آخر 10 مشاركات
216 - قيود من رماد - ليز فيلدينغ -أحلام جديدة (الكاتـب : monaaa - )           »          202- لن تعيده الاشواق - لي ويلكنسون (الكاتـب : Gege86 - )           »          343 - جزيرة الحب - جانيت هامبتون - م.د ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          246 - عروس تنتظر الدموع - جانيل دينسون (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          341 - خيانة حب - كاي هوجز - م.د** (الكاتـب : عنووود - )           »          18- الدوامة - شارلوت لامب (الكاتـب : فرح - )           »          6 - كذبة واحدة تكفي - كارول مورتيمر (الكاتـب : فرح - )           »          13- نجمة الجراح - كارول مورتيمر (الكاتـب : فرح - )           »          354 - الحلم و الحقيقة - هيلين ستراسر - المركز الدولي** (الكاتـب : angel08 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-10-17, 10:55 AM   #131

بت البر

? العضوٌ??? » 351320
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 408
?  نُقآطِيْ » بت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond repute
افتراضي


الروايه روووعه مشكوووره ياعسسسل

بت البر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-17, 09:47 PM   #132

سانووو
 
الصورة الرمزية سانووو

? العضوٌ??? » 380759
?  التسِجيلٌ » Aug 2016
? مشَارَ?اتْي » 109
?  نُقآطِيْ » سانووو is on a distinguished road
افتراضي

الروايه رائعه سلمت يداكي قرءت كل الفصول ومتبعاكي ان شاء الله

سانووو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-17, 10:32 PM   #133

m7abib

? العضوٌ??? » 410460
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 7
?  نُقآطِيْ » m7abib is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

m7abib غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-17, 06:25 AM   #134

ميرامون

? العضوٌ??? » 197814
?  التسِجيلٌ » Sep 2011
? مشَارَ?اتْي » 403
?  نُقآطِيْ » ميرامون is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ميرامون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-10-17, 09:38 AM   #135

Maysan
 
الصورة الرمزية Maysan

? العضوٌ??? » 368562
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 583
?  نُقآطِيْ » Maysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صباح السعاده والسرور .. تسلم يدينك على البارتات الثلاث ربي يعطيك الصحه والعافيه يااااارب .. فصووول رائعه وجميله ..

اللقاء الكارثه بين الاسيف ومنذر .. منذر غريب هالانسان يعني يفكر بالأسوء ويظن ظن السوء وبعدها يحكم وينفذ ؟!! المشكله انه مقتنع تماما انها نصابه وشحاته هي وامها ومنظمه على مستوى !! واساسه كان فكره بذهنه !! التفاتت الاسيف في الاحداث واخذ منذر لمحه واضحه من ملامحها مااعتقد انه عبث ؟! المشكله الان انها بالحاره واحتمال كبير تقابله ثاني اتمنى انه مايكون وهي في طريقها لعمتها ☹😞.. ام اسيف استلمت بسهوله يااارب يكون فيه دافع انها تجرب من جديد ..

بسمه وشبهها بجدتها عزيزه .. تهورها راح يفتح عليها ابواب هي في غنى عنها والجزار شكله ناوي عليها ربنا يستر🤔.. بإنتظار دخولها لبيت طه شكلها حتولع ربنا يستر ..

اعتقد انه اجهاض ولاء راح يكون فيه مضاعفات خطيره عليها .. مازن همه مصلحته ووناسته وعارف نقاط القوه والضعف في علاقتهم وهو المتحكم القوي فيها.. يعني دياب لو ماعرفش اليوم راح يعرف باكر مافيش حاقه تستخبى نهائي ؟! ..

نيرمين ربنا يكون في عونها ..

اتوقع الست جليله تفكر تخطب لمنذر عروسه ..

بإنتظاااار لقاء الاسيف بعمتها بشووووق .. تسلم يدينك مره ثااانيه وربنا يسعدك ويحفظك يااارب..


Maysan غير متواجد حالياً  
التوقيع




رد مع اقتباس
قديم 26-10-17, 09:02 PM   #136

لمعة فكر

? العضوٌ??? » 174997
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,924
?  نُقآطِيْ » لمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond repute
افتراضي

موفقة باْذن الله

لمعة فكر متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-17, 12:49 AM   #137

سانووو
 
الصورة الرمزية سانووو

? العضوٌ??? » 380759
?  التسِجيلٌ » Aug 2016
? مشَارَ?اتْي » 109
?  نُقآطِيْ » سانووو is on a distinguished road
افتراضي

هو البارت هينزل امتي

سانووو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-17, 02:47 AM   #138

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثاني عشر ( الجزء الأول ) :

أرادت جليلة ألا تضيع الفرصة وتفاتح ابنها مجدداً في موضوع الارتباط والزواج ..
هي وضعت عيناها على إحداهن ، وترى فيها الزوجة المناسبة له ، والأهم من هذا كله أنها تستطيع الانجاب لتضمن حصولها على أحفاد أصحاء في أقرب وقت ..

-ممكن أدخل يا منذر ؟
قالتها جليلة وهي تقف على عتبة باب غرفة ابنها البكري ومستندة بيدها على الحائط ..
التفت منذر ناحيتها وهو يمشط شعره قائلاً بتعجب من طلبها للإذن :
-اه طبعاً يا أمي ، هو انتي محتاجة تستأذني ؟

ابتسمت له ابتسامة عريضة ، ودخلت إلى غرفته لتتأمله بفخر ..
كان قد انتهى هو تقريباً من إرتداء ثيابه .. ولم يبقَ لديه إلا وضع حذائه في قدميه ..
جلست هي على طرف الفراش ، وأمسكت بملابسه المنزلية تطويها ، ثم رددت قائلة بحذر :
-كنت عاوزاك في موضوع كده !

رد عليها بهدوء وهو يربط حذائه :
-خير يا أمي !

تنهدت مطولاً وهي تقول بعتاب خفي :
-مش ناوي تفرحني بيك وتتجوز تاني !

اعتدل في وقفته ، وضحك عالياً وهو يردد بإندهاش :
-انتي عندك عروسة ليا ؟

انتابها الفضول لمعرفة ما يفكر به خاصة بعد أن رأت ردة فعله العادية ، فهتفت بحماس :
-بص هو يعني في كام حد ، بس انت مش في دماغك واحدة معينة ، صح ؟

رد عليها بجمود وهو يضع مفاتيحه في جيبه :
-والله يا أمي أخر همي الموضوع ده !

نهضت من على الفراش لتقف قبالته ، ثم ربتت على كتفه مرددة بحنو :
-العمر بيجري يا حبيبي !

ثم أخفضت نبرتها قليلاً لتظهر حزنها وهي تضيف :
-وأنا نفسي أفرح بعوضك وبعيالك !

زفر بضجر من تلميحها ، وهتف قائلاً بجدية :
-ومين هترضى بواحد زيي ؟

شهقت مذعورة من جملته الأخيرة لاطمة على صدرها ، وتبدلت تعابيرها للإنزعاج الكبير ، ثم هتفت مستنكرة :
-الله أكبر ، هو انت فيك حاجة تتعيب ، ده انت سيد الرجالة كلهم ومتعلم ومعاك شهادة تجارة !

التوى فمه بإبتسامة ساخرة وهو يرد عليها :
-ياه يا أمي ، بقالي زمن ماسمعتش الكلام ده !

هتفت جليلة مرددة بحماس وقد لمعت عيناها :
-وافق انت بس وأنا أدورلك على واحدة تتجوزها

رد عليها بفتور :
-ربك يسهلها !

