شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   زَخّات الحُب والحَصى * مميزة ومكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t459010.html)

Shammosah 05-10-19 10:37 PM

زَخّات الحُب والحَصى * مميزة ومكتملة *
 

https://upload.rewity.com/uploads/154089255098181.gif


زخات الحب والحصى
https://upload.rewity.com/uploads/157071736600011.jpg



بسم الله الرحمن الرحيم
أتشرف بنشر روايتي المنفردة

زخات الحُب والحصى

تنويه

يمنع تداول الرواية سواء كلها أو مقاطع منها على أي موقع أو جروب خارج المنتدى ومن يقوم بذلك سيتعرض للمساءلة القانونية

مواعيد النشر

يومين في الاسبوع

الاثنين - الاربعاء

الساعة الثانية عشر ظهرا بتوقيت القاهرة

بداية نزول المقدمة وأول فصل

الاثنين 7 أكتوبر


ملحوظة

الرواية منفردة وليست جزء ثاني من روايتي السابقة

اتمنى أن تحوز على اعجابكم

وإليكم توقيع الرواية


https://upload.rewity.com/uploads/157031982262291.jpg


لك أن تتوهّمَ:
أنّ المتاهاتِ أشرعةٌ ،
وبأنّ الحصى سحبٌ ممطرةْ ..

لك أن تتوهّمَ :
أنّ السرابَ نبيذٌ

وأنّ التماعاته مُسكرةْ ..


لك أن تتوهّمَ …

لكنْ :
أهذا الذي أنتَ فيهْ خرابٌ وتيهْ ؟
أم هو الوهمُ يا سيّدي .. ؟

للشاعر علي جعفر العلاّق


انتظروني الاثنين 7 اكتوبر باذن الله تعالى


روابط الفصول

المقدمة والفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر والثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر والتاسع عشر نفس الصفحة
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني و العشرون
الفصل الأخير
الخاتمة


رابط التحميل

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي











نغم 05-10-19 11:18 PM

ألف مبروك حبيبتي انبسطت كتير و انا بشوف اسمك في المنتدى ❤️❤️❤️
كل التوفيق ليكي يا رب

أميرةالدموع 05-10-19 11:24 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متابعة ليكي من روايتك السابقة قلبك وطني

موفقة دائما أن شاءالله


أميرةالدموع

blue fox 06-10-19 12:13 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

كاردينيا الغوازي 06-10-19 03:00 AM

مساء الورد


الف مبروك حبيبتي نزول روايتك بوحي الاعضاء
نورتينا



كل التألق والنجاح يا رب





https://www.alanbatnews.net/assets/20...2e85f56e2f.jpg

حلا المشاعر 06-10-19 05:01 AM

بالتوفيق مع روايتك الجديدة روايتك السابقة اكثر من رائعة

Nizar Omar 06-10-19 09:51 AM

أحلا خبر والله منتظرينك

DelicaTe BuTTerfLy 06-10-19 11:07 AM

منورة القسم بزخات يا شمووسة

الف مبرووك

هيستمتعو ببقلظ وكرنبتة

بالفارس الجميل المعذب وميس سويتي

والشيمى الحبوووب

وزياد وعهدة بجد الرحلة مع ابطالك بتكون ممتعة

ام زياد محمود 06-10-19 11:54 AM

صباح الورد علي الاخبار الحلوة
منوره القسم والمنتدي ياشموسه
واجمل رحلة مع زخات وحبايب زخات
مبروك ياجميل نزول الرواية


AdamDado 06-10-19 12:09 PM

الف مبروووك ياشموسة هتنوري انتي والزخات مستنين

م ام زياد 06-10-19 01:07 PM

الف الف مليون مبارك يا قمرايه بجد تستحقي وعقبال ما اشوفلك الورقي بقي يارب 😘 لأنك تستاهلي كل خير حقيقي
مع اني كنت متوقعه الجزء التاني من قلبك وطني بس اشطا وراك وراك في اي حاجه 😂

