحكي أنك كنت داخل مفرمة بشرية، أي جنون قادم لتفعل بنفسك ذلك "
أغمض رائف عينيه وهو يتحسس كتفه بألم ويقول
" أنت تعلم ماهية الجنون بالضبط "
صمت بشر بتعب ليفاجيء عاصي الجميع وهو يقول لرائف " أنا مقدر جدا لما فعلته بالخارج لكنك لست ملزم بتقديم تلك التضحية وعلى الشيخ أن يصدقنا لأننا لا نقول سوة الحقيقة "
نظر رائف لعاصي بتوتر ليقول بشر
" هذا ما كنت سأقوله للشيخ حين يستدعينا "
قال رائف
" هذه ليست تضحية بقدر ما هو ما يجب أن يحدث، أنا لا أريد أن ابني سلام نفسي على أنقاض الآخرين، أنا لا أريد لأحد أن يتألم بسببي مجددًا وخاصة …
صمت رائف للحظة ثم أسبل أهدابه وقال
" وخاصة أنتم "
قالت غفران باحترام
" سيد رائف شكرا لك، دعمك لعاصي ونقاء سريرتك هذا لن ننساه لك مطلقًا وحقًا يسعدني أن يصبح لي عم مثلك "
قالت تبارك
" الشبه بينك وبين بشر مريب كأنكما أنتما التوأمان لا هو وعاصي، سبحان الله "
قال نزار
" هذا الشبه له معنا قصص سأخبرك بها لاحقا إذا لم يطردني والدك "
ضحكت تبارك وقالت له
" ألم نجد حلًا لهذا "
صمت نزار بعبوس ليقول عاصي
" أين مغفرة "
قالت غفران
" أخذتها حورية مع الاطفال بعيدا عن هذا التوتر لكي لا تفزع مجددا "
ربت عاصي على كفي غفران المعلقين بذراعه وضغط عليهما يضمهما إليه أكثر ليسأل أسد رائف
" ما هو مطلبك من الشيخ والذي لأجله مستعد أن تضحي بكل شيء"
همّ رائف بأن يجيبه ليقاطعه دخول منير الذي يقول
" الشيخ بريدكم بالمجلس حالًا " فزوا جميعًا بتوتر ليتوجهوا إلى المجلس ولا أحد منهم قادر على إدراك حقيقة ما يحدث ……..
༺༻
دخل الشباب المجلس ليتفاجأوا بوجود محمود العزايزي ووالده يقفون جنبًا إلى جنب بوجوه ممتقعة أمام الشيخ عبد الرحمن
الذي أشار لرائف وقال
" هذا هو عريس ابنتك "
توسعت أعين والد أصالة من منظر رائف الذي ظنه أحد رجال الشيخ رفيقي الحال وبسبب كدماته لم يفطن الشبه الكبير الذي لمحته أعين تبارك وقال
" محال أن أزوج ابنتي لهذا المعدوم، هذا مؤكد مخطط ومحكم منك لتقضي عليّ وعلى أبنائي " قال له عبد الرحمن
" وإن كان كذلك، ماذا ستفعل " قال محمود
" هذا الزواج سيكون باطل، شرعًا يجب موافقة الفتاة والفتاة ليست هنا يا شيخ، ماذا هل تريد الزج بأختي في زيجة باطلة، هل هذا ما تريده لأصالة "
اسم أصالة ألقي في عقول الجميع الإدراك وقذف في قلب رائف وحده الرعب ليقول منير الذي يدخل من باب المجلس
" لقد وصل البقية يا شيخ "
التف عنق رائف بقوة ليجد أصالة تدخل من باب المجلس خلف منير ومن خلفها ليل وفخر تنظر للوجوه حولها بأعين تهتز هلعا حتى وصلت عيناها إليه فشهقت بعنف وهي تقول
" رائف "
نظر رائف لبشر بلوم فقال له بشر بتعب
" لقد وضعني الشيخ أمام الأمر الواقع وطلبها فعاد ليل ليأتي بها " تغضنت ملامح رائف برعب خاصة وهو يرى خطاها التي تقترب منه كأنها لا ترى سواه وهي تنظر لوجهه بهلع وعيون باكية وقبل أن تصل إليه جذبها محمود من حجابها بعنف أسقطها أرضًا وهو يقول بجنون
" من أين تعرفيه يا فاجرة "
كان كأنما ألقى عود ثقاب مشتعل على أكوام من البارود الخام
فصنع انفجارًا مدمرًا ضخمًا لم يكن ليصمد أمامه مطلقًا ورائف يندفع إليه متجاهلًا أنات جسده ليلكمه بعنف جعل الدماء تتفجر من أنفه وهو يسحبها من قبضته بيده الأخرى كأنها ليست سوى ريشة جرفت في مهب ريح عنيف، تمسكت أصالة برائف تحتمي به وهي ترتجف وتبكي ليقول لها بانفعال
" لا تخافي "
فرد بشر ذراعه على صدر رائف ليمنعه من التمادي ليقول الشيخ عبد الرحمن لمحمود
" اخرج من مجلسي، أسرع بجمع أي شيء قبل أن ألقيكم خارج هذه الأرض كما اللقطاء"
تحسس محمود أنفه بصدمة ونظر للدماء بغضب شديد ثم توجه ناحية باب المجلس بخطوات تدك الأرض دكًا ليجد في وجهه بهية التي انكمشت تلتصق بمنذر حين رأته فنظر لها محمود بحقد ليهدر به منذر
" ارفع عينيك عنها "
نظر له محمود بحقد وخرج من المكان لتدخل عزيزة بخطواتها الثقيلة ومن خلفها سمراء تحمل آدم وأسمهان تمسك يد محسن الذي ركض نحو والده، أسرع أسد نحو عزيزة يقول لها
" قلت لكِ تعالي معي قلتي لي بشر قال ابقي، هل يعجبك حالك الآن "
قالت عزيزة التي تلتقط أنفاسها بصعوبة
" لم أكن لأرفض لبشر طلبًا " نظر بشر للباب بترقب ينتظر دخولها ولكن دقات قلبه التي قرعت كقرع طبول الحرب أصابتها ألف خيبة وهو يسأل سمراء
" أين تولين "
أجابته بتوتر
" أخذت رحيل وتولين وذهبت مع سارة للحارة، تقول ستبقى هناك لعدة أيام وطلبت مني أن أخبرك "
هز بشر رأسه وفي صدره كان هناك ضباب بركاني يخنقه حتى أنه تحسس عنقه ليقول منير
