آخر 10 مشاركات
76 - أيام في العذاب - كارولين جينتز (الكاتـب : فرح - )           »          71 - طال انتظارى - آن ميثر - ع.ق ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          482 - خفقات مجنونة - ميشيل ريد ( عدد جديد ) (الكاتـب : Breathless - )           »          حَمَائِمُ ثائرة! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          413 - حبيبتي كاذبة - لين غراهام (الكاتـب : فرح - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          9 - الرحلة - آن ويل - ق .ع ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          83 - حائرة - فيوليت وينسبير - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree733Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-02-22, 04:17 PM   #171

*سارة عاصم*
 
الصورة الرمزية *سارة عاصم*

? العضوٌ??? » 439475
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » *سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Ektimal yasine
نورت احلى سارو عدنا والعود احمد
بدور بتمنى تنتفض عاضعف قلبها تجاه سالم وتوع لكلام.جدتها فعلا هوي اناني تعود عالأخد وآخر همو يعطي بدور بدور المستكينة وبحبها الو عم تطمعو اكتر واكتر ياىب تسمع كلام فاطمة ورابحة قبل ماةيفوت الأوان شالم نسخة مكررة من جدو ووالد رابحةللاسف
منجي لفارس هوي كتب بايدو نهاية قصتو مع بنون بسبب ضعفو وعدم خوضو معركة كرمال يغوز بخبها فاحأني تميم هل انتفاضتو كرمال اختو مؤقتة ام فعاا حس بالاسى عليها
سلطان عا شو ناوي رابحة مانها بدور ولا ممكن تسامحك اذا مشيت مع تفكير عبد اعزيز لو كانت الغاية الانتقام
رووعة تسلمي يارب

زهرورة and Nora372 like this.

*سارة عاصم* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-22, 05:41 PM   #172

*سارة عاصم*
 
الصورة الرمزية *سارة عاصم*

? العضوٌ??? » 439475
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » *سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ektimal yasine مشاهدة المشاركة
نورت احلى سارو عدنا والعود احمد
بدور بتمنى تنتفض عاضعف قلبها تجاه سالم وتوع لكلام.جدتها فعلا هوي اناني تعود عالأخد وآخر همو يعطي بدور بدور المستكينة وبحبها الو عم تطمعو اكتر واكتر ياىب تسمع كلام فاطمة ورابحة قبل ماةيفوت الأوان شالم نسخة مكررة من جدو ووالد رابحةللاسف
منجي لفارس هوي كتب بايدو نهاية قصتو مع بنون بسبب ضعفو وعدم خوضو معركة كرمال يغوز بخبها فاحأني تميم هل انتفاضتو كرمال اختو مؤقتة ام فعاا حس بالاسى عليها
سلطان عا شو ناوي رابحة مانها بدور ولا ممكن تسامحك اذا مشيت مع تفكير عبد اعزيز لو كانت الغاية الانتقام
رووعة تسلمي يارب

حبيبة قلبي وحشتيني ووحشتني ريڤيوهاتك الجميلة❤❤❤
عندك حق حقيقي.. خليهم كده


*سارة عاصم* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-02-22, 08:04 PM   #173

*سارة عاصم*
 
الصورة الرمزية *سارة عاصم*

? العضوٌ??? » 439475
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » *سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملك علي مشاهدة المشاركة
فصل هاديء لرابحة كالهدوء الذي يسبق العاصفة ربنا يستر 🤔🙈 و سلطان داير يلعب بديله مع بنت عبد العزيز 🤨
ساااالم ما اطيقك ربنا يخلص منك الحق و ياريت بدور تشد حيلها شوي و تقوي قلبها و تطلقه و انا متأكدة ان ربنا راح يعوضها على عذابها مع هذا الحيوان اكرهه و الله 😤
فارس خيب ظني اعتقدته اول الفصول مثل اسمه شهم و شجاع و سيقف للدفاع عن حبه لكنه مجرد جبان لا يستحق حب بنون اتمنى أن تتخلص منه و تجد من يحبها حقيقة 😍
فصل جميل يا سارة ما تطولي علينا ابغي اعرف كيف راح تقطع رابحة ديل سلطان 🙈🤭
حبيبتي ملوكة ... سالم نال حظًا وفيرًا من الحقد عليه وبصراحة يستاهل


*سارة عاصم* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-02-22, 08:06 PM   #174

*سارة عاصم*
 
الصورة الرمزية *سارة عاصم*

? العضوٌ??? » 439475
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » *سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غدا يوم اخر مشاهدة المشاركة
هلا بكاتبتنا
بارت تفاصيل صغيرة تودي لنتائج كبيرة هل اخت رابحة ستتخذ موقف من زواج زوجها
المفروض ان يتم التفاهم بين فارس واخو بنون بالطيب مادامهم مش مزوجين ولدهم لبنون مافي داعي اتهامها بشرفها لانه هذا مش السبب الي ماخلاه يتزوجها بل لانها من خارج الاسرة مادام هناك اخ يحاول يوفق بالاخص هناك مسموح بالزوج الثانيه الي غالبا اكثر تسامحا في اصلها او مواصفاتها
سالم يتحول لجدة عرفنا ليش الجدة تحبه وتحاول تعدله طلعت تحاول ترجعه
الجد ليش يكرهه عياله واحفاذةاحسه ينتقم منهم رغم انه لم يظهر في البارت
مازلت احس بنون تشابهه كثيرا رابحة كما ان اخو بنون يشابه ولد عم رابحة
بانتظار البارت الجديد قريبا
هو الموضوع كله مش كره ولا حقد... الموضوع في نقطة العادات المتوارثة والحرص على تطبيقها بحذافيرها... مفيش ضغينة بين حد... الحُكم بينهم نتيجة مُخالفة العادات فقط


*سارة عاصم* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-02-22, 08:31 PM   #175

*سارة عاصم*
 
الصورة الرمزية *سارة عاصم*

? العضوٌ??? » 439475
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » *سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل التاسع "الجزء الثاني"

الفصل التاسع "الجزء الثاني"
"لا أخفيك سرًا"
لا أخفيك سرًا يتدحرج بين جنبات صدري آملاً في حياة رغيدة
لا أخفيك وجعًا قضى على أفراحي قبل أن تولد
لا أخفيك قهرًا أصبحَ يرافقني مع انبلاج النهار ويتكاثف بسطوع النجوم
لا أخفيك حبًا ظللت أقبض عليه براحة يدي حتى اهترئ ... وها أنا أقف أمامك بفتات حُب، وطاقة قهر، ووجعًا مليئًا بالأسرار
**********


