آخر 10 مشاركات
لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          2- أصابعنا التي تحترق -ليليان بيك -كنوز أحلام(حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          همس الجياد-قلوب زائرة(ج1 سلسلة عشق الجياد) للكاتبةالرائعة: مروة جمال *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          موضوع مخصص للطلبات و الاقتراحات و الآراء و الاستفسارات (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          أحزان نجمة ( تريش جنسن ) 446 ـ عدد جديد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          عشيقة الإيطالي (1) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          368 - رياح الماضي - بيني جوردان ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          ربما .. يوما ما * مميزة و مكتملة * (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          زواج على حافة الانهيار (146) للكاتبة: Emma Darcy (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree918Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-07-18, 10:25 PM   #8621

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي


عندما سمعت صوت باب الشقة يفتح ثم يغلق ... أسرعت شمس لتترك ما كانت تقوم به وتندفع خارجة من المطبخ لتستقبله قائلة :- أنت متأخر هذا المساء ...
نظر إليها مجفلا للحظة .. قبل أن يتمالك نفسه قائلا :- أنا آسف ... كان علي المرور على المستشفى و ..
:- هل تكذب علي الآن يا أكرم ؟؟؟
شحب وجه أكرم وهو ينظر إلى شمس ... وجهها الجميل كان جامدا .. إنما هو كان قادرا على رؤية الألم في عينيها البندقيتين .. أحس بالصدمة وهو يفكر بأنها على الأرجح كانت تعرف في كل مرة كان يكذب فيها عليها حول تأخره ... وأنها كانت تخفي الأمر عنه مراعاة لقلقه حول اختفاء لقمان ..
تمتم :- أنا ... أنا آسف يا شمس ..
وكأن اعترافه ... وعدم إنكاره خففا شيئا من تشنجها وهي تقول :- هل ذهبت لترى الدكتورة هناء مجددا ؟؟
باغته سؤالها ... وأثار ذعره وهو يقول:- كيف ... كيف عرفت ؟؟؟
ظهرت عليها المرارة وهي تقول :- آه ... لقد كانت أكثر من سعيدة وهي تخبرني بالأمر عندما زارتني في المتجر .. في الواقع ... علي أن أعترف بأنها مثيرة جدا للإعجاب إذ أن نيفين نفسها لم تجرؤ قط على أن تخبرني في وجهي بأنها تنوي سرقة زوجي مني كما فعلت هي ..
تلاشى ارتباكه مرة واحدة وهو يهدر بغضب :- هي قالت هذا ؟؟؟
هزت كتفيها قائلة بإحباط :- من الواضح أنها تمتل سببا مقنعا للغاية لهذا .. إذ أنها تظن بأنك تمنحها ثقة أكبر مما تمنحني إياه برفضك إطلاعي على ما يثير قلقك ... في حين أنك تذهب إليها هي لتفتح لها قلبك ..
:- هناء هي طبيبتي لا أكثر ..
:- هي لا ترى نفسها بهذه الطريقة ...
:- وكيف كان ردك عليها ؟؟؟
:- بأنك لن ترغب بها كممسحة أقدام في حياتك .. ناهيك عن شريكة .. إذ أنك تحبني أنا و لن تحب غيري أبدا ..
فغر فاه وهو يحدق فيها مدركا من جديتها بأنها لم تكن تمزح ... ثم وجد نفسه يضحك بتوتر وهو يقول :- أنت تثقين بي على الأقل .. هذا مريح ..
:- في حين لا تثق أنت بي على الإطلاق في إخفائك عني أمر استعادتك لذاكرتك ..
هتف فجأة بإحباط :- تقصدين عدم استعادتي لذاكرتي ... كل ما لدي لا يتجاوز عدة أحلام وصور لا معنى لها ... بينما اعجز عن تذكر أي شيء عن تلك الأشهر التي فقدتها من ذاكرتي ..
اقتربت منه قائلة بيأس :- لماذا ترغب بأن تتذكرها بكل هذه القوة ؟
:- لماذا يخيفك أنت أن أتذكرها ؟؟
شحب وجهها وهي ترتد إلى الوراء من جديد .. ليهتف بصوت مكتوم :- أتظنينني لا أعرف ؟؟؟ في كل مرة آتي فيها على ذكر الماضي .. أرى الخوف في عينيك وأنت تغيرين الموضوع... وتتساءلين عن سبب إخفائي الأمر عنك ؟؟
قالت بعصبية :- أنا لست خائفة ... الأمر عديم الأهمية لا أكثر .. ما الفائدة من استعادة الماضي ؟؟؟ أنا وأنت عدنا معا وهو ما يهم ..
هتف فجأة بعنف :- هو يهمني أنا .... يهمني أن أعرف السبب الذي فقدت لأجله ذاكرتي .. وعلى إثره فقدت المرأة التي أحب .. ثم قتلت ابني ..
غطت شمس فمها بكفها وهي تقول مذعورة :- رباه .. أكرم ... أما زلت تظن بأنك أنت من تسبب بإجهاضي ؟؟ هذا أمر راح وانتهى ..
:- لا ... لم ينتهي ..
اقترب منها ليمسك بذراعيها ... يهزها وهو يقول بإرهاق :- أتعلمين ما أراه في كل مرة أحلم فيها في الماضي ؟؟؟
اتسعت عيناها ذعرا وهي تراقب الكلمات وهي تخرج من فمه :- أرى المرأة التي كنتها ... أرى المرأة الجميلة المنطلقة التي دمرتها .. أرى نفسي معك .. وأرى الحب الذي شعرت به نحوك .. أنا أريد أن أتذكر .. وأريد أن أعرف السبب الذي ترفضين لأجله أن أتذكر ..
هتفت صارخة بيأس :- لأن تلك المرأة التي تراها في أحلامك ما عادت موجودة يا أكرم ... شمس تلك .. ما عادت موجودة ... أنا امرأة أخرى الآن ... أنت تحب امرأة أخرى الآن .. إن تذكرت الماضي ... إن تذكرت المرأة التي أحببتها أول مرة ... توقفت عن حبي الآن ..
حدق بها ذاهلا وكلماتها تأخذه على حين غرة ... الدموع تدفقت من عينيها وهي تقول :- أنت أحببت المرأة المتحررة .. المتمردة .. المجنونة التي كنتها في الماضي .. أنت أحببت ابنة الرابعة والعشرين الصاخبة والصارخة الألوان التي كنتها ... أنا الآن .. امرأة أخرى .. ماذا إن تذكرت وأدركت بأنك تفضل شمس القديمة على شمس الحالية ..
هتف باستنكار :- هل أنت غبية ؟؟
صفعتها إهانته ... في حين تابع :- الرجل الذي أحب شمس القديمة .. ما عاد موجودا يا شمس ... أم تراك نسيت أن أربع سنوات مرت منذ افترقنا وحتى اجتمعنا من جديد ؟؟؟ أنا ازددت نضجا خلالها ... أنا تزوجت .. وأنجبت .. وطلقت .. أنا عرفت معنى أن يكاد المرء يموت قهرا من شدة الوحدة حتى دخلت إلى حياتي من جديد .. هذا الرجل .. مختلف عن ذاك الشاب المدلل الذي عاد من السفر مكلوما برفض امرأة حقيرة له .. ذلك الذي ظن بأنه امتلك الدنيا وما فيها لأنه عاد فخورا بشهادته وعلمه ... ذلك الشاب .. أنا لا أهتم بمعرفته .. أو باستعادته ..
هتفت بيأس :- لماذا ترغب إذن بتذكر الماضي ؟؟؟
:- كي أتمكن من التكفير عن ذنبي كما يجب .. كي أتمكن من تعويضك عن كل ما فعلته بك .. لأن التغير الذي طرأ عليك .. طرأ بسببي أنا ... لأن الخوف وعدم الثقة الذين أراهما الآن في عينيك .. كانا من صنعي أنا ...
ثم أطل الألم من عينيه وهو يقول :- أتظنين حقا بأنني سأتوقف عن حبك إن تذكرت الماضي يا شمس ؟؟ أنت وقفت أمام العالم بأسره عندما تزوجنا قبل عام ... وقفت في وجه عائلتي .. المجتمع ... بحق الله .. أنت قلت لهناء بأنني لن أرغب بها كممسحة أقدام ..
أطلق ضحكة قصيرة وهو يقول :- كم كنت أحب أن أرى وجهها في تلك اللحظة ..
قالت بتردد :- ألست غاضبا مني ؟؟
:- لأنك قد وقفت في وجهها وحاربتها لأجلي ؟؟؟ ولماذا أغضب .. ما يغضبني هو أنك تستطيعين مواجهة أي شيء في سبيلي إلا مواجهة نفسك القديمة ..
تمتمت :- لأنني اعرف بأنك لا يمكن أن تحب هناء ... في حين أنك أحببت شمس القديمة يوما ..
:- أنت قلتها ... أحببتها .. في حين أنني أحبك أنت الآن ...
قربها منه وضمها إلى صدره ... يتحرك قلبه عشقا ورقة كما في كل مرة تسمح له فيها بأن تشهد ضعفها .. وهمس في أذنها :- أحبك .. وأحب ابننا ... ولن أقايضكما بالدنيا بأسرها ... فما بالك بذكرى قديمة لا قيمة لها ...
همست :- أتعدني ؟؟؟
آه ... لقد وعدها ... طوال الليل ظل يعدها ... ويثبت لها مرة بعد مرة بأنه يحبها .. وأنه لن يحب غيرها قط






يتبع ..


