آخر 10 مشاركات
لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          339 - على ضفاف الرحيل - آن ويل (الكاتـب : سيرينا - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          *&* هنا يتم الابلاغ عن الكتابات المخالفة للقوانين + أي استفسار أو ملاحظه *&** (الكاتـب : سعود2001 - )           »          قبلة آخر الليل(15) للكاتبة: Gena Showalter *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-08-09, 09:12 PM   #41

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 7 ـ نعمة النسيان


ـ مرحبا يا كيم
ـ لكنك في أمريكا.
ابتسم متعبا:" أحقا؟ يا لي من ساحر!"
ـ أعني ظننتك في أمريكا.
قالت هذا بسرعة وقد انتبهت فجأة إلى بنطلون الجينز القديم وقميص القطن الرقيق الضيق اللذين ارتدتهما قبل أن تحضّر الشاي.
ـ هل يمكنني الدخول؟
شعرت بحدة نظراته على شعرها الذي جعلته مسترسلا على كتفيها فازداد احمرار وجهها:" نعم، طبعا، تفضل بالدخول"
كانت من الاضطراب بحيث كادت تقع أرضا، وإذا بميلودي تنطلق من غرفة الجلوس كرصاصة صغيرة وقد أشرق وجهها:" لوكاس"
ودون أي كبت، هرعت إليه ورفعت وجهها إليه باسمة تسأله بكل ثقة:" هل جئت لتراني؟"
ـ بكل تأكيد.
وإذ تسمرت نظراته على ابنتها، استطاعت كيم أن تتأمله فرأت علامات الإرهاق على وجهه. بدا منهكا كل الإنهاك.
قالت ميلودي بسعادة:" هذا حسن. كنا أنا وأمي نحل لغزا يتعلق بهدية العيد. يمكنك أن تساعدنا إذا شئت. إنه صعب جدا"
قالت هذا مقطبة، فقالت أمها بسرعة:" يا عزيزتي، السد كين ـ لوكاس ـ متعب"
ـ ولكن ليس إلى الحد الذي يمنعني من تجربة حظي بحل اللغز.
قال لوكاس هذا بسرعة، مادا ذراعه إلى ميلودي التي أمسكت بيده على الفور وجرته إلى غرفة الجلوس.
كان اللغز ملقى على صينية كبيرة على البساط أمام النار، فأخذت كيم تنظر بما يشبه عدم التصديق إلى رئيسها اللامع الوقور وهو يخلع سترته ويفك ربطة عنقه قبل أن يجلس على الأرض بجانب ميلودي.
كان الضوء يتألق على شعره الفاحم وشعر ميلودي الأشقر فشعرت كيم لحظة بحافز مذعور يحثها على أن تركض إلى ابنتها ثم تختطفها وتأخذها بين ذراعيها.
سألته بضعف من عند العتبة:" هل تريد... هل تريد شرابا؟"
ـ يسرني هذا. قهوة سوداء من فضلك.
التفت ينظر إليها، فأظهر وهج المدفأة خطوط الإنهاك التي تحيط بفمه وعينيه.
كان مرهقا للغاية. فاستمرت كيم تنظر إليه:" هل أكلت؟ يمكنني أن أعد لك شيئا إذا شئت"
نظر إليها لحظة بهدوء ثم قال:" سيكون هذا رائعا يا كيم. شكرا"
ـ هل والداك على ما يرام؟
تذكرت، متأخرة، أنها لم تسأله عنهما. ولكن هذه كانت المشكلة مع لوكاس، كما حدثت نفسها بامتعاض فهي، في وجوده، لا تستطيع التفكير أو تذكر شيء.
قال بجفاء:" سيعيشان. أبي يعاني من لسان أمي اللاذع أكثر مما يعاني من ساقه المكسورة وعضلاته الممزقة. إنه دوما يسرع في قيادة السيارة وهي واثقة من أن هذا سبب الحادث"
لم يعجبها الشعور الذي أحدثه في نفسها الدفء البادي في صوته، ولم تشأ أن تفكر فيه كابن محب لوالديه، فهذا يجعله يبدو أكثر إنسانية، وهذا شيء خطر.
عندما طالبت ميلودي، وهي تشد لوكاس من كمه، بالانتباه إليها، أمها قالت بسرعة:" سأحضر القهوة".
وقفت في المطبخ جامدة وقلبها يخفق. إنه هنا. لقد جاء. ماذا يعني هذا؟ وخفق قلبها بقوة دفء فأغمضت عينيها. لكن ذلك لم يفعل سوى توضيح صورة لوكاس وهو متربع بجانب ميلودي.
الطعام! رفعت كفيها تصرف هذه الصورة، مخاطبة نفسها بأن تركز على إعداد الطعام.
في السابعة والنصف أحضرت شرائح لحم مشوية مع الليمون والخضار، وأخرجت ميلودي من الغرفة لكي يتمكن من تناول طعامه بسلام.
ـ هذا يبدو لذيذا. شكرا.
الصوت الرقيق العميق استوقف كيم فالتفتت تشير إلى ميلودي لتتابع صعودها إلى أعلى، قبل أن تعود وتنظر إلى لوكاس قائلة بابتسامة خفيفة:" هناك حلوى التفاح والتمر بعده، أو إذا شئت، كعك بالشوكولا الذي تحبه ميلودي"
ء بل كعك بالشوكولا محضر في البيت.
أومأت بينما تمتم هو مسرورا:" منذ سنوات لم أذق كعكا بالشوكولا شغل البيت"
ـ فليكن كعكا بالشوكولا إذن.
بعد أن أغلقت كيم الباب خلفها، اضطرت إلى الاستناد إليه لحظات، كان جذابا للغاية، كما حدثت نفسها بقنوط، كيف يستطيع أن يبدو مزيجا من رجل جلف شارد الذهن وطفل صغير ضائع، في نفس الوقت؟
كما أنها لم تسأله لماذا جاء إليها، حتى أنها لم تتصرف وكأن ظهور رئيس العمل على عتبة سكرتيرته الساعة السابعة مساء هو أمر غير عادي. فقد قدمت له القهوة ثم طهت له عشاء بكل بساطة! بعد أن استحمت ميلودي ورقدت في فراشها، تركتها كيم ووعدتها بأن تعود إليها لتقرأ لها حكاية قبل النوم بعد أن تنتهي من إعداد الحلوى للوكاس.
سخنت الكعك كما تفعل لميلودي، ثم أخذته له بعد أن وضعت فوقه القشدة.
كان لوكاس جالسا يحدق في النار عندما دخلت ومرفقاه على ركبتيه والطبق الفارغ بجانبه، فلاحظت على الفور بأنه خلع ربطة عنقه وثنى كمي قميصه. كانت الرجولة الساحقة تفيض منه، وشعرت كيم بمعدتها تتقلص.
ـ كان يجب أن أتصل قبل أن آتي.
قال هذا فجأة وهو يقف حين دخولها.
ماذا يتوقع منها أن تجيبه؟ تبادلا النظرات لحظة، ثم قالت كيم بهدوء:" ولماذا لم تفعل؟"
ـ لأنك كنت ستمنعينني من القدوم، قائلة بأنك سترينني غدا في المكتب. وأنا لا أستطيع الانتظار ذلك الوقت الطويل.
كان يتكلم وهو يقترب منها، آخذا الصحن من بين أصابعها التي راحت ترتجف فجأة، واضعا إياه على كرسي قبل أن يقف مشرفا عليها بقامته الفارعة الصلبة وعيناه تتفحصان الذهول الذي بدا في وجهها:" لوكاس"
ـ كل ما فعلته منذ ثماني وأربعين ساعة حتى الآن هو توبيخ نفسي على حماقتي لأنني لم أعانقك عندما سنحت الفرصة لذلك. فلتذهب الشهامة ومنحك فرصة للتفكير، إلى جهنم. أنا أريدك يا كيم.
ـ لوكاس، أرجوك...
أسكتها بعناقه، بعناق من نار. ولكن سرعان ما تدخل التحكم القاسي بنفسه، الذي لازمه في حياته، فخفف من وطأة عناقه ولكنه لم يتركها. احتضنها معانقا إياها برقة وكانت هي تتجاوب معه والحقيقة أنها لم تنتبه أن يديها ارتفعتا إلى كتفيه العريضتين، وأن أصابعها اشتبكت بشعره الأسود.
كان قلبها وروحها وكيانها كله يتجاوب معه.
