آخر 10 مشاركات
رواية بدوية الرحيل -[فصحى&عامية مصرية] -الكاتبة //ألاء محمود مكتملة (الكاتـب : Just Faith - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          376 - الزوجة العذراء - ماريون لينوكس (الكاتـب : monaaa - )           »          372 - هروب إلي ناره - ميلاني ميلبورن ... ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          130-كلمة السر لا-أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          كنزي أنا (53) -ج3 من سلسلة زهور الحب الزرقاء- للمبدعة: نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-01-23, 07:46 PM   #281

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 245
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي


معنى الوجه اللى ظهر ل فيلو ايه
و الدم و الالم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هيسفروا البنات كلهم
و الله اسلم حل بعيد عن المشاكل لغاية ما يتم الحل

روووووووووووووووووووووووو وووووعة يا شوشو تسلم ايدك


al gameel rasha متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-01-23, 09:15 PM   #282

سناء يافي

? العضوٌ??? » 497803
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 447
?  نُقآطِيْ » سناء يافي is on a distinguished road
افتراضي ارض السيد

فصل راىع شى مرعب الي تعرضت له كيان فظيع الوصف فصل ملئ بالأحداث تسلم ايدك

سناء يافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-01-23, 08:16 AM   #283

Dina abd elhalim

? العضوٌ??? » 434126
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » Dina abd elhalim is on a distinguished road
افتراضي

الله الله على الجمال والروعه

Dina abd elhalim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-23, 06:19 PM   #284

سما إسماعيل

? العضوٌ??? » 504389
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » سما إسماعيل is on a distinguished road
افتراضي

رائعه كالعادة ...إن شاء تكون الأحداث دى بداية إنفراج الأزمه ...أحسنت يا شهيرة 👏💐

سما إسماعيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-23, 02:55 AM   #285

هبةحسين

? العضوٌ??? » 392364
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 168
?  نُقآطِيْ » هبةحسين is on a distinguished road
افتراضي

رووووووووووووعة يسلم ايدك ا لاحداث رهيبة

هبةحسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-23, 08:47 PM   #286

امل ابراهيم

? العضوٌ??? » 256227
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 772
?  نُقآطِيْ » امل ابراهيم is on a distinguished road
افتراضي

مبدعةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة ةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة ةةةةةة

امل ابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-23, 12:19 AM   #287

هدهد راشد

? العضوٌ??? » 473299
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 41
?  نُقآطِيْ » هدهد راشد is on a distinguished road
افتراضي

كل كلمة حقيقى ابداع . يسلم قلمك. ننتظرك دائما بشوق و متنقل بين كلماتك بلهفة

هدهد راشد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-23, 12:56 AM   #288

