آخر 10 مشاركات
رهين الشك _ شارلوت لامب _ روايات غادة(مكتوبة /كاملة) (الكاتـب : منة الله - )           »          زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدائلكِ في حلمي (3) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          52 - عودة الغائب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-09-20, 11:59 PM   #161

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 25 ( الأعضاء 11 والزوار 14)
‏ملك علي, ‏أميرةالدموع, ‏نور الدنيا, ‏mansou, ‏غير عن كل البشر, ‏zezeabedanaby, ‏Kokinouna, ‏NoOoShy, ‏Berro_87, ‏منيتي رضاك, ‏أم نسيم





Merciiiii bcp 💞💞💞💞


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-20, 01:12 AM   #162

ام حاتم الطائي

? العضوٌ??? » 464229
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 345
?  نُقآطِيْ » ام حاتم الطائي is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ام حاتم الطائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-20, 01:24 AM   #163

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام حاتم الطائي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .





و عليكم السلام ورحمه الله وبركاته 💞💞
ربي يسلمك على ذوقك الراقي ⁦❤️⁦❤️⁦❤️


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-20, 02:34 PM   #164

رواياتي المختارة

? العضوٌ??? » 477746
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 1
?  نُقآطِيْ » رواياتي المختارة is on a distinguished road
افتراضي ملك علي

لقد قرأت على هذا المنتدى عددا أكبر من أن أحصيه من الروايات وأجمل ماقرأت للكاتبة الليبية حفظها الله برد المشاعر ولكن لم أكتب يوما تعليقا ،أعلم أنها سلبية مني اتجاه كاتباتنا اللاتي يستحقن كل احترام وتشجيع ،لكني اليوم لم اجد بدا من التسجيل وكتابة هذا التعليق ودافعي تشجيعك لاني مذ بدات القراءة اتمنى دوما ان اجد كاتبة جزائرية واعدة وهاقد وجدتك
استمري فقلمك مميز وجميل وتاكدي ان من يتابعك دون تعليق اكثر ممن يتابعونك ويعلقون
دمتي متميزة


رواياتي المختارة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-20, 05:39 PM   #165

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رواياتي المختارة مشاهدة المشاركة
لقد قرأت على هذا المنتدى عددا أكبر من أن أحصيه من الروايات وأجمل ماقرأت للكاتبة الليبية حفظها الله برد المشاعر ولكن لم أكتب يوما تعليقا ،أعلم أنها سلبية مني اتجاه كاتباتنا اللاتي يستحقن كل احترام وتشجيع ،لكني اليوم لم اجد بدا من التسجيل وكتابة هذا التعليق ودافعي تشجيعك لاني مذ بدات القراءة اتمنى دوما ان اجد كاتبة جزائرية واعدة وهاقد وجدتك
استمري فقلمك مميز وجميل وتاكدي ان من يتابعك دون تعليق اكثر ممن يتابعونك ويعلقون
دمتي متميزة







ربي يعزك حبيبتي على هذا الاطراء الجميل و التشجيع المميز 💞💞💞💞⁦❤️⁩⁦❤️⁩
اعتبره وساما على صدري و انا التي لم تتخيل يوم بدأت الكتابة ان تنال روايتي القبول و الاعجاب خاصة انني مولعة باللغة العربية منذ مراهقتي رغم دراستي لسنوات طويلة باللغة الفرنسية 💖💖
اتمنى ان اظل في مستوى تطلعاتكم و شكرا مجددا ⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩💖


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-20, 09:51 PM   #166

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي





البارت الرابع و الأربعون لم علي توظيفك ؟





في الغد كان علي قد غادر منذ ساعات الصباح الأولى , كعادته في سفراته الكثيرة , و أكثر شخص يشعر بالارتياح في غيابه هي ملك ,

حتى أنها تشعر أن رحلات العمل هذه , هي هدية من السماء , و متنفس لها من وقت الى آخر , حتى لا تضطر لرؤية وجهه أو الجدال معه .



في المطبخ تقدمت منها فاطمة و أعطتها العلبة , تفاجأت ملك بها اتسعت عيناها و لم تصدق ما بداخلها



" هل وجدتها ؟ "

قالت بغبطة شديدة



" أجل ابنتي , قلت لك أنها كانت في المكتب , و لكنها كانت تالفة فأخذتها لاستبدالها ,

أعرف أنك لا تعرفين المحلات هنا , فقررت التصرف بنفسي "





ابتسمت ملك مجددا و أخذتها لوضعها

" شكرا جزيلا خالة فاطمة , كم كلفتك ؟ "



" ليس كثيرا "

ردت المرأة بسرعة محاولة مداراة ارتباكها



شعرت ملك بالاحراج , فهذه من أفضل أنواع العدسات اللاصقة , و هي تعرف أن تكلفتها ليست بسيطة

" لا لن أقبل خالة , يجب أن تأخذي ثمنها , أعرف أنها مكلفة "



تظاهرت فاطمة بالاستياء من اقتراحها

" ملك ابنتي لا تفكري حتى في الأمر , لم أدفع الكثير و لن آخذ المقابل ,

ثم اعتبريها هدية مني اعتذارا عما حدث البارحة "




طأطأت ملك رأسها خجلا من طيبتها , و هي التي اعتقدت أنها ستجد خاصتها , و لن تكون مضطرة لاقتناء أخرى بثمن باهض ,

خاصة أن ما تملكه الآن , بالكاد يكفي مصاريفها الشخصية القليلة .




لأول مرة في حياتها , تشعر ملك بالاحراج أمام أحدهم ,
لأول مرة تشعر بالصغر بسبب حاجتها للآخرين ,

و لكنها ابتسمت بهدوء كعادتها , رغم الغصة التي في قلبها و شكرتها



" حسنا خالة فاطمة شكرا , سآخذها و لكن فقط اذا وعدتني , أنك ستأخذين مقابلا لاحقا ,

ثم ما حصل أمس لم يكن ذنبك , ليس عليك الاعتذار بسببه "




" حسنا اذا ابنتي , بمجرد أن يتوفر المبلغ لديك سآخذه منك وعد "

وافقت فاطمة فقط لاسكاتها , و تخفيف شعورها السيء بأن أحدهم يتفضل عليها .



لكن ملك كانت جادة في اعادة المبلغ , حتى و ان كان الأمر بعد عودتها الى بلدها , فهذا دين عليها تسديده ,


ابتسمت ملك و عبرت عن امتنانها مجددا , باحتضان الشخص الوحيد في هذا البيت , الذي تجد عنده المواساة , التي تفتقدها منذ انفصالها عن والديها .





انشغلت ملك بعدها في الأعمال مع باقي الخادمات , و لكن عقلها لم يتوقف لحظة عن التفكير في طريقة , تحصل بها على مدخول و لو كان متواضعا ,


فما معها لن يكفيها مطولا , صحيح أن مصاريفها قليلة مقارنة مع باقي الشابات في سنها ,

الا أن هناك مصاريف طارئة , قد تظهر في أية لحظة , و تخلط حساباتها كما حصل في موضوع العدسات ,




و هي ليست مستعدة لاذلال نفسها , في كل مرة تمد فيها يدها لأحدهم ليحل مشاكلها ,

خاصة اذا كان هذا الشخص هو علي , هي لن تأخذ منه فلسا واحدا , حتى لو أسلمت روحها ,

يكفي أنها تقيم هنا و تأكل مما في بيته دون مقابل , و الأمر يؤلمها و كأنها تقبض على الجمر .