يُبحر في محيط التخبط ويغمره التشتت حتى وصل لهامته، بينما هو غارقُ فيه بإرادته فلو حكّمَ عقله في أمره لضاعت كل تلك المشاعر اللذيذة التي أعطته رونقًا ورغبةً في عيشها..
دارَ بعينيه في الأرجاء فلم يلمح أحدًا، بالتأكيد الجميع نيام في هذا الوقت من الليل حتى المضيفة التي يجلس فيها جده وجدته عادةً مُغلقة، تحركَ بضعة خطوات حتى اندفعَ إلى أذنيه صوتًا عاليًا يأتي من الخارج وتزامنًا مع التفاته وجدَ سالم يُمسك ذراع أخيه دافعًا إياه أمامه بحدة واضحة، مُزيدًا على هذه شتمه وتقريعـــه بأنه سيكون سبب العار للقبيلة!
-ما الذي يحدث هنا ولماذا تُمسك أخيك هكذا يا سالم؟
نطقها سلطان بهدوء لكن ملامحه شرحت الاستغراب وهو يتقدم ويقف حائلاً بينهما؛ لأنه يعرف اندفاع سالم والذي هتفَ غاضبًا
-اسأل العاشق الولهان خلفك والذي سيكون سببًا في مرمغة اسم القبيلة في التراب بسبب أفعاله الصبيانية وعقله الصغير
التفتَ سلطان ناحية فراس يُحدجه بتساؤل لكن الأخير كان فاضَ به كيل الإهانة وأرادَ أن يرد بعضًا من كرامته
-كفى يا سالم لن أقبل منك إهانة واحدة أخرى، لقد صمت هناك لأنك الكبير ولأن كلمتي في حضورك ستكون مسبة لك وتصغيرًا منك... لذا لا تطاول عليّ ثانيةً بكلامك هذا
-وتتبجح أيضًا وتُظهر عضلاتك؟ ألم يكفِ ما فعلته لتجعلنا أضحوكة بين القبائل؟؟؟ تجري وراء ابنة سُليمان لاهثًا وبدلاً من أن تُجنبنا الفضيحة تفعلها؟؟... عار عليك
هدرَ سالم ساخطًا رامقًا أخيه الصغير باشمئزاز، وفراس كاد يرد عليه بصراخٍ آخر لكن سلطان تحدثَ قبله ودفعَ بهما نحو المضيّفة قائلاً من بين أسنانه
-هذا النقاش سيوقظ المنزل بأكمله... لنُكمل حديثنا في المضيفة حتى لا يسمع أهل البيت نتاج التربية الجيدة لكما
رفضَ سالم ونزعَ ذراعه من قبضة سلطان
-لن أذهب ولن أناقش معه هذا الموضوع ثانيةً، لقد نصحته مرة ولم يفعل بنصيحتي وذهبَ للتصرف من دماغه... لعنة الله عليك يا فراس ستفتح أبواب نيران لن نستطيع اغلاقها
ظهرت القسوة في عيني سالم وهو يُخاطب أخيه بلومٍ سافر، والأخر يُتابع ما يحدث بندمٍ شديد كأنه حقًا المُذنب الوحيد وهم الجلادون الصادقون.. حُماة المبادئ!!
وغرَ الضيق في صدره من الكلمات المُجحفة التي ألقاها شقيقه للتو ليستعيذ بالشيطان في سره لكنه لم يعد قادرًا على التكتم للذل والإهانة المُرابضة للكلام الموجه له فبادر بقول شيء لكن ليقاطعه سلطان للمرة الثانية هاتفًا بقوة شملت حروفه، ونظرة ذات مغزى انبثقت كشعاعٍ ضوءٍ واثق من تأثيره
-احذر في كلامك مع أخيك يا سالم، فلو أخطأ يجب عليك تنبيهه بالعقل والحديث الليّن لا بالحدة واليد... وحتى إن كان مُخطئًا فهو من أبناء قبيلة الهاشمي فلو فُتحوا بابًا لأذيته سنفتح عليهم ألف باب لنكون حمايته
تنهدَ مخرجًا الهواء المُعبق بالسلبية ثم أضاف
-فراس ليس طفلاً بل رجلاً يجلس في المجالس العرفية ويؤخذ بشهادته ولا يستطيع أحدٌ أن يُقلل من شأنه ولو حتى أنت!!... ماذا تركت للأغراب؟؟ هاااا!!، والله يا سالم لو خاطبت أخيك بهذه الطريقة مرة أخرى سأخبر جدي وهو من سيتصرف
أشارَ إليه بسبابته كتحذير، وأعين العُقاب خاصته تنبجس بما هو أبعد من ذلك.. ازدردَ سُلطان ريقه ثم اضجعَ على إحدى الوسائد الموضوعة أرضًا كحال البقية
وفي المقابل أظلمت عينا سالم وبدا أنه على شفا حُفرة من الهزيمة.. وقد جاءَ حديثه اليائس مؤكدًا بقوله
-إذًا أنت تدافع عنه متجاهلاً اعتبار القبيلة والآن لا تخاف من رأي جدك إذا ما عرف بمصيبته مع ابنة السليمانية والفضيحة التي ستطالنا حينما تعرف باقي القبائل!!...
احتقنت ملامحه واستشرست عيناه بما يفضح غضبه، أدارَ رأسه ناحية أخيه فرآه مُتجهمًا لا ينظر إليه كأنه يزدريه، أعادَ انتباهه ناحية سلطان ليُردف شامخًا برأسه عاليًا وحروفه تصيب مقصدها
-لا يمكنك التشكيك في حبي لأخي أو قدرتي على حمايته.. فلو طُرفت عينه سأقيم الدنيا ولا أقعدها لكــن مقصدي مما فعلته هو منع الخطأ من البداية حقنًا للدماء
رمقَ أخيه نظرة أخيرة ثم تركَ المكان بأكمله واندفعَ ناحية غُرفته هو وبدور، وفي ذهنه جُملة واحدة .. كيف أعود إلى يأسي مرة أخرى؟
نظرا الاثنان إلى بعضهما وسادَ الصمت بينهما قصيرًا إلى أن قطعه سلطان بكلمتين جامدتين
-معه حق!
-حتى أنت؟
استنكرَ فراس في إجفال من جُملة سلطان، ليُطالعه الأخر بنظرة ذات مغزى
-أنت تعلم أن أخيك معه حق، لكن مشكلته يتصرف بتهور دون حساب أو تبرير لكن إذا رأيت الدافع وراء هذه التصرفات.. ستعلم أنه لا يقصد إلا خيرًا
تجعدَ كفه في قبضة وصارَ يُتابع ملامح فراس التي لانت قليلاً وانتظرَ رده على قُنبلته التي فجرّها للتو
فهو يعرف سالم حق المعرفة...يُحب أخيه لكنه لا يستطيع التعامل معه، كحاله مع بقية البشر
يعتقد أن الإنسان مُحرمٌ عليه ارتكاب الخطأ، ولو فعل يتم معاقبته بأشد الطرق قسوة، يأمر بالمعروف لكنه ينسى أنه "لو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك"... ورغم ذلك هو لا يجور عليه في نصحه لأخيه بل ينتقد الطريقة!
-أنا أحب بنون... ولا أستطيع التخيُّل أنها لن تكون من نصيبي
ارتمى فراس جالسًا بانهزام، كتفيه متهدلين كمن فقدَ أمله في الحياة، لكن الفرق أنه أصبحَ سماءً خالية دون نجوم، فقط سوداء حالكة حتى القمر أبى أن يتوسطها فاستحال إلى مُحاق
ربت سلطان على كتفه مواسيًا
-مشكلتك أنك لم تتصرف بذكاء في المرة الأولى ووقفت أمام جدك وأخبرته بالجريمة التي أنت مُقدم على فعلها.. "اشتدت أصابعه حول كتفه ليقول موبخًا عندما حدجه فراس مُعترضًا" لا تنظر لي هكذا!! .. أنت تعرف مقدار تمسُك جدك بالعادات وما طلبته مُحرم في قبيلتنا!!
أزاحَ يد سلطان التي آلمت كتفه، وأردف مُلقيًا اللوم عليه
-لقد أخبرتني أن أقتحم وأحارب ببسالة... فعرضت عليها أن نهرب سويًا
تذكرَ حديثه عندما أخبره فراس بأنه مُعجب بفتاة ويريد الزواج بها، وحينما سأله عن أبيها أخبره باسمها فاستشفَ سلطان من لقب عائلتها أنها ليست من القبيلة ... وحينها أعطاه نصائح والأخر نفذها بحماقة
انهارت ملامح سلطان المواسية ليحل محلها الدهشة من كم الحماقة التي يمتلكها فراس
-تهربان؟!!... يا إلهي أخبرتك أن تتصرف كرجل وتعطها إحساس أنك ستحميها فتخبرها أنكما ستهربان؟!!!...
حاوطَ رأسه بكفيه، وكزَّ على أسنانه مُغمض عينيه وكأنه عند فتحهما ستلاشى هذا الكابوس المتُمثل في ابن عمته الخارق للذكاء
حاول أن يستعيد شتات نفسه ويتحدث معه بنبرة هادئة، لكن صبره قد بدأ في النفاذ
-أخبرتك أيضًا أن تتصرف بذكاء وأن تأخذ الجميع في صفك أولاً يا غبي لكنك نزلت ساحة المعركة وحيدًا ليس معك جنديًا ولا حتى سيف... كيف ستنتصر؟؟! أخبرني؟؟!!... بدعاء الوالدين أم بالسحر!
هزَّ رأسه نفيًا من كم الغيظ الذي يتوارى خلف نُطفة أخيره من صبره
-لا لا .. أنا أخاف من ذكائك حقيقة لقد فُقت رابحة في الذكاء
-وما بها رابحة يا أبو السلاطين؟؟
التفتا الاثنان في آن واحد نحو الصوت الأنثوي الآتي من ناحية باب المضيفة، وبرقا بصدمة لتتجمد الحروف على شفتي كل منهما، وبقيا صامتين دون أن ينبسا ببنت شفه، ارتفعَ حاجبها الأيمن وهي تدلف على مقربة منهم ترمقهما بتساؤل
-ما الذي كنت تقوله من وراء ظهري يا سلطان؟؟ هل تصح الغيبة في مجلس من المفترض أن يكون مجلسًا للرجال؟!!
ألقت جُملها بتواتر وفي كل كلمة كانت تقترب منهما حتى وقفت في المنتصف وأطبقت ذراعيها لصدرها منتظرة الإجابة.. والتي لم تأتي أبدًا
-حسنًا أترككما معًا يبدو أن لديكما الكثير لتقولانه
تملصَ فراس متمتمًا واستقامَ واقفًا يستقبل نظرات سلطان الشزرة نحوه بلا مُبالاة
-اجلس يا فراس وإلا أخبرت جدي أنك ستهرب مع فتاتك
همسَ سلطان من بين أسنانه ليُجيبه الأخر باعتداد دون أن يفقد توازنه
-أن يعرف جدك بأمري مع بنون خيرٌ من نقاش أخوضه مع رابحة... خاصةً وهي تنتظر إجابة سؤال.. أترى كيف تقف؟ .. أنا خائف
ظهرت معالم التوتر على ملامح فراس ليزدرد سلطان ريقه ويحاول ببطء أن ينظر لرابحة التي نفذَ حِلمها وهتفت باندفاع
-ما الذي تهمسان بشأنه؟؟ تتحدثان عني ثانية؟!
-نعم
لم يُمهلها فراس أن تستوعب ما قاله، فما إن أنهى حرف الميم حتى انطلقَ نحو الخارج، نافدًا بجلده الرقيق من بين براثن رابحة تاركًا سلطان ذا الجلد السميك يتبادل معها حوارًا يعرف أنه لن يكون شيقًا على الإطلاق!
*********
الأمان...
ليست كلمة من ستة حروف، بل شعورًا يسع ستة أوطان؛ وطن السعادة، وطن الحب، وطن الثقة، وطن الراحة، وطن المُتعة، ووطن الاحترام...
-إذًا.. أمي تريد أن تقول لكِ شيئًا يا نهاد..
أشارَ عُدي إلى والدته التي وقفت مُتصلّبة بداخل الغرفة أمام الباب، تفرك كفيها غلاً، عينيها أرضًا ويلتوي شدقها بحنق ولا يظهر الخير من ملامحها المكفهرة
-لم أقصد ما فعلته كنت أريد فقط مصلحتك... أنا أعتذر
تبادلت نهاد النظرات مع عدي في استفهام ليومئ لها برأسه في حركة مُطمئنة وابتسامة خافتة، مما جعلها تربت على كتف والدته قائلة بنبرة دبلوماسية
- لا عليك لم أعد غاضبة يكفي مجيئك إلى هنا
اختلجت عضلة في فك ثريا ورفعت رأسها بغتة للتقابل نظراتها الكارهة مع نهاد الهادئة، والتي وعت جيدًا أي سهام ترشقها بها زوجة والدها
اهتاجَ صدر ثريا من ردها الهادئ لكنها لم تُعلق وحوّلت نظرها نحو عدي لتقول له بنظراتٍ معاتبة كأنها تخبره ها قد دست على كرامتي واعتذرت لخاطرك
-هل تريد شيئًا آخر يا عدي؟
-لا يا أمي .. لقد أنارت الغرفة بزيارتك هذه المرة
قالها بينما يحيط بكتفيها ويتجه بها إلى الخارج، وقفا على أعتاب الغرفة ليُقبل رأسها ثم يديها في حنوٍ شديد
-أتمنى أن نبقى على هذا الحال دائمًا
ملّست على رأسه في حب أموي قبل أن تُعطيه ابتسامة حقيقة وتتحرك من أمامه إلى غرفتها، وما إن أغلق الباب حتى اضمحلت الابتسامة وتحولت شفتيه المنفرجتين إلى خطٍ مستقيم مذموم بقوة جرّاء الغيظ المعتمل داخلها، عادت سريعًا أمام غرفة ابنها ووضعت أذنها على الباب تسترق السمع
وجدت من يحط أصابعه على كتفيها فوثبت في مكانها بانتفاضة اجتاحت جسدها... فقد كان الشيخ كامل
وفي الداخل
-لن أنساها لك.. لقد شعرت
احتضنها وقبّلَ رأسها بكل الحب الذي تحتاجه
-لا أستطيع رؤيتك حزينة وعلى حق دون أن تأخذيه
رفعت نهاد بصرها إليه وقالت في امتنان
-لقد شعرت بالأمان في تلك اللحظات القصيرة التي سأتذكرها دهرًا بأكمله... لم أتخيل في أحلامي أنك ستنصفني
شدد احتضان ذراعيه حولها ليقول بتفاهم ومحبة لتلك المرأة القابعة على صدره
-الأمان هو أساس النجاح لكل العلاقات، وطالما أنتِ على حق سأنصفك دائمًا
نطقت بسعادة
-أحبك
-وأنا أيضًا أعشقك
**********
-أنت لم تجبني؟!
قالتها في دلال بينما تتقدم في خطواتها وصوت خلخالها الفضي الرنان يعزف معزوفته الصاخبة على أوتار الليل الهادئ خالقًا نغمة خاصة بها"، مزيجًا غير متناغم لكن يليق بصاحبة الأنوثة الشرسة!
وقفت أمامه ترفع حاجبيها وذراعيها يتموضعان على صدرها في حركة مُعاكسة فبدت كمعلمة تنتظر إجابة تلميذها، لكـــن تلميذها نجيب، شاطر تعلم منها الدهاء وصار يُجيد فنونه في خداعها
تخلى عن جلسته واستقامَ واقفًا، ليعرض طوله الفارع وتتزاحم رائحته أمام فتحتي أنفها تاركًا أريجها يعبر للداخل قاصدًا فص عقلها الخاص بالانتشاء
رمشت بعينيها قليلاً مُجفلة، لقد أشرفَ عليها من علوه فصارت أمامه كأنها قصيرة القامة رغم أن طولها مناسب، حاولت أن تستعيد سيطرتها على الموقف كعادتها التي تأبى الخسارة
-أنت تتملص في الإجابة
ارتفعَ طرف شفتيه في شبه ابتسامة رجولية جعلت حدقتيها تضطربان في وجل، وتفقد التحكم في ضربات قلبها وأوصالها الخائرة... لكنه لم يرحمها وأردفَ بصوتِ أجش
-لم أنتِ مستيقظة حتى الآن؟
أشاحت بنظرها بعيدًا ولم ترد ليُعيد السؤال بصيغة أخرى
-إلى أي مصيبة تفكرين؟!
الآن أصبحت هي المُدانة ويجب أن تعطيه الإجابة وعاجلاً أم آجلاً سيحصل عليها بطريقته
-أنت دائمًا تظلمني
فضلت أن تسلك طريق التودد لكنه كان بالمرصاد فملامحه باتت جامدة لا تتحرك حتى زفرت ونطقت أخيرًا
-كنت في غرفة جدتي أتحدث معها.. هل ارتحت؟
-كثيرًا
همهمَ قبل أن يتجاوزها في طريقه للخروج، تفاجئ بها تصيح من خلفه
-إلى أين تذهب؟
-إلى غرفتي هل لديك مانع؟
اغتاظت من بروده بعدما عاثَ فيها الفساد فاندفعت حتى وقفت أمامه وهتفت بحفيظة مُثارة من قِبله
-لم أنتهي من الحديث معك يا سيد سلطان... هل تخبرني ما الذي تحاول فعله؟؟
أمالَ رأسه للجانب وقالَ باستمتاع لثورتها
-ما الذي أحاول فعله يا رابحة؟!
ضيقت عينيها ورفعت سبابتها أمام وجهه مُحذرة
-لا تتلاعب معي يا سلطان.. ولا تجاوب على أسئلتي بأسئلة أخرى.. ولمعرفتك أنا لا أخاف منك وقد أخبرتك سب تيقظي لأني أريد هذا ليس لأنك أردت
أخفض هامته حتى وصلت لمستواها وأعطاها نظرة مُسلية وابتسم هذه المرة فارجًا عن أسنانه النضيضة ليُتمتم بتلاعب
-أعلم!
اضطربت واتسعَ بؤبؤي عينيها تحت تأثير جهازها العصبي المُخدّر من هيبته الطاغية عليها!، لم عليه أن يكون ماكرًا خبيثًا؟ لم لا يكون متواضعًا واضحًا؟
لكـــنه وللحقيقة تحبه في كل حالاته... وتعشق القليل البادر منه
وجدها تقف بلا حراك لا تنطق فأطلقَ ضحكة خافتة ثم رفعَ هامته مرة أخرى وأردفَ بنبرة عادية
-حسنًا الآن اذهبي لتنامي .. فغدًا يومٌ طويل
أومأت دون اعتراض وابتعدت عنه كأنها تريد الابتعاد عن تأثيره الذي اشتبكَ مع عقلها ونازله في معركة انتصرَ فيها بقوة!
أعطته ظهرها وابتسمت بخجل لكـــن طرقة قوية على الأرض من عصا غليظة أفاقتهما من سُبات المشاعر... والطرقة لم تكن إلا لعصا الشيخ كامل الذي يرشقهما بسهام الغضب.. دون الحديث عن ذعر الجميع من غضبه
انتهى الفصل..