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:26 PM   #8622

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

:- سيدة بحر ... هل أنت بخير ؟؟؟
رفعت بحر رأسها عن الدماء التي كانت تغطي يديها عندما دخل ثروت برفقة الخادمة حيث كانت تجلس في المطبخ ... ضائعة بين أفكارها العنيفة حتى هشمت كوب الماء الزجاجي والتي كان تحتسي محتوياته بين أصابعها ..
عيناها الزرقاوان كانتا مشوشتين وهي تنظر إليه وكأنها لا تعرفه للحظة ... فلم ينتظر منها إجابة عن سؤاله .. على الفور هتف بالخادمة بأن تحضر حقيبة الإسعافات الأولية ... وأمسك بمعصم بحر يقودها نحو الحوض تاركا المياه تغسل الدماء وشظايا الزجاج عن أصابعها ... لم يقل شيئا وهو يعيدها نحو الطاولة الخشبية التي توسطت المطبخ حيث كانت تجلس ... وأجلسها ليطهر جرحها بالأدوات التي أحضرتها الخادمة ويلف جرحها بالضمادات وهو يقول بهدوء كمن يروض حصانا جامحا :- لا بأس ... الجرح بسيط للغاية ... ولا يحتاج إلى رؤية طبيب ..
تمتمت وهي تحاول سحب يدها :- أنا بخير ... حقا ... أنا بخير ..
نظر إلى عينيها وهو يقول بشيء من الحزم :- تستطيعين الكذب على الجميع ... إلا أنك لا تستطيعين الكذب علي ..تستطيعين أن تظهري لي مدى قلقك وخوفك عليه ... أنا لن أحكم عليك .. لن ألومك أو أستنكر هذا منك ..
قالت بصوت مرتجف :- ليس من المنطقي أن أفعل .. أن أخاف عليه .. ألا أتوقف عن التفكير به .. بما يحدث له .. بعد كل ما فعله بي ... من المفترض بي أن أكرهه .. صحيح ؟؟
أطلق ضحكة قصيرة وهو يقول :- إن ظننت بأنك قادرة على خداع قلبك .. وإقناعه بما لا يشعر .. فأنت مخطئة يا سيدة بحر .. أشياء كهذه .. لا يستطيع أحد التحكم بها .. وأنت أكثر من يعرف هذا على اعتبار أن لقمان نفسه رغم كل محاولاته .. لم يستطع منع نفسه من الوقوع في حبك ..
( أنا أحبك يا بحر ... أحبك كما لم ولن أحب امرأة أخرى أبدا )
أحكم ثروت لف الضمادة حول جرحها .. ثم ترك يدها قائلا :- أتعلمين معنى أن يحب رجلا كلقمان ؟؟؟ رجلا ظن أنه لن يعرف شيئا في حياته كالحب .. رجلا لم يؤمن قط بأنه يستحق السعادة ؟؟
كانت تعرف بأنه بينما كان يتحدث عن لقمان .. كان يتحدث عن نفسه أيضا .. هي خمنت دائما بأن ثروت كان جزءا من ماضي لقمان حتى عندما لم يخبرها لقمان صراحة .. إلا أن سماعه يتحدث عن الأمر بالأمس .. كان صادما .. أن ترى بعينيها مدى تأثير الأمر عليه .. يذكرها بلقمان أثناء روايته للماضي لها .. ربما هو لم يخبرها بكل التفاصيل البشعة .. إلا أنها لم تكن بحاجة لأن تفعل كي تخمن ..
:- أنا لا أدافع عنه ... إلا أن معاملته السابقة لك .. كانت الوسيلة الوحيدة التي يعرفها ليدافع بها عن نفسه في مواجهة شيء لا يعرفه .. ولا يظن نفسه جديرا به كالحب ..
أشاحت بوجهها ... وكأنها لا تتقبل كلماته .. أم تراها تعجز على شيء تقوله ضده .. تمتمت :- الحديث في هذا الأمر غير مجدي الآن ونحن لا نعرف إن كان سيعود أم لا ..
:- سيعود .. أنا أؤكد لك ..
رفعت عينين غارقتين بالدموع إليه وهي تقول :- كلما فكرت بما تراه يعانيه الآن على يد الرجل الذي كانت قسوته و وحشيته ما شكل لقمان الحالي .. ما جعله هذا الرجل القاسي والبارد والعاجز عن الحب .. كلما فكرت بأن ذلك الرجل .. سيتمكن من خلال استخدام خوف لقمان الذي لم يختف قط من ماضيه ... كسره كما لم يفعل شخص قط .. أشعر بأنني أموت ألف مرة ..
قال بصوت خشن :- لا أحد ... يستطيع أن يكسر رجلا كلقمان ... إن كنت تعرفينه كما أعرفه أنا ... لأدركت هذا ..
نهض واقفا ... وهو يقول بصوت جامد :- خذي قسطا من الراحة ... أنا أعرف بأنك على الأرجح لم تنامي حقا منذ أيام .. إلا أنك بحاجة لاستعادة قوتك ..إذ أن لقمان سيكون في حاجة إليها حين يعود ...
السؤال الغير منطوق في عينيها .. جعله يجيب بصرامة :- سأعيده لك يا سيدة بحر ... أعدك ..
عندما غادر بعد دقائق ... سيارته تتجاوز بوابة المنزل ... كان غارقا في أفكاره .. في خوفه وقلقه .. في تردده وتصميمه ... يتذكر حواره مع تلك الممرضة باضطراب ...
هل سيكون قويا بما يكفي كي يقوم بما عليه القيام به في سبيل استعادة لقمان ؟؟؟
هل هو قوي بحيث يستطيع أن يواجه الماضي ... ويتوقف عن الاختباء خلفه ... في سبيل حماية وإنقاذ كل مهم وعزيز عليه ؟؟؟
بينما هو يقود في الطريق الخالي المؤدي إلى منزله الذي لا يقع بعيدا عن منزل لقمان ... لاحظ بأن سيارة تسير خلفه منذ دقائق ... قائدها يشير له عبر مصابيح السيارة طالبا منه أن يتوقف .. عندما أدرك بأنها سيارة شرطة ... عقد حاجبيه .. وتوتر جسده وهو يوقف السيارة إلى جانب الطريق .. منتظرا الرجل بالزي الرسمي والذي ترجل من السيارة متجها نحوه ..
عبر النافذة المفتوحة لسيارته ... خاطبه الضابط قائلا :- أنا آسف أيها السيد ... هناك إجراءات أمنية مشددة اليوم لأسباب لا يسمح لي بالإفصاح عنها ... هلا سمحت لي برؤية أوراقك الخاصة ..
نظر ثروت إلى وجه الرجل الذي أخفت الظلمة ملامحه ... ثم بدون أي كلمة أخرج أوراقه من درج السيارة ومنحه إياها .. مراقبا إياه وهو يقلبها بين يديه باهتمام قبل أن يقول :- هلا غادرت السيارة للحظات يا سيد ثروت ... هو إجراء روتيني لا أكثر .. إنما من واجبي تفتيش السيارة ..
قال ثروت بهدوء :- بالتأكيد ..
غادر السيارة مغلقا الباب وراءه وهو يقول :- هل لي أن أعرف طبيعة الأسباب الطارئة التي تستوجب إجراءات كهـ ...
لم يتمكن ثروت من إكمال سؤاله ... إذ هوت ضربة قاسية فوق مؤخرة رأسه لتحيط به الظلمة التامة مرة واحدة ... فيفقد الوعي وآخر فكرة تتردد داخل عقله ... بأنه في مأزق كبير ..
كبير جدا ..







انتهى الفصل الواحد والعشرون بحمد الله
ويليه الفصل الثاني والعشرون
لا تروحوا


blue me غير متواجد حالياً  
التوقيع
حاليا ..

رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:26 PM   #8623

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

الفصل الثاني والعشرون


رفعت قمر رأسها لتحدق في اللوحة التي اعتلت متجر التحف الذي أرسل لها عمران عنوانه سابقا هذا المساء .. وتمتمت عبر أنفاسها غير مصدقة لأنه قد اختار متجر آل الطويل للتحف دون غيره للقائها ( العارض والغير مخطط له ) مع حبيبة ... سرعان ما سيعرف نعمان الطويل من تكون فور أن يراها رغم المرات القليلة التي قابلته فيها ... إذ لا يمكن له أن يغفل عن توأم كنته !
دفعت الباب ودخلت مفكرة بأنها لم تكن مرغمة حقا على القيام بهذه الخدمة لعمران ... بل كان من الأسهل بالنسبة لها أن تتحاشى مزيدا من الاحتكاك بهذه العائلة الغريبة والمجنونة .. والتورط مع ذلك الرجل الغريب الأطوار ... إلا أنها ومنذ حدثها عمران عنها .. لا تستطيع التوقف عن التفكير بحبيبة .. وبما عانت منه ليدفعها للقيام بتصرف متطرف كمهاجمة قمر ...
لقد كان عليها أن ترى الفتاة وتتحدث إليها .. على الأقل كي تسامح نفسها على كل مرة فكرت بالأسوأ حولها معتمدة على حديث حلا الطفولي ..
لحسن الحظ .. نعمان الطويل لم يكن موجودا في المتجر الذي يعرف الجميع بأنه يحب قضاء معظم أوقاته فيه .. وهل يدهشها هذا ؟؟
ابن الرجل الأكبر مخطوف منذ أيام ولا أحد يعرف عنه شيئا .. من الطبيعي أن يكرس وقته بالكامل للبحث عنه ...
في الزاوية .. وفي قسم اللوحات وجدتها ... تذكرت حديث عمران معها قبل دقائق عبر الهاتف ..
( سأتركها في المتجر لدقائق قليلة فقط وآخذ حلا إلى المتجر المجاور لأشتري لهما الحلوى ... سيكون لديك الوقت الكافي كي تتحدثي إليها دون مقاطعة منا )
كانت تقف أمام مجموعة كبيرة من اللوحات ... تتأمل محتوياتها بشيء من اللهفة والانبهار .. شعرها كان مغطى بوشاح أبيض .. ومعطفها البني لم يخف امتلاء جسدها الواضح .. وجدت قمر الفرصة لمراقبة الفتاة وتأملها من بعيد للحظات .. مدركة بأنها لا تشبه عمران حقا كما ظنت عندما رأتها في المرة الأولى .. ربما هي تمتلك الألوان الفاتحة نفسها .. إلا أنها كانت تمتلك رقة في ملامحها لم تلحظها قمر سابقا .. كان هناك في عينيها الخضراوان براءة أطفال ذكرتها بحلا ... وفي حركاتها الغير متزنة عفوية شخص لم يحسب حركاته وكلماته قط من قبل .. أن يضطهد شخص ما كيانا بهذه البراءة والنقاء ... لهو أمر شنيع للغاية ..
اقتربت متظاهرة بتأمل اللوحات هي الأخرى ... قبل أن تلتفت نحوها قائلة بدهشة مصطنعة :- أنت حبيبة .. صحيح ؟؟
التفتت حبيبة نحوها مجفلة ... ثم تحولت ملامحها على الفور ليعتليها التمرد والغضب عندما تعرفت إليها .. لم تمنحها قمر الفرصة كي تقوم بأي تصرف فظ معها ... بل التفتت نحو اللوح وهي تقول :- لقد سبق وأخبرتني حلا بأنك تحبين جمع اللوحات الجميلة ... أنا أيضا أحبها .. وجئت أفكر بشراء واحدة لعيد ميلاد خالتي ... ما رأيك ؟؟؟ أتظنين بأن هذه ستعجبها ؟؟
بارتباك ... وكأن عدم سؤال قمر لها عن عمران قد فاجأها .. التفتت حبيبة نحو اللوحة المذكورة ... وأشارت نحو لوحة أخرى قائلة :- أنا أحببت هذه ..
نظرت قمر إلى اللوحة التي مثلت مشهدا جميلا جدا لغابة كثيفة الأشجار ... وقالت بدفء :- أرى أنك تحبين اللون الأخضر كثيرا ...
:- أحب الأشجار ...
:- أنا أيضا ... وأظن خالتي ستحب لوحة شبيهة أيضا .. أتعلمين ؟؟؟ هي من رباني بعد وفاة والدتي عندما كنت صغيرة جدا .. لقد كانت دائما كالأم لي ..
نظرت إليها حبيبة على الفور وهي تقول :- أنا أيضا أمي ماتت منذ سنوات ..
قال قمر بتعاطف :- أنا آسفة ... إلا أنك محظوظة لأنك تحظين بعمران وحلا .. هو يحبك كثيرا .. أتعلمين هذا ؟؟
بدا التمرد على وجه حبيبة وكأنها قد تذكرت فجأة بأن قمر هي خاطفة الرجال التي تخطط لأكل شقيقها على العشاء .. فتحت قمر فمها كي تقول شيئا ليمنعها هتاف صوت لم تتوقع أن تسمعه في تلك اللحظة يناديها بتوتر :- قمر ..
التفتت قمر نحو مصدر الصوت متسعة العينين .. قلبها يخفق بقوة وعنف .. جسدها كله ينتفض بذعر ..
لقد كان خالد ..




يتبع ..


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:28 PM   #8624

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

كان البرد شديدا ذلك المساء عندما ترجلت وردة من الباص وبدأت السير في الطريق المألوف إلى بيتها ..
شدت طرفي معطفها علها تتمكن من بث شيء من الدفء في جسدها .. وسارت مطأطئة الرأس يغمرها الإحباط بعد يوم فاشل عجزت فيه عن العثور على وظيفة تستطيع من خلالها الاستمرار في الإنفاق على عائلتها ..
أتراها كانت أنانية عندما تركت العمل لدى ريان لأجل أسباب تخصها وحدها دون أن تفكر بتأثير الأمر على أفراد عائلتها المعتمدين عليها ؟؟؟
تنهدت وهي تفكر بأنها ستتصل صباح الغد بريان وتتحدث إليه شارحة له الأمر بأقل تفاصيل ممكنة .. لابد وأن تتمكن من منحه سببا مقنعا لتركها العمل .. إذ أنها أنانية كانت أم لا .. هي لا يمكن أن تعود للعمل معه .. حيث يقفز كنان الطويل بين كل يوم وآخر أمام وجهها مذكرا إياها بإذلاله لها ...
كما تفعل في كل مرة ... رتبت وشاحها الصوفي ليغطي نصف وجهها وهي تبدأ السير عبر شوارع حيها القديم ... تشعر بالمرارة وهي تستعيد بين كل زاوية وأخرى ذكريات طفولتها فيه .. عندما كان سكان هذا المكان يعتبرونها فردا منهم ..
:- هه ... انظروا ... أليست هذه وردة ؟؟؟ ابنة أخ ذلك القاتل المتسلسل الذي عاش بيننا سنوات دون أن يدرك أحدنا أي مجنون هو ؟
انتفضت وردة عندما قاطع شاب طريقها راميا هذه الكلمات في وجهها ... تراجعت خطوة إلى الوراء وهي تقرر على الفور تحاشيه مغيرة طريقها .. كما كانت تفعل في كل مرة يتعرف فيها أحدهم عليها ويحاول إزعاجها ... إلا أنها عندما استدارت .. أدركت بأن الشاب لم يكن وحيدا ... خلفها .. قطع طريقها شابان آخران .. عرفت وردة على الفور بأن وجودهما هما وصديقهما الثالث في انتظارها لم يكن صدفة ..
لقد كانوا في انتظارها ...
وجوههم كانت مألوفة نوعا ما .. لقد كانوا من فتيان الحي المعتادين على التسبب بالمشاكل للجميع من حولهم دون أن يتمكن أحد من إيقافهم بسبب انتمائهم لعائلات قوية في المنطقة ...
لم يكن يجرؤ أحدهم على التعرض لهم خوفا من بطش آبائهم ... كالعادة في أحياء كهذه ... تحكمها قوانين خاصة وكأن السلطة لا تستطيع الوصول إليهم .. قوانين تكون الغلبة فيها دائما للأقوى ..
ووردة ... لم تكن في هذه اللحظة الأقوى على الإطلاق ..
سنة كاملة كانت تخاف مجيء هذه اللحظة عندما يتمكن أحدهم من التعرف إليها رغم كل محاولاتها .. فيؤذيها معاقبا إياها على أخطاء عمها ...
:- هي ليست فقط ابنة أخ ذلك المجنون .. هي أيضا لا تمتلك أي نوع من الولاء .. لقد كانت هي من بلغ الشرطة عنه ..
بدا الامتعاض على أحدهم وهو يقول :- أنا لا أحب أن يتواجد أشخاص من هذا النوع في حينا ... لماذا لا تغادرين ... لماذا لا ترحلين ؟؟؟ نحن لا نريدك هنا ...
قالت بتوتر وهي تتراجع دون أن تعرف إلى أين تهرب وقد حاصرها الثلاثة من جميع الجهات :- سأفعل .. أعدكم بأنني سأفعل ... منذ الغد سأغادر .. لن يراني أحدكم بعدها أبدا ..
لن يتعرف إلي إن كان الأمر بيدي ... حتى لو اضطرها الأمر لصبغ شعرها وارتداء قبعة ونظارات سوداء كما تفعل شخصيات الأفلام القديمة الهابطة ... إذ أنها لن تتمكن من مغادرة الحي .. إذ أين تراها تذهب هي وعائلتها ؟؟؟
:- نحن لا نصدقك ... أمثالك يكذبون بسهولة ... ربما علينا أن نلقنك درسا فتضطرين بعده للرحيل فلا يرى أحدنا وجهك أبدا ..
شحب وجهها وهي تدرك ما يقصدون عندما وجدت بريق القسوة والجشع في أعينهم ... عرفت وردة بأن الصراخ لن يتمكن من إنقاذها ... في هذا الشارع الجانبي الضيق والمهجور الذي كانت تتعمد المرور منه كي لا يراها أحد .. لتقع في الفخ الذي نصبته لنفسها بنفسها ...
نظرت حولها بوجل .. أنفاسها تتسارع وهي تقول بصوت خرج رغم كل محاولاتها التظاهر بالثبات مرتجفا :- فقط دعوني أذهب من هنا .. أنا لا أرغب بأن أسبب المشاكل لأحد ..
لم تبد كلماتها وكأنها قد أثرت عليهم ... بدأ الخوف يجتاحها .. وهي تتحرك محاولة تجاوز أحدهم ليمسك بها قبل أن تتمكن من المرور إلى جواره ويدفعها من جديد إلى منتصف دائرتهم .. لتصرخ بشيء من الهستيرية :- لا تلمسني ..
أدارت رأسها تحدق في الفتيان الثلاثة هاتفة من بين أنفاسها :- إن لمسني أحدكم قتلته .. أقسم على هذا ..
إلا أنها كانت العنصر الأضعف ... طوال حياتها ... وهي تتبجح بقوتها واستقلاليتها .. لم تعد وردة نفسها أبدا لموقف كهذا .. لموقف تجد نفسها توشك على أن تخسر كل ما تبقى لديها من كرامة وكبرياء .. ساقاها كانتا على وشك على أن تخذلاها وقد أفقدهما الرعب كل قوتهما .. إلا أنها بطريقة ما تمكنت من البقاء واقفة .. حتى أمسك بها أحدهم .. ليتفجر كل شيء مرة واحدة ..





