آخر 10 مشاركات
لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          339 - على ضفاف الرحيل - آن ويل (الكاتـب : سيرينا - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          *&* هنا يتم الابلاغ عن الكتابات المخالفة للقوانين + أي استفسار أو ملاحظه *&** (الكاتـب : سعود2001 - )           »          قبلة آخر الليل(15) للكاتبة: Gena Showalter *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree500Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-07-22, 10:03 PM   #21

ام محمد وديمه
 
الصورة الرمزية ام محمد وديمه

? العضوٌ??? » 432976
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 628
?  نُقآطِيْ » ام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond repute
افتراضي


اول سؤال تبادر لذهني هل مارك مسلم لان التعدد مموجود في الدول الغربيه حسب مسمعت ودياناتهم مفيها تعدد خاصة المسيحيه

ام محمد وديمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-07-22, 10:04 PM   #22

ام محمد وديمه
 
الصورة الرمزية ام محمد وديمه

? العضوٌ??? » 432976
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 628
?  نُقآطِيْ » ام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond repute
افتراضي

هانا ايما سيلين

ليا اسماء غير عربيه صح


ام محمد وديمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-07-22, 10:08 PM   #23

ام محمد وديمه
 
الصورة الرمزية ام محمد وديمه

? العضوٌ??? » 432976
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 628
?  نُقآطِيْ » ام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond repute
افتراضي

سيلين ويش الحادث اللي سبب لها تشوه ياترى

متعلقه بثائر الا انها لا تحسن وصف مشاعرها ولا ايصالها بالطريقه الصحيحه


تبدو متعجرفه متكبره وهي بداخلها حزن عظيم


هانا متزوجه من مارك الا انها لا تستلطفه حتى تشعر انها غدرت بزوجته ايما

واضح ان عائلة مارك اوتها قبل ليتزوجها مارك ويستغلها في اشباع رغباته حتى انه لا يعاملها كانسانه ولا زوجه


ام محمد وديمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-07-22, 10:15 PM   #24

ام محمد وديمه
 
الصورة الرمزية ام محمد وديمه

? العضوٌ??? » 432976
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 628
?  نُقآطِيْ » ام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond repute
افتراضي

اتوقع ليا ولينا وميرا هن بنات الرجل الذي قتل جدة ترف وهربو لالمانيا

هانا هي ترف لكن يبدو انها فاقده الذاكره


اوس سائق القصر يحب هانا وهانا متزوجه ومارثا تحب اوس والكل متعذب وميت من الغيره

بس هانا تحس باحساس الاخوه مع اوس من كثر ميداريها ويخاف عليها

ويمكن لانه يتكلم نفس لغتها

اتمنى يكون مارك مسلم ولا يعتبر زواجه من هانا باطل

لينا الفتاة الرقيقه عكس ميرا العنيفه

مراد سيكون نصيبه مع واحده منهن


ام محمد وديمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-07-22, 10:19 PM   #25

ام محمد وديمه
 
الصورة الرمزية ام محمد وديمه

? العضوٌ??? » 432976
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 628
?  نُقآطِيْ » ام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond repute
افتراضي

كبر مسعود واصبح محقق يبحث عن ابنة اخته امان ليكون لها الامان ويحاول اسعادها بايجاد ترف

فهل سيستطيع ذلك ام ان الفراق سيطول

اليان الفتاه العنيده ما سر تعلقها بذلك المنزل ياترى

بما انها شاهد على ما حدث في المزرعه هل سيكون اول خيط للحقيقه في يدها


ام محمد وديمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 12:23 AM   #26

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام محمد وديمه مشاهدة المشاركة
عودا حميدا كل عام وانت بخير
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام محمد وديمه مشاهدة المشاركة
ابداع اخر من ابداعاتك يا مبدعه

شكرا مروه

وانتِ بخير جميلتي أم محمد
الله يسعدك وما انحرم من طلتك يا رب
❤❤


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 12:43 AM   #27

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام محمد وديمه مشاهدة المشاركة
اول سؤال تبادر لذهني هل مارك مسلم لان التعدد مموجود في الدول الغربيه حسب مسمعت ودياناتهم مفيها تعدد خاصة المسيحيه
مارك مسلم
والتفاصيل الخاصة بكل الشخصيات راح تتضح في الفصول الجاية بإذن الله
💖


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام محمد وديمه مشاهدة المشاركة
هانا ايما سيلين

ليا اسماء غير عربيه صح

صحيح، غير عربية



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام محمد وديمه مشاهدة المشاركة
سيلين ويش الحادث اللي سبب لها تشوه ياترى

متعلقه بثائر الا انها لا تحسن وصف مشاعرها ولا ايصالها بالطريقه الصحيحه


تبدو متعجرفه متكبره وهي بداخلها حزن عظيم


هانا متزوجه من مارك الا انها لا تستلطفه حتى تشعر انها غدرت بزوجته ايما

واضح ان عائلة مارك اوتها قبل ليتزوجها مارك ويستغلها في اشباع رغباته حتى انه لا يعاملها كانسانه ولا زوجه
سيلين شخصيتها مضطربة جدا، ودايم مرتبكة
وتنقصها الثقة بنفسها
وهذا اللي يخليها تعتقد انها راح تُترك بأي لحظة
زواج هانا ومارك وراه مصلحة وسرّ


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام محمد وديمه مشاهدة المشاركة
اتوقع ليا ولينا وميرا هن بنات الرجل الذي قتل جدة ترف وهربو لالمانيا

هانا هي ترف لكن يبدو انها فاقده الذاكره


اوس سائق القصر يحب هانا وهانا متزوجه ومارثا تحب اوس والكل متعذب وميت من الغيره

بس هانا تحس باحساس الاخوه مع اوس من كثر ميداريها ويخاف عليها

ويمكن لانه يتكلم نفس لغتها

اتمنى يكون مارك مسلم ولا يعتبر زواجه من هانا باطل

لينا الفتاة الرقيقه عكس ميرا العنيفه

مراد سيكون نصيبه مع واحده منهن
ميرا واخواتها.. يمكن 😅
مارثا ما تحب أوس، علاقتهم مختلفة
آخر شخص أتوقع تقصدين لؤي



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام محمد وديمه مشاهدة المشاركة
كبر مسعود واصبح محقق يبحث عن ابنة اخته امان ليكون لها الامان ويحاول اسعادها بايجاد ترف

فهل سيستطيع ذلك ام ان الفراق سيطول

اليان الفتاه العنيده ما سر تعلقها بذلك المنزل ياترى

بما انها شاهد على ما حدث في المزرعه هل سيكون اول خيط للحقيقه في يدها

شكرا لك مجددا أم محمد
أسعدتني تعليقاتك جدا
❤❤❤


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 03:21 PM   #28

ام محمد وديمه
 
الصورة الرمزية ام محمد وديمه

? العضوٌ??? » 432976
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 628
?  نُقآطِيْ » ام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond repute
افتراضي

ايوا اقصد لؤي المعجب

ام محمد وديمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-22, 09:54 PM   #29

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم أدخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق.
لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله.
لا إله الا الله.


( الفصل الثالث )


_____

ألمانيا - المنتجع

تعلق قلبه بها، يشعر أنها سرقت لُبّ فؤاده.. حتى انها حرمت عينيه النوم.
هل نظرة واحدة تكفي بالفعل لتفعل كل هذا؟
بل آلاف النظرات في المرة الواحدة، المرة الأولى!
التي لم يتمكن بها من السيطرة على نفسه، وعلى مشاعره فترك كل الحبال التي كانت ملتفة حول قلبه.. ليركض نحوها، ذات الجمال الآسر الآخاذ!
هل هذا ما يسمونه بالحب من النظرة الأولى؟
منذ أن استيقظ في الصباح الباكر وجلس على الطاولة الخارجية، تنهد كثيرا.. لم يعلم حتى كم مرة.
كل ما يعرفه أنه يكاد يحرق المكان الذي هو به بتلك التنهيدات الحارة.
ينظر إلى ساعته تارة، وإلى باب مسكنهم تارة.
يتمنى أن تخرج الآن، بل بأي وقت.. المهم أنه يحظى برؤيتها حتى يهدأ هو، وتهدأ نبضات قلبه.
فُتِح الباب أخيرا، ورفع هو عيناه بلهفة ينظر إلى من خرجت.
خاب ظنه بجدارة!
لم تخرج هي، بل تلك الفتاة العنيدة، الغاضبة دائما وأبدا!
من تتحين الفرص لتصرخ به وتصب جام غضبها عليه، ميرا.
نهض من مكانه مسرعا وابتعد عن الطاولة متجها إلى مسكنه، لكي لا يناله غضبها هذا الصباح.. فهو لا يرغب في جدالها أبدا.
وقف أمام باب مسكنه واستند بظهره على الباب بعد أن أخرج هاتفه من جيبه وأخذ يتصفحه.
صوت صريخ مزعج، جعله يعقد حاجبيه بغرابة.. ويعيد الهاتف إلى جيبه ثم يلقي نظرة على من ظلّت واقفة بمكانها متكتفة بوجهها المحمر الغاضب، تنظر إلى أخرى تجلس على مقعد متحرك لم يرى منها سوى قدميها.. وذلك المقعد كان يهتزّ!