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

خلصت فيكى كل الكلام الحلو يسلم ايدك ودماغك رووووووووووووووعة

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-23, 03:00 PM   #289

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع والعشرون

يا إمرأة حرضت رجولتي على التملك
ما أضيق حيلتي وما أوسع دروب فرارك
إن سحب الدخان التي كما الغيمات تلاحقك
تصاعدت عن جحيم اندلع من هول قرارك
وغارات الحزن العتيق التي تستوطن قلبك نشبت
في جسدي لتملئه بالغربة كلما تماديت بإنكارك
يا هاربة تطوي المسافات الممتدة بيننا بعدًا و بعدًا
لا تكسريني بالفراق وتبالغين في الهجر بإصرارك
كُفي عن العبث بنبضي وعودي إلى حيث أعماقي
التي شيدت لك فيها مستقر و حفرت فيه أثارك
يا من أحببتك بطريقة تناقضت فيها ذاتي مع ذاتي
إنني بالحب ما استبقيت شيئًا لأبقى في ربوع مدارك
سلمت لاحتلالك العنيف الذي هز ركائزي ولقيد أشواقك الذي ضجت لشدته جوارحي لأبقى جوارك
يا مرة الغياب لماذا عجز عقلي عن سبر أغوارك
يا موطني حينما تغترب بي كل الأشياء قولي لي
بربك كيف سأقوى على المسير وحيدًا فوق جمارك
كيف؟
وشوقي إليكِ لا تنهكه الساعات التي تطول ولا يمنعه عن كسري واستعبادي هجرك لي وإدبارك
يا إمرأة بقدر حبي المطلق إليها تخذلني إن الفراق أعلّ قلبي وبدني فأرشديني رفقًا بي إلى مساركِ
فإن كان البعد زهد فزهدك في قربي يقتلني وإن
كان لومًا فقد لامتني مشاعري وجلدتني على غرارك
يا سيدتي كيف فرطتي في يدي وأحللتي بالرحيل وثاقنا
ورفعتي ما بيننا بالصمت المطبق وشيدتِ أسوارك
كيف تنبذيني وترحلين دون أن تلتفتي إليّ و تنتفضي
لوعة للخطى التي شطرتنا دون رحمة أوتارك
ما حسبتك يومًا ترجين لي ألما وما ظننت أبدًا
أن تتمزق صرخاتي المفزعة بين أقطارك
أينسى القلب عينان لهما فيه مجرى وملاذ
أو يعرض ويصد عن رجل بالحب أجارك
عيناك ضاعا سيدتي ثم بالهجر أضاعاني فسلام على لون الحزن في عينيك الذي كان خيارك
يا غفلة تغافلني كلما استعدت اليقين بأني وجدت الجزء الناقص من روحي لقد غابت عن عالمي أقمارك
والظلمة في رحيلك تغتال دون أن تبقى على رمقًا
يسيرًا من وعي يتقصى بلهفة همسات أخبارك
يا حائرة في ذهني أنا رجل لم تدركي في الحب جنونه
وقد عجلتي بفورة بركان نيرانه ستأكل شوقًا نيرانك
رجل ما هجر خيالك قلبه حتى حين عزمتي على الهجر
ولم يزعزعه البعد الذي لن يقبل فيه مطلقًا أعذارك.
༺༻
و سأرحل عن مداك وحدي لأكون كمن أغلق الباب بعنف على أصابعه .. بكل قوتي دفعته وبكل قوتي تألمت ودون وعي ولا منطق تركت في ذاتي لرحيلي عنك بالغ الأثر…
༺༻
خطى الفراق وإن عظمت فإن وقعها على القلوب أعظم، إنها كانتفاضة عاتية حين تلم بالقلب تصيبه بشرخ باتساع العالم،
وحين تلم بالجوارح تسكنها بالحزن الشديد، خطى حين تتسع يتوه العقل في شتات لا ينتهي، وحين تتخبط تذوب الإرادة فنسقط في هولها معذبين دون أمل في النجاة، فالفراق ليس قرار يسهل حسمه، فمن ذا الذي قد يتحمل أن يكوى جرحه بنيران لا تنطفئ، وكلما هاجت الذكرى وعصفت تأججت
لتجعلك معذب ملتاع لا تملك حق الشكوى ولا تملك رفاهية الصمت، مسلوب الإرادة تقدم قلبك إلى موت لا قيامة له
كأنك تريد أن تتخلص منه بعدما أنهكك وسلبك الاتزان الذي كنت تنوي أن تكمل به المسير فلا يبقى أمامك سوى أن تتكئ على وحدتك لتمر بمخاض عنيف ينتهي بشعور هو الأكثر تنكيلا بالقلوب، فماذا لو كان قدرك مخاض متعسر ؟؟؟
كان هذا ما تفكر به كنزي وهي تريح جانب وجهها على النافذة الباردة للسيارة المنطلقة تحت سماء غاب عنها القمر، شاردة تراقب الطريق الذي كان كأنما يركض مسرعًا ليأخذها بعيدًا، وأضواء الأعمدة الواقفة على جانبيه تلمع في عينيها كومضات تجعلها مستسلمة لعصف ذهني عنيف، أنفاسها تهيج …فتهيج الذكرى لتعود التفاصيل التي عاشتها معه لتعيد ذاتها دون توقف، لمسة يده على عنقها التي تشعرها حية أكثر منها تنزلق ببطء نحو قلبها لتتوقف فوق نبضها المتسارع كأنه يريد إدراك نبضها بقبضته، وأنفاسه التي تلفح جبهتها التي كلما مال ليقبلها فيميل لها نبضها ميلًا عظيمًا تستشري وتتغلل داخلها لتجتاح منها كل حدب وصوب، ثم دفيء قبلته الذي كان ينهي فصول الشتاء بين جوانحها ويبدد كل الغيمات، لينتهي كل الخوف بذراعيه اللذين حين يغلقان من حولها تشعر أنها ملكت العالم بأسره، ونظرة عينيه اللتين كانتا ترى من نورهما نور الدنيا وروعتها، كل التفاصيل كانت تهزمها شر هزيمة …كل التفاصيل كانت تعذبها ورغم ذلك لم يرف لها جفن وهي تنسحب خلف الفتيات مغلقة هاتفها دون تفكير، تاركة إياه خلفها لتفر منه ومن ذلك الألم الذي تحياه كلما رأته، تنهدت كنزي بصوت مسموع فالتفتت لها سارة الساهمة تسألها " أأنتِ بخير"
هزت كنزي رأسها وقالت
" نعم، أشعر ببعض الاختناق …أريد استنشاق الهواء" ضمتها سارة فمالت كنزي برأسها إلى كتفها وهي تقول
" أشعر أن أنفاسي ساخنة كأن بصدري نيران أنفثها "
ربتت سارة على ظهرها وقالت " الجو بارد كنزي، اهدئي فقط "
أغمضت كنزي عينيها فالتفتت فاطمة تسأل سارة
" أهي بخير "
قالت لها سارة
" نعم …هي فقط تحتاج إلى الراحة "
قالت فاطمة بتعاطف
" في سيارة بشر غطاء حين نتوقف سأحضره لها "
قال عيسى الذي كان يقود السيارة
" لقد اقتربنا بالفعل من محطة الوقود التي سنتجمع بها، انظرن ها هي سيارة مؤيد يبدو أنه أول الواصلين "
اعتدلت كنزي بسرعة تشب بعنقها لتنظر نحو سيارة أخيها فترى سيارة بشر تتوقف فيتوقف عيسى بدوره وهو يقول "
هل أحضر لكن شيئا لتأكلنه حتى يصل البقية "
همّت سارة بالرد لكن الباب المجاور لكنزي الذي فتح جعلها تنظر تجاه عمر التي ترجلت كنزي من السيارة مسرعة تلقي نفسها بأحضانه ليضمها بقوة وهو يرفعها عن الأرض ويقول " رؤيتك خارج تلك المشفى تجعل لكلمة حمد لله على سلامتك مذاق آخر "
تعلقت كنزي بعنق عمر تدفن وجهها فيه وتبكي بصمت فيشد ذراعيه حولها أكثر كأنه يربت بتلك الحركة على نبضها المتألم، فتترجل سارة من السيارة وتقول لكنزي بلهجة تداري فيها الحزن بمزاح سودوي "
لمَ البكاء الآن، هذا عمر السليم ..ماذا ستفعلين مع مؤيد إذا " رفعت كنزي رأسها تنظر إلى وجه عمر الذي أنزلها أرضًا وفك ذراعيه من حولها وسألته بصوت تكتمه غصة البكاء
" أين مؤيد "
أخرج عمر من جيب بنطاله منديلًا ورقيًا وبدأ يمسح دموعها بلطف وهو يقول
" لم يقو على إنتظارك واقفًا في هذا الهواء لذلك دخل إلى المقهي، إنه ينتظرك "
لف عمر ذراعه حولها يتحرك معها بلطف نحو الداخل فتابعت سارة إبتعادهما بعيون بها لمحة إنكسار، ثم رفعت رأسها تنظر إلى السماء وهي تستشعر الهواء الذي عصف من حولها وتشعره لا يوازي العصف الذي ما بين أضلعها مثقال ذرة.
༺༻
داخل المقي….
اقتربت كنزي بخطى بطيئة تبحث عن مؤيد بعينيها كأنها صغيرة تائهة وبمجرد أن لمحته لم تفكر قبل أن تركض إليه تلتجيء إلى حِماه تتمسك به بكل قوتها لافتة أنظار جميع من بالمكان الهاديء لكنه لم يبال وهو يتنفس بعمق ويضمها ويغمض عينيه لاجمًا دموعه يقول بصوت اخترق جدار ثباتها الواهي
" لا أراني الله فيكي يومًا آخرًا يؤذيني، لا أراني الله فيكي ما يؤلمني يا ابنة أخيكِ "
انهارت كنزي ويداها التي تقبض على قميصه الابيض تزداد حدة كادت تمزق أزراره الصغيرة، أنينها يئن له نبضه، ورجفتها تزلزل كيانه، مال مؤيد ليقبل رأسها فلفت ذراعيها حول عنقه تجبره على أن يظل منخفضًا إليها رغم الإرهاق الذي لم تلمحه عيناها الباكية بعد، حاول عمر التدخل حين شعر أن أخيه لم يعد يحتمل الوقوف لكن مؤيد أوقفه قائلًا
" لا تتدخل، اذهب فقط وأحضر لها كل ما تحبه، وأنا وهي سنتحدث قليلًا حتى تعود " صوت مؤيد المرهق اخترق وعيها فحلت ذراعيها عن عنقه ونظرت إليه دون أن تفكر في مسح دموعها وقالت له بوجل
" أأنت بخير "
ابتسم لها مؤيد ابتسامة علمت أنه يدعيها لا أكثر وهو يقول
" ما دمتِ بخير، أنا بخير يا جوهرة آل الجوهري"
عادت الدموع لتسيل من عينيها فقال لها مؤيد
" اجلسي لنتحدث كنزي " نظرت كنزي لمؤيد بتساؤل ثم جلست على المقعد المقابل له فجلس مؤيد بدوره ينظر لها بصمت للحظات قبل أن يسألها بهدوء
" هل أنتِ بخير "
هزت رأسها وارتجفت ذقنها ثم ضمت شفتيها قبل أن تتنفس بعمق شديد وتقول كأنها تعاني لتنطق
" بخير "
أمسك مؤيد كفيها الموضوعتين على الطاولة وقال
" أنا أسف كنزي، أسف لأني لم أحميكي من كل هذا "
قالت كنزي دون تفكير
" مؤيد أنت فعلت كل ما باستطاعتك ولم تقصر يومًا لذلك لا تجلد ذاتك لأمر لم يكن لك يد به أرجوك "
قال مؤيد ومن حول عينيه قد انتشرت خطوط لا تعرف كنزي متى ظهرت
" بل كان بإمكاني فعل الكثير لكني من اخترت الطريق السهل ووحدك من دفع الثمن "
قالت كنزي بحزن
" هذا غير صحيح مؤيد "
قال مؤيد
" بلى لذلك لم أفكر حين عرض عليّ بشر أمر السفر، شعرته عرض جاء بوقته تمامًا، أريدك أن تبتعدي حتى أحل كل تلك الكوارث وأعيد كل شيء كما كان "
نظرت كنزي لمؤيد نظرة شعرها تشع وجعًا
ثم قالت
" ما الذي سيعود كما كان يا أخي "
شد مؤيد قبضته على كفيها وقال بقوة رغم وهنه
" كل شيء يا حبيبتي، اذهبي أنتي واحظ بوقت جميل وأعدك حين تعودين لن تجدي أثرا لشيء قد يؤلمك "
أسبلت كنزي أهدابها وصمتت قليلًا قبل أن تسأله بخفوت
" أتقصد علِيّ! "
تنهد مؤيد وأراح ظهره للخلف وهو يقول " أنا لن أفعل سوى ما تريدين يا كنزي، إن كان بقاء علِيّ إلى جوارك سيسعدك يمكنني أن ….
قاطعته كنزي تقول
" بالعكس يا مؤيد، فهذا أول شيء أريدك أن تنهيه، أنا أريد حريتي، أريد الخروج عن تلك الدائرة "