لم تكن تتصور أن بإمكان الإنسان أن يشعر بمثل هذه السعادة.
تمتم في أذنها برقة:"أنت جميلة بشكل لا يُصدّق، ويخلب اللب".
وانتقلت أنامله برقة إلى عنقها الحريري، فدفعت برأسها إلى الخلف واندفع شعرها الكث كستارة لامعة. أحست بأن ما يشعر به يماثل ما تشعر به.
وفجأة، سمع الاثنان من غرفة صوتا صغيرا لكنه حازما:" أمي، أمي، أريد منك أن تقرئي لي الحكاية الآن"
رفع رأسه ببطء بالغ وتمتم ساخرا إزاء خدها المتوهج:" أنقذك الصوت"
حدقت إليه، غير قادرة على سلخ نظراتها عن وجهه وعن الشعر الأسود الذي ينمو على ذقنه.
ثم قالت بصوت فاتر:" الحلوى... جئت لك بالحلوى"
ـ كم يبدو هذا لذيذا.
قال هذا برقة زائدة، وكانا، هما الاثنين، يعلمان أنه لم يكن يتحدث عن الشوكولا.
فقالت وعيناها متعلقتان بوجهه الصلب:" علي أن أذهب. ميلودي تنتظرني"
ابتسم من دون أن يخفف من احتضانها مثقال ذرة:" أنا أعرف شعورها. فأنا أشعر وكأنني كنت أنتظرك طوال حياتي. جئت مباشرة الليلة من المطار. ولو لم أجدك هنا لجلست أمام الباب إلى حين عودتك. ما الذي جعلك تفعلين هذا بي يا امرأة؟"
كان في صوته حيرة حقيقية جعلتها تبتسم، تقريبا. إنما الآن بعد أن تركها اندفعت الحقيقة إلى ذهنها ما جعلها تنتبه إلى أنها كادت تفقد السيطرة على نفسها. وأخذت توبخ نفسها بعنف. كانت حتما ستفقد سيطرتها على نفسها لولا نداء ميلودي.
قالت وهي تحاول تخليص نفسها من بين ذراعيه:" لوكاس، أنت لا تعرفني"
فقال برقة وحزم:" إلى جهنم بفكرة أنني لا أعرفك. ماذا تظنين أن الأشهر الخمسة الماضية فعلت إذن؟ أنا أعرفك وأنت تعرفينني يا كيم، فلا تحاولي أن تخدعي نفسك. لقد أمضينا معظم الأيام الماضية معا، وتبا لذلك"
قالت دون تفكير:" ولكن ليس بشكل ودي حميم"
ـ أنا أكثر من مستعد لتصحيح هذا النقص في أول فرصة.
فقالت بضعف وقد استطاعت الابتعاد عنه امتثالا لنداء ثان من ميلودي:" أنت لا تعرف شعوري"
قال بثقة تامة:" بل أعلم، وهو مختلف تماما عما تخبرينني به، أليس كذلك يا كيم؟"
ـ لا.
كان صوتها ضعيفا وأبدت العينان الفضيتان معرفتهما بذلك.
ـ أنت تريدينني يا كيم وأنا أريدك. الأمر بهذه البساطة.
بادلته النظر وهي ترتعش:" لا شيء بهذه البساطة. ليس لديك فكرة. أن تظن أن إقامة علاقة ثم قطعها مجرد لعبة شخصين ناضجين لكن الأمر ليس كذلك. لا. أنا لست من هذا النوع"
قال بغضب وحدة:" أي نوع تعنين؟ أنا لا أقترح علاقة لليلة واحدة، وبمناسبة خوضنا هذا النقاش، أنا لم أتعود قط المزج بين العلاقات، كما لم أقف قط في الصف، أو أتشاجر مع أحد في سبيل امرأة"
ـ لم أكن أعني...
تلاشى صوتها عندما أخذ يتفحصها بعينين ضيقتين لا تطرفان، فقالت وهي تشير إلى الكعك بأصابع ترتجف:" كل هذه، فأنا علي أن أصعد إلى ميلودي"
وعدما استدارت هاربة من الغرفة سمعته يتمتم بكلمات غير مهذبة، لكنها لم تتوقف.
كانت ميلودي غاضبة مستاءة تماما عندما دخلت كيم غرفتها. ولكن بعد أن قالت لها أمها أنها ستحكي لها الحكاية وتبقى معها حتى تنام اندست الطفلة في فراشها ونامت.
ما الذي فعلته؟ جلست كيم في الغرفة تتأمل ميلودي النائمة.
عليها أن تخبره، حلما تنزل إلى أسفل، أنها تريد أن تترك العمل في الشركة.
أخذ قلبها يخفق بعنف عدة ثوان، مذكرا إياها بأنها بحاجة إلى ذلك، والحقيقة أن هذه الفكرة جعلتها تشعر بالغثيان. لكنها ستفعل ذلك لأن في هذا النجاة لها، فقد أصبحت علاقتهما أكثر حميمية.
لم تعرف تماما كيف ومتى حدث ذلك، لكن هذا لم يعد مهما الآن، فالنهاية هي نفسها. لقد تركته يتسلل إلى حياتها، وهذا يعني الألم والتعاسة. وهذه طريق لا تريد أن تسلكها.
جلست في الغرفة الهادئة خمس دقائق أخرى، تستمع إلى أنفاس ميلودي المنتظمة، متأملة وجهها المطمئن. كان دب لوكاس الصغير تحت ذراع ابنتها، فأثبتت اللعبة هذه كل مخاوفها. على هذا أن ينتهي الآن هذه الليلة.
هبطت السلم بخطوات هادئة، وعندما فتحت باب غرفة الجلوس كانت الكلمات ترتجف على شفتيها.
كان لوكاس مستلقيا على الأريكة التي تتسع لشخصين، إحدى ذراعيه مدلاة إلى الأرض قرب صحنه الفارغ، والثانية ملقاة على الوسائد. وكان مستغرقا في نوم عميق.
وقفت فجأة داخل الغرفة، كما تقف الطريدة أمام الصياد، ثم سارت بحذر إلى جانبه.
كانت عيناه، غير العاديتين الآن، مغمضتين ووجهه ساكنا ما أمكنها أن ترى مبلغ إرهاقه. أخذت تحدق إليه مستوعبة بظمأ كل ملامح وجهه الصلب الفياض بالرجولة. حاجباه الأسودان الممتدان بشكل مسيطر، وجنتاه العنيدتين وفمه الحازم، كلها تنطق بالسلطة والقوة والرجولة المكتملة.
كان وجها يخبر من يراه أنه شخص ل يقهر وأن الهزيمة غير مقبولة لديه ولا يعرفها، وأن الجسم الكبير هذا وعضلاته الواضحة القوية جذابة إلى حد لا يوصف.
كان غائبا عن الدنيا، فتشوقت إلى ضمه بين ذراعيها. يجب أن توقظه وتخبره بأن يذهب.
وانحبست أنفاسها وشعرت فجأة بالذنب، لكنها ما زالت غير قادرة على سلخ نظراتها عن هذا العملاق النائم أمامها.
ماذا سيكون شعورها لو استيقظت في الصباح وهو بجانبها؟... وفجأة، فاض كل الرعب الذي رافق أيام زواجها وغمرتها الذكريات. تنفست بعمق عدة مرات، ولكن الشعور بأنها وقفت في الفخ بقي ساحقا وتملكتها المخاوف.
لا يمكنها أن تتحدث إلى لوكاس الآن. ليس الآن. إنها بحاجة إلى وقت تقتنع فيه بما يحدثها به عقلها. وقفت لحظة أخرى ثم تسللت خارجة من الغرفة لكي تحضر لحافها الاحتياطي لتغطي به لوكاس ثم أطفأت نور غرفة الجلوس قبل أن تعود فتغلق الباب عليه.
عندما أصبحت في غرفتها، جلست على حافة السرير وأخذت تحدق في الفضاء.
لوكاس كين ممدد على أريكتها ويبدو أنه سيبقى هناك حتى الصباح. وهزت رأسها بحيرة. لقد حدث المستحيل الذي لا يمكن تصوره. وماغي لن تصدق ذلك!
استعدت للنوم وأذناها مرهفتان لأقل حركة من غرفة الجلوس. ولكنها لم تسمع شيئا.
حاولت أن تقرأ، لكنها لم تستطع أن تتذكر كلمة مما قرأت.
مرت الساعة الحادية عشرة، ثم جاء منتصف الليل. لوكاس سيمضي الليلة هنا. وضعت كيم الكتاب من يدها، وشربت كوب ماء ثم اندست تحت الأغطية وشعور مفاجئ بأن ما سيكون سيكون.
لم يكن بإمكانها شيئا، لذا الأفضل لها أن تحاول النقم قليلا. فقد كان يوما شاقا، ومساء أشق. وتملكها شعور بأن اليوم التالي لن يكون أفضل.



