30-08-20, 10:18 PM | #122 | |||||
| اقتباس:
😅😅😢 صح امهاتنا اكبر مهووس بالتنظيف بالنسبة لملك هي لن ترضى ان تحل مشكلتها بالزواج فعلا بعلي هي حتى لا تقبل الزواج الزائف و هي لم تلجأ للسفارة لأنها قررت وقف التصعيد لأنها الخاسر الوحيد في الوضع | |||||
30-08-20, 10:25 PM | #123 | |||||
| اقتباس:
في الحقيقة اقرأ كثير من الروايات التي تتحدث عن بطلة بشخصية ضعيفة و مهزوزة تستجدي العطف من الجميع حتى نشعر ان الرجل اشفق عليها و أحبها و لا يعجبني هذا 🤨🙄 بالنسبة لي ملك قوية الشخصية بمباديء خاصة لا تتعارض مع طيبتها و رقتها هي ند لعلي بكل جبروته و هذا ما سيمنحها مكانتها في قلبه 💞💞 | |||||
31-08-20, 08:54 PM | #124 | ||||
| البارت السادس و الثلاثون لست وحشا 💔 " آنسة رنا ليست حفيدتي , هي ابنة سيد المنزل " صدمت ملك للمعلومة , اتسعت عيناها عن آخرها و صرخت في وجه المرأة " ابنة ذلك المجنون ؟ " امتعضت فاطمة من التسمية المتواقحة و زجرتها بنظرتها " احترمي سيد المنزل " لكن ملك لم تبال بملاحظتها , فالخبر كان مفاجأة مدوية بالنسبة لها , هي لم تعتقد أن هذا الرجل المتسلط الفظ قد يكون لديه أطفال , خاصة أنها سمعت سابقا أنه أعزب , و الصحافة و كل المجتمع ينتظر ارتباطه بفارغ الصبر , و لكن هي الآن ليست مهتمة بمعرفة أموره الشخصية , هي فقط فضولية بشأن حالة الطفلة . حدقت ملك الى فاطمة بتردد , قبل أن تبتلع ريقها و تغامر بسؤالها مجددا " لم لا تستطيع الكلام ؟ " كان واضحا جدا أن رنا تتواصل مع الآخرين بلغة الاشارة الخاصة , و لا تقول حرفا واحدا , لم تسمع كلمة واحدة من فمها " لأنها خرساء " أجابت فاطمة بنبرة حزينة , مع ملامح الأسف على وجهها " لكن واضح أنها تسمع و تفهم كل ما نقوله " سألت ملك مجددا بفضول , و أجابت المرأة بلهجة حادة " قلت خرساء و ليس صماء , و لا داعي لتسألي كثيرا , السيد لا يحب أن تختلط ابنته بالآخرين خصوصا الغرباء , هيا عودي الى عملك , و توقفي عن التصرف بفضول لا شأن لك بالأمر " بعد أن نهرتها فاطمة باستياء , توقفت ملك عن طرح الأسئلة , لكن مشاعرها كانت مختلطة كانت تشعر ببعض الشفقة على الطفلة التي في السابعة من عمرها , و لا يمكنها الكلام و تكتفي بالاشارة , فيما لا يبدو أن أحدا هنا يفهم كل ما تقوله , حتى أنها تكرر حركاتها أكثر من مرة لايصال ما تريد , تشعر بالاستغراب كيف أن وحشا كهذا , يملك طفلة بوجه ملاك كرنا , أكيد حصلت طفرة في جيناته حتى ينجبها , و تشعر أيضا بالفضول القاتل " اذا هذا بيته حقيقة و ليس مجرد مكان يمر به , لكن اذا كانت رنا ابنته تعيش معه هنا فأين والدتها ؟ هل هي متوفية أو مطلقة ؟ أكيد فمن هي المرأة التي تستطيع تحمل رجل متسلط كهذا المجنون ؟ أو ربما هي ابنة غير شرعية ؟ لا يعقل أن لا يعرف أحد بوجودها و هو يخفيها عن العالم و كيف أصبحت بكماء ؟ أو أنها ولدت هكذا ؟ و لم لا يعالجها رغم كل ما يملكه ؟ " ألف سؤال يطرح نفسه في رأس ملك , لكنها تجاهلت فضولها , و قررت ألا تسأل ثانية , فهي لا يهمها شيء من أمر هؤلاء , آخر شيء تريده هو التطفل على حياته , هي لا تريد أن تظهر بمظهر المهتمة , و الا ستفتح له المجال لايذائها ثانية , لذلك أكملت عملها بكل هدوء دون همسة واحدة . علي أيضا رغم أنه لا يريدها أن تحتك بابنته , الا أنه التزم الحياد يومها دون تعليق , جلس يفطر بهدوء و ترك التصرف لفاطمة , هو لا يريد أن يستفزها و يلفت انتباهها الى مخاوفه , فقد تؤذيه في أعز ما يملك . . . . بعد أن أنهت ماري ترتيب غرفة علي , نزلت الى المطبخ لتناول افطارها , بمجرد أن لمحت ملك حتى تملكها الغيظ , و بدأت بالتحرش بها و التنمر عليها " أنت لم لا تلبسين زي الخادمات مثلنا ؟ أو أنك تعتقدين أنه ليس من مستواك ؟ " قالت معلقة على انفراد ملك , في ارتداء ملابسها الخاصة دون بقية الخادمات " لا يخصك " أجابت ملك باختصار دون أن تلتفت لها , و قد كانت بصدد تنظيف أواني الافطار دنت منها قليلا بعد و همست لاستفزازها " اذا لم تدركي الأمر بعد فأنت مجرد خادمة هنا , عليك أن تستفيقي من حلم الملكة الذي تعيشين فيه , و تعرفي قدرك كواحدة من الخدم يعني تحت الأقدام , السيد لن ينظر اليك أبدا , حتى لو ارتديت ثوب سباحة و تجولت به أمامه " قالت ماري بحقد و قد بدت مغتاضة جدا من وجود ملك بينهم , و أصبح تصرفها بأنفة و انطواء يزعجها كثيرا هي و رفيقاتها , خاصة أنهن يعتقدن أنها تتكبر عليهن تجاهلتها ملك كلية مما زاد غيظها و أضافت " اذا اعتقدت أن ما تفعلينه , سيحسن مكانتك هنا فأنت