ثم دنا برأسه عليها ليسألها بمكر :
-بس قوليلي انتي بتفكري في مين ؟ شكلك عندك واحدة ليا ، ها مظبوط ؟

ضحكت بسعادة ، ثم وضعت إصبعيها على طرف ذقنها لتقول بسجية :
-هو أنا باينة أوي كده

غمز لها منذر قائلاً بتسلية :
-ده أنا عارفك يا أمي

أخذت نفساً عميقاً ، وأخرجته دفعة واحدة من رئتيها ، ثم هتفت فجـــأة دون أي مقدمات :
-عارف نيرمين ؟

بدا الاسم مألوفاً نوعاً ما لديه ، لكنه لم يستطع أن يخمن هوية صاحبته بوضوح ، فتساءل مهتماً :
-مين دي ؟

ردت بثقة :
-بنت عواطف ، البت الكبيرة !

تذكرها منذر ، وأردف قائلاً بإستغراب وقد انعقد ما بين حاجبيه بشدة :
-بس اللي افتكره انها متجوزة !

صححت له معلومته قائلة بتلهف :
-لأ ، هي اطلقت من جوزها من كام يوم

ضاقت نظراته إلى حد كبير ، وتجمدت تعابير وجهه ، ثم هتف مستنكراً تفكير والدته في تلك الزيجة :
-وده أنا أعمل بيها ايه ؟ أروح أصالحهم مثلاً ؟!

ردت عليه بحماس وهي تشير بعينيها :
-لا خلاص معدتش ينفع ترجعله ، هو طلقها للمرة التالتة !

فهم منذر سبب إشارة والدته لها تحديداً ، ورد بتهكم وهو يلوح بذراعه :
-اها قولتيلي ، وانتي عاوزاني أكون لا مؤاخذة إريـــال ، وآآ...

قاطعته قائلة فوراً قبل أن يسيء فهمها :
-لالالا ، مش كده خالص !

سألها بإقتضاب وقد بدا متأففاً :
-أومال ؟

أجابته بحذر :
-البت كويسة وحلوة ولهلوبة وفوق ده كله مخلفة ، بطنها شغالة يعني .. فاهم قصدي !

أرجع رأســـه للخلف ، ورد عليها بصوت آجش :
-بقى الموضوع كده ! مخلفة عيال !

بالطبع لما لا تلجأ والدته إليها لتتأكد من وجود من تصلح للإنجاب خاصة أنها تعرف معاناته السابقة مع زوجته الراحلة ..

هزت جليلة رأسها بإيماءة قوية وهي تضيف :
-بصراحة أه ، وكفاية إننا عارفينها ومضمونة ومتربية وسطنا ! يعني لا في يوم هاتقل أدبها ولا آآ...

قاطعها منذر متساءلاً بجمود :
-وتفتكري هي هترضى تتجوز تاني ؟

أجابته مستنكرة تفكيره في احتمالية رفضها له :
-وهي تستجري ترفض ، هي هتلاقي أحسن منك فين ؟

أيقن منذر أن والدته قد وضعت تلك المطلقة ضمن مخططاتها للزواج ، وهو ليس به الرغبة للحديث في هذا الشأن حالياً ، فعلى عاتقه الكثير من الالتزامات والمسئوليات ، لذا رد عليه بحزم :
-بصي يا أمي ، مش وقته الكلام في الموضوع ده ، إنتي بتقولي مطلقة من كام يوم ، يعني لسه في موال عدة ومشاكل وبلاوي مع طلقيها ، وأنا مش عاوز وجع دماغ !

بررت له سبب تمسكها به قائلة :
-ماهي مش هاتفضل على طول في القرف ده ، وافق انت بس وأنا هاتصرف بعدها !

رد عليها بنبرة حاسمة وهو يتحرك صوب باب الغرفة :
-أما يجي وقته !

ابتسمت قائلة بود :
-طب يا حبيبي ، على راحتك !

ثم خرجت خلفه وهي تتابعه بنظرات متريثة .. لكنها كانت متحمسة لكون الفكرة قد لاقت استحساناً لديه .. وما عليها فقط إلا التريث والانتظار ريثما تنتهي عدة نيرمين لتفاتحها في الزواج من ابنها ...
.................................

أغلقت شادية باب المنزل خلفها ، واتجهت صوب الصالة لتجلس على أقرب أريكة وعلى وجهها علامات جادة للغاية ..
علقت أنظارها بإبنتها ولاء التي كانت تبحث عن هاتفها المحمول في حقيبة يدها ..
وما إن وجدته حتى هاتفت زوجها مــــازن فبعد أن عادت من زيارة عيادة الطبيب النسائي كان حتماً عليها الاتصال به لتبلغه برأيه النهائي في مسألة التخلص من الجنين الذي ينمو في أحشائها ..
سألها مازن مهتماً بعد أن رد على اتصالها :
-ها عملتي ايه ؟

أجابته بصوت قاتم :
-الدكتور قالي صعب أعمل اجهاض

رد مستنكراً صعوبة تنفيذ تلك العملية :
-ليه يعني ؟ مافيش كام برشامة تاخديها وينزل مع نفسه ؟

اغتاظت من استهوانه بالأمر ، وصاحت بصوت محتد :
-هي بالبساطة دي عندك ؟

لاحظ ارتفاع وتشنج نبرتها الصوتية ، فرد عليها بهدوء محاولاً السيطرةعلى نوبة عصبيتها قبل أن تنفجر فيه :
-أنا مفكر يعني الموضوع سهل !

هتفت قائلة بحدة :
-لأ مش سهل خالص !

ثم صمتت لتلتقط أنفاسها قبل أن تتابع بصوت متردد :
-وأنا ..آآ.. أنا مش عاوزة أجهض !

توقع مــــازن أن تتفوه بهذا ، فحديثها السابق ما هو إلا مقدمات لنية مبيتة على التمسك بالجنين ..
لذلك رد عليها بفتور :
-براحتك ، شوفي اللي عاوزاه واعمليه !

ثم زاد من قوة نبرته ليضيف محذراً :
-بس افتكري كلامي لما آآ...

قاطعته قبل أن يتم عبارته قائلة بصوت متشنج :
-مازن ، أنا لو عملت اجهاض ممكن مخالفش تاني

تعجب من كلامها ، وسألها مستغرباً :
-نعم ، ليه إن شاء الله ؟

أجابته بصوت محتد :
-الدكتور قالي إنه فيه خطورة عليا ، وأنا مش مستعدة أخسر حياتي عشان حاجة زي دي !

صمت مــــازن ولم يضف المزيد ، فهي بحديثها هذا تظن أنها وضعته في خانة اليك لتضغط عليه ، لكنه على العكس تماماً لم يكن مكترثاً بما تفعله ..
ففي النهاية هو في تحدٍ مع غريمه ديـــاب ، ولن يعبأ إلا بما يكدره ويعكر صفو حياته حتى لو كان للأمر علاقة بولاء ..

لاحظت هي صمته الذي طـــال ، فسألته بضيق :
-سكت ليه ؟

رد عليها بصوت جاف :
-اللي انتي عاوزاه اعمليه يا ولاء !

ســألته بتوجس وهي تستشعر الخطر :
-طب ودياب ؟

رد عليها بتساؤل موجز يحمل الضيق :
-ماله ؟

هتفت متساءلة بتوتر :
-هانتصرف معاه ازاي ؟

صمت للحظات تاركاً إياها تظن أنه يفكر في حل للمشكلة ، ولكنه صدمها بعد ذلك بالرد بجمود بارد :
-بصي يا ولاء ، أنا عندي شغل دلوقتي ، هاكلمك بعدين نتفاهم !

اغتاظت من رده الغير شافي ، وتمتمت بصوت محتقن :
-ماشي ، براحتك !