هي لن تنسى أبدا اتهام هذا الرجل لها , بالطمع و بيع نفسها مقابل المال ,

لن تنسى اتهامه لها بسرقته , و لن تنسى أبدا نظرة الحقد و الاشمئزاز في عينيه , و هي لن تعطيه أية فرصة لاذلالها مجددا ,




لذلك قررت ملك البحث بسرية عن عمل مناسب , و قررت استغلال غياب علي لايجاد واحد ,


رغم أنها تعرف أنه قد يعارض الأمر , خاصة أن من بين شروط العقد بينهما , أن تبقى هنا و لا تعمل في أي مكان آخر ,
لكنها ستفكر لاحقا في طريقة لاقناعه ,



فهي تبقى هنا باتفاق بينهما , و ليست جارية اشتراها من سوق النخاسة , ليتحكم في مصيرها كما يحلو له ,


ثم من يدري قد يسعده الأمر و يرضي غروره , اذا رآها تعمل في مكان متواضع , بعيدا عن مستواها السابق .




بعد تفكير مطول قررت ملك أن تسأل فاطمة

" خالة فاطمة هل يمكن أن تصطحبيني معك الى التسوق ؟ "




استغربت المرأة طلبها المفاجئ , فهي لم تغادر المنزل منذ وصولها ,

لكنها لم تجد مانعا لتلبية رغبتها , فربما تكون سئمت من البقاء هنا , و ترغب في الترفيه عن نفسها قليلا



" حسنا ابنتي جهزي نفسك , سنغادر بعد الغداء "




بعد الظهر خرجت فاطمة تتبعها ملك متجهتين الى السيارة , حيث كان ابراهيم في انتظارهما , ليقلهما الى المول في وسط المدينة , و الذي تتسوق منه فاطمة عادة .



بمجرد دخولهما حتى بادرت ملك , بطلبها بأن تسمح لها بالتجول , في محلات الملابس و المجوهرات .



و مجددا لم تمانع فاطمة الأمر , و لكنها نبهتها الى ضرورة العودة , و الالتقاء بها في مدخل المول بعد ساعتين للعودة ,
حتى أنها أعطتها رقم هاتفها في حالة الطوارئ .



افترقت الاثنتان و بدأت ملك البحث بجد , علها تجد عملا مناسبا محترما , و يكون مدخوله مقبولا يغطي احتياجاتها ,


و بالفعل كانت العروض كثيرة , كلها بدوام جزئي في المطاعم , المقاهي و محلات الألبسة و الأحذية ,


فهذا موسم السياحة و العمل كثير , و يفضل معظمهم شابات في سنها , خاصة أن منظرها مقبولا جدا .



الا أن ملك كان حظها سيئا , فبمجرد أن تقول أنها لا تملك جواز سفر , و لا أوراق اثبات هوية ,
عدا الورقة التي حصلت عليها من قسم الشرطة سابقا ,

حتى يقابل طلبها بالرفض مباشرة , فلا أحد يريد التورط مع عامل , حجزت أوراقه لسبب مجهول
, و طبعا عزة نفس ملك تمنعها من توسل الآخرين ,



رغم آمالها الكبيرة في العثور على وظيفة مناسبة , الا أن ملك أدركت أن الأمر صعب فعلا , و أنها
ربما وصلت الى طريق مسدود , و شعرت فجأة بضيق شديد .



اضطرت ملك بعد انقضاء الساعتين , للعودة الى مكان الاتفاق في مدخل المول , لم ترد أن تثير قلق فاطمة عليها ,



أثناء عودتها قررت أن تبحث في الجوار , فالمدينة كبيرة و الفرص كثيرة , و ليس عليها أن تيأس منذ البداية ,

و لكن كان يجب عليها أن تقنع فاطمة بتركها لوقت اضافي , دون اخبارها السبب الحقيقي لأنها ستعلم علي مباشرة ,



لذلك قررت قول كذبة صغيرة لمداراة نواياها

" خالة فاطمة رأيت مطعما يبيع أكلا جزائريا أريد تجريبه , هل يمكن أن أبقى لبعض الوقت ؟ "


قالت ملك مخترعة حجة مقبولة , دون أن تنظر في عيني فاطمة , لأن عينيها قد تفضحانها .



ترددت المرأة قليلا فملك مسؤوليتها , و هي تخشى تركها وحدها هنا , اذا حصل معها شيء سيء , فسيكون عليها مواجهة غضب علي .



و لكنها فكرت أنها لا تأكل كثيرا , ربما بسبب اختلاف تقاليد الطعام , لذلك أشفقت على الفتاة التي تقف أمامها و لان قلبها


" حسنا ابنتي بامكانك البقاء , و لكن بشرط أن تصطحبي ابراهيم , أنا علي العودة لتجهيز العشاء "



لم تجد ملك بعدها مفرا من اصطحاب الرجل , بعدما شكرت فاطمة و وعدتها بالعودة سريعا ,

و لكنها أقنعته بشكل ما أن ينتظرها في السيارة , و هي من سيأتي للبحث عنه حينما تنتهي .



لم يعارض ابراهيم الأمر , فملك بالنسبة للجميع زوجة علي , و بالتالي فأوامرها يجب أن تنفذ , و
من يكون هو ليحشر أنفه في أمور مخدوميه الخاصة .



استمرت ملك في البحث عن عمل , لساعتين أخريين دون جدوى , حتى بدأت قدماها بالتورم , و لكن الاجابة دائما واحدة مع نظرة استصغار

" آسف لا يمكنني توظيف شخص لا يحمل هوية "



جابت معظم المحلات التي في الشارع المجاور للمول , و انتهى بها المطاف أمام محل أطعمة لبناني ,



حدقت ملك الى واجهة المحل الزجاجية , و قد شعرت باليأس من وضعها , لكنها قررت أن تجرب حظها هنا ,


بمجرد دخولها استقبلتها نادلة بابتسامة عريضة , و حاولت اقتيادها الى احدى الطاولات , معتقدة أنها زبونة تحتاج خدمة ,



لكن ملك ابتسمت برقة و استوقفتها

" من فضلك هل يمكن أن أقابل المدير ؟ "



نظرت اليها الشابة بتمعن

" هل أنت هنا من أجل طلب عمل ؟ "



شعرت ملك بالاحراج من طريقة الشابة في طرح السؤال , و لكنها لم تعد تبال بشيء , بعد كل ما حصل معها , و استمرت في طلب ما تريده بكل هدوء

" أجل لو سمحت هل يمكن أن أقابل المسؤول عن المحل ؟ "



اختفت الابتسامة من على وجه النادلة , مطت شفتيها الغارقتين في اللون الزهري , و تفحصت ملك من رأسها الى اخمص قدميها مرتين , قبل أن تجيبها بتأفف

" انتظري هنا , لا تبرحي مكانك "



هزت ملك رأسها موافقة , و بمجرد ان ابتعدت الشابة , حتى نظرت الى ما تلبسه ,
سروال جينز و قميص أبيض مع حذاء مسطح , اضافة الى أنها ترفع شعرها ذيل حصان



" هل يجب أن أرتدي شيئا آخر ؟ "

سألت نفسها بحيرة , رغم أنها تعلم أن مظهرها لن يغير في الأمر شيئا , و أن النادلة تحاول فقط احباطها ,



أخذت ملك نفسا عميقا لتشجيع نفسها , و قررت أن تقف مكانها في الاستقبال , و تشغل نفسها بالمراقبة في الأرجاء , الى أن يأتي الشخص المنشود .