يتبع ..


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:29 PM   #8625

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

وجدت قمر تحدق في عيني خالد الخضراوين بشيء من الذهول ... للحظة ... تساءل عقلها إن كانت عيناه دائما بهذه الخضرة .. أو أنها بكل بساطة .. كانت تحلم بهما كل ليلة منذ انفصالهما .. لتبدو رؤيتها لهما في هذه اللحظة وكأن حلما من أحلامها قد تحقق أخيرا ..
:- قمر ..
صوته الأجش وهو يناديها من جديد .. جعل شيئا داخلها يقرقع بدون إنذار ويتهشم بدوي تردد صداه داخل صدرها صاما أذنيها عن كل الأصوات من حولها .. سألته بصوت مختنق :- ما الذي تفعله هنا ؟؟؟ هل كنت تطاردني ؟
قسا وجهه وهو يقول :- ماذا تتوقعين مني أن أفعل عندما تحظرين مكالماتي وترفضين التحدث إلي ؟؟ كان علي العثور على طريقة كي أتمكن خلالها من رؤيتك ..
قالت بوحشية :- أنا لا أريد أن أراك ...
:- هذا مؤسف .. لأنك ترينني الآن ولا تملكين سوى الاستماع إلي ..
:- وإن لم أفعل ؟؟
:- افتعلت فضيحة ... وأنت لن ترغبي لصديقتك التي تحدق بنا بفضول أن تتعرض لإحراج كهذا بسببك ..
شحب وجهها وهي تلتفت نحو حبيبة التي كانت تحدق بهما متسعة العينين ... بدون أن تفكر ... أمسكت بذراعه وهي تقول من بين أنفاسها :- نحن سنتحدث ... بعيدا من هنا ..
بدا عليه الرضا وهو يقول :- سيارتي في الخارج .. سنتحدث فيها ..
:- لا ..
رفضها كان قاطعا وحادا ... بل وعنيفا أيضا وهي تتخيل انفرادها معه لأول مرة منذ أكثر من عام في مكان منعزل حتى لو كان سيارته .. قالت بخشونة :- لا أستطيع ترك حبيبة وحدها ..
في النهاية .. عمران تركها في المتجر مؤتمنا قمر بها .. كما لا تستطيع أن تتحدث إلى خالد خارجا حيث يستطيع عمران عندما يعود رؤيتهما يتجادلان فيتدخل على الفور مثيرا الفضيحة التي كانت قمر أكثر من يرفض حدوثها ..
قالت بيأس :- سنتحدث في الجانب الآخر من المتجر ... ستقول ما لديك وتتركني وشأني هذه المرة ..
قال بصوت فاض بالمشاعر :- أظنك عرفت يا قمر بأنني أبدا لن أتركك وشأنك ..
تجاهلته والتفتت نحو حبيبة تقول بقلق وتوتر :- حبيبة ... سأتركك وحدك هنا للحظات فقط .. لن أبتعد إذ أنني سأكون في الطرف الآخر من المتجر .. هلا انتظرتني حتى عدت أنا أو عاد عمران وحلا ؟؟؟ أنا أعرف بأنهما قريبان من هنا ..
هزت حبيبة رأسها موافقة دون أن تقول شيئا .. بعيدا عن أنظارها ... وعن أنظار الموظف اللاهي بهاتفه عما يحدث داخل المتجر الواسع ... سحبها خالد إلى زاوية بعيدا خلف خزانة أثرية ضخمة ... تخلصت من قبضته بنزق .. عاجزة عن تحمل لمساته الحارقة أكثر .. والتي ما كانت تذكرها إلا بكل ما كان لها يوما وخسرته .. وهتفت بصوت أجش :- ما الذي تريده مني ؟؟
:- ماذا تظنين يا قمر ؟؟ أنا أريدك أنت ... أنا لم أرغب إلا بك أنت ..
قالت من بين أسنانها متجاهلة الشوق اليائس في عينيه العميقتين :- هذا مؤسف بما أنني ما عدت لك ... متى ستدرك بأن ما كان بيننا قد انتهى .. ليس من حقك أن تعود كلما شئت لاقتحام حياتي وكأنك ما تزال عنصرا رئيسيا فيها .. أنت .. لم .. تعد .. تعني لي شيئا ..
:- كاذبة ..
أطلقت شهقة مكتومة عندما عاد ليمسك ذراعها ويسحبها حتى التصقت به ... قلبها يخفق بعنف بين أضلعها حتى شكت بأنه سينفجر في أي لحظة .. قوة جسده .. دفئه .. رائحته .. رائحة العطر الذي يفضله ..
عقلها توقف عن العمل ... في حين خفقت كل نقطة دم تجري بين عروقها بالشوق .. صوته كان قريبا للغاية من أذنها وهو يقول :- أنت ما زلت تحبينني ... ما زلت تريدينني .. إلا أنك ترغبين بمعاقبتي أكثر .. وأنا لا أمانع .. عاقبيني .. عذبيني .. اغرقيني بألمي ... بدموع شوقي .. إنما إياك أن تتركيني ..
تمكنت بيأس من أن تعثر على تلك الجذوة الخامدة داخل قلبها .. تلك التي كان كل ما عليها فعله كي تشتعل .. أن تغذيها بغضبها .. بغيرتها .. بحقدها وهي تتصوره مع ناهد .. برفقة ناهد .. بين ذراعي ناهد ..
:- ابتعد عني ..
تمكنت من دفعه عنها ... فتحرك مبتعدا دون مقاومة .. عيناه الثاقبتان تنظران إليها وكأنهما تخترقان روحها .. تراقبان الدموع الحارقة في عينيها ... أنفاسها العنيفة ... ارتعاشة جسدها ... لتلين ملامحه ... وتسكنها تلك التعابير التي كانت دائما سببا في دمارها .. منذ كانت شابة صغيرة في الثانية و العشرين .. لا تعرف ما عليها فعله بحبها العنيف لرئيسها في العمل المرتبط بامرأة أخرى ... تلك التي وقفت عاجزة وهي تعرف بأنه يصارع بين الحياة والموت .. فلم تملك إلا أن تقدم له قطعة من جسدها إنقاذا لحياته ...
هذه النظرة ... التي كانت أحيانا تعيدها إلى ذكرى باهتة وغير واضحة للطريقة التي كان والدها ينظر إليها بينما كان يحملها بين ذراعيه ... نظرة تملك كل ما أرادته في الدنيا .. من حب .. وحنان .. واستيعاب .. وحماية ..
قال بصوت خافت .. وكأنه قد أدرك فجأة بأنه كان يقاتل في معركة يعرف مسبقا نتائجها :- أراك لاحقا يا قمر ..
تراجع ببطء تاركا إياها ... قبل أن يستدير مغادرا ..
للحظات ... ظلت جامدة مكانها تحدق في إثره ذاهلة ... الألم أكبر من أن تتمكن من تحمله .. لقد ظنت حقا بأن الوقت هو أكبر دواء لشفائها منه .. لقد ظنت حقا بأن يوما سيأتي تواجهه فيها دون أن تهتز فيها شعرة .. لقد ظنت بأنها قادرة على أن تتوقف عن حبه .. إلا أنها كانت مخطئة ... لقد كانت مخطئة ..
:- هل أنت بخير ؟؟
انتفضت قمر وهي تنظر إلى حبيبة التي كانت تنظر إليها بـ .... فضول ... تنقل بصرها بين قمر وبين المكان الذي اختفى فيه خالد وهي تسأل بعدم لباقة :- من يكون ذلك الرجل ؟؟
اعتدلت قمر وهي تحاول كبح رجفة أطرافها .. صوتها خرج رغما عنها مهزوزا وهي تقول :- هو ... هو شخص غير مهم .. هو ..
:- هل هو صديقك ؟؟؟
هتفت قمر بسرعة وبشيء من الحدة :- لا ... هو ... هو زوجي السابق ...
:- وما الذي أراده منك ؟؟؟
لو أن أي شخص آخر طرح هذه الأسئلة على قمر .. لردت عليه بفظاظة نافية علاقته بالأمر ... إلا أنها لم تستطع فعل هذا بحبيبة التي بدت لها طفولية للغاية وهي تحدق بها بعينيها الواسعتين ..
تمتمت :- يريدني أن أعود إليه ...
:- ألا تريدين أن تعودي إليه ؟؟ لماذا ؟؟
اغرورقت عينا قمر بالدموع وهي تقول :- أحيانا ... من الأفضل للجميع الأطراف أن ينتهي الزواج على أن يستمر مسببا الألم للجميع ...
سألتها حبيبة بصوت خافت :- كزواج عمران ورنا ؟
هزت قمر رأسها قائلة :- بالضبط .... كزواج عمران ورنا .. ولكن ... حبيبة .. ليس كل زواج فاشل كزواجي أنا أو زواج عمران .. هناك أشخاص يعيشون بسعادة .. دون أن يتسببوا بالتعاسة للأشخاص من حولهم .. وزواج عمران ورنا ... لم يفشل بسببك ... أنت تعرفين هذا .. صحيح ؟؟
بدا على الفتاة التعاسة وهي تقول بارتباك وتردد :- ليس هذا ما ... ما قالته رنا ...
خمنت قمر بأن حبيبة لم تقل هذه المعلومة لعمران ... تنهدت قائلة :- رنا لم تقل الحقيقة ... هي وعمران لم يكونا سعيدين معا .. رنا احتاجت لسبب تعلل به فشلها .. رافضة بأن تعترف بأنها ربما كانت هي السبب في عدم توافقها مع عمران ... فاستخدمتك أنت ... إنما ... حبيبة ... حتى لو كنت أنت السبب في طلاقهما .. يجب أن تعرفي بأن عمران قد اختارك أنت .. ولو عاد به الزمن مجددا .. سيختارك أنت ..
صمتت لتسمح للكلمات بأن تستقر في عقل الفتاة قبل أن تتابع :- ولو شاء الله أن يتزوج عمران مجددا ... فإنه سيحسن الاختيار هذه المرة ... لأنه سيختار زوجة تقدر أهميتك أنت وحلا في حياته ... و حتى لو فشل زواجه الثاني ... حتى لو اضطر للاختيار من جديد .. فإنه دائما سيختارك أنت ..
اغرورقت عينا حبيبة بالدموع ... وهي تقول :- ماذا إن لم يفعل ؟؟؟
تنهدت قمر وقالت :- بخوفك يا حبيبة ... أنت تمنعين عمران وحلا من أن يجدا السعادة .. من حق حلا أن تحصل على أم تهتم بها وتعتني بها .. أنت لن تظلي تركضين ورائها وترتبين سريرها لها إلى الأبد ..
عبست حبيبة وكأن قمر قد جاءت بنقطة مهمة جدا كانت بعيدا عن فكرها .. مما جعل قمر توشك على أن تضحك بين تعاستها ودموعها الحبيسة التي كان سببها لقائها العابر بخالد ..
:- وعمران ... أيضا وحيد وبحاجة لمن يشاركه اهتماماته وهمومه ... أنت لديك لوحاتك .. ماذا لديه هو ؟؟
نظرت إليها حبيبة بارتباك وهي تقول بريبة :- هل ... هل ترغبين بالزواج من أخي ؟
ضحكت قمر هذه المرة وهي تقول :- لا ... أنا لا أريد الزواج من عمران ... أنا لا أريد الزواج أبدا .. حتى وأنا أتوق لأن أكون أما لطفلة كحلا .. وأختا لفتاة رائعة مثلك ...
صمتت حبيبة دون أن تقول شيئا ... فابتسمت قمر وهي تقول :- لم لا نقوم بما جئنا لأجله ... ونختار اللوحات التي نريدها قبل أن يعود عمران وحلا فيشوشانا بصخبهما ؟؟
أومأت حبيبة برأسها ... وسارت إلى جانب قمر التي رغم السكون الظاهري الذي كانت تشعر به .. كان الألم ما يزال يتردد داخل صدرها ... يصرخ مع كل خفقة باسمه بألم ....... باسم خالد