***


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 06-08-09, 09:19 PM   #42

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11

نهاية الفصل السابع


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 07-08-09, 05:36 PM   #43

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 8 ـ منجم الحنان

8 ـ منجم الحنان


عندما استيقظت كيم على رائحة اللحم المقلي، ظنت أنها تحلم.
كان الفجر قد بدأ يلوح حين استغرقت في نوم متقطع، ولاحظت وهي تنظر إلى المنبه بجانبها، أنها تأخرت في النوم ساعة على الأقل.
وبسبب الارتباك الذي تملكها الليلة الماضية، نسيت أن تربط المنبه. أخذت تفكر في ذلك بشكل سريع وهي تنزل قدميها إلى الأرض.
من سوء حظها أن لوكاس اختار تلك اللحظة لكي يحمل إليها كوب شاي. أما بالنسبة إلى لوكاس فكان منظر كيم بقميص نومها، وشعرها المنثور حول وجهها، وعينيها المتسعتين ذهولا، أحسن بداية ليومه، بداية لم يعرفها منذ زمن طويل.
ـ لوكاس!
نظرت إليه وهي تندفع عائدة إلى السرير رافعة الأغطية إلى ذقنها، ولكن ليس قبل أن ترى شررا حارا في العينين الفضيتين.
فقال بهدوء:" هذا ما أرجوه. هل كنت تتوقعين غيري؟"
فقالت بحدة وقد احمر وجهها:" لم أكن أتوقعك. وأنا تأخرت فقد نسيت ربط المنبه"
ـ استريحي، لديك وقت كاف لإعداد ميلودي للمدرسة. وإذا تأخرت عن عملك، فرئيسك سيسامحك.
وسار نحو السرير فتصاعدت خفقات قلبها... ومدت ذراعها من تحت الأغطية تتناول منه كوب الشاي بإيماءة شكت، بينما شدت بيدها الأخرى الملاءة حول عنقها.
وقال بكسل:" ملعقة سكر واحدة. ميلودي تساعدني على تحضير الفطور وهي منجم معلومات لما تحبين أو لا تحبين. لديك طفلة غية في الذكاء"
ـ أعلم هذا، لكن اذهب، اذهب فقط.
ـ تبدين رائعة لمن يستيقظ على رؤيتك.
لم يكن لوكاس مستعجلا للذهاب. وتركزت نظراته على وجهها المتوهج، وفمه الحازم يبدو رقيقا.
فقالت تحتج بسرعة:" أنت لم تستيقظ على رؤيتي"
ـ لكنني استيقظت وأنت هنا...
وتلاشت كلماته لأنه مال إليها يعانقها. فاهتز فنجان الشاي في يدها. كان عناقا مختصرا وحلوا بشكل لا يصدق. وعندما انتصب واقفا تأمل وجهها لحظة ثم قال بنعومة:" رائعة"
ـ لوكاس... ما كان لك أن تكون هنا. ميلودي ستظن..
أكمل جملتها:" لا شيء أبدا، فأنا أعلم كيف يفكر الأولاد الذين في سن ميلودي"
ذلك هو السبب إذن في ألفته للأولاد. وحملقت كيم فيه وقد أدركت، بشيء من السخط، أنها كلما عرفته أكثر، كلما تبدد جزء من صورة الرجل القاسي الآلي... أرادت أن تكتشف أنه دنيء مع السيدات المسنات، وأنه لا يحب الأولاد، وأنه يرفس القطة ويضرب الكلب.. أي شيء!
وسألته دون تفكير:" أتحب الأطفال؟"
لم يبد عليه أن وجد السؤال غريبا:" عندما يكونون فقط مثل الأولاد في أسرتنا أو مثل ميلودي. أما العفاريت، فلا"
ثم ابتسم ساخرا:" ليس هذا ما "أردت سماعه أليس كذلك؟"
ـ لا أدري ماذا تعني؟
وعاد وجهها يتوهج. يا له من رجل صعب!
فقال ساخرا بلطف:" طبعا لا تدرين"
إنها لن تنتصر عليه الآن، فحاولت أن تبدو جادة متصلبة، فسألته:" أين ميلودي؟"
ـ تتناول المثلجات قبل اللحم والبيض.
ولمس أنفها بإصبعه ثم خرج من الغرفة وهو يقول من فوق كتفه:" يمكنك أن تدخلي الحمام أولا ولكن أسرعي. الفطور سيكون جاهزا في غضون خمس دقائق"
تدخل الحمام أولا؟ رباه، من يسمعه يظن أنه يسكن هنا.
وقبل أن تجد وقتا تعدل فيه ملامح وجهها الساخطة، انفتح الباب مرة أخرى وأطل منه رأس لوكاس:" نسيت أن أشكرك على استضافتك لي. وأنا لا أستطيع التعبير عن مقدار شكري يا كيم"
كان رقيقا وهو يقول هذا، وبدا الهزل في عينيه وهو يرى التعبير البادي على وجهها.
استطاعت أن ترسم على وجهها ابتسامة مهذبة جديرة بالفخر:" لا بأس. كان واضحا أنك كنت بغير وعيك. وكنت سأفعل الشيء نفسه لأي شخص آخر"
ـ والآن، لا تفسدي ما فعلته. وبالمناسبة بقي أمامك أربع دقائق وثلاثون ثنية لكي تنزلي.
أخذت دوش سريعا ولفت شعرها قبل أن تهرع، إلى المطبخ.
كان لوكاس وميلودي جالسين يتناولان الفطور وقد بدا عليهما الانسجام إلى أقصى حد. كانت ميلودي تتحدث عن المدرسة. ولوكاس يصغي إليها بانتباه فتملكها الذعر.
ـ أمي، قال لوكاس إن بإمكاني أن أتناول فطوري مع كعكة. هل يمكنني هذا يا ماما؟
ـ نعم، بشرط أن تأكليه كله.
قالت كيم هذا وهي تسير إلى ميلودي تقبل رأسها بشكل آلي، بينما جذب لوكاس لها كرسيا وأشار إليها بالجلوس. أكلوا بينما كانت ميلودي تنظر إليه بإعجاب سافر.
حدثت كيم نفسها باستياء أن ابنتها تعتبره أحسن من يعد شرائح الخبز، وأن لوكاس يمثل دور رجل الساعة باستمتاع بالغ. لكنها ما لبثت على الفور، أن اعترفت بأنها لم تكن عادلة في ظنها هذا، لأن لوكاس هو لوكاس نفسه.
ـ هل يمكنني طلب خدمة؟
عندما صعدت ميلودي راقصة إلى الطابق الأعلى لكي تغير ملابسها، جلس لوكاس مكانها فأصبح أقرب إلى كيم من قبل.. بكثير. فأجابته كيم بشيء من الحدة:" نعم؟"
ـ هل لديك موسى للحلاقة؟
لم يكن هذا ما توقعته، وهو بالتأكيد يعلم ذلك جيدا. كانت تعلم بأن وجهها توهج احمرارا ومع ذلك بقي صوتها هادئا وهي تقول:" ليس عندي سوى الشفرات الخفيفة التي أستعملها لساقيّ، وأخشى ألا تكون صالحة للحية رجل"
ـ سأتدبر الأمر.
وقبل أن تنتبه إلى ما يفعل، أدار كرسيه نحوها وقال:" ثمة فتات كعك على ذقنك"
قال هذا برقة فائقة وهو يمد يده يمسح ذقنها.
كانت تعرف ما يريده... كان هذا مكتوبا على وجهه... عانقها ببطء متمهلا، وعندما بدأ تشنجها يزول راح قلبه يتجاوب. شعرت بالفرح لأنها بين ذراعيه. وعندما جذبها عن مقعدها لتقف أمامه، لم يعد لديها قوة على المقاومة.
سمعت دقات قلبه عنيفة كمطرقة الحداد. ثم وببطء، شعرت بالعناق يتغير.
رفعت عينين ذابلتين، وكانت العينان الفضيتان في انتظارها، فقال بصوت خشن غير ثابت:" ميلودي في الطابق الأعلى"
وعندما رآها ذاهلة مشوشة الذهن تابع يقول:" دقيقة أخرى وسأعجز عن التوقف، لما تفعلينه بي، يا كيم. إنه يعصف بالعقل"
ـ أحقا أفعل هذا؟
سألته بفتور، شعرة بالمنشفة تنزلق عن رأسها فيسقط شعرها حرا.
همس بصوت أبح:" سننسجم تماما.. أنت تعلمين هذا، أليس كذلك؟ قولي هذا... قولي إنك تعلمين هذا أنت أيضا"
نعم، سينسجمان بشكل لا يصدق. ولكن ماذا بعد أن تنتهي علاقتهما؟ تساءلت بصمت. كيف يواجه الإنسان نتائج انفجار القنبلة الذرية الذي يحوّل كل ما كان آمنا ومألوف إلى حطام؟
لم تكن تريد هذا أبدا، لم تكن تريد أن تقع في الحب مرة أخرى. عند ذلك جمدت مكانها، وشحب وجهها لأنها وجدت الحقيقة التي بقيت أسابيع تحاربها، وهي أنها تحب لوكاس. تحبه.
ـ كيم؟ ماذا حدث؟
كان يراقبها عن قرب. فأجابت:" لا شيء"
كل المشاعر والرغبات التي كان يبعثها في كيانها تلاشت وتركتها باردة كالثلج.
قال وهو يحاول التمسك بالهدوء:" تبدين وكأن شخصا ما لكمك على أسنانك"
ـ قلت لا شيء، وهذا يعني لا شيء.
قالت هذا وهي تحاول التملص من بين ذراعيه بقوة أدهشته:" فقط دعني وشأني يا لوكاس"
فقال غير مصدق:" أدعك وشأنك؟"
فأجابت بهدوء رغم أنها كانت تصرخ وتصيح في داخلها:" نعم، وأريدك أن ترحل الآن"
ـ آه، لا... يا حلوتي. لا سبيل إلى ذلك. لقد سرنا طريقا طويلا منذ تشرين أول، وأنا واثق من أننا لن نتراجع. تكلمي.
كان التصميم البادي في صوته أقوى من الغضب.
ـ لا يمكنك أن ترغمني على فعل أي شيء.
كان رأسها مرفوعا، لكن الخوف والتمرد في وجهها يعارضان ما يطلب منها. حدق لوكاس إليها، مدركا أن لهذه المعارضة جذورا أعمق من حديثهما هذا الصباح. ورغم كل هدا التجهم، بدت له الآن بعمر ميلودي.
تلاشى غضبه وقال بهدوء:" لا. الحق معك. فأنا لا أريد ولن أتصرف بهذا الشكل. العنف أو أي نوع من الابتزاز ليس من عادتي يا كيم، ولكن، مع ذلك، سنتحدث. أتعرفين لماذا؟"
حدقت إليه بعينين واسعتين وسط وجهها الشاحب. فقال برقة فقال برقة:" لأنني أحبك"
ـ لا! هذا غير صحيح.
جاء هذا جوابا منها لكنه ليس الذي كان يرجوه. وشعر وكأن مياها مثلجة صُبت عليه، لكنه لم يظهر أي رد فعل. بل قال ببرودة:" بل هو كذلك. فقد بقيت معك مدة طويلة تكفي لأعرف الشيء الحقيقي عندما يحدث، يا كيم. ولمعلوماتك فقط، لم أقل هذه الكلمة قط لامرأة أخرى، حتى في أكثر الأوقات... حميمية"
انتفضت وبدا العنف في عينيها وانتفخت أوداجها تريده أن يرحل:" وكان هناك كثيرات منهن"
قال بنعومة بالغة:" لم أكن راهبا"
قالت ببطء:" لا أريد علاقة معك"
وكانت تسكت بين كل كلمة وأخرى. وشعر لوكاس بغضبه يتصاعد مرة أخرى وهو يرى العناد الخالص في وجهها. وقال بنفس بطئها وهو يصرف بأسنانه:" إذن عليك أن تقولي السبب. أنت مدينة لي بهذا على الأقل وأنا لن أتزحزح قبل أن نتحدث معا، يا كيم. خذي ميلودي إلى المدرسة ثم عودي إلى هنا. أنا أعني هذا"