كان المطعم راقيا و حديثا , بديكور فخم مع لمسة تقليدية , كما أن الزبائن من جنسيات مختلفة , و دعت ملك أن توفق للحصول على عمل هنا , فالمكان يبدو ملائما جدا .



بعد ربع ساعة عادت النادلة , و معها شاب في الثلاثينات من العمر , أشقر الملامح طويل القامة , مع لحية خفيفة و عينين خضراوين



دنا الشاب من ملك ببطء , تفحصها بتأن لثوان و هز رأسه بالتحية , قبل أن يبدأ بالتحدث معها بهدوء بلكنة لبنانية

" النادلة أخبرتني أنك تبحثين عن عمل "



حدقت ملك اليه ثم هزت رأسها

" أجل سيدي أبحث عن دوام جزئي "



" هل سبق و أن عملت في مطعم ؟ "

سأل الشاب دون أن تظهر على ملامحه , أية بوادر للقبول أو الرفض



و ردت ملك عليه بكل صراحة

" لا لم أفعل , و لكن لدي فكرة جيدة عن العمل كنادلة "

طبعا لأنها كانت تقصد المطاعم باستمرار .




لم يطل الشاب الأمر كثيرا و أجابها بايجاز ليعود الى واجباته

" حسنا آنستي املئي استمارة التوظيف , و قدمي أوراقك الى السكرتارية , و سنتصل بك لاحقا "



فجأة ظهر الامتعاض على وجه ملك

" يا الهي ليس مجددا "

همست بينها و بين نفسها



" هل هناك مشكلة ؟ "

سأل الرجل بعدما لاحظ ملامحها المستاءة




طأطأت ملك رأسها و قد شعرت بقلة الحيلة , حكت جبينها بارتباك ثم ردت بتردد


" أنا أنا لا أملك وثائق هوية , حجز جواز سفري منذ مدة من قبل السلطات , و لا أملك غير هذه الوثيقة "


قالت بصوت خافت بالكاد يسمع , و هي تخرج الورقة من جيبها على استحياء , و تفتحها أمام عينيه ليقرأها .



شعر الشاب بحرجها الشديد , فقد كان واضحا أنها تفعل هذا الأمر لأول مرة

" تبا "

تمتم و هو يمرر يده على شعره باستياء , و سأل مجددا بفضول

" هل أبلغ الدائن عنك ؟ "





لم تتوقع ملك أن يسألها , فمن سبقه صرفها مباشرة , بعد قولها هذه الجملة المشؤومة ,
و لكن ما قاله أعطاها أملا جديدا و قررت مجاراته , و قد لمعت عيناها و أشرقت ملامحها



" أجل علي ديون كثيرة لأسددها , لأستطيع العودة الى بلدي "



ملك أدركت أن هذه أفضل اجابة يمكن أن تقولها , للشخص الوحيد الذي أبدى استعدادا للمساعدة ,

هي لن تخبره أبدا أن مجنونا سقط من السماء , ادعى أنها زوجته الحامل المريضة نفسيا ,
و لفق لها تهمة بثلاثة ملايين دولار , حتى يحتجزها لأنه يعتقد بهوسه أنها سرقته ,


و الا فسيكون استدعاء اسعاف مستشفى المجانين , هو ما سيفعله لاحقا دون تردد .




فكر الشاب قليلا و استمر في الحديث , مع ملك التي تحدق ناحيته بتأمل كبير

" لم يجب علي توظيفك ؟ "



" لأنني بحاجة الى العمل كما قلت "

قالت ملك بصوت خافت مخفية توترها



لكنه فاجأها بهز رأسه بالمعارضة

" ليس سببا كافيا "



كان الشاب مترددا جدا فهو يريد المساعدة , و لكنه يخشى أن يتورط في أمر سيء , لا يعرف عنه شيئا ,



رغم ذلك فقد بدت ملامح التعاطف على وجهه , كيف لا و هو قد مر بنفس الظروف منذ سنوات ,

فقد أتى من بلده في عمر الثامنة عشر , و عمل في الكثير من الأعمال المتواضعة و الشاقة ,

مر بفترة عصيبة جدا بسبب الديون المتراكمة , و حجز جواز سفره هو الآخر من قبل الدائنين , و منع من العودة الى بلده ,



لكن اصراره على النجاح أوصله الى هنا , و بدأ المشروع الذي طوره بنفسه , قبل أن تستقر أموره و تتحسن أحواله .



نظر الشاب الى ملك ببعض الشفقة , فهي ذكرته بنفسه سابقا , هو يعرف صعوبة الوضع جيدا على أي رجل , فما بالك بشابة رقيقة مثل التي تقف أمامه .



لذلك قرر الاستمرار في الحوار , علها تعطيه سببا جيدا لقبولها أو رفضها



" ليس سببا كافيا ؟ "

أعادت ملك جملته بتساؤل و حدقت في الأرجاء , ثم نظرت الى عينيه مباشرة و كأنها وجدت ظالتها

" أرى أن معظم زبائنك من الأجانب , اذا أخبرتك أنني أجيد التحدث بعدة لغات أجنبية ,

هل ستوظفني ؟ "



رفع الشاب حاجبيه و سأل باستغراب

" أكثر من لغة ؟ "



عادة من يتقدمون لطلب العمل , يجيدون اللغة الانجليزية على أكثر تقدير , و يضطر الزبائن للتحدث بها ان أرادوا خدمة , لذلك استغرب أن تجيد ملك أكثر من ذلك ,



لكنها هزت رأسها بالموافقة , و أشارت بيدها الى الرقم خمسة , و قد شعرت بالاحراج لاستعراض الأمر أمامه



لكن الشاب صدم و اتسعت عيناه الخضراوين عن آخرهما

" خمسة لغات ؟ "

قال بصوت مرتفع



" أجل "

و أجابت ملك بكل هدوء



أعجب الشاب بالأمر , و قد بدا ذكاءا منها اعطاءه سببا كهذا غير قابل للرفض ,

أراد بعد ذلك أن يسألها عن سبب اجادتها للأمر , لكنه تراجع مستنتجا أنها طالبة لغات , أو شئ من هذا القبيل ,


لذلك أعاد لها الورقة و قال بجدية

" تعرفين أن الأمر مخالف للقوانين , و لكنني سأساعدك "



ابتسمت ملك له باشراق , و قد ارتاح بالها قليلا

" شكرا سيدي , لن أنسى معروفك هذا أبدا "



ابتسم الشاب هو أيضا برؤية ملامح ملك , التي تبعث الراحة في القلوب و بادرها

" نادني جان لا أحب كلمة سيدي , و الآن أخبريني ما الذي تجيدين فعله ؟ "