ثم أنهت المكالمة معه ، وألقت بهاتفها على أقرب أريكة ..
نفخت بحنق وهي تدور بحيرة في أرجاء الغرفة مرددة من بين شفتيها بشراسة :
-مش هتعرف تتهرب مني يا مازن ! احنا سوا في الليلة دي لحد الأخر !

هزت شادية ساقها الموضوعة على الأخرى بحركة ثابتة وهي تتابع المكالمة الدائرة بين ابنتها وزوجها فقد أصرت على أن تجريها أمامها لتعرف بنفسها ردة فعل زوجها ..
وصدق حدسها ..
رمقت هي ابنتها بنظرات مزدرية قبل أن تقطع صمتها الإجباري قائلة بتوبيخ :
-جالك كلامي ؟ مش قولتلك من الأول إنه ندل !

زفرت ولاء بإحباط ، ودست أصابعها في فروة شعرها المتناثر لتنفضه بعصبية وهي تتساءل :
-اتصرف ازاي دلوقتي ؟

توقفت شادية عن تحريك ساقها ، ثم أخفضتها لتتمكن من النهوض ..
أصبح وجهها خالياً من التعابير ، لكن نظراتها كانت مليئة بالوعيد ..
ردت على ابنتها بثقة جادة :
-مش انتي اللي هاتعملي حاجة ، ده دوري !

سألتها ولاء بتوجس وهي تضم ذراعيها معاً أمام صدرها :
-ناوية على ايه يا ماما ؟

أجابتها شادية بغموض :
-على الصح يا ولاء !
.....................................

لفت حنان الشـــال الحريري المغزول يدوياً حول عنقها ليعطيها بعض الدفء رغم اعتدال حرارة الجو .. لكنها كانت تشعر ببرودة خفيفة تضرب في جسدها المرهق ، ربما نتيجة السفر وتغير الجو فأصيبت بأعراض البرد ..
لم ترغب في إثارة قلق ابنتها ، فعمدت إلى الوسائل القديمة والدائية في التدفئة من أجل التعرق وإخراج الحرارة الزائدة من الجسد ..

أكملت بعد ذلك وضع حجابها على رأسها ، وأمسكت بحقيبتها لتتفقد ما بها من أموال ، ثم أسندتها على حجرها ..
وقعت عيناها على حافظة نقودها الجلدية ، فمدت يدها لتسحبها للخارج لتنظر بها.
كانت تضع في داخلها عدة صور مختلفة ، أخرجتهم بحذر لتتأملهم بنظرات مشتاقة.
كانت الصورة الأولى تجمعها مع زوجها الراحل وابنتهما أسيف وهي في عمر مبكر ..
ابتسمت بعفوية وهي ترى صغيرتها متشبثة بها بيد وجاذبة لياقة أبيها بقبضتها الأخرى ، ضحكتها كانت بريئة صافية تسلب الألباب وتآسر القلوب .
تنهدت بعمق ، وأزاحت الصورة لتشاهد التالية الموجودة خلفها.
كانت لأسيف وهي في المرحلة الثانوية بعد أن تحجبت.
لازل وجهها يحتفظ بملامحها الصغيرة رغم بلوغها ..
ابتسمت لها ، وأكملت تطلعها في الصورة الثالثة والتي التقطتها في استديو التصوير أثناء تقديم أوراقها للإلتحاق بكلية الزراعة ..
تذكرت رغبتها آنذاك في الانضمام لتلك الكلية خصيصاً لتعاون أبيها في أعماله بأرضه على أسس علمية ، و بالطبع فرح ريــاض بتفكيرها وحماسها ، وساعدها في شرح بعض المواد التي كانت تتعذر عليها دراستها ، وبعد تخرجها رفض أن تشاركه ذلك العبء ، وأثر أن تظل إلى جوار والدتها ..
أخرجت حنان تنهيدة حـــارة من صدرها وهي تتذكر شكل أسيف حينما منعت عن ممارسة ما تعلمته على أرض الواقع ، لكن والدها كان محقاً من وجهة نظره ، هو لم يرغب في إرهاقها وتحميلها مسئوليات ستؤرق ليلها وتكدر صفو نهارها .. بل ستقلب حياتها جحيماً ..
نعم هو أكثر الناس دراية بطبيعة شخصية ابنته الهشة و الرقيقة ، والحياة تسحق بضراوة الغير قادر على مجابهتها ، لذا رفض بعناد أن يلبي رغبتها في العمل ، وبقيت في المنزل ترعى والدتها ..

لم يمر الكثير على ذلك الأمر حتى مرض ريـــاض ، وساءت حالته ، وتطور الوضع سريعاً ليلقى ربه في نهاية المطــاف ..
ترقرقت العبرات في عينيها حزناً عليه ، وقاومت بشدة رغبتها في البكاء.
مدت أناملها لتمسح دمعاتها قبل أن تراها صغيرتها ، وتنفست بعمق لتضبط حالتها النفسية ..

خرجت أسيف من المرحاض الملحق بالغرفة لتسأل والدتها بإهتمام :
-جاهزة يا ماما ؟ أنا خلصت لبس !

عمدت حنان إلى رسم ابتسامة صغيرة على ثغرها ، ثم رفعت أنظارها اللامعة في اتجاه ابنتها ..
تأملتها بنظرات ممعنة لتتأكد من ملائمة ثيابها وحشمتها ..
لم تكن أسيف بحاجة إلى هذا ، فهي دائماً تحبذ إرتداء الثياب الفضفاضة التي لا تبرز معالمها الأنثوية ..
كان فستانها بسيطاً مزركشاً بألوان مبهجة تسر الناظرين ..
وحجابها من اللون الأزرق الباهت يتماشى مع إحدى درجات ثوبها ..
ابتسمت لها قائلة بنبرة لطيفة :
-اه يا بنتي ، يالا بينا !

هتفت أسيف بمرح وقد بدت نظراتها متفائلة :
-أنا نفسي أشوف شكل عمتي دي أوي ، يا ترى شبه بابا ولا لأ ؟

تلاشت ابتسامة حنان ، وحل الوجوم على وجهها .. نعم فهي تتذكر عواطف الصغيرة الواقفة إلى جوار أمها عزيزة ذات الوجه الصارم والنظرات الشرسة ، تلك السيدة الجبارة المتسلطة التي لا تعرف للرحمة أي معنى في حياتها ..
تمتمت بخفوت حزين وهي تنفض عن عقلها صورتها المخيفة :
-يا ريت تكون زيه مش زي أمها !

لم تسمع أسيف جيداً ما رددته والدتها ، فسألتها بإهتمام :
-بتقولي ايه يا ماما ؟

حاولت حنان أن تتصنع الابتسام وهي تجيبها :
-مافيش حاجة ! يالا يا بنتي

حركت أسيف رأسها بإيماءة موافقة ، ثم اتجهت نحو والدتها لتقف خلفها ، وتملكها الحماس وهي تدفعها من مقعدها قائلة بإبتسامة سعيدة :
-إن شاء الله هاتكون زيارة حلوة !

لم تعقب عليها حنان .. فما مرت به مع عائلة زوجها لا يجعلها تستبشر خيراً مطلقاً ...

....................................

استقبل الحاج مهدي السيدة شـــادية بداخل مكتبه الملحق بالمطعم ..
وطلب لها مشروباً بارداً لتتناوله ، لكنها رفضت أخذ أي شيء قبل أن تتطرق إلى موضوعها الخطير..
سألها هو بإهتمام وقد ظهر القلق على محياه :
-خير يا شادية ، زيارتك دي وراها ايه ؟

أجابته بغموض وهي تنظر له بتأفف :
-ابنك مازن !