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 07-08-09, 06:44 PM   #44

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 8 ـ منجم الحنان

لقد سمعت هذه اللهجة بالذات في صوته مرات كثيرة أثناء الأشهر الأخيرة، ما يجعلها لا تشك فيها. لكنه لن يستطيع تغييرها هي، لا الآن ولا لاحقا. لكنها ستتحدث إليه. ربما إذا سمع حديثها سيدرك أنها جادة في ما تريد. وهي جادة فعلا. آه، نعم... إنها جادة... كما أخذت تحدث نفسها بقنوط. كيف سيمكنها أن تخبره عن الإذلال والفظاعة اللذين عاشتهما؟ ولكنها ستكون مضطرة إلى ذلك، فهي الطريقة الوحيدة.
ـ لا بأس.
كان جوابها كئيبا لا حياة فيه، فمحا أي شعور بالانتصار شعر به لوكاس.
كانت ميلودي بالغة لمرح والابتسام والضحك عندما نزلت كيم من غرفتها وعندما ودعت ابنتها لوكاس، مصرة على أن يحملها بين ذراعيه لتقبله على خده، قفزت بمرح خارجة إلى السيارة كنسيم الربيع.
سبب حيويتها هذه اتضح ومها في طريقهما إلى المدرسة.
ـ هل سيصبح لوكاس بابا الجديد؟
طرحت ميلودي على أمها هذا السؤال باهتمام، فكادت أمها تصطدم بزاوية الشارع:" ماذا؟"
كان صوتها عاليا ثاقبا فحاولت كيم أن تلطفه قليلا وهي تتابع:" ماذا تعنين يا حبيبتي؟ طبعا لا"
عبست ميلودي بها مستاءة:" سوزان أصبح لديها أب جديد وكيري أيضا. ووالد كيري يحضر لها فطورها، ويحضر لها هدايا أحيانا"
جذبت كيم نفسا طويلا صامتا وهي تفتش عن الكلمة المناسبة، ثم قالت بحذر:" الناس يحضرون دائما هدايا للآخرين، يا حلوتي"
ـ وهل يبقى الناس ويطهون الفطور أيضا؟
ـ أحيانا.
ـ أنا أحب لوكس
كان هذا مزيجا من التمرد والأمل والارتباك معا.
وهفا قلب كيم إلى هذه الطفلة الصغيرة. فقالت تطمئنها:" وهو أيضا يحبك يا عزيزتي"
ـ <لكن ليس إلى حد أن يصبح بابا الجديد.
نظرت إليها كيم بعجز:" أن يكون الشخص بابا أمر يتطلب أكثر من هذا. إنها أمور تتعلق بالكبار وهي معقدة كثيرا. لكن لوكاس يحبك كما تحبينه بالضبط"
راحت ميلودي تحدق إليها فأعدت كيم نفسها لما قد يأتي بعد ذلك. ولكن بطريقة الأولاد المزاجية، شعرت ميلودي فجأة بالتعب من هذا الموضوع، فقالت تغيره:" حفظت كل الأحرف الهجائية أمس، يا ماما، حتى الأحرف الصعبة"
ـ هذا جميل جدا يا حبيبتي
ـ لكن كيري لم تفعل.
ومدت كيم يدها تمسك بيد ابنتها تعتصرها لحظة، فستجتازان هذه المحنة، بشكل ما.
شعرت كيم وهي عائدة إلى البيت بأنها ترتجف، فأوقفت السيارة جانبا لتستعيد هدوءها، فهي لا تعرف كيف ومتى أصبح الوضع بهذه الخطورة. عليها أن تقنع لوكاس بأنها لا تبحث عن علاقة غرامية. ولكن قد تكون علاقة جادة كما يبدو من قوله انه يحبها. هل هذا صحيح؟ أصحيح أنه يحبها؟ أخذت تفكر في ذلك وهي تغمض عينيها بعنف.
كيف يمكن للمرء أن يرغب في شيء إلى هذا الحد ثم يخافه في الوقت ذاته إلى حد أن يشعر بالغثيان؟ أخذت تتساءل عن ذلك بصمت وهي تسحب الهواء من بين شفتين مرتجفتين.
الحب يعني خيبة الأمل والخيانة والآلام المرة. إنها تعرف ذلك، ود عرفته. إنه يعني انتقال السلطة من شخص إلى آخر. إنه يعني عبودية وقهرا هما أسوأ من أي شيء آخر لأنه يمس القلب والمشاعر وجوهر الشخص نفسه.
إنها لا تتذكر من والديها سوى صوت رجل عميق ممزوج برائحة خفيفة من دخان سيجار، والشعور بحنان أمها ودفئها. إن ذكراهما أشبه بحلم بعيد... ولكن بإمكانها أن تتذكر عمتها" مابيل" وتتذكر تطمينها لها بأنها ستكون آمنة، وبأن عمتها ستحبها وتعتني بها كما كان والدها يفعل. ثم وجدت نفسها في ملجأ فبكت وصرخت. إنها تتذكر ذلك الآن وكأنه حدث أمس.
ولم تدرك إلا بعد وقت طويل، أن عمتها مابيل التي احتضنتها وكانت ملجأها الوحيد مدة عامين، رحلت وتركتها تحت رحمة الأقارب الذين انقضوا كالنسور على مزرعتها.
فتحت كيم عينيها على اتساعهما وأخذت تحدق أمامها مباشرة... ثم جاء غراهام... وتصلبت ملامحها، وأدارت السيارة بحركة حدة من يدها.
عندما أوقفت السيارة أمام كوخها، كان لوكاس في انتظاره.. بدا خشنا شاردا، لكنها كانت تعرف أن شروده هذا سلاح فتاك يستعمله بخبرة ومهارة لمعالجة موقف معين.
قال بلطف:" القهوة جاهزة"
وحدثت نفسها بأنه يتعمد الرقة واللطف. فقالت بسرعة:" لوكاس، لا فائدة من أن نتحدث بهذا الشكل"
فابتسم متهكما:" أنا غير موافق"
جربت كيم طريقة أخرى، فقالت تذكره:" اتفاقية مارسدن معلقة بخيط. والمفروض أن تتصل بمايلز مارسدن الساعة التاسعة هذا الصباح"
حدق ليها وقد ضاقت عيناه، وبادلته التحديق لحظة قبل أن تصبح العينان الفضيتان غير مقروءتين.
وعاد يقول بصوت جامد:" قهوة. لقد اعتدت على قهوتي اليومية ولا يمكنني إغفالها، أو ربما المفروض أن أقول إنني لا أريد إغفالها"
لم يكونا يتحدثان عن القهوة. سارت كيم إلى الردهة عندما دعاها إلى الدخول، ومرة أخرى شعرت بأنها الضيفة وهو رب البيت. شعرت بالمرارة لكنها رحبت بروح التحفز التي تملكتها... ستتسلح بكل ما لديها من شجاعة لتجتاز هذه المحنة.
أكملت سيرها إلى المطبخ فرأت على الفور أن لوكاس قد رتب المكان، والدليل الوحيد الباقي من فطورهم كان رائحة اللحم المقلي الخفيفة. قالت:" ما كان لك أن ترتب المكان. لا حاجة لذلك"
تجاهل قولها ولحق بها إلى المطبخ ثم استند إلى الجدار وقد دس يديه في جيبيه وبدا في عينيه العقم والتصميم. وكان في غيابها قد حلق ذقنه واستحم لأن شعره ما زال مبتلا.
رأت نفسها ترتجف وهي تسكب القهوة، بسبب نظراته العنيفة التي تمنعها من الشعور بالراحة. وعندما ناولته كوبه غصت بريقها.
انتصب في وقفته وهو يتناول كوبه، وشعرت بحواسها تتجاوب معه بسرعة مذلة بينما كن يشكرها:" شكرا، وهكذا..."
لم يحاول أن يقف جانبا وهي لم تكن لتستطيع التحرك إلا إذا اصطدمت به، فانحبست إلى زاوية المطبخ الصغير بينما كان يتابع:" أخبرتك بأنني أحبك، فكان جوابك أن طلبت مني أن أخرج من بيتك. هل لك أن تخبرينني لماذا؟"
سألها هذا ببرودة وجمود، فأجابت بألم:" هل كنت ستصغي لي لو أنني قلت لا؟"
ـ لا
ـ هذا ما ظننته
من أين تبدأ؟ أخذت جرعة كبيرة من القهوة الساخنة ثم أجفلت إذ أحرقت حلقها. سألته بهدوء، عالمة بأنها تراوغ:" أتريد مني أن أستقيل؟"
ـ لا يا كيم، لا أريد منك أن تستقيلي بل أريدك أن تتحدثي إلي.
كان يطلب أصعب شيء في العالم.. حدقت إليه بوجه متوتر، ثم نظرت إلى قهوتها الساخنة وهي تقول بنعومة:" إنها قصة طويلة وهي لن تغير شيئا من الأمر"
ـ سأكون أنا الحكم.
عند ذلك نظرت إليه وهي تفتش في ذهنها عن طريق للنجاة، لكنها لم تجد. فقد قرر أن يحصل على ما يريد. وبما أن لوكس هو لوكاس، فذلك بالضبط ما سيحصل عليه. بصرف النظر عن ألمها، وذله، وعارها...
جذبت نفسا عميقا، ثم راحت تتكلم. بدأت بوصف حزنها على موت عمتها وكيف أُخذت بسرعة إلى الملجأ، ثم وصفت بدقة كفاحها لمواجهة الوحدة والعزلة اللتين كانت تشعر بهما. ثم قالت:" ثم ذهبت إلى الجامعة وتعرفت إلى غراهام"
سألها برقة:" هل أحببته؟"
فابتسمت بمرارة:" هذا ما ظننته. كان محيرا للغاية أن يكون معي كل دقيقة، وأن يحبني بذلك القدر. لم يحدث لي ذلك قط من قبل. ثم تزوجنا"
وسكتت فجأة إذ تملكها شعور فظيع بأنها وقعت في الشرك، فأخذت تنتقل متململة في تلك الفسحة الصغيرة:" هل يمكننا أن نذهب إلى غرفة الجلوس؟"
ـ بكل تأكيد.
ومس خدها بيده الكبيرة برفق قبل أن يقف جنبا ليدعها تمر. كانت أصابعه باردة ثابتة، والأحاسيس التي سرت في كيانها حبست أنفاسها فجأة. وجعلتها تهرول إلى غرفة الجلوس بسرعة. وعندما التفتت لتواجهه مرة أخرى، رفع حاجبيه:" لم أكن لأتهجم عليك"
ـ أعلم هذا
ـ أنت لا تكذبين جيدا. أكملي قصتك. أن الآن متزوجة..
ـ لم يكن غراهام يحبني. في الواقع، لا أظنه كان قادرا على الإحساس، بدا في الجامعة ذا شخصية جيدة وكنا دوما محاطين بالناس هناك، وكانت الحياة رائعة للغاية. كما أن ولعه بالشراب لم يكن ظاهرا.
أومأ لوكاس بجفاء:" وأنا أيضا كنت فتى صغيرا ذات يوم"
ـ مول والداه عملا صغيرا له، فكان مسرورا لهذا في البداية، مختالا بذلك بين أصدقائه وأقرانه. لكن ولعه بالشراب ازداد. حاولت أن أساعده لكنه حملني مسؤولية ذلك، قائلا انه مضطر إلى أن يشرب لأنني زوجة عديمة النفع، خصوصا في الفراش.
حولت أن تتابع الكلام بهدوء، لكن الألم الناتج عن رفض غراهام لها ما زال جرحا لم يلتئم بعد.
ـ كان قد مضى على زواجنا سنة ونصف عندما اقترح...
جلست كيم على كرسي مطأطئة رأسها وشعرها يغطي وجهها كالنقاب. لقد شعرت بضعف كبير هذا الصباح قبل أن تأخذ ميلودي إلى المدرسة، لكنها مسرورة الآن من تلك الحماية القليلة من تينك العينين النفاذتين.
سألها لوكاس متوترا:" ما الذي اقترحه، يا كيم؟"