تحدثت ميرا بقلة صبر وباللغة الألمانية التي لا يفهم منها شيئا:
- ستأتين يا ليا، والآن دون أن تتفوهي بأي حماقة.
أجابتها الأخرى بصوت أعلى ولهجة أشد صرامة:
- لن أذهب، قلت ذلك آلاف المرات.. وإن أخذتِني رغما عني أقسم أنني سأقتل نفسي وألحق بأمي.
صاحت بها ميرا بصوت جعله هو يرتعد بالرغم من انه بعيدا عنهما نسبيا:
- لياااا.. لا تأتِ بسيرة أمي والموت مجددا! والآن هيا أمامي.
اشتدّ الجدال وكبر النزاع والصراخ بين الأختين، حتى خرجت أصواتهما إلى مكان أبعد من مسكنهما.. وانزعج هو بشدة.
اتجه نحوهما بخطوات ثابتة حتى وصل إليهما وهما لا يشعران به:
- إيش قاعد يصير هنا؟ ليش كل هالصراخ؟
التفتت إليه ميرا بعينيها المشتعلتين غضبا وحدّة، في اللحظة التي أدرك بها أنه لا مهرب منها أبدا.. حتى ليوم واحد على الأقل!:
- ما لك شغل وارجع لمكانك.. لا تتدخل.
تكتف لؤي ينظر إليها بانزعاج وغضب، ثم نظر إلى المُقْعدة على الكرسي.. كانت طفلة صغيرة تقريبا، بل شابة بجسد صغير ونحيل.
ووجه ذابل من الحزن، منهك من المرض ربما، أخذته الشفقة عليها على الفور ولانت ملامحه، ليعيد أنظاره إلى ميرا:
- إيش قاعدة تسوين بهالمسكينة؟ كل هالفوضى والازعاج وصراخك الواصل للي بالمنتجع وما تبين أتدخل؟
- إيه ما أبغاك تتدخل أبدا، أي شيء يخصني ويخص خواتي لا تتدخل فيه.
- تحطين حيلك بهالمسكينة بعد وتقلين أدبك؟ إنتِ إيش من انسانة؟ ما عندك إحساس؟
تكتفت ميرا ووقفت تواجهه وهي ترفع رأسها بإباء:
- شوف مين يتكلم عن الاحساس؟ حاليا ما عندي نية أهاوشك أو أرد عليك.. لأني مشغولة لذلك ابعد ولا تكثر كلام.
ليا التي كانت تنظر إليهما، وإليه هو بفضول بالرغم من انها لم تفهم كل ما قاله، إلا انها علمت من تعابير وجهه أنه يلوم ميرا ويدافع عنها، لذا سألت بهدوء، آملة أن يفهم الانجليزية على الأقل:
- من أنت؟
التفت إليها مبتسما برقة:
- أنا لؤي، ابن زوج والدتك السابق.
لمعت عيناها حين قال ذلك وابتسمت:
- حقا؟ ماذا تفعل هنا؟ ومنذ متى أتيت؟
- منذ أن توفت والدتك رحمها الله، أرسلني والدي لأبقى هنا حتى أساعدكنّ لبعض الوقت.
قبل أن تجيبه ليا قاطعتهما ميرا وهي مغتاظة من منظر أختها وقد علمت أنها أحبّت هذا البغيض:
- هيا ليا.. لنذهب.
صاحت ليا مجددا وقد غابت كل تلك التعابير البريئة والمرتاحة حين تحدثت إلى لؤي:
- قلت إنني لا أريد!
زفرت ميرا أنفاسها بقلة صبر ثم عادت إلى الداخل، لتمسك بالمقعد من الخلف وتدفعه بقوة غير آبهة باعتراضاتها وصراخها وبكاءها المزعج.
ليسرع نحوهما لؤي ويمسك بجانب المقعد ويوقفها رغما عنها:
- إيش قاعدة تسوين؟ ما تشوفينها تعترض وتبكي؟ ليش قلبك قاسي لهالدرجة حتى على أختك الصغيرة؟ ما تخافين ربك؟
احمرّ وجهها مجددا ولم تجد أي كلمة تسعفها للرد عليه، من هو حتى ينعتها بذلك؟ حتى يقول أن قلبها قاسٍ وأنها لا تخاف ربها؟
أبعدت يده عن المقعد بعنف وأكملت دفع الكرسي حتى وصلا إلى السيارة، لتحمل ليا وسط صراخها وبكاءها وتضعها على المقعد الخلفي للسيارة.. ثم تسرع إلى مقعدها وتجلس عليه، منطلقة بعد ذلك تاركة المقعد المتحرك على الشارع.
كل ذلك حصل تحت أنظاره المشدوهة والمصدومة من تصرفاتها غير المعقولة ومن قسوتها.
هزّ رأسه باستياء وقلة حيلة ثم أخذ المقعد ووضعه أمام باب المسكن الذي كان مفتوحا فأغلقه وعاد أدراجه إلى الطاولة.
فتح قارورة الماء التي كانت عليها وشرب ما بها دفعة واحدة، ضاقت أنفاسه وتعب مما رأى!
وتلك الجميلة لم تخرج بعد ولم يبصرها ولم يجدا لها خبرا!
وقد نال غضب من كان يتمنى بل دعى أن يتجنبها ويحظى برؤية فاتنة قلبه.