" لقد وصل المأذون أفسحوا الطريق "
عبر المأذون بين هذا الجمع وهو يغض بصره ويقول
" جعل الله دياركم عامرة بالافراح يا شيخ "
قال الشيخ عبد الرحمن
" لنعجل بعقد القران يا شيخ فوالد العروس على عجلة من أمره، نظرت بهية لوالدها الذي ينظر لها ولزوجها بحقد وامتلأت عيناها بالدموع ليقول المأذون
" يا شيخ هناك إجراءات يجب أن يقوم بها العروسين قبل عقد القران "
قال منير
" يا شيخ أنت منا وعلينا، لنعقد القران وغدا سيكون بين يديك كل ما تحتاج إليه فلن يتطلب الأمر منا سوى مكالمة من الشيخ لرئيس الهيئة الصحية وسنأتي بالاوراق اللازمة بإذن الله "
بدى على المأذون التردد لكنه جلس وفتح دفتره وقال
" أين العريس "
أشار عبد الرحمن نحو رائف الذي كان يقف مصدوم لا يستوعب ما يحدث وقال
" هذا هو …هل لديك هوية شخصية يا عريس "
نظر رائف لبشر بضياع ليسأله بشر
" أين بطاقتك الشخصية"
بدأ رائف يبحث في جيوبه بشكل عشوائي كأنما يبحث عن شيء لن يجده أبدا لتمسك يده بمحفظته ويعطيها بأكملها لبشر الذي أخرج منها البطاقة ووضعها أمام الشيخ ليقول الشيخ
" وبطاقة العروس "
وضع منير بطاقة أصالة الذي طلب الشيخ من أحد معارفه إستخراجها لها ليقول المأذون
" أين الشهود "
قال ليل بابتسامة
" أنا الشاهد الاول بالطبع، هذا ليس عقد القران الاول الذي أحضره بهذا المجلس "
كلماته آلمت بشر الذي أخرج هويته وقال
" سأكون الشاهد الثاني "
نظر لهم الشيخ وقال
" هل العروس موافقة "
قال أسد الذي فطن لمراد رائف من الشيخ وقال
" ها هي العروس يا شيخ اسألها بنفسك "
نظر الشيخ لأصالة التي كانت مازالت تقف خلف رائف وتتمسك به برعب
" ما بكِ يا ابنتي منكمشة هكذا، اقتربي مني لأراكِ "
توترت أصالة التي كان كل ما يدور حولها يفوق استيعابها بمراحل فدفعها رائف بلطف لتتقدم ليدفع منذر بهية بدوره لتدعم أختها فتتحرك بهية تجاه أصالة التي بمجرد أن شعرت بذراعي أختها انفجرت بالبكاء ووقفت الفتاتين أمام والدهما بمنتهى الصمت يختصمانه عند من لا تضيع عنده الخصوم ليقول المأذون لأصالة
" لماذا تبكين يا عروسة، هل أنت مجبرة على الزواج منه " سألته أصالة بإرتجاف واضح
" ممن "
نظر المأذون بالبطاقة الشخصية لرائف وقال
" رائف جسور …
قاطعته أصالة باندفاع تقول
" بل موافقة "
التفتت أصالة تنظر لرائف ليبتسم لها بعيون تلمع بها الدموع فتتسع ابتسامتها من بين دموعها وتقول " موافقة بالطبع "
كل ما تلى ذلك كان جرعة مبهمة من السعادة المصاحبة لتحقيق المستحيل، تقدم رائف ووضع يده بيد والدها …ليقول زوجني ابنتك … فيصمت والدها قاطعًا أنفاسها حتى كادت على وشك فقد وعيها قبل أن يقول
" زوجتك ابنتي "
ثم قطع مستقطع من دقائق الحياة التي لم تكن في صفها يومًا، كانت أصالة كمن تجمدت في طيف زمني مر بها كظاهرة كونية لا تحدث في العمر سوى مرة، أذناها كانت لا تلتقط الأصوات، عيناها كانت لا تلتقط تفاصيل المشهد، كلها محصور به، تنتظره أن يأتي ليأخذها بعيدا كما وعدها …كلها ما بين الصدمة والفرحة يتبعثر في كل مكان، أما هو فكان يعيش بكامل إدراكه ووعيه أسعد لحظات عمره، يعيشها بسبب تلك التي حين باتت نصب عينيه تغير كل ما في الأيام إلى شيء آخر،
الجميع يبارك …فهو بات يملك عائلة …الجميع يمزح … فهو بات لديه من يفرح لأجله، الجميع يقفون حوله فهو بات يملك العزوة ولكن لمن الفضل …لتلك التي حين تثرثر تخرس من حلاوة ثرثرتها طنين فراشات الليل، همّ رائف بالاقتراب من أصالة ليجد عصى الشيخ عبد الرحمن ارتفعت تعوق طريقه وهو يقول بصرامة
" أريد منزل مستقل وشبكة ومهر وضمانات كاملة وبعدها ستأخذ زوجتك غير ذلك لا زوجة لك عندي "
نظر رائف للشيخ عبد الرحمن وقال
" لها ما لم يأت لسواها وأنا سداد يا شيخ "
نظر الشيخ للجمع أمامه وهمّ بإكمال وصلة تأديبه لهم ليهمس له منير
" ليس الآن يا شيخ، دعنا لا نكسر فرحة الفتاة وغدًا لكل حادث حديث "
صمت عبد الرحمن مرغمًا ثم قال لمنير
" أخبر أم جعفر أن تعد وليمة لهم أما أنا فلدي أمر سأقضيه وأعود "
تحرك الشيخ عبد الرحمن منسحبا خارج المجلس فاقترب رائف مسرعًا من أصالة وهمس لها
" هل يمكنني أن ألمك داخل صدري دون أن تشكي في سوء نواياي "
ألقت أصالة نفسها إليه تتعلق بعنقه وتضمه بكل قوتها واحتياجها كأنها تعوض كل حضن كانت تحتاج إليه منه حين كان ليس من حقها أن تفعل …تعلقت به دون خجل وتعلق بها دون تردد في لحظة منحته فيها كل السعادة والحب دفعة واحدة ومنحها فيها كل الامان والحنان دفعة واحدة ..
༺༻

