آخر 10 مشاركات
رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          195_بعد عدة براهين_ليليان بيك_عبير الجديدة (الكاتـب : miya orasini - )           »          1 - العاصفة في قلبها - مادلين كير - روايات ناتالي** (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          152 - الحلم الممنوع - مارغريت بارغيتر (الكاتـب : حبة رمان - )           »          7-هل يعود الحب -مارغريت كالغهان - روايات ناتالي (الكاتـب : Just Faith - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-17, 10:35 AM   #181

اويكو

? العضوٌ??? » 345334
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 247
?  نُقآطِيْ » اويكو is on a distinguished road
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

اويكو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-17, 10:58 AM   #182

Msamo
 
الصورة الرمزية Msamo

? العضوٌ??? » 366128
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,825
?  نُقآطِيْ » Msamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond repute
افتراضي

الرواية قلبت دراما بس المصيبة أن ده هو الواقع الحمد والمودة بين الناس حتى الاهل انعدمت إلا من رحم ربك
اسيف يا ترى منذر هيتجوزها علشان يرحمها من فتحي الحقير أو ممكن ما يرضاش الرواية جميلة تسلم ايديك
وبسمة ودياب هي محتاجة شوية ظبط وربط


Msamo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-17, 01:55 PM   #183

ansam elmalah

? العضوٌ??? » 367632
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » ansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond reputeansam elmalah has a reputation beyond repute
افتراضي

موفقة حبيبتى....متابعة معك باذن الله

ansam elmalah غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-17, 12:47 AM   #184

Maysan
 
الصورة الرمزية Maysan

? العضوٌ??? » 368562
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 583
?  نُقآطِيْ » Maysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ياصباح الورد والفل .. كاتبتنا العزيزه هو فيه فصل اليوم والا فصل الاحد يعتبر عن الاثنين اقصد فصل الخميس هذا والخميس اللي فات 😊..

ربنا ييسر امورك ويفتحها عليك ويكرمك بكرمه ويسعدك يااارب ..


Maysan غير متواجد حالياً  
التوقيع




رد مع اقتباس
قديم 10-11-17, 01:52 PM   #185

لله المشتكي

? العضوٌ??? » 391827
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 26
?  نُقآطِيْ » لله المشتكي is on a distinguished road
افتراضي

بدايه جميله دائما متألقه منال

لله المشتكي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-17, 03:53 PM   #186

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل التاسع عشر


الفصل التاسع عشر :

فتحت عيناها الناعستين بتثاقل ، ثم قامت بفركهما بإصبعيها بحركة خفيفة ثابتة متثاءبة بصوت خفيض.
تمطت بذراعيها لتزيح عنهما ذلك التيبس ، ومن ثم استدارت برأسها نحوه.
التوى ثغره بإبتسامة عابثة وهي تراه ممدداً إلى جوارها. فقد ظفرت بما أرادت ، وعُقد قرانها عليه رسمياً وأصبحت زوجته.
مـــدت يدها لتمسح على صدره العاري برفق ودلال ، ثم ارتفعت بجسدها عن الفراش قليلاً لتتأمل وجهه بنظرات مطولة قبل أن تهمس له بدلال :
-حبيبي ، مش هاتصحى بقى ،احنا بقينا العصر

أولاها ظهره وهو يستدير للجانب قائلاً بصوت متثاقل ومتحشرج:
-وايه يعني ؟

سألته مهتمة وهي تعبث بخصلات شعره القصيرة :
-مش هاتنزل شغلك النهاردة ؟

أزاح يدها بعيداً عنه ورد قائلاً بتأفف ودون أن يفتح جفنيه :
-لأ ، عاوز أنام !

عبس وجهها وهي تضيف بضيق :
-اوكي يا حبيبي براحتك ، أنا هاقوم أجهزلك الغدا وآآ..

قاطعها قائلاً على مضض :
-مش عاوز أكل ، أنا هنام وبس !

ضغطت على شفتيها مرددة :
-ماشي

ثم نهضت من جواره ساحبة روبها الحريري لترتديه على قميص نومها الشفاف ، والتفتت لتنظر له بعمق محدثة نفسها بضجر :
-براحتك يا مازن ، اتقل عليا ، المهم إن حصل اللي كان نفسي فيه وخلاص !

سارت إلى خــارج الغرفة ومعها هاتفها المحمول. وأغلقت الباب ورائها لتضمن عدم استماعه لمكالمتها مع والدتها.

ألقت بثقل جسدها على الأريكة لتتمدد بإسترخاء ، ولفت حول إصبعها خصلات شعرها.
أجابت أمها عليها قائلة بمزاح :
-ناموسيتك كحلي يا عروسة

ردت عليها ولاء بسخط :
-يا ماما أنا عديت المرحلة دي من زمان !

هتفت شادية قائلة بتفاخر :
-لأ عروسة ونص ، وكله بالورق الرسمي !

تقوس فمها بإبتسامة باهتة وهي تضيف :
-أها ، طمنيني بس عملتي ايه ؟

أجابتها والدتها بثقة :
-أنا لسه راجعة من عند المحامي ، وخلاص هانظبط قضية نقل الحضانة ليا ! اطمني

سألتها بتوجس وهي تعتدل في جلستها :
-ودياب ؟

أجابتها بهدوء متريث :
-أكيد مش هايعرف دلوقتي ! أما يوصله الإعلام !

حدقت ولاء في أظافرها متابعة بتوتر قليل :
-ربنا يستر بقى

صاحت بها شادية بجدية :
-انسيه وركزي مع اللي في ايدك ، مش عاوزين غلطات

ردت عليها ابنتها على مضض :
-ماشي !

ثم تابعت الاثنتان ثرثرتهما المعتادة حول بعض الأمور الغير هامة.
.................................
خرجت الممرضة من الغرفة لتستدعي أفراد الأمن للتدخل قبل تأزم الوضع في غرفة المريضة.

تحفـــــز منذر للغاية وتشنجت عروقه بوضوح وبدا على وشك قتل أحدهم بعد تفاجئه بالصفعة العنيفة من قبل الحاج فتحي على تلك المكلومة الضعيفة.
ما أثار غيظه حقاً هو أنها لم تخطيء هي مازالت في حالة صدمة. لم تستفق بعد من غيبوبتها المؤقتة وتستوعب تلك الفاجعة المتمثلة في خسارة والدتها.
أظلمت نظراته للغاية ، وهدر بصوت خشن مخيف يحمل الغل :
-حــــــــــــــــــاج فتحي !
لم يهتم به الأخير، وظلت أنظاره المحتدة مسلطة على أسيف التي هتفت بصوت باكي متخاذل وهي تذرف العبرات المريرة بغزارة :
-بابا لو كان عايش كان آآ....

قاطعها الحاج فتحي صائحاً بنبرة عدائية وهو يشير بإصبعه مهدداً :
-لو بؤك اتفتح تاني هـ.. آآآ...

قبض منذر على إصبعه المهدد شادداً قبضته عليه متعمداً إيلامه.
ثم مقاطعه بنبرة قاتمة وقد بلغ ذروة غضبه :
-انت بتستقوى على حرمة ؟ لأ وقصادي كمان !

غاب عقل الحاج فتحي تماماً ، وهدر فيه بنبرة متهورة :
-دي شرفي ، أعمل معاها اللي عاوزه ، يعني لو غلطت أكسرلها ضلوعها كلها ! وأدبحها كمان !

شكل منـــذر بجسده حاجزاً منيعاً أمامه ليسد عليه أي فرصة للإقتراب منها والتهديد بإيذائها ، ورد عليه بصوت قوي محذر :
-ده لو أنا مش موجود !

فوجيء الحاج فتحي بما يفعله ، وردد مستنكراً :
-افندم

تابع منذر قائلاً بشراسة وهو يتعمد تسليط أنظاره القاتمة عليه :
-مش هاسمحلك تمد ايدك عليها تاني !

ثم تحرك بجسده للأمام نحوه جابراً إياه على التراجع للخلف وهو يضيف بإزدراء مهدد :
-ولولا العيبة إنه يتقال مديت ايدي على راجل كبير زيك كنت خدت حقها وقتي منك !

صــــاح الحاج فتحي بعصبية شديد وقد تشنجت عروق عنقه :
-انت اتجننت ، بتهددني كده عيني عينك ؟

كز منذر على أسنانه بقوة ليرد بجموح :
-منذر حرب مابيهددش ، أنا بأخد حقي بدراعي على طول !

دفعه الحاج فتحي من كتفه بأقصى طاقته ليفسح المجال أمامه للمرور قائلاً بإنفعال :
-ابعد عن طريقي !

جمــــد الأخير من جسده ، وثبت أقدامه في الأرض ليبدو كالصخرة الثقيلة الصعب إزاحتها من مكانها ، فلم يستطع هو تحريكه إلا مسافة لا تتجاوز السنتيمرات.

تابع الحاج فتحي صياحه الغاضب قائلاً :
-أنا ماليش اتكلم مع واحد زيك مالوش صلة بينا ، أنا هاخد البت وأمشي من هنا !

ظل منذر معترضاً طريقه وهو يرد بشراسة :
-مش هايحصل ، مش هاسيبهالك تستفرد بيها !

صاح به الأخير بعد أن شعر بإنكسار هيبته أمامه :
-إنت هاتمنعني ؟

هز منذر رأسه بالإيجاب مردداً بثقة :
-اه ، بالقوة ! بالعافية ! أو بقلة الأدب ! شوف إنت و اختار اللي عاوزاه ، بس هي مش هاتمشي معاك !

كور الحاج فتحي قبضة يده ، ولكمه في صدره بعنف بعد عبارته الأخيرة وهتف مغتاظاً :
-لأ بقــــى ! انت كده اتخطيت حدودك معايا ، وأنا مش هاسكتلك

أمسك منذر بقبضته وضغط عليها بعنف أكبر مسبباً الآلم له ، وهتف مردداً بنبرة عدائية :
-أعلى ما في خيلك اركبه ، واللي عندك أعمله وزود عليه كمان !

اضطر الحاج فتحي أن يسحب كفه منه رغماً عنه ، وحدجه بنظرات نارية.
أدرك هو فارق القوى الجسمانية بينهما ، لكنه لم يكن ليتركه ينتصر عليه.
فكر سريعاً في طريقة للتخلص منه ، وأوهمه أنه سيتراجع للخلف ، لكنه كان يبحث عن ثغرة تمكنه من المرور والوصول إلى أسيف .

استدار منذر عفوياً ليحدق فيها بضيق.
كانت تبكي متحسرة ، مازالت واضعة يدها على وجنتها.
صدرها يعلو ويهبط من فرط الخوف.
شعر بوخز في قلبه نحوها. فالموقف أكبر منها.
وزفر بإنزعاج كبير.

لم ينتبه هو للحاج فتحي الذي دار من حوله ليمسك بأسيف
هاتفاً بغضب :
-قومي يا بت !

أفاق من تحديقه سريعاً مردداً بغضب :
-انت بتعلم ايه ؟

صرخت أسيف بفزع على إثر قبضته ، وقاومته رغم ضعفها قائلة :
-آآآه ، أنا مش هامشـآآ...

هزها بعنف وهو يسحبها قسراً ليوبخها بقسوة متوعدة :
-لينا كلام تاني يا بنت حنان !
-آآآآه
تأوهت بآلم شديد وهي تحاول الخلاص منه.


تدخل منذر ليبعده عنها صائحاً بعصبية :
-مش قولتلك مش هتاخدها

دفعه الحاج فتحي من كتفه بقبضته الأخرى مردداً بصوت متحشرج :
-ابعد ياض انت !

رمقه منذر بنظرات محتقنة للغاية مردداً بحدة :
-ياض !!!!!

كان الحاج فتحي على وشك صفع أسيف مجدداً وهو يقول :
-عاجبك الفضايح دي !

وقبل أن تطال كفه وجنتها كان منذر قابضاً على رسغه ضاغطاً عليه بقوة رهيبة ، وهدر فيه بنبرة مخيفة :
-ابعد ايدك عنها

اشتعلت نظرات الحاج فتحي ، وهدر متشنجاً :
-سيب دراعي بدل ما آآآ...

قاطعه منذر قائلاً بنفاذ صبر ، وقد أوشك على الانفجـــار فيه :
-شوف أنا فاض بيا منك ، وهي كلمة ، إنت مش هتاخدها ، وده أخر ما عندي !

استجمع بعدها قوته ليدفع الحاج فتحي بعصبية للخلف بيد واحدة ، وباليد الأخرى قبض على رسغ أسيف وجذبها منه قائلاً بصوت آمر :
-تعالي

كاد الأخير أن يفقد إتزانه على إثر الدفعة ، ولكنه استند بمرفقه على طرف الفراش.
لم تبدِ أسيف أي مقاومة معه ، فقد استنفذت قواها بالكامل. وسارت مستسلمة معه فقط لتنجو من بدنها من شراسة الأقرب إليها.

اعتدل الحاج فتحي سريعاً في وقفته ، وعدل من هيئته التي لم تعد مهندمة ، ثم حاول اللحاق بمنذر وأسيف مردداً بصوت متحشرج :
-واخد البت على فين ؟

لم يلتفت نحوه منذر بل إستمر في جر أسيف خلفه ، ورد عليه بصوت حاسم وبقتامة نافذة في نفس الوقت :
-على بيت عمتها ، وهناك بقى تتكلم معاها ومع كبار حتتنا !

أسرع الحاج فتحي في خطاه ، وقبض على ذراع أسيف فصرخت متأوهة من أظافره المغروزة فيها.
توقف منذر عن السير ، واستدار ناحيته ووجهه يعكس الكثير عما بداخله من نيران مستعرة.
شد أسيف ناحيته أكثر ، ووضع قبضته على يد الحاج فتحي ليزيحها عن ذراعها.
حدج الأخير منذر بنظرات ساخطة ، وهتف فيه بتوعد :
-فكرك إنت هاتعرف تهرب مني ، لأ انت مش عارف مين الحاج فتحي ، ولا قرايب الحاج فتحي ! إنت وقعت معايا ، وأنا هاخدها غصبن عنك !

تمكن منذر من تخليصها منه ، ورد عليه بجموح مخيف :
-وماله ، والعنوان أهوو عندك ، مايتوهش !

ثم لف ذراعه حول كتفي أسيف ليحاوطها وانطلق بها مبتعداً عنه.
تابعه الحاج فتحي بنظرات مميتة ، ورفع من نبرة صوته قائلاً وهو يلوح بيده :
-ماشي يا ابن الـ ....... ! مش الحاج فتحي اللي يتهزأ على كبر ومايخدش بتاره !

أخفض رأسه ليبحث بلا تركيز عن هاتفه المحمول في جيبي جلبابه ، ثم أخرجه ليهاتف أحد الأشخاص.
ظل يذرع الرواق ذهاباً وإياباً وهو يقول بنبرة محتدة :
-أيوه يا حاج اسماعيل ، عاوزك في موضوع مهم جداً ، لأ ، مايستناش ! اسمعني للأخر !
...............................

