09-07-19, 03:58 AM
| #781 | ||||||||
| كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء  
|  تقلبت (سؤدد) في فراشها وصدرها يتحرك بأنفاس مضطربة وأنين متقطع غادر شفتيها وهي تهمس بألم وأصابعها تنغرس بمفرش سريرها _"لا .. لا تذهب مرة أخرى .. لا تتركني" تسارعت قطرات العرق على جبينها وهي تهز رأسها برفض قبل أن تشهق بعنف مستيقظة وهي تهتف _"(عماد)" تطلعت حولها بحيرة وهي تتنفس بقوة ولمست قلبها الخافق بجنون .. أغمضت عينيها وجسدها يرتجف بينما صور كابوسها تعود حية في مخيلتها .. لا يجب أن تشعر هكذا .. إنّه مجرد كابوس .. أطرقت تدفن رأسها بين كفيها متأوهة بحرارة وشعرت بالدموع تخونها بينما تتذكر رؤيتها لـ(عماد) وهو يقف على حافة بركان مشتعل وينظر نحوها برجاء .. كانت تسمع كلماته دون صوت .. كان يطلب منها أن تسامحه قبل أن يرحل .. كان يهمس لها بحبه .. حين رفع يده نحوها حاولت مد يدها لتمسك بكفه وتشده لكنّها كانت مشلولة مكانها وهو خفض عينيه بيأس واستسلم لسقوطه بالنار .. يا الله .. لماذا تحلم به؟ .. ما معنى هذا الحلم؟ .. تحسست قلبها .. لماذا ينقبض قلبها بهذه الطريقة يخبرها أنّه في خطر .. كيف؟ .. (عماد) الذي لم تعرف عنه أي خبر لسنوات لماذا تشعر الآن أنّه في خطر؟ .. لماذا الآن؟ .. رفعت رأسها تتطلع أمامها ومشهد آخر من حلمها يعود لذاكرتها .. مشهد (عماد) وهو راكعٌ أمامها يعترف بحبه وخطأه في حقها ويطلب سماحها ثم ينهض قائلاً أنّه سيذهب ليثأر لها وبعدها يسقط في النار .. شهقت بقوة وهي تنهض فجأة، لينتابها دوار مفاجيء فسقطت على حافة فراشها تتطلع أمامها بشحوب .. لم تر (مراد) .. كانت نظراته .. كان صوته هو .. كان هو لكنّها داخل حلمها كانت تعرف أنّه (عماد) .. (عماد) الذي لا تعرف كيف أصبح شكله بعد كل هذه السنين .. هزت رأسها والمشهد يتكرر في مخيلتها بين الحقيقة والخيال بينما عقلها يبحث بين ثناياه عن تفسير .. لماذا انقلبت حياتها بعد أن اقتحمها (مراد)؟ .. لماذا أصبحت ترى (عماد) دائماً في أحلامها؟ .. لماذا أصبحت تشعر بانفصام غريب في علاقتها معه؟ .. لماذا لا تستطيع فصلهما عن بعضهما طيلة الوقت؟ .. لماذا تشعر بانجذاب نحوه ورغم هذا عقلها يذكرها دائماً بـ(عماد) .. حاولت استعادة كل ما مر بها برفقته منذ اليوم الأول الذي التقته .. تنفست بصعوبة وكلماته تضرب رأسها بقوة _"لو كنتِ مكانها كنتِ تغفرين؟" ضغطت على صدغيها وهي تتذكر .. تنتبه لنظراته لها وهو يسألها .. تلك اللهفة والرجاء في عينيه وهو يسألها وينتظر إجابتها كأنما تعتمد عليها حياته _"لو أن .. شخصاً ما .. حبيباً أو قريباً .. منحكِ وعداً ولم يستطع الوفاء به لسببٍ خارج عن إرادته وعاد يلقي بقلبه تحت قدميكِ ويعترف لكِ ويتوسلكِ سماحكِ .. هل تغفرين له؟" خفضت يدها تضغط على قلبها الذي انقبض بضيق غير مفهوم _"هل يمكن أن تتظاهري بأنّكِ هي لبعض الوقت؟" انقبض قلبها أكثر وعقلها يدير الشريط من البداية حتى النهاية .. تستعيد كل نظرة وكل همسة .. كل كلمة حملت اعترافاً .. عقلها يقارن بينها وبين حبيبته المجهولة .. بين وضعيهما .. كيف لم تنتبه لتشابه الوضع بينهما؟ .. الوعد .. الفراق والألم .. والموت .. الجليد الذي جمد قلبها .. أليس هذا الوصف مطابقاً لها هي؟ _"اليوم اكتشفت أنها عانت وتألمت وحياتها توقفت من بعدي" رفعت كفها إلى عنقها تحاول التخفيف من شعورها بالاختناق _"هي تظنني خنتها وتخليت عنها لكنّها لا تعرف أنني كنت أموت آلاف المرات بعيداً عنها وأنني أنا الآخر ضعت من بعدها" تسارعت نبضاتها وهي تستشعر بأنفاسه من جديد وهو يسند جبينه لجبينها _"أحبكِ ... أنا أحبكِ حبيبتي .. أحبكِ" _"آسف .. أنا آسف (سؤدد) .. لقد نسيت نفسي تماماً .. سامحيني" _"عمو (مراد) علّمني كيف أصنعه" أخذت شهيقاً عالياً حتى آلمها صدرها وعيناها متصلبتان على الخاتم قبل أن تنحرف نحو صورته معها .. أمسكتها ورفعتها أمام عينيها تنظر لوجهه وتوقفت أمام عينيها الخضراوين .. عيناه المميزتان .. كيف تفكر الآن أنّه _"السلسلة كانت ملك حبيبتي" ضغطت على قلبها بقوة وهي تغمض عينيها تتذكر الحرف الفضي .. عقلها بحث عبر كل أسماء النساء التي تبدأ بنفس الحرف لكنّها لم تفكر لحظة في اسمها _"لقد افترقنا قبل سنوات طويلة .. هذه كانت لها .. إنها من عمر سنوات فراقنا" سنوات الفراق .. سنوات طويلة يمكنها أن تغير كل شيء وأي شخص .. فتحت عينيها تنظر لصورة الصبي الذي كانه يوماً .. بحثت في ملامحه عن دليل .. عن تأكيد. _"ذلك الجرح .. هل كان إصابة عمل قديمة أم .." _"أي جرح؟" _"ذلك الجرح المائل الممتد من أسفل صدرك وحتى بطنك" _"لا أعرف عما تتحدثين حقاً .. أنا لا أملك جرحاً كهذا في جسدي" _"لا تكذب .. لقد رأيته بعينيّ" _"هل تريدين أن تلمسيني وتتأكدي بنفسكِ؟" قبضت على كفها بقوة وشعرت بالدوار يكتنفها .. هذا كابوس .. يجب أن تستيقظ .. عاد صوته يتردد بعقلها يجبرها لتفتح عينيها من جديد _"(سؤدد) .. استيقظي هيا .. هذا مجرد حلم (سؤدد) .. (سو)" _"توقفي (سؤدد) .. انتبهي .. (سؤدد) .. (سو)" صرخته وهو يندفع نحوها لينقذها من السيارة في إيطاليا _"أنت .. لقد ناديتني (سو)" _"لقد ناديتكِ باسمكِ .." _"أعتقد أن (رفيف) نفسها تناديكِ بهذا الاسم .. ما المشكلة لو كنت ناديتكِ به دون شعور؟" الدوار يزداد بعقلها لكنّه لا يتوقف عن ادارة الشريط مراراً .. هل كانت عمياء لهذه الدرجة أم أنّها الآن مجنونة لتفكر في مثل هذه الفكرة؟ .. رفعت كفها تلامس ملامحه وابتسامته وتوقفت عند عينيه .. وغامت عيناها بالدموع وهي تهز رأسها .. كيف؟ _"إنّه جزء من عملي لا أكثر" _"حقاً؟ .. هل يتلقى الحراس الشخصيون تدريبات على إتقان التنكر؟" _"بالتأكيد .. نحن نحتاج لهذا في عملنا .. لا تنسي أنّه أحياناً نُكلف بحماية شخصيات مهمة جداً وأحياناً التنكر يكون جزء من عملية الحماية" تسارعت أنفاسها وهي تنظر لرسغها الذي قبض عليها تلك الليلة وهو يصرخ بها بهلع لا .. لا تريد أن تصدق .. لا .. رفعت كفها تغطي نصف وجهه وتنظر لعينيه كما فعلت في حلمها ذلك اليوم الذي انهارت فيه .. لقد رأته .. حلمت به .. أم أنّه لم يكن حلماً _"(عماد) .. أنت هنا؟ ... أنا أحلم" _"لا حبيبتي .. أنتِ لا تحلمين أنا هنا .. لقد أتيت من أجلكِ .. أنا لن أترككِ أبداً" سقطت الصورة من يدها وهزت رأسها برفض .. لا يمكن أن يكون ما تفكر به حقيقة .. لا يمكنها أن تصدق .. كيف .. نهضت من مكانها مندفعة خارج غرفتها ببيجامة نومها .. لم تنتبه في غمرة انفعالها والعاصفة التي تدور داخلها لملابسها ولا للوقت وهي تقطع المسافة التي تفصلها عن غرفة شقيقها لتطرق الباب بتوتر ولم يكد صوته الناعس يأتيها حتى دفعت الباب ودخلت .. نظرت إلى حيث جلس في فراشه يفرك عينيه ليطرد النعاس لتقترب منه بسرعة .. طار النعاس مع رؤيته لحالها وملامحها المضطربة وردد بقلق _"(سؤدد) .. ما الأمر؟ .. هل أنتِ بخير؟" تنفست بانفعال وهي تقول بسرعة _"(سيف) .. ذلك اليوم الذي دخلت فيه المشفى بعد أن تشاجرت مع أمي .. هل تذكر؟" هز رأسه دون فهم لتتابع _"من أحضرني لهناك؟" قطب بتوتر وهو ينظر لها بارتباك لم يغب عن عينيها قبل أن يقول _"هل أيقظتني في هذه الساعة لتسأليني هذا السؤال؟" هتفت بحدة _"(سيف) .. أجبني" نظر لها بقلق وقال _"(سؤدد) ما الأمر حقاً؟ .. ماذا .." قاطعته وهي تشعر بالأرض تهتز أسفلها وقلبها يكاد يتوقف من شدة الترقب والشك .. لا تريد أن تسمع تأكيداً لشكوكها .. لا تريد أن تصدق _"من يا (سيف)؟ .. ولا تقل أنّك من فعل لأنني لا أصدقك" ابتلع لعابه بصعوبة وهو يتذكر تحذير (مراد) له من أن يخبرها أنّه هو من أحضرها .. انتفض من أفكاره على هتافها باسمه وأدرك أن حالتها لا تسمح بمزيد من التلاعب فقال بخفوت _"(مراد)" تراجعت بحدة رغم أنّها كانت في انتظار الإجابة وشهقت تأخذ نفساً قوياً بينما يكمل _"(مراد) هو من وجدكِ يومها وذهب بكِ للمشفى .. لقد طلب مني ألا أخبركِ بأنّه من وجدكِ" رد فعلها أقلقه أكثر فقد وقفت مكانها تحدق فيه بجمود فهمس وهو ينهض _"(سؤدد) .. ماذا يحدث معكِ؟ .. هل.." قاطعته قائلة ببرود لم يعبر أبداً عن الانهيار الذي يحدث داخلها _"لا شيء .. أردت التأكد من أمرٍ ما .. شكراً يا (سيف) .. عد للنوم" رفع حاجبيه بصدمة .. يعود للنوم؟ .. كيف يعود للنوم مرة أخرى؟ .. لم تمنحه فرصة لينطق بحرف زائد وهي تتحرك بهدوء تام لتغادر غرفته وتعود لغرفتها لتدخلها وتغلق الباب خلفها وتستند إليه بصدمة .. هزت رأسها برفض .. مشهد انهيارها .. إنقاذه لها .. القناع الذي أخفى عنها ملامحه .. أغمضت عينيها تحاول تذكر شكله وسالت دموعها وهي تعجز عن ذلك .. همست برفض _"لا .. لا يمكن .. أرجوك يا إلهي .. يا رب .. ليس هو .. ليس هو يا ربي .. ليس (عماد) .. ليس هو" ******************* أوقف (عماد) السيارة بضغطة عنيفة على الفرامل وتنفس بقوة وهو يتحسس مسدسه في جيبه وغادر مغلقاً بابها بعنف وتحرك في اتجاه منزله بعينين معتمتين بظلام أسود لا يبشر بخير .. خطى للداخل كإعصار غاضب منتزعاً بعض شهقات دهشة من الخدم .. تجاهلهم وهو يصعد يتحرك في اتجاه واحد وأنفاسه تتسارع بقوة _"سيدي .. مرحباً بعودتك .. سأخبر السيدة (ليلى) حالاً أنّك .." قطعت مدبرة المنزل كلماتها مع رؤيتها لحالته وتراجعت بقلق وهي تراه يكمل طريقه بملامح دفعت المزيد من القلق فتحركت مسرعة نحو غرفة (ليلى) وهي تردد _"يا إلهي .. يبدو أنّه في طريقه لارتكاب جريمة" عرفت من الاتجاه الذي اتخذه أنّه في طريقه للجناح المعزول .. ذلك الجناح الممنوع عليهم تماماً مجرد التفكير في دخوله .. أسرعت هي لتخبر سيدتها توقعاً لحدوث كارثة مع الطريقة التي اندفع بها (عماد) نحو ذلك المكان بينما كانت كلمات عمه تتردد بعقله دون رحمة .. اختطاف (سؤدد) .. تعذيبها وانتهاك جسدها .. كز على أسنانه والنار تشتعل بقلبه دون رحمة .. حبيبته التي دمروا روحها وحياتها .. لديها كل الحق في كراهيتهم .. لديها كل الحق لو كرهته هو نفسه .. لا يلومها .. شبح والده ارتسم أمام عينيه .. رغم كل جرائمه .. يبقى والده .. يبقى أنّه كان ينتقم له من الأشخاص الخطأ .. يبقى أنّه كان يقف في صف قتلة والده دون أن يدري كل هذه السنين .. تسارعت خطواته مع تزايد العنف والنيران داخله .. اقتحم المكان الذي جهزته والدته لإقامة خاله .. انتفضت الممرضة بفزع مع دخوله المفاجيء ليهتف فيها بصرامة _"غادري" نقلت بصرها بينه وبين مريضها الذي كانت تعتني به وقد أخافتها ملامح (عماد) المظلمة _"لكن سيدي .. أنا لا.." صرخ هاتفاً فيها بعنف _"قلت غادري حالاً" انتفضت مكانها بفزع قبل أن تنهض لتغادر المكان بسرعة وخوف تاركة إياه يقف في مواجهة خاله الذي لم يصدر منه أي رد فعل باستثناء رجفة غير ملحوظة في جفنيه .. تنفس (عماد) بقوة وهو يقترب ليقف أمامه مباشرة وتأمله بعينين اسودتا بكراهية ساحقة .. كراهية وجدت أخيراً من يستحقها .. كراهية لا يخفف منها ولو قليلاً رؤيته مقعداً لسنواتٍ طويلة .. أسير جسده وخطاياه .. رجفة أخرى في جفنيّ خاله وهو ينظر له بعينيه الميتتين تلك .. ارتجفت أنفاسه بعنف وهو يبادله النظرات الميتة وهمس بفحيح _"كيف حالك اليوم يا خالي العزيز؟" اهتزاز حدقتيه كان الرد الذي حصل عليه (عماد) ليكمل وهو يمد يده في جيبه _"أتيت اليوم لتصفية حساب قديم .. قديم جداً يا خالي .. هل تتذكر ديونك التي ستدفعها اليوم أم .." صمت لحظة وهو يخرج يده حاملةً مسدسه الذي صوبه ناحيته ببرود شديد ليواصل بصوتٍ قاطع كالثلج _"أم تريدني أن أعددها على مسامعك قبل أن أجعلك تدفعها جميعها في الجحيم؟" سحب صمام الأمان في مسدسه وهو يصوبه ناحية جبين خاله الذي أغمض جفنيه فهتف فيه بكراهية _"افتح عينيك وواجهني .. افتحهما وانظر في عينيّ، كما نظرت في عينيّ عمتي وأبي وأنت تنتزع منهما الحياة بلا رحمة دون أن يهتز لك جفن .. انظر إليّ" صرخ بكلماته وكل بركانه ينفجر بعنف وإصبعه يضغط على الزناد برصاصة اتجهت مباشرة إلى هدفها تبتغي نزع الحياة منه.. من قاتل والده الحقيقي. ******************* انتهى الفصل السادس والثلاثون إن شاء الله ينال إعجابكم قراءة ممتعة أرق تحياتي | ||||||||
|  |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
989Likes
.png)
العرض العادي