Omsama 06-10-19 01:51 PM

صباحك فل ياشموسه فى الانتظار

أام على 06-10-19 01:57 PM

دومتي مبدعه كالعاده ي شمس الشموس
ف انتظار المزيد والمزيد
⁦❤️⁩😘😘😘😘😘😘😘😘😘⁦❤️⁩

Shimaaantar 06-10-19 03:26 PM

الف مبروك يا شموسه .. دايما يارب ناجحه و مبدعه يا احلي شموسه

نهى على 06-10-19 04:03 PM

مبرووك نزولها على المنتدى وانا مش بمل من قراءتها لانى عاشقة لاسلوبك ورسمك للشخصيات وخلينا نتمتع معاها كمان

Shammosah 07-10-19 11:46 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نغم (المشاركة 14523945)
ألف مبروك حبيبتي انبسطت كتير و انا بشوف اسمك في المنتدى ❤️❤️❤️
كل التوفيق ليكي يا رب


تسلميلي يا نغم يارب يسعدك يا جميلة


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرةالدموع (المشاركة 14523962)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متابعة ليكي من روايتك السابقة قلبك وطني

موفقة دائما أن شاءالله


أميرةالدموع




شكرا يا امير اتمنى تعجبك ان شاء الله

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة blue fox (المشاركة 14524077)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


شكراجزيلا



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حلا المشاعر (المشاركة 14524462)
بالتوفيق مع روايتك الجديدة روايتك السابقة اكثر من رائعة




شكرا حلا تسلميلي يا رب

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nizar omar (المشاركة 14524675)
أحلا خبر والله منتظرينك


شكرا نزار عاجزة عن الشكر

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود (المشاركة 14524794)
صباح الورد علي الاخبار الحلوة
منوره القسم والمنتدي ياشموسه
واجمل رحلة مع زخات وحبايب زخات
مبروك ياجميل نزول الرواية




منور بيكي يا ايمي يا عسل

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة adamdado (المشاركة 14524828)
الف مبروووك ياشموسة هتنوري انتي والزخات مستنين




شكرا جزيلا



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد (المشاركة 14524905)
الف الف مليون مبارك يا قمرايه بجد تستحقي وعقبال ما اشوفلك الورقي بقي يارب 😘 لأنك تستاهلي كل خير حقيقي
مع اني كنت متوقعه الجزء التاني من قلبك وطني بس اشطا وراك وراك في اي حاجه 😂




حبيبتي يا لولو وحشاني



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة omsama (المشاركة 14524963)
صباحك فل ياشموسه فى الانتظار


شكرا ان سما تسلميلي يا رب



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أام على (المشاركة 14524970)
دومتي مبدعه كالعاده ي شمس الشموس
ف انتظار المزيد والمزيد
⁦❤️⁩😘😘😘😘😘😘😘😘😘⁦❤️⁩


شكرا يا ام علي كلامك اسعدني



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shimaaantar (المشاركة 14525146)
الف مبروك يا شموسه .. دايما يارب ناجحه و مبدعه يا احلي شموسه




شيمو يا عسل تسلميلي

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهى على (المشاركة 14525188)
مبرووك نزولها على المنتدى وانا مش بمل من قراءتها لانى عاشقة لاسلوبك ورسمك للشخصيات وخلينا نتمتع معاها كمان


شكرا يا نها على كلامك الحلو




Shammosah 07-10-19 11:48 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاردينيا73 (المشاركة 14524353)
مساء الورد


الف مبروك حبيبتي نزول روايتك بوحي الاعضاء
نورتينا



كل التألق والنجاح يا رب





https://www.alanbatnews.net/assets/2...2e85f56e2f.jpg




الله يبارك فيكي يا ست الكل الموضوع نور بتعليقك :elk::elk::elk:

Shammosah 07-10-19 11:49 AM

[

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة delicate butterfly (المشاركة 14524747)
منورة القسم بزخات يا شمووسة

الف مبرووك

هيستمتعو ببقلظ وكرنبتة

بالفارس الجميل المعذب وميس سويتي

والشيمى الحبوووب

وزياد وعهدة بجد الرحلة مع ابطالك بتكون ممتعة


منور بيكو يا حبيبتي يسلملي ذوقك

Shammosah 07-10-19 01:00 PM

المقدمة
 

المقدمة

انطلق صاعدا على سلم تلك البناية الجديدة التي لم يكتمل بناءها بعد .. يصارع الزمن بينما الأفكار تتوالد في رأسه يأججها قلقه .
قلقه ؟!!
بل رعبه !..
ماله هذا السلم لا ينتهي ..
هكذا حدث نفسه وهو يشتم من بين لهاثه ..