*سارة عاصم* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-02-22, 08:58 PM   #176

رحاب المانوليا
 
الصورة الرمزية رحاب المانوليا

? العضوٌ??? » 354830
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 202
?  نُقآطِيْ » رحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond reputeرحاب المانوليا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نورتِ والله واخيرا عدنا
اخت رابحة تستاهل اللي صاير لها ظلمها لاختها رجع عليها رغم انه رابحة تحبها وكويسة معاها استغلت دور البنت الطيبة الحنونه وحب والدها لها وكرها لرابحة كانت مثال للبنت الانانية يلا سالم يستاهلك وتستاهلي عقليته الرجعية وشكل بنته ياروحي مريضة سكر من كثر الخوف اللي عايشته وكره سالم لها
الجد صراحة دكتاتوري اي عصر عايش وهو حارم البنات وكأنهم عبئ وعار هذا شيخ وفاتح مجلس وتحتكمله الناس وهو ظالم اهل بيته وبناته
وسلطان ينهي في فراس وهو فعله زيه بيستغل بنت عبد العزيز ووعده لرابحة وين راح ولا بياخد الاتنين شخصية رابحة واضحة مش من النوع اللي يرضخ واخ بنون حبيته بعد ماكنت حاقدة عليه 😂😂
مشكورة ع البارت يالله صبرنا للسبت الجاي


رحاب المانوليا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-02-22, 09:35 PM   #177

*سارة عاصم*
 
الصورة الرمزية *سارة عاصم*

? العضوٌ??? » 439475
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » *سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

[quote=رحاب المانوليا;15855471]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نورتِ والله واخيرا عدنا
اخت رابحة تستاهل اللي صاير لها ظلمها لاختها رجع عليها رغم انه رابحة تحبها وكويسة معاها استغلت دور البنت الطيبة الحنونه وحب والدها لها وكرها لرابحة كانت مثال للبنت الانانية يلا سالم يستاهلك وتستاهلي عقليته الرجعية وشكل بنته ياروحي مريضة سكر من كثر الخوف اللي عايشته وكره سالم لها
الجد صراحة دكتاتوري اي عصر عايش وهو حارم البنات وكأنهم عبئ وعار هذا شيخ وفاتح مجلس وتحتكمله الناس وهو ظالم اهل بيته وبناته
وسلطان ينهي في فراس وهو فعله زيه بيستغل بنت عبد العزيز ووعده لرابحة وين راح ولا بياخد الاتنين شخصية رابحة واضحة مش من النوع اللي يرضخ واخ بنون حبيته بعد ماكنت حاقدة عليه 😂😂
مشكورة ع البارت يالله صبرنا للسبت الجاي[/quot
ريفيو جميل وعندك حق جدًا❤
سلطان نصحه إنه يتعامل بذكاء وفراس غبي😂😂
الفصل الجاي يوم التلات بقيت بنزل فصلين في الاسبوع مؤقتًا


*سارة عاصم* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-02-22, 04:11 PM   #178

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,966
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

جزء صغننن جدا بس رووعة
سالم دبش والله ما بيعرف يوزن الكلمة قبل ما تطلع منو وبيقيس ابكل عامقاس تصرفاتو هاد ما بيمنع انو فارس غلط مع بنون وخذلها وخسرها للاسف
عدي يا محلاه وشو حبيت تصرفو لكن يا خوفي من ثريا ماراح تمرر هالشي لنهاد
رابحة ابعدي عن سلطان لحنى يعرف قيمتك بحياتو
القفلة الله يستر من الجد وخصوصا كرهو لرابحة شو راح تكون ردة فعلو وسلطان هالمرة اذا سكت ما بيستاعل رابحة تسلم ايدك اخلى سارو


Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-22, 08:02 PM   #179

*سارة عاصم*
 
الصورة الرمزية *سارة عاصم*

? العضوٌ??? » 439475
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » *سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل العاشر "المشاركة الأولى"