واهمة , استمري بالتصرف هكذا و ستطردين في أقرب وقت " " يا ليت " كان هذا كل ما قالته ملك بهمس , هي تعلم لو انقرض سكان المنزل كلهم , ذلك الرجل لن يسمح لها بالمغادرة . عبست ماري حينما لم تفهم قصدها و نهرتها " أنت أيتها الفزاعة ردي علي حينما أكلمك " لكن ملك التزمت الصمت تماما شعرت ماري بسخافتها أخيرا و لم تضف شيئا , لكنها قررت أن توسوس لفاطمة , فهي من ستجبرها على ارتداء الزي , فكيف تجبر هي و الأخريات على ارتداء هذه الملابس الفضفاضة البشعة , فيما ترتدي هذه المتطفلة ملابسها الجميلة , مظهرة قوامها الممشوق الذي تتبختر به أمام السيد . غادرت ماري المطبخ بعد افطارها و الغل يتآكلها لتنفذ ما تفكر فيه , لكن ليس قبل أن تستفز ملك أكثر , بالقاء الأواني في الحوض المليء بالماء , متسببة في بلل ملابسها , فتحت ملك فمها لتؤنبها , لكنها التزمت الصمت مجددا , حينما سارعت ماري للخروج , دون منحها فرصة للدفاع عن نفسها , تنهدت بعدها بعمق محاولة تهدئة أعصابها , هي لن تسمح للوضع الذي تعيشه , أن يجعلها تنحط لدرجة مناقشة خادمات على أمور تافهة , حياتها أرقى بكثير لتدخل في مهاترات غبية معهن , لكنها أكيد لن تتحمل لوقت طويل قبل الرد عليهن . " أستغفر الله العظيم " اكتفت بالاستغفار و عادت لما كانت تفعله ابتسمت ماري بخبث و ذهبت تبحث عن فاطمة , بمجرد أن ذكرت موضوع الزي أمامها حتى نهرتها " لا دخل لك بالباقين , اهتمي بواجباتك و قومي بعملك دون تعليق " زاد امتعاض ماري و اشتعلت نيران غيرتها , هي لا تعرف كيف سقطت هذه المرأة من السماء , لم تتمتع بمعاملة مميزة رغم أنها خادمة مثلهن , و لم تحظى بحماية فاطمة ؟ هذه الأخيرة رغم أن علي أخبرها ألا تعاملها بمحاباة , الا أنها تدرك جيدا أنها ليست مجرد خادمة عادية , هي لا تبدو واحدة منهن و لو بعد ألف سنة , صحيح أنها لم تسمع ما حصل ذلك اليوم , بعد وصول الضيوف الغرباء , و لا تعرف لم أصبحت ملك خادمة فجأة , لكن واضح أن وضع هذه الشابة معقد , و وراء وجودها هنا سر كبير , خبرتها طوال السنوات الماضية و شيباتها تؤكد ذلك , و لكنها قررت أن تطلب من ملك ذلك , حتى لا تتمرد الأخريات و تشعرن بالتحيز , لا تريد فوضى و أحقاد هنا . " خذي ملك هذا زيك و على مقاسك " مدت فاطمة يدها بالكيس الذي حدقت اليه ملك بانزعاج " سيدتي أنا لا أريد أن ألبس هذا الزي لا أحب التنانير " ردت ملك على طلب فاطمة بالالتزام بالتعليمات " و لكن السيد صارم فيم يخص ذلك , عليك التقيد بقوانين المنزل , لا يمكنني تركك تتجولين بملابسك الخاصة , لن يكون جيدا لمنظرنا أمام الزوار و العاملين " " لكنني لن أخدم الضيوف , و أنا لا أتعاطى مع ذلك الرجل أرجوك " حاولت ملك اقناعها لكن فاطمة حدقت لها قليلا و أجابت " لا أستطيع اتخاذ قرار كهذا , اذا أردت أطلبي منه الاذن و أنا لن أمانع " عبست ملك هي لا تريد أن تطلب منه أي شيء , ليس بعدما حصل آخر مرة " هل يمكن أن تخبريه أنت ؟ أرجوك اذا قال أنني يجب أن أرتديه سأفعل " كلمت ملك فاطمة بلهجة مستعطفة , صحيح أن المرأة تحاول أن تكون صارمة معها , لكنها تشعر بالطيبة في كلامها و ملامحها , و أن لديها تأثيرا ما على ذلك الرجل . تنهدت فاطمة و لم تجد مهربا من التدخل , فعلى الأقل ستكون حجتها قوية لاحقا , اذا كان أمرا مباشرا من علي , هو جلبها و هو يتحمل مسؤوليتها , لا تريد سوء فهم بسبب أمر لا تفهمه " حسنا لا بأس أكملي عملك و سنرى " . . . . في المساء بعد عودة رنا من المدرسة , دخلت مجددا الى المطبخ الذي أصبح مكانها المفضل مؤخرا , رغم تحذيرات فاطمة السابقة , الا أنها تفعل ما يحلو لها , ففي النهاية هي طفلة , لا ترضخ لأية قوانين و لا تنفذ الأوامر , أثناء ذلك كانت ملك وحدها هناك , منهمكة في ترتيب الثلاجة التي بحجم مخزن , فتعليمات اليوم أوكلت تنظيف المطبخ لها خلال كل الوجبات , جلست الطفلة الى الطاولة , تحدق الى ملك التي أطلت برأسها من خلف باب الثلاجة , بعدما أحست بحركة خلفها حدقت الاثنتين الى بعضهما قليلا , الآن فقط تذكرت ملك أين رأت هاتين العينين الجميلتين , واضح أنها ورثتهما عن والدها المجنون " هاي مرحبا " كانت ملك أول من تحدث , و لوحت لها الطفلة بيدها الصغيرة , لرد التحية مع ابتسامتها الدافئة بعد لحظات من النظرات المتبادلة , بادرت رنا بالاشارة الى رأسها , كانت تحاول شرح شيء , لكن ملك لا تفهم اشارة واحدة رغم أن عملها كله مع الاطفال , الا أن الحالات الخاصة مثل رنا , يرافقهم عادة أولياؤهم و هم من يتولون الترجمة , لم تفكر يوما في حاجتها الى تعلم لغة الاشارة أو استخدامها . رغم ذلك نهضت من مكانها و دنت بهدوء من رنا , و حاولت اعطاء اقتراحات , فلا يمكنها تجاهل الطفلة التي تحدثها " هل يؤلمك رأسك ؟ " حسنا كان هذا أول ما خطر على بالها , فالأطفال عادة يشيرون الى مكان الألم لكن رنا هزت رأسها بالنفي و كررت الاشارة أخذت ملك نفسا عميقا و فكرت مجددا " هل تريدين أن أعيد تمشيط ظفائرك ؟ " قالت و قد تذكرت هروبها صباحا من ياو هزت الطفلة رأسها مجددا بالنفي " يا الهي ما الذي تريده ؟ " كلمت ملك نفسها و قد شعرت بالعجز , كيف يمكن أن لا تفهم ما تريده , لكن ليس بيدها ما تفعله , و حركات الطفلة تبدو سريعة و متقنة تماما كالبكم البالغين , رغم قلة حيلتها الا أن ملك ابتسمت لها بكل لطف , و جلست الى جانبها على الكرسي , و هي تحاول تخمين احتمالات أخرى ربما تصيب هذه المرة , أدركت رنا أن ملك لا تفهم ما تشير به , فأخذت ورقة و قلما موضوعين هناك , و كتبت بخط واضح " أريد أن تفكي ظفائري , انها تؤلمني " فهمت ملك أخيرا ما تريده الطفلة و توهجت ملامحها " آه أكيد " و شرعت تفك ظفائرها برفق , حتى انسدل شعرها الأسود على كتفيها , و ازدادت ابتسامتها اشراقا , بدا واضحا أن رنا تحب شعرها منسدلا , يزعجها أن يشده أحدهم أو يربطه " تبدين جميلة أكثر هكذا " علقت ملك مبدية اعجابها , و هي تعرف أن تعزيز ثقة الأطفال في أنفسهم بذكر محاسنهم , هي أفضل حوار قد نفتحه معهم لبدء علاقة , ابتسمت رنا التي احمرت وجنتاها للمجاملة و كتبت لها مجددا " شكرا " مع قلب كبير ذاب قلب ملك مع التعبير , الذي لا يختلف عن الأطفال العاديين , الذين يعبرون عن مشاعرهم بكل تلقائية دون حسابات , فالمشاعر لا تحتاج بالضرورة الى كلمات لايصالها , أحيانا الملامح و الابتسامة أبلغ من كل تعبير . بقيت رنا جالسة مكانها دون قول شيء , و ملك تجلس الى جانبها تداعب شعرها , بقيت الاثنتين صامتتين دون حوار لبعض الوقت , قبل أن تسأل ملك مجددا " هل تريدين أن تأكلي شيئا ؟ " و الا ما كانت بقيت هنا فكرت ملك بينها و بين نفسها , و وافقتها رنا بحركة من رأسها " أممم حسنا لنتفق أشيري لي , و ان لم أفهم أكتبي , تمام ؟ " شعرت ملك ببعض التوتر , فقد كان يبدو صعبا جدا اجراء محادثة بالكتابة , مع طفل يحاول أن يكون ودودا , وافقت رنا مباشرة على اقتراحها , نهضت من مكانها بخفة , اتجهت الى الثلاجة و أخرجت موزة , أشارت بعدها الى قارورة الحليب , ثم الى الخلاط الموضوع الى جانب الحوض . " تريدين عصير موز بالحليب ؟ " قالت ملك بتخمين و كأنها اكتشفت كنزا , ابتسمت رنا في اشارة الى صحة اجابتها , ناولتها بعد ذلك حبة الموز , و عادت الى كرسيها منتظرة , تراقب ملك التي قطعت الحبة داخل الخلاط , ثم أضافت الحليب و خلطتهما لدقيقة , قبل أن تسكب كأسا كبيرة و تضعها أمام الطفلة . في هذه اللحظة دخلت فاطمة من الباب مهرولة , تماما كما حصل بالأمس في غرفة ملك , اتجهت ناحية كأس العصير و اختطفته من أمام الطفلة , التي لم تتذوق منه قطرة بعد , و سكبته في المغسل مباشرة أمام ذهول رنا و ملك " لا تشربيه رنا سأصنع لك واحدا آخر" قالت بنبرة مستاءة و قلقة لتنهر الطفلة , و فورا التقطت ملك الرسالة , ففاطمة تشك أنها تحاول أن تؤذي رنا , لذلك تصرفت بهذه الطريقة العدوانية , شعرت ملك بالسوء الشديد الا أنها تمالكت نفسها , هي لا يمكنها التصرف بتهور أمام الطفلة , ليس جيدا من أجل نفسيتها , و في النهاية لا ذنب لها في كل ما يجري , بلعت ملك ريقها بعناء , ابتسمت بلطف و أشارت لرنا , التي كانت تحدق في وجه المرأتين باستفهام , تريد أن تفهم أين ذهب عصيرها المفضل " رنا اختاري موزة أخرى من الثلاجة , لأن الأولى فاسدة لذلك رمتها فاطمة " هزت رنا رأسها و اتسعت عيناها , و قد فهمت ما تقوله ملك بكل هدوء , ثم نزلت عن كرسيها و اتجهت الى الثلاجة , شعرت فاطمة بالاحراج الشديد , بعدما أن فهمت أن ملك تصرف الطفلة بهدوء بعيدا عن الخلاف , و تحاول تبرير الموقف لها لتخفيف ذعرها , فيما كان بامكانها الدخول في جدال معها أمامها , هي أدركت الآن فقط أنها تصرفت بتسرع , و هي التي تربي الأطفال طوال عمرها , ابتداء من علي و شقيقته , كيف يمكنها أن تفقد أعصابها بهذا الشكل و تتهور ؟ اغتنمت ملك فرصة تشتيت انتباه رنا بارسالها بعيدا , و بادرت فاطمة بصوت هامس لكن مستاء جدا " هل تعتقدين أن بامكاني ايذاءها ؟ " تساءلت غير مصدقة و قد بدا صوتها منزعجا بشدة لكن فاطمة كانت تحدق في الاتجاه الآخر , متجنبة النظر في عيني ملك و ردت باقتضاب " لا أدري " " سيدتي أنظري الي " رفعت المرأة رأسها و حدقت اليها , فيما استمرت ملك بلومها هامسة " أنا بسبب ذلك الرجل فقدت كل شيء , و رغم ذلك لم أفكر أن أؤذيه أو أؤذي نفسي , كيف سأنتقم من طفلة بريئة لا تستطيع حتى الكلام ؟ يا الهي أنا لست وحشا " كان الألم واضحا بين الكلمات , و جاهدت ملك نفسها حتى تحبس دموعها , لم تتوقع يوما اتهاما بشعا كهذا . لم تجد فاطمة بم ترد عليها , رغم أنها لا تعرف عن تفاصيل ما تتكلم عنه ملك , و رغم جهلها بالعلاقة بين الاثنين , الا أنها بامكانها رؤية المعاناة و الصدق في عينيها , خبرتها في الحياة تقول بأن هذه الشابة طيبة و صادقة , لكن ما باليد حيلة , هي لا تعرف شيئا عنها و عن أخلاقها , ما الذي يضمن لها أن لا تؤذي الطفلة ؟ علي لا يمكن أن يطلب أمرا مماثلا , الا اذا كان هناك مشكلة كبيرة , و تعليماته بابعادها عن ابنته واضحة , لذلك هي لا تستطيع المغامرة , و تحمل المسؤولية ان حصل لها مكروه فعلا . في هذه الأثناء كانت رنا قد عادت تحمل حبة موز ثانية , بعدما أخذت وقتها لانتقائها , حتى لا تكون فاسدة كالأولى , وقفت مجددا أمام ملك بعينين متأملتين , وهي تمد يدها ناحيتها تريد عصيرها , هذه الأخيرة تمالكت نفسها و أخفت انزعاجها , فلا ذنب للطفلة فيما حدث و ابتسمت مجددا " أعطها للسيدة فاطمة ستحضره لك , أنا سأذهب الى الحمام بطني تؤلمني " و غادرت مباشرة تحت أنظار فاطمة , التي لم تدرك حجم خطئها الا الآن , لكنها لم تفعل شيئا لتداركه . غادرت ملك المطبخ , بغصة في حلقها و ألم في قلبها , هي انسانة اجتماعية بطبعها , لا يمكنها أن تعيش في مكان لا أحد يثق بها فيه , لا يمكنها تحمل القيود التي تشل تلقائيتها و حياتها , لا يمكنها مراقبة كل كلمة و كل حركة , و كأنها جاسوسة يعاملها الجميع بتوجس و شك , هي تحقد أكثر على ذلك الرجل في كل ثانية تمر عليها هنا , فلولا ما فعله ما كان عليها عيش هذا الجحيم الآن . غرقت ملك في أفكارها , و هي تجر رجليها باتجاه الصالون , حينما صارت في منتصفه استوقفها أحدهم " مرحبا آنستي كيف حالك ؟ " فاجأها الصوت و استدارت ناحية المتحدث , هي لم تره يقف أسفل الدرج حين قدومها , كان رجلا خمسينيا مع خصلات بيضاء , يلبس بدلة بشياكة تامة , يحمل حقيبة جلدية في يده و يضع نظارات طبية , لم يسبق أن التقته هي متأكدة , لكنه بدا و كأنه يعرفها " مرحبا أنا بخير شكرا " بعد تردد لثوان حيته بلطف و عينيها كانتا تقولان " لكنني لا أعرفك , من تكون ؟ " ابتسم الرجل و قد رأى الحيرة في عينيها " ألم تتذكريني ؟ أنا دكتور جلال , قمت بمعالجتك ذلك اليوم " الآن فقط فهمت ملك لم لم تتذكر من يكون , فقد كانت في غيبوبة يومها , بالكاد تذكر ما حصل معها . " مرحبا دكتور , شكرا جزيلا لك " رغم أنها لا تتذكره فعلا , الا أنها لا يمكنها أن تكون قليلة تهذيب و تتجاهله . " مسرور جدا لأنك تبدين أفضل " " شكرا لك " ردت ملك وقد شعرت بالاحراج , أكيد منظرها ذلك اليوم كان بائسا لم يطل الطبيب الحديث ابتسم لها مجددا , استأذن بعدها و اتجه مباشرة الى الطابق الثاني , وقفت ملك مكانها بعد انصرافه , و قد انتبهت الآن فقط لخط سيره " ما الذي يفعله هذا الطبيب هنا ؟ و كيف يتجول وحده دون شخص يرافقه و كأنه بيته ؟ هل يقيم هنا أو أنه هنا لمعاينة أحدهم ؟ أو أن ذلك المجنون المتغطرس مريض ؟ هل يعقل أن يكون مرضا مميتا ؟ " تفاجأت ملك بأفكارها السوداوية , كيف خطر على بالها أن تتمنى المرض و الموت لأحدهم , لم يسبق أن فعلتها يوما . انزعجت ملك أكثر و قررت الخروج الى الحديقة , لتنشق بعض الهواء النقي , بدل الاختناق في هذا البيت الكئيب , جلست على كرسي صخري هناك , مقابل الغروب تراقب بصمت , تحاول الاسترخاء بسماع خرير المياه في النافورة المحاذية , و استنشاق عبير الورود , في الفناء كان عم صالح البستاني يشذب الأشجار , و يعتني بالنباتات بكل تأن دون أي تواصل بينهما , مما أشعرها ببعض الراحة . بعد ساعة غادر الطبيب , و فهمت ملك أنه هنا للزيارة فقط , و ليس من سكان هذا المنزل الغريب " أكيد ذلك المجنون يستدعيه كلما عطس , لا عجب أن يخاف رجل متسلط مثله من الموت بشدة , يخاف أن يذهب الى جهنم قريبا , و لكن هذا الطبيب المسكين لا يعلم أن مريضه يحتاج زرع مخ ليبرأ " بعد الغروب مباشرة , خرجت رنا للعب قليلا و قطف بعض الورود , بمجرد أن لمحتها ملك حتى غادرت عائدة الى غرفتها , بما أن الأمر يزعج والدها , فقد قررت ألا تختلط بها أو تقترب منها , تفاديا لأي سوء فهم آخر , فكل ما تريده الآن أن تمضي السنة بهدوء و دون مشاكل . دون أن تدرك أن كل ما حصل , كان تحت مراقبة عينين سوداوين باردتين , تطلان من شرفة الطابق الثاني . 😘💞💞 ......... | ||||