____

نامت أخيرا.. بعد قرابة النصف ساعة مُذ أن ابتعدت بها عن المنتجع.
وبعد أن ظلّت تصرخ وتبكي حتى تعبت وأغمضت عيناها فأخذها النوم.
وطوال الطريق لم تأبه بها وببكاءها ولم تهتم، بل تظاهرت بذلك بينما كاد قلبها يتقطع إلى أشلاء.
حين رفعت عيناها تنظر إليها بعد أن عمّ الهدوء ورأت وجهها المحتقن والمبتل بفعل الدموع، تلك الملامح الهادئة المستكنة، خنقتها العبرة وتجمعت الدموع بعينيها على الفور.
إلا انها لم تتمكن من البكاء واخراج تلك الدموع لترتاح!
بل تحولت دموعها إلى كتل كبيرة نزلت على قلبها بكل قسوة فألمتها بشكل لا يُطاق.
لتترك المقود التي كانت تشد عليها بقبضتيها بقوة، فتضرب على صدرها بخفة حتى تشعر بشيء من الراحة.
فتحت النافذة لتترك الهواء يتسلل إلى رئتيها وتنتعش، وتجف تلك الدموع الأبية.
حتى وصلت إلى المستشفى أخيرا.. وتنهدت بضيق وهي تطفيء المحرك، تراقب ليا وهي تتملل في مقعدها تفتح عيناها ببطء، وهي تعلم أنها ستواجه موقفا آخر أشد من الذي في الصباح.
وأنا ليا ستبكي وتنهار كما لو أنها فقدت والدتها للتو.
حصل ذلك بالفعل، وارتفع نحيبها وعويلها واعتراضها ورفضها للنزول من السيارة والدخول إلى المستشفى.
في الوقت الذي كانت به ميرا تنتظرها بملل.. أن تتوقف من تلقاء نفسها وهي في مقعدها، بدال أن تحاول اخراجها عنوة فتنفضحان أمام الملأ.
هدأت ليا من تلقاء نفسها بالفعل، وأخذت تشهق بخفة وهي تمسح دموعها.
لتسألها ميرا بهدوء:
- لِمَ كل هذا ليا؟ لمَ تتعمدين إغاظتي بهذا الشكل وأنتِ تعلمين أنني سأحضرك إلى هنا شئتِ أم أبيتِ؟
أجابتها ليا بعد هدوء ظلّ لبعض الوقت:
- لأنني أمقتك بشدة، أمقتكم جميعا.. لا أريد أن أتعالج أمام عيناك، لا أريد أن تأخذكِ الشفقة عليّ وأن أعلم أنكِ تبادلينني المشاعر وتكرهينني كما أكرهك بل أكثر.
- كيف استنتجتِ ذلك؟
- أخبرتني بنفسك، أن أذهب إلى الجحيم.. وأنكِ لا تهتمين سواء عشتُ أم مت.
ابتسمت ميرا بتعب:
- وهل أخذتِ كلامي على محمل الجد؟ تعلمين أنني لم أقصد ذلك!
رفعت الأخرى عيناها بغضب:
- أنا آخذ كل ما اسمعه على محمل الجد، وكل ما أراه بعينيّ أيضا.. بالأمس تخليتِ عني أنتِ، واليوم لينا! غدا لن أجد أيّا منكما بالقرب مني، ستتخليان عني كما فعلت والدتي وليان من قبل.
تنهدت ميرا بضيق:
- إذن أنتِ غاضبة بسبب خروجي للعمل صباح اليوم، وخروج لينا اليوم! بالمناسبة أنا من أجبرتها على الخروج، كانت قد جهزت أوراقها للاعتذار هذا الفصل الدراسي، لكنني اصررتُ عليها أن تذهب.
ليا بدهشة:
- ولِمَ؟ من المفترض أن تفعل ذلك.. ترك دراستها وتبقى بجانبنا، لا تذهب من أجل جامعتها! من أي شيء مصنوعتان أنتما!
- على إحدانا تأمين مستقبلها ليا، أنتِ لستِ طفلة لتجهلي ذلك، أنا معلقة في ذلك المنتجع وسأظل كذلك حتى نتمكن من الخروج بإرادة الله، وأنتِ مريضة.. لينا أملنا الوحيد، عليها أن تنهي دراستها وتأخذ الشهادة لتصبح طبيبة وتعيلنا جميعا قبل أن أتمكن أنا أيضا من إكمال دراستي.
- بل لتتمكن من تأمين مصاريف علاجي!
نظرت إليها ميرا بدهشة وحزن، حين أكملت الأخرى وهي تخفض رأسها:
- أعلم أنك تحبين المنتجع بل تعشقينه، ولا ترغبين بتركه أبدا.. ولكن مجيء ابن زوج والدتي جعلك تدركين واقعنا في المستقبل.. وأنه سيأتي اليوم الذي سنضطر به لتأمين قوت يومنا بأنفسنا، بالكاد سنتمكن من فعل ذلك بمرتب شهري ضئيل.
- ليس عليك أن تفكري بتلك الطريقة ولا تدركي ذلك ليا، توقفي.. وركزي على علاجك فقط.
- لا أريد؟
أغمضت عيناها بقلة صبر ونوَت أن تصرخ بها لكي لا يضيعا المزيد من الوقت، إلا ان ما قالته ليا جعلها تهدأ فورا وقلبها يؤلمها عليها:
- أرجوك ميرا.. لا تفعلي ذلك، لا أريد المزيد من جلسات العلاج تلك، انها تؤلمني وترهقني، كنت قد رضيت في باديء الأمر من أجل أمي، ولكن الآن.......
تمالكت نفسها ميرا بصعوبة بالغة، وقد آلمها صمت ليا وتوقفها عن إكمال العبارة.
لتلتفت إليها قائلة بهدوء عكس ما تشعر به في داخلها:
- نحن موجودتان، عليكِ أن تعيشي من أجلنا.. ليس لنا في الدنيا سوى بعضنا، هل فكرتِ كيف سيكون حالنا إن تركتِنا أنتِ أيضا؟ أعلم جيدا أنكِ لا تكرهين أي واحدة منا ولا تعتقدين أننا نفعل الشيء ذاته، هل عليكِ الوصول إلى ذلك الحد وإهلاك نفسك فقط لأنكِ غاضبة ومتعبة من رحيل أمي؟
اكتفت ليا بالسكوت وهي تنظر من خلال النافذة تخفي تعابير وجهها عن أختها.
هناك ما هو أكثر من ذلك!
لا أحد يعلم عن ذلك بعد الله سوى الطبيب ووالدتها.
ولكن كما قالت ميرا، لن تكونا بخير إن رحلت هي أيضا.. والأمر بيد الله طبعا، إلا انها إن توفت دون أي محاولة للشفاء.. سيحزنهما ذلك جدا وسيجرح قلبيهما، جرحا لن يُشفى إلى آخر يوم بحياتيهما.
- هيا ليا، من أجلي.

أومأت الصغيرة برأسها وفتحت الباب بوهن، وانتظرت قليلا حتى خرجت ميرا وأتتها بأحد المقاعد المتحركة الخاصة بالمستشفى.. بالرغم من انها تستطيع السير بالفعل، إلا ان الوهن الذي تشعر به أثناء ذلك يكاد يقتلها.
حين دخلتا إلى المستشفىى ثم وصلا أمام عيادة الطبيب الذي يعالج ليا، رفعت رأسها إلى ميرا:
- دعيني أسبقك بالدخول، أشعر بالعطش.
هزّت رأسها إيجابا:
- حسنا
- سأعود على الفور.
ابتعدت ميرا بخطوات سريعة لتجلب لشقيقتها شيئا تروي به عطشها، لا تدري ما تنوي عليه الأخرى.. ولمَ رغبت بالدخول إلى الطبيب قبلها.
ابتلعت ليا ريقها مرارا بتوتر قبل أن تفتح الباب وتدخل بسرعة ودون سابق إنذار، تقترب من الطبيب بعينين دامعتين، وبرجاء حزين:
- أرجوك.. لا تخبر شقيقتي، لا تقل لها شيئا مما قلته لوالدتي في المرة الماضية.
تفاجأ الطبيب من تصرفها وبكاءها المفاجيء.
إلا انه نهض من مكانها وانحنى إليها يربت على كتفها بلطف:
- حسنا يا صغيرتي حسنا، فلتهدئي أولا.
هزّت ليا رأسها نفيا وهي على وشك الانهيار:
- عدني أولا، عدني أنك لن تفعل..
- أعدك.. لن أخبر أي أحد.
أغمضت ليا عيناها براحة وهزّت رأسها ثم تمتمت له بامتنان.