ابتعد منـــــذر بأسيف عن الطابق المتواجد به قريبها الشرس.
كانت هي مزعوجة من محاوطته لها ، فتملصت بضيق من ذراعه.
أرخى هو يده عنها ، وحاول طمأنتها قائلاً بهدوء متريث :
-متخافيش محدش هايعمل حاجة !

فركت ذراعها المتآلم بكف يدها مرددة بإصرار :
-أنا عاوزة ماما ، وديني عندها !

نظر إليها ولم يعقب. وضغط على شفتيه بقوة محاولاً التفكير في طريقة لإقناعها أن والدتها قد قضت نحبها.
بادلته نظرات متعجبة من صمته المؤقت ، فزفر بضيق من تلك النظرات.
زاد حنقه حينما وجد أثار تلك الأصابع محفورة على وجنتها.
أبعد عيناه عنها ، ووضع إصبعيه على طرف ذقنه ليفركه بحيرة.
يئست من مساعدته لها ، فتحركت مبتعدة عنه سائرة بلا وجهة محددة لتبحث عنها.
لحق بها منذر وأمسك بها من معصمها ليجبرها على التوقف.

التفتت ناحيته ، ورمقته بنظرات حادة مرددة بصوت مبحوح :
-أنا مش عاوزة مساعدة منك ، أنا هادور عليها بنفسي

ثم دفعت بقسوة يده عنها.
رأى في نظراتها إصراراً عجيباً يتنافى تماماً مع ذلك الضعف الذي كان أمامه قبل لحظات.
لم يجد بداً من مصارحتها بالحقيقة ، لذا أمسك بذراعيها بكفيه ، ووقف قبالتها صائحاً بصوت آمر :
-عاوزك تسمعيني كويس وتفهمي الكلام !

انتفضت من لمسه لها ، وجاهدت لتبعدهما عنها.
لم يهتم بما تصدره من مقاومة ، وتابع قائلاً بقسوة وقد أظلمت نظراته :
-أمك معدتش عايشة وسطنا ، راحت مع اللي راحوا !

اضطربت أنفاسها ، وبرقت عيناها بشدة وهي تهتف محتجة ومستنكرة حديثه :
-لأ ، ماما مامتتش ، إنتو ليه مصممين آآ....

قاطعها قائلاً بصوت قاتم وهو يهزها بعنف :
-مش وقت جنان ، أمك ماتت فعلاً ، والمفروض هتدفن وده متأجل عشان خاطرك !

نهج صدرها ، وتهدجت أنفاسها بصورة ملحوظة.
تقطع صوتها واختنق بصورة كبيرة وهي تهز رأسها نافية :
-لألألأ ، كدب .. كله كدب ، هي تعبانة بس شوية !

شدد من قبضتيه عليها ليضيف محذراً بجمود :
-شوفي أنا لو سبتك للراجل المفتري اللي جوا ده مش هايرحمك !

لم تتمكن من منع عبراتها ، فآلم صفعته مازالت أثاره باقية في نفسها ، لذا ردت بصياح باكي :
-هو جاي ليه أصلاً ؟ ما خد الأرض مننا ، عاوز ايه تاني ، مش هاسيبه ياخد أمي !

أغمض منذر عينيه للحظة يائساً من محاولة إقناعها بالعكس.
ثم تنفس بعمق ، وعاود فتح جفنيه ليقول بهدوء مصطنع :
-ركزي معايا ، أمك ماتت

تصلبت تعابير وجهها ، واصطبغ بحمرة غاضبة ، وهتفت مستنكرة بعناد أكبر رغم اختناق حروف كلماتها :
-لأ ، ماما لسه عايشة !

وصل منذر إلى قمة يأسه معها ، فهتف بنزق :
-مابدهاش بقى ، تعالي معايا !

أرخى قبضته عن ذراعها الأيمن ، وشدد من الأخرى على الأيسر ليجذبها خلفه.
حاولت التحرر منه وهي تسأله بصوت متحشرج :
-واخدني على فين ؟

أجابها بنبرة جافة للغاية وقد قست نظراته :
-هخليكي تصدقي !

ابتلعت ريقها بخوف شديد ، وزاد خفقان قلبها وهي تتبعه رغماً عنها.
لم يكن أمام منذر أي وسيلة أخرى لإقناعها سوى اللجوء لتلك الطريقة القاسية والخالية من العطف.
إن لم تستفق من غيبوبتها وتدرك ما يحدث حولها بطريقة عقلانية ستتيح الفرصة للطامعين بها لإستغلالها والإساءة إليها.
أحياناً تجبرنا بعض المواقف على تجاوز ماهو معقول للوصول لغرض ما.
وهذا ما فعله .

اتجه بها نحو المشرحة ، ذلك المكان البارد الخالي من الحياة.
لم تعرف وجهتها بالضبط ، لكن استشعر قلبها من تلك الرائحة الغريبة التي تغلف المكان أنها مقبلة على أمر سيء.

ولج الإثنان إلى ممر ما جانبي نائي عن باقي المشفى.
كان طويلاً نسبياً وشبه مظلم ، وتضم جدرانه برودة قارصة رغم اعتدال الجو بالخارج .

جف حلقها بدرجة كبيرة ، ودبت إرتجافة قوية في أوصالها وهي تطأ أرضيته القاتمة.
نعم شعور قوي بالرهبة سيطر عليها.

كانت تحاول قراءة ما دون على اللافتات الجانبية ، لكن نظراتها كانت مشوشة ، فعجزت عن القراءة بوضوح.

وقعت عيناي منذر على أحد الأشخاص الجالسين قرب نهاية الممر ، فاتجه بها نحوه.
هب الرجل واقفاً من مكانه متساءلاً بخشونة :
-رايح فين يا أخ ؟

أرخى منذر قبضته عن أسيف ، وتحرك نحو الرجل ليجذبه معه بعيداً عنها هامساً :
-ممكن كلمتين على جنب كده ؟

وزع الرجل أنظاره بينهما ، وهتف بجفاء :
-كلمتين ايه دول ؟ ممنوع أصلاً تيجوا هنا

بناءاً على عهده بالعاملين بذلك القسم المخيف بالمشفى ، هو يعلم بتقبل أغلبه للرشــاوي وتقاضي الأموال مقابل القيام ببعض الأمور المخالفة ، طالما أنها لا تسبب له الأذى أو المشاكل ، وبالتالي تعامل مع الموقف بحرفية معتادة.
لذا دس يده في جيبه ، وأخر حفنة من النقود ، وطواها في راحته ، ثم قربها بحذر من كف الرجل ، وأعطاه ما بها عنوة وهو يرد بخفوت :
-معلش !

أخفض الرجل نظراته نحو كفه ، وادعى عدم إهتمامه بما يفعله قائلاً بإعتراض :
-مش مسموح يا حضرت تبقوا آآ...

قاطعه منذر بنبرة ذات مغزى وهو يغمز له :
-احنا عاوزين نشوف أمها قبل ما تدفن ، وآآ..

أصر الرجل على رفضه مقاطعاً بتأفف :
-لالالا ، كده أنا هاقع في مشكلة يا حضرت !

تابعتهما أسيف بنظرات حائرة، هي لم تفهم بعد ما الذي تفعله هنا في ذلك المكان البـــــارد. وجابت بعينيها حوائطه بنظرات سريعة خاطفة.

التقط منذر كف الرجل بأصابعه ، ودس فيهم النقود قائلاً بلؤم :
-كل مشكلة وليها حل !

قبض الرجل على النقود ، وخبأها في جيب معطفه المتهدل قائلاً بإحتجاج زائف :
-بس آآ....

غمز لها منذر بنظرات ذات مغزى وهو يهمس بإلحاح :
-ده معروف ، هتاخد فيها ثواب !

ابتلع الرجل ريقه قائلاً بتوجس :
-طب بسرعة الله يكرمك ، أنا مش ناقص مشاكل !

التوى ثغر منذر بإبتسامة عابثة وهو يقول :
-على طول ، دقيقتين !

عــــاد منذر إلى أسيف ، ودفعها للأمام دون أن ينبس بكلمة.
سألته برجفة واضحة في نبرتها :
-هو .. هو انت واخدني على فين ؟

أجابها بغموض :
-مش عاوزة تشوفي أمك ؟

سألته بتوجس وقد تسارعت دقات قلبها :
-هي بتعمل ايه هنا ؟

وقف أمام اللافتة ، وأشـــار بعينيه الحادتين نحوها قائلاً بجمود :
-أمك موجودة هنا ، بالمشرحة !

شحب وجهها بشدة ، واتسعت عيناها مصدومة وهي تهتف بصراخ :
-لأ !

عفوياً وضع منذر قبضته على فم أسيف ليكتم صراختها ، ولف يده الأخرى خلف رأسها.

توجس الرجل خيفة من افتضاح أمره ، واكتشاف سماحه لبعض الغرباء بالولوج إلى داخل المشرحة دون تصريح رسمي ، فهتف مستنكراً :
-شششش ، ايه يا جدع ، انت كده هتفضحنا ؟

ظل منذر مكمماً لفم أسيف ولم يتركها ، والتفت فقط برأسه نحو الرجل قائلاً بإمتعاض خافت:
-لا مؤاخذة !

حاولت أسيف ابعاد قبضته عن فمها لكنه فشلت ، وتحركت مجبرة معه نحو الداخل.
أغلق الرجل الباب خلفهما وبقي بالخـــارج ليراقب الطريق.

تنفست أسيف بصعوبة ، وتعلقت أبصارها المرعوبة بوجه منذر.
أردف هو قائلاً بتحذير :
-هاشيل ايدي ومش هاتصوتي ، سامعة ؟

هزت رأسها بالإيجاب ممتثلة لأمره ، فأزاح يده ببطء عنها.
هتفت فيه فجـــأة بصوت منفعل وهي تتراجع للخلف مبتعدة عنه :
-انت كداب !!!!

رد عليها بجمود وهو يتحرك صوبها بخطى ثابتة :
-ماشي ، أنا كداب ، تعالي وصدقي بعينيكي !

جذبها من ذراعها نحو أحد الأَسِرَّة ليقرأ ما دون على طرفها من أسماء تخص جثامين المتوفين.
كانت ترتجف بشدة ، ورغم ذلك صمدت واستجمعت شجاعتها حتى تصل للحقيقة.
كانت على يقين تام أنه كاذب ، وأن والدتها بخير وستتماثل للشفاء.
لكن تلاشى كل شيء فجـــأة حينما أوقفها أمام الفراش المنزوي.
حدقت بأعين متجمدة في تلك الورقة البيضاء المكتوب عليها بالقلم الحبري " المرحومة حنان "

اهتزت نظراتها ، وقفز قلبها في قدميها من أثر الصدمة.
أوشكت على الإنهيار ، لكن ما مرت به لا يقارن بتلك اللحظة القاسية التي كشف فيها منذر عن وجه أمها المتوفية.

هتف بنبرة خالية من الحياة وهو يشير إليها :
-هي دي أمك ؟

خفق قلبها بقوة أكبر ، وتجمدت أنظارها على وجهها الأزرق.
شخصت أبصارها هلعاً ، وارتفع حاجباها للأعلى برعب كبير.
جف حلقها تماماً ، وتجمدت الكلمات على شفتيها فعجزت عن النطق.
إنها حقاً والدتها ، لكنها في وضع غريب ومريب .
جرجرت ساقيها لتقترب أكثر منها.

رأى منذر في نظراتها وتعابير وجهها المخيف أثر الحقيقة المريرة عليها.
هو ندم على تلك الخطوة الجريئة ، لكنها كانت بالنسبة له الخط الفاصل بين الواقع والجنون.

مدت أسيف كفها المرتعش نحو جسد والدتها المسجي على الفراش لتتلمسه ، وترقرقت العبرات بمقلتيها وهي تهمس لها بصوت هامس متقطع مصدوم :
-مــ..ماما !

لم تجبها ، ولم تتحرك على إثر لمساتها الرقيقة المعتادة.
كانت باردة للغاية ، صامتة ، خالية من الحياة.

زاد نهجان صدرها. وتسابقت نبضات قلبها حتى كادت تصم أذنيها من فرط سرعتها.
بكت بغزارة غير مسبوقة ، وهزت رأسها للجانبين بإيماءات متتالية مستنكرة قساوة الحياة معها.
اضطربت أنفاسها بجموح وهي تحاول إخراج تلك الشهقة الصارخة بآلم والتي تحمل الكثير من أعماق فؤادها المفجوع :
-لأ ، ماما ............................ !!!

.................................................. ...



Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 10-11-17, 03:56 PM   #187

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل العشرون

الفصل العشرون :

أطفأت عواطف الإنارة بغرفة ابنتها بسمة بعد أن غفت على فراشها. رمقتها بنظرات أخيرة قبل أن تلج للخارج وتغلق الباب خلفها بهدوء حذر.

سألتها نيرمين بنبرة عادية وهي تجمع صحون الطعام المتسخة :
-نامت ؟
أجابتها عواطف بإيماءة واضحة من رأسها :
-اه يا حبة عيني ، زي ما تكون بقالها سنة ماشافتش طعم النوم

أضافت نيرمين قائلة بجدية :
-ده أحسنلها عشان جسمها يفوق من تاني

وافقتها عواطف الرأي وتابعت قائلة بصوت جاد :
-بدي أروح أشوف بنت أخويا هي كمان وأطمن عليها !

رمقتها نيرمين بنظرات شبه حادة ، وردت بإمتعاض :
-ما هي في المستشفى وحواليها دكاترة أد كده هايكون ناقصها ايه !

انزعجت عواطف من ردها القاسي ، واحتجت قائلة بعتاب :
-مايصحش يا نيرمين ، أنا مقصرة جامد في حقها ، وحتى دفنة أمها مش عارفين هاتعمل فيها ايه لحد دلوقتي !

تقوس فم نيرمين للجانب لتضيف بتهكم :
-يا ماما عادي ، هي مش أول واحدة يموتلها حد ! وبعدين احنا منعرفهاش أد كده

أغاظها ذلك الجحود البادي عليها ، فصاحت معنفة إياها :
-انتي عاوزة تركبينا الغلط ، يعني ايه منعرفهاش ، دي بنت أخويا الله يرحمه

حاولت نيرمين أن تتدارك الموقف قبل أن تثور عليها والدتها ، فقد أخطــأت في عبارتها الأخيرة ، وهتفت مصححة :
-مقصدش ، بس احنا برضوه عندنا مشاكلنا وزيادة !

ثم دنت منها لتضيف بنبرة ذات مغزى :
-ده غير انها مش في وعيها ، يعني مروحتك ليها لا هتقدم ولا هتأخر !

نكست عواطف رأسها قائلة بخزي :
-قلبي مش جايبني أسيبها لوحدها !

وضعت نيرمين يديها على كتفي أمها ، وضغطت عليهما قليلاً وهي تقول بمكر :
-هي مش لوحدها ، ما أنا قولتلك من شوية هي معاها دكاترة وممرضين ، وناس فاهمة شغلها كويس ، ده غير انها أعدة في مستشفى ، وفي مواعيد للزيارة ، يعني ممكن ميرضوش يخلوكي تشوفيها !