تقوس فم مهدي للجانب مردداً على مضض :
-ماله المحروس !

أجابته بصوت قاتم ونظراتها إليه لم تتغير :
-ابنك متجوز بنتي ، وعرفي !

اتسعت حدقتي الحاج مهدي بصدمة جلية ، وفغر فمه مشدوهاً منها ، ثم صاح مستنكراً :
-ايييييه ؟!!!!

ردت عليه بهدوء مريب :
-اللي سمعته يا مهدي !

نهض واقفاً من مقعده ، وانحنى للأمام ليستند بمرفقيه على مكتبه ليحدق بها بنظرات مشتعلة .
صـــاح متساءلاً بصوت غاضب وهو يضرب بكفيه على السطح الزجاجي :
-انتي جبتي الكلام ده منين وازاي ؟

نظرت له شادية شزراً ، وبدت أكثر بروداً وهي تجيبه بصوت قوي :
-في ايه يا مهدي ، ولاء بنتي ومش بتخبي عني حاجة !

زاد ذهوله من حديثها المشين ، وكأن الزواج السري أمر عادي ، فهتف مستنكراً برودها :
-يعني انتي عارفة إنها متجوزاه في السر ؟

أجابته بثقة وهي تتعمد الحفاظ على ثبات انفعالاتها :
-اه ، من أول ما فكر في ده

ضرب مجدداً بعنف على السطح الزجاجي للمكتب هاتفاً بغضب :
-ووافقتي على المصيبة دي يا شادية ؟ طب ليه ؟

أجابته بهدوء مستفز :
-كانوا عاوزين بعض

بدا الأمر وكأنه قد تم الترتيب له بالكامل .. وبالطبع كان هو أخر العالمين به ..
تهدل كتفيه للأسفل ، وارتخى جسده وهو يجلس مصدوماً على مقعده :
-ازاي يعمل كده ومايقوليش ؟

انتصبت شادية في جلستها ، وأصبحت أكثر تحفزاً وهي تضيف :
-مش مشكلتي إن ابنك مخبي عليك موضوع زي ده ، مشكلتي معاه انه عاوز يجهضها !

انفرجت شفتاه بصدمة أغرب مما يسمع .. وتمتم مذهولاً :
-ايه ؟ كمان !

تابعت هي قائلة بجدية مهددة إياه :
-ومن الأخر كده أنا مش هاسمح لبنتي تضر نفسها وابنك قاعد ولا على باله !

ضرب الحاج مهدي كفاً على الأخر مستنكراً أفعال ابنه الغير موزونة ، وهتف بصوت متحشرج :
-يخربيتك يا مازن ، إنت عملت ايه يا متخلف !

كان مهدي يعلم جيداً أن فعلة كهذه إن وصلت إلى مسامع دياب فسوف تتسبب في إندلاع المشاجرات العنيفة من جديد بين العائلتين.
كز على أسنانه بحدة حتى كاد يحطمهم من فرط غضبه ..
وحاول التفكير بتعقل في حل لتلك الكارثة الفجائية التي ربما –كما يقال في الدارج - تحطم المعبد على من به مدمرة كل شيء في طريقها ..

لم تعبأ شادية بحالة مهدي المصدومة ، واستأنفت حديثها قائلة بنبرة عدائية :
-شوف لحد دلوقتي أنا هادية وبأتكلم بالعقل ، فبلاش تختبر صبري يا مهدي ، بنتي عملت كل اللي ابنك عاوزه ، وخَسَّرت ابن حرب الجلد والسقط ، لكن هي تخسر ولا تتأذى شعرة منها مش هاسكت ، وإنت عارفني كويس !

ثم نهضت من مقعدها لترمقه بنظرات شرسة وهي تتابع بتهديد :
-وأنا مش هاسيبها لوحدها !

هب هو الأخر واقفاً ليرد بحذر :
-طب اقعدي نتفاهم !

ردت عليه بصرامة :
-اللي عندي قولته ، ابنك يعلن جوازه من ولاء قصاد الناس وإلا أعمامها هيدخلوا فوراً !

هو يفهم جيداً طبيعة عائلة شـــادية ، والتي لا تحبذ اللجوء إليهم إلا في الشدائد لعنف طبائعم الشرسة ..
ابتلع ريقه قائلاً بتوجس :
-ماشي ماشي ، اهدي بس وآآ...

قاطعته قائلة بحزم :
-ده أخر ما عندي يا حاج مهدي ، سلام !

ثم أولته ظهرها دون أن تضيف المزيد ..
علقت أنظاره بسرابها الذي تلاشى سريعاً ، وحاول أن يعي الموقف ويفكر بصورة عقلانية متريثة فيه .. لكنه إلى الآن لم يكن ملماً بكافة التفاصيل .. لذا عليه استدعاء ابنه المشاغب ليعرف منه كيف ارتكب أمراً كهذا دون استشارته ..
فلو علم مسبقاً بنيته في الزواج من طليقة دياب لكان منعه على الفور .. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ..

أخرج هاتفه المحمول من جيب جلبابه ليهاتف ابنه ، وانتظر بفارغ الصبر رده عليه ..
وما إن سمع صوته حتى صاح به بغلظة مهيناً إياه:
-إنت يا زفت يا ....... !!!

صُدم مازن من سباب والده له ، وسأله منزعجاً :
-في ايه يا حاج ؟

رد عليه بحدة :
-اتنيل تعالى عندي تشوف الكارثة اللي عملتها !

بدا كلامه غامضاً للغاية ، فسألها بعدم فهم :
-كارثة ايه دي ؟

أجابه أبيه بصوت شرس:
-يعني مش عارف إنت مهبب إيه ؟ ولابخ الدنيا وموقعني مع ولية شر ؟!!!

سأله مازن مستفسراً :
-قصدك ايه ؟

صاح به مهدي بصوت هادر :
-انجز وتعالى دلوقتي !

رد عليه مازن بإمتعاض :
-ماشي بس هاخلص مصلحة في ايدي و آآ...

قاطعه الحاج مهدي بصرامة :
-انت تسيب أي هباب وتجيلي على طول ، سامع !

زفر مازن مردداً بإستسلام :
-طيب !

أغلق مهدي الخط في وجهه ، وغمغم بصوت محتقن متأفف وهو يجلس على مقعده :
-يعني ضاقت بيك الدنيا وملاقتش إلا البت دي وتتجوزها ! خلاص الحريم خلصوا !!!

نفخ بصوت مرتفع مردداً بضجر :
-استغفر الله العظيم ! استرها يا رب على عبيدك ........................!!!!
......................................



noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 27-10-17, 02:51 AM   #139

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 27-10-17, 02:53 AM   #140

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثالث عشر :

حاولت عواطف وابنتها المرور بين جموع الأفراد المرابطين أمام مدخل البناية لرؤية الحادث ، لكن تعذر عليهم هذا بسبب الحشد الغفير الذي يسد المدخل ، فبقيت كلتاهما بالخلفية ..

وصل إلى مسامعهما تفاصيل مختلفة عن ملابسات الحادث ، ولكن العامل الأساسي المشترك في كافة الروايات التي قيلت أن أثاث نيرمين الموجود بالمدخل كان السبب الرئيسي في إصابة تلك المسكينة تعيسة الحظ ..
تأسفت عواطف على ما حدث لها ، ومصمصت شفتيها مرددة بحزن مصطنع :
-قدرها الغلبانة دي ، ربنا ما يورينا مكروه في عيالنا
تساءلت نيرمين بتوجس :
-طب يا ترى مين اللي حصلها كده ؟

ثم زاد توترها ، وضاقت نظراتها أكثر وهي تضيف بخوف :
-لأحسن نكون هانروح في داهية ، ده .. ده العفش بتاعي !