خلعت كنزي حلقتها الذهبية ببطيء ووضعتها على الطاولة ثم أكملت حديثها قائلة
" أرجوك "
قال مؤيد بهدوء
" سأفعل يا حبيبتي، سأفعل لأجلك أي شيء لكني لا أفهم، إذا كان ذلك قرارك لمَ صمتِ حتى التقينا، لمَ لم تمنحيه تلك الحلقة حين رأيته "
أخفضت كنزي رأسها وقالت بصدق لمسه
" لأني لن أقوى على ذلك، لن أقوى على إيلامه وإن كان قد استطاع إيلامي، أنا حاليًا أستجير بقوتك من ضعفي، خلصني من هذا القيد يا أخي " رفع مؤيد كفيها نحو شفتيه فسارعت كنزي تجذب يديه وتقبلها تباعًا وهي ترتج ببكاء شديد فسألها مؤيد رغم أنه ليس مستعدًا لتنحره التفاصيل
" ماذا حدث بينك وبين علِيّ بالفندق قبل إختطافك "
أغمضت كنزي عينيها وقالت
" لا شيء يذكر "
احتدت ملامح مؤيد وقال
" كيف وقد علمت أنه تعدى عليك بالضرب "
توسعت أعين كنزي وهزت رأسها برفض وهي تقول
" لم يحدث، من أخبرك بذلك " قال لها مؤيد بعدم فهم
" ماذا حدث إذًا "
قالت كنزي
" حدث ما حدث يا أخي، التفاصيل لن تفيد …أرجوك فقط أنه كل شيء معه بهدوء " قال لها مؤيد
" لا تقلقي "
هزت رأسها بطاعة وهي تتخيل كل ما سيدور بين مؤيد وعلِيّ وتحمد الله على كونها ستكون بعيدة ليقول مؤيد
" ستذهبين مع الفتيات عدة أيام إلى المدينة الساحلية حتى ننهي أوراق سفركن وبعدها ستنطلقن إلى بوسطن وستقمن لدى أخوة بشر حتى تهدأ الأمور وتعدن، استغلي ذلك الوقت لتتعافي وتعودي أقوى مما كنتِ لتستكملي حياتكِ، أنا سأنتظركِ ولكن أريد أن تعودي لي تلك القوية التي ربيتها على الصمود مهما عصف بها كيد الكائدين " قالت كنزي بحسرة لا تعرف لها سببا
" بإذن الله "
قال مؤيد
" فرحة مشكورة ستضب لكِ أغراضكِ وإن شعرتِ أن شيئًا ينقصك سأعطيك مالًا لتشتري ما تحتاجين إليه فلا أريدك أن تستخدمي بطاقتك الائتمانية لكي لا يتتبعها أحد "
قالت له كنزي بتفكير
" حسنا ولكن لم يخبرني أحد ما سر قرار بشر المفاجيء " اقترب عمر يضع أمامها بعض المعجنات المميزة لذلك المقهي الشهير وقال
" أنا سأخبركِ "
شرع عمر في إخبارها بما حدث لأصالة ورغم أنها كانت تعطيه كامل انتباهها لا تعلم لمَ شعرت أن فكرها شارد عنها في مكان آخر.
༺༻
في نفس الوقت داخل المجمع السكني كان الوضع متأزم منذ علمت أصالة بأمر سفرها الذي صدر كفرمان ملكي لن يقبل فيه إلا السمع والطاعة، الجميع ضب حقائبه واستعد للرحيل إلا هي بقيت تتجاهل كل ما يحدث حولها وهي تضم آدم وتجلس على الأريكة بجمود لم يبدده إلحاح من حولها، نظرت لها سمراء بقلة حيلة وقالت
" يا أصالة الوقت أزف والرجال منتظرين بالخارج، تعوذي من الشيطان وتحركي لتستعدي وتضبي حقيبتكِ "
قالت أصالة بانفعال شديد
" أنا لن أسافر إلى مكان، لن أغادر مصر، إن كنت أثقلت عليكم ببقائي هنا قولي لي وسأرحل في الحال لكني لن أسافر "
قالت سمراء بعصبية وقد استنزفت أصالة صبرها كاملا
" من أين أتيت بهذا الحديث، وهل لو أثقلت عليّ ببقائك بدلًا من التخلص منك سأسافر معكِ، أهذا منطقكِ "
قالت أصالة بصراخ
" لا منطق في كونكم تريدون أن تفرضوا عليّ شيئا لا أريده، أنا لن أرحل مهما حدث "
همّت سمراء بالرد لكن أسمهان التي دخلت من الباب مسرعة تقول
" ما هذا الصراخ صوتكما بالخارج "
نظرت لها سمراء وقالت بيأس " من الجيد أنكِ أتيتِ، تفاهمي أنتِ معها فقد تعبت، منذ أبلغتها بسفرنا وهي جامدة …شاردة معتصمة فوق الأريكة رافضة التحرك لتستعد أو لتضب حقيبتها، وكلما حاولت معها قالت لن أسافر …ارحلوا واتركوني "
نظرت أسمهان لأصالة وقالت " نرحل ونتركك كيف، جميعنا سنغادر معًا "
هبت أصالة تقول بقهر شديد
" ومن الذي ألزمنا بالمغادرة معًا، من الذي أمر بذلك
" قالت أسمهان التي لا تفهم انفعال أصالة
" بشر من ….
قاطعتها أصالة تقول
" بشر ليس ولي أمري لأنصاع إليه، أنا لن أرحل يعني أنني لن أرحل مهما حدث ".
༺༻
بالخارج وقف ليل بتوتر بالغ ينظر إلى ساعته ثم التفت إلى فخر يقول بحدة
" هاتفه مجددًا، أين اختفى هكذا، أهذا وقت إختفاء "
قال فخر الذي بدا منغلقًا على ذاته حزينًا
" أنا أهاتفه بالفعل لكنه يقطع الاتصال دون إجابة، أشعر أنه قريب لذلك لا يجيب "
قال ليل
" لقد تأخرنا بالفعل، لقد بدأت أقلق "
سارع فخر يقول حين لمحه
" ها هو "
التفت ليل تجاه سيارة تولين التي تقترب والتي يقودها رائف بعدما منحه بشر مفتاحها وقال وهو يتنفس الصعداء
" الحمد لله…عقلي كان يتلاعب بي، استغفر الله العظيم"
أوقف رائف السيارة واقترب منهما بسرعة يقول
" أسف على التأخير كان عليّ قضاء أمرًا مهمًا "
قال له ليل
" لا عليك، لكن كان عليك إخباري فقد أفزعني غيابك وظننتك بمأزق "
نظر له رائف بتأثر بالغ فليل يتعامل معه بكرم ولطف بالغين وقال وهو يربت على كتفه بود " آسف حقًا "
قال ليل
" لا تعتذر الأمر لا يستحق لقد قلقت عليك فقط "
نظر رائف نحو باب منزل ليل وقال
" هل استعدت الفتيات للرحيل"
همّ ليل بالرد عليه ليصلهم صوت أصالة المنفعل فيصمت ليل للحظة قبل أن يقول له
" أسرع بالسيطرة على الموقف لأننا جديا تأخرنا ولا أعرف هل من حسن حظنا أم من سوئه سلطان العطار لأول مرة يبدو هادئًا صابرًا بشكل لا أظنه سيدوم طويلا "
التفت رائف يرمق سلطان الذي بدى شاردا ثم أسرع ناحية باب المنزل يدفعه برفق وهو يتقدم ويناديها
" أصالة "
فخرحت له سمراء تقول كمن وجدت طوق نجاتها
" الحمد لله أنك أتيت، حل هذا الأمر من فضلك إنها ترفض الرحيل معنا "
اقترب رائف أكثر حتى أصبحت أصالة في مجال رؤيته ليجدها منفعلة، متحفزة…حزينة وغاضبة ولكن أكثر ما يجتاح عينيها كان الخوف، خوفها قبض قلبه وجعله يسألها بهدوء " ما الأمر يا أصالة، لماذا لم تستعدي مثل الفتيات "
قالت له أصالة بغضب وهي تضع آدم النائم برفق فوق الأريكة ثم تعتدل لتواجهه
" لأني لن أغادر معهم، وإن كنت مثل الجميع تريد التخلص مني دعني أقولها لك واضحة ليس عليك أن تهتم لأمري حتى، أنا لا أريد منك شيئا لكني لن أغادر مصر "
اقترب رائف عدة خطوات وقال لها
" أصالة …اسمعيني حبيبتي، أنا أعرف أنكِ خائفة لكنكِ هنا لم تعودي بأمان "
قالت له وكل ما مر عليها خارج مصر يعاد كصور سوداء مفزعة أمام عينيها
" أنا لن أكون بأمان سوى هنا أم نسيت ما حدث لي، رائف أنا لن أجبرك على حمايتي ولكنك أيضا لن تجبرني على العودة لذلك الجحيم "
هدر بها رائف بحدة وقلبه يتخبط من هول الهلع القابع في ربوع عينيها
" أصالة …فكري فيما تقولينه قبل أن تتفوهين به، إذا لم يكن عليّ حمايتك وتحمل مسؤوليتك فمن سيفعل "
قالت أصالة ببكاء
" أنا لا أعرف، لا أعرف سوى أني لن أتحمل أن أمر بكل الفزع الذي مررت به مجددا، الفكرة وحدها تقتلني "
قال لها بانفعال
" وتقتلني، لكن عليكي أن تثقي أنكِ بت لي شيئًا لن أفرط فيه مطلقًا، شيئًا أسعى بجهدي لأمنحه استقرارا وحياة وأمنيات لا أملكها، بتِ سلامًا لأحظى به سأخوض حروب واعرة، ذاتك لم تعد تخصك لتأخذي فيها قرار يا أصالة "
بكت أصالة وكل الغضب تحول إلى فتات تناثر يكشف عما خلفه، لتتبادل سمراء وأسمهان النظرات واحدة كانت تتألم باحتياج لمثل هذا الاحتواء والأخرى بتفكير فيما تعرضت له أصالة التي قالت ببكاء
" أنا خائفة "
لهفة قلبه عليها جعلته يقترب منها ماحيًا كافة المسافات، فاتحًا إليها ذراعيه متناسيا كل الحدود، ليتدراك انفعالاته في آخر لحظة وهو يمسك ذراعيها ويقول
" ستكونين بين البنات بأمان، أعدكِ "
هزت رأسها وقالت
" محال أن أكون بأمان بعيدًا عنك، لا تحاول أن تقنعني بذلك "
أخرج رائف آهة متعبة ثم قال لها
" أتدركين، أنتِ تفسدين كل اللحظات الخاصة بيننا "
رفعت عينيها إليه وقالت بعصبية
" لم يعد هناك لحظات خاصة وقد بات الجميع يأخذك بعيدا عني، بات لديك ما هو أهم "
مد رائف يده بجيب بنطاله وأخرج علبة مخملية بسيطة ثم قال لأصالة
" لم أفكر قط وأنا أشتريهما أنني قادم لشجار "
تجمدت أعين أصالة على العلبة للحظات ثم رفعت وجهها ببطء شديد كأنها تخشى إن تعجلت بأي انفعال أن تخيب ظنونها وسألته
" ما هذا رائف "
فتح رائف العلبة بحرج بالغ وقال
" شيء لا يليق بكِ لكني علمت أني أحتاج لفعل ذلك قبل أن ترحلي وبلغت بشر لكي أعطي للأمر رسمية وإن بدت غير منطقية، أنا لو كان بيدي لعقدت قراننا قبل أن تسافري أصالة لكن مازال الأمر صعب ومازلت لا أدري كيف سأحله لكني أسعى لذلك "
كانت كمن تاهت في لمعة الحلقة الذهبية البسيطة مأخوذة بسحرها فلم تبال بالعجز الذي طغى على كلماته وهي تبتسم من بين دموعها وتقول بسعادة غامرة كأنها تأرجحت من أقصى الحزن لأقصى السعادة
" إنه رائع رائف، أروع مما تمنيت، يبدو مميزا وباهظ الثمن، يبدو خلابًا"
نظر رائف إلى الحلقة الذهبية البسيطة والتي يعد وصف أصالة لها مبالغًا به وقال
" لا خلاب سوى عينيكِ اللتين تمنحاني كل هذا الحب، أعدكِ أني يومًا ما سأعوضكِ بما يليق بكِ، لكني أردتكِ أن ترحلي وأنتي مطمئنة أن ما بيننا أصبح رسميًا وإن كان بصورة مغايرة قليلا لما أريده "
مدت أصالة يدها إليه وقالت
" لم أرد أكثر من ذلك أبدا " ابتسم لها رائف وخلع الحلقة الذهبية من العلبة يضعها في إصبعها فيرقص نبضها رقصة سريعة الايقاع من شدتها تسارع لتضع يدها على صدرها كأنها تهديء من روعه، بينما دموعها أصبحت ذات معنى أعمق، فيقول لها رائف كأنه يهادنها
" والآن…هلا أسرعتِ في ضب حقيبتك لكي نرحل
" أسبلت أصالة أهدابها للحظات ووجهها الذي أشرق به الفرح بعدما أعتمه الفزع تلون بحمرة عجيبة خطفت أنفاسه وهيمنت على إحساسه ليفيق من تلك الدوامة على صوت زغرودة صادحة أطلقتها سمراء التي قالت
" الف مبروك "