فكرت ملك قليلا و أجابته

" أعمال المطبخ , خدمة الطاولات , ماكينة الحسابات , لا أدري أي شيء "



هز الشاب رأسه مجددا بتفهم

" طيب سأسمح لك بالتدرب , مع باقي النادلات لبعض الوقت , بعدها سنرى ما الذي تجيدين فعله "


" شكرا جان , أنا ممتنة فعلا "





أشار جان بيده الى احدى النادلات لاستدعائها , و قد كانت ملك مرتاحة جدا , لأنها لم تكن الشابة المتعجرفة التي استقبلتها قبل قليل و استرسل



" لا بأس ستكون فترة اختبارك أسبوعين , تعملين نصف دوام من الثامنة صباحا الى الثانية زوالا ,

و بالنسبة لراتبك سيكون 1000 دولار للشهر مبدئيا , اتفقنا ؟ "



" أكيد لا مانع لدي "

ردت ملك بالموافقة



و استمر هو في القاء التعليمات

" أهم شيء هنا النظافة التامة , لا أحب التأخير عن أوقات العمل ,

لا أحب النقاش مع الزبائن أو اساءة معاملتهم , أية مشكلة بامكانك استدعائي و أنا أتصرف , مفهوم ؟ "



" أكيد "

وافقته ملك مجددا



بعد أن اتفقا على كل التفاصيل , غادرت ملك على أن تبدأ عملها ابتداءا من الغد ,

حيث عين جان احدى النادلات القديمات , في محله للاشراف على تدريبها , و الحرص على اتقانها لعملها .



شعرت ملك بغبطة شديدة , في طريق عودتها مع ابراهيم في السيارة

هي تعلم أن فاطمة قلقة الآن بسبب تأخرها , و لا تريد ازعاجها أكثر , و الا لكانت طلبت أن تبدأ العمل اليوم .



أثناء العودة حرصت ملك على أن تستجوب ابراهيم , فيما يخص المواصلات من و الى المنزل ,

و لكنها شعرت ببعض الخيبة , حينما أخبرها أن أقرب موقف باصات , يقع على كيلومترين من الحي الذي يسكنه علي ,



أما المترو فهو أبعد من ذلك بكثير , و بالتالي فان طريقة النقل الوحيدة , هي الحصول على تاكسي مكلف ,

بما أن المنطقة راقية لا يسكنها الا الأثرياء , ولا أحد يستخدم المواصلات العامة هنا .



فكرت ملك مليا في حل مناسب , هي لا تستطيع استخدام تاكسي مرتين يوميا , و الا ستصرف كل ما تجنيه على مواصلاتها ,

اضافة أنها لن تطلب من ابراهيم أن يوصلها يوميا ,


أولا لأنها لا تريد أن يكتشف علي الأمر سريعا , حتى تقرر الوقت المناسب لاخباره ,


ثانيا لأن استعمالها لسيارة فارهة , توصلها و تستعيدها كل يوم , سيثير شكوك صاحب المطعم و قد يوقفها ,

خاصة أنها أخبرته أنها مدينة لأحدهم بمبلغ كبير ,




بعد تفكير عميق , قررت ملك أن تستخدم حلا وسطا الى أن تجد بديلا ,

و هو أن تطلب من ابراهيم , أن يقلها أثناء ايصال رنا الى مدرستها , و يتركها أمام أول محطة باصات صباحا ,

أما بعد العمل فستستخدم الباص ثم تاكسي , أو ربما تستطيع العودة مشيا من مدخل الحي ,



رغم أن الأمر يبدو شاقا , الا أن هذا لم يثبط عزيمة ملك للحصول على العمل ,

و من يدري فقد تتوصل لاحقا الى اتفاق , يسمح لها فيه المجنون بالمغادرة , و الانتقال الى مكان آخر للاقامة , فالأحلام دائما مشروعة .





في الصباح الموالي نهضت ملك باكرا , ساعدت الأخريات في المطبخ , ثم جهزت نفسها للخروج مع رنا



استوقفتها فاطمة عند الباب

" ملك بنيتي الى أين ؟ "



نظرت ملك اليها و عضت على شفتها السفلى , سؤال منطقي و لكنها لا تملك اجابة مناسبة ,


لكنها فكرت قليلا بعد و قررت اختراع مبرر , مستخدمة تأثيرها على المرأة الطيبة


" خالة فاطمة في الحقيقة , لقد التقيت البارحة صديقة قديمة لي تعمل هنا , و طلبت مني أن أساعدها في بعض الأمور و نتسلى قليلا ,

و أنا طلبت من ابراهيم , أن يوصلني في طريقه "


و ختمتها بابتسامة لتخفي توترها بسبب الكذبة



و بالفعل لم تجد فاطمة بما تعلق , بقيت تحدق ناحيتها بتردد و بعد لحظات

" حسنا ابنتي لا بأس , لكن لا تتأخري تعلمين أنني أقلق ,

و اذا حصل أي طارئ فقط اتصلي , الرقم لديك و أنا سأتصرف "




" شكرا خالة "

احتضنتها ملك كما تعودت مؤخرا , و غادرت مع رنا الى السيارة ,

و كما طلبت وضعها ابراهيم في أقرب محطة باصات , و بعد نصف ساعة وصلت الى وسط المدينة ,

بعدها كان عليها أن تمشي لنصف ساعة أخرى حتى تصل وجهتها .



بمجرد دخولها استقبلتها النادلة التي عينها جان لتدريبها البارحة ,
كانت شابة قصيرة القامة , بشعر أحمر و قوام ممتلئ تدعى تينا ,

و رغم ملامحها الجادة , لكنها كانت لطيفة جدا معها نزولا عند طلب جان .



بعد شرح مستفيض من طرفها , بدأت ملك عملها بكل جدية , و قد أوكلت اليها مهمة أخذ طلبات الزبائن لليوم ,



كان جان يراقبها عن قرب بتوجس , ففي البداية كان مترددا لتوظيفها بسبب وضعها ,

لكنه شعر بالراحة بعدما رأى حيويتها و نشاطها الكبيرين , لطفها و بشاشتها مع الزبائن , اضافة الى قلة كلامها و سرعة تعلمها .



مر أول يوم بسلام , و عادت ملك أدراجها الى البيت , منهكة القوى بسبب مشيها لوقت طويل ,

و لكن عزيمتها لم تخفت , بل بالعكس زاد اصرارها على الاستمرار , علها تتحرر من هذا البيت السجن .











رأيكم ماذا ستكون ردة فعل علي ؟

😉😘💞💞





.......



ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-09-20, 12:26 AM   #167

mansou

? العضوٌ??? » 397343
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,018
?  مُ?إني » عند احبابي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » mansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond repute
?? ??? ~
«ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتي، وَأجِبْ دَعْوَتي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي.»
افتراضي

اكيد كي يعرف علي راح يجن
وراح تبدا الغيرة مع ظهور جان


mansou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-09-20, 01:23 AM   #168

mansou

? العضوٌ??? » 397343
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,018
?  مُ?إني » عند احبابي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » mansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond repute
?? ??? ~
«ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتي، وَأجِبْ دَعْوَتي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي.»
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 5 والزوار 5)
‏mansou, ‏ملك علي, ‏جزيرة, ‏ban jubrail, ‏الرسول قدوتى


mansou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-09-20, 08:54 PM   #169

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي





البارت الخامس و الأربعون اعصار قادم







" شكرا ملك أبليت حسنا "

قال جان بابتسامة مشرقة , و هو يقف متخصرا يحدق ناحية ملك , التي تلمع الطاولة استعدادا لانهاء يومها و المغادرة


ابتسمت له ملك كعادتها

" لا داعي للشكر جان , هذا عملي أتمنى فقط أن يعودوا لاحقا "




حك جان رقبته بتوتر و أجابها بابتسامة

" كنت قلقا من غداء الوفد الألماني , هؤلاء الأشخاص متطلبون جدا و متزمتون في طلباتهم ,

لكنك هونت الأمر بالترجمة لهم , لدرجة أنهم قالوا أنهم سيحجزون لاحقا على العشاء "




اعتلت ملامح جدية وجه ملك , فهي تعرف أنها لا تستطيع الخدمة هنا مساءا ,

حتى لو وافق علي على عملها , سيكون خلال النهار فقط , ذلك المجنون لن يسمح لها بالبقاء
خارجا ليلا , لكنها نفضت الفكرة من رأسها و أجابته

" متأكدة أنهم سيكونون راضين أيضا , لا تشعر بالراحة الا حينما يحدثك أحدهم بلغته "




ابتسم جان لكلامها و راقبها لثوان اضافية بصمت قبل أن يسأل

" و الآن ألن تخبرني الفيلسوفة أين تقيم حاليا ؟ "




تجمدت حركة ملك مؤقتا بسبب الارتباك , فجان لا يتوقف عن طرح هذا السؤال , منذ بدأت العمل عنده ,

عارضا عليها مكانا لائقا للاقامة , معتقدا أنها تسكن بيتا غير مناسب , لكنها سارعت للرفض ككل مرة



" لا بأس جان أنا بخير , أخبرتك أنني أقيم مع مجموعة من صديقاتي الطالبات ,

و أنا مرتاحة جدا برفقتهن , ان أردت التغيير سأعلمك "




لم ترد ملك ان ترفض نهائيا , لأنها تتأمل أن تناقش علي حتى يدعها تغادر بيته , بعدما حصلت على هذا العمل ,

و يكون بامكانها الانتقال الى حيث يعرض جان , فهو يبدو رجلا محترما و مؤتمنا ,


بالتالي لن تخاف البقاء هنا خلال السنة القادمة , و في كل الأحوال سيكون أفضل من بيت المتسلط .



" حسنا كما تريدين , أنا دائما في الخدمة "

رد باحباط و هو يهز كتفيه , فقد كان يتمنى أن تدعه يساعدها أكثر , لكنه سيعرف كيف يقنعها بالقبول لاحقا .





" شكرا مجددا جان , سأغير ملابسي لأنني تأخرت "

" كلي أولا قبل المغادرة , و لا تقلقي كل هذا سيحسب في مداخيلك "





بعد ساعة و نصف ولجت ملك البيت خائرة القوى , و اتجهت الى المطبخ حيث تجلس فاطمة ترتشف شايها

" مرحبا خالة "


" مرحبا بنيتي تأخرت اليوم "



" أجل كان هناك الكثير من العمل , و اضطررت للبقاء أكثر , كما أخبرتك صديقتي في حاجة الي "


كررت ملك الكذبة التي تبرر بها خروجها يوميا , و هي أن صديقتها المزعومة تملك مطعما في وسط المدينة ,

و طلبت منها مساعدتها فيه , و فاطمة بطيبتها لا تشكك في كلامها أبدا .





" لكنك تبدين تعبة جدا "

قالت فاطمة بقلق و أجابتها ملك بابتسامة , متبوعة بحضن مشاكس تعودت عليه مؤخرا , حضن يخفف عنها شعورها بالوحدة و الغربة


" أنا بخير لم أصر عجوزا بعد "




تنهدت المرأة بيأس و ربتت على ذراعها لطمأنتها , بما أنها لا تتمكن من اقناعها بالتوقف عن اتعاب نفسها


" حسنا خالة سأستلقي قليلا , حتى أستطيع مساعدتك في تحضير العشاء "




بالدخول الى غرفتها , جلست ملك على طرف سريرها , فكت أزرار قميصها المتعرق , ثم خلعت حذاءها الذي يغطي رجليها المتورمتين , بجلد ملتهب بسبب المشي مطولا ,


أشفقت قليلا على نفسها , لكنها حدقت بعزم الى صورتها في المرآة و جددت عزيمتها

" كل شيء سيمر ملك , لا شيء يبقى على حاله الى الأبد , عليك أن تخرجي بخير من هنا ,

لا تسمحي لشيء بأن يثنيك عن تشبثك بعيش حياة كريمة "


شجعت نفسها بابتسامة

" أنا بخير رغم كل ما يحصل "

ثم استلقت مباشرة الى الخلف , و نامت بمجرد أن أغمضت عينيها الدامعتين .

.
.
.

استمر الأمر لخمسة أيام متتالية , فترة غياب علي في سفره , كانت ملك تخرج صباحا باكرا و تعود بعد الظهر ,

و كان عملها يسير جيدا , جان راض عن آدائها , و الزملاء يتعاملون معها بكل ود .



لم تكن فاطمة تعلق بشئ , بما أن ملك قالت أنها ترافق صديقتها , فليس لديها ما تقوله هي حرة ,

ثم هي تعرف مما رأته سابقا , أن ملك تجيد التصرف في المواقف و لا تتهور أبدا .



كانت ملك تعود كل يوم منهكة القوى , بالكاد ترافق رنا قليلا في حل واجباتها , تساعد الخادمات مساءا ثم تنام مباشرة ,

لكن ليس قبل أن تفكر مطولا , فيما يجب أن تقوله لعلي حينما يعود , لتقنعه أن يدعها تفعل ما تريد ,

و هي تتمنى أن يستمر سفره لسنة بطولها , حتى لا تضطر الى رؤية وجهه مجددا .





في مساء اليوم الخامس , عاد علي في الثامنة ليلا , و كعادته يقصد البيت بمجرد أن تطأ قدمه أرض المطار ,

كان متعبا جدا لكن بمجرد دخوله , سأل عن رنا فقد اشتاق لها كثيرا ,

فالاتصالات المصورة عن طريق السكايب , أو الفايس تايم لا تشبع و لا تغني من جوع ,

و هو لا يستطيع البقاء لفترة طويلة , دون احتضان ابنته و استنشاق رائحتها .





" مرحبا بني كيف حالك ؟ "

استقبلته فاطمة في المدخل كعادتها بعد كل سفر , تحب أن تطمئن على حاله بنفسها .




" بخير فاطمة , بخير الحمد لله شكرا , أين رنا ؟ "

سأل و هو يجول بأنظاره بحثا عنها , عادة تكون هي الأخرى تنتظره هنا بكل حماس , و لكن لا أثر لها في الأرجاء .




و أجابته فاطمة بسرعة

" في غرفة المعيشة , تناولت عشاءها ثم أخذت كتبها لانجاز فروضها ,

و أنت ألن تأكل ؟ "



ابتسم علي برضا و هو يعلم أن فاطمة , أفضل من يأتمنه على ابنته و بيته أثناء غيابه

" لا فاطمة أكلت في الطائرة , شكرا لك "





أنهى علي كلماته سريعا , ألقى بسترته على الأريكة و أرخى ربطة عنقه , ثم اتجه بخطى سريعة ناحية الغرفة .