ردت عليها عواطف بقلق عقب جملتها تلك :
-ربك يسترها ، واحنا ذنبنا ايه ، ده نصيبها ، مكتوبلها تشوف ده !

هتفت نيرمين بصوت خفيض وهي توميء بعينيها :
-لازم نتصرف ، الموضوع ممكن يقلب بنيابة وبوليس !

صمتت عواطف لتفكر للحظة في شيء ما ..
دار بخلدها حديث ديـــاب السابق عن كون عائلة حرب من كبار عائلات المنطقة ، وأنهم المتكفلون دوماً بحل أي مشكلات تواجه قاطنيها ، لذا رددت بلا تأخير :
-مافيش غيره ، هو الحاج طه ، وعلى رأي المثل اللي مالوش كبير بيشتريله كبير !

تعجبت نيرمين من تلك الحالة التي أصابت والدتها وجعلتها تحدث نفسها بكلمات ليست واضحة ، وما زاد من غرابتها أكثر هو هرولتها مبتعدة عن المدخل ، فلحقت بها هاتفة بتساؤل :
-رايحة فين ؟

أجابتها بغموض أثار ريبتها :
-هاروح على كبيرنا !
.......................................

خفقان قوي شعرت به في قلبها حينما بدأ جسد والدتها في الظهور من أسفل تلك الحطام ..
وخزات حادة طعنت صدرها بقساوة بالغة وهي تقف مكتوفة الأيدي عاجزة حتى عن إنقاذها ..
استشعرت بحواسها كاملة أنينها المكتوم رغم صمتها أمامها ..
صرخت بوجع أكبر مستغيثة بمن حولها لعلهم يلبون نداءها المفجوع :
-ساعدوها ، هاتموت ، مـــاما ، سيبوني أنقذها

لا إرادياً تحرك منذر نحو تلك الممددة بلا وعي محاولاً التدخل وإنقاذها ..
جثى على ركبتيه ، وأزاح بكل قوته ما علق فوقها من أثقال خشبية.
تكالب الرجال فوقه وجذبوا البقية بسرعة ودقة ..
ظهرت بقعة من الدمـــاء كانت كافية لتزيد من صراخ أسيف الفزع عليها ، ولما لا تفعل ، فالمنظر مروع بكافة تفاصيله الحاضرة ..
آزرها الجميع في ردة فعلها الطبيعية ،
نعم فالمشهد مؤسف ومؤلم في ذات الآن ..

كُشف أيضاً عن مقعدها المتحرك ، والذي تلقى صدمة كبيرة فطوي عنوة وانكسرت أجزائه ..

تمكنت أسيف بصعوبة من التحرر من الأيادي المحيطة بها ، فهرولت نحو والدتها ، وألقت بجسدها على الأرضية لتجثو هي الأخرى أمام جسدها الذي برز بالكامل من أسفل الحطام ..

حدق فيها منذر بنظرات مصدومة ، ولكن تلك المرة عن قرب شديد .. فقد كانت جاثية إلى جواره
هي نفس التعابير المذعورة ، نفس النظرات المرتعدة ، ونفس شحوب الموتى المخيف البادي على وجهها ..
تشكلت خيوط الدمـــاء الغزيرة حول وجـــه حنان فاصبغ كلياً بحمرة مقلقة .
احتضنت أسيف جسد أمها ، ورفعته إلى صدرها صارخة ببكاء مختنق :
-ماما ، ردي عليا ، مـــاما !

ضمتها إليها أكثر ، وأزاحت بكفها المرتعش الدماء عن عينيها المغمضتين متابعة بصوت أكثر إنتحاباً :
-أنا هنا يا ماما !

انحنت على رأسها لتقبلها وهي تكمل بأنين يقطع نياط القلوب :
-ماتسبنيش يا ماما ، ماليش حد إلا انتي !

مسحت على وجنتها برفق ، وهمست بإستعطاف مختنق :
-ماما ، سمعاني ! ردي عليا وقوليلي إنك كويسة ، ماما !

راقبها منذر بصمت إجباري ، لم يكن ليتخيل أن يلتقي بها مجدداً في ظرف مؤلم كهذا ..
تناسى سريعاً غضبه المبرر منها ، فحياة إحداهن على المحك ، وأي عتاب أو لوم في هذا التوقيت لن يكون لائقاً على الإطلاق ..

أفــــاق من جموده الإجباري ، وانتبه أكثر لمن توشك على خسارة حياتها.
استدار برأسه للخلف وهدر بصوت صــــارم :
-اطلبوا الاسعاف بسرعة ، وفضوا السكة !

رد عليه أحدهم من الخلف :
-طلبناه من بدري يا ريس وقالوا جايين

أضاف أحد أخر مردداً بتهكم :
-هو في اسعاف بيجي في وقته أصلاً ؟!

برزت عروق منــــذر المتشنجة نوعاً ما من عنقه ، وتصلب وجهه أكثر بعد تلك العبارة الأخيرة ، وحسم أمره قائلاً بصوت هادر :
-وسعولي المكان ، أنا هاوديها بنفسي

وبالفعل اندفع بجسده للأمام نحو أسيف وأمها ، حدقت هي فيه بنظرات زائغة ، فالعبرات قد شكلت غشاوة على عينيها فلم تتعرف إلى وجهه بوضوح ..
دفعها عنوة للخلف محاولاً تخليص قبضتيها عن والدتها ليتمكن من حملها ..
رفضت أسيف التخلي عن أمها ، وعلق بذهنها ما فعلوه بها حينما كان يوارى أبيها الراحل الثرى ، فصرخت وهي تتشبث بها أكثر :
-مش هاسيبكم تاخدوها مني زي ما عملتوا مع بابا ، دي هي اللي فضلالي !

وضمتها أكثر إلى صدرها دافعة بقبضتها المرتعشة يد منذر الممتدة نحوها ..

حدق هو فيها بذهـــول كبير متعجباً من عنادها القوي ، ومن طريقة تمسكها بأمها ..
تجهم وجهه بدرجة واضحة ، وصاح بها بصوت خشن وصـــارم :
-سيبها ! خليني أعرف ألحقها

وكأنها لم تكن ترى أو تسمع سوى صوت نفسها.
سيطر على عقلها ذكرى صدى صوت نواح النساء فكاد يصم أذنيها ..
أغمضت عيناها بقوة ، وواصلت صراخها المختنق ببكائها :
-انتو كدابين ، ابعدوا عننا بقى !

مالت عليها برأسها ، وألصقت ذقنها بجبين أمها الملطخ بالدماء مضيفة بأنين متوسل و موجع :
-ماما فوقي وقوليلهم انك كويسة !

ضــــاق منذر ذرعاً من تصرفاتها الهيسترية ، وحدجها بنظرات حادة للغاية. وقبل أن ينفذ صبره حاول قدر المستطاع ضبط أعصابه للسيطرة على نفسه في تلك المواقف ، لذا حسم أمره قائلاً بغلظة :
-كده مش هانخلص النهاردة ! اوعي شوية !

مـــد قبضتيه ليمسك برسغيها ، ثم أزاح بإصرار يديها عن أمها ، فإهتاجت أسيف أكثر ، وصرخت بجنون :
-لأ !

تلوت بمعصميها محاولة تحريرهما من قبضتيه المحكمتين حولهما ، وحدقت فيه بنظرات مظلمة :
-ابعد عني ، سيبني !

تجاهلها عمداً ، ووجه أنظاره للخلف ليصيح بصرامة :
-انتو هتتفرجوا علينا ، حد ياخدها ويبعدها ، يالا !