ارتفع حاجب عواطف للأعلى في استغراب واضح ، وهتفت متعجبة :
-هما ممكن يعملوا كده ؟

حركت نيرمين رأسها بالإيجاب بتضيف بثقة :
-اه طبعاً

أخرجت عواطف من صدرها تنهيدة مزعوجة وهي تقول :
-لا حول ولا قوة إلا بالله !

ابتسمت نيرمين لنفسها بغرور لنجاحها بدون أي مجهود في إثناء والدتها عن القيام بتلك الزيارة الغير مجدية ، وتابعت بحذر :
-شوفي انتي بس بنتك العيانة دلوقتي ، واحنا أخر النهار هنعدي نبص عليها !

ردت عليها مستسلمة بيأس :
-أمري لله
.......................................

هاتف الحاج فتحي أغلب كبار قريتهم ليتأكد من حضورهم إليه في أقرب وقت لمساندته واستعادة ابنه الغالي كما يدعي.
عاود الاتصال به الحاج اسماعيل ليعرف التطورات منه ، فأبلغه الأخير قائلاً بعناد :
-أنا خلاص كبرت في دماغي ، ويانا يا الواد ده ! البت هترجع معايا غصبن عنهم كلهم

رد عليه الحاج اسماعيل بنبرة متريثة هادئة :
-عندك حق يا حاج فتحي ، واحنا كلنا معاك !

تابع الحاج فتحي مردداً بنبرة مكفهرة :
-أنا هاحجز في لوكاندة قريبة ، وهابلغك بمكانها عشان تيجولي على هناك ، بس بلاش تتأخروا عليا ، عاوز أنهي الليلة دي النهاردة

رد عليه بجدية :
-أني ظبطت الماكروباصات وشوية وهتحمل بالرجالة وهتلاقينا عندك
-على بركة الله ، ماتحرمش !
قالها الحاج فتحي بنبرة قاتمة توحي بشر مستطر منهياً مكالمته معه .
........................................

استمعت الحاجة جليلة إلى دقــــات عنيفة على باب منزلها حتى شعرت أنها ستخلعه.
انتفضت في مكانها ، وتركت ما بيدها لتسرع في خطواتها تجاهه لتفتحه وهي تصيح بقلق :
-أيوه يا اللي بتخبط ! هي الدنيا اتهدت !

أدارت المقبض ، وأطلت برأسها لترى الطارق فشهقت مصدومة وهي تضع يدها على فمها.
صـــاح بها منذر بصوت منزعج وهو يشير برأسها :
-افتحي الباب يا حاجة جليلة ، وإديني سكة

زادت صدمتها المتفاجئة حينما دققت النظر فيه ، و رأته حاملاً فتاة ما غريبة غائبة عن الوعي بين ذراعيه.

أفاقت من ذهولها على صوته الآمر :
-يالا يا أماه ، مش هافضل واقف كده كتير

هزت رأسها بتوتر وهي تجيبه :
-حاضر يا بني !

فتحت الباب على مصرعيه ، وأفسحت له المجال ليمر بها للداخل.
ظلت أنظارها متعلقة به ، وقد اقتحم عقلها عشرات من الأسئلة.

ســـارت خلفه متساءلة بإندفاع وهي تضع يدها على طرف ذقنها :
-مين دي يا منذر ؟ وحصلها ايه ؟ وجاي بيها هنا ليه أصلاً ؟

لم يستدر نحوها ، ورد عليها بصيغة آمرة :
-طلعي أروى من أوضتها !

انزعجت من تجاهله لها قائلة بحدة قليلة :
-ما ترد عليا يا بني ، دي مين ؟

التفت كلياً نحوها ، ورد عليها بعبوس :
-هاقولك بس أنيمها جوا !

مررت أنظارها سريعاً على الفتاة فوجدت حالتها مزرية للغاية ، ثوبها ملطخ بآثار الدماء الجافة ، وجهها شبه شاحب وفاقد لحيويته ، تكاد تكون في وضع غير مبشر على الإطلاق.

كان منذر على وشك فقد صبره بسبب بطء استجابة والدته له ، فهدر قائلاً بعصبية :
-يالا يا حاجة !

حركت رأسها بإيماءات متتالية ، والتفتت تركض وهي تصيح بصوت متعصب :
-بت يا أروى ، إنتي يا بت ! سيبي أوضتك وتعالي

جاءها صوت ابنتها الصغرى من الداخل قائلة :
-أيوه يا ماما !

سدت عليها جليلة الطريق بجسدها لكي لا ترى تلك الفتاة الفاقدة لوعيها ، ودفعتها بقوة من كتفيها لتستدير عنوة في الإتجاه العكسي قائلة بجمود :
-روحي عند يحيى!

لمحت أروى بطرف عينها الشابة ، فتساءلت بفضول وهي تختلس النظرات إليها :
-مين دي ؟ هي تعبانة يا ماما ؟

نهرتها أمها لتدخلها في شئون لا تخصها صائحة بغلظة :
-مالكيش دعوة ، روحي يالا عند يحيى !

عبست أروى بوجهها قائلة بضيق :
-طيب ، أوف !

تأكدت جليلة من ابتعاد ابنتها ودخولها إلى غرفة يحيى فاستدارت عائدة إلى ابنها قائلة بصوت مزعوج :
-ما تفهمني يا منذر مين البت دي ؟ وجايبها مسورأة ( فاقدة للوعي ) ليه هنا عندنا ؟

رد عليها بغموض مقتضب :
-مش وقته يا أمي !

شدد هو من قبضتيه على أسيف ليضمها إليه ، واتجه حاملاً إياها نحو غرفة أخته الصغرى.
تبعته جليلة إلى الغرفة ، وأزاحت الغطاء ليتمكن هو من إسنادها برفق عليه.
عاونته جليلة في تغطية جسدها ، ووضع الوسادة خلف رأسها.
أمعن منذر النظر إليها مطولاً ، ورفع يده على رأسه ليمررها في خصلات شعره ، ثم حكها بحيرة وأخذ ينفخ بصوت مسموع.
رمقته والدته بنظرات ذات مغزى ، ثم سحبته من ذراعه قائلة بخفوت :
-تعالى نتكلم برا !

رد عليها بتجهم :
-خليكي جمبها دلوقتي يا ماما وهنتكلم بعيد !

هتفت معترضة بإصرار وقد تشنجت تعابير وجهها :
-لأ دلوقتي ، سامع يا منذر !

وزادت من صرامة نبرتها وهي تضيف :
-أنا مش هاعمل حاجة إلا لما أفهم بالظبط مين دي وايه اللي حصل ؟!!!

تنهد بإرهـــاق وهو يجيبها مستسلماً :
-ماشي هاقولك كل حاجة !
.........................................

قبل وقت قليل ،،،،
شحوب ممزوج بالهلع سيطر عليها حينما رأت جثمان والدتها أمامها.
ظنت في البداية أن الأمر مجرد وهم وأكذوبة يحاولون تلفيقها، لكنها أفاقت على تلك الحقيقة المرة.
هي خسرتها وللأبد ، ورحلت عنها مثلما رحل أباها من قبل.
كتمت بصعوبة شهقاتها الموجوعة لفراقها.
انحنت على رأسها لتقبلها ببكاء حارق قائلة :
-لأ ، ماما ماتموتيش وتسبيني !

اغرقت عبراتها الساخنة جبين والدتها المتوفاة وهي تهز برفق قائلة بإختناق :
-ليه عملتي كده فيا ؟ أنا ماليش غيرك !

عجز منذر عن مساعدتها ، فهو يعلم أن الصدمة أقوى من الإحتمال ، لكنه كان مضطراً لفعل هذا لتدرك الواقع وتفق من تلك الأوهـــام.
أشاح بوجهه للجانب وهو ينفخ بصوت مسموع لعدة مرات.
واصلت أسيف عويلها عليها ، وأجهشت ببكاء أشد تدمع له القلوب.
إنهارت قدماها ، وصرخت بآلم كبير وهي تجثو على ركبتيها.

التفت منذر ناحيتها ، وانحنى للأسفل نحوها هاتفاً بقلق :
-ادعيلها بالرحمة ، هي محتاجة لده !

لم يعد لديها الرغبة في الحياة ، فأقدمت على ضرب رأسها بالحامل المعدني للفراش بعنف كبير بطريقة هيسترية.
توجس منذر خيفة أن تؤذي نفسها ، فثبت رأسها بأحد قبضتيه بالإجبار ، ووضع الأخرى أمام جبينها لتشكل حائلاً إن كررت المحاولة ، ثم عنفها بضجر :
-اللي بتعمليه ده غلط ، انتي بتضري نفسك !

صرخت فيه بإهتياج وهي تحاول تكرار الأمر :
-محدش ليه دعوة بيه ، سيبوني أموت وأحصلها ، سيبوني !

تعالت شهقاتها الصارخة أكثر وهي تتابع بآسى :
-مش هاسيبك يا ماما !

اضطر منذر أن يخفض ذراعه نحو عنقها ليطوقها من كتفيها ، ثم لف الأخر حول ذراعها ليتمكن من سحبها بعيداً عن الفراش متسخدماً قوته.

ركلت الأرضية الباردة بقدميها وهي تقاومه ، وواصلت صراخها المكلوم ، فلم يكن أمامه أي وسيلة أخرى سوى كتم صراخاتها العالية بتكميم فمها براحة يده حتى لا يفتضح أمرهما .

تلوت بجسدها بشراسة محاولة الخلاص منه ، لكنه كان مسيطراً كلياً عليها.
شعرت بضعفها ، بوحدتها ، بيتمها ، بتلك الغربة الموحشة التي أصبحت بمفردها فيها.
ارتجف كيانها من ذلك التفكير القاسي ، وتلفتت بعينيها حولها بذعر ، فاضطربت أنفاسها أكثر ، ووجدت صعوبة في التنفس لذا وضعت قبضتها على يد منذر محاولة انتزاعها عنها.
ظن هو أنها ترغب في تحرير نفسها لمواصلة صراخها ، ولم يطرأ بباله أنها تختنق. انزعج مما تفعله ، فأحكم قبضتيه عليها ، ثم تشدق قائلاً بصرامة :
-اهدي ، مش هاينفع كده !


تحرك جسدها بصورة هيسترية متشنجة أربكته ، فأرخى قبضته عنها ليمددها على الأرضية. فتفاجيء أنها تشهق محاولة التنفس.
التف حولها ، وجثى أمامها ، ثم رفع وجهها وأسنده على ذراعه قائلاً بتخوف مما يحدث لها :
-خدي نفسك !

بدت كمن يلهث وحدقت في الفراغ بنظرات خاوية مخيفة.
رمقها بنظرات مرتعدة ، وضرب برفق على وجنتيها محاولاً إفاقتها :
-ركزي معايا ، فوقي واسمعيني !

لم تنظر نحوه ، بل شعرت بالظلام يغلف عيناها وأن الأرض تميد بها ، وتدريجياً خبى عنف حركتها وتشنجات جسدها حتى سكنت تماماً.
حدق فيها منذر بذهـــول حينما تراخى جسدها أمامه ، وأيقن أنها فقدت الوعي.
ضغط على شفتيه قائلاً بضجر :
-عشان تبقى كملت !

أخفض ذراعه ليلف خصرها به ، ثم مرر الأخر أسفل ركبتيها ليحملها وهو يتمتم بكلمات مبهمة لكنها تشير إلى ضيقه.

خرج من المشرحة حاملاً إياها فحدق فيه الرجل المنتظر بالخارج بأعين متسعة ، وهتف بخوف :
-مالها ؟

رد عليه منذر بإقتضاب وهو ينظر له بحدة :
-فرفرت ، ماستحملتش المنظر !

لوى الرجل فمه قائلاً بإرتباك وهو يحك فروة رأسه :
-هي ناقصة !

حدجه منذر بنظرات قاسية فقد كان في وضع يحسد عليه ، وربما يتعرض لمشكلة ما إن عُرف ما فعله واختراقه للقوانين ، فصاح بجمود :
-قولي أتصرف ازاي !

توجس الرجل خيفة أن يراهما غيره على تلك الحالة فيتعرض للمشاكل والمساءلة القانونية . لذا هتف بنزق وهو يشير بيده :
-طب اطلع بيها من الطرقة اللي هناك دي ، هتوديك على سلم جانبي بتاع الطواريء ، انزل منه لتحت ماشي ، هتلاقي نفسك في الشارع بس من ورا ! واتصرف بقى انت من هناك !

رد عليه منذر بإيجاز :
-متشكر
-بسرعة بس الله يكرمك ، مش عاوز حد يشوفك هنا
-حاضر
اتجه بعدها منذر بخطى سريعة نحو الرواق لينفذ ما قاله الأخير.
.................................

بعد لحظــــات كان منذر خـــارج المشفى من بوابتها الخلفية.
راقب الطريق جيداً ليتأكد من خلوه من المارة ، ثم هرول بأسيف نحو سيارته التي كانت مصفوفة على الجانب.
حمد الله في نفسه أنه ركنها في المكان المناسب حتى لا يثير الشبهات حوله ، فهو في غنى عن أي مشاكل حالية.
ثم تلفت حوله بنظرات خاطفة وشمولية فتأكد من هدوء الأجواء.
وبحرص متأني أنزل أسيف لتقف على قدميها دون أن يرخي ذراعه عنها وضمها إليه بقوة حتى لا تفلت منه.
مالت هي برأسها على صدره ، وشدد هو من قبضته عليها حتى يتمكن من فتح باب السيارة باليد الأخرى .

تحرك خطوة للخلف ، ثم فتح الباب على أشده ، ووضعها برفق على المقعد الأمامي. انحنى للأسفل ليضم ساقيها معاً بداخلها .
أخرج زفيراً قوياً من صدره وهو يعتدل في وقفته ، وصفق الباب بقوة متمتماً مع نفسه بتبرم :
-كملها معانا بالستر !

دار سريعاً حول السيارة ليركب إلى جوارها ، وقبل أن ينطلق بها بحث عن نظارته الشمسية ليضعها على وجهها حتى إذا توقف في إشارة مرورية ما لا يرى أحد ما بها.

................................................
ولــــج ديـــاب إلى الوكالة وهو ينهي مكالمة هاتفية مع أحد العملاء.
نظر في اتجاه والده ، ولوح له قائلاً بإبتسامة باهتة :
-سلامو عليكم يا حاج

رد عليه أباه بعبوس :
-وعليكم السلام

تفرس دياب في ملامحه ، وسأله بفضول مريب :
-في ايه يا حاج ؟ في حاجة مضيقاك ؟

أجابه طـــه بتجهم :
-مستني أشوف أخوك منذر عمل ايه مع قريبة عواطف !

هز رأسه قائلاً بعدم اكتراث :
-أها ، طيب

تابع والده مردداً بتوجس ملحوظ :
-اتأخر ومكالمنيش لحد دلوقتي !