فتح الباب بخفة لمفاجأتها , لكنه استغرب الهدوء التام الذي يلف المكان , حتى أن الانارة خافتة على غير العادة ,



وقف علي يراقب المكان بعينيه في المدخل , ثم دخل بخطى خفيفة ليلقي نظرة , لكن كان هو من تفاجأ من المنظر .



كانت ملك مستلقية على الأريكة الكبيرة هناك , مع وسادة وثيرة تحت رأسها , رنا مندسة في حضنها تتوسد ذراعها , و الاثنتان تغطان في نوم عميق .



وقف علي مكانه للحظات يتأمل , ثم ألقى نظرة متفحصة على الغرفة , رسوم متحركة على شاشة التلفاز , لكن الصوت منخفض جدا ,

وسائد مبعثرة على الأرض , كتب و أقلام رنا في كل مكان , يبدو فعلا أنها كانت تراجع قبل أن تنام ,




عاد علي بعينيه ليحدق في المنظر أمامه مستغربا , كان يحك جبينه بيده و هو يفكر في أمر واحد

أن ابنته حساسة جدا للاتصال الجسدي مع الآخرين , لا تسمح لأحد تقريبا باحتضانها أو تقبيلها ,



حتى أنها كانت في وقت ما , تعاني من نوبات فزع و ذعر , اذا حاول أحدهم ارغامها على امساك يده , أو الجلوس بقربه حتى جدتها صفية ,

فكيف تنام بكل راحة في حضن ملك ؟ هذا ما لا يستطيع استيعابه أو شرحه .





دنا علي ناحيتهما بخطوات هادئة , جمع ما صادفه من كتب من على الأرض ,

أزاح ما على الطاولة قليلا , ثم جلس عليها مقابل الاثنتين , و انحنى لايقاظ رنا بلطف دون افزاعها .



و لكنه توقف في منتصف الطريق , حينما وقعت عيناه على وجه ملك الملائكي , كانت بشرتها بيضاء ناعمة , دون أية مساحيق أو عيوب , حتى من هذه المسافة القريبة ,



بخدود متوردة فم بشفاه وردية نصف مفتوح , أنف مدبب رموش طويلة و معقوفة ,

مع حواجب طبيعية لم يتم لمسها , و لكنها كانت كأنها نسجت ببراعة , مع شعرها الذهبي المنثور على الوسادة ,



كانت تبدو كلوحة فنية حية , تنبعث منها رائحة الياسمين ,

لأول مرة يحدق علي الى تفاصيل وجهها , عن قرب بامعان دون أن يكون غاضبا , و دون أن تنظر اليه هي , بحقد العالم في عينيها العسليتين .





لطالما قدر علي جمال بعض النساء , لكن وجه ملك الطفولي , يعطيه احساسا آخر لم يختبره يوما ,

ربما يشعره بالدفء بالبراءة , بالحاجة الملحة للحماية , حيث لا يملك الا أن يمد يده , و يربت على رأسها كقط صغير .




استرسل علي في تحديقه , الى وجه ملك النائمة و نسي نفسه ,

فجأة و دون سابق انذار , فتحت ملك عينيها بحركة واحدة , و كأنها شعرت بأن أحدهم يراقبها ,

فلطالما كان نومها خفيفا , بسبب المناوبات الليلية , باستثناء الأوقات التي تكون فيها منهكة جدا .



تجمد علي مكانه و لم يستطع الانسحاب , و استغرق ملك الأمر دقيقة كاملة , لادراك الوضع و التخلص من التشوش الذهني ,
الذي تعانيه بعد الاستيقاظ من النوم , للتعرف على المكان و الزمان ,



لتجد نفسها مباشرة أمام عينين سوداوين واسعتين , تحدقان بها من قرب كبير , و كأنهما توشكان على ابتلاع روحها ,



تبادل الاثنان النظرات الشاردة في هدوء غير مسبوق , فلا علي تراجع و لا ملك أبدت ردة فعل ,


لكنها بمجرد أن أدركت الوضع , اتسعت عيناها عن آخرها و قفزت من على الأريكة , ثم تراجعت الى الخلف مسافة مناسبة , و الصدمة بادية على وجهها .



استقام علي بتأن الى جانب الطاولة , وضع يديه في جيبه بمنتهى الأريحية , و استمر في مراقبة التغيرات التي طرأت فجأة , على الموناليزا برائحة الياسمين .





" ألم يكن مسافرا ؟
متى عاد و منذ متى و هو يجلس هنا ؟

و لم كان يحدق اليها بهذه الطريقة ؟

هل قام هذا المنحرف بشيء غير لائق أثناء نومها ؟ "



سألت ملك نفسها بفزع , و لكنها لم تقل له كلمة واحدة , حيث تسارعت أنفاسها بتوتر واضح , و هي تراقب حالة ملابسها ,

شحب وجهها و اكتفت بضم يدها المخدرة , التي نامت عليها رنا لأكثر من ساعة ,

ثم استدارت و هرولت خارجة من غرفة المعيشة , حتى أنها نسيت خفها هناك .





استاء علي من الأمر و قطب جبينه

" ما ردة الفعل هذه ؟

لم تفر هذه العنيدة و كأنها رأت شبحا ؟ "



عادة النساء اللواتي يقابلهن , يتوردن خجلا و يبتسمن بعذوبة , تلمع أعينهن الحالمة و يتصيدن الفرص , للتقرب منه و لفت انتباهه ,

فهو يدرك جيدا تأثيره فيمن حوله من الجنس اللطيف .



لكن هذه أول مرة في حياته , يقابل امرأة يشحب وجهها , تصاب بالذعر و تركض هاربة حينما ترى وجهه



" هل أصبحت ملامحه مخيفة الى هذه الدرجة ؟
أو أنه فقد سحره فجأة ؟ "

سأل علي نفسه بامتعاض و لمس وجهه للتأكد

هو لم تهتز يوما ثقته بنفسه أمام أحد , كما اهتزت أمام هذه المرأة .



ثم ما الذي كانت تفكر فيه لتصاب بصدمة , أنه يحاول التحرش بها مثلا و هي غير واعية ؟


" يا الهي أيتها المرأة المجنونة "

قال بصوت منخفض متذمرا





الأسوء من كل هذا , أنه هو نفسه يشعر بالاستياء من ردة فعلها , و كأنه يبالي بما تفكر فيه ناحيته

أليست مجرد شخص يبادله الضغينة لأنه يعتقد أنه مذنب ؟

لم يشعر بالضيق اذا كلما هاجمته بنظراتها , و كلما أظهرت نفورها و كرهها ناحيته ؟



فيم علي مستغرق في تحليله للموقف , أمسكت يد دافئة صغيرة يده , و انتبه أخيرا أن رنا استيقظت ,

ابتسم بدفء طاردا كل ملامح الاستياء من وجهه , و حملها في حضنه بحنان غامر .