الفصل العاشر
"لقد نفذت وعدي"
بهتت الوجوه وصارت الجدران ضيقة حتى بات التنفُس صعبًا في الحجرة، و غريزيًا اقتربت رابحة من سلطان بضعة إنشات حتى تُصبح تحت سلطة هالته، دون التنبُه إلى نقطة خطيرة، وهي أنا أقرت بحمايته لها. أما عنه فقد لاحظَ حركتها واندهش لكن الجزء الكبير منه كان مُعتدًا، واثقًا مُحبًا لما قامت به!
-إذًا ما تقوله خنساء صحيح وأن هناك شيئًا بينكما لن أستطيع إنكاره وقد رأيت بأم عيني ما يحدث!، لقد كنت أظنك عاقلاً كفاية يا سلطان حتى لا تزل قدمك في الرذيلة.. وأنتِ..
تدفقت كلمات الشيخ بغلظة ولم يستحِ أن يرشقهما بنظرات قوية قاسية خصت رابحة، وأخرى كان تستفهم بحدة استقبلها سلطان بصدرٍ رحب كأنه يتجهز لهذه المواجهة!
ورغم الرعب الذي خيّم على أوصال رابحة نطقت بصوتٍ يكاد ثابتًا
-لم يحدث شيئًا بيننا كنا نتحدث فقط..
تفلتت حِبال غضبه وهتفَ ساخطًا
-اخرسي ولا تتحدثي يا فاسقة، يا عديمة التربية.. يجب أن تخجلي من نفسك وأنتِ مضبوطة معه في هذا الوقت المتأخر من الليل
كان يُشير بعصاه بينما يتحدث وفور أن أتم كلماته حتى اندفعت قائلة بعصبية انتفخت لها أوداجها
-أخجل من نفسي؟؟ كنت أقف من ابن عمي نتحدث والباب مفتوحًا!! و لم علىّ أن أخجل وليست تلك التي أخبرتك كلامًا بالتأكيد لم يحدث حتى تأتي مشحونًا هكذا علينا
-رااابحة!!
صوت سُلطان العالي نبهها أنها تحدثت بقلة أدب وهي تعي ذلك لكـــنه مسَّ كرامتها ونطقَ على الوتر الحساس الذي ظلوا يطرقون عليه بمطارق الذنب لسنوات، وفي تلك اللحظة لم تعد تحتمل وانفجرت..
همَّ كامل بأن يضربها لكن سلطان حالَ -بوقوفه- بينهما، خاطبها من خلف كتفه وتلك المرة بعنف
-اذهبي لغرفتك الآن
-لكــن..
لم يُمهلها فرصة للاعتراض إذ جأر من بين أسنانه
-الآن يا رابحة
أغمضت عينيها مستسلمة لكنها ليست راضية، وقفت عندما وجدته يُجلس جده على الوسائد الأرضية ويحاول تهدئته بالكلمات، خاطرت بشجاعتها تلك المرة عند وقوفها على باب المضيفة وأردفت بصوتٍ يحاول أن يكون واثقًا رغم تهدُج شفتيها
-تذكر وعدك لي يا سلطان
تصلبَ جسده في وقفته وغامت عيناه بمزيجٍ من الشجن والعاطفة وقبل أن يستدير ليُجيبها كانت قد أطقت العنان لقدميها نحو غرفتها وتركتها يُدير معركة، شرسة ستقلب الأمور رأسًا على عقب!
************
الفوضى...
عندما يتبعثر داخلك، وتجد محتواه مشتتًا... فإنه يستحيل إلى فوضى المشاعر!
بدور
ينامان على فراشٍ واحد كلٌ منهما يُعطي ظهره للأخر، وهي التي كانت لا تبعد عنه مقدار خمسة سنتيميترات، لكن خوفها لم يكن بالمسافة الفعلية بينهما، كانت مذعورة وقلقة من الشق الذي يفصل بين قلبيهما، تترقب حالته بوجل، طالما هي ليست السبب لن تلوم نفسها، وبغير وعي منها كانت هي السبب في اتساعه تلك المرة
تخاف أن يحرمها منه، يقطع ذاك الحبل الذي تتمسك به، فهي تراه كطوق نجاة وسبيلاً لعيشها، بينما الأخرون يروه كمشنقة ستضيق الخناق حولها حتى تسلبها أنفاسها...
وهي لا تهتم طالما هو معها.. لقد تعودت عليه حتى صارَ كل عالمها، وهي الآن ليس بيدها سوى تأنيب نفسها لأنها استمعت لكلام رابحة وجدتها، وحجتها هي أنهم لا يرون سالم على حقيقته ولا يعرفون ما في قلبه تجاهها

أما سالم
فالدنيا كانت تقوم وتقعد في رأسه، لا تتوانى خلاياها العصبية في تنغيص تفكيره وإلحاق الجُمل التي تُثير حفيظته أثناء ما يُغمض عينيه
وكأنه كان ينقصه مشكلة أخرى حتى تُزاحم ما يعتمل داخله، فجاءت مشكلة فراس لتُزيد على شعوره بالحزن والخذلان شعورًا آخر بالغيظ!
لم يتوقع أن تفتعل بدور مع مشكلة وتجابهه ندًا بند ويصل الأمر لهذا الحد الموجع لكليهما!
نعم يُحبها، ويعشق كل تفصيله بها، فهي كانت البذرة التي استقرت داخل قلبه من صِبها حتى صارت امرأة يافعة فكبرت البذرة حتى أصبحت نباتًا يانعًا، وكم تألم واهتاج عندما أصدرَ الجد قرارًا بزواجها من عُدي، وبعد أن هربَ عُدي جيئت فرصته على طبقٍ من ذهب وتزوجها، ولا كلمات تستطيع وصف ما شعرَ به ليلتها..
وللأسف على كل قصة حُبٍ أن تُزيّل بـــكلمة "لكـــــن" ليأتي بعدها ما لا تطيقه القلوب
فلقد وُلد سالم وتربى على أن للرجل كرامة في منزلة ولا صوت يعلو فوق صوته، وأن هيبة الرجل وعلو سُمعته بولادة ابنٍ له!
ولهذا أبى الزمن أن يتصرف ويحل بينهما الخلاف الدائر حول قضية أطرافها غير متشابهين، فطرفٌ مُدبب والأخر محنيّ لم يُزده اقتراب الأخر منه إلا انحناءً فلا يجتمعان بسلام..
*******
-هل جننت يا سلطان؟ تريد الزواج من رابحة؟
انطلقت الكلمات من فم كامل بدهشة وأعينه مُسلّطة على سلطان الهادئة ملامحه كأنه لم يقم بتفجيــر قنبلة نووية لتوه!
همَّ سلطان بالحديث ليأخذ كامل الدفة منه قسرًا مُلقيًا بأمواج كلماته الساخطة النابعة من رياح غضبه
-حتمًا تهذي أو أنني أتخيّل هيئتك أمامي فبالتأكيد لو كنت أنت لن تطلب مني هذا الطلب أبدًا ... سأذهب للنوم وغدًا سأكون قد تحسنت وتوقفت عن تلك التهيؤات
أطلقَ سلطان ضحكة خفيفة ممتصًا صدمة جده تزامنًا مع إمساكه لساعده حتى يمنعه من القيام، ثم أردفَ ببقايا ابتسامة على شفتيه
-حاشا لله يا شيخ كامل أن يجور بك العمر وتنسى أو تتهيأ ما زلت قويًا تزن الأمور جيدًا وفي صالحنا
ألقى بخطاف كلماته الأخيرة لتُصيب مغزى مُعينًا في رأس كامل، والذي ردَ باحتجاج لا يخلو من زهو
-أعلى أنني مازلت أتمتع برجاحة عقل لم يصل إليها أحدٌ بعد لكني كنت أعطيك فرصة ووجدت أن أتدعي عدم سماع ما قلته أفضل من تصديقه .. وبالمناسبة هذا التملُق والغباء لا يليق بك ... يُحزنني أنك تفقد هيبتك بوقفتك معها في هذا الوقت المتأخر ووحدكما ... بئس ما فعلت يا سلطان
تقبَّلَ سلطان نظرات جده اللائمة بامتثال لأنه أخطأ في أخر جزءٍ من كلامه، ثم عادَ يطرق على الحديد وهو ساخنًا قائلاً
- أطال الله في عُمرك يا جدي، لقد كانت ذِلة مني وأرجو عفوك.. لكنك أيضًا تثق في قرارتي وحكمتي في تلك الأمور، لو لم أرد رابحة لما كنت طلبتها من الأساس وضحيّت بالكثير لأجل هذا الأمر
اُضرمت النيران في خلايا الشيخ ليقول بفرطٍ من انفعال
-المشكلة أنك تريدها... هذه هي المشكلة .. لا أعلم ما الذي فعلته لك تلك الفتاة حتى أراكَ بها الانهزام نحوها والآن تقف أمامي وتطلبها مني وأنت تعلم أنني أعطيت كلمة لآخر ولن أعود بها... تتذكر هذا اليوم صحيح!
تصلبت ملامح سُلطان وخفت بريق عينيه الغاشم عندما تطرق الشيخ لأمر حماد الذي يحاول جاهدًا أن يتناساه، وها هو جده يأتي ملقيًا ملحًا على الجراح لتتفتت أطرافها وتُفتح من جديد... مشهد ضرب أبيها له جعله يغلق عينيه بسخط تدافعَ إلى أعصابه فأغلق أصابعه في قبضة تشكلت لا إراديًا سببها الغيرة!..
حاول أن يُهدئ نفسه لأنه لو فقدَ أعصابه لانهار كل شيءٍ على رأسه، ولو في الجحيم لن يستطيع الاجتماع بها، استجمعَ شتات نفسه ورتبَ أفكاره التي تبعثرت إثر ذكر اسم غريمه وعادَ يتحدث بجديــة وإصرار متأصل
-اسمعني يا جدي وفكر في الأمر جيدًا من أجلي، لقد تحدثت مع جدتي في هذا الموضوع قبلاً لكني لم أقم بأي خطوة مسبقًا، وعندما تأكدت أنني أريدها حقًا، صُدمت بما تقوله لحماد في المجلس ولهذا لم أتحدث لأنني لا أستطيع تكسير كلمتك أمامهم ... ولهذا أخبرك الآن أنني أريد رابحة... أريدها كزوجة ليّ
لقد فاق الأمر قدرته على قول هذا الكلام أمام جده، لم يخجل ولم يخف من تفكير الجد نحوه إزاء أفكاره، لقد تصرف بغريزة رجولية، شريفة مُحركها الأساسي كانت جُملتها اليتيمة "تذكر وعدك لي يا سلطان"...
نُطقها لاسمه بكل هذا الاستسلام الغير معهود من شخصية قوية مثلها، جعله يُقدم على تلك المجازفة ليخرج منتصرًا... فنسل الهاشمي لا يليق بهم سوى الفوز
وعلى النقيض فالاعتداد الذي يشعر به سلطان، كان يتردد داخل الجد كصدى مُقلق، وعنيف ... يدوي كصاعقة وكلمة الرفض كانت أول البوح بعد الحجارة التي ألقاها حفيده في وجهه
-لن يحدث هذا أبدًا لقد أعطيت كلمة لحماد وهو من سيتزوجها ويتكفل بها ابقَ أنت بعيدًا عن الأمر لأنني لن أسمح بأمور الحب أن تشغل عقلك وتسحبك عما ستفعله
برقت عينا سلطان في عزم وهو يرى الرفض يتملك من جده، وأدركَ ما يرمي إليه بالحديث، فهو ليس ساذج حتى لا يعلم أن ما سيفعله هو "عبد العزيز وابنته" وإن كان جده لم يُصرح بهذا مُباشرة، لكنه تلك المرة اختارَ الحروف المناسبة والمنطقة التي ستجعله يُفكر في طلبه على الأقل
-بعيدًا عن كلمات الحب وأشعار الغرام التي لا تُناسبني كثيرًا، لكـن لنفترض أنك زوّجتها لحماد وصرفت أنا نظرًا عن الأمر.. هل تعتقد بحُكم تعاملك مع رابحة يا جدي وفطنتك أن حماد سيستطيع أن يكبح جموح رابحة؟ .. هل تجزم ليّ أن قادرًا على الحد من ثورتها والتحجيم من أفعالها؟! ... أقسم لك أنه "لا"
ثم أضافَ مُفسرًا بعدما استرعى انتباه جده لتلك النقطة
-هذا ليس تقليلاً من شأن حماد والله لم تكن نيتي هكذا، فهو يمتلك خصلات يعيش بها وشريكة حياته يجب أن تتعايش معها ، لكنه لن يقدر على التفاهم لأن شخصيتهما قريبة من بعض إلى حدٍ ما، شخصيته عصبية للغاية ولا يُحجم أفعاله وقد يتطور الأمر بينهما لمشاكل عديدة تسري سيرتها بين القبائل كالنيران في الهشيم.. وأنت بالتأكيد لا تريد أن ينعقد مجلسًا كل ساعة...
صمتَ وهلة يُقيّم ملامح جده التي لانت قليلاً، لكــن عينيه لا تنفكان عن طرح الأسئلة، محفوفة بغموضٍ لم يُعجب سلطان، لكنه في النهاية قالَ بابتسامة مُستسلمة رافعًا يديه
-فزوّجها لي حقنًا للدماء
-وكيف ستقنع حماد بهذا؟ هل أخبره أنني وجدت شخصيته لا تليق على شخصية رابحة وهذا الهراء الذي قلته
تغلّب الحماس على سلطان بعد سماع كلماته وهتفَ موضحًا
-لا ستخبره أنت أنني طلبتها من عمي محمد في وقتٍ سابق ولم أحدثك بشأن هذا الأمر وأنك لم تعلم إلا بعدما أعطيته كلمة... وبهذا سيكون ارتباطه بها باطلاً لأنني تكلمت عليها أولاً ... وهذه الحقيقة لقد حدثت جدتي بشأنها قبل حماد
هزَّ كامل رأسه و احتضنت قبضتيه العصا ونطقَ بنبــرة غامضة
-ومحمد؟
اضجعَ سلطان على المسند خلفه كقائد ضمن الظفر بمعركته
-أمره سهل.. أنت ستقنعه يا جدي وهو لا يُكسّر لك كلمة "اعتدلَ في جلسته مرة أخرى ثم مال على جده قائلاً بجدية ونبرة خفيضة بعض الشيء" لكن لا تخبره يا جدي بما قالته خنساء لأني اعلم أن ما قالته في حق رابحة ليس حسنًا وسيقلب الدنيا وأنت تعرف عمي محمد لن يتوانى عن ضربها
"تستحق"
همسها كامل في نفسه لكنه لم يُخرجها لتطن بأذن سلطان، جالَ بعينيه على ملامح حفيده ليرى أن بوادر الحب بدأت تنمو، وبذور السعادة تغرز نفسها جيدًا في أرضه العزيزة الهيّبة