جلس ديــــاب على المقعد ، وأشعل سيجارته لينفث دخانها في الهواء ثم رد عليه ببرود :
-طب ما تطلبه !

ضغط طـــه على شفتيه متمتماً بمضض :
-مش عاوز أزهقه ، هو رايح عندها بالعافية !

تابع ديـــاب حديثه بنبرة فاترة ، وهو ينفض بقايا السيجارة المشتعلة بسبابته :
-اسأله يا أبا ، عادي يعني !
-شوية كده ، وهاكلمه

ثم انتبه لرنين هاتفه المحمول المسنود على سطح المكتب ، فالتقطه سريعاً ليهتف بحماس وهو يدقق النظر في اسم المتصل الظاهر على الشاشة :
-الحمدلله هو بيتصل !

ابتسم له دياب ، وأومأ بعينيه ليجيب عليه.
لم يتردد والده في الرد ، فهتف متساءلاً بإهتمام :

-ايوه يا منذر انت فين ؟

رد عليه ابنه بصوت متحشرج :
-في مصيبة حصلت يا حاج

انتصب طــــه في جلسته ، وتساءل بقلق :
-يا ساتر يا رب ، البت جرالها حاجة ؟

أجابه منذر بتجهم :
-لأ ، بس كان هيجرالها لولا وجودي

هتف فيه أباه بقلق وقد تجمدت أنظاره :
-لأ احكيلي بالراحة حصل ايه !

تابع ديـــاب الحوار الدائر بينهما بإهتمام رغم عدم فهمه لمعظمه ، خاصة أنه لاحظ تبدل تعابير وجهه المجهد إلى الشدة والضيق.

أضـــاف منذر بضجر :
-المشكلة دلوقتي انها معايا في العربية وآآ... وغميانة !

هتف أباه بنزق وقد هب واقفاً :
-معاك ؟ وغميت ليه ؟

أجابه منذر بتجهم :
-هاوضحلك بالتفصيل ، بس أنا محتاج أبعد بيها عن المستشفى ، لو فضلت فيها قريبهم المجنون هياخدها !

رد عليه طـــه بحيرة وقد ضاقت نظراته :
-أنا مش فاهم حاجة ، تعالى على الوكالة !

صاح به منذر بنفاذ صبر :
-بأقولك يا حاج هي معايا ومش في وعيها !

رد عليه طـــه بعجالة :
-طب اطلع على بيت عمتها

اعترض منذر قائلاً بجدية :
-بمنظرها ده مش هاينفع !!

صمت والده ليفكر سريعاً في حل مناسب للتعامل مع ذلك الموقف.
طرأ بباله شيء ما ، فهتف فجــأة دون تردد :
-أقولك ، اطلع على أمك ، وأنا هاجيبك هناك !
-ماشي
قالها منذر وأنهى معه المكالمة فقد بدا مقتنعاً بذلك الاقتراح المؤقت.

تساءل دياب بنبرة مهتمة :
-في ايه يا أبا ؟

أجابه طـــه بغموض وهو يلملم أشيائه :
-باين مشكلة كبيرة مع أخوك وأنا رايح أشوفها !

رد عليه دياب بجدية :
-طب طمني !

أشـــار له والده بعكازه قائلاً بصرامة :
-ماشي ، خليك بس في الوكالة

رد عليه دياب بفتور :
-أنا قاعد ، هاروح فين يعني !

اندفع بعدها الحاج طـــه إلى خـــارج الوكالة وهو يفكر فيما أبلغه به ابنه ليتعامل مع المسألة بحكمة وروية .
........................................

عودة للوقت الحالي ،،،،
لطمت جليلة على صدرها بعد أن سمعت ما سرده ابنها منذ وصوله للمشفى حتى اللحظة الحالية.
اتسعت مقلتيها ، وهتفت مصدومة وهي ترمقه بنظرات غير مريحة :
-يا نصيبتي ! وهو احنا ناقصين بلاوي يا ابني !

نظر نحوها هاتفاً بقلة حيلة :
-يعني كنت هاعمل ايه ؟

صاحت فيه متوجسة :
-عاوز الناس تقول عننا ايه يا منذر وهما شايفينك داخل البيت بواحدة غريبة ومش دريانة بالدنيا ؟!

رد عليها بحدة غير عابيء بأقاويل الأخرين وهو يلوح بيده :
-اللي يقول يقول ، ميهمنيش حد !

استنكرت عدم اكتراثه ، واستدارت بجسدها لاطمة برفق على صدغيها ومغمغة بقلق :
-يا خوفي من كلام الناس ، دول ما هيصدقوا ، اه هيفضلوا يجيبوا في سيرتنا ويبوظوا سمعتنا وآآ...

قاطعها منذر هادراً فيها بإنفعال بعد جملتها الأخيرة التي استفزته :
-هو أنا جايبها شقة مفروشة ! ده بيت عيلة ، في ايه يا أماه ؟!

ضغطت جليلة على شفتيها قائلة بإزدراء خافت:
-هو بيفهموا كده ! الناس مالهاش إلا الظاهر !

تحرك منذر مبتعداً عنها فقد اكتفى بما مر به خلال ذلك اليوم العصيب.
سلطت هي أنظارها عليه ، وهتفت متضرعة وهي ترفع كفيها للسماء :
-استرها يا رب معانا وعديها على خير ، واكفينا شر المستخبي ................................ !!
............................................

Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 10-11-17, 04:28 PM   #188

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9




الفصل الحادي والعشرون :

اتجهت عاملة نظافة الغرف الملتحقة بالعمل في ذلك الفندق إلى موظفة الاستقبال لتحصل منها على إذن رسمي يسمح لها بالدخول إلى الغرف الغير مشغولة لتنظيفها كما هو معتاد ، وخصوصاً غرفة ما بعينها.

أشارت لها الموظفة بعينيها متساءلة بنبرة عملية :
-انتي متأكدة ؟

أجابتها العاملة مؤكدة :
-ايوه حضرتك ، هما بقالهم يومين مش موجودين ، والأوضة محتاجة تتروق ، والملايات تتغير ، وآآ..

قاطعتها الموظفة بجدية :
-اوكي اعملي شغلك وروقيها ، وأنا هاشوف مع المدير هانتصرف معاهم ازاي

أومـــأت العاملة برأسها مرددة بهدوء :
-ماشي ، عن اذنك
-اتفضلي

انصرفت بعدها العاملة لتسحب عربة التنظيف الخاصة بها ، واتجهت نحو المصعد لتواصل عملها في تنظيف الغرف بالطوابق العليا.
بعد برهة ، وصلت إلى الغرفة المنشودة.
فتحتها بإستخدام النسخة الإلكترونية الاحتياطية التي بحوزتها ، وولجت إلى الداخل.
كان كل شيء كما تُرك منذ أكثر من يومين ، فبدأت هي في تنظيم وترتيب الشراشف ، ثم غيرت المناشف القطنية بأخرى جديدة.
لفت أنظارها الحقائب المفتوحة ، فعمدت إلى إلقاء نظرة سريعة على محتوياتهم قبل أن تغلقهم. ولكن وقعت أنظارها على كيس بلاستيكي داكن.
دفعها فضولها لإختلاس النظر إلى ما به. وبالفعل فتحته بحذر شديد.
اتسعت حدقتيها في إندهاش عجيب ، وسيطر على حواسها رغبة طامعة، لقد كان الكيس يحتوي على أموال كثيرة.
ازدردت العاملة ريقها بتوتر كبير ، وحدثت نفسها قائلة :
-كل الفلوس دي معاهم !! تيجي ازاي وهما شكلهم كُحيتي !

عضت على شفتها السفلى ، وبرقت عيناها بوميض غريب. سريعاً ما اتسعت ابتسامتها الخبيثة لتحدث نفسها بطمع :
-مش هيجرى حاجة لو أنا خدت الفلوس دي ، ولا من شاف ولا من دري !!!!!

هزت رأسها نافية محاولة إقناع عقلها بالعكس :
-لالالا ، أنا ممكن أتمسك وأروح في داهية لو اتعرف إني أخدتهم !

لعب شيطان رأسها بها ، ووسوس لها أن تأخذ ما لا تستحقه.
بدا الطمع جلياً على نظراتها إلى تلك النقود ، وفي الأخير استسلمت لإغرائه ، وسحبت كيس النقود بالكامل ، وأفرغت ما به ، ثم دسته في عربة التنظيف بعد أن لفت الأموال بملاءة متسخة حتى لا تلفت الأنظار إليها.
أسرعت بإتمام عملها وهي تتصبب عرقاً من فرط التفكير في طريقة تمكنها من إخراج النقود من الفندق دون أن تثير الشبهات أو الريبة حولها.
تعمدت ترك الحقائب كما هي حتى لا يظن أي شخص أنه تم التلاعب بها ، ووضعت بالكيس البلاستيكي إحدى قطع الثياب المتسخة ليبدو حجمها طبيعياً.

تنفست العاملة بعمق لتضبط إنفعالاتها قبل أن تخرج من الغرفة ويفتضح أمرها. ثم أسرعت بمواصلة تنظيف بقية الغرف وهي تمني نفسها بتحقيق أحلامها بأموال غيرها.
................................

بقي منـــذر بالصــالة جالساً بإسترخاء على الأريكة مترقباً وصــول أبيه للحديث معه.
بالطبع لم يسلم من غمزات ولمزات والدته المنزعجة من تهوره بإحضار تلك الغريبة إلى منزلهم محطماً كل القواعد والتقاليد والأصول التي تربوا عليها.
طلب منها بهدوء وهو يطالعها بنظرات حادة :
-طُلي عليها يا أماه

ردت عليه بإكفهرار بائن :
-عاوزني اعملها ايه؟

مال للأمام بجسده ، وتجمدت أنظاره عليها ، ثم أجابها وهو يضغط على شفتيه بضيق :
-اكسبي فيها ثواب ، دي غلبانة ويتيمة !

لوت فمها للجانبين بحركة مستنكرة وهي تضيف بضجر :
-لا حول ولا قوة إلا بالله ، أمري لله ! أما نشوف هترسى على ايه في الأخر !

لم يقل المزيد ، وأعاد ظهره للخلف وهو يحدث نفسه بحيرة :
-محدش عارف ايه اللي جاي !
..................................

كان يتناول الطعام بفتور غير مهتم بما يدور حوله من ثرثرات فارغة ، فقد كان باله مشغولاً بالتأكد من ذلك الخبر الخطير.
جاءته البشرى من أحد جواسيسه الذين جلسوا إلى جواره ، وانحنى عليه برأسه ليهمس له :
-طلع الكلام صح يا كبير

توقف مجد عن ابتلاع الطعام ، والتفت ناحيته بوجهه الصارم ليسأله بإقتضاب :
-اتأكدت ؟

هز المسجون رأسه بالإيجاب قائلاً بحماس خفي وهو يجاهد لإخفاض نبرة صوته :
-ايوه ، اسمك طلع في الكشوفات ، وقريب أوي هتخرج من هنا يا معلمنا

انفرجت شفتي مجد لتبرز أسنانه الصفراء من خلفها ، وربت على كتف جاسوسه بإعجاب ، ثم استدار عائداً برأسه ليحدق أمامه بنظرات مظلمة.
أردف قائلاً بغموض مخيف :
-وأنا مستني اليوم ده من زمان أوي عشان أصفي حساباتي القديمة كلها !
.........................................

تحركت جليلة بخطى ثقيلة نحو غرفة ابنتها أروى لتتفقد أحوال تلك الغريبة النائمة على سريرها.
اقتربت من الفراش وهي تتفرس في شحوبها الحزين ، وسكونها المقلق. دققت أكثر النظر في ملامحها البسيطة ، فلاحظت جمالها البسيط ، وضعت إصبعيها على طرف ذقنها ، وتمتمت مع نفسها بإمتعاض وهي تمصمص شفتيها:
-صحيح شكلك حلو بس حظك وحش !

جلست على طرف الفراش إلى جوارها ، ومدت يدها لتمسح على وجنتها الباردة برفق.
رأت تلك العبرات العالقة بأهدابها فأشفقت عليها نوعاً ما .. فهي لا تزال شابة صغيرة ، ملامحها تشير إلى ضعفها ، وخذلان الحياة معها ، ربما هي لم تكن سوى تعيسة حظ عاندتها المقادير وألقتها في أصعب الطرق وأقساها.

أزاحت الغطاء عنها قليلاً لتجد ثوبها مهدلاً شبه ممزق ، ومتسخ. فتبدلت تعابيرها للضيق والتأفف.
همست لنفسها بعزم :
-انا هاشوفلك جلابية عندي كده ولا قميص بيت طويل بدل الهدوم دي ، مش هاتفضلي نايمة بيهم !

وبالفعل اتجهت إلى غرفتها لتسحب من خزانة ملابسها إحدى عباءاتها المنزلية لتعيرها لتلك اليتيمة.
انتقت عباءة ملائمة لها ، ثم أغلقت الضلفة.
توقفت في مكانها تفكر في شيء أخر ، وهمست بحسم :
-ايوه ، أما أعمل كده ، هي بردك محتاجة شوية نضافة !

راقب منذر والدته وهي تتحرك بغموض في أرجاء المنزل تحضر بعض الأشياء دون أن تصرح بأي شيء.
أراد أن يستفسر منها عما تفعله ولكنه خشي أن يزعجها أو يثنيها عما تفعل خاصة حينما رأها تلج لغرفة أروى أكثر من مرة.

عادت جليلة للغرفة ومعها صحن مليء بالمياه الساخنة ومنشفة قطنية صغيرة لتستخدمها في تنظيف وجه أسيف وكفيها.
عمدت أولاً إلى نزع ثوبها عنها ، فرأت ما بذراعها من خدوش وأثار جروح سطحية ، فعبس وجهها ، وهزت رأسها هاتفة بإستنكار :
-ده مين المفتري اللي عمل فيكي كده ! معندوش قلب ولا رحمة !

نظفت جروحها بلطف ، وأزاحت حجاب رأسها عنها.
وبرفق شديد ألبستها عباءتها المنزلية ولفت حول رأسها ما يشبه عُصابة الرأس.
راعت جليلة أن تكون الألوان داكنة مراعاة لشعورها الحزين بفقدان أمها.
وما إن انتهت حتى أعادت تغطيتها ، ثم خرجت من الغرفة وهي تنفخ بإنهاك.
أقبل عليها منذر متساءلاً بفضول :
-ايه اللي أخرك جوا يامه ؟

أجابته بنبرة متعبة :
-مش عقبال ما غيرتلها ونضفتلها وشها وايديها وجسمها

هز رأسه بحرج ، وأخفضت نظراته نوعاً ما وهو يفرك رأسه بكفه ، بينما تابعت هي بسجيتها :
-البت يا نضري مافيهاش نفس تتحرك أصلاً ، ده غير ما شكلها هفتان وسوفيفة ولا فيها شحم ولا آآ...

قاطعها قائلاً بصوت شبه متحشرج :
-مافيش داعي يامه للتفاصيل دي !