بعد يومين ……..

مازالت غصتي من رحيلك تنهش حنجرتي ذهبت وتركتني لسكرات الفراق وحين عدت تفاجأت أن سكرات لقياك كأنها لا تنهي ……


أمام باب المزرعة توقفت سيارة مؤيد الذي أشار له الحراس أن ينتظر حتى يتأكدوا من أن بإمكانه الدخول، رمق مؤيد الباب المغلق بينه وبين تلك التي تأخذ طريقهما إلى منحنى صعب ثم رفع عينيه نحو ماسة التي تنام بمقعد الاطفال المثبت بالمقعد الخلفي للسيارة وغامت عيناه بحنان رجل مازال لا يصدق أنه أصبح أب، رجل يمتليء بزخم من عاطفة الأبوة التي تحييه وتميته، رجل يخشى تلك العلاقة بكل ما يملك من رهبة ويريدها بكل ما يملك من إرادة،
قلبه العليل بصدره كان يرتجف تأثرًا ومحبة لتلك الجوهرة التي منَّ الله عليه بها بدون حول منه ولا قوة، وتخبطًا وشتاتًا من والدتها التي لا يعرف متى ستكتفي من إيلام قلبه وتسديد سهام خفاياها لعمق حشاه الذي ما وصلت إليه واستوطنته امرأة غيرها …فدومًا ما كانت سيادة صاحبة سطوة وسيادة على قلبه، شرد مؤيد بعينيه يتذكر صرامة حكم وحديثه القاطع فيما يخصها ونفرت عروقة أكثر وانتفخت أوداجه واشتد فيه إشتعال حمى الغيرة التي ما انطفأت ولو للحظة واحدة منذ مغادرته هذا المكان، تصلبت ملامح مؤيد الذي حاول طول الطريق أن يرتدي وجها دبلوماسيًا مهادنًا كأنه فقد السيطرة على بعد أمتار منها فماذا لو وقف أمامها ووصل إليها، فتحت البوابة الضخمة أمامه على مصراعيها فتحرك مؤيد بسيارته يعبر إلى الداخل ثم ترجل من السيارة وتحرك نحو الباب الخلفي يخرج ماسة بهدوء ليجد أحد رجال حكم يقول له
" السيد حكم ينتظرك بمكتبه " ازدادت ملامح مؤيد غضبًا وهو يتحرك خلف الرجل نحو المنزل ويفكر أنه لن يرحل إلا حين يراها وليحدث ما يحدث، ولج مؤيد إلى المنزل وفي طريقه نحو غرفة المكتب كانت عيناه مسلطة على وجه ماسة الدائري حتى وجد نفسه يقف وجهًا لوجه أمام حكم الذي قال له
" أهلا سيد مؤيد، سعيد أنك احترمت كلمتك معي وأتيت بالصغيرة "
قال مؤيد
" لقد جئت بماسة من أجل والدتها، وليس لأنك قررت أن تحدد طريقة حياة ابنتي نيابة عني وأريد أن أقابل سيادة سيد حكم وقبل أن تعترض أنا لن أسمع حديث منها على لسانك مجددًا، سيادة أم طفلتي وما بيني وبينها لا يتحمل تدخلك أو تدخل أي شخص لذلك من فضلك أخبرها أني أريد رؤيتها "
قال له حكم ببرود
" لم أكن لأعترض سيد مؤيد ما دمت وضحت لك كل ما يحتاج إلى التوضيح وبت أنت الآن تفهم أن وضع سيادة لم يعد كسابق عهده وأن عليك أن تحذر إن فكرت أن تطولها بسوء "
قال له مؤيد بغضب وقلبه يتقد بنيران مع كل كلمة تتأجج
" ماذا تقصد بحديثك هذا "
قال حكم
" مقصدي واضح جدا، لا أعرف أي جزء منه غير مفهوم بالنسبة لك "
قال مؤيد
" ذلك الجزء الذي يجعلك تتحدث وتأخذ قرارات وتتدخل في خصوصيات سيادة كأن علاقتك بها خاصة جدا "
قال حكم وهو يتحرك حول مكتبه " وما الذي يمنع أن تكون علاقتي بها خاصة جدا سيد مؤيد، سيادة امرأة جميلة ذات شخصية قوية و…جذابة صغيرة ولا يعيبها أبدا كونها كانت على علاقة بك فأنت رجل محترم "
قال مؤيد بغضب شديد
" ما بيني وبين سيادة لم يكن علاقة إنها زوجتي "
حك حكم ذقنه بروية وقال
" كانت زوجتك هل كلما التقينا سأحتاج أن أصحح لك تلك المعلومة، سيد مؤيد ليس من اللباقة أن تنسب لنفسك إمرأة لم تعد لك فما بالك لو أنها أصبحت امرأة شخص آخر، قليلا من الاحترام هنا من فضلك فأنا لن أقبل بعكس ذلك مطلقًا "
حديث حكم كان يصب البنزين على نيرانه الناشبة بالفعل، كل شيء فيه أصبح يأكل نفسه، أنفاسه تتسارع بغضب ونبضه يحتد برفض وجوارحه تنتفض بغيرة جعلته يقول بجنون
" أي رجل آخر "
دخلت سيادة الغرفة تقول بصوت واهن وكأنها استيقظت من النوم للتو
" هل طلبتني حكم "
قال لها حكم
" ماسة ووالدها يريدان رؤيتكِ " لم تكن قد رأته حين ولجت إلى المكتب وهو فارع الطول عريض البنية ليس مجرد هواء عابر، لم تكن قد شعرت به أو لفحها عطره كأنما بات تواصلهما شيء معدوم وكم طعن ذلك مؤيد بخنجر جارح، لتلتفت إليه سيادة بصدمة …تعلقت عيناها بعينيه لوهلة واحدة كانت كفيلة فدفع إعيائها ليشتد ضراوة ثم نزلت بعينيها نحو ماسة لتقترب منها تحملها من المقعد الذي يحمله مؤيد بانهيار ليقول حكم
" سيادة أنا سأكون بالخارج لو احتجتِ لشيء "
كانت سيادة تقريبًا لا تسمعه وهي تحضن ماسة أما مؤيد فقد سمعه حتى شعر أن الكلمات غرابيب سود تدك دكًا داخل صدره، انسحب حكم وهمّت سيادة بالتحرك بابنتها نحو المقعد لكن مؤيد الذي لمح جانب وجها المكدوم أسفل شعرها المسترسل أمسك ذقنها يرفع رأسها لأعلى ليطرح شعرها للخلف ويظهر لعينيه بشاعة المنظر ليقول بصدمة