عند الطابق الأخير .. الغير مكتمل البناء .. اخترق صوت الرصاص مسامعه وقلبه في آن واحد .. ليتوقف بجمود لجزء من الثانية مرعوبا ثم يندفع إلى داخل الطابق وصوت لهاثه يغطي على صوت الحصى المتحركة تحت قدميه.

عند اقترابه من إحدى الغرف اصطدم أمام مدخلها بجسد بشري يدفعه بقوة خارجا منها ليتجاوزه بسرعة هاربا .. لكنه لم يكن همه اللحاق به قبل أن يطمئن عليهما ..فاندفع إلى الداخل ليسقط قلبه بين قدميه وتميد الأرض من تحته وهو يرى والده ملقى على الأرض غارقا في دمائه

اقترب منه بخطوات بطيئة متعثرة ذاهلا غير مستوعب ما يراه حتى في أسوأ كوابيسه .
وارتمى عليه يناديه ..
يهزه ..
يصرخ ..محاولا إيقاظه .. لكنه لم يستجب ..
سالت دموعه وهو يصرخ بلوعة " أبي .. أبي رد عليّ يا أبي أرجوك"

ملمس الدماء الساخنة اللزجة على ملابس والده جعله يرفع يديه ليحدق فيهما بمقلتين مرتعشتين وأنفاس متلاحقة ..
يحدق في الدماء ..
دماء أبيه التي أغرقت كفيه ..
بينما اندفع بعض الناس للغرفة وسط الشهقات والحوقلة والصياح باستدعاء الشرطة والإسعاف ..

لكن بالرغم من صدمته وعدم استيعابه لما يحدث وكأنه في كابوس .. استقام يتلفت حوله بلهفه.. غارزا أصابعه في شعر رأسه بعجز وكأنه يرغب في اقتلاعه ..
حاول السيطرة على ارتجاف جسده ..
وتحرك ليبحث عنه ..
وسؤال قاتل .. مرعب .. يدور في ذهنه ..
أقتلوه هو الآخر ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!.

في الوقت نفسه كانت العينان الصغيرتان اللتان تراقبان كل ما يحدث من بين شقوق ذلك الباب القديم قد أُغْلِقَتا للتو على حدقتين مرتعبتين ..
بعد أن سقط صاحبهما مغشيا عليه ..
خلف ذلك الباب المحتجز فيه .


يتبع







Shammosah 07-10-19 01:01 PM

1
 
الفصل الأول


كان كعب حذائها عاليا جدا .
تأملته كارمن وهي تقف في ركن هادئ من الحديقة هاربة من الضجيج والزحام .. وتمنت لو تستطيع أن تخلعه وتمشي بقدميها الحافيتين على العشب الرطب .. لكنها نفضت تلك الفكرة فورا عن رأسها خوفا من أن تقبض عليها والدتها شويكار هانم متلبسة بالجرم المشهود وهو خرق قواعد الإتيكيت العريقة !.


تأملت الأنوار البعيدة في هذا الوقت من المساء من خلال سور الحديقة المنخفض .. وسحبت الهواء المنعش لتملأ به صدرها علها تشحن بعضا من الطاقة لتعود مرة أخرى وتنضم للحفل ..
رفعت نظرها للسماء تتأمل النجوم اللامعة تحسدها على ذلك الهدوء والصفاء اللاتي تسبحن فيه .. متمنية لو كانت واحدة منهم .. نجمة تسبح في السماء .. تسبح في فلك سرمدي ..
فكثيرا ما شعرت بأنها تشبه تلك النجوم..
وهو شعور يحزنها لسبب تجهله.