يتبع ..


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:30 PM   #8626

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

تبا .... أين ذهبت ؟؟؟ لقد كانت تسير أمامه قبل دقائق قليلة فقط ؟؟؟
زاد كنان خطواته سرعة وهو يحاول تخمين الطريق الذي ترى وردة اتخذته هذه المرة ... يلاحقها منذ أسابيع ... منذ أول مرة أوصلها وأدرك بأنها تضطر لإخفاء وجهها كي لا يتم التعرف عليها من قبل سكان حيها فتتعرض للأذى ... كان كنان يترجل من سيارته بعد ابتعادها بلحظات فيلاحقها حتى يراها تدخل المبنى الذي تقيم فيه ...
حتى اليوم الذي كان لا يوصلها فيه ... كان دائما يسبقها إلى المكان الذي كانت تودعه فيه ... يراقبها وهي تسير فوق الرصيف قادمة من موقف الباص .. ثم يلاحقها فور أن تدخل الحي .. محتفظا بمسافة كافية بينهما فلا تستطيع رؤيته .. أحيانا .. كانت تتوه عنه عندما تغير طريقها كما تفعل في كل مرة .. في إجراء وقائي كما خمن بتوتر ... كي تجنب نفسها أي مفاجآت غير سارة ..
ذكائها .. وحرصها .. وقوتها .. كل هذا لم يكن كافيا ليشعره بالطمأنينة في كل مرة يعرف بأنها تسير في هذا الطريق وسط أشخاص يكرهونها ...
في البداية ... عندما كان يجد نفسه يقود سيارته بدون هدف ليصل إلى هنا ... كان يشعر بالتشوش والغضب .. بالارتباك وهو يعجز عن فهم تصرفاته ... كنان لم يكن يوما من النوع الشهم .. أو الذي يستطيع أن يكرس أي جزء من وقته لأجل غيره .. باستثناء جمان ... كنان لم يحب شخصا قط في حياته سوى نفسه .. ربما هو يستطيع استثناء ريان خلال العام الماضي ... أن يتكبد عناء ملاحقة وردة حرصا على أمانها ... كان يقلقه ويثير حيرته ... إنما ..... إنما ليس بعد الآن ...
بعد أن قبلها تحت تلك الشجرة في حديقة الفندق الخلفية .... بعد أن تركته واقفا وحده – حسنا ... هو لم يكن واقفا بعد أن ركلته تلك الجنية آخذة إياه على حين غرة – وبعد أن تركت العمل لدى ريان .. رافضة الرد على اتصالات أي منهما ... لم يكن هناك أي ارتباك هذه المرة وهو يقود سيارته بعد خروجه من عمله إلى هنا ... لم يكن هناك أي اضطراب أو جزع وهو يشعر بقلبه يخفق بقوة أثناء رؤيته إياها قادمة من بعيد ... تلف معطفها حولها ... تحيط عنقها ونصف وجهها بشالها الصوفي ... تسير ببطء ... حزينة العينين وهي تبدو غافلة عن كل شيء حولها ...
أتراه هو من سبب كل هذا الحزن لها ؟ أم تراه ريان ؟؟
لأول مرة منذ عرف وردة .. تستحيل الغيرة البشعة التي كانت دائما مرتبطة بها إلى غيرة من نوع الآخر .. لقد بات التفكير بأي علاقة بينها وبين ريان .. تضايقه بطريقة أخرى ... هو ما عاد يخاف من أن تسرق أخاه منه .. هو بات يخاف أن يخسرها لصالح أخيه ..
يخسرها ... هه ... ومنذ متى تحولت علاقته بوردة فتجاوزت استخدامه إياها لأجل تحقيق أغراضه ؟؟؟
أين تصميمه السابق على أن يوقعها بين حبائله ... كي يسخر منها ويبعدها عن ريان ؟؟؟
هو يريدها ... ما من طريقة يستطيع أن ينكر بها هذا ... أي شكوك نحو هذه الحقيقة تلاشت عندما قبلها ..
هو ... كنان الطويل .. محطم قلوب العذارى كما كان أصدقائه يسمونه سخرية .. يربكه شعور بالرغبة اتجاه فتاة عادية ...
إنما وردة .. لم تكن أبدا فتاة عادية ...
الوقت لم يكن متأخرا كثيرا ... ومع هذا ... كان السير وسط هذا الحي القديم مخيفا نوعا ما ... الأبنية القديمة التي تآكلت حجارتها ... الطرقات الغير مستوية ... الأشخاص الذين كانوا يظهرون بين الحين والآخر فيراقبون الرائح والغادي بأعين ذكرته بعيني مصاصي الدماء في أفلام الرعب الهابطة .. التفكير بوردة تقطع هذا الطريق وحدها كل مساء .. كان مقلقا له .. مما جعله يزيد سرعة خطواته أكثر وهو ينظر حوله بتوتر حتى سمع تلك الصرخة ..
صرخة مكتومة ... بعيدة ... إنما بطريقة ما .. عرف بأنها لا يمكن أن تنتمي إلا لوردة ...
أحس بدمائه تفور غضبا وخوفا بين عروقه وهو يندفع نحو مصدر الصوت .. في ذلك الزقاق المظلم ... والذي ما كان ينيره إلا أثار الأنوار الواهية القادمة من النوافذ العالية ... تمكن من رؤية ما يحدث أمامه ..
وما رآه ... جعل كل ما في رأسه من تعقل يطير مرة واحدة ومع الهواء ..






يتبع ..