______

ألمانيا - منطقة السوق

- إيه، إنتِ السبب.
قالتها وهي تنظر إليها بطرف عيناها ثم أكملت أثناء توزيع أطباق الطعام:
- ولا كنتِ متوقعة إنه اللي سويتيه فيني بخليه يمرّ مرور الكرام يا هانا؟
كانت الأخرى تحدّق إليها بعينيها المليئتين بالدموع، تتبعها وتنظر إليها إينما تذهب.
وقد تسارعت دقات قلبها لما أجابتها إيما على الفور وفهمت قصدها دون أن تبذل أي جهد!
ما يعني أنها بالفعل تضررت بسببها.
أشفقت عليها إيما عليها بعض الشيء، كانت كاذبة في إجابتها.
ما أتعبها وأوهنها وجعلها بهذه الحال شيئا آخر لا علاقة له بهانا، بالرغم من ذلك لم تتمكن من التحكم بنفسها.
فهي حقا غاضبة من هانا، حاقدة عليها جدا.. ما فعلته بها ليس بهيّن.. وشفقتها عليها لن تمنعها من إظهار مشاعرها الجديدة تجاهها.
عمّ الصمت أرجاء المكان حين بدآ بتناول الطعام بكل هدوء، إيما تراقب هانا التي تبكي بصمت.. وتمسح دموعها بين الفينة والأخرى.
حتى سمعتا صوت الجرس، ونهضت إيما لتفتح الباب لأوس.. الذي رمقها هي ومن تجلس على طاولة الطعام وكأنهما ليستا زوجتان لرجل واحد!
سأل بارتباك وهو يضحك بغباء:
- كيف الوضع عندكم؟
ابتسمت له إيما بعد أن حدجته بنظرة جانبية:
- لا تشيل هم ما قتلت حبيبتك.
اتسعت عينا أوس بصدمة وخشية من أن تسمع هانا ما قالته إيما للتو، ليشير لها بعينيه محذرا.. فابتسمت مجددا وفتحت له الباب.
هزّ رأسه نفيا:
- ما بدخل جاي آخذها.
- كويس لأن ما لي خلق أستقبل الوجيه اللي أكرهها دفعة وحدة، خذها بسرعة الله يعافيك.
ابتسم أوس وهو يعلم أنها لا تقصد ما قالت، إيما تملك قلبا نقيا لا يعرف الحقد ولا الغلّ!
وإلا كيف تمكنت من تناول الغداء مع زوجة زوجها الذي لم تكتفِ بحبه، بل تعشقه وتعشق التراب الذي يسير عليه!
رفع صوته مناديا هانا:
- يلا.. مشينا؟
زفرت هانا أنفاسها بضيق وهي تمسح وجهها بقوة، ثم تنهض بعد أن أفرغت كوب ماء في جوفها.
اتجهت ناحية الباب حيث تقف إيما بجانب أوس، دون أن ترفع رأسها.
ارتدت حذاءها على وجه السرعة، ثم تمتمت بصوت منخفض:
- شكرا على اللي سويتيه.
إيما ببرود:
- ما سويت شيء.
أمسكتها إيما من ذراعها بقوة حين سبقها أوس ونزل، واقتربت منها تهمس في أذنها بنبرة مليئة بالوعيد والتهديد الصادقين:
- صدقيني هانا، صبري له حدود.. لا تحاولي تستغلي مارك لأفعالك القذرة، ولا تحاولين حتى تكسبين حبه ووده بسبب الفجوة اللي بيننا، لأن مرده لي.. عيشي حياتك بهدوء واستمتعي باللي عندك قبل لا ينتهي فجأة ودون سابق إنذار.
ارتبكت هانا بشدة، إلا انها لم تتمكن من الذهاب دون أن ترد عليها:
- تقدرين تقدمين هالنصايح لنفسك بعد، ماحد يعرفك كثري، كمان أنا الوحيدة اللي تعرف ليش مستمرة معاه.
قالتها وأبعدت يد إيما عنها بلطف ثم خرجت مسرعة، تلحق أوس، ليعودا إلى المنزل قبل مغيب الشمس.

لم تعلم هانا أن شخصا آخر كان يستمع إلى ما قالته دون كلام إيما التي اكتفت بالهمس، ولم تعلم إيما ذلك.
حتى نوَت غلق الباب بعد أن زفرت أنفاسها بانزعاج وأبصرته وهو واقف أمام الباب.. فأغمضت عيناها وهي تضع يدها على صدرها بفزع:
- مارك! أفزعتني.
اقترب منها مارك مبتسما بهدوء، قبل أن يقبلها على جبينها بحب:
- آسف.. ماذا كنتِ تفعلين هنا؟ هل ودعتِ أحد؟
هزّت رأسها إيجابا وهي تغلق الباب بعد دخوله وتوجهه إلى الصالة:
- نعم، هانا وأوس.. مرا بي قبل قليل، تناولت الغداء برفقة هانا.
مارك بعدم مبالاة وهو يجلس على الأريكة بتعب، بينما إيما تنظر إليه تترقب تعابيره وهي تذكر إسم هانا:
- ما الذي أتى بهما إلى هنا؟
إيما وهي تعود إلى مكانها لتكمل طعامها:
- وجدت هانا ضائعة في السوق، بالضبط كما وجدتها حين تقابلنا للمرة الأولى فور وصولها إلى برلين.
راقبته بطرف عينها، وكما توقعت.. أثرت به هذه القصة وظهر عليه الارتباك.. حيث لزِم الصمت.
لتسأل وهي تلتفت إليه بكامل جسدها:
- ليس من المفترض أن تأت إليّ اليوم.
ابتسم مارك وهو يشعر بالذنب بالفعل، لينهض ويجلس على مقعد قريب منها.. ثم يمسك بيدها ويرفعها عن مقعدها ثم يجلسها بحجره:
- قررتُ أن أعوضك عن الأمس، هل ترغبين بالخروج معي في موعد؟
رفرف قلبها بسعادة غامرة، وسؤاله البسيط أعادها إلى زمن سابق.. ولّى ولا تظن أنه سيعود حتى وإن بذلا جهدا كبيرا:
- هل ستترك عملك من أجلي؟ طوال اليوم؟
اتسعت ابتسامته حتى بانت جميع أسنانه:
- بالتأكيد، بكل سرور.. سأفعل ذلك من أجل محبوبتي الجميلة، لطالما فعلت منذ أن دخلت إيما الشقية إلى حياتي.
ضحكت إيما من كلامه، وقرّبت وجهها منه تقول هامسة:
- ربما تجد الأمر سخيفا، لكنني بالفعل أجد الأمر مثيرا للغاية.. حين يتخلى أحدهم عما يحبُّ من أجلي ولو لساعات قليلة.. هيا، لنخرج في موعد غرامي.
قبلته بين عينيه ونهضت ثم أسرعت إلى الأعلى، وكأنها ليست تلك التي غضبت منه في الصباح الباكر.. وخرج هو فاقدا أعصابه بسببها!

أثناء انتظاره لها، مرّت به الكثير من الذكريات.
بدءا من مقابلته لإيما، وصولا إلى هذا اليوم!
كانت هي من انتشلته من بين أحزانه، ومن حياته المثيرة للشفقة.
لولاها هي بعد الله لما صار الإنسان الذي هو عليه الآن.
هي بالمختصر، نعمة عظيمة وهبه الله إياها.. فقابل إحسانه بالإساءة.. ولم تزل صابرة عليه!
ليكتشف.. اليوم، قبل قليل، انها تريد منه شيئا! لم ترتبط به وتتزوجه او على الأقل استمرت معه لأنها تحبه، بل ترغب باستغلاله كما قالت هانا للتو قبل أن تغادر!
ربما لا أحد يعرف ذلك ولا يتوقع، لكنه يفهم العربية جيدا.
وما قالته هانا هزّت أعماقه.
بالرغم من ذلك، لا زال يشعر بحب إيما العميق المتأصل في جذور قلبه.
عاشا سويا أجمل أيام العمر وأكثرها حلاوة إلى قلبه، ولم يتغير ذلك الحال.. إلا حين فقدا طفلهما الأول!
بعد أن حصل ذلك الأمر، تغيرت إيما تماما.. لم تعد تلك الإنسانة المرحة المحبة للحياة، والنظرة الوردية لجميع الأمور.
بل أصبحت إنسانة مكتئبة، تكرهه.. وتكره كل ما يخصه.
ظنّ أن حالتها تلك ستستمر لبضعة أشهر، إلا أنها كانت تزداد سواء.. وشخصيتها تزداد شرا وعدوانية.
حتى كره نفسه وكره الحياة معها، فارتكب بحقها الذنب الأعظم.. وتزوج هانا!
حينها فقط.. بدأت شخصية إيما تصبح هادئة، طغى عليها الحزن الشديد حتى فقدت بريقها.. منذ تلك الليلة، لم تضحك من قلبها، لم تبتسم عيناها.. الوهج من عينيها غادر وكأنه لن يعود أبدا.
بعد مضيّ بعض الوقت، نزلت إيما وهي ترتدي أحسن ثيابها، تحمل من حقائبها الأغلى ثمنا، ومن حذائها الأكثر لفتا للانتباه.
تضع بعض المكياج الذي أعاد شيئا الحياة إلى وجهها، تبتسم بإشراق.. ابتسامة جعلته يشعر بأن روحها المفقودة قد عادت إليها للتو.
منظرها جعل قلبه يفزّ ويتذكر الأيام الخوالي، وكأنهما عادا إلى وقت ما قبل زواجهما، أيام خطوبتهما الأولى، حيث كان الحب يكاد يفجر قلبيهما.

____


يتبع..