تحرك على إثر أمره عدداً من الجيران ليمسكوا بها ، وتمكنوا بالفعل من إبعادها عن والدتها.
فزاد صراخها الهيستري ، وتحركت بجسدها بإهتياج في كل الاتجاهات محاولة التخلص منهم ....
استطاع منذر أن يحمل حنان بين ذراعيه ، وعاونه اثنين من الرجــــال في رفع جسدها وتثبيته ..

انتبه الجميع لصوت صافرة سيارة الإسعاف التي حضرت إلى المنطقة ، فأفسحوا لها المجال ، وتسابق البعض في إرشـــاد المسعفين ليصلوا إلى مدخل البناية ...

كان منذر قد سبقهم بالخروج بالسيدة حنان ، فاقتربوا هم منه ومعهم الناقلة الطبية ..
وبحذر شديد حملوها عنه ، وأسندوها عليها ..
هتف أحدهم بنبرة جـــادة :
-من فضلكم وسعوا خلونا نشوف شغلنا

رد عليه منذر بصوت غاضب :
-وهو احنا كنا بنلعب جوا ؟!

هتف المسعف معللاً ببرود :
-أي حركة غلط على المصابة ممكن تعرض حياتها للخطر

هدر به منذر بعصبية وقد برزت شراسة نظراته :
-هو انتو هترغوا ، ماتشوفوا شغلكم !

رد عليه المسعف بسخط :
-أومال احنا جايين هنا ليه ؟

كان منذر على وشك الاشتباك مع ذلك المسعف بسبب أسلوبه المستفز ، لكنه تغاضى عن الأمر عمداً حينما انتبه لصوتها المهتاج ، فاستدار برأسه ناحيتها ، ورأى تلك البائسة وهي تركض صارخة بهياج نحو سيارة الإسعاف مرددة :
-ماما .. أنا هنا يا ماما ، انتي رايحة فين ؟

حاول أحدهم منعها من الصعود قائلاً :
-يا آنسة ماينفعش !

احتجت عليه قائلة بإنفعال باكي وعبراتها تنهمر بغزارة :
-مش هاسيبها ، أنا هاركب معاها !

أضـــاف أحد المسعفين قائلاً بجدية :
-خلوها معاها ، محتاجين نعرف بيانات المصابة !

نظر لها المسعف الأخر شزراً ، ثم أشار لها بيده لتصعد مردداً بإقتضاب :
-اطلعي

وبالفعل صعدت على متن السيارة ، وجلست ملتصقة بالناقلة الطبية.
ضمت كفي والدتها بين راحتي يدها ، ومالت برأسها عليه لتقبله وهي تبكي بحرقة شديدة ..

راقبها منذر بإهتمام ، لا يدري إن كان مخطئاً في سوء ظنه بها ، أم أن الموقف برمته أجبرها أن تظهر بتلك الطريقة الهوجاء ..
لكن ما شغل باله حقاً هي تلك الصدفة الغريبة التي جمعته بها مرة أخـــرى ، وما أثار فضوله هو سبب مجيئها إلى منطقته ..
ظل في مكانه متسمراً للحظات معلقاً أنظاره على الاثنتين بشرود.
قطع تأمله نحوها صوت أحد عماله قائلاً بصوت لاهث :
-العربية يا ريس !

التفت برأسه نحوه ، وحدق فيه بنظرات غامضة ، فتعجب الرجل من نظراته إليه ، وأعاد جملته مردداً باستغراب :
-مش انت يا ريس طلبتها ؟

أخفض منذر نظراته ليحدق في سلسلة المفاتيح الخاصة به ، ثم رفع رأسه ليحدق في سيارة الاسعاف التي بدأت بالتحرك ..
تردد للحظات في تقرير ما يريد فعله الآن .. وفي الأخير حسم أمره باللحاق بتلك البائسة ليعرف الإجابات الملحة التي تدور في عقله.
جذب منه المفاتيح ، واتجه إلى سيارته ، ثم أدارها ، وانطلق مسرعاً خلف أثرهم .
....................................

وصلت عواطف إلى الوكالة ، وولجت إلى الداخل وهي تجاهد لإلتقاط أنفاسها.
جابت بعينيها المكان باحثة عن صاحبه ، وتساءلت بصوت لاهث وهي تقترب من أحد العمال :
-الحاج طه فين ؟

أجابها العامل بهدوء :
-في الحمام !

تنفست بعمق وتابعت قائلة :
-طب الله يكرمك بلغه إني عاوزة أكلمه ضروري

رد عليها العامل وهو يوميء برأسه :
-حاضر ، أول ما يخرج هاقوله

ثم أشـــار بيده لتجلس على المقعد قائلاً :
-اقعدي يا ست
-متشكرة
قالتها عواطف بصوت متقطع وهي تجلس على أقرب مقعد ..
ولجت نيرمين هي الأخـــرى خلف والدتها ، وسألتها بصوت متقطع :
-ها يا ماما ؟ عملتي ايه ؟

أجابتها عواطف بإستنكار وهي ترمقها بنظرات حادة :
-هو أنا لحقت ، ما أنا داخلة قدامك ، لسه أما أشوف الحاج طه وأتكلم معاه !

هزت رأسها قائلة بخفوت :
-طيب

ضرب الحاج طــــه بعكازه الغليظ على الأرضية قائلاً بصوت خشن :
-سلامو عليكم !

انتبهت لصوته كلتاهما ، بينما أكمل متساءلاً مستغرباً تواجد الاثنتين في وكالته :
-خير يا عواطف ؟ في حاجة ؟

هبت واقفة من مكانها مرددة بصوت فزع ومشيرة بكفي يدها :
-الحقنا يا حاج طه ، احنا واقعين في عرضك !

نظر لها بغرابة أكبر ، وتحرك في اتجاهها متساءلاً بهدوء رزين :
-يا ساتر يا رب ، في ايه اللي حصل ؟

أجابته بصوت منزعج وقد بدت ملامحها متوترة للغاية :
-مصيبة ، وربنا المعبود ما لينا يد فيها !!!

انعقد ما بين حاجبيه مهتماً ، وسألها مستفسراً :
-مصيبة ايه دي ؟
.......................................
لم تترك أسيف يد والدتها طوال الطريق ، وبقيت تبكيها حسرة وحزناً.
مسحت بيدها على وجهها مزيحة تلك الدماء الملطخة له ، تهدج صدرها علواً وهبوطاً وهي تتوسلها بصوت مبحوح :
-خليكي معايا ، اوعي تبعدي زي بابا ، معدتش عندي حد إلا انتي وبس !

مالت عليها مجدداً لتسند بجبينها على كفها ، وأجهشت ببكاء أشد ..

وصلت سيارة الإسعاف إلى أقرب مشفى حكومي ، والذي يبعد مسافة 10 دقائق بالسيارة ، ثم ترجل المسعفون منها ، واندفعوا على عجالة لينزلوا الناقلة الطبية للأسفل ..
انتفضت في مكانها مذعورة حينما رأتهم يبعدوها عنوة ليجذبوا ناقلة أمها ..
أفسحت لهم المجال ليقوموا بعملهم ، ونزلت خلفهم وجسدها يرتعش بشدة ..
كانت كالتائهة لا تعرف ماذا تفعل بمفردها في تجربة أخرى قاسية من تجارب الحياة.

تلوث فستانها ببقع الدماء لكنها لم تهتم سوى باللحاق بغاليتها ..
..................................