ابتسمَ له سلطان فبادله بأخرى ، لكنها لم تكــن ابتسامة عادية كانت تحمل إدراكًا من نوعٍ آخر، وقلق من الهوة سيقَ إليها حفيده ... هوة أن سلطان قد وقعَ في حب رابحة.. وعليه أن يحدّ من قوة سقوطه
-حسنًا يا سلطان أنا موافق على زواجك منها والخطة التي وضعتها، وهذا يُنبئني أنك كنت تخطط منذ زمن رغم أنه لم يظهر عليك شيء من هذا القبيل
تهللت أسارير الأخر لكن في اعتدال والتقطَ يد جده ليُقربها من فمه تزامنًا مع ميل جذعه ليُقبلها بامتنان حقيقي، لأنه يعرف كيف أن جده يُعطيه مكانة خاصة وقد وافق على أمرٍ مُستحيل لأجله... بينما هو استغلَ الفرصة حق الاستغلال ...
-لكن لديّ شرط لأقبل الزواج
أبى كامل أن يتركه ينعم بما حققه، واستغلَ هو الأخر فرحة حفيدة الذي هتفَ منتشيًا
-اشترط ما تشاء يا جدي... طلباتك أوامر!
في تلك اللحظة كان كلاعب كرة قدم أحرزَ هدفًا مثاليًا، فخلع –كنزته- احتفالاً... ليُصدم بعدها بإنذار ..


*سارة عاصم* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-22, 08:05 PM   #180

*سارة عاصم*
 
الصورة الرمزية *سارة عاصم*

? العضوٌ??? » 439475
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » *سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الفصل العاشر"المشاركة الثانية"