01-09-20, 10:00 PM | #126 | ||||
| البارت السابع و الثلاثون المرأة الأرنب 💖 مرت بضعة أيام و أصبحت ملك أكثر عزلة و انطواءا , تعود إلى غرفتها بعد انهاء واجباتها , لا تتحدث إلى أحد و لا حتى فاطمة , منذ ذلك اليوم في المطبخ , أصبح لديها شعور بأنها مراقبة طوال الوقت , و كأنها في سجن مشدد الحراسة , كانت تقوم بأعمال كثيرة , حتى تلك التي لم تطلب منها , متأملة أن يمر الوقت أسرع , تختار دائما الواجبات التي تقوم بها بمفردها , دون الحاجة للتعاون مع الأخريات ، حتى و ان كانت شاقة , المهم ألا تضطر للتعامل مع أحد هنا تفاديا للمشاكل , كانت تتحاشى التعاطي مع رنا قدر الامكان , كلما دخلت مكانا بادرت هي بالمغادرة , و رغم أن الطفلة تحاول التودد لها من وقت لآخر , إلا أنها تتخلص منها بلطف و تغادر , و كأنها تفر من مكان يحترق . الخادمات من جهتهن لا يتحدثن معها الا نادرا , يثرثرن بينهن يتنمرن عليها ببعض التعليقات السمجة , و يرمقنها بنظرات خبيثة من وقت إلى آخر , خاصةً ماري التي لا تفوت فرصة لاستفزازها , دون أن تعرف ملك سببا لذلك , فهي لم تتعرض لها يوما , في المقابل تتجاهلهن هي بهدوئها المعتاد , خاصةً أنها لا تفهم ما يقلنه في أحيان كثيرة , من جهة أخرى , كان علي يراقب تصرفاتها بكل فضول , دون أية تطورات تذكر ، فهما لم يتجادلا منذ ذلك اليوم , و لكنه كان في كل مرة , يجدها تقوم بعمل مختلف دون تذمر أو ملل . كان ينتظر بصبر أن تأتي و تطلب اعفاءها , و الغاء الاتفاق كما صور له عقله سابقا , لكنها خيبت ظنه و لم يحدث ما فكر فيه , ليس هذا فحسب لكن ملك لم تكن تلق له بالا يوما , حتى حينما تراه أو تصادفه في طريقها , تتجاهله و كأنه غير موجود , تعامله تماما كخادماته المزعجات . كان الأمر بالنسبة لعلي فعلا مثيرا للانتباه , و الكثير من التساؤلات تجتاح تفكيره ألا يجب أن تكون منهارة الآن ؟ ألا يجب أن تبدأ بالتنازل و الاستسلام ؟ لم تلتزم الهدوء و كأنها جادة في تنفيذ الاتفاق ؟ و لم تبد أكثر عزيمة مما سبق ؟ ألا نية لها في التقرب منه أو إظهار وجهها الحقيقي ؟ و رغم عجزه في فهم هذه العنيدة , و فك شفرات شخصيتها و تصرفاتها , إلا أنه لم يظهر للحظة اهتماما بأمرها , كان يعيش حياته كما تعود , و كأنها لم تدخلها يوما . في نهاية الأسبوع , وجدت فاطمة الفرصة أخيرا للتحدث مع علي , الذي يظهر و يختفي كالشبح , دون منحها فرصة لمناقشة أمر ملك معه , بعد العشاء دقت عليه باب المكتب تحمل له القهوة " بني أريد أن أكلمك في أمر خاص " رفع علي عينيه عن حاسوبه و أشار لها " تفضلي فاطمة " " بخصوص تلك الشابة ملك " أجابته ببعض التردد ارتخى كتفاه فجأة و ألقى رأسه الى الوراء مغمضا عينيه , و كأن مجرد ذكر اسمها ينهك قواه و تمتم بخفوت " ما بها ؟ " سأل متوقعا شكوى أو تذمر من قبلها , لكنها خالفت ظنونه حينما أجابته " طلبت منها أن ترتدي زي الخدم , و هي وسطتني لأطلب منك ألا ترتديه , تريد الاستمرار بارتداء ملابسها الخاصة " عاد علي و حدق في فاطمة بعدم استيعاب " لماذا ما به الزي ؟ " هو صممه بنفسه حتى لا يدع مجالا للاستعراض هنا في بيته , قميص واسع و تنورة تصل الى منتصف الساق , حتى أن اللون أزرق سماوي مميز " لا شيء عليه , لكنها قالت أنها لا تحب التنانير و طلبت اعفاءها " رفع علي حاجبه باستنكار " هي من طلب أن تعمل كخادمة فلم التمرد الآن ؟ كان ما فكر فيه قبل أن يجيبها " و ما رأيك أنت ؟ لم لم تجيبيها ؟ " " حسنا هي لا تلتقي الضيوف و مرتاحة في ملابسها , لكن لم أرد اعطاءها الضوء الأخضر دون استشارتك و لا أريد مشاكل " فهم علي مباشرة أنها ترد عليه مسؤوليته , بما أنه هو من جلبها تنحنح ثم أجاب " لا بأس دعيها و شأنها , كما قلت هي سترحل قريبا لن تكون أية مشاكل بسبب الموضوع , لكن أبق الرقابة عليها لا تسمحي لها بالتمادي في لباسها " طبعا علي تفادى نقاشا ساخنا مع ملك على هذا الأمر , لأنه متأكد أنها ستطلب ذلك بنفسها ان كان رده الرفض , و هو متعب و الصداع يكاد يقتله , قد تصيبه بجلطة ان دخلت الى هنا , و بدأت بالتحدث بذلك الصوت الرقيق و مجادلته , اضافة الى أن ساقيها الناعمتان , اللتان رآهما من تحت قميص فاطمة ذلك اليوم , من الأفضل تغطيتهما بسروال , لا يريد حادثة تحرش من حراسه . " حسنا بني أستأذن " غادرت فاطمة بعدما أخذت جوابها , و قام علي من مكانه متثاقلا