هتفت والدتها قائلة بإشفاق :
-أنا بأفكر أعملها شوربة خضار ولا فراخ حاجة تتقوت بيها كده

ابتسم منذر لتبدل حال والدته من الضيق إلى الرفق واللين ، وهتف مشجعاً إياها :
-وماله ، اللي يطلع من ذمتك أنا راضي بيه !

تعجبت هي من ابتسامته الغريبة ، وهتفت مستنكرة عفويته :
-ليك نفس تضحك ؟!

تجمدت تعابير وجهه ، ورد عليها متذمراً :
-هو أنا عملت حاجة !

نظرت إليه بقلق وهي تجيبه معللة :
-الخوف من اللي جاي يا بني ، محدش بيسيب حد في حاله !

أخذ نفساً عميقاً ، وزفره دفعة واحدة ليجيبها بتبرم :
-أنا عارف ده كويس ، وإن شاء الله خير
-يا رب

في نفس الأثناء فتح الحاج طــــه باب منزله ليلج سريعاً للداخل وهو يتساءل بإهتمام :
-ها يا بني ؟ عملتوا ايه ؟

ردت عليه جليلة بعتاب جاد وهي تتحرك صوبه :
-مش تقول الأول سلامو عليكم يا حاج

أشـــار لها طه بعكازه قائلاً بصوت شبه لاهث :
-معلش يا جليلة عقلي مش فيا دلوقتي !

نظرت إليه وإلى ابنها البكري بنظرات ذات مغزى وهي ترد بغموض مريب :
-ايوه ، ماهو باين عليك انت وابنك !

لم يفهم أحدهما المقصود من نظراتها تلك لذلك لم يعطياها أي اهتمام.
تساءل طـــه مجدداً بجدية :
-البت جوا ؟

أجابه منذر بصوت آجش محركاً رأسه بالإيجاب :
-اه يا حاج ، وأمي عملت معاها الواجب !

أشار له والده محذراً بسبابته :
-مش لازم تفضل هنا كتير ، كده غلط

رد عليه منذر بتفهم :
-ما أنا عارف يا حاج الأصول كويس !

ثم قست نبرته وهو يكمل :
-بس كنت هاتصرف إزاي وقريبها الحيوان ده مستقوي عليها وآآ...

قاطعه أباه قائلاً بتوجس :
-ده موال لوحده ، احنا محتاجين نفكر هنتعامل معاه ازاي ، اللي زي الناس دي مش سهل يسيبوا حقهم
-عندك حق

استأنف طه حديثه بصرامة أشد وهو يشير بعينيه :
-قَبَلة ( الأول ) بس كلم عمتها تيجي هنا ، لازم تعرف ان بنت أخوها عندنا !

هز رأسه قائلاً بإيجاز :
-ماشي!

فتح ديــــاب باب المنزل قائلاً بصوت مرتفع :
-سلامو عليكم !

استدار الاثنان نحوه متعجبين من وجوده في ذلك التوقيت.
تساءل طـــه بنزق :
-ديـــــاب !! خير يا ابني ؟ رجعت بدري ليه ؟ في حاجة حصلت ؟

أجابه ابنه بفتور وهو يهز كتفيه :
-عادي يعني ، أنا قولت أريح شوية وأشوف الواد يحيى ، هو في حاجة ؟

أجابه طــــه بتجهم كبير :
-اه في !

قطب دياب جبينه متساءلاً بإهتمام قليل :
-خير
...................................


جلس على القهوة الشعبية المقابلة لذلك الفندق المتواضع ووجهه ينذر بما لا يحمد عقباه .
فقد تمت إهانته والتحقير من شــأنه وكأنه نكرة بسبب ذلك الغريب الذي انتزع أسيف من بين يديه كما لو كانت صيداً سهلاً . أخذ الأمر على عاتقه واعتبرها مسألة كرامة ورد اعتبار.
أسند العامل بالقهوة قدح الشاي الساخن ، وإلى جواره الأرجيلة ، ثم اعتدل في وقفته متساءلاً بنبرة عملية :
-تؤمر بحاجة تانية يا شيخنا ؟

نظر له الحاج فتحي شزراً وهو يجيبه بإزدراء :
-لأ !

هـــز العامل رأسه بإيماءة واضحة وهو يتحرك مبتعداً صائحاً بنبرة مرتفعة :
-ايوه جـــــــاي !

تأمل الحاج فتحي أوجـــه المارة بنظرات فاترة ، فتفكيره منصب حالياً على أمر واحد وهـــام. ولن يحدْ عنه أبداً مهما كلفه الأمر.
أخرج من جيبه ورقة صغيرة مطوية ، وحدق فيها بنظرات مطولة ، فقد دَوَّن فيها عنوان المنطقة الشعبية القاطنة بها عمة أسيف المزعومة ، والذي استطاع الحصول عليه من استعلامات المشفى التي أعطته بيانات الجهة التي وفدت منها سيارة الإسعاف.
لمعت أسنانه بشراسة وهو يسب قائلاً :
-كلها شوية وهتعرف قيمتك يا ....... !!
.................................

كلف الحاج طــــه ابنه ديـــاب بالذهاب فوراً إلى منزل عواطف ليبلغها بوجود ابنة أخيها بمنزلهم ويحضرها معه.
قبل الأخير بالمهمة على مضض ، ولكن ليس أمامه خيار أخر ، فأخاه منذر تولى مهمة استدعاء طبيب العائلة للكشف على أسيف لتفقد صحتها ، كما وجب عليه البقاء بالمنزل تحسباً لوقوع أي طاريء فيتصرف على الفور.

تحرك دياب بسيارته في اتجاه البناية القاطنة بها عواطف ، وصف السيارة بالأسفل ، ثم اتجه صاعداً للأعلى .

لم ينكر أنه فكر للحظات في بسمة ، والسؤال عن أحوالها ، لكنه نفض الفكرة سريعاً عن رأسه واكتفى بتنفيذ أمر والده.
.........................

-حاضر، جاية أهوو
هتفت بها عواطف بصوت مرتفع وهي تسحب حجاب رأسها المنزلي لتلقيه على رأسها لتتجه بعدها إلى باب منزلها.
فتحته فوجدت دياب واقفاً على عتبته ، أمسكت طرفي حجابها بيد واحدة ، وابتسمت بتكلف وهي تقول :
-أهلاً بيك يا سي دياب ! اتفضل !

أشــار لها بكفه قائلاً بجدية :
-متشكر ، بس أنا عاوزك في موضوع مهم

استنكرت وقوفه على عتبتها قائلة بعتاب :
-من على الباب كده ، مايصحش أبداً

رد عليها بإقتضاب :
-معلش

ثم شدد من نبرته وهو يقول :
-من غير ما أضيع وقت ، الموضوع يخص بنت أخوكي !

شهقت قائلة بخوف وهي تضرب على صدرها :
-مين ؟ أسيف !

أومــأ برأسه قائلاً بثبات :
-ايوه ، فيا ريت تلبسي وتيجي معايا !

هتفت متساءلة بتوجس وهي تبتلع ريقها :
-البت حصلها حاجة ؟

هز رأسه نافياً مجيباً إياها بغموض :
-لأ ، بس هي عندنا !

خفق قلبها من عبارته ، واتسعت حدقتيها في ذهول ، ثم رددت بنزق :
-عندكم فين ؟!!!

أجابها بهدوء حذر بعد أن لاحظ تبدل تعابير وجهها للخوف :
-هافهمك في السكة !

هزت رأسها بإيماءات متتالية وهي تردد بتخوف :
-حاضر يا ابني ، اديني بس 5 دقايق ألبس فيهم
-ماشي ، وأنا هستناكي تحت !
قال تلك العبارة وانصرف بعدها تاركاً إياها في حالة تخبط وحيرة.
تساءلت مع نفسها بعدم فهم وهي مسرعة في خطواتها :
-ايه اللي ودا بنت أخويا عندهم ؟ سترك يا رب

ارتطمت دون وعي بإبنتها التي تعجبت من حالة الصدمة البادية عليها ، وسألتها بفضول :
-خير يا ماما ؟ في حاجة ؟

دفعتها من كتفها لتمرق لداخل غرفتها قائلة بإرتياب :
-رايحة أشوف المصيبة اللي حلت علينا

زاد فضول نيرمين لمعرفة التفاصيل عقب تلك العبارة الغامضة ، وتبعت والدتها مرددة بتساؤل :
-مصيبة ايه دي ؟

فتحت ضلفة الخزانة لتجذب أقرب عباءة طالتها يدها ، وأجابتها بحدة :
-معرفش ، محدش يكلمني السعادي !!

تقوس فم نيرمين بضجر بسبب رد والدتها الفظ ، وهتفت قائلة :
-الله ! مش أفهم طيب في ايه

دفعتها أمها مجدداً من كتفها قائلة بتبرم :
-وسعي يا نيرمين !

ظلت أنظار ابنتها معلقة بها والفضول يأكلها لتفهم طبيعة الأمر.
التفتت عواطف برأسها نحوها لتأمرها بجدية وهي تشير بسبابتها :
-خدي بالك من أختك لحد ما أرجع تاني ! سامعة

لحقت بها نيرمين متساءلة بإستغراب :
-طب أفهم انتي لابسة كده ليه ورايحة فين بالظبط ؟

لوحت لها بذراعها وهي تقول :
-بعدين .. بعدين !

هرولت عواطف في اتجاه الباب وصفقته خلفها بقوة ، بينما توقفت نيرمين في الصالة مرددة بسخط :
-جرالها ايه ؟!!!
......................................

أبلغ الطبيب الحاج طـــه بالحالة النفسية السيئة لأسيف ، ونصحه بضرورة المتابعة مع طبيب متخصص خلال الأيام التالية ريثما يكتمل شفاؤها على خير.
شكره الأخير ، وأعطاه أجره قائلاً بإقتضاب :
-ربنا يسهل

ثم التفت لإبنه منذر وتابع بصوت آمر :
-وصله يا ابني

رد عليه منــذر بعبوس :
-حاضر !

تأكدت جليلة من انصراف الطبيب لتخرج إلى زوجها من غرفتها متساءلة بنبرة مهتمة :
-قال ايه الضاكتور ؟

أجابها بتجهم :
-البت حالتها ماتسرش !

ردت عليه قائلة بإشفاق :
-ماهو باين عليها !

ثم أخفضت نبرتها لتتساءل بجدية أكبر :
-وهنعمل ايه معاها ؟ مايصحش تفضل هنا والبيت في عُزاب وآآ...

قاطعها طه قائلاً بتجهم وقد قست تعابير وجهه :
-عارف يا جليلة من غير ماتقولي ، وأديني بأتصرف بالأصول

أشارت بحاجبيها قائلة بإرتياح :
-وماله يا حاج ، الأصول ما تزعلش حد !
.......................................
لاحقاً ،،،،
سرد منذر من جانبه ما دار بالمشفى وما تبعه من تطور للأحداث ومشادات كلامية حادة وبوادر اعتداءات عنيفة من قبل من يدعى الحاج فتحي على ابنه أخيها ، فتفهمت عواطف الدوافع التي دعته للتصرف بتلك الطريقة الجادة معها.
بكت متأثرة لعجزها عن فعل أي شيء لها ، وهتفت قائلة بصوت مختنق :
-كتر خيرك يا سي منذر

ثم جابت بأنظارها وجوههم متابعة :
-والله أنا ما عارفة من غيركم كان ممكن يحصلها ايه

رد عليها طـــه بجدية وهو يرمقها بنظرات صارمة :
-مش وقت شكرانية والكلام ده ، احنا عندنا مشكلة مع قريبها ، وواضح كده إن مخه جزمة !

أضافت عواطف قائلة بنبرة بائسة :
-أنا معرفوش الصراحة !

رد عليها منذر بتهكم :
-هي معرفة ماتسرش !

أسندت جليلة صينية المشروبات الباردة مرحبة بالضيفة وهي تقول بود :
-مدي ايدك يا عواطف وبلي ريقك

ردت عليها وهي تنتحب بصوت متحشرج :
-هو الواحد ليه نفس لحاجة بعد اللي سمعته !

ربتت جليلة على كتفها مواسية إياها :
-معلش ياختي ، ربنا يصبرك ويعينك ، إنتي بردك عمتها وفي مقام أمها ، وبنتك في الحفظ والصون عندنا !

هزت رأسها لتضيف مجاملة :
-اكيد ، ما هو ده بيتها !

لم تعلق جليلة بالمزيد واكتفت بما قالته.

تساءل منذر بصوت قاتم وقد ضاقت نظراته :
-المهم هانعمل ايه في دفنة أمها ؟

نظرت إليه بحيرة مرددة :
-أمها

علل دياب قائلاً بهدوء :
-بإعتبارك المسئولة دلوقتي عنها !

صمتت لتفكر فيما صرح به الاثنين من حقائق غير قابلة للشك.
هي بالفعل عمتها الوحيدة ، وتعد بدرجة كبيرة من لها الحق في التصرف في الأمور العالقة وتقرير مصير ابنة أخيها الغير واعية.

تبادل الجميع نظرات حائرة ، فسكوت عواطف لا يبشر بخير على الإطلاق.
وفجـــأة هتفت عواطف بنزق وهي تجفف عبراتها بكف يدها :
-هتدفن هنا ، في التُربة بتاعتنا !

ضيق طــــه عينيه ليردد بإندهاش :
-تربتكم !

هزت رأسها بالإيجاب مؤكدة :
-ايوه ، و إكرام الميت دفنه !

ضغط طـــه على شفتيه قائلاً بحذر :
-صح ، ده المفروض يتم ! بس آآ...

قاطعته قائلة بحزن :
-أنا فاهمة اللي انت عاوز تقوله يا حاج طه ، بس محدش ليه ملك في روحه ، كله عند اللي خلقه دلوقتي !

استصعب الجميع مســألة دفن حنان في المقابر التابعة لعائلة عواطف ، وخاصة أنها تتحدث بالتحديد عن مقبرة والدتها عزيزة ، تلك التي كانت بينها وبين زوجها خورشيد وابنه رياض عداوات ثأرية وصلت للقتل.

استشعرت عواطف حرجهم من اقتراحها ، لكنه الأمن بل الأسلم حالياً لتضمن سلامة أسيف في الوقت الراهن.

هتفت هي قائلة بإصرار :
-ده اللي هايمشي ، وأنا مسئولة عن كده

رد عليها منــذر بحسم :
-طالما انتي شايفة كده فاعتبريه حصل !

أضــاف طــه مدعماً إياها :
-ماشي يا عواطف ، انتي عمتها وليكي كلمتك بردك !

تدخل دياب في الحوار قائلاً بعزم :
-وأنا هاتفق مع الفراشة وهخليهم ينصبوا الصوان عند بيتك !

تشكل على ثغرها ابتسامة باهتة بعد موقفهم الرجولي معها ، وشكرتهم ممتنة :
-ربنا يباركلكم يا رب ويجازيكم خير ، وما يوريكم حاجة وحشة أبداً

ردت عليها جليلة مجاملة :
-هو احنا عملنا حاجة يا حبيبتي ، ده كلنا أخوات ولازماً نقف جمب بعض !