رفعت أصالة عينيها إليها بوجه متورد كأنها عروس أقيمت لأجلها أضخم الاحتفالات وجذبت يده تضع بها الحلقة الفضية التي التقطتها من العلبة والتي حين استقرت في عمق إصبعه ضحدت جميع مخاوفها ثم ركضت بسعادة نحو السلم تصعد إلى الطابق العلوي وهي تطبق يدها خوفًا من أن تسقطت حلقتها الذهبية المحكمة، نظرت سمراء لرائف وقالت حينما تأكدت من أن أصالة ابتعدت بما يكفي
" في الحقيقة، كان الله بعونك " نظر رائف في أثر أصالة التي اختفت وقال من عمق سحيق في صدره وهو واثق أنه بحاجة ماسة لعون الله
" أمين "
ثم التفت ليخرج إلى ليل لتتجمد قدميه وهو يجد نفسه وجها لوجه مع رحيل التي ظهرت الصدمة جلية عليها وهي تقول بعدم تصديق بالغ " أبي ".
༺༻
بعد ساعة …..
كانت سارة تجلس على مقدمة سيارة بشر وإلى جوارها تقف فاطمة ترتشف القهوة الساخنة بمهل من الكوب الورقي وهي صامتة بشكل أثار استياء سارة التي قالت لها
" ما دمنا سنذهب للمدينة الساحلية عدة أيام قبل السفر لمَ لا تقضيهم معنا، أظنك تحتاجين إلى ذلك، امنحي نفسك فرصة لتغيري الأجواء من حولك وترتبي أفكارك "
قالت لها فاطمة بهدوء
" أنا لن أنكر أني أحتاج إلى ذلك وبشدة لكني لن أستطيع ترك خالي لأيام ودون مبرر قوي، أنا حتى لا أعرف بما سأبرر له بقائي خارج المنزل الليلة وسأحمل الأمر لعيسى الذي سيعيدني إليه "
قالت لها سارة
" إنها بضعة أيام، أنتِ تحتاجين إليها، امنحي نفسك فرصة وفكري بالأمر بدلًا من تصليب رأسك كأن عرق العطارين يشتد من بين عروقك "
ارتشفت فاطمة بعض القهوة ثم تنهدت وقالت
" تركنا عرق العطارين لكِ ولأخيك فقد اكتفيت منه وأريد أن أخذ هدنة "
نظرت لها سارة وقالت
" من يراكِ وأنتِ ترتجفين خوفًا وتبكين بحرقة لأجله لا يسمع ما تقولين "
التفتت لها فاطمة تزغرها بصمت ثم رشفت بعض القهوة قبل أن تقول بضيق
" أنتٌ لا تطاقين، سبحان من أمدني بالصبر لأتعامل معكِ " صمتت فاطمة ونظرت للطريق الممتد أمامها ثم قالت
" ومع أخيكِ "
ابتسمت سارة وهزت رأسها بعدم تصديق وهي تقول
" أتعلمين ما توقعت أبدا أن تكونين ساذجة إلى هذا الحد، توقعتك كشفت دواخله وتتجاهلينه بسبب أسلوبه الخشن "
قالت فاطمة بانفعال
" لا تبدئي …سارة أغلقي هذا الموضوع تماما "
ضحكت سارة وقالت
" بربك أين ستجدين مثل سلطان العطار "
قالت لها فاطمة بحدة
" في الحقيقة، سأجد غيره في كل مكان، هل تظنين أني قليلة، أم أن تواضع المرء معكم خدعكم "
رفعت سارة رأسها لأعلى وقالت
" جديا فاطمة، هل لو تقدم سلطان لخطبتك رسميا سترفضيه "
لا تدري فاطمة لمَ باغتها السؤال، كأنه وضعها أمام نفسها سريعًا، فهي مازالت تتخبط داخل حقيقة لم يقر بها صاحبها بعد لتتصعد الأمور إلى زواج في لمح البصر، فوضى هائلة ألمت بحواسها جعلتها تقول
" لمَ لا، فهل هناك فتاة تقبل برجل كان يعدد لها مميزات الخطاب "
نظرت لها سارة وقالت
" أنتِ عنيدة "
همّت فاطمة بالرد لكن بدلًا من ذلك ارتفع صدرها وهبط بشكل ملحوظ كأنما أصاب قلبها لوثة جنون وهي تلمح سيارته تتوقف فقالت بصوت مهتز
" لقد وصل "
قفزت سارة عن مقدمة السيارة تشاهد سلطان الذي ترجل من سيارته يمسح المكان بعينيه التي توقفت عليهما، لاحظت عضلات جسده التي تصلبت وعروقه التي انتفخت وخطواته التي احتدت وهو يقترب، كما لاحظت تلك التي تراجعت بخطوات خافتة لتقف خلفها، ارتجفت فاطمة كأنها أحست ببرودة الجو من حولها للتو وصوت خطواته القوية
كأن له صدى بداخلها لم تفهم مغزاه، قالت لها سارة
" اعتدلي وقفي جواري كما البشر "
قالت فاطمة بخفوت
" هناك بشر يرتاحون حيث أقف أنا، لا تتدخلي فقط فيما لا يعنيكِ "
مطت سارة شفتيها قبل أن تقول لسلطان الذي اقترب
" كيف حالك الآن، وكيف حال جرحك ..هل يؤلمك "
نظر سلطان إلى كفه المضمدة وقال
" أنا بخير "
فقالت له سارة
" أنا قلقة عليك "
تنفس سلطان بشكل عكس أنه يكبت انفعالا وقال
" لا تقلقي واسمعي ما سأقوله، لقد أقنعني بشر بأمر سفرك، أنا لم أكن موافقا لكن بعد تفكير رأيت أنه من الأفضل أن تبتعدي قليلا عن هنا خاصة بعدما رأيته بالصباح "
سارعت سارة تقول كمن تنفي عنها اتهام
" سلطان أنا ليس لي دخل بوجوده، أقسم لك لقد ظهر أمامي من العدم حتى أني لا أعرف ماذا كان يفعل بالمجمع السكني، لقد ظننت أنه كان قادما للقائك، مستحيل أن تظن أني لي يد بذلك "
قال لها سلطان بقوة وحزم
" أنا لو أكن مدركا لذلك لكان لي معك تصرفا آخر، لكن هذا لا يمنع أن أؤكد عليك أن هذا الموضوع أغلق تماما، وعليك أن تتعاملين كأنه لم يكن،
تجربة ومرت ولن تكون الأخيرة، الحياة لن تعبر بنا دون أن تمنحنا دروس، وأظنك أدركت الدرس جيدا "
ادعت سارة الصمود أمامه أخيها وقالت
" أدركته "
ثم أحنت رأسها للأسفل كأنما قلبها الذي ينازع في صدرها قد ازدادت الشروخ به اتساعا ليقول لها سلطان
" لقد أعطيت جواز سفرك لبشر، وربما سأبقى بالمدينة الساحلية عدة أيام لأكون جوارك حتى ترحلين "
شعرت سارة أن في صدرها ثقب أسود يزداد عمقا وتوغلا ورغم ذلك ادعت الثبات وهي تقول
" هذا جيد يا سلطان، مادام الأمر كذلك اقنع فاطمة بالقدوم معنا، فهي ترفض ذلك "
غصت فاطمة التي كانت ترتشف بعض القهوة لتتحرك سارة من بينهما تاركة إياها وجها لوجه معه وهي تقول
" سأحضر لك كوب من القهوة لكي تقوى على السهر والقيادة فأنت تبدو مجهد "
ثم أدارت ظهرها تبتعد مسرعة ليس لتمنحهما الفرصة ليتواجها ولكن لتمنح دموعها المساحة لتتساقط خلسة، وتسمح لذاتها أن تتهاوى كيفما تشاء وتسمح للضعف أن يطفو إلى السطح وتطفو معه كل المشاعر التي باتت تخشاه وتخشى قيودها التي لم تحل من حولها حتى تمزقت بكل عنف بقيت القيود محكمة كأنها سحر لا فكاك منه.
༺༻
يقف أمامها كطود عظيم، تنين باتت تدرك هول نيرانه، صمت تمثل في رجل إذا لم يطبق على أنفاسها الهاربة فهو يطبق على أعصابها الثائرة، لم تكن لتفر منه ولم تكن على استعداد لتواجهه ورغم ذلك بكل ما تحمله من ثبات استدارت تنظر إلىه وتقول بهدوء يعاكس ضجيج نبضه وثورة أنفاسه
" كيف حالك سلطان "
صمت يتأملها بعيون أشعلت في شريانها مراجل حامية وجعلت الدماء تتصاعد إلى وجنتيها فبات وجهها أحمر بشكل يشي بما يدور في داخلها ليقول لها بهدوء لم تتوقعه
" ماذا تفعلين هنا"
لم تفهم سؤاله …لم يكن واضحًا، كان ملتوي كما قلبها الذي غار متخبطا لا يجد إجابة واضحة ورغم ذلك قالت بصدق " لقد كنت مع الفتيات حين أتى بشر وعيسي سيعيدني للمنزل بعد قليل "
قال لها بصوت يضغى عليه الجمود
" ولمَ بقيتِ حتى ذلك الوقت ولم تعودي لمنزلك "
ارتبكت فاطمة وقالت
" لم أقصد التأخر لكن الجلوس مع الفتيات جعل الوقت يمضي ولم أشعر "
نظر لها سلطان بحاجبين معقودين وقال
" حقا "
قالت له بتحفز
" وهل ترى شيئا غير ذلك" رمقها بنظرة مختلفة قبل أن يشيح بعينيه عنها ويصمت وهذا أجج جميع انفعالاتها لتقول
" سلطان "
لم يلتفت لها فنظرت له فاطمة بغضب شديد وتحركت مبتعدة ليقوفها صوته الذي دوى كما القصف الجوي يقول
" ماذا تريدين "
كانت تريد تجاهله كما فعل لكن أذنها التي باتت حساسة لكلماته أجبرتها على أن تلتفت له وتقول " في الحقيقة أنا أريد أن أقول لك شيئا مهمًا، انظر يا سلطان " صمتت تتنفس بعمق فالتفت يعطها كامل تركيزه لترفع وجهها إليه وتقول
" أنا إن طلبت منك شيئا هل ستفعله لأجلي "
أجابها جسده الذي كأنه اتخذ وضع الاستعداد ليأتي لها بالقمر إن أرادت ويضعه في راحتيها، ورغم أنه لم يحل عقدة حاجبيه، ورغم أنه لم يقول سوى
" أؤمري "
وجدت في تلك التفاصيل قوة تجعلها تقول
" أيمكننا البدء من جديد" ازدادت عقدة حاجبيه وقال
" لا أفهم "
تنهدت فاطمة وقالت
" أنا سأنسى كل ما مضى بيننا وأريدك أن تفعل المثل كأننا التقينا للتو، كأن لا أحد منا يعرف الأخ ، أنت ابن عمي الكبير وأنا ابنة عمك الوحيدة وتجمعنا علاقة لطيفة ليست مشحونة بانفعالاتك الثائرة ولا بغضبي منك، أنا في الحقيقة حزينة على ما وصل له الأمر بيننا، وأريدك أن تدرك أني أحاول تخطي كل ما صدر منك، أحاول التعامل معه كأنه لم يكن لأوجد بيننا فرصة ثانية لأنك شخص أنا لا أريد خسارته، أنا بت أعلم شدة طباعك وأنت عليك أن تعلم أني لا أحتمل الشدة وأهابها وأحيانا أشعرها مهينة، أنا لم أنشأ على القسوة حتى وإن كانت نابعة من اهتمام أو خوف، لم أتعامل مع حزم الرجال لأدرك المغزى من انفعالاتك التي لا تشرحها لي، ولا أتقبل صمتك حيت يحتم عليك الموقف ويستدعي أن توضح لي سبب غضبك وثورتك، أنا لمت نفسي بما يكفي على انفعالي وشعرت بالذنب الشديد لكنك لن تدرك كم آلمني أن أجدك تسعى لتزويجي بشخص لا أعرفه بينما أنا أنتظر منك اعتذار ولا أجده، أنا انتظرت منك كلمة واحدة وليس رزمة من المال أو طقم ذهب وأنت بخلت عليّ بها وأنا ما عهدتك بخيلا، الاعتذار قد يحل أمور كثيرة ومعقدة إنه ليس بالسوء الذي تراه، فلو أنك قلت آسف مرة لم يكن أي مما حدث حدث "
صمت وعمّ الصمت، بات الكون من حوله ساكنا وعقله يصارع تلك الكلمات ويلاحقها عساه أن يستطيع إدراكها، كان يعيد كل كلمة مرة …واثنان …وثلاثة علّه يجد ما بين السطور ما يريح قلبه المفطور والمثقل همًا، طال صمته وفاطمة صامدة تنتظر إجابة على كل ذلك الحديث الذي اختلط فيه التفاهم بالتنازل بالمشاعر، صمته كان يقتلها لكنها بقيت واقفة تناظره بعينين لمعت فيهما الدموع بعد برهة
لتكن تلك اللمعة أكثر فتكًا من شظايا الزجاج الذي اخترق كفه فيفتح فمه كأنه سيتحدث ثم يغلقه بحدة جعلتها تناظره بخيبة وتستدير لترحل ليكن لجسده كلمة لم يقولها لسانه وهو يمسك يدها بقوة زرعتها بمكانها ثم قال " لا ترحلي ..أنا سأفكر في هذا الحديث وسأجد له إجابة لكن أمهليني بعض الوقت ولا ترحلي ".
༺༻
على بعد أمتار ……