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-22, 10:25 PM   #30

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

الرياض.. القرية

يدخل إلى المنزل مهموما حزينا، مثقل القلب والجسد.
لم يتمكن حتى من رفع رأسه، بينما يسير وعيناه إلى الأسفل.. شارد الذهن بعيدا عن الواقع.
ليفزع وهو يسمع صوت تلك المزعجة التي ما إن رأته حتى هرعت إليه بصوتها المائع وكأنها تريد البكاء:
- عمي.
رفع رأسه بوهن ثم أبعدها عنه بعنف:
- ماني فاضي لك الحين ابعدي.
فزعت هي الأخرى حين رأت تعابير وجهه الغريبة:
- بسم الله عمي شفيك؟ ليش لونك مخطوف كذا كـأنك مريض؟
- إليان قلت لك ابعدي ما لي خلق أتكلم وأسولف معك الحين، بروح أنام.
أمسكت إليان يده بقوة وجذبته خلفها حتى دخلت وإياه إلى حجرتها وأغلقت الباب خلفهما بالمفتاح:
- والله ما تنام قبل لا تقول إيش فيك، وإيش مسوية فيك دلوعتك سيلين.
رفع عيناه إليها متعجبا من ذكرها اسم سيلين، ليسأل وهو يجلس على مقعدها الخاص بجهاز الحاسب المكتبي:
- وليش تعتقدين إنها السبب؟
تكتفت تسند ظهرها إلى خزانة ملابسها الخشبية:
- لأن ماحد بالدنيا شاطر يغير مزاجك في ليلة وضحاها غيرها هي، كنت مبسوط وطاير من الفرح وانت طالع من البيت، والحين راجع وخاطرك متكدر.. إيش السالفة؟
أخفض ثائر رأسه ينظر إلى يده بحيرة عظيمة، في عينيه حزن عميق.. وفي قلبه حسرة لن تزول ببساطة.
سأل بصوت خفيض ومختنق:
- إيش أسوي إليان؟ إيش لازم أسوي الحين؟
جلست إليان أمامه على الأرض متربعة، حتى صار وجهها مقابل وجهه كأنها طفلة صغيرة تنظر إلى شخص غريب بفضول:
- إيش صاير علمني خلني أساعدك.
بعد لحظة صمت قصير تصارعت فيها أفكاره بداخل عقله بشكل مجنون، وانتظرته فيها ابنة أخيه بفضول يكاد يحرقها:
- كان لازم أكون صريح معاها من البداية، جرحتها.. جرحتها كثير لدرجة إني متأكد ما في شيء ممكن يشفي هالجرح.
نظرت إليه إليان بحزن وهي لا زالت عاجزة عن فهم ما يقصد:
- وش سويت طيب علمني!
- تذكرين لما جاتني أمها قبل لا اخطبها؟ وقابلتنا أنا وجدتك؟
هزّت رأسها إيجابا تحثه على الإكمال:
- إيه!
صعب عليه نطق تلك العبارة، كانت ثقيلة وموجعة بشكل لا يُطاق.
إن كان هو ذاته لا يظن أنه قادر على تحملها، كيف بالمسكينة سيلين! صاحبة أرق وأضعف قلب على وجه البسيطة!
- طلبت مني أتزوج بنتها، بمقابل.
اتسعت عينا إليان على أقصاها وأصبحت كما لو أنها رأت شبحا وهي تسأل:
- وإيش هالمقابل؟
- مبلغ شهري مقابل زواجي منها، ومنصب مساعد مدير.
نهضت إليان واقفة على الفور، تغطي فمها وتسير يمنة ويسرة بغير تصديق:
- عساكم رفضتوا بس!
- طبيعي أرفض، ما راح أتزوج انسانة أمها تعاملها على أساس إنها سلعة، تزوجتها لأني أبغاها من زمان بس ما جاتني الجرأة اللي تخليني أخطبها..
سألت بقلق حين توقف:
- طيب؟ إيش صار الحين؟
- درَت عن جيّة أمها لي، وطلبت الطلاق.
شهقت إليان بصوت مسموع ثم تنهدت بحزن:
- صحيح إني أكرهها بس عاد ما تستاهل المسكينة ما ألومها وربي.. تحزززن.
لم ينتبه ثائر إلى أيّ مما نطقته إليان بعد أن أخبرها أنها طلبت الطلاق، إذ شرد ذهنه مجددا وهو يتذكر ما حصل بداخل السيارة.. وإلى أين وصلا بالحديث حتى طلبت الطلاق وأخرسته، ثم صمتت هي!
انتبه وعاد إلى الواقع حين هزّته إليان من كتفه:
- عمي.. خلاص روح نام، صلي لك ركعتين قبل يمكن ترتاح، وانتظر شوي لين تهدأ هي وكلمها، فهمها الموضوع بشويش وقول لها انك ما وافقت على العرض، صدقني راح تتفهم.. سيلين تحبك بجنون مستحيل تطلب الطلاق بجدية، يمكن ما كانت بوعيها.

هذا وارد.. بل انه تقريبا متأكد من ذلك.
ربما كانت تحت تأثير صدمتها، وفي أوج غضبها بعد ان اكتشفت تلك الحقيقة المُرّة.
مستحيل أن تكون جادة في طلبها!
تنهد بصوت مسموع ثم نهض وخرج من حجرتها بعد أن ربَت على كتفها قائلا:
- بسمع لك بعد ما أرتاح شوي، صدقيني ما راح أقدر أساعدك الحين.
ابتسمت إليان وهي تهزّ رأسها:
- ما عليك مني.. روح ارتاح.
أغلقت الباب خلفه بعد أن رأته يدخل إلى حجرته، دعَت له من أعماق قلبها، بـأن يفرج الله همه ويريح قلبه.
عمها ثائر بمثابة صديق لها، بل أكثر من ذلك.. تعلم جيدا كم يعشق تلك الشقية المدللة سيلين، بل يكاد يقبّل التراب الذي تسير فوقه.
لطالما ظنّت أن سيلين أقل من ثائر من نواحٍ عديدة، عقدت الكثير من المقارنات.. ولم تجدها مناسبة لعمها العزيز.
لذا كانت تكرهها وتبغضها.
إلا ان سيلين ذاتها لم تكن سبب الكره، بل عائلتها.. تكره ثراءهم، وتكره نمط حياتهم.. وأنهم من طبقة مختلفة عن طبقتهم بالرغم من أن جدها ووالد سيلين من قرية واحدة، ومن عائلتين كانت أحوالهم متشابهة جدا.. نشآ سويا، وعاشا الحياة ذاتها، ليكون الحظ الجيد من نصيب والد سيلين دون جدها المسكين!
بالتأكيد هناك سبب مقنع ومعقول بالنسبة لها هي فقط دون غيرها.

وقفت إليان بجانب النافذة، تصوّب أنظارها على منزله.. هي أيضا مثقلة بالهموم، تشعر بحمل ثقيل على ظهرها.. أرادت أن تشاركه مع عمها، لتجده في حال أسوأ من حالها.
لا تستطيع نسيانه وردة فعله، جارها الجديد.. حين أخبرته أنها شاهدة على ما حصل في المزرعة.
اتسعت عيناه على أقصاها، وأخذ يحدجها بنظرات غريبة ومخيفة، تحول بياض عينه إلى الأحمر بشكل فظيع.
حتى انها ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تعود خطوة إلى الوراء، قبل أن يسألها بنبرة عميقة:
- تكذبين؟
هزّت رأسها نفيا بكل تلقائية:
- وليش تعتقد إني أكذب؟
أغمض عيناه بقلة صبر.. حينها ضحكت هي قائلة:
- شفت؟ الموضوع شكثر ينرفز؟ لما أحد يرد على سؤالك بسؤال مثله؟
تعجبت للغاية، لما رأته ثابتا في مكانه دون حراك وهو يستعيذ من الشيطان.
وقد ظنته قبل قليل سيهاجمها إثر تلك النظرات.
تعجبت أكثر حين أكمل بهدوء:
- آسف، بس جاوبيني على هالسؤال؟ متأكدة إنك كنتِ شاهدة؟
هزّت رأسها إيجابا:
- هذا اللي كتبته في يومياتي، ما أتذكر التفاصيل.
خيبة أمل عظيمة سيطرت عليه حتى ظهر ذلك على وجهه، لدرجة انها شعرت بالشفقة عليه.
- حاولي تتذكري.
لم يكن طلبا بسيطا ينطق به رجل غريب التقته للمرة الأولى مساء الأمس، بل أمرا صارما!
تأكدت من ذلك حين كرر العبارة وعيناه على الأرض:
- لازم تتذكرين، أو وريني إيش اللي كتبتيه بالضبط.
إليان باستغراب:
- إيش راح تستفيد من يوميات طفلة؟ قلت لك ما أذكر التفاصيل معناته اني مو كاتبتها بعد.
- أي شيء ممكن راح يفيدني ويساعدني.. بكرة في مثل هالوقت تعالي هنا.