ردت عليها عواطف ببكاء خفيف :
-الناس الجدعة مش بتبان غير وقت الشدة ، وأنتو ولاد أصول والجدعنة والشهامة في دمكم

وافقتها جليلة في رأيها وهي تنظر إلى زوجها وابنيها بتفاخر :
-اه والله ، تسلمي يا عواطف !

ترددت عواطف للحظة في طرح سؤالها ، ثم استعادت ثباتها الزائف لتقول بإرتباك ملحوظ :
-هو .. هو أنا ممكن أشوف بنت أخويا ؟

ردت عليها جليلة بتلهف :
-اه طبعاً ، هو انتي محتاجة تستأذني !

أضـــاف طه قائلاً بترحاب :
-اتفضلي يا عواطف ، ده بيتك

ابتلعت ريقها وهي تقول :
-متشكرة ، بس آآ..آآ.. عاوزة أخدها معايا البيت

وافقها طه في رأيها قائلاً بجدية وهو يوميء بعينيه :
-حقك ، انتي عمتها ، والصح تفضل في بيتك انتي

لم يعقب أي أحد على كلمته الأخيرة ، فقد كان صائباً في رأيه من وجهة نظرهم ، والأفضل أن يتم الالتزام بماهو معروف ومتبع.
.....................................

توقفت حافلتي أجرة من الحجم المتوسط أمام القهوة الشعبية ليترجل منها عدد من الرجال ذوي الأعمار السنية المختلفة ، لكن أغلبهم من كبار السن .
ابتسم الحاج طه لنفسه بتفاخر ، ثم أخفى بسمته ليحل بديلاً عنها التجهم ، وصاح مهللاً :
-حمدلله على السلامة !

دنا منه أحدهم ليرد بنبرة شديدة الجدية :
-الله يسلمك يا حاج فتحي !

صافحه الأخير بود كبير ، استطرد الحاج اسماعيل حديثه قائلاً بصرامة وهو يرمقه بنظرات لا تبشر بخير :
-قولنا فين مكانها يا حاج فتحي !

رد عليه الأخير بعبوس :
-أنا معايا العنوان ، جبته من استعلامات المشتشفا

ضيق الحاج اسماعيل من نظراته لتصبح أكثر شراسة ، وهتف قائلاً بإصرار مخيف :
-كويس ، واحنا مش ماشيين إلا وبنت رياض معانا ...................................... !!!!!!
...........................................


noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 10-11-17, 04:29 PM   #189

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثاني والعشرون ( الجزء الأول ) :

تحركت حافلتي الأجرة في إتجاه العنوان المنشود لبدء المواجهة الحامية مع من تجرأ على أحد كبار قريتهم الحاج فتحي.
بالطبع لم يكن ليتركوا ثأره - والذي اعتبروه أمراً يخصهم هم كذلك - دون الأخذ به ، واسترداد ما سُلب منه بالإجبار والقوة.

شعر الحاج فتحي بالإنتشاء لوجود عزوته حوله ، وحدث نفسه مهدداً وهو يكور قبضة يده بعنف :
-هادفنك مطرح ما انت واقف !
.................................

مـــدت يدها لتمسك بكفها المسنود إلى جانب جسدها النائم ، واحتضنته براحتيها ثم ربتت عليه برفق كبير.
أدمعت عيناها متأثرة ، وأخذت نفساً عميقاً لتسيطر على نوبة بكائها المهددة بالبدء في أي لحظة.
نهج صدرها علواً وهبوطاً ، ورمقتها بنظرات مطولة أسفة مشفقة على حالها. مالت نحوها لتمسح على وجهها بنعومة هامسة لها بإعتذار :
-سامحيني يا بنتي ، حقك تشيليني الذنب ، بس والله ما كنت أعرف !

بقيت معها جليلة لبعض الوقت ، ثم انسحبت بهدوء لتترك لعواطف مساحة من الحرية لتتحدث مع ابنة أخيها دون شعور بالحرج .

تساءل طـــه بإهتمام وهو يراها تغلق الباب :
-ايه الأخبار يا جليلة ؟

دنت منه لتجيبه بصوت خفيض :
-أنا سبتهم مع بعض ، بس شكل عواطف مش هاتسيب البت تمشي ، وشها بيقول كده

أضاف بإقتضاب :
-يا مسهل !

ســألته جليلة بصوت خافت وهي توميء بعينيها :
-تحب أخش عندهم وآآ...

قاطعها قائلاً بجدية :
-لالالا .. خليهم على راحتهم ، وروحي انتي شوفي أروى ويحيى !

هزت رأسها بالإيجاب مرددة :
-حاضر يا حاج !

ثم أولته ظهرها ، ولكنها استدارت برأسها سريعاً لتسأله بإهتمام :
-تحب أعملك حاجة سخنة ولا أغرفلك تاكل يا حاج

لوح بعكازه نافياً :
-ماليش نفس !

لم تعقب عليه وأكملت سيرها.
اقترب طـــه من ابنه منــذر ، وأردف قائلاً بصوت صــارم :
-خلص كل حاجة لزوم الدفنة والعزا !

رد عليه منذر بثبات :
-اطمن يا حاج ، أنا كلمت معارفنا وخلصوها ، وشوية وهنروح نستلم الجثة ونطلع على التُرب !

سأله والده بإقتضاب :
-وتصريح الدفن ؟

أجابه مؤكداً :
-طلع خلاص !

ربت طـــه على كتفه وهو يرمقه بنظرات متفاخرة ، ثم تابع قائلاً :
-تمام يا بني !

أبعد يده عنه ، وضمها على كفه الأخر ليستند على رأس عكازه مردداً :
-ربنا يرحمها ويثبتها عند السؤال
-يا رب !

ثم استأنف حديثه بصرامة وقد ضاقت نظراته
-إدي أجازة للرجالة في الوكالة ، احنا مش هانكون فايقين للشغل ، وآآ...

اشتد غموض عيني منذر وهو يقاطعه بنبرة مخيفة نوعاً ما :
-اعتبره حصل ، أنا أصلاً محتاجهم معايا الليلة

فهم الحاج طـــه سريعاً المقصود من تلك الجملة الجادة ، ورد عليه معللاً:
-أها.. عشان الراجل قريب البت المجنون ؟

قست نظرات منذر وهو يرد مؤكداً
-بالظبط كده يا حاج !

زم طـــه شفتيه متمتماً بتوجس :
-ربك يسترها معانا
-يا رب ، هستأذنك يا حاج ، هاروح أتابع بنفسي اللي بيحصل
-ماشي يا بني ، وربنا يعينك

تحرك بعدها منـــذر في اتجاه باب منزله ليكمل ما لديه من أعمال معلقة.
بينما عاد الحاج طـــه إلى غرفته ليبدل جلبابه بأخر.
...................................

على الجانب الأخر ، جلس ديـــاب بغرفة ابنه يحيى ليقضي معه بعض الوقت.
تمدد على المقعد الموجود بالشرفة ، واستند بساقيه على حافة السور.
تساءلت أخته الصغرى أروى بفضول وهي محدقة به :
-ودي مين يا أبيه دياب ؟

أجابها دياب بضجر قليل :
-واحدة قريبة طنطك عواطف

تساءلت أروى بإهتمام أكبر وهي تكتف ساعديها :
-بس هي عيانة ليه ؟

نفخ من ثرثرتها المتكررة مردداً بإيجاز :
-معرفش !

تدخل الصغير يحيى في الحوار قائلاً ببراءة طفولية :
-ممكن أدوها حقنة في الكي جي وسخنت !

ردت عليه أروى بجدية بعد أن استدارت نحوه :
-الميس بتقول مناكلش سمك ولا بيض لما ناخد حقن !

نظر دياب إلى كليهما بإندهاش عجيب ، ورفع حاجبه للأعلى مستغرباً طريقتهما في الحوار ،
التوى ثغره للجانب ، و تمتم مع نفسه بإبتسامة متهكمة :
-وربنا انتو دماغو فاضية !

انتبه لصوت رنين هاتفه ، فأنزل ساقيه ليعتدل في جلسته ، ثم إلتقطه من على الطاولة وحدق في شاشته.
زفـــر بتأفف كبير بعد أن قرأ اسم طليقته السابقة ، وهو يقول بإشمئزاز :
-ودي عايزة ايه ؟!

ألقى بالهاتف على الطاولة ، وشبك كفيه خلف رأسه مردداً بضجر أكبر :
-استغفر الله العظيم ، واحدة تفور الدم !!!

تكرر اتصالها به ، فنفخ مجدداً ، واضطر مجبراً أن يجيب عليها .
أردف قائلاً بإزدراء وهو يقضم أطراف أظافره :
-خير !

ردت عليه بنعومة مصطنعة :
-مافيش إزيك يا ولاء ؟

بصق تلك البقايا العالقة بين شفتيه ، وأجابها بنفور وقد زاد عبوس وجهه :
-لأ ! في حاجة ؟

هتفت قائلة بنبرة هادئة نسبياً :
-ايوه ، كنت عاوزة أخد يحيى يقضي الويك إند معايا لأني احتمال أسافر السخنة !

رد عليها بتهكم ساخر :
-والله ! الويك إيند والسخنة ! وده من امتى ان شاء الله ؟

ثم أبعد الهاتف عن أذنه ليسبها بكلمات لاذعة :
-نسيت نفسها بنت الـ ...... !!

لم تسمع جيداً ما قاله ، فصاحت متساءلة :
-بتقول ايه يا دياب ؟

أجابها متجهماً :
-الواد عنده مدرسة ومش هاينفع !

هتفت معترضة بإصرار :
-احنا متفقين يجيلي أيام الأجازات ، أنا مقولتش هاخده أيام الدراسة مع إن ده من حقي !!!!

هب واقفاً من على مقعده ، فقد أغاظته جملتها الأخيرة وجاهد ليتمسك بعقله ويضبط انفعالاته قبل أن يثور بها .
قبض بأصابعه على حافة السور ، وضغط بشراسة عليها مردداً بحنق :
-حقك ؟!!!!

ردت عليه ببرود متعمدة استفزازه :
-ايوه ، أنا أمه مش مرات أبوه ، وحضانته معايا

صاح بها بصوت جهوري محتد :
-دلوقتي افتكرتي انك أمه !

هتفت قائلة بنبرة محذرة :
-دياب بلاش نفتح في القديم ، خلي يحيى ابننا بعيد عن أي خلافات بينا ، عاوزين نفسية الولد تكون كويسة

ضرب بعنف حافة السور بقبضة يده المتكورة ، وصاح بها بنفاذ صبر :
-لخصي !

استمع إلى صوت زفيرها وهي تصيح بحدة :
-ما أنا قولتلك عاوزاه يقضي الأجازة معايا ، أنا مسافرة يومين بس ومحتاجاه يغير جو معايا ويشوف مناظر جديدة ، مافيهاش حاجة يعني !

تجهمت نبرته أكثر وهو يضيف بسخط :
-أها ، هابقى أشوف

ســألته بهدوء :
-طيب أعدي أخده امتى ؟

أجابها بفظاظة متعمداً إهانتها :
-لأ متعديش ، محدش طايقك هنا !

اغتاظت من رده المستفز ، وضبطت نبرتها وهي تقول بصعوبة :
-ميرسي لذوقك

تابع قائلاً بإزدراء مهين :
-دي الحقيقة !

سألته بصوت حاد بعد أن فاض بها الكيل من استهزائه بها:
-طب هاخده إزاي ؟ ممكن تقولي !

أجابها بجمود :
-هابعتهولك مع واحد من السواقين

ردت عليه قائلة :
-اوكي !

ثم رققت من نبرتها لتكمل بنعومة :
-وعلى فكرة إنت ممكن تجيبه وتيجي عادي عندي ، احنا ممكن نعتبر نفسنا أصحاب وآآ....

قاطعها قائلاً بنبرة فجة :
-لأ مش عاوز أشوف خلقتك ، بتقفلي اليوم كله !

شهقت مصدومة من وقاحته اللامتناهية مرددة بنبرة مغلولة :
-نعم !

تابع قائلاً بإحتقار مسيء لشخصها :
-سلام بقى عشان مش فايق لقرفك ! كفاية كده !
..........................................

اتسعت حدقتي ولاء بغيظ كبير بعد أن أنهى دياب المكالمة معها تاركاً إياها تغلي من أسلوبه الفج المستفز لها.
نفخت قائلة بحنق وقد اشتعلت نظراتها :
-وقح وقليل الذوق !

كزت على أسنانها متابعة بتوعد شرس :
-بكرة تيجيلي زاحف يا دياب عشان خاطر ابنك ، وساعتها هردلك القديم والجديد !

ابتلعت شـــادية قطعة الحلوى التي كانت بيدها وهي تتساءل بهدوء :
-ايه اللي حصل ؟ متنرفزة كده ليه ؟

أجابتها بنبرة حـــادة :
-الزفت دياب بيطول لسانه عليا !

أخذت شادية تلوك بقايا قطعة الحلوى في فمها حتى ابتلعتها تماماً ، وردت عليها ببرود وهي تقف قبالتها :
-ده أخره معاكي ، مابيعرفش يعمل أكتر من كده ، سيبك منه

هتفت ولاء متوعدة بنبرة عدائية بعد أن فلتت أعصابها :
-أنا هاوريه ! مش هـآآ...

قاطعتها أمها بلؤم شيطاني وقد برقت عيناها بوميض مغتر :
-هاتي بس يحيى منه الأول وبعد كده هنعرفه إن الله حق !

صرت ولاء على أسنانها قائلة بنبرة محتدة :
-ماشي يا ماما !
....................................

بدأت أسيف تستعيد وعيها تدريجياً ، شعرت بثقل كبير في رأسها ، فتأوهت بأنين خفيض وهي تجاهد لفتح عيناها.
انتبهت لها عواطف ، وكفكفت عبراتها لتهمس بتلهف :
-بنت أخويا الغالي ، أنا جمبك يا ضنايا !

ركزت أسيف في ذلك الصوت المألوف الذي اخترق أذنيها رغم همسه ، والتفتت برأسها ببطء نحو صاحبته.
نظرت إليها بحزن عميق ، ثم تمتمت بصوت خفيض موجوع وعيناها تبكيان :
-سابوني وراحوا !

ردت عليها عواطف قائلة بحنو صادق رغم عدم فهمها لما قالته :
-متخافيش أنا معاكي ومش هاسيبك ، وإن شاء الله ربنا يقدرني وأعوضك عن اللي فات !!

إستندت أسيف بمرفقيها محاولة النهوض من نومتها ، فانتفضت عمتها واقفة لتعاونها ، ومدت يدها لتمسك بها من ذراعها وهي تقول بتلهف :
-بشويش يا بنتي !

أغمضت عيناها الدامعتين للحظة ، ثم عاودت فتحهما وهي تسند ظهرها على الوسادة.
انتحبت أكثر ، ووضعت إصبعها على طرف أنفها كاتمة لشهقاتها.