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 07-08-09, 07:02 PM   #45

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 8 ـ منجم الحنان

ـ طلب مني... أراد مني أن أنام مع أحد زبائنه المهمين، وقد غضب عندما حملت بميلودي بسرعة بعد زواجنا. وطلب مني أن أجهض، اعتبرني مسئولة عن فشله في العمل لازدياد مسؤولياته بهذا الحمل. وقال إنني مدينة له.
شتم لوكاس بصوت خافت. كان يعرف هذا النوع القذر من الرجال، رجال دون ضمير، رجال يستغلون ضعف ورقّة أناس آخرين ليتسلطوا عليهم. وكانت كيم هدفا سهلا نتيجة نشأتها وخلفيتها. ولا شك أن جمالها جعله يظن أنه سيكسب الكثير.
ـ كانت ميلودي في الشهر الخامس من عمرها وكنت حتى ذلك الحين أحاول أن أقنع نفسي بأن بإمكاني أن أصلح زواجنا لأجل ابنتنا على الأقل.
فعلت كل شيء لكي أجعله يحبني. حاولت أن أسره من كل ناحية أعرفها.
سكتت مرة أخرى وذكرى الإذلال الذي تلقته في تلك الأيام ما زالت حية فيها. كم من المرات، في الأسابيع والشهور التي تلت ما طلبه السافل منها، حدثت نفسها بأنها لا بد كانت مجنونة إذ لم تر حقيقته من قبل؟ لكنها لم ترها.
وبالرغم من محاولتها السيطرة على صوتها، بقي يرتجف وهي تتابع:" لكنني ذلك اليوم، فقدت صوابي. فقدته حقا. هجمت عليه، ضربته، خدشته، فبدلني الضرب، وبقوة فقدت معها وعيي بعض الوقت"
ـ رباه! يا كيم.
أدرك أنها لن تحب أن يلمسها فالذكرى الأليمة ما زالت حية... لكنه لم يستطع أن يراها جالسة، صغيرة نحيلة محطمة، من دون أن يحتضنها مواسيا. ضمها ليه. وعندما تصلب جسدها، قال لها برقة:" لا بأس في ذلك، لا بأس في ذلك. كل ما في الأمر أنني أردت أن أضمك للتخفيف عنك كما يخفف إنسان عن آخر، ولا شيء أكثر من ذلك، يا كيم، أقسم لك"
لو أن ذلك الخنزير القذر لم يكن ميتا، لدفع كل ما يملك في سبيل خمس دقائق يمضيها معه. كان سيجعله يتألم بقية حياته، لأنه قتله في النهاية أسرع مما يجب لحياته القذرة.
وهمست كيم ووجهها مدسوس في قميصه:" عندما عدت إلى وعيي، كان جالسا أمامي وميلودي على ركبتيه. قال لي إنني إذا أخبرت أي إنسان عما حدث فسيقتلها، ثم يقتلني، وقد صدقته، يا لوكاس. فبإمكانه ذلك، عندما يثور طبعه. قال إن من المهم، بالنسبة إلى العمل، أن يراه الناس رب أسرة، ولهذا، إذا حولت أن أتركه، فسيعثر علي أينما ذهبت. لكنه وعدني بألا يضربني مرة أخرى أبدا"
ـ كان عليك أن تتركيه. هناك أمكنة
نظرت إليه بعينين دامعتين:" لا. لأنه كان سيعثر علينا. لكنني منذ ذلك اليوم، انتقلت إلى غرفة ميلودي وصرت أنام فيها. لم أعد أستطيع أن أتحمل لمسته. شيء ما مات في داخلي إلى الأبد، ذلك اليوم، يا لوكاس. وقد عرفته. وهو أنني لم أعد أثق بأي رجل مرة أخرى"
فقال عابسا:" لكنني لست( أي رجل)"
وجلس على الأريكة وكيم بجانبه، وكان يشدها إليه كلما حاولت التملص منه.
تابعت تقول وقد تصلب جسمها:" أصبحت لأمور أسوأ فأسوأ. أصبح.. كالشيطان. وجاءت الليلة التي وقعت فيها الحادثة، عندما حنث بوعده وضربني مرة أخرى. فقد هجم علي قائلا إنني أحرمه من حقوقه الزوجية وسيأخذها بالقوة إذا اضطر لذلك. لكنني قاومته وضربته على رأسه بالمقلاة، وأخيرا حبست نفسي في غرفة ميلودي. ظننت أنه سيحطم الباب، لكنه ذهب إلى حفلة شراب صاخبة، وأنت تعرف الباقي"
وجذبت نفس عميقا:" ما عدا أنه ترك لي ديونا.. ديونا كثيرة. وكنت من الغباء بحيث وقعت على سندات الدين فأصبحت مسؤولة عنها مثله"
قل لوكاس برقة وصوته متهدج بالمشاعر:" ولهذا قبلت بالوظيفة في شركة "كين الكتريكال" بسرعة. وظننت أنك وقعت صريعة فتنتي التي لا تقاوم"
كان يحاول أن يلطف الأمور بالمزاح. كانت تعلم هذا، لكن التصاقه بها كان أكث مما تستطيع احتماله، فقالت وهي ترتجف:" أرجوك أن تتركني، يا لوكاس. ولا تشعر بالأسف لأجلي، فأنا لم أخبرك بقصتي مع غراهام من أجل ذلك"
رفع ذقنها لكي تستطيع النظر إلى وجهه، فرأت الغضب البالغ يتصارع مع حنان جعلها تريد أن تبكي.
ـ أصغي إلي يا كيم. أنا لا أنكر أنني أريده أن يعاني من عذاب جهنم لما فعله بك، ولو كن حيا لبحثت عنه ولقنته درسا لن ينساه بقية حياته. هذه هي طباعي. ولكن عليك أن تنسي ذلك المعتوه، فقد مات وانتهى... ولا أعني فقط أنه مات جسديا.
كانت ترتجف ورأسها يدور بسبب قربه منها، وتابع يقول:" إذا تركته يصنع لك مستقبلك حتى بعد مقته، فيكون قد انتصر عليك حقا. ألا تفهمين ذلك؟ أنت تستحقين أكثر من الحثالة التي تركها لك. وميلودي أيضا"
قالت بتوتر، خائفة من أن يقنعها:" ميلودي من الأسباب التي تجعلني لا أريد إقامة علاقة مع أحد على الإطلاق. نحن بأمان هكذا، وهذا كل ما أطلبه من المستقبل يا لوكاس. أن نكون آمنتين"
قال مزمجرا بهدوء:" إلى جهنم بذلك. آسف، لا تنظري إلي بهذا الشكل، فأنا لا أريد أن أجرحك بحق الله، لكنني، كما قلت لك من قبل، لست ( أي رجل). وما بيننا غير طبيعي. أنت تريدين أن تكوني آمنة، لكن الحياة تحتوي أكثر من مجرد الأمان، يا حبيبتي. لا تلقي بكل آمالك وأحلامك وطموحاتك على قبر ذلك الجرذ. يمكنني أن أجعلك حية بطريقة لم تحلمي بها قط"
حبيبتي. لم تستطع كيم أن تفعل غير النظر إليه، لكن عينيها كانتا حافلتين بالخوف وعدم الثقة، وقرأ الذعر والإنكار في وجهها بإحباط عميق صامت.
ـ أنا أريدك يا كيم، ولكن ليس لليلة أو أسبوع أو شهر...
ـ لا.
وقبل أن يقول شيئا آخر، كانت قد قفزت بعيدا عنه، ثم وقفت وهي ترتعش قائلة:" عليك أن تفهم، يا لوكاس، أرجوك. لا أستطيع... لا أريد أن ألتزم"
كم من المرات قال هذا بالضبط للجميلات اللاتي يدعوهن إلى سريره؟ كان يفكر في ذلك ساخرا من نفسه، وهو يرى أنه وقع في الفخ نفسه الذي نصبه لغيره. ولكن عليه اللعنة إذا كان سيدعها تفلت من يده، فهي له. وعليه فقط أن يقنعها بذلك.
لكنها نالت ما يكفيها طوال حياتها من القوة الوحشية وهو لن يلجأ إلى هذا معها. إنه لا يشك في أنها ستستسلم له، لكنه يريد أكثر من جسدها... يريد أكثر بكثير.
ـ لا بأس
ووقف ببطء يواجهها، داسا يديه في جيبيه ليذكر نفسه بألا يضمها إليه.. لشدة ما يريد ضمها...
ـ لا بأس؟
كانت الدموع تتألق عل وجنتيها الشاحبتين، ثم سحبت نفسا مرتجفا:" ماذا تعني بكلمة (لا بأس)؟"
ـ قبلت شرطك بأن نكون مجرد صديقين. وأنا مسرور لأنك وثقت بي إلى حد أن تخبريني عن ماضيك. وأول شروط الصداقة هو الثقة.
حدقت كيم إليه، شاعرة وكأنها أليس في بلاد العجائب. أتراها ذكرت شيئا عن صداقة؟ تساءلت عن ذلك بارتباك. ومن أين جاءته فكرة أنها تثق به؟
ـ وهكذا، سنستمر من هنا، دون عداوة بيننا، أليس كذلك؟
كانت لهجته رقيقة وهو يرى تصلب جسدها الضعيف، ووجهها الشاحب وعينيها المعذبتين، فأنذره ذلك بأنها وصلت إلى أقصى حدود الاحتمال... وفي هذه اللحظات أرادها أكثر من أي وقت مضى.
ـ لا... لا أعرف.
قالت هذا متلعثمة، شاعرة فجأة بأنها لا تعرف بالضبط ما يجري بينهما من حديث.
ـ كيم، أخبرتني بأنك تريدين أن تعملي لكي تسددي ديون غراهام، وأنت تريدين حتما أن تؤمني لميلودي أحسن معيشة. وعملك عندي هو أمر جيد لكلينا. فقد حصلت على شخص جدير بالثقة. وأنت حصلت على راتب ممتاز.
ـ ولكن... ولكن ما قلته...
ـ عن أنني أحبك؟ وأريدك؟ هذا ما زال قائما، مع الأسف. لكنني لست فتى غرا مراهقا لا يستطيع التحكم بنفسه. والحياة تستمر حتى مع كبريائي الجريحة. أنا رجل أعمال في المقام الأول، يا كيم. وعليك أن تعلمي أن كل شيء آخر يأتي في المقام الثاني.
قال هذا وهو يعترف لنفسه بسخرية مرة أن هذا كان رأيه ذات يوم.
ـ الأشهر الأخيرة الماضية كانت... مجهدة نوعا ما... أليس كذلك؟
ورفع حاجبيه ساخرا، وعندما أومأت بخفة، أشار برأسه موافقا:" إنما الآن، أصبحنا نعرف أين نقف دون مشاعر عنيفة. اتفقنا؟"
ـ اتفقنا.
ابتسم وهي تقول ذلك، لكن كيم لم تبادله الابتسام. فتحت عينيها على اتساعهما عندما وضع يديه على كتفيها النحيلتين، لكنها وقفت أمامه هادئة مرغمة نفسها على ألا تبتعد عنه... وعندما أحنى رأسه الأسود الشعر ومسح قمة رأسها بشفتيه بخفة، بقيت واقفة دون حراك، متسائلة باستغراب لماذا تشعر بأن قلبها أخذ يتحطم؟