********
اقتربَ من غرفتها ووقفَ عند الباب يلتقط أنفاسه بعد الشرط الذي اشترطه عليه جده ودونه لن يتم الزواج
"إذا أردت أن تتزوجها عليك بتنفيذ الشرط.. وهذه المرة أنا مصرّ ولن يفلح تلاعبك بالحديث معي يا سلطان"
لقد هُزم في المطلب الوحيد الذي أراده، وعليه إما أن يقبل أو يخلف وعده مع أنثاه!.. وهو رجلٌ لا يخلف الوعود أبدًا
أسندَ جبهته على الباب مُتعبًا، وأتبعَ ذلك يُمناه وسكنَ وهلة ليعيش لحظة ضعف بقرب مُحيطها، لطالما كان سباحًا ماهرًا تجذبه الأمواج العالية والرياح العاتية ليغوص فيها حُبًا، يتمرد على طغيانها وعلوها الشاهق... يبتسم في وجه السماء بانتصار لتغلبه على هيجان البحر.. لكنه لم يحسب حسابًا للموجة الشاهقة التي التهمته داخلها دون نيّة في الإفلات... ولقد حاولَ الخروج مرارًا قبل أن تسحبه للأعماق .. لكن تلك المرة كان راضيًا عندما رأى حلاوة المنظر في داخلها
... كانت لحظة غرقَ فيها بإرادته قبل ان يهتف بصوتٍ واثق لتسمع
-الوعد لرجال الهاشمي سيفٌ على الرقاب... وشمٌ على الصدور... وكلمة حقٍ لا تُرد
خفتَ صوت حركتها في الداخل ليُدرك أنها تستمع إليه... فارتفعَ طرف شفتيه في شبه ابتسامة محاها بعد ذلك ليقول بعدها بتملُّك
-أنتِ لي يا رابحة... وها أنا قد نفذتُ وعدي
**********
مع كل صباح نطوي صفحة ذكريات قديمة شكلّها دُجى الليل، و غذتها النجوم اللامعة في مؤازرة لدموع الوجوه التعيسة
أسرعت صوب الباب الذي لم يتوقف الواقف أمامه عن الطرق وبقوة، كأنه يريد زلزلة الحجرة حولهم، فتحته و تسمرت أمامه مُتسعة الأعين تُبصر من تقف أمامها بابتسامة سمجة لم تغفلها
-استيقظتم؟ كنت سأناديكم للإفطار
بادلتها نهاد الابتسامة لكن باضطراب فهي لتوها تعرّضت لشبه اقتحام لغرفتها في هذا الصباح الباكر... جدًا!!
-سأوقظ عدي أولاً وسننزل...
تغلّب النعاس على نبرتها، فمن هذا الذي سيتناول الإفطار في السادسة صباحًا؟ أو حتى السابعة؟!!!... لقد كان عُدي يُجهز افطاره بنفسه قبل أن يذهب للعمل وهي تستيقظ وقتما تريد ثم تفطر!
كانت تقف أمامها ترتدي منامة مكونة من كنزة وسروال وفوقهما روبًا ثقيلاً، وشعرها القصير عقصته في شكل كعكة مُهملة تساقطت منها بعض الخصلات .. فباتت كأنها أم اُرهقت في الجري خلف أولادها
كادت ثريا تخطو خطوتين حتى عادت وأشارت لنهاد بالاقتراب في حذر، لتفعل الأخرى وتقترب بتوجس لتغمغم ثريا بأذنها
-ارتدي شيئًا مفتوحًا يبرق أمام زوجك.. هل تريدينه أن ينظر للخارج ويتزوج عليكِ؟
اتسعت عينيها ورفعت رأسها متسائلة فأعطتها ثريا نظرة مؤكدة وهي تومئ برأسها ثم تُضيف
-أعرف الرجال هنا أكثر منك ... افعلي ما أقوله لكِ لست أريد سوى مصلحتك ومصلحة ابني بالطبع... ستأتي السيدة التي تبيع القماش وانتقي منها ما تشائين لتسلبي أعين زوجك وقلبه
شددت على يدها وهمست مرة أخرى
-اتركي نفسك لي واعتبري أن عهدًا جديدًا يبدأ بين الأم وابنتها
اختلجَ قلبها إثر الكلمة، "أم" لقد اشتاقت للإحساس الذي يعتنق الحرفين ويلتف حولهما مانحًا شعور الأمان...
التمعت عيناها بالدموع وانتابتها العديد من الأحاسيس القوية التي تضرب بدنها بُعنف، تمزج بين الحزن والقلق والشفقة لنفسها... وهي لقلة خبرتها استسلمت لهم جميعًا..
احتضنتها ثريا حالما رأتها على وشك ذرف الدموع وقالت
-لا تبكي حبيبتي ... وهيا أيقظي زوجك والحقي بي للأسفل حتى نُجهز الإفطار سويًا
أومأت نهاد بابتسامة رائقة ثم لوحت لها قبل أن تغلق الباب خلفها وتُفكر... كم هي طيبة حماتها وأنها قد فهمتها بطريقة خاطئة سابقًا!
-حظ من الذي جعلَ ابتسامتك تُشرق في هذا الصباح
أطلقت ضحكة عالية ورغم ذلك حملت أنوثة رقيقة وهي تندفع نحوه ليستقبلها بين ذراعيه بحب
-لن تصدق ما حدث للتو!!
تسطحت على صدره ليملس على كتفها بحنو مهمهمًا بأثارٍ من النوم فاستطردت بحماس
-لقد جاءت والدتك تدعوني لأجهز الإفطار معها كما أننا اتفقنا على عهدٍ جديد بيننا دون مشاكل
-رائع
قبلّ رأسها ولا يزال مغمضًا عينيه، جعدت كنزته بين أصابعها وبدا أنها بصدد قول شيء خاصة وقد رفعت رأسها ونطقت اسمه بقليلٍ من التفكير
-عدي..
-روح عدي
تلقائيًا ارتسمت ابتسامة حب على شفتيها وجاوبت بأعين مُتلألئة
-أدامها الله لي..
ثم استكملت حديثها بتوجس
-مجيئ والدتك البارحة عندي عنى لي الكثير وأقدّر لها هذا الموقف، لكن لم أترَّ أنه مُبالغًا فيه أن تأتي وتعتذر لي؟!
فتحَ عدي عينيه ونظرَ لها قاطبًا حاجبيه
-أعلم أن الأمر غريب على أمي لكني لم أتدخل والله في شيء هي من أصرّت على هذا
-أنت لم تجبرها صحيح؟!
جلجلت ضحكته في أرجاء الغرفة ليقول بعدها بينما يُزيل رباط شعرها مُحررًا إياه ليهبط على كتفيها
-بالتأكيد لا... لا أستطيع إجبارها وبالمثل لا أستطيع ألا أتدخل في الأمر بالذات لأنه يخصك ويجرحك... وما يؤذيك يؤذيني
دفنت رأسها في عنقه وبتخمة من العاطفة التي اعترتها كانت تدمدم بخفوتٍ سمعه
-لا أعلم ما الذي فعلته في حياتي لأحظى بتعويضٍ مثلك... أنت جنتي على الأرض
ربت على شعرها مخللاً أصابعه فيه كما يعشق
-رؤيتك كل يوم بمثابة اكتمال لكل أركان السعادة لدي... وصدقيني لا شيء أجمل من رؤية ابتسامتك خاصةً إن كنت أنا سببها.. أشعر بالفخر حينها أنني جعلتك تبتسمين
لم تنظر سوى لعينيه وهو يتحدث، كانت تنطق بأكثر مما نطقته شفتاه... رؤيتها لذلك العشق المُعتمل داخله جعلت النزعة الأنثوية داخلها تهتف بغرور وزهو أنها تربعت على عرش قلبه... عينيه منحتها الوعود وهي بكل ودٍ وسعادة تقبلتها ... و يا وعدها من وعوده!
انتشلت نفسها من بين ذراعيه وهتفت عابثة
-هذه الفقرة الشاعرية أقلق منها لأن بعدها يأتي النكد كله
حمحمَ في شيء من الوجل لترمقه بشك جعله يُفصح عما يُخفيه باستسلام
-لقد اتصلَ بي والدك البارحة
همهمت وقد اكفهرَ وجهها لكنها بقيت مستمعة لما سيقول
-يريد أن يراكِ في وقتٍ قريب
أطبقت ذراعيها لصدرها سألت بنبرة خاوية
-وأنت بماذا أجبته؟
أفرغ حديثه إليها جملة واحدة كأنه يتخلص من حملٍ على عاتقه، أو ربما قلق من ردة فعلها
-قلت له أنني سأخبرك وبإذن الله يكتب لنا الله لقاء في القريب العاجل
لم ترد عليه فقط لوت شفتيها لوهله بتفكير قبل أن تزفر بضيق وتقوم من على الفراش ومازال التجهم يسكن وجهها، أمسكَ يُمناها قبل أن تبتعد وأردفَ باهتمام
-أعدك أنها ستكون زيارة سريعة ولن أتركك، و لا تدري ربما تزول أيام الألم التي عشتها في هذه الزيارة!
نظرت في عينيه فاستطاع رؤية الوجع الساكن في أحداقها، وزادت من البيت شعرًا في قولها المُتألم القادم..
-ليت الأيام مثل الصفحات كلما وجدنا لنا ألمًا فيها.... نطويها دون تذوق ما يؤرقنا
***********
صبيحة اليوم الموالي " المجلس العرفي لقبيلة الهاشمي"
اجتمعَ رجال القبيلة مُلبيين دعوة الشيخ بالحضور الإجباري للمجلس العرفي الذي يتم لإعلان خبر أو لتأديب، واليوم سيحدث أحد الأمرين! أو ربما الإثنين!!
انتصفَ الشيخ بالمجلس وجلسَ على مربوعته الوثيرة يُجيل بنظره بين الحضور، ويتفرس في بعض الوجوه هنيه سابرًا أغوارها بحنكة علّمها له والده وجده وأكدَّ عليه طول عمره وتجاربه!
طرقَ "الشيخ كامل" بعصاه الأرض فعمَّ الصمت على الجميع وانتظروا بيانه، الذي جاءَ بصوتٍ رخيـــم
-لقد تم عقد المجلس اليوم لأمرين.. أحدهما سيء والأخر جيد، وسأبدأ بالسيء
سكنَ برهة من الوقت ليرى تأثير الحديث على وجوه القاعدين خاصةً فراس الذي تلوّن وجهه ويظن أنه قد لاحظ اختضاض جسده إثر ذكره للأمر السيء، يستطيع من عنده رؤيته يبتلع ريقه في وجل وأعينه تهرب من الالتقاء به..
أشاحَ بوجهه عنه ثم بصوتٍ جهوري ينم عن حديثٍ قاطع أردفَ الشيخ
-لقد حذرتك يا ذياب من الإقدام على فعل يهز صورة القبيلة ومع ذلك أصررت على الالتقاء بابنه السالمي مرة أخرى ولم تتوقف عند هذا الحد بل تواقحت وأعددتما للهرب سويًا بعد أن تتزوجا عند مأذونٍ في العاصمة دون ن تأبها لأي عواقب وخيمة قد تحدث بعد ذلك... ألم يحدث؟!!
اضطربَ المجلس وتوجهت جميع العيون نحو ذيّاب الذي اشتدت عضلة في فكه وأظلمت عيناه بما قاله الشيخ، لقد اتفقَ مع حبيبته على هذا لكنه لم يحسب حسابًا لمعرفة الشيخ... كيف ومتى! لا يعرف!
أما أباه فقد أحنى رأسه للأسفل مغمضًا عينيه لا يقدر حتى على صفع ابنه، فرائصه ترتعد من حكم الشيخ القادم والذي لن يكون هينًا أبدًا فتلك المرة الثانية التي يُعقد بها المجلس بسبب ابنه!