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:31 PM   #8627

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

:- أين خالد ؟؟ هل يتأخر دائما في العودة حتى هذا الوقت ؟؟؟
كانت السيدة فخر هي من أجاب عن تساؤل عبير الغير راضي .. قائلة بجفاف :- لديه عمل كثير ... من الطبيعي أن يتأخر بين الحين والآخر إن كان لديه بعض المشاغل المتراكمة ..
مالت عبير إلى الأمام وهي تسأل والدتها :- هل اتصل بك ... وأخبرك بالحرف الواحد .. أن ما يؤخره حتى الآن .. هو العمل ؟؟؟
عبست والدتها بشيء من الغضب .. وهي تنقل نظراتها بين عبير .. وناهد شاحبة الوجه .. والتي كانت تتظاهر بملاعبة ابنها :- لماذا تطرحين كل هذه الأسئلة ؟؟؟ ما الذي تريدينه يا عبير ؟
هزت كتفيها قائلة :- هو أخي وأرغب بأن أراه ... أشتاق له بين الحين والآخر كما تعلمين ..
لوحت والدتها بيدها قائلة :- تستطيعين القدوم في عطلة نهاية الأسبوع إن أردت أن تريه ...
:- آه ... أنت تعنين بأنه يقضي عطلته الأسبوعية في البيت برفقتكما ... صحيح ؟؟ هذا مطمئن !.
رمقتها والدتها بنظرات محذرة .. قبل أن تنهض قائلة :- سألقي نظرة على ترتيبات العشاء ... هل سينضم زوجك إلينا يا عبير ؟؟
جمدت تعابير عبير وهي تقول :- لا ..... لديه اجتماع عمل متأخر ..
عندما غادرت والدتها الغرفة تاركة إياها وحدها برفقة ناهد .... التفتت نحوها قائلة بجفاف :- ما أفهمه ... هو أنك ووالدتي بالكاد ترون خالد في الفترة الأخيرة ..
قالت ناهد بمرارة وهي تضع طفلها فوق كرسيه .. وتحكم ربط حزامه :- أنا بالكاد أراه منذ تزوجت به .. مما يجعل الأمر طبيعيا للغاية بالنسبة إلي ..
قالت عبير بغضب :- أراك راضية بتجاهله إياك !
انكمشت ناهد وهي تنظر إلى عبير شاحبة الوجه .. عبير كانت أول شخص يشير إلى السبب الواضح والحقيقي لغياب خالد الدائم ... وهو تجاهل ناهد وتحاشيه رؤيتها .. تمتمت ناهد بعصبية :- لا أستطيع أن أطالبه بترك عمله والبقاء إلى جانبي في البيت ..
:- هه .. وهل أنت واثقة بأن ما يأخذه منك هو العمل ؟؟
ازداد وجه ناهد شحوبا وهي تقول :- ماذا تقصدين ؟؟
:- أنت لست غبية يا ناهد .. كما نحن لسنا عميانا ... الكل يعرف بأن خالد ما يزال يبكي فقدانه تلك المرأة .. وأنا أراهن على أنه يسعى بكل قواه كي يقنعها بالعودة ...
هتفت ناهد بخشونة بينما تحاول كبح تأثير الكلمات القاسية عليها :- فليسعى كما يشاء ... قمر لن تعود إليه أبدا ..
أطلقت عبير ضحكة متهكمة وهي تقول :- أتظنين هذا ؟؟؟ أنت لا تعرفين قمر كما أعرفها أنا .. هي تستمتع للغاية في فرض سيطرتها على خالد .. خلال سنوات زواجهما .. هو كان دائما يركض ورائها لاهثا بجوع إلى كلمة رضا منها .. لم أر قط رجلا ......
صمتت ... غائبة في غضبها عن الطريقة التي كانت أنفاس ناهد تزداد فيها عنفا .. تابعت من بين أسنانها :- هي تعاقبه لا أكثر ... هي تتركه يحترق على نار هادئة .. وعندما تقرر أخيرا أن تعود إليه .. فإن خالد سيكون قد فقد كل ما لديه من أمل في خلاصه من تحكمها به ..
التفتت نحو ناهد قائلة بغل :- أولا ... هي ستدفعه لأن يطلقك ... بعد أن يأخذ منك ابنك لتربيه هي .. العاقر العاجزة ... ثم سترغمه على الابتعاد عنا .. أنا وأمي .. بما أننا كنا من شجعه على أن يتزوج بك ..
هتفت ناهد بعنف :- خالد لن يطلقني أبدا ... هو لن يتخلى عني .. أنا زوجته .. أنا ابنة خالته ...
قالت عبير متهكمة :- كونك إبنة خالته لم يوقفه عن تركك قبل سنوات طويلة لأجلها ..
هتفت ناهد بيأس :- أنا أم ابنه ... هو أبدا لن يرغب بأن يبتعد عنه .. كما لن يبعده عن أمه أبدا ..
صمتت عبير للحظات :- أنت لا تعرفين تأثيرها عليه ... مدى قدرتها على إرغامه على فعل ما تريد .. أجيبيني عن سؤالي وإن كان وقحا يا ناهد ... متى كانت آخر مرة عاملك فيها خالد كزوجة حقيقية ؟؟ حسب معلوماتي ... مازال كل منكما ينام في غرفة منفصلة عن الآخر .
وقفت ناهد والشرر يتطاير من عينيها ... فاقدة كل هدوءها وهي تهتف بثورة :- خالد لن يتركني لأجلها ... ليس من جديد .. أنا زوجته ... أنا زوجته الآن بينما هي مجرد دخيلة ...
ثم اتسعت عيناها وهي تقول :- إن تركني .... إن تمكنت من أخذه .. فأنا سأقتلها هذه المرة ... سأقتلها ..
ثم اندفعت خارجة من الغرفة تاركة عبير وهي تحدق في إثرها عابسة ... كالعادة ... ناهد .. أستاذة الجامعة العاقلة والرزينة .. تفقد كل هدوئها واتزانها فور أن يتعلق الأمر بخالد ... ربما على عبير أن تتحدث إليها وتحاول إقناعها بأن الحلول المتطرفة لم تأت بنتيجة قبل سبع سنوات ولن تفعل الآن .. وربما ... وربما فقط .. عليها أن تترك الأمور تجري وحدها ... وتراقب من بعيد ...






يتبع ..



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-07-18 الساعة 11:14 PM
blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:32 PM   #8628