راقب منذر الطريق بنظرات فارغة وهو يسير خلف سيارة الإسعاف ..
حدق في كفي يده القابضين على مقود السيارة بإندهاش ..
أخذ يقلبهما متعجباً ، كيف لم ينتبه لما بهما ..
كانت أثار الدماء متجمدة على أصابعه ، توتر لوهلة وهو يستعيد صورة ذلك المشهد الدامي حينما رفعت الأنقاض الخشبية عن تلك المسنة القعيدة ..
مازال أثر صــراخ البائسة يتردد في اذنيه ، نفخ بضيق وهو يضغط بعنف على المقود مردداً من بين أسنانه :
-لو مكانش الظرف كده ، كنت اتصرفت معاكي !

أكمل القيادة بصعوبة حتى وصل إلى المشفى ، فبحث عن مكان شاغر ليصف سيارته به ..
..................................

أنهت بسمة درسها مع الطفلين ، وأعطت لكل منهما مهمة للاستذكار يؤديها على حسب عمره ، واستأذنت بالإنصراف ، لكن اعترضت جليلة قائلة بعد أن رأت أطباق الحلوى وكوب المشروب البارد كما هو بالإضافة إلى قدح الشاي ..
هي لم تمس أي منهم :
-ايه ده ؟ دي الحاجة زي ما هي ؟!

ردت عليها بسمة بعزة نفس :
-شكراً ، أنا مش عاوزة حاجة

تعجبت جليلة من فعلتها ، وظنت أنها ربما تكون متقززة من تناول الطعام لديها ، لذا هتفت منزعجة :
-اوعي تكوني قرفانة ولا حاجة ؟ ده أنا نضيفة ، وأكلنا زي الفل وآآ...

قاطعتها بسمة بجدية أكبر مبررة سبب رفضها :
-لالالا مش كده والله ، أنا ماليش نفس ومش متعودة أخد حاجة عند حد

ردت عليها جليلة بعتاب وهي تحد من نظراتها :
-هو احنا أي حد ، لالا ، انتي كده هتزعليني منك

ابتسمت بسمة بتكلف ، وتابعت بهدوء :
-معلش ، مرة تانية !

مصمصت جليلة شفتيها مضيفة بضجر وهي تضرب كفها بالأخر :
-لا حول ولا قوة إلا بالله ، يا بنتي ده أنا محطتش حاجة !

حافظت بسمة على ثبات ابتسامتها المصطنعة ، وردت بهدوء عقلاني :
-شكراً ، عن اذنك عشان اتأخرت !

ثم بدأت بالتحرك صوب الخــــارج ، فتبعتها جليلة مرددة بيأس :
-ماشي براحتك ، أمري لله !

ثم رفعت من نبرتها قليلاً لتقول بحزم وهي تشير بسبابتها :
-بس المرة الجاية مش هتنزلي إلا لما تاكلي وتشربي

أدارت بسمة مقبض الباب هاتفة بتهذيب :
-ربنا ييسر ، سلامو عليكم

ودعتها جليلة وأغلقت الباب من خلفها ، فتابعت بسمة هبوطها على الدرج مرددة بتبرم ساخط :
-هو أنا جاية مطعم أكل وأشرب !

لاحظت هي رباط حذائها الغير معقود ، فزفرت في ضيق متمتمة :
-استغفر الله العظيم ، الرباط اللي عمال يتفك ده ، محتاجة أجيب كوتشي بدل ده !

استدارت بجسدها ، ورفعت ساقها على الدرجة العلوية وأسندت إلى جوارها متعلقاتها الخاصة ، ثم انحنت للأسفل لتعقد الرباط بدقة ..
لم تنتبه إلى ذلك الصاعد بتريث منهك إلى نفس الطابق ..

فرك ديــــاب مؤخرة رأسه بإرهـــاق ، وأكمل اعتلائه لدرجات السلم ليصل إلى منزله ..
تفاجيء برؤية شابة منحنية أمامه تسد عليه الطريق.
أدار وجهه للجانب متحرجاً من وضعيتها تلك ، وضغط على شفتيه بضيق ..

سمع صوتها تردد بتبرم :
-دروس ايه دي اللي الواحد جاي يتخن فيها !

التفت برأسه عفوياً نحوها ليحدق فيها بإندهاش كبير بعد أن خمن تقريباً هويتها.
لقد عرفها على الفور ، ونسى دون قصد سبب تواجدها بمنزلهم ، هي تلك المشاغبة المتذمرة الناقمة على كل شيء.

تناولت بسمة أشيائها ، ثم اعتدلت في وقفتها ، واستدارت لتنزل الدرج لكنها تسمرت مصدومة في مكانها حينما رأته أمامها محدقاً بها بغرابة ..
حل الوجوم والتجهم على تعابيرها المشدودة ، ورمقته بنظرات نارية مغتاظة.
اتخذت هي وضعية التأهب ، وباتت متحفزة للرد بقساوة عليه بعد أن أزعجتها نظراته نحوها.
هتفت موبخة إياه وهي تشيح بيدها أمامه :
-جرى ايه يا حضرت ، مش تعملك صوت ولا حس

ضاقت نظرات دياب نحوها ، وحدجها بحدة وهو يرد بصوت غليظ :
-نعم ؟ انتي بتكلميني أنا ؟

هتفت غير مكترثة به متعمدة التقليل من شأنه :
-اه انت ، ولا على راسك ريشة !

اشتعل أكثر من ردها الوقح الذي يتنافي مع كونها معلمة – ومربية أجيال – تعلم الأدب والتهذيب ..
كز على أسنانه بغيظ ، وصعد درجتين ليدنو منها.
ظلت هي ثابتة في مكانها ، ولكن تشبثت أكثر بدفاترها وحقيبتها ، وتجمدت نظراتها عليه ..
اقترب دياب منها أكثر حتى صـــار قابلتها ، ورمقها بنظرات مخيفة جعلت جسدها يجفل للحظة ، لكنها استجمعت شجاعتها قبل أن تهتز أمامه ، وأكملت ببرود متحدية إياه :
-مش معنى إني لوحدي مش هاعرف أخد حقي من أي حد يتعرضلي لثانية ، لأ انت مش عارفني !

قبض أصابعه بقوة ، ورد عليها بصوت متشنج من بين أسنانه وقد ضاقت نظراته للغاية :
-أنا جاي ومخنوق وعلى أخري ، ومش ناقص واحدة زيك تقرفني على أخر اليوم ، كفاية نصايبك اللي فاتت !

ثم ضرب بقبضته المتكورة بعنف على الحائط.
انتفضت لضربته المباغتة ، وابتلعت ريقها قائلة بصدمة قليلة :
-افندم ؟

ثم استعادت رباطة جأشها ، وصاحت به بحدة متعمدة الهجوم عليه :
-هو انا دوستلك على طرف ولا انت بتقول شكل للبيع ! عجايب والله !

هتف قائلاً بضيق ومحذراً وهو يضغط على شفتيه :
-لسانك ده هيوديكي في داهية !

ردت عليه بجمود :
-يعني غلطان وبتكلم ، ده بدل ما تتنحنح كده وتقول يا رب يا ساتر ، دستور ! تعملك حس ولا حركة بدل ما تخضني !

قست نظراته نحوها ، وهتف متهكماً :
-لا والله

تابعت قائلة بسخط وقد حل العبوس على وجهها :
-اه ، هو أنا اللي هاعلمك الأصول !

احتدت نظراته أكثر ، وقبل أن يفتح فمه لينطق هتفت مضيفة بتأفف :
-وحاسب خليني أشوف اللي ورايا ، أنا مش فاضية !

ثم تحركت للجانب لتتمكن من النزول ..
تسمر دياب في مكانه مشدوهاً من تصرفاتها الفظة ، وهتف بصوت مرتفع علها تدرك خطئها :
-يا ساتر يا رب ! أعوذو بالله !