أنهى ما أراد قوله وابتعد دون أن يترك لها حتى فرصة الرد عليه.
وكأنه مشرفها في العمل أو شخصا يُسمح له بإلقاء الأوامر عليها.
عادت هي إلى البيت غاضبة من ذلك، ودخلت إلى حجرتها متسللة كما خرجت.. لتتجهز للذهاب إلى الجامعة على وجه السرعة.
لم يفارق عقلها ثانية واحدة، ظلّ يشغلها طوال النهار .. حتى الآن!
أنوار منزله مطفأة، يبدو أنه نائما هانئا مرتاح البال بعد أن جعلها هكذا!
هل عليها أن تذهب وتريه مذكرتها الشخصية؟
أم تتجاهله!
لربما فكرت بالذهاب دون تردد لو أن أسلوبه كان ألطف.. بالرغم من انه لم يكن فظّا أيضا.
ولو لم يكن لها حاجة في ذلك المنزل لتجاهلته على الفور وتمكنت من الكفّ عن التفكير به!
ألقَت جسدها على الفراش وأغمضت عيناها بوهن.. أرهقها الجوع، ربما سيقتلها أيضا.. وهي مستمرة بعناد عائلتها حتى يستمعوا إليها، وهذا ما لن يحصل أبدا!

____________

ألمانيا - الريف

كانت صامتة طوال الطريق.
لم تتفوه بأي حرف، ولم تبكي أيضا.
لكن عيناها الغائرتان، أنفها المحمر.. وحاجبيها المقوسين.. جميعها كانت تثبت له انهيارها النفسي.
لم يتحدث هو أيضا، لم يرغب بإخراجها من تفكيرها العميق بوضعها الحالي.. بما وضعت نفسها به.
فهي بأمس الحاجة لذلك.. بل هو، من كان بحاجة إلى أن تفكر جيدا وتعود إلى صوابها.
لا يرضى لها الحزن بالتأكيد، لكنه أيضا لا يرضى لها المهانة.
هذه الحياة التي تعيشها لا تناسبها.. ولا يناسبها ذلك الرجل المدعوّ بزوجها.
ليس وكأنه هو ذاته ( أوس ) مناسبا أيضا.. لكنه لا يريدها أن تظلّ زوجة مارك لوقت أطول.
يكره ذلك بشدة..
مارك لديه زوجة أخرى، هي بالنسبة إليه قلبه بل كل حياته، ولم يتزوج هانا إلا كي يعوض نفسه عن الحرمان الذي شعر به حين انتكست حالة إيما.
لا يوجد من هو أحقر من ذلك الـ ( مارك ) على الأرض.
إلا إنه متأكد تماما، أن هانا متى ما طلبت منه الانفصال.. سيفعل دون تردد.
هانا لن تفعل ذلك، ليس قبل أن تشعر بالكمال.. وليس قبل أن...

أوقف سيارته بقوة حين خطرت على باله تلك الخاطرة التي جعلت دقات قلبه تتسارع وأنفاسه تختنق.. حتى أن السيارة أصدرت صوتا أفزع هانا وجعلها تنظر إليه برعب:
- إيش صاير؟
ترك المقود وأبعد عنه حزام الأمان ثم خرج من السيارة وهو يتخصر وينظر إلى الأعلى.
يكره نفسه بشدة حين يصل بغضبه إلى تلك الحالة، وبسبب أحاديث نفسه.
تلك الحالة التي لا يصل إليها إلا بسببها هي، بسبب هانا!
نزلت هي الأخرى وقد ذهب عنها الهمّ من شدة الرعب، لتقف أمامه وترفع رأسها إليه:
- الحين وشو؟
ظلّ ينظر إلى السماء المنيرة بالنجوم.. قبل ان يقول:
- ما يصير تتطلقين وبس؟
فغرت فاهها بذهول للحظات قبل أن تقول:
- ليش تقول هالكلام فجأة؟ اشتكيت لك ولا قلت لك إني مو مبسوطة بزواجي؟
نظر إليها بحدة، وحدقت هي إلى عينيه عبر الظلام:
- تصرفاتك كلها تثبت لي انه زواجك من مارك مجرد مصلحة، تبين تستغليه وبس.
أدمعت عيناها من تلك الحقيقة الموجعة التي اضطرت تواجهها مرتين في اليوم الواحد، اقتربت منه أكثر حتى صارت عيناها تلمعان بانعكاس النجوم والقمر:
- وإذا؟ ليش قاهرك هالشيء؟ مو كأني قاعدة أستغلك انت.. بفضل الله ثم أنا قادرين انت وأختك تعيشون حياة ما قد حلمتوا فيها، ليش تعترض بدال لا تسكت وترضى بهالوضع؟ ليش تتدخل في حياتي؟ ليش ما تصير مثلك مثل مارثا تستمتع طالما عندك كل شيء تبغاه؟
اتسعت عيناه بذهول من كل ما تفوهت به:
- تعتقدين مارثا ساكتة لأنها راضية ومبسوطة؟
هانا بسخرية:
- أجل وشو؟
أكمل أوس سؤاله وهو في غاية التعجب:
- وتظنين إنه لك الفضل في هالشيء؟ لأنك تزوجتِ مارك؟
- طبعا!
قالتها بثقة أحرقت دم أوس وجعلت كل ما به يهتز من شدة الغيظ والغضب.
لدرجة أنه لم يتمكن من الرد عليها.
لذا ظلّ ينظر إليها بصمت وهو منصدم تماما.
ابتلعت هي ريقها بصعوبة من التوتر وأكملت مستغلة عدم قدرته على رؤية تعابير وجهها:
- تقدر تنكر؟
هزّ رأسه نفيا وعاد إلى السيارة بصمت.
ليتها لم تقود حديثها إلى ذلك الاتجاه، ليتها سمحت له بتذكيرها بما قالت في قمة الجبل.. أنها تمقت مارك بشدة ولا تطيق قربه.
ليتها سمحت له بتذكيرها بفضل إيما عليها، بعلاقتهم بها وكيف كانت قبل أن تغدر بها وترتبط بزوجها.
ليتها سمحت له.. بقول كل ما بقلبه من كلام.
وليتها.. ليتها فقط.. شعرت به، وعلمت كما علِم الجميع بحبه لها!
فيحنّ قلبها له وترحمه بدل أن تعذبه بهذه الطريقة الموجعة.
لكنها بدلا من ذلك أخرسته ببعض الترهات التي لا أساس لها من الصحة.
ربما زواجها من مارك منحهم رفاهية أكبر، لكن الفضل بعد الله لا يعود إلى هانا مطلقا.
لا خير يأتي مع الخيانة والغدر فكيف إذن تكون هي صاحبة الفضل عليهما هو وأخته الصغرى؟
كيف تمنّ عليهما الآن؟ هل ربما فقدت عقلها بعد أن قابلت إيما؟
هو خير من يعرف هانا.. يعرف أنها لم تكن تنطق بمثل هذا الحديث الفارغ دون سبب.
هل ربما إيما قالت لها شيئا استفزها إلى هذه الدرجة التي أفقدتها صوابها؟
عادت هي أيضا إلى مقعدها وربطت حزام الأمان، فعل هو المثل وأكمل الطريق بصمت.