" من فعل بكِ هذا "
نظرت سيادة لعينيه تلتقط ذبذبات خوفه باحتياح قاهر ثم أسبلت أهدابها وهي تجذب ذقنها من قبضته بقوة دون أن توجه إليه كلمة، شد مؤيد قبضته حول فكها رافضًا أن يفلتها وظل يتأمل وجهها بلهفة وشوق وقلق وهلع بالغين، كانت مختلفة …حزينة .. بها تغيير مقبض فقال لها
" بأي قلب تركتني وابنتكِ خلفكِ ومضيتي سيادة، انظري لنفسكٌ …ماذا حدث لكِ "
نظرت له سيادة وهناك شيء في أحداقها قد انطفأ، كانت تواجهه بالصمت حتى تواصل أعينهما كانت لا تطيله مطلقًا،
لا تبرير …ولا أسباب كأنها تقول لم يعد لدي ما أمنحه لك،
تزلزلت الأرض أسفل قدميه وشعر كأنما أنفاسه لا تصل لعمق قلبه وهو يقول
" أخبريني سيادة، هل تخليك عنا كان بالنسبة إليك قرار سهل جدا لتتركي خلفك ورقة ثم تفتحي الباب وترحلي "
تنفست سيادة بعمق وقالت بصوت جامد
" لا يوجد أنتم يا مؤيد فأنا حين تركت …تركت ابنتي، وحين تخليت …تخليت عنها، أنت لا مكان لك في تلك المعادلة لأني لم أكن معك لأتركك، أنت من تركني منذ زمن وأظن هذا أمر قد انتهينا منه ولا داعي لنخوض به "
ازدادت قوة كف مؤيد حول فكها وكل ما يتمناه في تلك اللحظة هو أن يطويها في يده طوعها أو كرهًا ليأخذها ويغادر ذلك المكان وقال
" تركتك، هل هذا تبريرك لكل ما يصدر عنكِ، تركتكِ …هل
تريدين أن تفقديني صبري أم عقلي بما تفعليه بي يا سيادة، أخبريني بما تسعين إليه بالضبط "
قالت سيادة بألم
" مؤيد اترك وجهي "
رفع مؤيد يده كما الملدوغ وضرب جبهته بعنف ثم قال لها بتعب
" أين كنتِ، أتدرين ما أصابني حين وصلت ذلك اليوم المنزل ووجدت ماسة وحدها ولم أجدكِ، أتدرين ما ألم بي، لقد تركتنا يومها بمحض إرادتكِ كأنكِ تثبتين لي مجددا أنكِ شيء في حياتي لن يضمن، أنكِ ستظلين شيئًا يتسربل من بين يدي متى شاء ولن أملك أن أمنعه كما لم أملك أن أمنعك من احتلال قلبي "
قالت له سيادة بجفاء
" مؤيد من فضلك "
نظر لها مؤيد بعجز أجج انفعاله، كان بداخله إنهاك واحتياج ولوم وعتب وخوف غير قادر على أن يعبر عنهم من خلال الكلمات، كان بداخله وجع وصل أقصاه بينما هي تقف أمامه بهدوء يقتله، قال مؤيد بحدة
" لقد بقيت جالسًا على ذلك السرير أرتجف برعب، أمسك الورقة بين يدي وأنظر لماسة بضياع، أنهما نفس الضياع والرعب اللذان شعرت بهما بالماضي، نفس جلستي المريرة حين رحلتي، نفس الألم والانشطار كان كل شيء يعاد ولكن بأقصى مما مضى، كأنكِ لا تفكرين مطلقًا في رغم إدراكك الكامل أنك شخص يؤثر على حياتي، وينهك عقلي ويتلاعب بنبضي، بربكِ سيادة بربكِ، متى تنوين أن تمنحيني الأمان لأني تعبت ولم أعد قادر على ما أعانيه "
نظرت له سيادة بجمود لا يعكس شيئًا من فتات روحها الذي تزروه رياح الحزن وقالت
" أنا لست مطالبة بمنحك أي شيء، وأنت لست مطالب بالشعور نحوي بأي شيء مؤيد، أنا من اليوم …من هذه اللحظة لا أريد منك سوى احترام علاقتنا لأجل ماسة وليس لأجلي، ومتى ما شئت أن ترى ابنتك يمكنك التواصل مع حكم فأنا مستحيل أن أبعدها عنك "
هاج مؤيد وهزها بعنف وهو يقول
" من حكم هذا الذي تزجين به بيننا، سيادة هيا معي، أنتِ لن تبقي هنا لحظة واحدة، هيا لمنزلنا لنحل أمورنا به دون أن تدفعي بيننا رجلا "
نظرت سيادة لأعين مؤيد وقالت " منزلنا …مؤيد أنا لا منزل لي حاليا سوى هنا ومن فضلك لا تستسهل لمسى متى شئت فأنا لم أعد أحل لك …أنت حر مني منذ سنوات وأنا سأتحرر منك لكي لا يصبح أحد منا أفضل من أحد، اذهب وجد من بلا أسرار ولا ماضي وأكمل معها الطريق وأخرجني من حساباتك تماما لأن كل حسابتنا معًا كانت خطأ من البداية "
تحركت سيادة تغادر الغرفة وهي تبكي بصمت ليس لحقيقة أنها باتت تنظر له قسرًا كزوج سابق وباتت تتعايش مع تلك الحقيقة ولكن لأنها كانت تحتاج لدفيء ذراعيه، تحتاج لتشعر بنبض صدره، تحتاج أن تردم فجوة الوحشة التي اتسعت بداخلها ولا تدري أنه كاد أن يترجاها ألا تتركه، ألا تعطيه ظهرها وتمضي ليبقى هو والضياع رفيقًا إلى الأبد، كاد أن يقول أحبك حب يؤلم دون توقف، كاد أن يطلب منها أن تحتويه قدرما تستطيع، لكن جمودها جمد حتى ذرات الهواء من حوله وأشعره أنها تدفع به لدائرة الخطر، دائرة أقطابها تنقسم ما فقده لها الذي بدا لعينيه وشيكًا …أو فقده لذاته إن فقدها وكم بدى ذلك الاحتمال أكثر منطقية.
༺༻