مسحت عواطف على ظهرها برفق مواسية إياها :
-شدي حيلك يا ضنايا !

رفعت أسيف رأسها للأعلى لتحدق فيها بنظرات خاوية.
ثم تلفتت حولها بإستغراب شديد متساءلة بصوت مختنق :
-أنا فين هنا ؟

أجابتها عواطف بنبرة مطمئنة وهي تحاول الابتسام لها :
-انتي عند جماعة قرايبي ، ودلوقتي هاخد وتروحي معايا بيتي ، عند عمتك حبيبتك يا غالية !

هزت أسيف رأسها معترضة قائلة بصوت مبحوح:
-أنا عاوزة أروح لماما ، هي لوحدها !

ضغطت عواطف على شفتيها مانعة نفسها بصعوبة من البكاء ، وهتفت بتفهم :
-هانروحلها ، وهتدفينها وتاخدي عزاها بنفسك

أجهشت أسيف بالبكاء المرير مرة أخرى ، وأخرجت من صدرها شهقة متآلمة صارخة بحرقة :
-آآآآه ، سابتني وراحت مع بابا

احتضنتها عواطف بذراعيها ، وضمتها إلى صدرها قائلة بتأثر :
-عيطي يا بنتي ، طلعي كل اللي جواكي !

هتفت أسيف بنشيج مخنوق:
-ليه كده يا ربي ، ليه أتحرم من أغلى الناس ؟

اعترضت عواطف على عدم تقبلها لمشيئة المولى قائلة بعتاب خفيف :
-متقوليش كده يا بنتي ، ده قضاء ربنا ، وإن شاء الله هيعوضك خير ! اصبري واحتسبي عند الله !

أغمضت هي عيناها قهراً ، وواصلت صراخها الموجوع :
-آآآآآآه

ضمتها عواطف أكثر ، وحاولت احتواء حزنها العصيب بكل ما استطاعت من عاطفة وحنو.
ظلت تمسح على كتفيها وظهرها ، وانحنت لتقبلها بعمق في جبينها لعلها تسكن آلامها الملتهبة.
هي اعتبرتها بمثابة ابنة أخــرى لها ، ولن تتخلى عنها أبداً ..
.........................................

اختلست جليلة النظرات بحذر شديد وهي تراقب كلتاهما دون أن تصدر أي صوت ، ثم استمعت لجزء من حوارهما ، وأسرعت بمواربة الباب قبل أن تلفت الأنظار إليها.

مصمصت شفتيها مستنكرة حالة الهذيان المسيطرة على تلك الفتاة ، وضربت كفاً بالأخر.
تساءل الحاج طــــه بإهتمام :
-ها فاقتك ؟

أجابته بإيماءة واضحة منها :
-اه يا حاج !

تساءل بجدية أكبر وهو يعقد ما بين حاجبيه :
-تفتكري هتبقى كويسة لو خدناها معانا التُرب ؟

حركت كتفيها بحيرة وهي تجيبه :
-مش عارفة ، بس شكلها مايطمنش يا حاج ، دي مقطعة نفسها من العياط !

تابع الحاج طــه قائلاً :
-أنا رأيي بلاش ، بدل ما يحصل زي ما حصل في المشتشفا !

وضعت جليلة يدها على طرف ذقنها مرددة بإعتراض :
-بس دي أمها والمفروض تحضر دفنتها وآآ...

قاطعها قائلاً بضيق :
-عارف ، بس انتي شايفة بنفسك !

وافقته الرأي هاتفة بتوجس :
-اه يا حاج ، البت مش مستحملة ، ده الواحد خايف تروح فيها

صمت ليفكر في أمر ما قليلاً ، ثم أشــار لها بكفه قائلاً بصوت جاد :
-خليها معاكي ، واحنا بعد الدفنة هناخدها على بيت عواطف !

هزت رأسها موافقة وهي تقول بإبتسامة باهتة :
-ماشي يا حاج ، اللي تؤمر بيه !
..........................................

وصلت الحافلتين قبل وقت قليل للمنطقة الشعبية ، وترجل منها الحاج فتحي ليبحث عن العنوان المطلوب.
وقعت عيناه على ذلك السرادق الذي يتم نصبه ، فتجهم وجهه وعرف تحديداً أين سيتواجه.
استدار برأسه ناحية الحاج اسماعيل مردداً :
-شكل ده البيت

استطرد الحاج اسماعيل حديثه قائلاً بصوت متصلب عدائي :
-أؤمر يا حاج فتحي واحنا نجيب عليه واطيه ، الرجالة جاهزين !

إشرأب الحاج فتحي بعنقه محاولاً البحث عن غريمه المنشود ، لكنه لم يره وسط المتواجدين بالسرادق وخارجه ، فرد عليه قائلاً بصوت مزعوج :
-مش وقته ، احنا هنستنى شوية لحد ما يجي البأف إياه !

تساءل الحاج اسماعيل بجدية :
-هو مش معاهم ؟

هز رأسه نافياً وهو يجيبه :
-لأ ، شكله لسه مجاش !

مط فمه ليضيف بعزم :
-طيب ، احنا معاك للأخر ، وماورناش حاجة إلا هو !

ربت الحاج فتحي على كتفه ممتناً ، وهتف صائحاً وهو يمرر أنظاره على بقية الرجال المتأهبين للمشاجرة :
-بينا يا رجالة هنقعد على القهوة اللي على الناصية دي شوية
.........................................

في وقت لاحق ،،،،
وُريت حنان الثرى ، ودُفنت في مقابر عائلة عواطف ، وتحديداً في قبر والدتها المتسلطة ، بحضور قلة قليلة ممن على صــلة بها ، تولى رجال عائلة حرب إنهاء كل شيء حسب العُرف المتبع .
بعدها عادت عواطف إلى منزل الحاج طـــه لتصطحب ابنة أخيها إلى منزلها حيث سرادق العزاء الذي تم إقامته بجوار البناية.
تم نصب أخر صغير على مقربة منه ، لكنه مغلق وخاص بالنساء ، وأشرفت على خدمة من به بعض العاملات المؤجرات للقيام بمثل تلك المهام.

ارتفع صوت ترتيل آيات القرآن الكريم بالأرجاء ، وبدأ قاطني المنطقة في الحضور لتقديم واجب العزاء.
ترأس قائمة متلقي العزاء الحاج طه ، ووقف إلى جواره ابنه دياب.
................................
-هاتروح العزا يا مازن ؟
تساءل مهدي بتلك العبارة موجهاً حديثه إلى ابنه الذي رد عليه بفتور :
-هي كانت قريبتنا لا سمح الله ، دي واحدة ولا نعرفها من الأساس ، فجأة عزا وصوان ومقرئين وكلام فارغ

انزعج أباه من رده المستفز ، ونهره قائلاً :
-انت مابتعملش خير أبداً

رد عليه غير مكترث :
-لأ ، لو كان من ناحيتهم مش عاوز

هتف والده بعبوس :
-أنا رايح أقوم بالواجب ، ماهو مش هيبقى احنا الاتنين

رفع مـــازن عينيه قليلاً ليقول ببرود:
-براحتك يا حاج

تمتم الحاج مهدي من بين شفتيه بسباب حاد وهو ينظر لابنه بإزدراء :
-تربية .......... مافيش فيك بركة !
.........................................

أحضر منــذر سيارته ، وأوقفها أمام مدخل بنايته منتظراً بترقب نزول أسيف مع عمتها.
بدلت الأخيرة ثيابها بعباءة سوداء أعارتها لها الحاجة جليلة.
بدت فيها نحيلة للغاية ، ومتهدلة على جسدها ، لكنها كانت الملائمة لمثل تلك الظروف الحزينة.

تجمدت أنظاره عليها ، ولم يستطع إبعاد عيناه عنها.
علامات الإنكسار والضعف الممزوج بالحزن كانت مسيطرة عليها كلياً.
كانت تسير بلا عقل ، تفكيرها شـــارد فيمن رحل عنها ، في مستقبلها المجهول ، مصيرها المقلق.
هي باتت بمفردها لا عائل لها ، تحملت مسئولية أكبر بكثير مما كانت تتوقعه.
تأبطت بذراعها عمتها الوحيدة ساحبة إياها نحو السيارة.
فتحت باب السيارة الخلفي ، ودفعتها بلا مقاومة للبقاء بالخلف ، وجلست هي إلى جوارها.
تساءل منذر بصوت آجش :
-نتوكل على الله ؟

أجابته عواطف بصوت هاديء ناظرة في إتجاه أسيف :
-اه يا سي منذر، وكتر خيرك على كل اللي بتعمله !

تحرك بالسيارة في اتجاه منزل عواطف والذي كان قريباً من بنايتهم . لمح بطرف عينه وهو يلج للمنطقة الشعبية حفنة من الرجال الغرباء المنتشرين على أغلب مقاعد المقهى.
دقق النظر فيهم بإهتمام ، وتفرس في ملامح وجوههم الغير مبشرة بقلق كبير.
بدا وكأنهم مجتمعين للقيام بأمر مريب ، كما كانت ثيابهم تشير لكونهم من بلدة ريفية.
طرأ بباله شيء ما ، واستطاع نوعاً ما تخمين هويتهم خاصة عندما التقطت عيناه أحدهم تحديداً ، والذي عرف هويته على التو فتجمدت تعابيره وجهه ، وقست نظراته للغاية.
بحذر شديد سحب هاتفه المحمول من جيبه ، وطلب أخاه قائلاً بصوت قاتم يحمل الغموض :
-جهز الرجالة يا دياب ، في عوأ هيحصل !

هتف دياب متساءلاً :
-قصدك قريب البت الـ آآ...

قاطعه منذر بصوت يوحي بالشراسة :
-أه هو ، ومش جاي لوحده

رد عليه دياب بثقة :
-واحنا جاهزينله
-ماشي
قالها منـــذر وهو ينهي معه المكالمة على عجالة ، لكن عيناه لم تحيدان أبداً عن الحاج فتحي الذي تشنجت قسماته حينما وقعت أنظاره مصادفة عليه .
عرفه فوراً ، وتحفزت كافة حواسه للهجوم عليه.
هب واقفاً من مقعده صائحاً بغلظة :
-يالا يا رجالة ، الدغوف جه برجليه هنا !

هتف الحاج اسماعيل بتوعد هو الأخر :
-وقعته سودة ، مش هايطلع عليه نهار ، بينا يا رجـــــــــــالة ............................ !!!
.............................................


Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 10-11-17, 04:34 PM   #190

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل الثاني والعشرون ( الجزء الثاني ) :

نهض ديـــــــــاب من على المقعد ، وانسحب بحـــذر شديد من سرادق العزاء متبادلاً مع رجـــاله نظرات غامضة ولكنها كانت مفهومة بالنسبة لهم.
إنتاب والده الريبة ، فقبض على معصمه متساءلاً بخفوت :
-خير يا دياب ؟ حصل حاجة

توقف ابنه عن السير ، والتفت ناحيته ، ثم أجابه بإقتضاب وهو يشير بعينيه :
-مش خير خالص

انقبض قلب الأخير بخوف شديد بعد أن فهم إلى ماذا يرمي ابنه ، وتجمدت نظراته عليه.
ثم أردف محذراً بصوت خافت لكنه صــارم :
-خلي بالك من نفسك انت وأخوك !
-اطمن !
قالها ديـــاب مشيراً بحاجبيه بحركة واثقة قبل أن ينصرف هو الأخر ليلحق برجــاله.
.......................................

في نفس التوقيت سلط منذر عينيه على إنعكاس صورة هؤلاء الرجال الماكثين بالمقهى الشعبي من خلال مرآته الأمامية. زادت نظراته اتساعاً و حِدة حينما لمح ذلك القالب الطوبي المقذوف ناحية سيارته من الخلف.
ضغط على المكابح محاولاً تفاديه بحرفية قائد ماهر ، فأصاب فقط مصباحه الخلفي.
صرخت عواطف بهلع ، واستدارت برأسها لترى هؤلاء الرجال الغاضبين وهم يحاولون الفتك بهم.
صاحت بلا وعي :
-يا نصيبتي ، مين دول ؟ الحقنا يا سي منذر !!!!
-متخافوش
قالها منذر بإقتضاب وهو مسلط كل تركيزه على حماية من معه من التعرض لأي أذى.

ولكنه أوقف السيارة مجبراً ليتجنب صدم أحد الأشخاص الذين ظهروا أمامه فجــأة ، لكنه تفاجيء به يهوى على زجاج السيارة الأمامي بعصا معدنية غليظة متعمداً تحطيمها.

جفلت أسيف من ذلك المشهد المفزع ، وشخصت أبصارها بخوف حقيقي.
احتضنت عواطف ابنة أخيها لتحميها ، وتمسكت بها جيداً وهي تصيح بصراخ :
-يا لهــــوي ! ايه اللي بيحصلنا ده ؟ هما عاوزين مننا إيه ؟

ارتجف جسد أسيف تلقائياً من هول الموقف ، ونظرت بأعين زائغة نحو ما يدور حولها من صدامات مهددة ، خاصة وأن أغلب الوجوه كانت مألوفة بالنسبة لها .

شكل رجــال الحاج فتحي حصاراً سريعاً حول سيارة منذر محاولين النيل منه ، وأخذ أسيف بالقوة.
أدار هو سريعاً المحر،، وبقوة أعصاب فائقة ، ومهارة بارعة ، وإصرار شديد تمكن من الإستدارة والالتفاف بعيداً عنهم متفادياً أي محاولة للإقتراب ممن معه .

قُذفت السيارة بقالب طوب أخر بعنف أكبر ، وأصاب تلك المرة الزجاج الخلفي ، فتهشم سريعاً ، وارتطم برأس عواطف التي صرخت متآلمة.
وضعت يدها تتحسس موضع الوجع ، وأكملت بأنين وهي تميل برأسها للأمام :
-آآآه ، دماغي !

التفتت أسيف نحوها ، ودققت النظر في جرحها الخلفي ، وشهقت مفزوعة حينما رأت خيوط الدماء تتسرب من رأسها.
وضعت يدها عليه محاولة منع النزيف مرددة برجفة :
-دماغك بتنزف !

حدق فيهما منذر من خلال انعكاس صورتهما بالمرآة. وتجهم وجهه للغاية ، كما أظلمت نظراته بصورة موحية بشر مستطر.

هتف الحاج فتحي بنبرة عالية مهيناً منذر :
-هتتربى النهاردة يا ابن الـ ....... !!

حركت أسيف وجهها نحو مصدر الصوت ، ورأت وجهه المظلم الذي يتوعدها.
خفق قلبها برعب كبير ، واضطربت أنفاسها.

حدج منـــذر الحاج فتحي بنظرات نارية ، وكز على أسنانه كاظماً غضبه حتى يتمكن من التصرف بحكمة وإنقاذ من معه.