-من لا يحترم القبيلة وأوامرها لا ينتمي إليها.. "بدأ الشيخ حديثه ممهدًا ثم جاءَ قراره" سيتم نفي ذيـــّاب الهاشمي خارج القبيلة والأرض التابعة التي كانت بحوزتي ستظل بحوزتي إلى أن أسمح له بالعود، أما بالنسبة للأراضي التي ورثها من والدته ستُقسّم على إخوته أما عن أرض والده فستبقى كما هي إن قطعَ صِلته مع ابنه طوال هذه المدة والتي قد تزيد عن خمس سنوات ... هكذا هو الحق
أنهى الشيخ حديثه بكل أريحيه كأنه لم يسلب حق أحدهما وقلبه للتو!، لقد انسابَ الصمت كدلو ماءٍ على المجلس بأكمله فلم يُنطق حرف بعد أن أتم الشيخ جُملته الأخيرة، كأن الاستنكار الذي علا الوجوه أصابَ لسانهم بالخرس، فلا يجوز لأحدٍ أن يعترض على كلام الشيخ.. فهو الدستور
ظهرَ صوت ذيــّاب محشرجًا مليئًا بالانفعال
-كيف لك أن تمنح الأرض الخاصة بوالدتي إلى إخوتي الغير أشقاء!!... هم لا يرثوها أساسًا هذا ظلمًا
اندفعت الأعين ترمق ذيّاب باستهجانٍ وصدمة فلم يتجرأ أحدٌ قبلاً بالاعتراض على قرارات الشيخ أو نعته بالظالم!
تلك كانت كارثة جعلت الأعين الغاضبة تُتابع ذياب حتى انتفضَ أحدهما قائلاً
-تأدب يا ذيّاب في حضرة الشيخ
-عيب عليك اعتذر للشيخ سريعًا
صاحَ أحد الرجال بخشونة لينتفض ذيّاب من مكانه، عيناه تخطتا كونهما مشتعلتين، لقد اندلعَ حريقًا فيهما تلبّدَ كل خلاياه
-طالما أنك ترى حكمي ظالمًا فسوف أقسّم أملاك أمك كلها وليس الأراضي فقط
نطقَ كامل بجمود جعلَ الأخر يهدر صارخًا
-لن يحدث!!.. على جثتي أن يحدث كل هذا الهراء.. أرض والدتي التي ورثتها من والدها صاحب الجاه والأعيان لن توزع على أحد بل ستكون من نصيبي لأنها حقي الشرعي والقانوني أما بالنسبة لنفيي فأنا لا أريد أن أنتمي لهذه القبيلة مرة أخرى
صفعة قوية حطت على وجهه وجعلته يلتف للناحية الأخرى، كانت من أبيه تحت أنظار الجد الغير مبالية والجامدة، أغمضَ ذيّاب عينيه ونظرَ لوالده بأعين تحمل شِرار العالم، فيما تحدثَ الأخير
-اخرس ولا تتحدث ثانية، لقد تركتك على أهواءك حتى صرت متبجحًا لا تخاف ولا تعمل حسابًا للكبار .. وفي النهاية تتبرأ من أهلك وقبيلتك التي أوتك صغيرًا وكبيرًا؟
جسده كل ينتفض فليست المرة الأولى التي يفعلها والده أمام المجلس ويصفعه بتلك القسوة كأنه ليس ابنه!!، اهتاجَ داخله بموجاتٍ من الغضب وبقى واقفًا وصوت أنفاسه هي المُخيمة على الجو العام للمجلس.
-أنت لن تسلبني حقي في والدتي.. هذا ليس عدلاً
نطقَ بقهر احتلَ صوته دون أن يظهر على ملامحه علامات الضعف، ليُجيب والده بنبرة غير قابلة للنقاش
-هذا أمر الشيخ وعليك أن تمتثل له ويكفي أنه لم يضيّع أرضنا هي الأخرى
ابتسمَ ذيـّاب بسخرية على تفكير والده، ثم هزَّ رأسه مُبعدًا بصره عنه فلا يريد أن يلتقي بعينيه الآثمة في حقه، واندفعَ بخطاه خارجًا من المجلس ليأتيه صوت الشيخ المُحذّر مستوقفًا
-إن كنت تظن أنك ستظفر بابنة السالمي وتهرب بها إلى حيثُ نُفيت فهذا في أحلامك.. فالفتاة سيُكتب كتابها على ابن عمها هذه الليلـــة ومن هذه اللحظة ستكون امرأته فلو تعديت عليها وقتلك ليس لك دية عندنا ولا ثأر
نزلت جُمل كامل عليه كسياطٍ من جحيم، جعلته يقبض على أصابعه في قبضة شديد، وداخله يجأر بسخط وقهر ولأول مرة يقع في مأزق حقيقي ولا يعرف كيفية الخروج منه... ثانية ... ثلاث... أربع حتى صدرَ صوته من حلقه مُغبرًا بطيات الحقد والهزيمة
-لا يشرفني أن أنتمي لعهد الظلم هذا..
ثم خرجَ بعنفوان رافعًا رأسه كما دخل، كتفاه لم يتهدلا بالرغم من انشقاق قلبه لنصفين... لقد خرجَ بروحٍ مُحترقة ونفسٍ مُفتتة سيحاول ترميمها... والكارثة أنه يعرف من فعلت هذا... بالتأكيد ليست سوى أخته!
وفي الداخل
مالَ حماد على أبيه قائلاً بشماتة
-هذا الفتى ذياب يستحق كل ما حدث... كيف له أن يتصرف بكل هذا الطيش لأجل امرأة يُحبها.. أليس لديه كرامة؟ ... أتصدقني القول... لن يتوقف عند هذا الحد وسيحاول الاقتراب منها مرة أخرى حتى بعدما تكون في عصمة رجل آخر... خسيس
وعلى النقيض من اشمئزاز وضيق حماد كان الشيخ هادئًا يستقبل اعتذارات أبا ذيّـــاب بملامح شديدة الجدية، فقط يُراقب ما يحدث حوله بأعين متربصة لوجه فراس الذي غابَ عنه اللون وأصبحَ شاحب
-.... أعتقد أنه طيش شباب فأنا لا أعلم ما الذي حدث له لقد كان يُساعدني في الأعمال.. ويشرف على متطلبات إخوته!.. فجأة تشتت حاله وانشغلَ باله بتلك الفتاة... أعتذر منك يا شيخ مرة أخرى.. ذيـــّاب ابن العائلة ولن نتخلى عنه أليس كذلك
طرقَ كامل بعصاه أرضًا وتحدثَ بنبرة قاطعة
-لم ينصف ابنك نفسه، وقد أصرَّ التخلي عن هويته وأهله وبلده، ونحن لن نبقى عليــه.. هو من تخلّى أولاً ومن يذهب لا يعود
بهتت الحياة من وجه الرجل وتخبطَ شعوره، ليبتلع ريقه قائلاً بعدما انتابه حدس الخسارة، وسوء القادم
-ما الذي تقصده يا شيخ
هتفَ كامل بخشونة
-أقصد أنه من يخطو خارج هذه الأرض بإرادته وبالحديث الفارغ الذي خرجَ من فم ابنك عن طيب خاطر فلن يعود إلا بموتي
لقد ظنَّ أن ابنه سيعود بعد فترة حالما تنتهي مدة عقابه، لكن يبدو أن لن يمرر أخر ما قاله ذيــّاب على خير، فلن يعود أبدًا إلا عندما يموت الشيخ، وربما يترك وصية بألا يعود أبدًا!!
انقبضَ قلبه وتلوت معدته كمن استقبلَ عدوانًا عليه فاعتصرته.. لم يرد أن تصل الأمور إلى هذا السوء.. لم يرد أن يرى تلك النظرة المخذولة في عين ابنه... لم يرد أن يجني عليه بهذا القدر ويحرمه أملاك أمه ؛ الشيء الوحيد الذي تبقى من رائحتها... لقد خسر هذه المرة لكن حق الاعتراض مسلوبٌ من قبضته
*********
يأتي على الإنسان وقتٌ يشعر فيه أنه مسلوب الإرادة، يتحرك كورقة رقيقة لم تظفر بأي قوة أو اعتراض ، يشعر بخفة جسده فإما ما جرفته الرياح عاليًا لا مناصَ من أذاه إذا ما وقعَ أرضًا
لكنه على الأقل في لحظة من لحظات ارتفاعه قد لمسَ السماء!
يتجاذبان أطراف الحديث بأريحية تامة كما لو تربى هنا وعاشَ بين أحضانه، فسليمان لم يترك ذكرى مُخجلة أو عادية تخص الجالس أمامه إلا وذكرَّه بها لينتهي الأمر بضحكتهما معًا..
-كيف حال جدك لم أره منذ مدة ألن يخطئ ويزورنا مرة؟
ابتسمَ برهان وأجاب بتهذيب
-الحمد لله صحته الآن مستقرة بعد أن التصقَ لساننا بحلقنا ونحن نقف على رأسه ليأخذ الدواء... اعذره يا شيخ سليمان سيزورك في وقتٍ قريب... وزيارتي تلك بالنيابة عنه رغم أنني لن أصل لمقام جدي
ربتَ سليمان على كتفه وتحدثَ بتشجيع واعجاب
-طالما أرسلك لي فاعلم أنك بلغت منزلة لم يبلغها أحدٌ لديه.. دائمًا ما يحدثني عنك
أصابه الزهو جرّاء كلمات جده للشيخ وظهرَ هذا على ملامحه المُعتدة، ليهتف شارحًا بعد بُرهة
-منذ أن كنت صغيرًا وأنا مرتبطًا بجدي بشكلٍ كبير.. لم أكن أذهب لمنزلي إلا للمبيت هذا إن ذهبت أصلاً فكل أيامي كنت في بيته، أينما يجلس كنت أجلس معه وأستمع لحديثه في المجالس الكبيرة.. لقد تربيت في بيته وعلى يده حتى أصبحت شابًا هكذا واكتسبت الكثير من شخصيته لتجعلني فخورًا بأنني حفيد هذا الرجل العظيم
شجعه سليمان بابتسامة واسعة
-لا حرمكما الله من بعضكما وأدامَ الجمع بينكما... هل بإمكانك أن تطلبه لي على الهاتف
-بالتأكيد
تزامنًا مع تأكيده دسَ يده في جيب معطفه الأسود الثقيل وأخرجَ هاتفه ونقرَ عليه بخفه ثم مده لسليمان الذي التقطه ووضعه على أذنه وثوانٍ قليلة حتى اتسعت ابتسامته وتبادلَ سلامًا حارًا مع الطرف الآخر..
استأذن سليمان وهو يقوم من جلسته مبتعدًا
-تصرف كأنك في منزلك يا بني حالما أنتهي من الحديث مع جدك
أومأ له برهان وبقى جالسًا في مقعده يعبث بهاتفه الآخر حتى استمعَ إلى صوتٍ عالٍ يأتي من الخارج، لكنه لم يُحرك ساكنًا فتربيته لم تسمح له بالتدخل في شؤن الناس.. خاصةً وهو ضيف!
لكن اقتراب هذا الصوت والذي اتضحَ أنه لفتاتين، قطبَ حاجبيه وهتفَ لنفسه متسائلاً