في نفس الوقت كان فيلو يراقب بتول التي منذ يومين وهي تتعامل معه بتحفظ شديد كأنها تقصي نفسها لأبعد نقطة بداخلها هربًا منه، فيمنحها هو كامل مساحتها لتتقبل حقيقة ما بات يجمعهما بصمت لا يخلو من حصاره الذي بات معلن بينهما، كانت تراعيه دون لمحة إهمال وكان هو يتلقى رعايتها ولمساتها الحانية بانفعال عابر لا يعكس أبد أثرهما على مشاعره ورجولته التي لا ترى في قربها لمحة عابرة،
رفع فيلو ذراعيه يتمسك بأكتاف بتول التي تغير له ضمادات جروحه وهو يعقد حاجبيه بألم شديد فنظرت بتول لوجهه بتوتر وهي تقول
" كدت أن أنتهي …تحمل قليلا "
جلست بتول على ركبتيها أمامه لتتفقد جرح خصره ثم قالت
" هلا تراجعت للخلف قليلا " فرد فيلو ظهره على السرير وارتكن بذراعيه وهو يرفع رأسه ليراقب ما تفعل ليقول لها دون مقدمات
" بتول "
أجابته وهي تطهر الجرح دون أن تنظر له
" نعم "
قال لها فيلو
" أريدك أن تحددي معي القادم " ارتبكت بتول وتوقفت يدها للحظة قبل أن تكمل ما تفعل وهي تقول له
" لا أفهم ما ترمي إليه "
أمسك فيلو كفها واعتدل جالسًا مجددًا ينظر لها من علو بينما هي تجلس على ركبتيها أمامه وقال
" أنا حاليًا بت أملك عائلة قبلية كبيرة باليمن ويمكنني الاستقرار بينهم لو تحبي ذلك، أو يمكننا العودة لباريس رغم تعقيد الأمور مع الحكومة هناك قليلا، أو يمكننا البقاء هنا والبدء معًا من الصفر، أنا لا يهمني الطريق لذلك تركت لك اختياره كما تركت لنفسي حرية اختيار رفيقي به والذي هو أنتِ "
لمس فيلو وجنة بتول بطريقة حسية جعلتها تزداد ارتباكًا وخجلًا وهي تقول
" ما بيننا بات يؤرقني "
قال لها فيلو
" ماعاد يجب أن يؤرقك شيء بتول، لقد عشتِ عمركِ بأكمله في أرق وخوف وترقب والان أنتِ لست مطالبة سوى بإلقاء كل ما مضى خلف ظهرك وأن تمسكي يدي وتمضي فهل التمسك بيدي في نظركِ بكل تلك الصعوبة "
مد فيلو يده الحرة لها، كان يقبض على كفها ليوضح لها أنه لن يفلتها والثانية يطلبها بطيب خاطر لأنه يريدها أن تكون بجواره راضية، صراع مبهم لكنه محسوم لشخص مثله أرهقته الصراعات، واستنفزته النساء، وقتله ظلام الماضي وظلام داخله عدة مرات، نظرت بتول ليده بتردد قهره لكنه ظل يمدها بإصرار وعيناه تسألها اللجوء لتمر اللحظات على حد سيف يشطر حتى أمسكت بتول بيده فأطبق كفه على كفها بقوة ليباغتها وهو يجذبها إلى صدره بقوة يده تغلغل شعرها الغجري حتى تصل عنقها وذراعه تحيط خصرها لترفعها إليه، ومشاعر باتت غير قابلة للسيطرة، وتعقيد إذداد تعقيد،
ومخاوف كانت بكل اللامنطقية تتساقط ليقاطع تلك اللحظة المنفلتة من عقال الزمن طرق على الباب تبعه صوت سيادة يقول
" سيدة مريم من فضلكِ هلا نزلتِ أنتِ وزوجكِ للسيد حكم إنه ينتظركما "
نظرت بتول بذهول لفيلو الذي كان ينهت بعنف ليقول لها
" أنتِ معي ما عاد لديكِ في ذلك ظنون"
هزت بتول رأسها وقالت له بخفوت متأثر
" لكن لدي الكثير من الاسئلة " قال لها فيلو
" ليس الآن فهناك من ينتظرنا ".
༺༻