***


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 07-08-09, 07:03 PM   #46

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
افتراضي

نهاية الفصل الثامن


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 07-08-09, 07:11 PM   #47

بنوته عراقيه

نجم روايتي وعضو بالسينما ورئيسه تغطيه و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارThe Vampire Diaries

alkap ~
 
الصورة الرمزية بنوته عراقيه

? العضوٌ??? » 9075
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,449
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » بنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

سلمت الايادي يالغاليه ..بانتظار التكمله

بنوته عراقيه غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 07-08-09, 07:51 PM   #48

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 9 ـ ملكة الثلج

9 ـ ملكة الثلج


لم تذهب كيم إلى العمل ذلك النهار رغم أن لوكاس غادر بيتها مباشرة بعد حديثهما.
أمرها بأن تعود إلى فراشها وتحصل على قسط من النوم قبل أن تذهب لإحضار ميلودي. لكنها وجدت النوم هو آخر ما تريده. وبعد ساعة ونحوها من التململ والتقلب في الفراش، ألقت عنها الأغطية وعادت ترتدي ثيابها، ثم أخذت تقوم بتنظيف شامل للبيت.
خفف العمل الشاق من متاعبها النفسية. على الأقل شعرت بالنعاس حالما لمس رأسها الوسادة تلك الليلة، كما لم تر أحلاما، أو على الأقل لم تر أحلاما مزعجة.
حين رأت لوكاس لأول مرة بعد ذلك الصباح وجدت قلبها يخفق بشدة حتى كادت تشعر بأنها تختنق. لكنه قد عاد مرة أخرى ذلك الرجل الثري الجاف النائي الجذاب الذي عرفته لأول مرة. وتملكتها الحيرة وهي تجد نفسها، بعد ساعة أو ساعتين، وقد تلاشى توترها. وعند نهاية النهار كانت من الارتياح بحيث ضحكت عندما قال لها شيئا مضحكا عن الحياة.
وفي الصباح التالي، عرفت نفس الرعشة وخفقان القلب كاليوم السابق. ولكن عندما لم يحول لوكاس التقرب عادت علاقة العمل القديمة تلك تدريجيا لتستقر في مكانها الأول.
ما زالت العينان الفضيتان تسمرانها أحيانا، ولكنها كانت تطمئن نفسها في كل مرة تلحظه ينظر إليها بطريقة معينة بأنه لوكاس وعادته في قراءة أفكارها تقريبا. ولكن ذلك لم يكن يشعرها بالراحة، إنما متى كان الارتياح والسكينة من مزايا الجو المحيط بلوكاس على كل حال؟
وجدت كيم أنها تفتقد ماغي أكثر مما توقعت وذلك مع مرور الأيام والأسابيع.
ومع حلول شهر حزيران، اعترفت كيم مرغمة بأنها تعاني من الوحدة. إنها تحب ميلودي كثيرا لكن افتقارها إلى الأصدقاء الراشدين أثر فيها. ولكن هل هذا كل شيء حقا؟ أرغمها صدقها الفطري على طرح السؤال في اللحظة التالية.
لم يكن شعورها بالوحدة الذي يعذبها بقدر شوقها إلى لوكاس ولكن الفرق بينهما كان دقيقا غامضا.
منذ تقبلت فكرة أنها تحبه، أصبح لا يفارق ذهنها. لم يكن الأمر سيئا جدا حين يكون في العمل، لأن بإمكانها أن تراه حينذاك، على الأقل، وتسمعه يتكلم وتضحك على نكاته.
يا للفتاة الحزينة! كانت فكرة مزعجة لكنها حقيقية. وقوست كتفيها وقطبت جبينها بسبب وهج الشمس.
كانت مرغمة على رؤيته على ضوء جديد عندما يأخذها إلى أحد المطاعم الصغيرة التي يفضلها أو إلى مكان عام. ورغم أنه أكد لها أن هذه هي الطريقة التي يعامل بها سكرتيراته، إلا أنها شعرت بألم صامت في فؤادها، وهذا ما شعرت به أيضا عندما ذهبت مرتين إلى بيته، وقابلت مارتا مدبرة منزله، ورأت الحيوانات التي تعيش في بيته الكبير الرائع الجمال. ومرة أخرى، كان هناك سبب وجيه لذهابها إلى هناك. المرة الأولى، مر على بيته وهو عائد معها إلى المكتب بعد تناولهما الغداء وذلك ليحضر ملفا نسيه. وفي المرة الثانية طلب منها أن تحضر له بعض الأوراق عندما كان يعمل في البيت. ولكن، في كل مرة، كانت مارتا تصر على كيم أن تشاركها القهوة والبسكويت وكانت تعاملها... كيف بالضبط؟
أخذت كيم تسأل نفسها بصمت. كرفيقة؟ كصديقة؟ ولكن ليس كواحدة من موظفات لوكاس.
أما علاقة لوكاس بمدبرة منزله فمثيرة بشكل خاص. الدفء والحنان في صوت لوكاس والإخلاص اللافت للنظر في مارتا عندما تتحدث ليه بلهجتها الاسكوتلاندية، كل ذلك كان يقلقها ويثير أعصابها.
وهذا لا يعني أن لوكاس تجاوز حده معها لحظة واحدة. آه، لا... ليس هذا الرجل الثلجي. لكنها ما لبثت أن وبخت نفسها، معترفة بأنها غير عادلة أبدا. كل ما في الأمر هو أنها لم تتوقع أن يلتزم بقراره بهذه الصلابة أو بهذه السهولة!
هذا يكفي. دعي التفكير في لوكاس وانصرفي إلى شيء آخر... هذا ما حدثت به نفسها برزانة قبل أن تخرج من باب المطبخ إلى أشعة الشمس المتألقة في الحديقة.
ـ أتحبين الذهاب إلى بركة الماء يا حبيبتي؟
صاحت بهذا تنادي ميلودي فكان الجواب صيحة ابتهاج. وخلال نصف ساعة، كانت البحيرة ممتلئة، فأخذت ميلودي تعبث في الماء فيما جلست كيم على مقعد في ظل شجرة زان وفي يدها فنجان قهوة.
كان عالما بعيدا عن ذلك الكابوس الذي عانتا منه مدة عامين طويلين. واغرورقت عينا كيم بدموع ساخنة وجدتها سخيفة في الوقت الذي عليها أن تبتسم فيه. لوكاس جعل كل هذا ممكنا، إذ أعاد إليها استقلاليتها، ومنحها فرصة بناء حياة جيدة لها ولابنتها، وكانت شاكرة له إلى حد لا يصدق، لكنها لم تخبره بذلك في الحقيقة.
غالبت دموعها بصعوبة. عاجلا أم آجلا ستصطاده امرأة جميلة. إنها لا تعرف إن كان يخرج مع نساء، ولكن هذا ممكن وهي لا تلومه على ذلك، فالعزوبة، كما قال مرة، ليست عادته.
وإن خسرت الفردوس فالذنب ذنبها. وحدقت كيم أمامها، لكن الحديقة تلاشت لتحل مكانها هاوية مظلمة من الأفكار. إذ جاءها الحظ مرة أخرى، فسيكون تصرفها هو ذاته بالضبط. لعلها تخسر بذلك الفردوس، لكن جهنم التي عانت منها مع غراهام، تمنعها من الارتباط مرة أخرى بعلاقة. كن لديها، مع غراهام، عذر هو أنها لم تكن تعلم ما تفعل، ولكن لن يكون عندها عذر إذا عادت فخطرت بنفسها وبابنتها مرة أخرى عن طيب خاطر.
إنه نفس الصراع الذي أخذ يدور في ذهنها في الشهرين الماضيين. وعندما ربتت ميلودي على ذراعها بفروغ صبر قائلة بأنها تسمع جرس الباب يدق، استغرقت منها العودة إلى واقعها عدة ثوان.
ابتسمت للوجه الصغير العابس وتناولت عباءتها ثم نهضت وتوجهت إلى الباب الأمامي تفتحه دون أن تفكر في من قد يأتي لزيارتها في الساعة العاشرة من صباح يوم مشمس من حزيران.
ـ لوكاس؟
أخذت تحدق ببلادة إلى الجسم الطويل الذي كان يرتدي قميصا أبيض وبنطلون جينز أسود.
ولكن عندما ضاقت العينان الفضيتان وبدا فيهما الإعجاب بملابسها، أو بالأحرى بقلة ملابسها، تبلجت لها الحقيقة بشكل طوفان ساخن بدأ من أصابع قدميها صعودا إلى أعلى.
قاومت كيم دافعا يحثها عل أن تشبك ذراعيها فوق صدرها تستره، وقالت بصوت هادئ قدر الإمكان:" ماذا حدث؟ هل من خطب؟"
أجاب متمهلا:" حدث الكثير. أول شيء هو أنني أعنّف نفسي لأنني لم أزرك قبل فصل الصيف هذا"
حاولت أن تبتسم، وكان هذا خطأ منها لأن الابتسامة تحولت إلى التواء متوتر لشفتيها، ثم، عندما سمعت صيحة الإثارة من ميلودي خلفها، تأوهت في داخلها. ما تعرفه عن حسن ضيافة ابنتها، جعلها واثقة من أنها ستدعوه إلى الدخول ليشاركهما الجلسة عند البركة.
ـ لوكاس!
اندفعت ميلودي على أرض الردهة منزلقة بقدميها الصغيرتين الحافيتين. وعندما انحنى لوكاس مادا ذراعيه قفزت الطفلة بينهما مباشرة:" كنت أسأل أمي دوما متى ستأتي فكانت تقول إنها لا تعلم. قالت إنك مشغول جدا"
ـ لست مشغولا إلى الحد الذي يمنعني من أن أزورك.
قال هذا وهو ينتصب واقفا والطفلة بين ذراعيه، وأخذ ينظر إلى كيم. راح يتفحصها بعينين لا تطرفان، فتنهدت كيم مذعنة للطلب الصامت، وقالت بلهجة فيها أثر من خشونة:" تفضل بالدخول"
لم يكن بإمكانها مقاومتهما مها الاثنين. شكرها بعرفان جميل ساخر، فعاد وجهها إلى التوهج غضبا. يا له من رجل صعب مزعج! وسرعان ما تلاشت كل المشاعر الدافئة التي شعرت بها نحوه.