اقتربت ملاك الذي لا يتوقف هاتفها عن الرنين بشكل جعل أعصابها تكاد تكون على المحك من أسمهان التي كانت تمسك يد محسن وتتوجه نحو المقهى وسألتها
" كيف حالك وحال الصغير " ابتسمت لها أسمهان وأجابتها بأهداب مسبلة
" بخير الحمد لله، نستعد معا للسفر "
ربتت ملاك على شعر محسن الناعم وسألتها وهي تداري توترها
" ألا تعلمين بأي سيارة توجد حقيبتي "
قالت أسمهان وهي تبتسم بلطف رغم أن بعينيها كان هناك ضباب كثيف
" مؤكد بسيارة سلطان مع باقي الحقائب "
قالت لها ملاك التي يهتز هاتفها وتضيء شاشته رغم أنها فعلته على الوضع الصامت
" شكرا يا أسمهان "
قالت أسمهان
" على ماذا تشكريني، اشكري سلطان فهو من أقنع والدتك بأمر سفرك وظل ينتظرها حتى ضبت الحقيبة، ثم انتظرنا حتى انتهينا من إقناع أصالة بالسفر " قالت ملاك
" لقد ظننت أن بشر من تحدث معها "
قالت أسمهان
" لقد كان ينوي التحدث معها بالفعل لكن ترك المهمة لسلطان لكي يستطيع الوصول إليكم في الوقت الذي غادر فيه علِيّ " ظهر الإدراك على ملامح ملاك التي قالت
" فهمت لذلك …
صمتت تنظر إلى هاتفها الذي عاد يهتز بإلحاح فقالت لها أسمهان
" أجيبي على هاتفك لعله أمر طاريء، إلا لو كان علِيّ فلا أظن أنكِ ستستطيعين الإجابة على أسئلته "
هزت ملاك رأسها بطاعة وبمجرد أن تحركت أسمهان مبتعدة تصاعد فوران دمائها من ذلك الضغط الذي تحياه ومن ذلك الإلحاح، ابتعدت ملاك قليلا ثم دون تفكير أجابت تقول بعنف " ماذا تريد، ألم أقل لك أني لم أستطع فعل ما تريده وأن عليك منحي المزيد من الوقت "
لم تأتيها إجابة سوى صوت أنفاس تبعه صوت لم تتعرف عليه يقول
" ألن تخبريني فيما أنت متورطة بالضبط "
سألته ملاك بهلع
" من معي "
أجابها أيوب بانفعال شديد
" أنا أيوب يا ملاك "
تحركت ملاك تبتعد أكثر وهي تتلفت حولها برعب ثم قالت بغضب شديد
" كيف حصلت على رقمي " قال لها أيوب
" سؤال ساذج من فتاة ساذجة أسقطت نفسها في ورطة على ما يبدو والآن تتمادى في سذاجتها وترفض المساعدة " قالت له ملاك بحدة
" أنا لا أريد مساعدة من أحد هل تسمعني، ولا أريدك أن تهاتف هذا الرقم مجددا "
لم تنتظر ملاك أن تسمع حتى حسيس أنفاسه الغاضبة وهي تغلق الهاتف بأكمله ثم تتحرك لتقف خلف سيارة سلطان وتضع يدها على قلبها وهي تبكي وتقول برجاء بالغ
" أرشدني للصواب يارب العالمين".
༺༻
داخل سيارة بشر كانت هناك مواجهة مهولة تدور في هذا الحيز الضيق، نزال حامي ما بين خوف وفزع وشريكين كل منهما يقدم راحة الآخر على راحته، قالت تولين ببكاء جعل بشر يهتز أمامها كطفل لا يتحمل دموع والدته
" ليس قرارك لتأخذه بمفردك دون أن تعود إليّ، أنا لن أسافر لأحمي نفسي تاركة إياك في وسط تلك المعمعة "
قال لها بشر وهو يرمقها بقلق يخشى عليها من الانفعال " تولين اهدئي ودعينا نتناقش بهدوء، أنتِ مازلت متعبة تحتاجين لرعاية وأجواء هادئة ووسط آمن والوضع هنا يعاكس ذلك تمامًا، أنتِ لم تري ما حدث بالمجمع السكني، لقد كان المشهد أشبه بحرب صغيرة، هناك اثنى عشر رجلا قتلوا، افهميني يا تولين أنا لن أقبل بأن تعودين إلى هناك بعد ما حدث ولن أستطيع التخلي عن رائف، أرجوكِ لا تنهكين نفسك بالجدال معي ولا تنهكين قلبي بدموعك "
قالت تولين بانفعال من بين دموعها
" أنا متفهمة لما تقول لكن جد حلا آخر، جد حلا أبقى فيه معك، أنا لن أستطيع أن أبتعد عنك …لن أستطيع أن أتركك بدائرة الخطر وحدك، يا إلهي …كيف تفكر "
مد بشر ذراعيها يجذبها نحوه بحنان وهو يقول
" تعالي إلى أحضاني "
سارعت تولين تلجأ إليه فاحتواها بكل حنان العالم وبات يربت على ظهرها يمليء صدره بعبق جسدها الذي يمثل له شغفًا لا ينتهي، ونظرة التصميم على حمايتها لم تلين حتى حين وضع تحت وطأة رفضها وحزنها، همس بشر لها بخفوت سرى في أوردتها كما يسري حبه
" عديني أن تهتمين بنفسك وبطفلنا وتكونين بخير حتى تتيسر الأمور لعودتك "
قالت تولين ببكاء
" أنت هكذا تشعرني بالخوف أكثر "
قال بشر محاولا تهدئتها
" لا تتركي شعور الخوف يتمكن منكِ ما دمت حيا أرزق، لا تضعفيني بدموعك وانتفاضة قلبك، لقد ظننتك ستدعمين موقفي خاصة وأنا أدرك ما يعني رائف لكِ "
رفعت تولين وجهها الغارق بالدموع لتواجه عينيه فتعانقت أنفاسهما لتقول له وقد باتت المشاعر ترعد بأجسادهم وتتلاعب على أوتار حساسة تفيض عشقا خالصا
" إذا كان هو يعني لي شيئا وتريدني أن أدعمه، فماذا عن الذي يعني لي كل الاشياء والمعاني والتفاصيل التي مهما عشتها أشعر أني لم أعشها بعد "
قال بشر بتأثر
" تولين …
فقاطعته تقول
" أنا سأخبر الفتيات أني سأبقى هنا و….
قاطعها بشر يقول بهدوء
" تولين أنتِ ستسافرين معهم ليطمئن قلبي "
ابتعدت عنه تولين ونظرت له بغضب شديد وقالت
" لو أصابك مكروه يا بشر أنا لن أسامحك لن أجد لك عذرا يشفع لك لن أتفهم كافة تبريراتك، اخسرني وعرض نفسك للخطر وأنت خير من يعلم كيف تكون خسارتي "
تنهد بشر بتعب حين وجدها تترجل من السيارة فترجل مسرعا يدور حول سيارته وهو ينادينها بحزم
" تولين توقفي "
تجمدت تنظر له بحزن لتلتفت فجأة علي صوت تولين الصغيرة التي تناديها ببكاء وهي تترجل من سيارتها التي توقفت للتو، اقتربت منها تولين بفزع تضمها بقوة قبل أن تتفقدها بقلق وهي تسألها
" ما بكِ، لماذا تبكين هكذا " قالت تولين من بين شهقاتها العنيفة " لقد عاد والد رحيل وسيأخذها لتعيش معه بعيدا " قالت تولين بتحفز وهي تلمح رائف يقترب
" من أخبرك بهذا الحديث " قالت تولين الصغيرة
" لا أحد لكنها منذ رأته ولم تترك يده "
نظرت تولين لرائف الذي يقترب منها يمسك بيده اليمنى رحيل بينما يده اليسرى تمسك بها أصالة التي كما العادة تنظر لها بنظرات تملؤها الغيرة وظهر عليها الانفعال جليا لينظر رائف إلى بشر يسأله بصمت عن سبب انفعالها لكن تولين التي تفهم أدق اختلاجاته قالت له " اسألني أنا وسأجيبك رائف " توتر رائف وسألها
" لمَ أشعرك محتدة تولين " أحاط بشر خصرها يضغط عليها مانعا إياها من إخراج ضغطها في رائف فالتفتت تنظر إليه تشكيه مخاوفها فيهون عليها ويطمئنها بنظرة تعانق النظرة فتلتقط تولين أنفاسها وتقول
" قلقة عليكم، توخوا الحذر رائف، وعسى ألا يصيب أحدكم مكروه "
قرأ رائف في عينيها ما لم تبح به فنظر لها عاجزا عن التبرير لتبادله النظرة بأخرى متفهمة جعلت أصالة تموت كمدا وتندفع لتقطع ذلك التواصل وهي ترفع يدها عاليا وتقول لتولين
" ألن تباركي لنا، لقد طلب رائف يدي من بشر الذي يعد في مقام أخي الأكبر "
نظرت تولين لبشر بطرف عينها ثم لرائف قبل أن تقول
" مبارك يا حبيبتي "
قالت لها أصالة
" شكرا لقد أتى الأمر سريعا وأنتي لم تكوني موجودة ولكني سعيدة "
قالت تولين
" هذا واضح جدا "
نظرت تولين إلى رحيل المتمسكة بكف رائف وفتحت لها ذراعها فركضت إليها رحيل فضمتها تولين بحب وقالت لها
" هل أنتِ سعيدة لرؤية والدكِ " قالت رحيل بصدق
" جدا يا أمي "
ربتت تولين علي شعرها وقالت لها
" هذا رائع، خذي أختك واطلبي من ملاك أن تحضر لكما شيئا تحبانه حتى يتكلم الكبار "
هزت رحيل رأسها بطاعة والتفتت تنظر إلى رائف بخوف فطمأنها قائلا
" أنا هنا يا حبيبتي لا تخافي " جذبت تولين الصغيرة رحيل بقوة وهي ترمق رائف برفض
ليقول بشر بمزاح
" الشرسة الصغيرة وضعتك في القائمة السوداء "
ابتسم رائف ابتسامة لم تصل عينيه ونظر لتولين وقال
" أنا لو أوصيكي مطلقا على رحيل لأنني أعلم أنك أحببتها كما تولين تماما، لكني سأوصيكي على أصالة، إنها أمانتي لكِ …أخر ما سأثقل كاهلكِ به، لا تدعي مكروه يصيبها تولين ".
༺༻
في نفس الوقت داخل أروقة المركز الطبي كان علِيّ يخرج من المصعد وهو يحاول أن يتوازن لكي لا يسقط باقة الزهور أو إحدى أكياس الطعام الذي ابتاعه من أكبر مطاعم الأكل السريع بالعاصمة، الأكل الذي هربه إلى داخل المكان بعدما اشترى لكل رجال الأمن وجبات مشبعة، كان يسير نحو غرفة كنزي وهو يتخيل وقع تلك الحركة عليها، متشوقًا لأن تبادره بأي رد فعل وإن كان اهتزاز طفيف في طرف شفتيها، فهي منذ استردت وعيها وعادت لتملأ عينيها بحسنها تنأى عنه و تقتله بصمتها الرهيب، وتمزقه بنظرات عينيها الهاربة وانكماشة جسدها الذي إن أخطأ ولمسه ولو سهوا يدفع ذلك السهو غاليا وهو يراها تلم نفسها بعيدا عنه، تنفس علِيّ بعمق يزيح عن عقله كل الأفكار التي لا ترحم ثم اقترب من الغرفة ليتفاجيء أن بابها مفتوح وعاملات النظافة يقومن بتعقيمها، ولج علِيّ إلى الغرفة وسألهم بلطف
" ماذا يحدث، هل انتقل نزلاء هذه الغرفة "
قالت له إحدى العاملات
" بل جميعهم خرجوا منذ ساعتين وأكثر "
لم يستوعب علِيّ إجابتها فسألها " خرجوا إلى أين "
أجابته وهي تباشر التعقيم " أقصد أنهم غادروا المشفى نهائيًا سيدي "
احتلته الصدمة بعنف ارتخت له ذراعيه فسقط كل شيء كان بين يديه وانسحب يركض وقلبه يحدثه أن هناك ما يحدث.
༺༻