بعد قليل…

فتح باب المصعد فخطى فيلو للخارج تتبعه بتول ثم سيادة التي تقدمتهما وقالت
" اتبعاني "
كانت بتول تنظر لكل ما حولها بصدمة بعكس فيلو الذي كانت عيناه تلتقط كافة التفاصيل بثبات لا يتخلله لمحة انبهار واحدة، نظرت فيلو لبتول وقالت
" ما هذا …منزل أسفل الأرض "
نظر فيلو لها بطرف عينه ثم أمسك يدها ولم يجب لتقول بتقول له بحنق
" لمَ لا تغلق قميصك …مظهرك …
صمتت بتول تهز رأسها بعدم رضا ليشمخ فيلو بذقنه ويقول
" ليس كل العادات قابلة للتغير " لم يلاحظا مطلقا أن أغلب حديثهما معا يكن باللغة الإنجليزية كأنما لا يرتاحان مطلقًا للتغير الذي ضرب حياتهما سويًا دون سابق إنذار، ولج فيلو للمكان الذي يتواجد به السباع ليقترب منه حكم ويقول
" تبدو لي بخير "
قال فيلو
ببروده المعهود
" أبدو كالعائدين من الموت " قال له حكم
" جميعنا عائدون من هناك لكننا كنا على أقدامنا بعكسك "
نظر له فيلو نظرة لا مبالية وقال " جميعكم عدتم من هناك بمفركم بعكسي "
قال فياض بنزق
" حكم أنا أعرف ذلك البارد المغرور منذ سنوات لن يقول شكرًا بسهولة "
اقترب فياض يقف أمام فيلو الذي رفع حاجبيه بذهول وقال
" شيخ العرب "
قال له فياض
" سيد فيلوبتير "
قالت سيادة
" هل تقاطعت دروبكما من قبل "
قال فياض
" السيد فيلو أحد أكبر رجال الأعمال وأحد أكبر رواد الحفلات وأحد أكبر شبكة علاقات نسائية مرت عليّ.."
نظرت بتول لفيلو وقالت
" من السيد الذي يعرفك أكثر مني "
قال له فيلو
" السيد فياض، شيخ العرب بباريس، لا يوجد عربي لا يلجأ إليه، رجل أعمال معروف وغامض معتزل للنساء والاشاعات تقول أنه قد يكون غير سوي "
ضحك رشيد بقوة تأوه لها وقال
" الحمد لله أن زوجته ليست هنا لتسمع فهي رأت منه من الكوارث ما يكفيها "
امتقع وجه فياض بشدة لتقول بتول
" أنت السيد فياض رئيس السيد ماثيو والسيدة فيلدا، لقد حاولت التواصل معك لتساعدني في البحث على فيلو حين اختفى وبقيت بمنزلك فترة "
نظر فيلو لبتول بتساؤل فهمست له
" في غيابك حدث الكثير "
قال فياض
" حين رأيته معك فهمت أنها أنتِ، من كان يصدق أنكِ كنت بهذا القرب "
قالت بتول
" شكرًا لكون منزلك كان مرحبًا بوجودي، أنت رجل كريم سيد فياض "
قال فياض بحدة
" وسوي "
امتقع وجه بتول بإحراج ليقول فيلو
" مازلت لا أفهم كيف التقت دروبنا "
قال له حكم
" ولا داعي لتفهم ما لا يخصك، المهم الآن أنك وزوجتك بخير " قال فيلو
" حسنا دعوني أسأل السؤال بشكل مغاير هل انتهى الخطر تمامًا "
نظر له حكم بريبة وقال
" حدد ما تقصده بالخطر "
نظر فيلو لأعين حكم وقال
" الخطر شيء محدد لا يحتاج لتحديده إن وجد "
بدأ الجو يتوتر وتنتشر ذبذابات من التحفز في الأجواء ليقول حكم " بدلًا من تلك الفلسفة حافظ على زوجتك فلولاها لكنت تحت التراب يأكل الدود بك دون رحمة "
انقبض قلب فيلو وأحاط خصر بتول التي اقترب منها طايع وهو يتسند على مساعدين وقال
" هلا أريتني وجهك، اعذريني ولكن أن تكوني سببًا من أسباب تورطنا مع ذلك المجنون ونحن حتى لا نعرف ملامحك جيدًا لهو أجن "
جمعت بتول شعرها الغوغائي وعقصته أعلى رأسها فقال طايع " سأرسم لكِ لوحة يومًا ما " ظهرت الغيرة في أعين فيلو لينظر حكم لفياض بعدم راحة كأنه يسأله هل تعرف ذلك الشخص جيدًا فبادله فياض النظر بتوتر كأنه يقول له ما الذي يقلقك بالتحديد، التفت حكم لفيلو وقال
" متى تنويان على الرحيل " نظر فيلو لحكم وقال
" اليوم سنرحل …وشكرًا لك سيد حكم على كل شيء "
قال له حكم
" لا تشكرني على شيء لم يكن ضمن مخططاتي، اشكر زوجتك والظروف "
تحرك حكم نحو يهدين لتلمح بتول ماسة التي تنام بجوار رشيد الذي يلاعبها فتحركت نحوها وهي تقول لرشيد
" أهذه الصغيرة ابنتك "
قال لها رشيد
" هل الشبه بيني وبينها واضح " نظر حكم لما يحدث خلفه وقال ليهدين
" هذا الشخص غير مريح "
قالت له يهدين
" دع عنك الحذر الزائد أنا أعلم أنك تخشى أن تأتي ضربة السيد الانتقامية على حين غرة لكن اطمئن، أنت تأخذ حذرك وتفعل ما عليك وأكثر وأنا معك، بمجرد أن يخبرني أواب أن الأوضاع آمنه سأعجل بسفر الجميع ليبتعدوا عن هنا ولن يمسنا سوء ولا فقد مجددًا …أعدك "
نظر حكم لعينيها التي تلمع بالدموع وقال
" يهدين أنتِ لا ذنب لكِ بشيء، لا تنسي هذا مطلقًا "
حركت رأسها تدعي الرضوخ لتريحه فتحرك حكم نحو سراج التي كانت ملكوت توليه كامل إهتمامها لتقترب يهدين من فيلو وتهمس له
" إن كنت أديت مهمتك بنجاح فارحل دون عودة ودون أن تقترب من إخوتي وتذكر أني سأفتح لك الباب لترحل بسلام ليس ضعفًا منا ولكن ليكن في عنقك وعنق من خلفك دين لي قد أطالبكم يومًا بسداده "
نظر لها فيلو بحدة فنظرت يهدين لعينيه بشر قبل أن تتحرك نحو بتول وتقول لها
" هل لديك وقت لتخبريني عما حدث معكِ بالضبط، هناك بعض الأشياء التي ليست واضحة بالنسبة لي خاصة أمر تلك الحقيرة المدعاة سديم " …..
༺༻

يؤلمني أني حتى حين النوم أشعر بك تركض في أحداقي، قد لا يكون أرقي عائد لشربي الكثير من فناجين القهوة ولكن لغوصي بالكثير من قهوة أحداقك …….

༺༻

بالحارة جلس شاهين على أحد مقاعد المقهى المقابل لمنزل سلطان العطار والذي يعد هذا هو اليوم الثالث له الذي ينهي فيه عمله ويأتي إلى هنا بلا هدف أو مغزى إلا أن يشعر أنه قريب منها، تمر به الساعات وهو يحدق في الفراغ بحثًا عن إجابة ترضي أخيها الذي استنفذ معه جميع حيله، وحين يأتي الليل يجر أقدامه جرًا نحو سيارته ليعود إلى منزله حيث ينتظره والده بوصله تأديب طويلة اعتراضًا منه على تمسكه بها، اقترب ياقوت من شاهين وسأله بلطف
" القهوة أولًا أم الشاي يا أبو الكرم "
ابتسم له شاهين وأخرج من جيبه مبلغ ودسه بجيب قميص الفتى البالي وقال له
" احضر لي القهوة "
أشار الفتى نحو عينيه وقال
" حالًا "
تحرك ياقوت مبتعدًا ليفرك شاهين وجهه بتعب شديد …رن هاتف شاهين فتفقده وحين وجد رقم علِيّ تجاهله تمامًا فهو يعلم فيما يريده ولا عقل لديه للجدال معه، فعل شاهين خاصية الوضع الصامت وأراح رأسه للخلف يسمع صوت أم كلثوم يشدو قائلًا…