" هاي حبيبتي , اشتقت اليك كثيرا كيف حالك ؟ "

و بدأت مباشرة حفلة القبلات و الأحضان , و استمرت طوال الطريق الى غرفته , حيث موعد فتح الهدايا .



رنا كأي طفل تحب الهدايا بجنون , حتى و ان كان لديها الكثير بالفعل ,


و علي أفضل من يقتني الهدايا , لدرجة أنه يضع بطاقة على كل علبة , باسم صاحبها و تاريخ و مكان اقتنائها , حتى لا يختلط عليه الأمر ,

و هو لا يستثني أحدا عادة , حتى من يعملون لديه , أكثر صفة يحبها من يعيشون معه .



و لكن هذه المرة بعد افراغ الحقائب من محتوياتها , بقي كيس واحد في القاع كان عليه اسم ملك ,

هو حتى لم يستوعب الى الآن , كيف خطر على باله أن يشتري لها هدية كالباقين ,



لكنه يتذكر أنه بمجرد أن وقعت عيناه في المحل , على منامة صغيرة لرنا , تذكر ما ترتديه ملك عادة ,

و هو ما يشبه منامات الأطفال , ناعمة قطنية مع صور كثيرة لحيوانات ,

فلم يدري بنفسه الا و هو يأخذ نسخة مكبرة لها .



أمسك علي بالكيس بين أصابعه يتأمله لبضعة دقائق , ثم خطا نحو خزانة ملابسه , أو بالأحرى غرفة ملابسه ,

مع أقسام كثيرة لبدلاته و قمصانه و أحذيته , و جزء مخصص لساعاته و اكسسواراته ,

فعلي رجل أنيق جدا بذوق مميز , حينما يتعلق الأمر بما يلبسه ,





بالوصول الى الداخل فتح علي أحد الأدراج , تنهد و ألقى بالكيس هناك , فبعد ردة فعلها في غرفة المعيشة ,

أكيد ستشهر سلاحا في وجهه , ان هو تجرأ و أعطاها اياه , اذا كانت قد فرت فقط لمجرد رؤيته .


أخذ بعدها ملابس مريحة , و دخل الحمام لأخذ دش يخفف عنه تعبه .





بعد عودة ملك الى غرفتها , قضت ليلتها تفكر في كيفية الذهاب الى العمل , في وجود المجنون دون اعتراضه طريقها و منعها ,

ما الذي يمكن أن تقوله له , ليسمح لها بفعل ما تريده ؟



لكنها بعد ساعات من الأرق , قررت أن لا تقول شيئا , هي حرة و ليست سجينة ,
و لا تحتاج رأيه في أي شيء تفعله ,
لم عليها اذا أن تقلق بشأنه ؟

فليضرب رأسه بالحائط ان لم يعجبه الأمر .





في الصباح استيقظت ملك كعادتها مبكرا , أنهت انشغالاتها سريعا و حملت حقيبتها للذهاب الى العمل ,

لا تريد أن تتأخر عن المطعم , لأنها لا تزال في مرحلة التدريب , و قد يتراجع جان عن توظيفها ان أبدت عدم التزامها .





في الطرف الآخر علي الذي أنهى لتوه فطوره , كان خارجا من غرفة الطعام , متجها الى مكتبه استعدادا للمغادرة ,


لتقع عيناه على المرأة المتسللة للخروج , لم ينتبه في البداية و أكمل خط سيره , لكنه عاد أدراجه بعد لحظات و كأنه استفاق



" أين تذهب هذه العنيدة في الصباح الباكر ؟ "

تذكر علي الآن فقط أنها لا تخرج أساسا


و ما كان منه الا أن استدعى فاطمة , فيما أكمل طريقه الى مدخل المنزل , و هو يراقبها تركب السيارة التي تقل رنا





" أين تذهب ملك في هذا الصباح ؟ "

سأل فاطمة بوجه عابس , دون أن يشيح بعينيه عن السيارة المغادرة



ردت فاطمة بسؤال آخر

" ألم تخبرك ؟ "



استغرب علي أكثر , هل يمكن أنها ترافق رنا الى المدرسة يوميا و هو لا يعلم مثلا ؟



" بم يجب أن تخبرني ؟ "

استفسر بفضول و استدار هذه المرة ناحية فاطمة




ارتبكت المرأة قليلا برؤية ملامحه , فقد اعتقدت أن ملك أخذت اذنه مسبقا ,

لكن واضح أنه لا يعرف شيئا عن الموضوع , و ردت بصوت خافت

" قالت أنها التقت احدى صديقاتها , و هي تخرج يوميا لمساعدتها "




اندهش علي من الجواب أكثر

" ماذا ؟ منذ متى ؟ "

على حد علمه ملك لا تعرف أحدا في هذا البلد , من أين أتت صديقتها هذه اذا ؟




أجابت فاطمة بسرعة للتوضيح , و قد بدأت تشعر بالتوتر هي الأخرى

" منذ أيام بني , بعد مغادرتك في رحلتك مباشرة "





لم يفهم علي ما الذي يحصل , و لا الى أين تذهب ملك , لكنه لم يخف استياءه


" لم سمحت لها بالخروج , ألم أطلب منك مراقبتها ؟ "

قال بامتعاض محاولا السيطرة على غضبه , الذي بدأ في التصاعد




انزعجت فاطمة من لومه لها و سارعت للاعتراض

" لا سمح الله بني , أنت أخبرتني أنها زوجتك , و طلبت مني العناية بها و ليس مراقبتها و حبسها ,

اذا أرادت الخروج لا يمكنني منعها "





لم يجد علي بما يرد فالمرأة محقة , ثم هو يعلم كيف أن ملك صعبة المراس ,

و لا يمكن لفاطمة فرض أي شيء عليها , اذا كان هو نفسه لا يعرف كيف يفعل ذلك .





لم يرد علي أن يطيل الأمر أكثر , خطا بسرعة على الدرج , متجها الى سيارة كريم الذي ينتظره ليقله ,

لديهما مرور على أحد المواقع , قبل العودة الى الشركة من أجل اجتماع هام




" قد خلفها "

ركب سريعا و أشار له باللحاق بسيارة ابراهيم , فالفضول فعلا يتآكله عن المكان , الذي تقصده ملك منذ أيام ,

و أفكاره السوداوية تزيد سوءا مع كل لحظة تمر .




لم يعلق كريم على شيء و نفذ مباشرة , صحيح أنه رأى ملك تغادر قبل قليل , و لكنه لم يرتب في الأمر ,

لكن برؤية ملامح علي الغاضبة , و سماع نبرة صوته الحادة , تيقن أن هناك اعصارا قادما .




لم يجد كريم صعوبة للحاق بالسيارة , خصوصا أن ابراهيم يقود على مهله حينما يقل الطفلة ,

و بقي يتبعه عن قرب حتى موقف الباصات , حيث ركن جانبا و نزلت ملك من الباب الخلفي .



بعدها تبعها الاثنين بالسيارة داخل الباص , ثم مشيا على قدميها الى غاية المطعم ,

و طوال هذا الوقت لا فكرة لعلي عما يحصل , و لا فكرة لملك أن هناك من يقتفي أثرها .




بعد دخولها الى المطعم , ركن كريم السيارة عن قرب , و ساد صمت تام داخلها , دون أية حركة من الرجلين .