بين الرمال كانت هناك أقدام ذات بأس تقف في مواجهة موسى الذي كان كمن أسقط في يده، من خلفه باب مغلق بسلاسل يمنعه عن إمرأة توقف عليها الكثير لثلاثة عشر عامًا ومن أمامه كانت كل الحلول قد أتته بلا موعد، كان كمن وضع بين المطرقة والسندان وهو خير من يدري أن لا مطرقة غازي سترحم أو سندان طميم سيقبل بالنقاش.
نظر موسى ليونس الذي حذره بنظراته يذكره بمغبة غضب غازي لكن الواقف أمامه لم يتركه ليتمادى في حيرته كثيرًا وهو يشن عليه حرب أعصاب باردة رغم أن الخوف فتك بثلج روحه الذي دومًا ما غلفها به وهو يقول بقوة
" دقائقي التي تمر وأنت صامت باهظة الثمن فهل تدرك ذلك " تقدم موسى عدة خطوات وقال بتوتر
" يا شيخ طميم الفتاة لم تعد متاحة، لكن يمكنني أن أحضر غيرها من النورانيين والعذارى، قدم ما شئت من القرابين لخادم المقبرة حتى يرضى، وإن توقفت ذلك على مئة عنق سأحضرهم لك لكني لم أعد أملك أمر الفتاة "
شعور الخطر الذي تفشى في أوردة فيلو جعل نظرات عينيه تعتم بشر يرهب أعتى الرجال وهو يقول
" خادم المقبرة لا يريد سواها، إما هي أوإما فلنرحل
فلم يعد لوجودنا داعي "
احتدت نظرات موسى الذي ملأه الغضب من أخيه وسارت نظراته تتحرك ما بين فيلو وباب المنزل العتيق فيما كان حرب يقيم عدد الرجال الذي يمكن وصفهم بجيش صغير ويحاول تقدير المخاطر إذا احتد الوضع، ليقول فيلو بصوت جهوري وهو لآخر لحظة لا يريد سوى إخضاع موسى لأمره ..يريد التوغل والتلاعب
بعقله حتى الصميم حتى يصل إلى السبب الرئيسي الذي جاء به إلى تلك الأرض المقفرة تحرك فأنا لست هنا لألعب معك " نفرت عروق موسى وأسرع يسحب السلاح الثقيل من أحد رجال أخيه ثم يقترب من قفل الباب ويطلق عليه النيران بقوة توسعت لها أعين يونس هلعًا وبرقت لها أعين فيلو ظفرًا فأول جريمة في التاريخ البشري بنيت على ضعف النفس
ما بين أخوين.
༺༻
في غرفة غازي كانت هناك بقايا روح تغتال، صراع غير متكافيء كان يدور ما بين جسد أنهكته ضربات الحياة وما بين عقل بات يشعر بالخطر، الصرخات أضحت مكتومة من شدة التلاحم والانفاس تعانقت وإن كان ذلك كرها، النظرة تلتحم بالنظرة ورغم انعدام المسافات كان هناك مدى يفصلهما كأن الزمن فقط هو نقطة الالتقاء لا شيء آخر، أصابع تغوص في دوامات الشعر الذي لا تنتهي وأخرى تخدش بعنف يخلف الدماء، عقل كان مغيب في النشوى وعقل سلب إرادته فأضحى مغتصب ينازع للنجاة حتى الرمق الاخير ليوقف تلك المعركة الحامية صوت إطلاق النيران فأنتفض غازي مبتعدًا عن بتول الذي تحرر صراخها حتى بات جنونًا وهي تستر ما انكشف من جسدها وتقفز مبتعدة عن السرير نحو باب الغرفة تجذبه بعنف كأن قد نسيت تماما أنه مغلق، أما غازي فأسرع يحمل سلاحه ويقترب من الباب فابتعدت عنه بتول مسرعة بفزع استوقف خطاه ليتأملها ليتيقن أكثر وأكثر أنها إمرأة فتنتها ثورة والثورات لا تنال إلا غلابا، مفتون لا ينكر … مفتون وللفتنة قيود لا ترحم، أبعد غازي عينيه عنها قصرا وفتح الباب وعبر منه ينوي إغلاقه عليها لكن بتول التي ظنت أن الكواسر قد عادوا غافلته حين حبت كما الأطفال تمر من بين جسده والباب، حاول غازي إمساكها لكنها لكمته في يده المصابة بعنف أعجزه وأجج غضبه وجعله يفقد السيطرة عليها يشاهدها بجنون وهي تطلق ساقيها في الرواق الطويل أمامه، لحق بها برجولة تقتلها الغيرة من أن تلمحها عين رجل وقد تمزقت ملابسها تكشف عن نحرها وذراعها الأيمن بأكمله، هدر غازي بغضب شديد حين شعر أنه لن يجاري خفتها في الفرار
" مريم توقفي ولا تدفعيني لأن أؤذيكِ "
لم تكن بتول تستمع له وهي تسرع كما الفأر الموضوع في متاهة فهدر بها مجددًا
" مريم توقفي "
لكنها لم تلتفت إليه وقد لمحت في نهاية الرواق ضوء سارعت إليه لتنشل حركتها تماما حينما أطلق رصاصة بجوار قدمها حتى أنها شعر كما لو أن شررات نارية لفحت قدمها، لتجد في مرمى عينيها موسى يتقدم ومن خلفه رجال بالزي البدوي فشعرت أنها النجدة الإلهية تدركها من جديد وقبل أن يحط بيده على كتفها يجذبها للخلف كانت تعطي لساقيها أمرا جنونيا بالركض.
༺༻
كان فيلو يسير خلف موسى بخطوات ثابتة وعيون تتأمل المكان المخيف من حوله وأذن يصلها صراخ رجل يعوي،
رجل في صرخته جنون وغضب جعل جسده يتحفز بعنف حتى رآها، واقفة بشكل صوب نحوه ألاف الأسهم ثم أشعلها بنيران إغريقية ورماها جميعًا تجاه جسده ليرديه مقتولا ….محروقا ….منحورا في نفس الوقت، كانت لحظة فارقة في قصته التي حطت من ظلمة إلى ظلمة، لحظة قرر فيها ضرب كل شيء عرض الحائط وهمّ بالركض إليها ليثبته حرب في مكانه وهو يشير بعينيه للرجال المدججة بالسلاح من خلفه، تحركت أعين فيلو بجنون ناحيتها ليرى ذلك الفزع الذي كان يلاحقها لسنين طويلة، مارد ضخم حاد الملامح قاتم الملبس مفزع الهيأة يسرع نحوها وقبل أن يصل إليها كأنها علمت أن منفذها من ذلك الجحيم قد وصل، أطلقت بتول ساقيها للريح تركض نحوه فلم يشعر بنفسه إلا وهو يفتح عبائته لتعبر إلى حدودها ويكون اللقاء، عبرت فعبرت الأنفاس إلى صدره الذي ارتطمت به، وعبرت الدموع إلى عينيه التي طار شعرها الكثيف عاليا ليناديها، وعبرت ليعبره الدفيء الذي لم يمنحه سواها ولم يسلبه منه سواها.
رفعت بتول عينيها للرجل الذي يرتدي الذي البدوي وهي تصرخ
" أجرني "
لتختنق الصرخات في حلقها من هول الصدمة، كانت في تلك اللحظة تشعر أنها وصلت إلى حافة الجنون وانتهى الصراع وحسم لصالح غازي الذي أسرها وأذهب عقلها، ارتخت ساقيها وعيناها التي توسعت بشدة بدأت تبكي بشدة أكبر ليشتد ذراع فيلو حول خصرها يحول بينها وبين سقوط ماعاد متاح أن يتركها له، لم يستطع الاقدام على شيء واحد يجيب تساؤل عينيها لتضيع أنفاسه وهو يشعر بغازي يسحبها من بين يديه لتقف خلفه ثم يقول بجبروت
" من أنتم "
رفع فيلو عيون عكر صفائها نظرات احتشد بها شر خالص وتحدي ثم تقدم ليقف أمامه كند ويقول
" أنا الشيخ طميم "
نظر غازي لموسى نظرات لو كان لها وقع لأردته قتيلا ثم عاد بنظراته إلى فيلو الذي قال
" أنت تحتاجني"
انفعل غازي من ثقة حديثه وقال بحدة
" إن كنت كما يحكون عنك جد حلا لفتح تلك المقبرة غيرها ولك عشر ما فيها "
اقترب منه فيلو أكثر ونظر إلى عمق عينيه وقال
"
على هذه المقبرة أرى دماء ومصائر ستتغير وخيال لرجل أصبح لا يطيق على إدراك ما فيها صبرا، من سيدك ؟؟؟؟؟
هاج غازي وقال
" أنا بلا سيد، أنا هنا السيد …صاحب الكلمة وجميع من هنا تحت رحمتي "
ابتسم له فيلو وقال
" إجابة نموذجية عليك الاستعداد لتبعاتها "
ثم نظر إلى بتول التي كانت غارقة ما بين اللهجة واللكنة والملامح وقال
" أريد قطرة دماء منها "
قال غازي
" ولا قطرة "
قال له فيلو أنها تنزف بالفعل "
استدار غازي ينظر إلى قدمها بغضب ليكشف فيلو لها عن السلسال المعلق بعنقه فتشهق بتول بعنف وذهنها ينفض عنه رماد الهزيمة وينتفض من بينه كما العنقاء، ليقول فيلو
" متى سنبدأ الطقوس "
التفت له غازي وقال
" ليس قبل أن نتحدث، خذهم إلى المجلس يا يونس "
قال يونس بصوت مضطرب
" تفضلوا معي "
انسحب رجال غازي للخارج
" بينما لم يقو فيلو على الحركة دون حزم كف حرب القوية الذي بات يلمس العذر لفيلو في كل ما يفعل، فلو رأى إمرأة يومًا تخصه بهذا الشكل لأحرق الأخضر واليابس ليقول غازي بجمود
" موسى …أريدك "
وقف موسى أمام أخيه بثبات يحاول أن يجمع الكلمات ليشرح ما صدر عنه خاصة حين اقترب منه غازي بهدوء ثم برقت عيناه دون مقدمات وهو يفرز نصل مطواة صغيرة في فخذه ويدفعها لتتعمق وهو يقول " أنت بت خطرا حتى على نفسك "
صرخ موسى بجنون فهدر به غازي
" اكتم فمك، ونظف جرحك واسبقني إلى المجلس وسألحق بك "
كتم موسى صراخه بقهر شديد وهو يسقط أرضًا وينظر إلى المطواة القابع نصلها بالكامل في لحم فخذه ثم ينظر إلى غازي الذي سحب بتول وعاد لنهاية الممر قبل أن يخلع سترته يلويها بقوة ويضعها بفمه ويغمض عينيه ثم يلتقط نفس عميق ويكتمه قبل أن يسحب المطواة بسرعة لتتفجر الدماء منه وصرخاته المكتومة تدوي في الفراغ من حوله.
༺༻
بعد أربع أيام ….
داخل إحدى غرف مزرعة حكم كانت سيادة تجلس على السرير شاردة الذهن بينما ماسة تنعم بين أحضانها بنوم عميق، كانت الاثنتان تعوضان ليالي الفرقة والحرمان والفزع بالتحام دافيء تكاد لا واحدة منهما فيه تفارق الأخرى، الأمان والسكون من حولهما كان نعيمًا وترف تهيج على أثره الذكريات التي ما كانت تظن أنها مازالت تذكرها، ابتسامة متألمة رسمت على شفاه سيادة التي أغمضت عينيها تتمسك بصغيرتها أكثر وهي تعود بذاكرتها إلى حيث كانت البداية، حواسها جميعًا تثاقلت واختنقت أنفاسها برائحة عطنة تقبض القلب، أذناها كانتا ترهفان السمع كأنهما تسمعان زخات المطر الجارف بالخارج، جسدها يرتجف كأنه يعيش ذلك السقيع المذل مجددا وعيناها المطبقة تدور في زوايا ذلك الوكر العفن المظلم المليء بالأوبئة، تذكر جيدًا أنها كانت ليلة من ليالي ديسمبر شديدة المطر والسقيع، جسدها كان يرتجف فيها كما لو أنه ورقة يابسة في غصن أطاحت به العواصف، جلست سيادة تراقب الأجساد المتلاصقة كما لو أنهم فئران اجتمعوا بجحر بعيون ناقمة، ثم وقفت بهدوء تعبر من بينهم نحو الخارج ليستوقفها مشهد الشاب اليافع ابن زعيم هذا الوكر وهو يكاد يتجمد من البرد ورغم ذلك يمنح معطفه البالي لتلك الفتاة التي أحضرها منذ أيام، فتاة جميلة لذلك يكاد لا يفارقها حتى في الليل ينام وعين له مفتوحة لكي يمنع عنها الاذى، فتاة مدللة وليست مثلها عليها أن تجد معطف بالي بنفسها مهما كان المقابل، شعرت سيادة أن حيان مستيقظ ورغم ذلك لم يأمرها بالعودة، دومًا ما شعرته لا يشبه أبيه، تسللت سيادة تحت الامطار بأقدام حافية تنزلق فوق الارض الرطبة وملابس رقيقة بالية التصقت بجسدها الذي بدأت تبرز فيه علامات الأنوثة التي جعلتها تدرك مغزى نظرة الطمع التي تمليء عيون رجال البدري نحوها، طمع سهل عليها لحظات الجوع ولحظات السقيع ومنحها بعض السلطة، ماذا لو كانت رغيف دافيء مقابل لمسة لمفاتنها، ماذا لو ملابس دافئة معناها أن تخلع ملابسها المبللة أمام أحد الرجال ألم تعش لسنوات عارية يستباح جسدها الجميع فلما لا تنتفع، الأمطار كانت تشتد لدرجة أن جميع رجال الحراسة قد اختفوا، تلفتت سيادة يمينًا ويسارًا والبرد الذي ينخر عظامها جمد الدماء في جسدها فأضحى أبيضًا كما لوح الثلج، لتسمع فجأة صوت باب غرفة البدري الحديدي يفتح فتوسعت عيناها هلعًا وركضت تنحني بجوار صناديق خشبية ضخمة بجوار البوابة التي فتحت ليعبر منها البدري نحو الخارج، مرت الدقائق دون أن يعود البدري وقد تخشب جسدها من السقيع والخوف فلو لمحها لن تأخذه بها شفقة، غياب البدري جعلها تشعر أنها على وشك الموت لذلك تحاملت على نفسها وتحركت عائدة ليستوقفها فضول جعلها تسرع لتلقي نظرة على ما يحدث بالخارج، تحركت سيادة نحو البوابة وأسنانها تصطك في بعضها دون توقف مصدرة صوت حاولت التحكم به كي لا يلفت إليها الأنظار فرأت رجل ملثم يترجل من سيارة سوداء يحمل حقيبة يناولها البدري بينما رجال البدري الذين ظنتهم يحتمون في مكان ما من المطر يضعون في مؤخرة السيارة أشياء لم تتبينها، همّت سيادة بالتراجع لكن أصوات الرجال القادمين نحو البوابة جعلوها تخشى أن يدركوا ما رأته لذلك أسرعت خارج البوابة تركض نحو جانب معتم من الطريق، انخفضت تتدارى خلف حجر ضخم وقد بدأ وعيها من شدة البرد والجوع يتداعى، مرت الدقائق ساعات بطيئة قبل أن تتحرك السيارة وينسحب البدري ورجاله نحو الداخل ويغلقون البوابة، ملأ الفزع قلب سيادة التي أدركت أنه حين تشرق الشمس ستكون قد غادرت روحها جسدها وسيجدوها ملقاة هنا بالعراء، ارتفع صوت بكائها لكن صوت المطر كان أقوى بكثير وركضت بكل قوتها بجوار سور وكر البدري لعلها تجد منفذ للدخول ولكن خاب أملها حين وصلت إلى نهايته فلم تجد سوى كلاب شرسة حينما أدركوا وجودها ارتفع نباحهم كما صوت المدافع يقصف فأضاءت أنوار المكان بشكل دفعها تركض بعيدا وبسرعة كبيرة، تركض حتى ما عادت تشعر بأطرافها …تركض حتى أصابها دوار جعلها في لمح البصر تسقط في بؤرة مياه ضحلة زحفت على بطنها لتخرج منها وقد خارت قواها وبدأت عيناها بالانغلاق، كانت قد سلمت للموت جائعة باردة ملقاة على قارعة الطريق حين توقفت بجوارها سيارة وفتح بابها ووصلها صوت ثقيل يقول " اركبي "
لم تفكر مطلقًا وهي تصارع لتحبو على يديها كما الأطفال نحو السيارة وتركبها وقد بدأت تهزي وتقول
" أعطني ملابس دافئة وسأنزع ملابسي أمامك "
لم تشعر سوى بمعطف ثقيل يصفع وجهها وصوت يقول
" ارتدي هذا فوق ملابسك، إياك أن تخلعيها عن جسدك " أسرعت تنفذ أمره الذي كان الأول ولم يكن الأخير، أفاقت سيادة من الغوص في أعماق أفكارها على اهتزاز هاتفها لتجده المنبة يجبرها أن وقت دواء ماسة قد حان، لذلك تنفست بعمق شديد وهي تتناسى كل ما تذكرته وبدأت تعتني بابنتها التي لا تدرك لمَ لم يكسر والدها حصون تلك المزرعة ويطالب برؤيتها حتى الآن.