لم يطل الأمر كثيراً ، ولم يبقَ في ذلك الحصار المباغت لوقت طويل فقد حضر أخاه ومعه أغلب عمال الوكــالة للإشتباك الفوري مع هؤلاء الغرباء.
التحمت الأجساد الغاضبة معاً ، وزادت حدة الإشتباكات العنيفة بين الفريقين.
استغل منذر الفرصـــة ، وتمكن من الإفلات منهم بسيارته ، وتوجه سريعاً نحو وكالته.
......................................

كان ديـــاب ممسكاً بعصا غليظة في يد ، وجنزير معدني سميك في اليد الأخرى ، وبدل بين كليهما في ضرب كل من تطاله يداه بشراسة. وكذلك كان الحال مع أغلب رجاله.

حاول أحدهم النيل منه وإصابته في رأسه من الخلف ، لكن افتداه أحد العمال ، وتلقى الضربة العنيفة عنه.
استدار دياب نحوه ، وهجم عليه بضراوة لينهال عليه باللكمات والركلات قبل أن يكمل ضربه الوحشي بجنزيره المعدني لاعناً إياه بألفاظ بشعة :
-مش سايبك يا ........... ، هاطلع .......... !!
.................................

أوقف منذر السيارة عند الوكالة ، ثم ترجل منها ليساعد عواطف في الخروج.
كانت لا تزال واضعة ليدها على رأسها ، ومستندة بيدها الأخرى على أسيف.
صـــاح بهما بصوت آمر غير قابل للنقاش :
-خشوا جوا الوكالة ، محدش يطلع منها !

نظرت إليه أسيف بنظرات غريبة ، كانت مرتعدة للغاية ، تفكيرها مشلول ، خائفة مما قد يحدث لها ، فقد رأت الشراسة والوعيد في أعين قريب والدتها الراحلة.
انتفضت فزعة في مكانها على صوت منذر الجهوري ؛ والذي أخرجها من شرودها المذعور ، لتجده يحدث أحد صبيانه :
-باب الوكالة يتقفل عليهم ، لو جرى لواحدة فيهم حاجة رقبتك هاتطير ، سامع !

رد عليه الصبي بخنوع تام لأمره :
-ماشي يا ريس !!!!

ثم دفـــع عواطف بيده نحو الوكالة ، وبالطبع تحركت معها أسيف ، ليلج ثلاثتهم للداخل.
لحق به الصبي ، وأضــاء المصابيح لينير المكان ، ثم التقط أقرب مقعد وحمله لتجلس عليه عواطف.
انحنى منذر عليها قائلاً بصوت متشنج :
-ماتتحركيش من هنا يا ست عواطف

هزت رأسها قائلة بصوت ضعيف :
-هو أنا فيا نفس أعمل حاجة ! آآآه يا دماغي !

ثم رفع رأسه نحو أسيف ليضيف بقوة :
-وإنتي محدش هياخدك من هنا غصب عنك !

ابتلعت ريقها ولم تعقب عليه.
وما إن تأكد من سلامتهما وبقائهما بآمان حتى ركض خارج وكالته ، وأوصــــد الباب المعدني من الخارج ليضمن حمايتهما.

بقي الصبي معهما وهتف قائلاً بقلق :
-ست عواطف ، إنتي متعورة ولا ايه ؟

أجابته بأنين :
-اه يا بني ، شوفلي حاجة أكتم بيها دمي اللي اتصفى

رد عليها بصوت متلهف :
-في عندنا علبة اسعافات أولية ، هاشوف هي فين وأجيبهالك

تابعت قائلة بصوت متقطع :
-أوام يا بني !

لم تتوقف يد أسيف عن الإرتعاش. وبدت أنفاسها لاهثة وهي تحاول ضبطها.
رغبت عواطف في طمأنة تلك المذعورة أمامها ، فرددت بإبتسامة باهتة :
-متخافيش يا بنتي ، محدش هيقدر يعملنا حاجة ، احنا معانا ربنا ، وآآ.. وسي منذر !

نظرت لها أسيف بغموض ، ورغم نبرتها المطمئنة إلا أن شعورها بالخوف والرهبة مازال مسيطراً عليها.
......................................

وقف مــــازن على باب مطعمه يراقب الإشتباك الدائر بنظرات متشفية ، ثم ولج عائداً إلى مكتبه.
تساءل أباه بقلق :
-عرفت اللي بيحصل ؟ وليه ولاد حرب بيتخانقوا مع الناس دول ؟

أجابه مازن بفتور :
-لأ لسه !

ثم تحولت نبرته للقتامة والغل وهو يضيف :
-خلوهم يربوهم شوية ، نفسي أشوفهم مكسورين ومحطوط عليهم !

نظر له مهدي شزراً ، ورد عليه مستنكراً :
-وانت كده هترتاح ؟

أجابه مــازن بضيق :
-اه هرتاح ، مفكرين نفسهم أسياد الحتة وهما مايجوش حشرات أفعصها تحت رجلي !

ضغط مهدي على شفتيه مردداً بصعوبة :
-لا حول ولا قوة إلا بالله ، اوعى كده خليني أشوف في ايه !

أشــار له مازن بكف يده قائلاً بعدم اكتراث :
-اتفضل يا حاج

ثم تابعه بنظراته حتى اختفى من أمامه وتمتم مع نفسه بوعيد :
-مسيره يجي اليوم اللي هاحط دماغهم تحت جزمتي وأدوسهم !!!!!
........................................
ركب منـــذر سيارته ، وعاد بها إلى موقع الاشتباك عند المقهى ، فهو لم يكن ليترك أخيه بمفرده دون مد يد العون ، خاصة في تلك النوعية من المعارك.

كان فــــارق القوة والمهارة لصـــالح فريق ديـــاب ، فهم متمرسون على الاقتتال بشراسة خلال تلك الشجارات العنيفة، ولم تكن المرة الأولى لهم.

ضغط منذر على المكابح بعنف لتتوقف سيارته في منتصف الطريق ثم ترجل منها دون أن يوقف محركها ، وانقض على أقرب رجل منه يضربه بعنف شرس.
تلقى عدة لكمات وضربات في أنحاء مختلفة من جسده لعدم وجود أي وسائل حماية أو دفاع عن النفس ، لكن هذا لم يمنعه من رد الصاع صاعين.

لا يعرف أي قوة كانت تحركه للهجوم والاعتداء بأيدٍ عارية على من يقترب منه ، لكن شيء ما بداخله كان يدفعه ويحفزه للقتال ، وتلقين ذلك القريب الساخط درساً قاسياً.
..................................

قامت أسيف بتضميد جراح عمتها ، وأوقفت نزيف جرحها السطحي.
حمدت الله أنه لم يكن غائراً ، وأن إصابتها لم تكن بالخطيرة.
شكرتها قائلة بإمتنان :
-تسلم ايدك يا بنتي ، الحمدلله إنها جت على أد كده !

اكتفت أسيف باظهار ابتسامة خفيفة مجاملة على ثغرها.

هتف الصبي قائلاً بحماس :
-زمانت الريس منذر واكلهم علقة موت ، ده ماشاء الله عليه ، مافيش مرة دخل فيها عاركة ولا مضاربة إلا وطحن اللي قدامه

استدارت أسيف نحوه برأسها ، ونظرت له بغموض.
ردت عليه عواطف بتنهيدة متعبة :
-ربنا يحميه لشبابه ، ده لولاه كنت سحت في دمي ، وكانت الغلبانة دي راحت فيها !
عادت أسيف تنظر إلى عمتها بنظرات مطولة.
هي كانت مُصيبة في قولها ، فدفاع منـــذر المستميت عنهما وجرأته الشديدة أنجتهما من خطر وشيك.
استأنف الصبي حديثه مقلداً حركات المصارعين :
-عليه شوية لوكميات وروسيات تجيب أجل الواحد ، أفتكر مرة زنق واد كان شارب ودماغه ضاربة في الركنة هنا ، وطلعهم على جتته لحد ما فاق وحلف ما يرجع يضرب تاني !

أومــأت عواطف برأسها بإيماءة خفيفة وهي ترد عليه :
-فاكراها الحكاية دي ، الواد كان محشش باين ، وقارف الناس في الرايحة والجاية وهو آآ.....

لم تصغِ أسيف إلى بقية الحوار ، وتراجعت للخلف لتجلس على أقرب مقعد ، وأنزوت مع نفسها ترثي والدتها الراحلة . فبالرغم من الموقف العصيب الذي مرت به إلا أن شعورها باليتم والوحدة كانا أكبر من أي شيء أخر.
فالحقيقة القاسية أنها بالفعل بمفردها في تلك الحياة ، وستتعرض بالتأكيد لمواقف مماثلة ربما تكون أكثر عنفاً وشراسة.
...............................

وصلت الأخبار -كما تنتشر النار في الهشيم - إلى أغلب المتواجدين بسرادق العزاء عن وجود مشاجرة حامية وتناثرت الأقاويل حول قريبة عواطف التي تسببت في ذلك النزاع.
اضطر الفقي للتوقف عن تلاوة القرآن الكريم ، وختم الجزء المخصص للتلاوة سريعاً ، فاتجه بعدها أغلب المعزيين إلى المقهى لمتابعة ما يحدث بفضول كبير.

بالطبع تمكن منـــذر وأخيه الأصغر ديـــاب من السيطرة على الوضع ، ومالت كفة الميزان لصالحهم.

شكل أغلب رجـــال عائلة حرب دائرة حول ضحاياهم الذين جثوا على أرجلهم في حركة مستسلمة.
وقف الحاج اسماعيل عاجزاً في مكانه ، ونظر بأسف إلى رجال قريته الذين تم تقييدهم بصورة محرجة أمام الجميع وكأنهم شاه تُقاد إلى الذبح.

كانت أعين فتحي كالجمرات ، تطلق شرراً بائناً ، فهو لم يتوقع تلك الهزيمة ، وظن أنه أتى بأفضل الرجال ، لكنه نسى أنه دخل في شيء غير محسوب العواقب.
ورغم موقفه المتأزم إلا أنه هدر بصوت مُكابر وهو يكز على أسنانه بشراسة :
-مش هاسيب لحمي تنهشوا فيه حتى لو كان أخر يوم في عمري !

اغتاظ منذر من تلميحاته الصريحة والتي تسيء إليه ، فرد عليه بعصبية :
-لحم ايه يا ده يا حاج ، عيب على شيبتك دي !

هتف فيه الحاج فتحي بإنفعال كبير مهيناً إياه :
-مابقاش إلا واحد ....... زيك يتكلم !!

اتسعت حدقتي الأخير عقب سماعه لذلك السباب المهين ، واصطبغ وجهه بحمرة مغلولة.
قبض على أصابع كف يده بشراسة ، وأوشك على ضربه مهدداً إياه بنبرة عدائية :
-لأ انت محتاج آآ...

وقبل أن ينقض عليه تجمد في مكانه على إثر صوت أبيه الصــــــارم المنادي بإسمه :
-منــــــــــــذر !!!

اشتعلت عيناه أكثر ، وبرزت عروقه النابضة بدمائه المحتقنة من عنقه وأعلى جبينه.
تابع والده قائلاً بنبرة حازمة :
-طالما أبوك واقف هنا هو اللي هايتكلم !

ضغط على أسنانه بقسوة ليرد بصوت شبه متشنج :
-اتفضل يا حاج !

استدار الحاج فتحي ناحية طه ، ورمقه بنظرات مزدرية متعمداً التقليل من شأنه ، وأردف قائلاً بسخط :
-ومين انت كمان ؟

وقف طــــه قبالته بشموخ وترفع ، ونظر إليه بثبات لكن الأخير لم يعبأ به ، وتابع بإستخفاف :
-تلاقيه جايبك محامي ليه !!!

استشاط ديـــاب غضباً من أسلوبه المستفز والذي يتسبب في جعل الدماء تفور من الغيظ ، فهدر فجــأة :
-يا أبا الغلط ده ما يتسكتش عليه !

أشـــار له أبيه بعينين حادتين مردداً بغلظة صارمة :
-اسكت يا ديـــاب ، أنا قادر أوقفه عند حده !

استشعر الحاج فتحي لوهلة أنه في موقف قوة ، وأنه بإستطاعته قلب الكفة لصالحه ، فصاح متساءلاً بصوت جهوري وهو يدير رأسه في كافة الاتجاهات :
-فين بنت ريـــاض ؟ فين عرضي اللي خدتوه ؟ اشهدوا يا ناس ، جاي أجيب بنتي من عندهم يضربوني أنا وقرايبها ويهددونا ، هي دي المرجلة ، هي دي الـ آآآ....

قاطعه الحاج طـــــه بصوت مرتفع :
-بنت رياض أعدة معززة مكرمة مع عمتها !

التفت الحاج اسماعيل ناحية الحاج فتحي متساءلاً بإندهاش :
-عمتها !! هي ليها عمة أصلاً ؟!!!

لم يجبه الأخير ، فصاح به مكرراً بضجر :
-الكلام ده صحيح يا حاج فتحي ؟

ابتلع هو ريقه بتوتر خفي ولم يجبه.

أكمل منذر مردداً بتهكم وهو يرمق الحاج فتحي بنظرات ساخطة :
-هو الحاج مقالكوش ده ؟ تؤ تؤ تؤ ، غلطان بصراحة !

ثم زاد من قوة نبرته الغاضبة وهو يكمل :
-أه ليها عمة ، اخت أبوها ، الحاجة عواطف اللي كنتوا هتموتوها وكانت معايا في العربية

حاول الحاج فتحي الدفاع عن موقفه بعد أن وجد نفسه في وضع حرج ، وهتف بصوت مستنكر محدجاً إياه بنظرات نارية مستشاطة :
-ويصح بردك تاخد حرمة من ورا أهلها وآآ...

قاطعه منذر قائلاً بحدة وقد قست نظراته للغاية :
-خدتها لما لاقيت الراجل الكوبارة هيموتها في ايده ، مش مقدر الظرف اللي هي فيه وحالتها رغم اللي قاله الدكتور ، ونزل ضرب فيها !

استغرب الحاج اسماعيل مما سمعه ، وحدق في رفيقه بذهول.
انفرج فمه مردداً بتساؤل :
-هـــه ، طب ليه ؟

تعمد الحاج فتحي تجاهله ، وجاهد ليحافظ على ثباته أمام الجميع.
أشـــار بإصبعه هاتفاً بإزدراء واضح في نبرته :
-فين عمتها دي ؟ ماهو يمكن تكون كدبة من تأليفك ، فيلم وبتعمله علينا ، رياض الله يرحمه مكانش ليه اخوات !!!

رد عليه ديـــاب مستنكراً وقاحته المستفزة :
-يا شيخ ؟ طب انت ازاي قريب أمها وعارف كل حاجة عن عيلتها وفاتتك معلومة زي دي ؟! لا بجد عيب عليك !!!!

وضع منـــذر قبضته على ذراع أخيه ضاغطاً عليه ، ثم رد ببرود مهيب :
-وماله ، مش هو طلبها ، احنا هنأكدله ده ، وهانجيب الحق عليه !

ضاقت نظراته أكثر ، وتحولت نبرته للوعيد وهو يضيف :
-واللي غلط يتحمل نتيجة غلطه ........................ !!!!
................................................



Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:04 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.