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

حتى وهي تطلق تلك الصرخة التي ترددت صداها في فضاء ذلك الزقاق الجانبي المظلم ... عرفت وردة بأن أحدا لن يأتي لمساعدتها .. إلا أنها لم تتوقف عن القتال ... ولو للحظة لم تتوقف عن القتال ... حتى عندما وجدت نفسها أرضا بعد أن غلبوها قوة ... ركبتاها داميتان وقد مزقت الأرض الخشنة سروالها المصنوع من الجينز ... حتى بعد أن مزق أحدهم سترتها عنها تاركا قميصها الرقيق وحده درعا واهيا في وجه برد الليل القارس .. حتى بعد أن أحست بطعم الدماء الصدء في فمها على إثر صفعة أحدهم ... هي لم تتوقف عن القتال بشراسة قط متوحش وجد نفسه يقاتل في سبيل حياته قطيعا من الكلاب الشاردة ...
بينما بدأت الرؤية تبيض أمام عينيها ... وهدير صاخب يضج في أذنيها بعد اصطدام رأسها بطريقة ما بالاسفلت الخشن للأرض القذرة .. كانت وردة ترى بنصف وعي قوتها تتلاشى ... وكل ما عملت لأجله طوال حياتها يطير في الهواء مرة واحدة ... أدركت فجأة وهي توشك على خسارة وعيها بأنها لم تجد شيئا واحدا تتشبث به في لحظات يأسها الأخيرة تلك ... أي فكرة .. أي وجه .. أي يد تتمنى أن تمتد فجأة لتنتشلها مما كانت تغرق فيه .. اغرورقت عيناها بدموع الخسارة والإدراك وهي تتوقف عن القتال فجأة .... إذ لماذا تقاتل .... ولأجل من ؟؟ لقد كانت متعبة ... يا الله كم كانت متعبة وهي تغمض عينيها عن نظرات الجشع التي ترافقت مع كلمات خشنة لم تكن في حالة تسمح لها باستيعابها ..
لم تدرك إلا متأخرة .... والبرد يجد طريقه عبر قماش قميصها الرقيق فيثير اختلاجات متقطعة في جسدها .. بأن مهاجميها قد تركوها وشأنها .. دون أن تلقي بالا للأصوات من حولها ... وقبل أن تنتظر أن يغيروا آراءهم تمكنت من أن تقلب نفسها لترتكز على يديها وركبتيها ... وتجر نفسها مبتعدة .. حتى أمسك أحدهم بكتفها فصرخت بشيء من الهستيرية وهي تستدير لتركله بقدميها :- لا تلمسني ... لا تلمسني
:- وردة ... إنه أنا ... كنان ..
لاهثة ... تتنفس بعنف ... متسعة العينين ... ترتجف بعنف .. حدقت وردة بوجه كنان دون أن تتعرف إليه للحظة .. حتى كرر بصوت أجش :- انظري إلي .. إلى عيني ... أنا كنان يا وردة .. أنت آمنة الآن ..
الكلمات خرجت منها بصعوبة ... وهي ترمش بعينيها قائلة :- كـ ... كيف ؟؟؟ أين ؟؟؟
:- أين أولائك الحقراء ؟؟؟ لقد هربوا عليهم اللعنة قبل أن أتمكن منهم .. كنت لألاحقهم لولا أنك أهم من رغبتي بتمزيقهم إربا .. رباه .. وردة .. ما الذي فعلوه بك ؟؟
عندما مد يده نحوها ... انكمشت للحظة قبل أن تصل إليها .. فعاد بقول بصوت خافت وكأنه يهدئ من حيوان جريح :- لا بأس .. أنا لن أؤذيك .. سأتأكد بأنك بخير لا أكثر ..
عندما سمحت ليده بأن تلامس خدها ... لتجفل عندما نبض الألم مكان كدمة تلقتها بطريقة ما .. لقد صفعها أحدهم .. صحيح ؟؟؟
الإذلال التام غمرها وهي تتذكر ضعفها ... وعجزها عن القتال للدفاع عن نفسها .. لقد كادت تخسر كل شيء .. كل شيء ..
أصابعه تحركت نحو شفتها السفلى المشقوقة .. حيث غطتها الدماء .. لتتذكر كيف حاول أحدهم تقبيلها فعضته .. ربما كان هذا ما دفعه لضربها .. هي حقا لا تذكر .. هي حقا لا تريد أن تتذكر .. لقد كانت متعبة ... متعبة للغاية
:- لا بأس .. لن أسمح لأحدهم بأن يؤذيك مجددا .. أعدك ..
اغرورقت عيناها بالدموع ... لتفقد كل تماسكها ونشيجها يعلو مرة واحدة ... هذه المرة لم تقاومه عندما سحبها إليه يضمها بقوة .. لتسمح لنفسها بأن تختبئ بين ذراعيه .. صوت يهتف بها من وراء الضباب الذي غلف عقلها بأنه كنان ... الفتى العابث الذي دمر برائتك عندما سرق منك قبلة مساء الأمس ... كاد نشيجها يستحيل إلى ضحكة مريرة وهي تدرك بأن كنان رغم كل عيوبه .. رغم غروره ووقاحته وتبجحه .. وظنه بأنه قادر على أن يتجرأ عليها ... فإنها تعرف بأنه أبدا لن يؤذيها كما كاد أولائك الفتيان أن يفعلوا ..
لدقائق ... ظلت تبكي فوق صدره دون أن تبالي بأنها المرة الأولى التي تسمح فيها لرجل اعتبرته عدوها لفترة طويلة أن يشهد ضعفها .. في النهاية ... هو أنقذها من مصير أبشع بكثير من الموت ...
كانت يده تربت على شعرها ... ثم ظهرها دون أن يقول شيئا وهو يسمح لها بأن تفرغ صدمة ما تعرضت له بين طيات قميصه ... عندما أحس بها تهدأ قليلا ... تلوى خارجا من سترته الجلدية ليضعها فوق كتفيها مخفيا ما تمزق من ملابسها قائلا بصوت مكتوم :- وردة ... أعرف بأنك ربما تمرين بصدمة .. إنما علينا أن نتحرك من هنا قبل أن يعودوا لأجلنا برفقة آخرين ...
بصمت ... تقبلت سترته .. مبتعدة عنه وهي تمسح دموعها .. لم ترفض يده عندما عرضها عليها كي يساعدها على الوقوف .. فور أن وضعت ثقلها فوق قدميها خذلتها ساقاها ليعود ويمسك بها من جديد وهو يقول بصوت خشن :- ركبتاك تنزفان ..
:- هو جرح بسيط لا أكثر ... أستطيع السير وحدي ..
مجرد مراقبته إياها في قوتها التي بدت غريبة للغاية بعد كل ما تعرضت له .. كان مذهلا بحد ذاته .. عندما وصل ليجدها ملقاة على الأرض ... تقاتل بشراسة وجموح تطلب من مهاجميها الثلاثة أن يعملوا معا كي يتمكنوا من تثبيتها .. كاد يفقد عقله وهو يشعر بنفسه يمزق كل تحضره عنه وهو يستعيد فجأة كل مهارات القتال التي كان لقمان يرغمه هو وأخوته جميعا على أن يتعلموها تحت إشراف مدربين مختصين منذ الصغر ..
كاد يضحك بمرارة وهو يفهم الآن سبب إصرار لقمان الذي كان يثير حقد وغضب كنان آنذاك .. في تمرده وتفضيله لقضاء وقته الثمين في أمور أهم ... كاللهو مع رفاقه ومصاحبة فتاة مختلفة كل يوم ..
الآن بعد أن عرف ما عاناه لقمان خلال طفولته ... كان قادرا على تفسير كل تصرف دكتاتوري منه اتجاه أخوته الأصغر سنا ..
لقد كان يحميهم ... حتى وهو يوهمهم بأنه يضطهدهم ويعذبهم بتحكمه ...
هذا المساء ... لا يستطيع كنان إلا أن يكون ممتنا لتحكم لقمان واضطهاده ... عندما وجد في النتيجة أكبر معين له وهو يدافع عن وردة ...
الفتيان الثلاثة هربوا على الفور عندما أدركوا بأنهم لم يكونوا ندا له رغم كثرتهم ... إلا أن هذا – كما أشار سابقا – لا يعني أنهم لا يمكن أن يعودوا مع المزيد من رفاقهم ..
رغم رفضها ومكابرتها .. وردة لم تتمكن من الوقوف بثبات حتى أسندها ... وجهها شاحب ... تشوهه تلك الكدمة البشعة على جانب وجهها ... فمها دامي ... ترتجف .. ليعرف بأنها كان تتألم بشدة وترفض الاعتراف بألمها ...
أي امرأة قوية أنت يا وردة ... أي امرأة أخرى ... كانت انهارت بعد تجربة كهذه .. وسمحت لها بأن تهزمها ..
إلا وردة ... ما كانت لتفعل ...
:-ر بما من الأفضل أن آخذك إلى المستشفى ...
:- لا .... أريد العودة إلى البيت ..
:- ولكن ...
:- أريد العودة إلى البيت ... من الأفضل لك أن تذهب ... بيتي ليس بعيدا من هنا ..
قال بغضب :- إن تركتك الآن ... سقطت أرضا وعجزت عن التقدم مترا واحدا ولو زحفا وفقا لحالة ركبتيك .. هل أنت متحمسة لهذا الحد لعودة أصدقائك من جديد ليكملوا ما بدأوه ؟؟؟ ربما برفقة المزيد منهم هذه المرة ..
ازداد وجهها شحوبا فبدت وكأنها ستتقيأ تأثرا بتحذيره .. فقالت باقتضاب :- لا ..
:- إذن ستسمحين لي بأن أوصلك إلى بيتك .. وغدا .. يمكننا أن نعود لنتظاهر بأننا أعداء من جديد ..
لم تقل شيئا .. فعرف بأنها لا تمتلك خيارا سوى الامتثال لاقتراحه ...







يتبع ..


تتمة الفصل
https://www.rewity.com/forum/t405484-864.html



التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 26-07-18 الساعة 02:55 PM
blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:33 PM   #8629