لم تسمح له هانا حتى بإيقاف سيارته جيدا أمام القصر، إذ ترجلت على الفور ثم دخلت غاضبة.. تضرب الأرض بقدميها بقوة، تكاد تحفر ما تحتها.
تنهد بضيق وهو يركن سيارته ثم ينزل، لتقابله مارثا بوجه متجهم ومسود، تقول دون أن تعطيه أي فرصة حتى لإلقاء التحية:
- أحسنت أوس، كان عليك أن تطيل معاها أكثر في الخارج، لمَ عدتما باكرا؟
أوس وقد نال منه الإرهاق كليا:
- مارثا.. لستُ بمزاج يسمح لي بالاستماع إليك والرد، أرجوك.. دعيني أرتاح.
أدمعت عيناها من الغيظ وهي تقف جانبا وتسمح له بالعبور.
راقبته وتأملته وظهره المحني بطريقة لا تناسبه، حتى اختفى من أمام عينيها.
رفعت عيناها نحو جناح هانا، ربما لو كان القتل حلالا، لأقدمت على قتلها دون تردد.
لكنها حتى لا تملك رفاهية تخيل الأمر والتفكير به.
فهي.. وأوس، مدينان لهانا.
بحياتيهما.. عليهما دفع ثمن الخطيئة التي ارتُكِبت بحقها.
وإن لم يكونا المذنبين!

_________

ألمانيا - المنتجع

مرّت أيام الأسبوع بطيئة وكئيبة، لم تتمكن خلال هذه الأيام من التركيز على شيء.
كانت تحضر الدروس والمحاضرات بجسدها دون الروح.
كان الجميع يعلم بما مرّت به من ظروف، جميع الأساتذة والدكاترة.. أرادوا منحها إجازة ترتاح بها بضعة أيام، حبا لها ومراعاة لمشاعرها، فهي معروفة لدى الجميع باجتهادها وتفوقها.
إلا انها أصرّت على الحضور تنفيذا لرغبة ميرا، والتي أصرّت عليها أيضا لكي لا يوقف أحدهم حياته حزنا على الراحلين.
فهم بحاجة للعيش، بحاجة إلى الوقوف على أقدامهم دون والدتهم، وبحاجة للإعتماد على أنفسهم بعد الله.
لا يملكون من البشر أحد ليقف بجانبهم ويمد إليهم أيدي العون، وهم في الغربة!
كلّما دخلت إلى إحدى قاعات التدريس، شعرت برجفة تسير على طول جسدها.. والموقف الذي حصل يعود إلى عقلها مرارا وتكرارا، لا يعطيها أي فرصة للشعور بالهدوء والراحة.

كانت تختبر، حين بدأ هاتفها يرنّ وهو في الحقيبة.
لم تفعلها من قبل، لم تبقِ هاتفها على الوضع العام مطلقا.. مُذ أن امتلكته.
بل كان صامتا على الدوام، إلا ذلك اليوم.. بعكس كل مرة.
ربما لتتمكن من سماع الخبر مبكرا!
أخرج المراقب هاتفها من الحقيبة وأقفل الخط، ليعاود الطرف الآخر اتصاله مرارا وتكرارا.. مسببا بعض الضجة والازعاج لجميع الطلاب، والتوتر والارتباك الشديدين لها.
حتى اقترب منها وناولها الهاتف:
- أجيبي، ربما حدث شيئا ما ليعاود الاتصال بهذا الاصرار.
أومأت رأسها له بامتنان وهي تأخذ الهاتف محرجة، أجابت ووضعت الهاتف على أذنها دون أن تتفوه بأي شيء.. لتتسع عينيها على أقصاها وهي تسمع ما يقوله الطرف الأخر، وترتجف يديها بل كل جسدها، ويسقط منها القلم.
شهقت فجأة شهقة عالية، خرجت وكأنها شهقة من على وشك الموت!
لتبعد كل شيء عنها وتنهض ثم تخرج من القاعة جريا دون أن تأبه لأي شيء حولها.
الطلاب والمراقبين ينظرون إليها بتعجب.. حتى انها تركت الهاتف وحقيبتها خلفها.
كانت أختها ميرا هي المتصلة، تخبرها بأن والدتها قد فارقت الحياة.
موتها المفاجيء الذي لم يستعد له أو يتوقعه أي أحد، هو من وضعهم في هذا الألم الغير محتمل.
لم تتمكن من البكاء، بل لم تتمكن من التصديق حتى.
والدتها كانت بصحة جيدة للغاية، لم تشكو من أي شيء.. كانت تبدو كما لو أنها شابة بعمرها هي وشقيقاتها.
حتى أن أحد لم يعتقد أبدا أنها والدتهم.
هل عجزت عن التصديق لأنها كانت بصحة جيدة؟ أم لأنها لم تستعد لفراقها ولم تفكر به على الإطلاق كما يفعل الجميع مع من يحب؟
أم لأنها تشعر أنها غير جاهزة بعد للإعتماد على نفسها؟

الآن..
انتبهت من شرودها حين توقفت السيارة أمام المنتجع.
حملت حقيبتها ونزلت وهي بالكاد تفتح عيناها من شدة التعب والإرهاق.
شكرت السائق وناولته أجره ثم اتجهت للسكن.
حين وقفت أمام الباب، التفتت مستغربة وهي تسمع أحدهم يتحدث إليها:
- رجعتِ أخيرا.
كان ذلك لؤي، وضعت الحقيبة على الأرض واتجهت نحوه مبتسمة:
- كأنك كنت تنتظر؟
حُبِسَت أنفاسه وهو يراها تجلس على المقعد أمامه بعفوية، ثم تأخذ قارورة الماء وتشرب.
جميلة، جميلة حد الهلاك.
بحجابها الأبيض الذي أنار وجهها المشرق أكثر.
بالرغم من التعب الواضح عليها، إلا ان لا شيء تمكن من اخفاء ذلك الجمال الخارق.
أجاب بهدوء وهو مأخوذا بسحرها:
- اختفيتِ فجأة، كنت أحسب إنك راح تطبخين لي على طول على أساس انك بتضيفيني زين.
ضحكت لينا:
- يا ليت لو قدرت، اضطريت أرجع للدوام.
- تشتغلين؟
هزّت رأسها نفيا:
- لا، طالبة طب.

ازداد إعجابه بها، جميلة.. وطبيبة مستقبلية أيضا!
لم تفهم تلك النظرة حين رفعت عينها إليه، ظنته متعجبا منها، لذا ابتسمت بسخرية قائلة:
- أدري وش تقول في نفسك، هذي ما عندها ضمير ما عندها قلب يحس؟ كيف تداوم وأمها ما لها كم يوم متوفية.
هزّ رأسه نفيا بسرعة:
- أبدا.. ما فكرت بهالطريقة، بس...
صمت قليلا ثم أكمل بهدوء:
- ليش ما ارتحتِ لك كم يوم؟ التعب واضح عليك.
ابتسمت بوهن:
- فترة اختبارات، إذا ارتحت هالأيام راح تتراكم عليّ أشياء كثيرة، وإذا تراكمت ما راح يكون لي خلق أكمل.. فكرت أعتذر عن الترم، بس للأسف ما عندي هالرفاهية اللي تخليني أأخر تخرجي.
- وليش لا؟ بالعكس أفضل لك تتخرجين بالراحة بدون ما تضغطي على نفسك.
قبل أن تجيب عليه لينا، أتاهم صوت ميرا من بعيد.. والتي كانت عائدة من المنتجع:
- ليش؟ تحسبنا أغنياء مثلك انت وأبوك؟ أو بنظل احنا معتمدين على شخص ما تربطنا فيه أي صلة قرابة؟ ولا تبغى تقعد هنا تمنّ علينا بأفضال أبوك؟
تقدمت بخطواتها حتى وقفت بجانب لينا وأمامه، حيث كان ينظر إليها بحدة كما يفعل دائما:
- ولا ناوي تجلس هنا تذكرنا انك مالك هالمكان وانه اليوم اللي راح نضطر نطلع فيه راح يجي؟
غضب لؤي من اتهامها، واحمرّت عيناه:
- هذي جزاتي؟ إني تارك شغلي وحياتي وراي عشانكم؟
ميرا بصوت منخفض وحاد:
- ماحد طلب هالشيء، لا منك ولا من أبوك.. كنت تقدر تقدم واجب العزاء وتمشي، ماحنا بحاجة لمساعدتك أبدا، مع أمي ولا بدونها نعرف نمشّي أمورنا.
ابتسم لؤي بغير تصديق:
- ما توقعت اني لو جيت بقابل انسانة وقحة وجاحدة مثلك، عايشين طول عمركم على خير أبوي وتقولين انكم مانتم بحاجة لمساعدة؟ انتِ مستوعبة إيش قاعدة تقولين؟
ميرا بغضب:
- خير أبوك اللي هو المنتجع.. ما كان راح يبقى مفتوح لهاليوم إلا بفضل الله ثم أمي، كل قرش أخذناه استحقيناه.
- استحقيتوه؟ لو أبوي ما وفرلكم هالعيشة إيش كنتِ بتسوين؟ واضح انك تبغين تستمرين بالعيش بهالطريقة، تعتمدين على غيرك وتظنين انك أنجزتِ شيء وانتِ فاشلة، عشان كذا تبين أختك تهلك في سبيل دراستها عشان تعيلك بعدين!
أخرسها ذلك الكلام، لم تتمكن من الرد عليه.. بل ظلت تحدقه بنظرات غريبة.
نهضت لينا من مقعدها على الفور وهي ترى أكتاف أختها تتدلى كما لو انها انسانة ضعيفة، فتاة أخرى غير ميرا الشامخة على الدوام.