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 07-08-09, 07:53 PM   #49

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 9 ـ ملكة الثلج

سارت أمامه واعية إلى شفافية العباءة التي اشترتها منذ أسابيع.
كان لوكاس قد أخذها إلى الغداء في اليوم السابق، وعندما كانا يغادران المطعم، سمعا صوتا خافتا متحفظا يناديه من إحدى لموائد، ثم تقدمت امرأة ووقفت بجانبهما.
قدمهما لوكاس، حينذاك، إلى بعضهما البعض. كانت المرأة الأخرى متبرجة بشكل كامل، ولمعت شفتاها المصبوغتان بشبه ابتسامة وهي تسأل لوكاس إن كان سيأتي إلى حفلة ما في تلك العطلة الأسبوعية:" سنمضي وقتا مرحا للغاية، يا عزيزي. عادة كلاريس في جمع الأصدقاء لم تتغير..."
وكانت الجملة الأخيرة موجهة إلى كيم.
لا بد أن وجهها نطق بالكثير لأنها تذكرت ابتسامة لوكاس السخرة وهما يودعان المرأة. ثم يغادران المطعم ممسكا بمرفقها.
قاومت رغبتها في السؤال عن امرأة حتى اقتربا من المكتب:" هل هي صديقة قديمة؟"
هز لوكاس كتفيه حينذاك:" نوعا ما"
قالت كيم ببشاشة ممزوجة بالكراهية له:" يبدو أن الحفلة ستكون صاخبة نوعا ما"
نظر إلى وجهها المتوهج لحظة، هازلا:" ليس تماما. كلاريس تحب دوما أن تكون مميزة عن سواها"
فعلقت كيم بجفاء:" لا بد أن المنافسة تصبح عنيفة"
ـ هذا ما لن أعرفه.
وكانا قد وصلا إلى مبنى شركة " كين الكتريكال"، فتحول بالسيارة إلى موقفه الخاص، قبل أن يلتفت إليها، مادا ذراعه بعفوية على مسند مقعدها:" أنا شخصيا أفضّل أن أكون على الطبيعة، ولكن إذا كان علي أن أرتدي شيئا فبنطلون جينز قديم يكفي"
الصور التي توهجت في مخيلتها حينذاك أخذت تعمل عملها، ولكن عندما تركت مبنى الشركة استطاعت السيطرة على أفكارها لمشوشة.
على كل حال، صورة الجميلة ذات الشعر الأحمر والعينين الخضراوين بقيت في ذهنها.
ـ إذا ذهبت إلى الحديقة مع ميلودي، فسأحضر أنا صينية القهوة.
قالت كيم له هذا عندما أصبحوا في المطبخ... بجانب الباب الخلفي.
فرد لوكاس الواقف قرب الباب الخلفي، رائعا، ساحرا كحاله دائما في أحلامها:" لا داعي للعجلة"
وكانت ميلودي الآن مستقرة بين ذراعيه ورأسها تحت كتفه ووجهها ناحية أمها.
بدا واضحا أنه مستمتع بالنظر إلى وجهها، وكانت كيم محرجة من ثوب السباحة ومن ضمه ميلودي إلى قلبه. بدا لوكاس وكأنه أب لميلودي، وهذا أرسل في كيانها ألما كاد يوقع إبريق القهوة من يدها.
عندما أصبحوا في الحديقة، جلس لوكاس عند قدميها مما سبب مشاكل لتوازنها النفسي. كان ينظر إلى ميلودي وهي تعبث في مياه البركة، فقال:" طفلة الماء"
بدا صوته العميق كسولا هازلا، فشعرت بالمرارة لرباطة جأشه.
ـ ميلودي تعشق الماء.
جاءت كلماتها صلبة متوترة لكنها أحسن ما استطاعت عمله. سكتت لحظة محاولة أن تجعل صوتها طبيعيا قبل أن تسأله:" لماذا هذه الزيارة، يا لوكاس؟"
ـ لأنه نهار رائع. ماغي في أمريكا، ففكرت أنك بحاجة إلى صحبة الأصدقاء.
قال هذا بهدوء وما زالت نظراته متجهة إلى الطفلة أمامهما. لقد فعلها مرة أخرى، فقرأ أفكارها. ولم تعرف ما إذا كان عليها أن تكون غاضبة أم مبتهجة، ولكن بسبب كل التعقيدات التي بينها وبين هذا الرجل، قررت اعتماد الغضب:" هذه شهامة بالغلة منك. ولكن..."
ـ لا ليست شهامة يا كيم
ورفع بصره إليها، فشعرت بأنفاسها تنحبس بسبب حدة المشاعر الكامنة في العينين الفضيتين الرائعتين، بينما كان يتابع:" أنا أريد أن أكون معك في كل عطلة أسبوعية لعينة. وهذا الصباح قررت أن كلمة يكفي تعني الكفاية"
حدقت إليه وقد توقف ذهنها كل تفكير مترابط. وسألها ببطء:" ما قولك في قضاء اليوم معا؟"
شعرت كيم بقوة شخصيته تحتويها، بدا لها أسمر صلبا وجذابا وبدأت ترتجف.
وتابع يقول بهدوء:" فكرت في أن نذهب لنتغذى في مكان صغير أعرفه، ثم نقضي العصر في النهر وبعد ذلك نذهب للعشاء في بيتي... مارتا ستكرس نفسها لأجل ما تحبه ميلودي وما لا تحبه"
ـ لوكاس..
ـ مجرد صديقين يا كيم. إذا كان هذا ما تريدين.
وتأملها بعينين لا يسبر غورهما:" لا يمكنك أن تنكري أن بإمكانك أن تتخذي صديقا الآن"
الصديق شيء، ولوكاس كين شيء آخر تماما. ومع ذلك، التفكير في قضاء يوم معه كان أشبه بمزج عيد الميلاد مع رأس السنة في عيد واحد وشعرت بتصميمها الحازم يتراخى. إذا بميلودي تتخذ القرار عنها عندما جاءت لتقف أمامهما، وقد وضعت يديها الصغيرتين على وركيها النحيلين:" هل بإمكان لوكاس البقاء للغداء معنا؟ أرجوك أمي"
ترددت كيم لحظة، لكنها كانت كافية لكي يحس لوكاس بترددها، فاستغل ذلك بعدم رحمة هي جزء منه، وقال بمرح:" لدي فكرة أفضل. سنخرج جميعا لتناول الغداء في المطعم، ثم يمكنك ركوب زورق في النهر.. هل يعجبك هذا؟ إذا كنت فتاة طيبة جدا..."
ـ ماذا؟ ماذا؟
وأخذت ميلودي تقفز فرحا، فقال برقة:" ذا كنت فتاة طيبة فيمكنك أن تأتي لتري بيتي، وتتعرفي إلى جاسبر وسلطان"
ـ ومن هما جاسبر وسلطان؟
ـ هما كلباي، وهما كبيران جدا.
ـ هل يعضان؟
ـ إنهما لا يعرفان كيف يعضان. يعرفان فقط كيف يلعقان.
أومأت ميلودي، وقالت بلهفة:" أنا أحب الكلاب"
نظرت كيم إليهما بعجز، وعندما رفع عينيه ليها، سمرها بنظراته وهو يقول بهدوء:" اذهبي وغيري ملابسك فأنا بانتظارك هنا"
استمرا ينظران إلى بعضهما البعض للحظة. وكان قلب كيم قد قفز من مكانه عندما قال الكلمات الأخيرة. يا له من غامض، في كل مرة تظن أنها فهمته، يفعل ما يحيرها.