" يا الهي ما الذي تفعله في هذا المحل في الصباح الباكر ؟

هل يعقل أنها تقطع كل هذه المسافة للافطار مثلا ؟

أو أنها تعرفت على أحدهم , و تلتقي به يوميا هنا مستغلة غيابه ؟

ستكون مصيبة ان كانت تخطط مع شخص ما للتآمر عليه "


بتوارد الفكرة على رأسه , عقد علي حاجبيه و بدا الغيظ في عينيه .





أراد كريم التهدئة بعد ملاحظة الجو المشحون , و بعدما اتضح له أن الوضع مريب فعلا , و أن علي على وشك الانفجار ,


لكن لم يكن لديه فرصة , فقد فتح علي الباب فجأة , و نزل من السيارة باتجاه المحل , يقبض على يديه بقوة و عينيه ترسلان شرارا .




فيما تردد كريم للحاق به من عدمه , لكنه لزم مكانه في النهاية فقد فكر في الأسوء ,

و هو لا يريد أن يشهد على اذلال صديقه , من طرف ملك فقرر التزام الحياد .





دخل علي المحل بهدوء زائف و خطوات متأنية , وقف قليلا في المدخل واضعا يديه في جيبه بشموخه المميز ,

ألقى نظرة خاطفة على الأرجاء , لكن المفاجأة لا أثر لملك .




" كيف يعقل أنها ليست هنا ؟ رأيتها بعيني تدخل من الباب "

سأل علي نفسه بحيرة , و بقي واقفا مكانه للحظات , قبل أن يخطو للجلوس الى احدى الطاولات في ركن المحل .


مسح علي المكان مجددا بعينيه , و النتيجة واحدة لا أثر لها و كأنها تبخرت .




فجأة قطعت عليه نادلة شابة شروده , بالدخول في مجال رؤيته

" صباح الخير سيدي ما طلبك ؟ "



نظر اليها علي بعينيه الباردتين , أراد بداية أن يسأل عن ملك , و لكنه تراجع و طلب بصوته الرخيم

" قهوة برازيلية مركزة دون سكر "





" حالا سيدي "

قالت الفتاة مبتسمة , و عينيها تكادان تقفزان من رأسها , لرؤية هذا الوجه الوسيم أمامها على بكرة الصبح ,

لكن علي تجاهلها و عاد للتحديق في الأرجاء , بحثا عن الجنية المختفية .





بعد مرور خمس دقائق , لمح علي وجها مألوفا يخرج من باب العاملين جهة المطبخ ,

كانت ملك تلف شعرها و ترفعه كعكة , ترتدي مئزرا مشابها للنادلة التي كانت تقف أمامه ,

اضافة الى بطاقة معلقة في الجهة اليسرى من صدرها عليها اسمها ,

كانت تحمل كراسة صغيرة في يدها و قلما , كما كانت تبتسم و تحيي كل من تلتقيه في طريقها .



و لكثرة الزبائن في المكان , لم تنتبه الى الرجل الجالس في الركن , و الذي يكاد يلتهمها بعينيه .



اتسعت عينا علي لما رآه

" نادلة , يا الهي حقا ؟ "


شعر علي بالصدمة للمشهد , فهو لم يعتقد أنها تأتي الى هنا من أجل العمل , آخر شيء فكر فيه هو هذا .



دنا من ملك أحد الندل فحيته بابتسامتها المعتادة , أشار بعدها الشاب الى احدى الطاولات , و طلب منها خدمتها على ما يبدو ,

فعادة يرسلها زملاؤها الى طاولات الأجانب , الذين لا يتحدثون الانجليزية جيدا .




هزت ملك رأسها , ثم اتجهت بخفة ناحية الطاولة , كان فيها شابين و فتاة أجانب , و الذين بدأوا بالدردشة معها لبعض الوقت , قبل أن تبدأ بتسجيل طلباتهم .



أطال أحد الشابين الحوار معها , كانوا يتكلمون اللغة الاسبانية , و من ملامحه كان واضحا أنه يستمتع بالحديث ,

كان الشاب يمسح وجهها بعينيه , باعجاب واضح و ملك تبتسم باستمرار , مع علامات البهجة تعلو وجهها , محاولة التصرف بلطف مع الزبائن .





لكن في الطرف الآخر كان هناك وجه , تغزو ملامحه بوادر الغضب و السخط , و هو يرفع أحد حاجبيه استنكارا للمشهد ,

هو لم يرها يوما تبتسم بهذه السعادة الا في الصور , حتى أنه اعتقد أن الصور معدلة , لأنه لم يرى الا تكشيرتها اللطيفة .




ثم كيف تسمح لنفسها بالوقوف هناك , و التعاطي مع هؤلاء الغرباء بكل أريحية ؟

هل تأتي خصيصا لتوزيع ابتساماتها هنا ؟


سأل علي بسخط متناسيا أنها تعمل هنا , و قد أعماه غضبه ( أو غيرته ) و غلى الدم في عروقه .



كان علي يصر على أسنانه بتوتر بالغ , و تزايدت نبضات قلبه و قد تحول لون وجهه الى الاحتقان


" تفضل سيدي قهوتك "

قطعت عليه النادلة وصلة تحديقه الغاضب , و وضعت طلبه أمامه قائلة بنبرة رقيقة ,

لكنه حدجها بنظرة قاتلة , و قام فجأة من مكانه و قد تجاهلها تماما , كأنها غير مرئية مما أحبطها .



و فيما ملك منهمكة في عملها , لم تلاحظ الاعصار القادم من الزاوية الأخرى للمحل ,

و لم تستفق الا و يد كبيرة دافئة , تمسك بيدها اليسرى بقوة , و تجرها دون سابق انذار .




في البداية شعرت ملك بالفزع , لأنها اعتقدت أن أحدهم يتحرش بها ,

و لكن سرعان ما تحول الخوف الى دهشة و مفاجأة , بمجرد أن وقعت عيناها على وجه علي الغاضب .



" يا الهي , كيف وصل المجنون الى هنا ؟ كيف وجد المكان بهذه السرعة ؟ "


تمتمت بينها و بين نفسها , لكن علي لم يقل كلمة واحدة , و اكتفى بجرها للخروج من المكان , فالحساب في البيت و ليس أمام كل هذا الحشد .



شعرت ملك بالحرج لطريقة معاملته , و حاولت التملص من يده و الثبات مكانها دون جدوى


" دعني ماذا تفعل ؟ أنت هل جننت ؟ أفلت يدي فورا "



قالت بصوت هامس مغتاظ , متفادية جذب انتباه مزيد من الزبائن للموقف المحرج , و تفادي التسبب في فضيحة لجان ,


لكن جهودها لردعه لم تفلح , فقد بدت كدمية يجرها خلفه , و كل من في المحل كان يراقب المشهد بفضول , لكن لم يتدخل أحد الا قبل خروجهما بخطوات ,



حيث اعترض جان طريق علي , أوقف خطواته السريعة و طلب منه بكل هدوء

" من فضلك سيدي , احترم نفسك و أفلت يد موظفتي " .









😘💞💞



.........



ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 04:43 AM   #170

ام حاتم الطائي

? العضوٌ??? » 464229
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 345
?  نُقآطِيْ » ام حاتم الطائي is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ام حاتم الطائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.