التفتت بسمة برأسها نصف التفاتة ، ورمقته بنظرات مزدرية قبل أن تكمل بجمود :
-اه وابقى قول لابنك يذاكر أكتر بدل ما يطلع زيك كده !

أوقدت بكلماتها نيرانه الداخلية ، فهتف بصعوبة محاولاً السيطرة على نفسه :
-إنتي آآ....

قاطعته ببرود وهي تسرع في خطواتها لتهبط عن الدرج :
-سلام يا معلم دياب !

ضرب بكفه الدرابزون مردداً بذهول :
-يا ربي ، دي ايه دي ، مش ممكن !

أعاد تكوير قبضة يده متابعاً بتوعد خفي :
-طيب ! ماشي ، هانروح من بعض فين يا بنت عواطف !!
........................................

تعلقت أنظــــار أسيف بباب غرفة الطواريء الذي اختفت من خلفه والدتها.
وضعت يدها على فمها لتكتم شهقاتها المذعورة ، وظلت تأن بنواح متقطع.
لمحت إحدى الممرضات وهي تلج للداخل فأسرعت خلفها ، ثم أمسكت بها من ذراعها وقبضت عليه مرددة بتوسل :
-الله يخليكي طمنيني عليها

أزاحت الممرضة يدها عنوة من عليها مرددة بإحتجاج :
-ماينفعش اللي بتعمليه ده !

استعطفتها أكثر قائلة برجاء وبنبرة مرتعشة بعد أن سحبت يدها :
-أنا أسفة ، بس .. بس آآ.. طمنيني عليها الله يكرمك ، أنا .. أنا معنديش إلا هي !

نظرت لها الممرضة بإشفاق ، وردت مستسلمة لبكائها :
-حاضر ، هاشوفها واطمنك

انتحبت أسيف وهي تقول ممتنة :
-متشكرة ليكي أوي ، ربنا يباركلك !

تحركت الممرضة للداخل وتبعتها أعين أسيف وقلبها وكل ذرة في كيانها ..
ضمت كفيها معاً وقربتهما من فمها ، وتمتمت بتضرع :
-يا رب نجيها ، يا رب احفظهالي يا رب !
..................................

وصــــل منذر إلى الاستقبال ، وتهادى في خطواته وهو يبحث بتأني عن مكان البائسة وأمها ..
حرك رأسه في كل الاتجاهات محدقاً بتفرس في أوجه المتواجدين .
ثَبُتتْ أنظاره على طيفها البعيد ، وتجمدت عيناه على أثرها الغير واضح .
تحرك للأمام بحذر ، وضيق نظراته أكثر ليتأملها بتفحص وهو يدنو منها ..
كانت تقف ملتصقة بالحائط تبكي وترتجف وضامة ساعديها إلى صدرها ، منكسة رأسها بذل للأسفل .
نفخ بضيق ، واتجه نحوها بخطى أسرع نسبياً.

ظلت أسيف تبكي غير واعية لما يحدث من حولها ، يدور في رأسها فقط عدة سيناريوهات مخيفة إن حدث الأسوأ لوالدتها.
تعالى صوت شهقاتها ، فلم تستطع كتمانها.
وقف منذر قبالتها فاستمع بوضوح لنشيجها الحزين ..
أغمض عيناه لثانية ، ثم أخذ نفساً عميقاً وزفره على مهل.
أعاد فتح جفنيه ، ورمقها بنظرات جامدة قبل أن يقول بصوت خشن وهو يقلص المسافات بينهما :
-لولا الظروف الحاصلة كان هايبقالي كلام تاني معاكي !

رفعت رأسها ببطء لتحدق في ذلك الظل الذي غطاها ، فرأته أمامها بوضوح ..
اتسعت حدقتيها في رعب .. وارتفع حاجبها للأعلى بصدمة مفزعة.
لقد عرفته ، وجهه لم يكن بالغريب عنها. تلك الملامح المتجهمة الشرسة تذكرها جيداً.
ومع كلماته القاسية المتوعدة زاد يقينها بحجم التهديد الذي باتت فيه.
جفل جسدها منه ، وزادت رجفتها.
هربت الكلمات من على شفتيها ، وشعرت بجفاف غريب في حلقها.

تابع هو حديثه الجاف مردداً بتساؤل يحمل التهكم والإساءة :
-وكنتم جايين تشحتوا من مين المرادي ؟ ولا جايين تحصدوا الغلة ، بس مجتش الليلة على هواكم ؟
حدقت فيه بغرابة ، وتراقصت العبرات في عينيها.
هي لم تفهم مغزاه من تلك العبارة الغامضة ، لكنها أدركت أنه يظن بها السوء.
حاولت استنباط مقصده ، لكنها لم تكن في حالة ذهنية تمكنها من التفكير بصفاء ، وضف على هذا انعدام شجاعتها – مؤقتاً – لكي تجابهه أو حتى تردعه عنها .

حاولت الفرار من أمامه ، لكنه كان يسد عليها الطريق بجسده ونظراته القاسية والخالية من الرأفة نحوها.

أضــــاق منذر مردداً بقسوة :
-حظك حلو إني بأفهم في الأصول وعارف الواجب كويس ، غير كده هنتحاسب على اللي فات ، ماهو مش منذر حرب اللي يضحك عليه !

ارتعاشة قوية دبت في أوصالها خوفاً منه ..
نظرت له بحيرة محاولة تفسير غرضه رغم إرتعادها منه ،
لماذا تلك التهديدات الغير مفهومة لشخصها وهي لم ترتكب في حقه أي جرم

رفع منذر ذراعه للأعلى ليسنده على الحائط الملتصقة به مكملاً بغلظة :
-وحسابي مع اللي مسرحك إنتي وأمك !

انتفضت خوفاً منه ، وانكمشت على نفسها أكثر
انقذها من حصاره الوهمي صوت الممرضة وهي تصيح بنبرة عملية :
-عاوزينك في الاستقبال تملي بيانات الست المصابة ؟ مش انتي معاها ؟

تراجع منذر خطوة للخلف مبعداً ذراعه ، فتمكنت أسيف من الفرار منه ، وأسرعت بأرجل مرتجفة نحوها مرددة بصوت خائف لتنجو بنفسها :
-أنا .. أنا جاية معاكي !

سألتها الممرضة بجدية :
- نكتب الاسم ايه ؟

ظنت أسيف أنها تستفسر عن اسمها هي ، فأجابتها بسجية بصوت مبحوح متوتر :
-أسيف رياض خورشيد !

انتبه منــــذر لذلك الاسم جيداً الذي اخترق أذنيه بوضوح ، فتحركت عيناه بجمود على صاحبته ..
تشكل محياه بتعابير مصدومة إلى حد ما ..
فهو يعرف لقب ( خورشيد ) والذي يرتبط بالدكان العتيق موضع الخلاف ..
وعلى حسب علمه فهو مملوك لعواطف وشقيقها الذي توفي مؤخراً ..
فمن تكون تلك ؟

تساءلت الممرضة مؤكدة :
-ده اسم المصابة؟

هزت أسيف رأسها نافية وهي تصحح قائلة :
-لأ ده اسمي أنا ، ماما اسمها حنان آآ.....

زاد ذهـــــول منذر أكثر حينما عرف الهوية الحقيقية لتلك البائسة ..
ورغم ابتعادها عنه ، واختفائها من أمام أنظاره إلا أنه ظل مثبتاً عيناه على ما تبقى من أثرها ..
لقد تغير كل شيء الآن بظهور ابنة الوريث الأخر للدكان على الساحة ................................... !!!

........................................


noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:13 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.