-ألا يملك الشيخ حفيدة واحدة؟
وسُرعان ما أتته الإجابة دون أن يتحرك انشًا واحدًا، فالصوت كان عاليًا ليستطيع سماع مخارج الحروف جيدًا
-هو لا يريدك.. سيتزوج بي وسيتركك! لماذا تُمنين نفسك بما هو مُحال
جاءها الرد من الثانية بقسوة ويبدو أنها مسكت ذراعها لأن الأخرى أطلقت تأوهًا
-إذا كنتِ تعتقدين أنكِ أتيتِ إلى هنا لتكيدي بي فهذا من وحي خيالك فقط، لأنه حتى لو تزوجكِ فأنا كنت الأولى في قلبه وتعرفين الحب الأول لا يُنسى خاصةً وإن كان قويًا ... لقد أثرت بفراس بما لا يترك لكِ المجال حتى تفكري في المنافسة... عقله وقلبه ملكي... ففي كل الأحوال حتى لو اجتمعَ معكِ انا الفائزة
كان صوتها قويًا واثقًا رغم ما يبدو من الحالة العامة والحديث العنيف الدائر بينهما أنها المخذولة وضعيفة الموقف فلقد خسرت حبيبها للتو!
نفضَ رأسه مبتسمًا بسخرية على ما استمعَ إليه ثم عادَ ينظر لهاتفه أثناء الصمت المشتعل حالما تُلملم الأخرى شتات نفسها وتبدأ بالصراخ مرة أخرى
-لا تغتري بنفسك يا بنون فأنا قادرة على محيك من قلبه... لم آتِ لهنا إلا لتحذيرك إذا اقتربتِ من فراس مرة أخرى سيحدث ما لا يُحمد عقباه
ارتفعَ صوت ضحكات بنون ورفعت حاجبها وأجابت بغرور أنثوي
-لا تسمحي لنفسك يا خنساء فكلما علوتِ بارتفاع سقف أحلامك كلما كان ارتطامك بالأرض قويًا ومميتًا
-ستندمين
سمعَ الأخرى تدمدم بغيظ وفي تلك اللحظة فُتح الباب من قِبل إحداهن على حين غرة وهي تدفع الأخرى للداخل
-أخبريني ماذا كنتِ تقولين!!
همت بنون بضربها لكن صوت حمحمة آتيه من الجانب البعيد عن مرمي بصرهما، جعلهما ينظران في اتجاهه بصدمة
اصطدمت عيناه بأعين سوداء محفوفة بكحلٍ فاحم، كانت قاسية مُشبّعة بالكثير من الحقد، عينان لا تغفر أبدًا لخطيئة ولا تقترن بنزال هي خاسرة فيه..
-من أنت؟
التفتَ إلى الأخرى ليرى تلك الشرسة التي تُحدثه بانفعال وترشقه بأسهم جليديه بعينيها الرمادية الباردة... مثل عاصفة رعدية أسفرت عن غبارٍ خانق
هكذا رأى عينيها..
-بنون .. أنتِ تتكلمين!!!
كان هذا صوت سليمان الذي انتشله من بؤرة اللحظة وأنقذه وهو على أعقاب الإجابة على سؤال العاصفة كما أسماها
نظرت بنون إليه مرتبكة وحوّلت نظرها ما بين جدها وبرهان المتطلع للموقف بجدية ثم أمسكت يد خنساء وجرّتها خلفها بعنف تاركة الغرفة تملأها التساؤلات... من تلك الفتاة؟ وما الذي تفعله هنا... ومتى عادَ النطق إلى بنون وأهمهم كان الخاص ببرهان
"كيف تُصاب العواصف الرعدية بالخرس وقوتها تكمـــن في صوتها!"
*****
عودة للمجلس ..
بعدما انتهت دراما ذيـّاب ووالده ورحلا الاثنان، بقى الجميع في انتظار للخبر الجيد الذي سيُعلن في فترة وجيزة من الوقت، أثناء ما كانت تتم الهمهمة والمناقشات الجانبية، كان هناك حوارًا مشتعلاً يدور بين سالم وفراس يُحكمه سلطان الذي أصرَّ على أن يجلس في المنتصف بينهما والذي هتفَ من بين أسنانه في انفعالٍ خافت
-والله لو لم تكفا عن النقار كالديوك سأخبر جدي بما تتحدثان بشأنه
-سلطان!!
استنكرَ فراس على الفور، فما قاله لن يُدين إلا هو في حين ابتسمَ سالم بشماته وهو يُخبره
-تستحق لأنك لا تفكر بعقلك ولا تفكر من الأساس.. ولن تهدأ إلا عندما يُقام لك مجلسًا عرفيًا كما حدث مع ذيّاب
توترت ملامح فراس لكن سخطه كان أكبر فخرجت حروفه غاضبة ولائمة
-اسخر مني كما تشاء يا سالم لك يومٌ وحينها ستعرف ما أشعر به جيدًا
ضيق سالم عيناه وردَّ له اللوم قائلاً
-أتدعو على أخيك لأجل أمرٍ تافه كهذا؟
-لم أفعل اُخبرك فقط أن الأيام تدور ولا تقف عند أحدٍ أو موقف.. فما تسخر منه اليوم بإمكانه أن يحدث معك غدًا ... تلك هي الأقدار
اتسعت عينا سالم وهربَ اللون من وجهه جرّاء نبرة أخيه الواثقة، ولأول مرة يُكلمه بتلك اللهجة ..القوية!
أشاحَ وجهه بعيدًا بينما نظرَ له سلطان بفخر مُعتزًا بما قاله مدافعًـــا ودون أن يتحدثَ وصلَ الإحساس لفراش الذي استقبلَ نظراته بابتسامة مرنة كأنه اطمئن ..
التقطت عينا سلطان حماد وهو يجلس على الجهة المقابلة له وترتسم على شفتيه ابتسامة جانبية تنم عن شعور خبيث يتنامى داخله، كأن الخبر القادم يخصه!!... كأنه كذلك!!... أشاحَ سلطان بوجهه وهزَّ رأسه من عدم النضوج الذي رآه للتو.
صدحَ صوت الشيخ أخيرًا طالبًا السكوت من الجميع، ثم في خفية أومأ لغانم "والد سلطان" برأسه فبدأ بالحديث إلى أخيه محمد مُتريثًا
أتيناك طالبين يد رابحة ومن عندك إن شاء الله ما نعود خائبين
كأن على رأسه الطير..
كان هذا الوصف الدقيق للصدمة التي تعرّض لها محمد بعدما سمعَ كلام أخيه، ناظره وعلى وجهه العديد من التساؤلات، والانكار... والكثير من الغضب..
لكن شعوره لا يُضاهي حماد الذي أخذت ابتسامته الواثقة تتضاءل حتى استحالت إلى جمود لازمَ ملامحه، لقد ظنَّ أن الشيخ سيُعلن عن زواجه من رابحة لكـــن أن يطلبها سلطان!!! في المجلس الكبير!!!... هذا ما لا يُصدقه أبدًا
لقد شعرَ بالخيانة فور إنهاء غانم جُملته، بأنه مطعونٌ في الظهر ومُلقى في بئر عميق، فمهما يصرخ لا تصل صرخاته للأذان...
كان هذا الشرح المُبسط للانفعالات التي يكتمها حماد داخله، فما له سوى أن يلوذ بالصمت ولا يعترض طالما الشيخ موافقًا.... تبًا.. تبًا لقد خسر تلك المرة والجميع شاهد على انهزامه!
لقد مرَّ دهرًا منذ أن أتمَ غانم جُملته، دون ردٍ من محمد هذا جعلَ والده يزجره بعينه، فيستجيب على امتعاض على الأقل حتى يفهم سبب هذا التغيير المفاجئ والذي لا يظنه خيرًا. أجلى حلقه ثم أجابَ بصوتٍ أجش
-حياكم الله، القمر قدامكم والظلمة جفاكم لقد أتانا الفرح زائرًا فما عسانا نرفضه... قبلنا الزواج
ثم توجه ناحية والده الذي ناوله عصا خضراء تُسمى بالقصلة؛ يُعطيها والد الفتاة إلى الخاطب وهي بمثابة عقد الخطبة للطرفين
وقفَ محمد في منتصف المجلس ليتقدم منه سلطان الذي استقام فور أن رآه قادمًا، ليناوله محمد القصلة قائلاً بنبرة جوفاء
-هذه قصلة رابحة على سنة الله ورسوله، إثمها وخطيئتها في رقبتك من الجوع والعرى ومن أي شيء تريده وأنت تقدر عليه
أخذها سلطان منه وعلت وجهه ابتسامة ظفر
-قبلتها زوجة لي بسنة الله ورسوله
رفرفت الكلمات على شفتيه، وطارت نحو الأذان كطائر مُغرد لا قيود له، ولم يفق من حالة عدم التصديق التي اعترته إلا عندما سمعَ مباركات الجميع من حوله دون أن ينتبه حقًا لما يُقال، وكل ما يحتله في تلك اللحظة هو شيء بين السعادة والانتصار... شيء لا يقدر أن يصفه بل يستشعر حلاوته فقط
وفي خضم تلك المشاعر التي لا يستطيع أن يُعطيها وصفًا بليغًا، اقتربت منه غيمة تُنذر بسقوط أمطار تُحركها رياح عاتية، كان حماد يقترب منه حتى وقف على مقربة منه بما لا يجعل أحدًا منصتًا للحديث بينهما
-لا تظن أنك قد فزت نهائيًا لأنك انتصرت تلك الجولة.. فنحن لم نبدأ بعد
وضعَ سلطان كفه على كتف حماد مُشددًا عليه بقبضة قوية ليقول بعنفوان
-لا تحاول اخراجي عن شعوري لأن من تتحدث عليها أصبحت خطيبتي للتو... وإن كنت تريد اللعب بذيلك ككلب ضال فلا حل لك عندي سوى القتل... وصدقني لن يكون رحيمًا
أزاحَ حماد يده عنه وهتفَ في قوة
-لقد كانت خطيبتي أولاً... أنا من تكلمت عليها قبلك
أومأ سلطان ببرود وتشدقَ ساخرًا
-هل لأن جدي أعطاك كلمة هذا يعني انها أصبحت خطيبتك؟... هل تمت المراسم؟! هل قرآنا لك فاتحة؟!!!... ثم أنت لم تتكلم عليها من الأساس لقد أتاك قرار جدي على طبقٍ من ذهب وأنت استغللت الفرصة

-لأني أحبها وأريدها


*سارة عاصم* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
رابحة، سلطان، القبيلة، عادات، زواج، بالإجبار

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:55 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.