""واثق الخطوة يمشـي ملكـاً
ظالم الحسن شهي الكبريـاء
عبق السحر كأنفاس الربـى
ساهم الطرف كأحلام المساء""


أفتر ثغر شاهين عن إبتسامة وهو يتنهد، فالكلمات كانت كأنها تصف تلك التي تجعله يدور حول نفسه في دوائر لا تنهي، ارتخى جسد شاهين المجهد وارتخت أجفانه كما لو أنه سينام لينتفض بفزع وهو يسمع علِيّ يصرخ به " أنت، هل كنت تظن أني لن أستطيع الوصول إليك "
نظر له شاهين بحنق وقال
" ماذا تريد مني يا علِيّ "
قال له علِيّ
" دعوة المؤتمر التي أرسلتها لي، لماذا أرسلتها ..ألا تعلم أني
لست متفرغ وأجهز لسفري، أنت قلت لي اترك كل شيء وأنا سأتولى الأمور لا تأتي الآن وتتنصل من مسؤولياتك وتتراجع عن كلامك لأني لن أمثل عائلة الجوهري في أي مكان وتحت أي ظروف "
قال له شاهين بانفعال
" أنا بالفعل أحمل عبيء العمل بأكمله على رأسي دون أن أشتكي أو أطالبك بشيء لكني الآن بت لا أستطيع السيطرة على الوضع، العمل العائلة ومشاكلي الخاصة ثم هذا المؤتمرالذي جاء بوقت خاطيء تماما، لذلك لا تضغط عليّ أكثر واحضره ثم ارحل حيث شئت مادام لم يعد هناك ما يدفعك للبقاء "
ظهر اليأس على ملامح شاهين ليسأله علِيّ بهدوء
" هل مازال سلطان لم يقبل باعتذارك "
قال له شاهين بحرقة
" منذ طردني حين أتيت للوصول معه لحل يرضيه وأنا كل يوم أتي لهنا لأجد إجابة قد ترضيه لسؤال ظننته دومًا أسهل ما يكون "
قال له علِيّ مواسيًا
" كل الأمور ستحل…سلم أمرك لله "
قال شاهين
" ونعم بالله "
مر رجل كبير عليهما ليتوقف حين رأى شاهين ويقول له
" هل هناك من جديد يا بني "
قال له شاهين
" لا جديد، دعواتك يا رجل يا طيب "
قال الرجل
" ليجعلها الله من حدك ونصيبك "
ثم تحرك مغادرًا فسأل علِيّ شاهين بذهول
" من هذا !!"
قال له شاهين
" أحد رجال الحارة كنت أشكو له همي بالأمس "
جلس علِيّ على المقعد المقابل لشاهين وقال له
" وما نهاية هذا الوضع يا …..
صمت علِيّ وكم كان لصمته عظيم المغزى، صمت لكي لا تفضح إرتعاشة صوته تلك المشاعر التي اجتاحته وزادت ويله بعظيم الويلات، رأها شعلة وهجها يخطف بصر أعتى الرجال تلف من حولها عبائة سوداء مجسمة بدت عليها أكثر إغراء من كافة فساتينها الفارهة ذات العلامات الشهيرة، ساقاها البضة تظهر من فتحت العبائة كاشفة عن خلخالها الذهبي وخفها الناعم وكعبها الذي كان مخصبًا بحمرة تشبه الدماء، كانت تضع على رأسها حجاب غير محكم وتوزع الابتسامات على المارة دون حساب غير واعية لفتنتها التي تجعل كل رجل تقع عيناه عليها يتوقف مكانه قسرًا، فز علِيّ يقف بغضب شديد ويقطع الخطوات بينهما ويقول هادرا
" ماذا تفعلين هنا "
تفاجأت كنزي بوجود علِيّ الذي كان كأنه خرج من رأسها وتجسد فهي لا تتوقف عن التفكير به، اقترب شاهين يقول
" كيف حالك يا كنزي "
قالت له كنزي بتوتر
" بخير، هذا من أجلك "
قدمت له كنزي علبة فأخذها شاهين بلهفة وهو يقول
" هل هي من سارة "
همّت كنزي بالرد ليهدر بها علِيّ " ألا تسمعيني، ماذا تفعلين هنا " اذدرت كنزي ريقها وقالت
" أنا والفتيات هنا منذ يومين " قال لها علِيّ بحدة
" ما شاء الله بت تتحركين كما يحلو لكِ كأنه ليس لكِ رجلًا، كأنكِ تخلصت مني وانتهينا " نظرت له كنزي بحزن وتحركت عائدة نحو مدخل البيت فتبعها علِيّ بغضب وجذب ذراعها بعنف يجبرها على التوقف وهو يقول
" قفي هنا، ألست أحدثك " طأطأت كنزي رأسها للأسفل لتزيده جنونًا فيهدر بها
" انظري إليّ "
هزت كنزي رأسها برفض، فقال لها
" انظر إلي كنزي "
قالت له بصوت مختنق
" لا أريد أن أشعرك بصيقع القهوة الباردة في عيني "
نظر لها علِيّ بصدمة وقال
" أهذا ملام يا كنزي "
لم تجبه فهزها علِيّ بعنف يقول مبهوتًا
" أهذا ملام لي!! "
بكت كنزي فقال لها
" من أين أتيتِ بكل تلك الجحود والقسوة، أنا بت لا أصدق أنكِ حبيبتي التي كنت حين أغلق عليها ذراعي نتوحد حتى يتلاشى من حولنا الكون "
قالت له كنزي بحرقة
" توقف عن إيلامي يا علِيّ وإثبات وجهة نظرك في كوني الطرف السيء بيننا كلما التقينا، توقف عن التجريح في لأني لم أعد أحتمل، ثم هلا قلت لي ما الذي يمنعك من تطليقي حتى الآن، لا تقل أنك تنتظر مكالمة مني أو من أخي نطلب فيها ذلك، لا تقل أن هذا ما يعوقك، إذا كان الأمر كذلك يمكنك أن تعتبر أن تلك المكالمة قد وصلتك وتتصرف بناء بناء على ما يريح قلبك وعقلك ويخرجنا من تلك الدوامة "
قال علِيّ بقهر
" أنا لم أجرحك مطلقا يا كنزي حتى حين أتيت إليك بتلك الزنزانة العفنة كنت أستفزك بكل ما أوتيت من قوة لتقولي لي أنا أحتاجك، لتجعلي لوجودي وسط تلك المعمعة معنى، لتخدري رجولتي المعطوبة بكل الرفض الذي ألقيته في وجهي دفعة واحدة فأقف بين الرجال وأنا أشعر بذاتي، الدوامة التي تبتلعنا هذه أنتِ من أدخلتنا بداخلها حين رفضتي أنت تسمعيني، حين سافرتي وتركتني كما المجنون خلفك أبحث عنكِ في كل مكان، حين أشعرتني بالذل والقهر " قالت له كنزي
" أنا لم أقصد أن تراني مؤذية لهذا الحد، أنا كنت اتألم وفضلت ألا أواجه لأن مواجهتك كانت لتزيدني ألمًا علِيّ، بربك ماذا كنت ستقول وقد رأيتك مع أخرى بعيني، كل مبرراتك ستكون خناجر سامة تنفذ في صدري خاصة وأنت تعلم حجم مخاوفي تجاه هذه العلاقة، تعلم وقبلت أن تخوضها وأنت واعي تمامًا لهشاشة وتعقيد ما سيجمعنا، أنا لم أظلمك علِيّ …أنا ظلمت نفسي حين أطلقت لمشاعري العنان واذددت تورطًا معك، أنا لو لم أكن أحبك لوقفت في وجهك أنت وتلك الفاسقة وقلت لها اشبعي به إنه لا يعنيني "
قال علِيّ بانفعال
" لا شيء مما تقولينه قد حدث، أنا لا أتذكر شيء من هذا مطلقًا " قالت كنزي بحدة
" بل حدث يا علِيّ، كنت عاري الصدر وهي كانت …
صمتت كنزي وقد تغضنت ملامحها بألم ثم قالت
" انظر لتبريرك …لا تذكر، هذا التبرير مهين …مهين "
بكت كنزي بحرقة آلمته وأججت جنونه ليقول
" كان عليكِ أن تقفي وتصفعيني إن فعلت ثم تصفعي تلك الحقيرة وتقولين لها أنه زوجي، كان عليكِ أن تثقي فيما بقلبي لكِ وتنتفضي لتحافظي عليه، كان عليكِ أن تدركي أني لا أخون وتتعاملين بناء عليه "
قالت له بغضب
" لمَ تظن أني بذلك القوة علِيّ، لمَ تظن أني بتلك الصلابة، لمَ تظن أني قد أتحمل أن أصفعك، أنا أحبك نعم ..نعم …بل وألف نعم لكن أخاف هذا الحب وأخاف تبعاته "
همّت كنزي بالتحرك فتمسك بها علِيّ بقوة كأنه يزرعها في أرضه قسرًا وقال
" قولي أنكِ تحبيني مجددًا …قوليها وعيناكِ بعيني، قوليها بنفس الحرقة والعتب، قوليها بنفس القوة والحرقة، قولي أحبك …نعم بل وألف نعم "
هزت كنزي رأسها برفض فصرخ بها علِيّ
" الآن قوليها "
ارتجفت شفتيها بتأثر بالغ ليقطع المشهد صوت نحنحة سلطان الذي قال
" ما الذي يحدث "
ترك علِيّ كنزي التي ركضت تصعد للأعلى ليقول علِيّ لسلطان " لم يحدث شيء، أسمح لي " تجمد سلطان يراقب رحيل علِيّ المنفعل ثم نادى بعنف
" سارة، يا سارة "
نزلت سارة تركض وهي تسأل بصدمة
" ما الأمر يا سلطان "
قال لها سلطان
" منزلي هذا مفتوح للزيارات لا للنساء الهاربة من أزواجها، هذا الدلال الزائد لا أفهمه، حين أعود لا أريد أن أجد واحدة منهن هنا حتى أنتِ عودي لعملكِ لقد عدت أنا أيضًا لعملي وسأغيب بالخارج لأيام وبقائكِ هنا لم يعد له داعي " هزت سارة رأسها بطاعة وقالت " سأحاول "
قال لها سلطان
" بل ستنفذين .. السلام عليكم" تحرك سلطان مغادرًا لتتباطيء خطواته حين رأى شاهين الذي يجلس على المقهي المقابل للمنزل، فز شاهين واقفًا يقترب من سلطان ليتجاهله سلطان كليًا وهو يسرع نحو سيارته يركبها وينطلق ليقف شاهين في إثره محبطًا يائسًا ليجد سيارة علِيّ تمر بجواره ليخرج منها علِيّ رأسه ويقول
" ما رأيك أن نسافر معًا لنحضر المؤتمر "
نظر شاهين لمنزل سارة بحزن قبل أن يلف حول السيارة ويجلس على المقعد المجاور للسائق ثم يرخي رأسه للخلف وضرب باب السيارة بخفة وهو يقول
" قد بنا إلى هناك …قد ولا تتوقف ".
༺༻