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

كما أخبرته قبل دقائق ... بيت وردة لم يكن بعيدا ... المبنى كان قديما للغاية إلى حد جعل عيني كنان تتسعان قلقا وهو يتساءل عن اليوم الذي سينهار فيه أخيرا على رؤوس سكانه .. رفض بعناد عندما بدأت وردة تحاول صرفه .. مؤكدا :- أنت لن تتمكني من الصعود درجة واحدة دون مساعدة .. أنا لن أتركك حتى أراك داخل بيتك ..
لم تتمكن وردة من مجادلته وهي تسمح له بأن يساعدها في تسلق الدرج المتآكل ... كل خطوة كانت تسبب لها ألما عظيما وقد انتشرت الرضوض في أنحاء جسدها ... الألم كان عنصرا مهما في إلهائها عما حدث .. وعما كاد يحدث .. في إلهائها عن وجود كنان الآن وبالذات في اللحظة المناسبة كي ينقذها ...
ما الذي جاء به ؟؟؟ وكيف صدف وكان موجودا في اللحظة التي احتاجت فيها إلى مساعدته بالذات ؟؟ لقد كان هذا لغزا ستعرفه فور أن تجد الطاقة على أن تتحدث .... هي لم تكن قادرة حتى على أن تكرهه لما فعله بها بالأمس وقد بدا باهتا مقابل تجربتها هذا المساء ..
لقد أرادت فقط أن تصل إلى البيت .... أن تختبئ بين جدران غرفتها بعيدا عن أنظار سكان الحارة الذين كانوا يراقبونها بحدة وهي تعرج مستندة إلى كنان في طريقها إلى البيت ..
ماذا تراهم يفكرون وهم يروها تعود إلى بيتها برفقة رجل غريب وهي على هذه الحالة ؟؟
وهل حقا تهتم بما يقوله الآخرون وشيء أسوأ ينتظرها في بيتها ؟؟ كيف لردة فعل والدتها أن تكون عندما تراها عائدة على هذه الحالة ؟؟
في الطابق الرابع ... توقفت وردة أمام باب بيتها الذي تقشر خشبه .. ترتجف وهي تقول بصوت مهزوز :- كنان ... أرجوك ... ارحل الآن .
قال بعناد :- أخبرتك ... لن أرحل حتى أراك داخل بيتك ..
رفعت عينيها الداكنتين نحوه وهي تقول بشيء من الهشاشة :- أرجوك .... إن كنت تهتم لأمري ولو قليلا .. لأجل ... لأجل ريان ... اذهب ... اذهب الآن ..
قطب بقلق وهو يفكر بأنه لم ير وردة أبدا على هذه الحالة من قبل ... لقد كانت تبدو تقريبا ... خائفة وهي تنقل بصرها بينه وبين الباب وكأنها تخشى أن ... أن يرى شيئا ..
:- وردة ... إن كنـ .....
فتح باب الشقة بحدة مفاجئة مجفلة الاثنين ... ليطل وجه والدتها الشاحب ... تنقل بصرها بين كل منهما قبل أن تلتفت نحو وردة متسعة العينين وهي تقول :- عندما اتصلت بي أم ربيع لم أصدق ما كانت تقوله ...
وجه وردة كان ممتقعا وهي تقول بتصلب :- كنان ... اذهب ... شكرا لأنك أوصلتني ... إنما اذهب .. أرجوك ..
إلا أن كنان لم يستطع أن يتحرك ...
كان ينظر إلى والدة وردة ... مذهولا بملامح المرأة الباردة ... لم تكن تبدو كبيرة في العمر ... إلا أن الإرهاق والتجاعيد التي ملأت وجهها كانت تقول بوضوح بأن العمر لم يكن أبدا من أحد محفزاتها ...
لم يكن هناك أي شبه بينها وبين وردة ... كان يستطيع أن يرى آثار جمال ذابل في معالمها التي كانت فاتحة اللون مقارنة بابنتها ... عيناها كانتا عسليتين ... لا كعيني وردة بلون السكر المحروق ... وجهها كان طويلا ... لا كوجه وردة الصغير بذقنها المدببة التي دلت على عنادها وقوتها ... ما استوقفه حقا ... كان القسوة الشديدة التي أطلت من عينيها وهي ترمق ابنتها .. قسوة لم يجد مثلها في أي يوم في عيني وردة التي أثبتت له أكثر من مرة بأنها رغم فظاظتها وقوة شكيمتها .. كانت هشة .. رقيقة .. وإنسانية للغاية في حسها النادر للعدالة ..
لقد كان كنان يتوقع ردة فعل مختلفة تماما من الأم وهي ترى ابنتها على هذه الحالة المزرية .. لقد توقع أن يضطر ليهدئ هستيريتها وهو يؤكد لها بأن ابنتها بخير إلا أن المرأة كانت بعيدة تماما عن القلق ..
هي حتى لم تتزحزح من أمام الباب فتفسح الطريق لوردة كي تدخل .. أو تعرض أي نوع من المساعدة وهي تراها تضطر للاستعانة بذراع كنان كي تبقى واقفة ...
قالت والدتها بصوت خرج منها باردا :- ما الذي فعلته هذه المرة ؟؟ أي مصيبة أخرى أحضرتها معك إلى هذا البيت ؟؟
قالت وردة بتوتر .. إنما كان كنان قادرا على أن يلمس الجزع في صوتها :- أنا لم أفعل شيئا ... لقد تعرضت لحادث لا أكثر ... سأشرح لك التفاصيل لاحقا .. كنان ... اذهب ..
لم يتمكن حتى من تحريك قدميه ... حتى عندما حررت نفسها من ذراعه ودفعته في صدره وهي تقول بانفعال :- هل أنت أصم ؟ ... أخبرتك بأن تذهب ...
عينا المرأة القاسيتان ... واللتين ظهر في اتساعهما ... شيء لم يستطع كنان تفسيره في نظراتهما ... شيء من .... من الجنون ... التفتتا إليه ... تحدق به بجمود وهي تقول :- هل أنت الفتى الذي ضحت وردة بكل عائلتها لأجله ؟؟
كان يستطيع أن ينفي ... أن يخبرها بأنها مخطئة .. إلا أن شيئا في المرأة كان ... كان يخيفه .. شيء لم يكن يستطيع تفسيره .. إنما كان يجعل قلبه يخفق بقوة ... لقد شعر كمن كان يمشي بين الأدغال ليجد نفسه في مواجهة أفعى ضخمة ... قادرة بعينيها الثاقبتين على أن تثبت ضحيتها وتسبب له الشلل حتى تتمكن من التهامها بهدوء ...
لم تنتظر منه أن يجد الشجاعة كي يجيب عن سؤالها .. بل عادت تخاطب وردة قائلة بشراسة :- ما الذي منحته إياه هذه المرة ؟؟؟ بعد أن تخليت لأجله عن عمك .. وسمعتك .. وأمان عائلتك .. ومستقبل أخوتك .. ما الذي ظل لديك ووجده يستحق وقته .. الرجل الثري والمدلل الذي كان أغلى بالنسبة إليك من لحمك ودمك ..
قفز قلبه بين أضلعه وهو يرى وجه وردة يتلوى بألم وهي تقول بصوت لم يتعرف عليه :- أمي... أرجوك .. توقفي عن قول هذا لي .. دعيني أدخل .. وسنتحدث في الأمر ..
:- لا ...
صوتها كان قاطعا ... صارما ... الجنون في عينيها زاد حدة وهي تقول بشيء من الهستيرية :- لماذا لا تفهمين ... لأشهر أحاول أن أوضح لك بأنني ما عدت أريدك في هذا البيت .. ما عدت أريدك ... أنت دمرت كل شيء .. كل شيء .. وها أنت تعودين بمزيد من الفضائح والدمار .. أنت لن تدخلي بيتي مجددا .. أتسمعين ؟؟
كان كنان يستطيع أن يتدخل .. أن يقف أمام وردة مانعا عنها أذى والدتها اللفظي ... أن يرغمها على أن تفسح الطريق لوردة مؤكدا سخافة ما تقول ... إلا أنه لم يفعل ...
إذ أن هذه المرأة ..... هذه المرأة كانت تخيفه .... وهو لا يريد وردة في أي مكان قريب منها ...
من ورائها .. كان قادرا على رؤية صبيين صغيرين .... كانا يراقبان ما تفعله والدتهما بعينين واسعتين .. دون أن يتمكن أحدهما من التدخل أو الاعتراض ...
سمع صوت أبواب تفتح ... همسات تعلوا بين طوابق المبنى القديم ... الباب المقابل فتح بشكل جزئي .. تطل من خلاله أعين فضولية تراقب ما يحدث بمزيج من القلق والشغف ..
تابعت والدتها بهستيرية ...غافلة عن جذبها أنظار واهتمام جميع جيرانها :- أنا لا أريدك هنا .. لو اضطررت للعمل صبح مساء .. للتسول توفيرا لمتطلبات أخوتك .. أنا لا أريدك هنا .. إن ظننت بأنك تستطيعين بالضئيل والحقير الذي تقدمينه من خلال مهما كانت التنازلات التي تقومين بها خارجا الحلول مكانه ... فأنت مخطئة .... مخطئة ..
تراجعت خطوة صافقة الباب ورائها بعنف ... لترمي وردة نفسها عليه على الفور وهي تهتف بذعر :- أمي ... أمي افتحي الباب ... ما الذي تفعلينه ؟؟ أمي ...
بيدين مرتجفتين .... أخرجت وردة مفتاحها من جيبها ... تدسه في القفل بصعوبة وهي تقول بصوت خافت إنما كان يظهر تخبطها ... يفضح ما كانت تعانيه لسنة كاملة بسبب عائلته دون أن تفصح لأحد عنه :- لا .... لا ... أرجوك لا ..
كان واضحا أن والدتها قد أقفلت الباب من الداخل مانعة وردة من استخدام مفتاحها لفتحه .. في تلك اللحظة .. شيء انكسر في وردة وهي تضرب الباب بقبضتيها .. دموعها تتفجر في عينيها وهي تهتف :- أمي ... افتحي الباب ... أرجوك ..
لم يتمكن كنان من متابعة المشاهدة وهو يرى وردة تبدو فجأة كما عجز عن يراها طوال تلك الأشهر .. مجرد فتاة صغيرة عاجزة وهشة ... اعتادت على أن تقدم كل ما لديها لأجل الآخرين دون أن تنتظر شيئا من أحد ... لقد بدت له صغيرة في السن ... ضعيفة .. خائفة وهي ترى والدتها تنبذها .. فقط لأنها لم تسمح لرجل تهتم به بأن يؤذي شخصا بريئا ..
تحرك أخيرا ليسحبها بعيدا عن الباب محيطا خصرها بذراعه وهو يقول :- وردة ... هذا يكفي ... أنت تجذبين الأنظار ..
ذاهلة ... حدقت فيه وكأنه كان يتكلم بلغة غير مفهومة لها ... قبل أن تدرك ما يعنيه وهي تنظر إلى الباب المقابل الذي أطبق في تلك اللحظة وكأنه ما عاد هناك شيء جديد بالمشاهدة ...
أصوات باقي الجيران وهمهماتهم باتت أخيرا مسموعة لها ... فانكمشت .. دون أن تدرك بأنها كانت تنكمش بين ذراعيه .. وكأنها كانت تحاول الاختباء فيه ... حاول كبح رجفة قلبه وهو يقول بهدوء :- لنذهب من هنا ..
:- أين ؟؟؟ .... نذهب إلى أين ؟؟؟
كان لسان حالها يقول بذهول ... أين تراها تذهب .. وقد حجبتها أمها عنها .. وقد منعت من اللجوء إلى المكان الوحيد الذي كان من المفترض به أن يمنحها الحماية والأمان ..
فقال بصوت عكس ما لم يكن يشعر به من ثقة .. إنما تصميما أكيدا وهو يقول :- لا تقلقي ... سأتدبر الأمر يا وردة ... أنت ستكونين بخير ...
أرادت أن تقاوم .. أن تعترض .. إلا أنها كانت عاجزة .. ضائعة .. فسمحت له بأن يسحبها آخذا إياها معه ..
إلى المجهول ..





انتهى الفصلان الحادي والعشرون و الثاني والعشرون بحمد الله
قراءة ممتعة للجميع



التعديل الأخير تم بواسطة blue me ; 25-07-18 الساعة 11:01 PM
blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:35 PM   #8630

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

تم تنزيل الفصلين الحادي والعشرين والثاني والعشرين بحمد الله
قراءة ممتعة للجميع
وفي انتظار تعليقاتكم التفصيلية وآراءكم ... وإلا حتكون آخر مرة ( فيس محذر )
طبعا فصلين دسمين ومليئين بالأحداث ...
وطبعا مليانة مصايب ... وخالية حاليا من لقمان قلت أريحكم شوي


blue me غير متواجد حالياً  
التوقيع
حاليا ..

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:45 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.