***


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 07-08-09, 08:16 PM   #50

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 9 ـ ملكة الثلج

كان يوما ساحرا. وبدا أن لوكاس يتبع النبرة الصائبة في حديثه مع ميلودي، فلا حزم بالغ ولا إطلاق العنان لها.
أحبت ميلودي منزل لوكاس الأسطوري كما شعرت بسرور كبير في اللعب مع كلبي لوكاس الضخمين، كما أحبت كل واحدة من قطط مارتا. وأحبت مارتا نفسها، فبادلتها المرأة المسنة شعورها كليا.
أما لوكاس فكان نموذجا للمضيف بلطفه ومراعاته لأحاسيسهما.
بعد هذا السبت، حاولت كيم أن ترفض أية دعوات أخرى، لكن لوكاس كان يتجاهل احتجاجها ببساطة وبغطرسة منطبعة فيه. لكنها بقيت مصرة على عدم قضاء الليل في بيته لأنها كانت تشعر بعدم الارتياح للاستيقاظ في الصباح في بيت لوكاس.
وهكذا كان الصيف رائعا جزئيا، لأن شيئا خفيا في عقلها الباطني كان يوقظها أحيانا في منتصف الليل وقد غمرها العرق.
لكن في أوائل أيلول، حدث أمران فصلت بينهما عدة ساعات مزقا عالم كيم الهش.
بدأت العطلة الأسبوعية بمكالمة من ماغي تقول فيها إن بيت جاء إلى أمريكا ومعه خاتم الخطوبة:" لا يمكنه العيش من دوني، يا كيم. وحين غادرت انكلترا، أخذي راجع نفسه بشأن مخاوفه من الالتزام بالزواج واسترجع في ذاكرته أشياء كثيرة ومواضيع كان قد دفنها لسنوات وكلها تعود إلى طفولته. وهكذا، أدرك أنه سيفقدني إذا لم يتصرف... وهذا ما فعله!"
ـ أنا مسرورة للغاية يا ماغي.
تابعت المرأتان الحديث عدة دقائق أخرى قبل أن تنهيا المكالمة. هذا الخبر جلب الدفء إلى نفس كيم طوال يوم السبت التالي، الذي أمضته مع ميلودي في منزل لوكاس. ويوم الأحد أخذهما لوكاس لتناول الغداء في المطعم قبل أن يعودوا باكرا إلى البيت لأن ميلودي شعرت بصداع.
وحل صباح الاثنين الذي بدأ بشكل سيء حتى أنها تأخرت عن موعد المكتب نصف ساعة... وما كان هذا سيهمها كثيرا لولا الاجتماع الذي سيعقد في التاسعة في مكتب لوكاس.
منذ بدأت رحلات عطلات الأسبوع، حرصت كيم على الوفاء بمسؤولياتها كاملة في العمل. كان آخر ما تريده هو أن يظن لوكاس أنها تستغل علاقتهما التي ما زالت مترددة في أن تدعوها صداقة. لأن الصداقة يجب أن تكون سهلة مريحة يسودها الاطمئنان وعلاقتها بلوكاس ليس فيها هذه المواصفات.
كانت كيم متوترة دوما معه، تعي كل شيء فيه مهما كان بسيطا، وأقل نبرة من صوته تخبرها بطبيعة مزاجه. وسجلت كيف أن ذكاءه الرهيب لا يتوقف أبدا عن اختزان المعلومات، وكيف يوجه ضربته بدقة. ومع ذلك فقد سمح لها بأن ترى الناحية الخاصة منه أيضا، تلك الناحية المغرية الآسرة التي هي أكثر خطورة من كل ما تكشف عنه حياته العملية.
عندما وصلت إلى الموقف التابع لشركتها، كان المطر قد استحال عواصف رعدية، فابتل معطفها الخفيف كله. وراح المطر يسيل إلى رقبتها ويقطر من غرتها عندما كان المصعد يعلو بها. الساعة التاسعة وعشر دقائق وهي تبدو كجرذ غريق.
وفي مكتبها سمعت أصواتا في المكتب الآخر، فأسرعت إلى غرفة استراحتها الخاصة حيث خلعت معطفها المبتل، وسوت شعرها بسرعة قبل أن تنظر في المرآة إلى وجهها الرطب.
ـ كيم. هل أنت بخير؟
وكان هذا صوت لوكاس مصحوبا بطرقة على الباب فشعرت بغضب عارم ولم تدر ما الذي أشعل فتيل غضبها هكذا، أهو الضيق والذعر اللذان عانتهما هذا الصباح أو هو شعورها بأنها تعيش على أعصابها منذ بدأت العمل في هذا المكتب؟
فتحت الباب بعنف وحملقت في وجه لوكاس وهي تقول:" أنا طبعا بخير. أنت لم تتركهم جميعا لتجيء ولتسألني هذا، أليس كذلك؟ ما الذي سيظنونه؟"
ـ يظنونه؟ ما الذي تتحدثين عنه بحق الله؟
ورأت على وجهه أن لهجتها لم تعجبه.
ـ أتحدث عن هرعك إلى هنا. سيظنون أنك تراقبني متحكما بي، أو أن بيننا علاقة.
حملق فيها وكأنها جنت، ثم قال ببرودة:" أولا، أنا لم (أهرع) إلى أي مكان في حياتي، وثانيا، هذه هي المرة الأولى التي تتأخرين فيها عن الثامنة والنصف منذ اشتغلت هنا. وعندما قرعت لك الجرس دون أن تأتي، تساءلت عما إذا أصابك حادث في الطريق بسبب حالة الجو الفظيعة"
ـ حسنا، لم يحدث لي شيء.
ـ هذا ما يبدو. أما بالنسبة لرأي الآخرين في ما يتعلق بتصرفاتي مع سكرتيرتي، فهذا ما لا شأن لأحد به.
ـ بكلمات أخرى، لا يهمك ما الذي سيظنونه.
قالت هذا ببرودة بالغة، بينما كانت قطرة تسيل على جبينها.
ـ لا تكوني سخيفة.
كان غاضبا حقا فقد التهبت عيناه.
ـ لست سخيفة بهذا القول.
علمت أن عليها أن تسكت، لكن لسانها لم يطعها، فتابعت:" قد تظن أن لا بأس بأن يعتقد الناس أن بيننا علاقة، لكنني لا أوافقك! وربما يتحدث الجميع بأننا نتقابل خارج العمل. ماذا تظن رأيهم في هذا؟"
فقال بصوت ناعم يدل على غضب مستتر:" أننا معجبان ببعضنا البعض؟"
ردت بحدة وتوتر:" أنت تعرف ما قد يظنون، خصوصا بالنسبة إلى سمعتك"
بدا وكأنه على وشك أن يمسكها ويهزها:" هذا يكفي يا كيم"
ـ لا ، هذا لا يكفي.
لم تستطع أن تتذكر كيف بدأ هذا كله، لكنها أدركت فجأة أنه يختمر في داخلها منذ أسابيع، إن لم يكن شهورا، وربما منذ الأيام الأولى لعلاقتهما عندما بدأ يتسلل إلى حياتها وقلبها.
لم يكن لديها القوة والإرادة أو الشجاعة لكي تواجه الألم والنبذ إذا ما تركها. فقد غرس غراهام في ذهنها أنها ذات جمال سطحي فارغ لا لب فيه، وأنها باردة لا خير فيها في العلاقة الزوجية... وظل يكرر الأمر حتى بدأت تصدق ذلك بالرغم عنها.
ـ عندما تهدئين، تعالي إلى مكتبي لنبدأ العمل. وسنتحدث عن هذا لاحقا.
قالت بصوت ثابت ووجه بالغ الشحوب:" أنا أقدم ليك استقالتي، واعلم أنني هادئة الآن"
فقال بارتياب:" أتستقيلين لأنني سألتك إن كنت بخير؟"
ـ لا، نعم. أعني أنني لا أريد أن أعمل هنا بعد الآن.
ومنعت نفسها من الصراخ وأخذت تغالب دموعها بجهد خارق.
فقال عابسا:" لا تريدين أن تعملي عندي؟ وماذا بشأن ميلودي؟"
فرفعت رأسها متحدية:" ماذا بشأنها؟ لقد دفعت كل الديون وسأجد عملا يغطي نفقاتنا وهذا كل ما أريده"
فقال بخشونة:" أعني ماذا بشأني أنا وميلودي؟ هل غاب عن ذهنك أن ابنتك أصبحت مولعة بي فإذا اختفيت فجأة من حياتها فماذا سيكون تأثير ذلك فيها؟ إنه لا يختلف كثيرا عن تأثير فراقك أنت لها"
نفضت رأسها إلى الخلف، وقد توهج وجهها بمزيج من التمرد والذعر... الذعر الذي جعلها تنطق بكلمات كحد السيف، كلمات قاسية، كلمات لم تكن تعنيها حتى وهي تنطق بها:" إذن، كل ذلك كان مكيدة لكي تجذبني إلى سريرك.. لقد جعلت ميلودي تتعلق بك، أليس كذلك؟ أتراك ترضى بأن تهبط إلى هذا المستوى بحيث تستغل طفلة لتحقق مآربك؟"
قالت هذا بصوت متحجر تغطي به نحيبها في داخلها. بقي لحظة ينظر إليها غير مصدق، وذا بها ترى ثورة غضب لم تر مثلها قط في وجه إنسان، فقد أظلمت ملامحه كعاصفة شتوية هوجاء. دخل إلى غرفة الاستراحة الصغيرة صافقا الباب خلفه، فيما عيناه تنفثان لهبا في وجهها الخائف:" لقد تقبلت منك أشياء لم أتقبلها من أي امرأة أخرى، فانظري إلى أين انتهى بي هذا. فكرت في أنك بحاجة إلى وقت، إلى حنان ورفق، مثل الحصان الأصيل المتوتر الأعصاب الذي أساء شخص مغفل معاملته لكي يحطم إرادته. حاولت أن أريك من أنا وما هو نوعي.. لقد عرّيت روحي لك، يا كيم، وهذا ما لم أفعله قط لامرأة أخرى، فيا لي من غبي أحمق"
ـ لوكاس، أرجوك
كان الهلع والخوف يتملكانها، بدا في وجهه من المشاعر ما ظنت معه أنها ستموت رعبا.
وكان هو يتابع مزمجرا بغضب:" بينما أنت طوال الوقت تعتبرينني رجلا منحطا مريضا يحتال على طفلة لكي يحصل على أمها. أهكذا ترين تصرفاتي؟ لا مشاعر سامية، لا حب في القلب... وإنما حاجة جسدية تتطلب الإشباع"
همست بيأس:" أنا لم أقل هذا"
ـ بل هذا ما قلته بالضبط. حسنا، ربما تفضلين أن أكون كما تصفينني لكي تشعري بالرضا لأنك كنت على صواب.
ودون إنذار جذبها إليه بوحشية جعلت رأسها ينتفض إلى الخلف بحدة، كاشفا عن عنقها ورافعا وجهها إلى وجهه. التحكم بأعصابه تلاشى الآن بفعل القنبلة التي قذفته بها. وعندما أخذت تقاومه أحنى رأسه معانقا إياها بالقوة.
ذكرى ما قاسته مع غراهام، أصبحت حقيقية فجأة، ولكن بدلا من ذلك الرجل المقيت الذي كان يثير اشمئزازها، وتينك اليدين اللتين كانتا تحطمان ضلوعها، كان هذا لوكاس. كان في عناقه تسلط ولكنه مع ذلك أشعل نيران قلبها ولم يعد هناك خوف أو اشمئزاز عل عاصفة هبت في كل كيانها مهددة إياها بالغرق. استمرت في المقاومة عدة لحظات أخرى شاعرة بالكرب والضيق وتشتت الذهن.. لكن عناقه هذا غزا عقلها وجسدها ما جعلها تتوقف عن المقاومة.
قال صارفا بأسنانه:" أنت تريدينني يا كيم. قد لا يعجبك هذا، وقد لا أعجبك أنا... ومع ذلك أنت تريدينني"
كان يشدها إليه واضعا يديه خلف رأسها، فشعرت بحرارته وتحديه لها.
ـ لا...
نطقت بذلك بوهن وتخاذل، فلاحظ ذلك وقال بنبرة أهدأ:" بل هو كذلك، نعم، يا سكرتيرتي الصغيرة الباردة، يا ملكة الثلج المراوغة"
لم تستطع أن تقاوم تأثيره فيها... وأخيرا تخلت عن كل محاولة في الكذب على نفسها وعلى لوكاس فأخذت تبادله عناقه بشغف.
كان شوقها كبيرا إلى هذا الرجل الذي تحب... لم يكن هناك ماض ولا مستقبل وإنما مجرد تقارب واستغلال لمشاعرهما القوية المتبادلة.
ثم شعرت به يعيدها إلى الخلف ففتحت عينيها على اتساعهما. إنهما هنا يتعانقان والاجتماع قائم في الغرفة الأخرى ومن الممكن لأي شخص أن، يدخل ليبحث عنهما.
ولا بد أن الفكرة نفسها خطرت للوكاس إذ تجمد في مكانه لحظة وتمزقت أنفاسه وهو يجاهد للسيطرة على نفسه. ووجدت كيم نفسها تنظر إلى وجهه مباشرة، فرأت العينين الفضيتين صافيتين متألقتين ولمعانهما يلهب عقلها.
عندما ابتعد عنها، كان ذلك ببطء، ما منحها وقتا لتمالك نفسها. تراجع خطوة، مسويا شعره عدة مرات قبل أن يعدل من ياقة قميصه ثم ربطة عنقه فيما كانت هي تحدق إليه بعينين واسعتين غير مصدقتين.
رأته يفتح الباب ثم يستدير خارجا، ولكن حتى بعد أن انغلق الباب مرة أخرى وبقيت وحدها، بقيت جامدة. ثم أخذت ترتجف، ليس بسبب الشعور بالخزي الذي شعرت به عندما بدأت تفيق إلى نفسها، بل لأنه ذهب، ولأنه لا يريدها، ولولا ذلك لما استطاع الابتعاد عنها.

***


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:49 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.