༺༻
على بعد ثلاثة غرف كانت كيان مستلقية على السرير بجمود لم تستطع السيطرة عليه منذ ما حدث، عقلها بداخله وحوش ضارية تتقاتل وجسدها هامدًا كأنها أضحت جثة حقيقية، على أذنيها تضع سماعات تستمع من خلالها للقرآن لتشعر ببعض السكينة التي باتت لا تحظى بها سوى بالمهديء الذي خشيت عليها يهدين من أن تدمنه من كثرة الأقراص التي تناولتها بالايام الماضية، كان خارجها لا يعكس داخلها، وألمها لا تشرحه الكلمات لذلك تمسكت بالصمت المطبق تاركة خلفها الكثير مما تحتاج إليه ….ومما تحزن عليه، دموعها ما عادت قابلة للبكاء وأنفاسها الطليقة تختنق في مداها الأوحل، إنها تشعر بالموت أكثر مما تشعر بالحياة، كم كانت تائقة لتغلق عينيها لكن خوفها مما سترى جعلها تحارب النوم بعزيمة من الغريب أنها باقية فيها، باب الغرفة الذي انفتح بهدوء جعلها تلتفت بلهفة علها يهدين جاءت لتطمئن عليها وتمنحها حبة مهديء أخيرا لتتفاجيء بفياض يتسلل إلى الغرفة مغلقا الباب من خلفه فأسرعت تتصنع النوم لتشعر به يقترب ويقترب حتى يجلس على طرف السرير ويقول بهدوء غريب
" افتحي عينيك كيان "
لم تتجاوب مع أمره الهاديء فقال لها
" لقد أحضرت معي لكِ مهدئا وأشياء أخرى"
فتحت كيان عينيها تنظر إليه كما الطفلة التي أضاعت حلوى طفولتها في مكان تجهله، فلوح لها فياض بشريط الأقراص وقال
" أنا أشعر بحاجتك إليه، أنا أشعر بألمكِ "
اذدرت كيان ريقها وقالت
" يهدين تقول أني إذا تناولته كلما شعرت بحاجتي إليه سأدمنه "
قال لها فياض
" لهذا جئت لك بشيء أخر لا يسبب الإدمان كما المهدئات أو على الأقل أمن أكثر، اعتدلت كيان بصعوبة شديدة وهي تسأله بلهفة
" حقًا "
قال لها فياض الذي كان كمن اتفق معها اتفاق غير معلن ألا يتحدثا عما مرا به ذلك اليوم
" نعم فالماريجوانا تعد نبته وهذا يعني أن تأثيرها أمن أكتر من المواد الكيميائية المتمثلة في المهدئات "
توسعت أعين كيان وقالت له
" أتريدني أن أتناول مخدرات يا فياض "
قال لها فياض ودفيء الحديث بينهما يرد إليه روحه الشاردة
" لتعبري ما أنتي فيه، نعم كيان لا بأس بذلك، مرة لن تضر …لكن الألم النفسي يضر " هزت كيان رأسها بعدم تصديق فانحلت ربطة شعرها قليلا وانفلتت منها عدة خصلات لم تعِ لها كيان، بل لم تعِ لكونها دون حجاب وهي تراقبه كيف يخلط التبغ بالماريجوانا ثم يلفهما معا في ورق لف السجائر بسهولة بالغة لتسألة بتفكير
" هل أنت مدمن "
أجابها فياض بجدية
" لشيء سواكي …لا، اطمئني "
تعلقت أعين كيان بوجهه الذي كان قريبا كما لم يكن لأكثر من ثلاثة عشر عاما ثم قالت برهبة " فياض هل هدوئك هذا خدعة "
رفع فياض عينيه إليها وهو يشعل السيجارة وقال
" إن كانت خدعة فليتنا جربناها منذ زمن وقبلت أن نجلس ونتحدث بهذه الخصوصية والقرب كيان "
سحب فياض نفسًا عميقا ثم أطلقه وقال لكيان
" دورك، ضعيها بين شفتيك واسحبي للداخل قدر استطاعتك، ستكون المرة الأولى ليست الافضل لكنكِ بعد ذلك ستجدين الأمر سهلًا "
كانت مترددة لكن لأول مرة ليست وجلة كأنما هناك خلل في مراكز الشعور بداخلها، هناك عجز رهيب ألمّ بمنطقها وجعلها تلتقط السيجارة من يده وتنفذ تعليماته بدقه متناهيه لتسعل بعنف حين يدخل الدخان إلى صدرها بشكل جعل فياض يقترب منها أكثر ليهدئها وهو يقول بابتسامة رسمت ابتسامة مبهمة على شفتيها
" لا تستسلمي للسعال، واهزميه بنفس آخر …هيا " سحبت كيان نفس أخر فقال لها فياض أخرجيه بهدوء وأخرجي معه كل أحزانك وألمك كيان "
أخرجت كيان من صدرها غيمة من الدخان الذي شعرته أسود من فرط ما يجيش بصدرها سارعت كيان تسحب النفس الثالث وقد تحولت ابتسامتها المبهمة لضحكة جعلت فياض يضحك كأنها تنتشي بالماريجوانا وهو ينتشي بكونها حية وبجواره.
༺༻
بعد قليل…….
كانت كيان مستلقية تنظر للسقف وهي تبتسم دون سبب تضع ساقا فوق ساق وتهزها براحة بينما فياض مستلق جوارها على جانبه يتأملها بعيون نحرها الشوق نحرا لسنوات طويلة، قالت كيان لفياض
" أين كنت تعيش "
أجابها وهو يلاحق بعينيه خصلاتها الهاربة التي لم يتجرأ على لمسها
" بعيدا كيان، في مكان بارد …موحش لكنه آمن "
قالت له
" هل تزوجت أو جمعتك علاقة بإمرأة ما "
قال لها فياض
" حاولت كثيرا كيان لكني لم أستطع فلم يملأ الفؤاد سواكِ حبًا
لم يملأ العين سواكِ حبيبًا " قالت له كيان
" أنا أيضا لم أنسَك، لم أنس ..أنك كنت رجلي الأول في كل شيء…أذكر أنك قبلتني مرة لكني لا أذكر هل كان ذلك قبل أن تقتلني بالمسدس أم بعدها " قال لها فياض وأصابعه تزحف ببطء نحو خلاصتها الهاربة
" أنا لم أقبلك من قبل كيان حاولت كثيرا لكنكِ لم تمنحيني الفرصة، ربما لو تركت المجال لي لأفعلها يوما لكنت لملمت فوضاكي ورتبتها عنكِ وأسكنت خوفكِ كهف بعيد لا يقترب من عالمنا، وكنت سأبقيكي إلى جواري للنهاية ..ليأتي أجلي وأنا أمسك يدك ونجلس جنبا لجنب أمام مدفأة ترقص فيها ألسنة اللهب على جمر مشاعرنا، لكنت سكنت إليكِ فلا يمزقني تيه الحياة "
قالت له كيان
" هل قبلة منك كانت لتمنحني كل هذا فياض "
ارتخى فياض ينام على ظهره ويراقب السقف مثلها ويقول
" نعم كيان فقبلتي لكِ لم تكن لتتوقف أو تنتهي، لم تكن لتكون شيئًا نمطيًا يفعله البشر، أتدرين كم تخيلت قبلتك الأولى وكم فكرت فيها وكم خططت إليها، يا إلهي أنتِ حقا لا تعرفين شيئا "
قالت له كيان التي مالت على جنبها تأخذ وضع الجنين وقد ارتخت جفونها
" بلى فياض، لقد بت أعرف الآن أنك مهووس بالقبل"
قال فياض
" بل بفكرة تقبيلك كيان …أنا مهووس بكِ "
قالت كيان
" أنا لا أعرف كيف أقبل فهل علمتني وأريد أيضا طريقة تحضير الماريجوانا"
قال فياض وعيناه هو أيضًا ترتخي بسكون لم يحظ به مطلقا " حسنا ولكن الأمر يتطلب تفرغا كامل، وهذا يعني أن عليكِ أن تتزوجيني "
أغلق فياض عينيه متسلما لسلطان النوم الذي يجافيه منذ زمن طويل كأنه الآن فقد أدرك حاجته إليه.
༺༻
بالأسفل كان الوضع متأزم للغاية ما بين حكم ويهدين التي تقف أمامه بإصرار يقابله هو برفض قاطع وغضب مهول،
قالت يهدين
" مازلت لا أفهم ما الذي يمنع ذلك يا حكم، وما هو سبب ثورتك "
قال حكم
" ما يمنعه هو أني لا أفهم كيف خطر هذا على ذهنك "
قالت يهدين
" تتحدث كأني أقترح كارثة رغم أني فقط أحاول إيجاد حلول "
قال حكم وهو يدور حول مكتبه " حلول لماذا بالضبط، أين الحل في أن تحملي إنسانة مثل شيراز مرت بكل ما مرت به تلك المسؤولية الثقيلة، شيراز تحتاج من يحمل عنها لا من يحملها " قالت يهدين
" بالعكس يا حكم، حديثك هذا هو ما يفتقر إلى المنطق، أنت هنا تقدر الموقف بعاطفتك ..عاطفتك التي تغلبك وتجعلك لا ترى الصواب في الأمر " هدر بها حكم وقال
" لا صواب فيما تريدين إقناعها به "
قالت يهدين
" خوفك عليها ليس مبرر لترفض، فأنا كما قلت لك أنا أحاول إيجاد حلول، أحاول منح الجميع فرص، أحاول أن يكون هناك عدل "
قال لها حكم
" لا عدل في توريطها بهذا الشكل "
قالت يهدين
" أنا لا أسمي الأمر ورطة، بل هو شيء أعمق ..كمنحها سببًا قويا للحياة …منحها تجارب إنسانية …منحها وسط مؤثر، أمنحها هدفًا ومكانة ومشاعر دافئة، تلك التجربة يا حكم ستكون خطوة قوية لتتعافى شيراز مما مرت به "
قال حكم وقد اهتز صوته بشكل ملحوظ
" كيف تظنين أن بعد ما حدث لها هناك مكان قد أأمن عليها به "
قالت يهدين
" حكم أنت هكذا تؤذيها وتسلبها جميع فرصها الثانية، أنا كان من الممكن أن أتجاهل أمر تلك الدار تماما وترك الدولة لتوزع تلك الفتيات على دور رعاية لكن هل ستتحمل جهلك بمصائرهن، هل ستتحمل أن تكون السبب في أن تتعرض إحداهما ل…
هدر بها حكم
" يهدين لا تتمادي "
قالت له يهدين
" أنا لا أتمادى حكم بل أعدد أمامك جميع الحقائق، فذلك الدار وجميع من فيه لن أقبل أن يكونوا ضحايا حرب لا ناقة لهم فيها أو جمل، يكفيهن التحدي الذي هن فيه بالفعل، شيراز ابنة عائلة وسيدة مجتمع وزوجة سابقة لرجل أعمال ولا تستطيع الانجاب سجلها نظيف وظروفها مناسبة لذلك كانت أنسب من يتولى أمر تلك الدار، شيراز لديها تجارب ستجعلها تشعر بمعانتهم، ستجعلها تندمج معهم وتبحث فيهم عن العائلة كما كانت تفعل كيان، ولا أرى أن من المنطق أن تأخذ ذلك القرار عنها، دعني أعرض عليها الأمر وليكن القرار قرارها حكم "
قال حكم بانفعال
" جدي حلا آخر يا يهدين، لم تنتهِ حلول الأرض "
جائها صوت شيراز الذي أدرك أنها كانت تستمع لما يدور كما عادتها
" ولمَ قد تبحث عن حل آخر وأنا موافقة حكم "
نفرت عروق حكم بقوة وارتفع صدره بانفعال وهو يمرر يده في شعره ثم يتوجه نحو النافذة ويعطيها ظهره ليغمض عينيه ويقول في عقله
" هونًا …هونًا شيراز …ترفقي بما تبقى صامدا مني "
اقتربت منه شيراز تناديه بصوت غلب عليه الإعياء كما جسدها الذي تلف من حوله وشاح ثقيل
" حكم …أنا موافقة "
قال لها حكم
" وأنا لست موافق شيراز، وقد لا أجبرك على الخضوع لقراري …وقد لا أملك سلطة بها أجعلك تدركين مدى تسرعك في اتخاذ قراراتك، وقد لا أملك عليك أمر واجب النفاذ لكني رافض شيراز "
تحرك حكم خارج المكتب فاستوقفه صوتها بالغ البحة تسأله
" إذا ما الذي تتوقع أن أمضي حياتي به، إنها فرصة لأملك شيئا يجعلني ذي أهمية "
هدر بها حكم قائلا
" أنتِ مهمة وعليكِ أن تدركي ذلك، أنتِ شخص بالغ الأهمية شيراز، ليس عليكِ أن تتحملي ما لا طاقة لكِ به لتدركي ذلك أو لتثبتي ذلك، إن كان كل ما حدث منذ جئتِ إلى هنا بالفعل يثبت لكِ ذلك إذا لا داعي للكلام "
خرج حكم والهموم تتكابل عليه أكثر وأكثر حتى شعر أنها باتت كما الجبال على كتفيه، خرج من المنزل وتوجه نحو الإسطبل وحرر الصهباء ثم ركبها وانطلق وهو يفكر في شيء واحد فقط …أنه تورط مع إمرأة يراها محور الكون بينما هي ترى ذاتها لبنة مشروخة ملقاة بلا هدف في قطر من أقطاره، فيا هول منطق قلبه ويا لعبثية منطقها تلك التي تميته كمدا.
༺༻
بعد عدة ساعات أمام فيلا مؤيد الجوهري كان علِيّ يوقف سيارته بحدة جعلت مقدمة سيارته ترتطم بجانب البوابة بعنف ورغم ذلك ترجل عنها دون أن يلتفت لما نتج عن ذلك كأنه لا يعبأ بمطلق خسارة وقد طالته خسارة كبرى ما عاد قادرًا على تفاديها، اقتحم المكان بجنون لم يكن من شيمه يومًا كأنه فقط اتزانه، وقف أمام الباب الداخلي للمكان يطرقه بعنف وهمجية وهو يقول
" افتح يا مؤيد وواجهني رجل لرجل، أنا أعلم أنك بالداخل " عاد علِيّ يطرق الباب بعنف أكبر وهو يبتعد للخلف ينظر إلى نوافذ الفيلا ويصرخ
" ماذا هل ستختبيء مني كثيرا، أنا على كل حال لا أريد منك شيئًا سوى زوجتي، أنا أريد زوجتي يا مؤيد هل تسمعني "
اقترب علِيّ من الباب مجددا ولكن قبل أن يطرقه كان مؤيد يفتح الباب ويخرج إليه ويقول بهدوء دفع علِيّ لفقد عقله أكثر " ماذا تريد يا علِيّ "
قال علِيّ الذي كان جسده محتدا أكثر منه
" أريد زوجتي يا مؤيد، إلى أين أخذتها بعيدا عني، أتظن أنك مازلت تملك سلطة عليها لتخفيها عني وتجعلني أدور حول نفسي "
قال لها مؤيد وهو يتجه نحو سيارته كأن نوبة هياجه لم تهز برأسه شعرة
" كنزي تريد الطلاق يا علِيّ، لقد تركت هذه معي لك قبل أن ترحل، وعشمي وعشمها فيك ألا تزيد الأمور تعقيدا وتطلق بهدوء "
نظر علِيّ للحلقة الذهبية التي أخرجها مؤيد من جيب سترته العلوي ثم قبض عليها ينزعها منه بعنف وهو يقول بذهول
" هل خلعت كنزي حلقتها الذهبية "
قال مؤيد
" نعم يا علِيّ لأن قررارها كان قرار نهائي، لقد انتظرتك أن تهدأ لنتفاهم ونحل الأمر بشكل ودي لكن يبدو هذا صار من ضمن المستحيلات، لذلك أنا سأمنحك يومين لتقرر كيف تريد أن نحل الأمر ودي أو عكس ذلك "
قال له علِيّ بألم شديد
" لماذا تفعل بي ذلك، لماذا تتصرف معي على هذا النحو أكل ذلك لأني أحببتها، أنت حقا بلا قلب "
نظر له مؤيد للحظات وقد ألمته الكلمات ثم قال
" صدق أو لا لقد كنت هذه المرة أريد سعادتها مهما كان الثمن، لو أنها قالت أريده لكنت تغاضيت عن كل شيء لأجلها، لكنت غضتت الطرف وتركتك جوارها تمنحها ما لم أستطع منحها إياه، لكنها من أرادت وخلعت تلك الحلقة، هي من قررت وأنا لن أرضى سوى بما يرضيها لذلك دعنا لا نطيلها وهي قصيرة يا علِيّ، طلق كنزي فهي ليست لك "
تحرك علِيّ للخلف مذهولًا …مزعورًا….موجوعًا …ممزقًا، يفتح فمه ويغلقه …يرفع ذراعيه ثم يخفضهما
كأنه يمر بحالة عنيفة من الصدمة ليقول أخيرًا وهو يضرب على مقدمة سيارة مؤيد بعنف يخرج به كل قهره
" أخبر أختك أني لن أطلقها ولو أطلق على رأسي رصاص حي، أخبرها أني سأجدها وسأعيد تلك الحلقة إلى إصبعها قسرًا فهي زوجتي وستظل زوجتي شاءت أم أبت "
تحرك علِيّ مسرعا تجاه سيارته فتجمد مؤيد قليلا شاردا في حاله قبل أن يفتح باب سيارته بانفعال وهو يخرج هاتفه ليطلب بشر الذي حين وصله صوته قال له " أنا سأتحرك في الحال ".
༺༻
بعد ساعة بالمزرعة….