آلمها ذلك المنظر كثيرا، خاصة حين ابتعدت ميرا بصمت دون أن ترد على لؤي.. ودخلت إلى المنزل.
لتواجه لؤي قائلة:
- لو سمحت أخوي لؤي، احنا نقدّر كل شيء سويته عشاننا.. بس صدقني انت ما تدري عن شيء، صحيح دعم أبوك كان يعني لنا كثير ولولاه هو بعد الله ما كنا وصلنا لهالمرحلة، بس أبدا الفلوس عمره ما كان كل شيء، حياتنا ما كانت سهلة عشان تستهين فينا وفي جهودنا.
كان صدرها يعلو وينخفض من الغيظ وهي تواجهه بتلك الطريقة، بل تواجه رجلا بحديث مثل هذا للمرة الأولى في حياتها.
صعدت الحرارة إلى وجهها وجعله محمرا للغاية كما لو أنها تعرضت لبخار ساخن.
حين أجاب هو بارتباك من غضبها:
- آسف أنا ما...........
قاطعته قبل أن يكمل:
- ما راح ألومك لو كرهتنا وكرهت أمي، طبيعي تكون في صف أمك اللي أكيد أبدا ما أعجبتها تصرفات أبوك وهو يساعد طليقته وبناتها، لكن هذا أبدا ما يعطيكم الحق انكم تستحقرونا بهالطريقة وكأننا ما نسوى بدونكم.
قاطعها هو هذه المرة بحدة وملامح وجهه تشتد، ما جعله مهيبا ومخيفا:
- لينا! أنا ما استحقرتكم أبدا ولا كرهتكم لكره أمي لكم، انتِ ما تعرفين إيش صار خلال الأيام الماضية، أختك..........
أدمعت عيناها وهي تأخذ حقيبتها الصغيرة وتضمها إلى صدرها ثم تبتعد قائلة:
- ولا أبغى أعرف.
اختفت هي الأخرى بغمضة عين، بعد أن دخلت وأقفلت الباب خلفها بقوة.
وأخذ هو ينظر المكان بغير تصديق.
مالذي حصل للتو؟ ميرا تجرأت أن تنطق تلك الكلمات الفارغة أمامه.. ثم غضبت منه لينا؟
جلس وهو يتنفس بغضب.
لا يستطيع أن ينكر أنه كان مخطئا، لكنه على الإطلاق.. لم يرغب بأن ينتهي الأمر بهذه الطريقة.
بعد أسبوع كامل ظلّ به ينتظرها بفارغ الصبر، وصبّر قلبه المحترق شوقا لأجلها.. بطريقة غريبة وهو لم يراها سوى مرة واحدة.
تغضب منه، ويرى بعينيه صورة واضحة جدا، عن ابتعادها عنه وخلق مساحة ليست ببسيطة، وهو حتى لم يتمكن من الاقتراب منها شبرا واحدا!
كان عليها أن تستمع إليه على الأقل، أن تسمح له بإكمال عبارته.
لم يكن ذلك ليكون غريبا عليها، فهي مختلفة عن ميرا.. أفضل منها بمليون مرة.. لا يليق بها أن تعطيه ظهره وتذهب وهي تعلم أنه يملك ما يخبره بها.
أم أنه أخطأ الحكم؟ أو بالأصح.. تسرع في إطلاق الحكم عليها، بأنها ربما ستكون كما يرغب تماما!

____

في الداخل..

دخلت لينا إلى حجرتها المشتركة مع ميرا، التي كانت تأخذ شيئا ما من خزانة الملابس.
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تخلع حجابها وتجلس، حين سألتها ميرا بهدوء:
- إيش جابك؟
لينا التي أتت وهي تتوقع سماع هذا السؤال، وحفظت الإجابة.. إلا انها نسيَت كل شيء وتوترت، أجابت دون أن تنظر إلى أختها:
- برجع كل ويكند، اهتمي انتِ بالمنتجع.. وأنا باخذ ليا للمستشفى.
التفتت إليها ميرا بغضب:
- طلبت منك هالشيء ولا اشتكيت لك؟
هزّت لينا رأسها نفيا:
- مو لازم تشتكي لي، مانتِ لوحدك مسؤولة عنها.
صاحت بها ميرا بصوت مرتفع:
- مانتِ مسؤولة إلا عن نفسك لينا، اهتمي بدراستك وبس.. لا ترجعين هنا أبدا إلا اذا سمعتِ خبرة وفاة وحدة منا، غير كذا لا تشوفينا ولا نشوفك.
وقفت لينا أمامها والغصة تقف بحلقها:
- ليش تسوين كذا؟
- إيه، كلامه صحيح هذا اللي جالس برة، أنا انسانة فاشلة، تعودت أعتمد على غيري وناوية أظل كذا طول عمري، أبغاك تتخرجين بسرعة وتصيرين دكتورة حتى أقدر أحس بالحرية! وعشان أقدر أعيش برفاهية مثلي مثل غيري من البنات بسني.
صمتت لينا قليلا وهي تتأمل وجه أختها بألم:
- أنا أدري، وانتِ بعد تدرين إنه اللي قاعدة تقولينه مو صحيح.. لا تسوين في نفسك كذا أرجوك، لا تحملين نفسك فوق طاقتها خليني أساعدك، وثقي فيني مثل ما وثقت فيني أمي.. أقدر أهتم فيكم وأنا أدرس صدقيني.. أبغى أكون جزء من هالمرحلة بحياتكم، مثل ما كنا دايم.. لا تحاولين تبعديني وتعانين لوحدك ميرا.. أرجوك.
كانت ميرا تنظر إلى الأسفل بأكثر منظر تكرهه لينا على الإطلاق، لا زالت كتفيها منحتين!
أمسكت بها وشعرت بها وهي ترتجف:
- لا تقتلين نفسك بهالشكل، أرجوك.
شدت على تلك الكتفين وأوقفتها بشكل معتدل، لترى وجها متوردا ومحتقنا بالألم والوجع.. وعينين مشتعلتين براقتين، ملئيتين بالدموع.
قبل أن تبعدها الثانية بقسوة وتدفعها قائلة:
- يكفي مثالية لينا، وخليني أسوي اللي عاجبني لا تتدخلين فيني أبدا.
تحدثت لينا بعد صمت قصير:
- أنا خايفة ميرا، خايفة نفترق، خايفة وحدة منا تضطر تبتعد وما تسمع عن البقية حتى لو ماتوا أو صار فيهم شيء خطير، مثل ليان اللي ما درَت عن وفاة أمي لسه.
أغمضت ميرا عيناها بوجع.
وخفق قلبها من شدة الألم.
لم يكن ما تخافه مختلفا عن لينا أبدا، هي أيضا لم تتمكن من التوقف عن التفكير بها.. ليان، شقيقتهم الكبرى التي هربت من المنزل منذ سنوات طويلة وتركتهم، ولم يسمعوا شيئا عنها!
توفت والدتهم وفي قلبها حسرة وغصة، على ابنتها الكبرى!

____


اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:31 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.