بعد عدة ساعات أوقفت فاطمة سيارة أجرة أمام شركة الشحن الخاصة بسلطان وترجلت منها وهي تقول للسائق
" انتظرني من فضلك لن أتأخر "
نظر لها السائق بضيق لم تأبه له وهي تتحرك نحو المدخل وتتفقد المكان بعينيها بإرتباك بالغ حتى وجدت أحد الشباب يقوم بتلميع الباب الزجاجي الخارجي فاقتربت منه تقول
" من فضلك "
التفت لها الشاب لتتهلل أساريره وبدا كأنه قد عرفها وهو يقول
" اؤمريني يا أنسة فاطمة " قالت له فاطمة بلطف
" هلا أوصلت هذا الطرد والظرف لسلطان "
قال الشاب
" إن كنتِ تريدينه إنه بالداخل تفضلي "
قالت فاطمة بتوتر
" لا للأسف أنا على عجلة من أمري والسيارة تنتظرني، هل يمكنك تسليمه هذه الأشياء "
أخذ الشاب منها الظرف الذي بدا قديمًا جدًا ثم أخذ الطرد وقال
" اعتبريهما قد وصلا "
قالت له فاطمة
" شكرا لك "
ثم انسحبت مسرعة نحو سيارة الأجرة تركبها وهي تفكر في هول ما قدمت عليه وهول تبعاته..


انتهى الجزء الثاني من الفصل الثلاثين
قراءة ممتعة للجميع ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-05-23, 09:14 AM   #390

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي

روووووووعة
Amira94 likes this.

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.