كانت يهدين تقف أمام حكم وتقول له
" حذيفة على وصول كما أمرت "
جلس حكم على مقعده بإرهاق وهو يقول
" لقد أجلت هذه المواجهة قدر استطاعتي لكنه بصلابة رأسه عجل بها، هل سلمت طايع الأوراق التي سيعمل على نسخها "
قالت يهدين
" نعم إنه منكب عليهم منذ ساعات "
تنفس حكم بعمق شديد وقال
" هذا جيد، وكيف حال كيان " قالت يهدين
" لقد انشغلت عنها اليوم ولم أمر عليها بعد لكن بمجرد وصول حذيفة سأفعل "
أراح حكم رأسه للخلف وهو يقول
" لا أعرف كيف أبدأ معه، حذيفة بئرعميق، قاعه غموض وسطحه وجع "
قالت يهدين
" أنا واثقة أنك ستجد طريقة يا حكم "
فرك حكم بين عينيه وقال لها
" أيمكنني أن أحظى ببعض القهوة فقط قبل مجيئه "
قالت يهدين وهي تشعر بالشفقة لحاله
" حالا سأحضر قهوتك "
همّت يهدين فاهتز هاتف حكم ليعتدل حكم ينظر إلى شاشته وهو يهز رأسه بيأس وتعب ويقول
" لا داعي للقهوة إنه أمن البوابة، مؤكد حذيفة وصل " وقف حكم يتحرك خارج المكتب تتبعه يهدين ليجيب هاتفه قائلا
" ما الأمر "
وصله صوت رجله يقول
" هناك خمسة رجال يريدون مقابلتك "
توقفت أقدام حكم الذي كان قد خرج بالفعل وقال
" هل لديك أسمائهم "
أجابه رجله
" نعم سيدي، أنه السيد مؤيد الجوهري، والسيد بشر العزايزي والسيد ليل العزايزي والسيد فخر العزايزي والسيد رائف العزايزي "
نظر حكم ليهدين وسألها
" ماذا يريد هؤلاء "
حركت يهدين أكتافها بعلامة تنم عن جهلها وبعدما كانت ستتقدم لاستقبال حذيفة، تجمدت قدميها فلم تقو على الاقتراب أكثر ورؤيته يقف وأهله على بابها، بينما اندفع حكم بخطى واسعة يقف خلف البوابة التي انفتحت بينهما ببطء شديد، تكشف لها عن هيئة خمسة رجال لا يشق لهم غبار وتكشف لهم عن هيئة رجل يدركون أنه وحده جيش إما سيكسبونه لصالحهم وإما سيكونون قد اشتروا عداوته ليكتمل المشهد بوقوف سيارة حذيفة التي حين ترجل منها ورأى شباب العزايزه ورأوه كان للصدمة وقع آخر.
༺༻
انتهى الجزء الأول من الفصل الرابع والعشرين
قراءة ممتعة للجميع ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-23, 08:43 PM   #290

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 245
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

يا الله
رووووووووووووووووووووعة
كل حدث احاى من التاني


al gameel rasha متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:26 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.