باتجاه غرفة المعيشة , فالليلة مخصصة للسهرة مع ابنته , لمشاهدة فيلم رسوم متحركة , هذا تقليد لهما منذ كانت صغيرة . كانت الغرفة قد أعدت خصيصا لرنا , بشاشة عملاقة معلقة على الحائط مع أرائك وثيرة , و كأنها قاعة سينما مصغرة , الكثير من الألعاب الالكترونية , مكتبة صغيرة فيها الكثير من كتب الأطفال و القصص , تتوسطها طاولة زجاجية كبيرة عليها بعض التحف . بقي الرجل و ابنته الى العاشرة و النصف ليلا , يستمتعان بالفيلم مع الكثير من المكسرات و العصائر , و كانت ضحكات رنا الدافئة تسمع من وقت الى آخر , مشيرة الى تمضيتهما لوقت ممتع معا . مع نهاية العرض , لم تعد رنا تستطيع فتح عينيها , فحملها علي بين يديه و صعد بها الى غرفتها لتنام , بعد أن وضعها بهدوء على السرير , تمتم في أذنها أذكار النوم حتى تحفظها كما تعود ، طبع بعدها قبلة على جبينها و دثرها بغطائها , أثناء ذلك انتبه الى عدم وجود ساعته في معصمه , و تذكر أنه تركها في الغرفة قبل قليل , أطفأ علي أنوار الغرفة و أغلق الباب بهدوء , ثم نزل مجددا حتى يستعيدها قبل العودة الى مكتبه , لانهاء بعض الأعمال ككل ليلة , و لكنه بمجرد أن دنا من الباب , حتى سمع جدالا بين امرأتين , كانت احداهما ماري و الأخرى ملك , أرسلتهما فاطمة لتنظيف الغرفة بعد انتهاء السهرة . كانت ماري كعادتها , بصدد توجيه انتقادات لاذعة لملك , و إرسال تعليقات مستفزة لها , و الأخرى لا ترد عليها ككل مرة , حيث كانت منهمكة في ترتيب الغرفة متجاهلة اياها , كانت ماري تتحدث بلهجة مصرية ممزوجة ببعض العربية , تعلمتها من الأسرة التي عملت لديها سابقا , لكن كلماتها كانت واضحة جدا " أنت تعتقدين أنك أفضل من باقي الخادمات أو ماذا أيتها المتعجرفة ؟ لا ترتدين زيا مثلنا و تقومين بما يحلو لك " طبعا ملك لم تسمع إجابة فاطمة بعد فيما يخص هذا الموضوع , لذلك استمرت في ارتداء ملابسها الخاصة . استمرت ملك في تجاهل هجوم ماري ، و هي تجمع الوسائد المتناثرة على الأرضية لترتيبها , تريد الانتهاء سريعا و الخلود الى فراشها , فيما استرسلت الأخرى في ثرثرتها " أنا أعرف ما الذي يجري بينك و بين السيد تعتقدين أننا غبيات حتى لا ندرك الأمر ؟ ذلك اليوم صرف السيد كل من بالمنزل ليخلو الجو لكما , و لكن لا أدري ما المفاجأة القذرة التي وجدها , حتى عاقبك بجعلك خادمة , أكيد هو اكتشف أنك ابنة شوارع منحلة , و إلا ما كان ألقاك هكذا كخرقة بالية " تفاجأ علي لما سمعه من خادمته , التي كانت تبدو مسالمة جدا أمامه , و الآن تتحدث بكل وقاحة , كأفعى تنفث سمومها , و النميمة تخصه هو شخصيا لم تتوقف ماري عند هذا الحد و أضافت بصوت شامت " لكنني سعيدة جدا لأنك حصلت على ما تستحقين , حتى تتوقفي عن التصرف بانحطاط , و تسلق أسرة الرجال الذين تقابلينهم " كان واضحا أن ماري تشعر بغيرة عارمة من ملك , معتقدة بأن هناك علاقة مشبوهة بين الاثنين , كيف لا و هي تحاول منذ دخولها الى هذا البيت , أن تلفت نظر علي الى جمالها , لكنه لم يهتم يوما و هي بالنسبة له غير مرئية , لتأتي هذه المرأة النكرة , التي لا يميزها شيء , و تأخذ ما طمعت فيه طوال الوقت , بتذكر ذلك زادت حدة هجومها " جيد أنك أدركت مقامك , فالسيد لن يبدلني بنكرة مثلك تشبه فزاعة الحقل " استمرت ماري تثرثر دون انقطاع , و في المقابل كانت ملك تلتزم الصمت التام , و تقوم بالترتيب بكل هدوء , حتى اعتقد علي أنها لم تسمع ما قالته الخادمة لأنها تضع سماعاتها , أو ربما هي لا تفهم كلامها مثلا ؟ سأل نفسه بتعجب و بقي واقفا مكانه . لكن ملك عبست بعدما سمعت ما قالته المرأة , ملمحة إلى وجود علاقة بينها و بين علي , اشمأزت من الأمر و قطبت جبينها " كيف يمكن أن يكون هذا الرجل حيوانا عديم الأخلاق , لدرجة أن يقيم علاقة مع خادمته الشخصية ؟ " سألت ملك نفسها و حدقت إلى ماري بنفاذ صبر , ثم قالت كلمة واحدة بقرف واضح " idiote " لم تفهم ماري ما قالته لها , بما أن الكلمة بالفرنسية و استفزها الأمر " ماذا قلت أيتها الماكرة ؟ كلميني بلغة أفهمها أيتها المغرورة " قالتها بغضب و كأنها توشك على ضربها في المقابل كانت ملك في قمة الهدوء , آخر شيء قد يستفزها هو اتهامات امرأة حمقاء , فهي سبق و أن سمعت أسوء مما قالته , من فم صاحب المنزل نفسه , و هي لن تنزل الى مستواها لتجادلها , لذلك اكتفت بالرد على سؤالها " حمقاء , غبية " كانت هذه الترجمة التي طلبتها ماري , و ملك أعطتها إياها بكل بساطة , دون حتى أن تتغير ملامح وجهها . بما قالته ملك أدرك علي الآن فقط , أنها سمعت و فهمت كل كلمة قالتها تلك المرأة , و أنها كانت فقط تتجاهلها , و قد أذهله برودها و ثباتها فجأة تحولت دهشة الرجل الى صدمة " هل يعني هذا أن ما يحصل الآن مألوف بالنسبة لها ؟ و أنها تتعرض للتنمر باستمرار , لدرجة أن أصبحت متبلدة المشاعر , أمام هذه الإهانات المتكررة و كأنها أمر روتيني ؟ لا شيء يفسر هدوءها أمام كل تلك الشتائم الا هذا " سأل علي نفسه بغيظ الأسوء أن هذه التهم تمسه هو , أكثر حتى مما تمس ملك نفسها , هو أكثر شخص يعرف أن بينه و بين ملك لم يحدث شيء , و أن كل هذه الاتهامات مجرد وهم في رأس خادمته المتطفلة . " و تلك العنيدة لم لا ترد على تهجمها ؟ أو أنها لا تصبح مجنونة شرسة و سليطة اللسان إلا أمامي ؟ " همس بسخط بينه و بين نفسه , و ضم قبضته الى جانبه بغضب . انتظر علي بعدها أن تبادر ملك للرد عليها , لكنها اكتفت فقط بما قالته و التزمت الصمت مجددا , فيما استرسلت ماري بسرد الشتائم و الاتهامات , و تأجج غضبها أكثر , بعدما أدركت أن ما تقوله لا يؤثر بغريمتها و انفجرت صارخة " أنت أيتها الحقيرة , أنا أكلمك لا تغضبيني أو سأشدك من شعرك العش هذا , و أمسح بك بلاط هذه الغرفة " أخذت ملك نفسا عميقا , و قررت أخيرا الرد عليها , فواضح أنها لن تدعها و شأنها هذه الليلة , و قالت دون فقدان هدوئها و رصانتها " اسمعيني جيدا , أنا لا يهمني ما الذي تعتقدينه , و لا ما يدور بينكما أنت و سيدك , لكن اذا كنت تشعرين بالغيرة , و تريدين إقامة علاقة معه , فهنيئا لك لأنني غير مهتمة , و بدل أن تقفي هنا تثرثرين عبثا , ما عليك إلا الصعود إلى الطابق الثاني و طلب ذلك , في النهاية أنت تعرفين غرفته أفضل مني " صمتت ماري و قد أفحمتها ملك , حتى علي تفاجأ فلم يتوقع ردا قاسيا كهذا , لم تمنحها ملك بعد ذلك فرصة للاستمرار في جنونها , و غادرت سريعا تحمل أغراضا الى المطبخ , تاركة إياها تحترق غضبا , و لم تلمح علي الذي كان يقف في الظلام , و قد سمع دون قصد ما دار هناك . تمالك علي نفسه و دخل بعدها الى الغرفة , حيث تفاجأت ماري برؤيته , و طأطأت رأسها متظاهرة بالتنظيف , معتقدة أنه حضر للتو و لم يسمع شيئا مما قالته , خاصة أنه لم يقل كلمة واحدة لزجرها , و اكتفى باستعادة ساعته و العودة الى مكتبه , بعدما رمقها بنظرة مستاءة جدا . لم يستطع علي أن ينام تلك الليلة , كان مغتاظا جدا بسبب ما سمعه سابقا , و كالعادة بدأ الصداع الذي أصبح لا يفارقه مؤخرا يفتك برأسه , ربما عليه مراجعة طبيبه قريبا لتحري الوضع , فقد يكون أمرا أخطر من مجرد ضغط نفسي كما أخبره , بعد أن تقلب عدة مرات في فراشه دون تحسن , قرر النزول الى المطبخ بحثا عن دواء , دخل هناك بكل هدوء دون إنارة المكان , أخذ حبة تفاح و اتكأ على الحوض , و بدأ بقضمها قبل تناول حبة الدواء , فالصداع وحده كاف لازعاجه , لا داع لألم معدة يرافقه . كان الوقت قرابة الفجر , استيقظت ملك كعادتها على صوت الحركة في الحديقة , فعم صالح يستيقظ لصلاة الفجر ككل يوم , يتوضأ في الفناء قبل أن يقصد المسجد , و قد صار مؤخرا بمثابة منبه بشري بالنسبة لها نهضت ملك من فراشها , متجهة نحو المطبخ لشرب كأس ماء , قبل التوضأ هي الأخرى لصلاة الفجر , فهذه عادتها اليومية التي لا تحيد عنها , دخلت المطبخ و اتجهت الى الثلاجة مباشرة , تريد قنينة ماء باردة , دون أن تنتبه الى وجود أحدهم بالفعل يقف هناك , يتكئ على الحوض يقضم تفاحة على مهل , و عينيه السوداوين تراقبان الشخص الذي دخل لتوه , سكنت حركة علي و هو يحدق ناحيتها , و دون الحاجة الى أي تخمين , بامكانه أن يقول من صاحب الخيال الهائم الذي ولج المطبخ للتو , كانت ملك تتثاءب بعينين نصف مغلقتين , تجر خفها و تمشي بتكاسل , وضعت يدها على القاطعة تريد فتح الإنارة لكنها تراجعت , لا تريد مواجهة أخرى مع ماري المجنونة , في هذا الوقت المتأخر , يكفي الموشح الذي سمعته قبلا . واصلت طريقها الى الثلاجة , و بعدما أخرجت القنينة تركتها مفتوحة لاضاءة المكان , و استدارت لأخذ كأس من خزانة الأواني , بمجرد أن لمحت الخيال الأسود حتى أصيبت بالفزع , هي لم تؤمن يوما بوجود الأشباح , لكن الهيكل الأسود الواقف هناك مخيف فعلا , صرخت صرخة مدوية موقعة القنينة , التي تدحرجت أمامها وصولا الى أقدام علي , و وضعت يديها على فمها بفزع . لم يحرك علي ساكنا مراقبا ما يحصل , و اكتفى بمد يده الى القاطعة خلفه لاضاءة المكان هو يعلم ان بدأت هذه المرأة بالصراخ , فسيفيق البيت كله , كما أن صداعه لا يحتاج تحفيزا اضافيا , لكن بمجرد أن وقعت عينيها عليه , تمنت ملك لو كان مجرد شبح كما خيل لها . ساد بعدها صمت رهيب لعدة ثوان , ضيق علي خلالها عينيه محدقا الى المرأة أمامه , من رأسها الى اخمص قدميها , مدققا في التفاصيل شعر مبعثر مع غرة تخفي جبينها , عينين عسليتين مرتعبتين متسعتين عن آخرهما , بعدما كانتا نصف نائمتين , و وجه شاحب بسبب المفاجأة . الطريف في المنظر هو ما تلبسه , منامة قطنية خفيفة زهرية اللون على شكل أرنب , مع قبعة تتدلى من الخلف بأذنين صغيرتين , و خف بنفس اللون , مع وجه أرنب على كل فردة "....." رفع علي حاجبيه أمام هذا المنظر , مانعا نفسه من التعليق , فملك الآن تبدو كنسخة مكبرة من رنا , حينما تستيقظ من النوم و سأل نفسه " لم لا يبدو أن هذه المرأة تواكب سنها , و كأن نموها توقف في عمر السادسة عشر ؟ و هل هذه المرأة الأرنب قادرة فعلا على اغواء أي رجل ؟ و لو كان مجرد مراهق كما قال كريم سابقا , و كما كانت ماري تتهمها قبل قليل ؟ بالتفكير في الأمر بعقلانية الجواب بكل بساطة هو " لا " فالشيء الوحيد الذي يشعر به الآن , أنها ظريفة كأرنب خائف , يرغب بالمسح على رأسه لتهدئة روعه . "....." " يا للمهزلة " صدم علي لطريقة تفكيره , بلع ريقه و سعل بخفة لاخفاء ارتباكه , دون أن يبدي أي تعبير على وجهه . أمام صمته المتواصل و نظراته المتفحصة , بدأت ملك تشعر بالاحراج و قلة الارتياح , و تكلمت أخيرا لكسر الجو المريب , فعيني علي تربكها فعلا و كأنها تكتسح روحها " ما الذي تفعله عندك ؟ " كان هذا كل ما خطر على بالها , و اجابة علي كانت بسيطة لدرجة السخرية " أقف في مطبخ بيتي أتناول تفاحة " قالها بكل جدية و أخذ قضمة كبيرة من تفاحته مثبتا الأمر شعرت ملك بالسخافة و رمقته بنظرة انزعاج , حينما أشاحت بنظرها لمحت علبة الدواء , على الحوض الى جانبه لكنها لم تعلق , قررت بعدها انهاء الأمر , فتقدمت و أخذت القنينة الملقاة على الأرض , و خطت بخطى سريعة لأخذ كأس , شربته دفعة واحدة و هرولت للمغادرة , فهي لا تأتمن هذا الرجل , و لا تريد التواجد معه في مكان واحد . في المقابل علي الذي ظل صامتا طوال الوقت , يراقب حركاتها و هي تفر كأرنب خائف , شعر بالحماس فجأة و كأنه أدمن استفزازها , أو ربما لأنه ضجر و يريد تسلية , لذلك و قبل خروجها بخطوة واحدة بادرها " أنت ألست طبيبة ؟ أليس لديك دواء للأرق ؟ " ثم أتبع سؤاله الساخر بابتسامة خبيثة على طرف فمه , منتظرا الانفجار القادم و كأنه ألقى قنبلة لتوه . و ملك لم تخيب ظنه , فقد استدارت بنفس النظرة المنزعجة في عينيها و ردت بلؤم " بدل أن تبحث عن دواء منوم , فكر في الجرم الذي ارتكبته تعاقب عليه و يمنعك من النوم " ثم تمتمت بينها و بين نفسها " أحمق " و قررت الاستمرار في طريقها و تجاهله , لكنها بمجرد أن استدارت للمغادرة , و دون انتباه منها ارتطم رأسها مباشرة بباب المطبخ " آي " صرخت عاليا بسبب الألم المفاجئ , و وضعت يدها على جبهتها محاولة التخفيف منه , علي الذي كان يتكئ بكل كسل على الحوض , واضعا يده في جيب منامته , استقام واقفا تعلو وجهه نظرة شامتة و ابتسامة لئيمة , فيبدو أنها نالت ما تستحقه , بعدما نعتته بالأحمق و علق على حالها " أوه تطبيقا لنظريتك العظيمة , يبدو أنك ارتكبت جرما , تستحقين الضرب عليه " ثم بدأ بالضحك بصوت عال حد القهقهة , و قد شعر بالرضا فجأة , حتى أن صداعه خف أخيرا . ملك التي آلمتها الضربة فعلا , كانت تقف مكانها ممسكة بجبينها , و تعض على شفتها السفلى مانعة نفسها من التأوه , حتى لا يشمت بها هذا البغيض , و اكتفت بارسال نظرة زاجرة نحوه و كأنها تقول " أصمت تبا لك " مع دمعة عالقة في طرف عينيها . كانت مغتاضة جدا منه و لكنها سرحت قليلا , فلأول مرة ترى هذا الرجل يضحك , لطالما كان وجهه كتمثال شمعي و ملامحه باردة , و كأنه مصاب بشلل في عضلات وجهه , لكنه يقف الآن هناك يضحك بطريقة هستيرية , و عليها الاعتراف أنه يبدو أكثر وسامة مما رأته سابقا , لكنها لن تعترف بهذا أمامه و لو قتلوها . بقيت ملك جامدة مكانها تحدق اليه , احمرت وجنتاها و هي ترمش بعينيها , متناسية الكدمة التي حصلت عليها للتو . بمجرد أن لاحظ علي نظرة الألم في عينيها , و تورم مكان الضربة بطريقة سيئة , حتى توقف عن الضحك و قد أدرك جدية الإصابة , ارتبك علي و قطب جبينه , ثم وضع التفاحة من يده سريعا , و خطا خطوتين إلى الأمام مقتربا منها , و دون أن يدرك الأمر سأل بكل اهتمام " هل آذيت رأسك ؟ هل تؤلم الى هذه الدرجة ؟ " 💞💞😘 ........ | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|