تفحصت هاتفها لربما أرسل لها لؤي ولو حتى رسالة .. لكنها لم تجد شيئا .. فتنهدت تنوي العودة للحفل .. فتحركت برشاقة بكعب حذائها الرفيع اللامع تفرد قامتها في ذلك الفستان الذي يبرز أنوثتها متغلبة على أنين قدميها وظهرها وعلى اجهادها من التفاعل مع عدد كبير من الناس دفعة واحدة .. لترسم على وجهها ابتسامة تتقنها جيدا لتبدو أمام الأعين رائعة الجمال ..
..كما عليها أن تكون دائما ! ..


لمحت أمها شويكار هانم تقف مع إحدى الضيفات تشرح لها أمرا بملامح متباهية كعادتها .. فتقدمت نحوها تسيطر بمهارة على عضلاتها المتشنجة لتبدو في أحسن صورة أمام تلك الضيفة التي تعتزم والدتها أن تعرفها عليها كما خمنت ..


حين اقتربت كارمن صاحت شويكار مهللة " صفاء .. أعرفك على ابنتي كارمن "


ابتسمت كارمن لصفاء هانم ولمحت في عينيها الإعجاب بها فشعرت بالراحة بأن نجحت في ترك انطباعات جيدة لدى ضيفة والدتها وإلا لحزنت شويكار هانم وهي لا تحب أن تحزنها .


بعد تبادل حديث قصير مع الضيفة تخللته العديد من الكلمات الفرنسية والانجليزية ..استأذنت الأخيرة تاركة كارمن ووالدتها ترحبان بباقي الضيوف وانضمت لصاحبتها تقول وهي ترفع هاتفها أمامها " رائعة هذه الفتاة سألتقط لها صورة وأرسلها لأبن أخي فهو يبحث عن عروس .. ولن يجد أحسن منها.. إنها رائعة الجمال .. هادئة وعلى خلق ومتعلمة في افضل الجامعات الأجنبية .. وتتقن أكثر من لغة كما أخبرتني شويكار منذ قليل "
ردت صديقتها بلهجة متهكمة " رائعة لكن مُفلِسَة"


جحظت عينا صفاء بصدمة وانزلت الهاتف لتسأل صاحبتها باندهاش " من المفلسة يا سامية ؟؟؟؟"
ردت سامية بهدوء " عائلة السيوفي على وشك الإعلان عن افلاسها قريبا .. هم يتكتمون على الخبر لكني أعرفه من مصادر موثوق بها"
وضعت صفاء يدها على فمها مصعوقة فأكملت سامية " أنتِ لا تعرفين شيئا لأنك عدت منذ أيام للوطن .. لكن للأسف تلك هي الحقيقة "


نظرت صفاء حولها تتفحص تفاصيل الحفل المقام بمناسبة عيد ميلاد شويكار الشبكشي وما يتضمنه من مظاهر مكلفة ببذخ.. فأكملت سامية كلامها وكأنها قرأت أفكارها " لا يغرك ما ترينه في هذا الحفل من تكلف .. فهذه هي شويكار كما تركتيها لم تتغير .. مازالت عاشقة للمظاهر متفاخرة بأصولها العريقة وبجدها عبد الفتاح باشا الشبكشي .. وما ترينه هو محاولة أخيرة منها لإنكار ما هم مقبلون عليه .. لكن ما أعلمه من مصادري الخاصة أنه اسرع مما تتخيل شويكار نفسها "
ردت صفاء شاعرة بالحزن " لا حول ولا قوة الا بالله! .. لن تتحمل شويكار صدمة مثل هذه .. "


قالت سامية بأسف " مشاكلهم المادية بدأت قبل خمس سنوات وتراكمت الديون والقروض .. ولأنكى من ذلك أن أعداء شويكار من الوسط النسائي كثيرات "
سألت صفاء وقد تذكرت أمرا" هل مازالت تنافس ثريا الفالح؟؟!! "


لمحت سامية قبل أن ترد ثريا هانم الفالح تدخل بكامل زينتها وأناقتها من باب الحديقة متقدمة نحو صديقتها اللدود شويكار الشبكشي بمشية أرستقراطية متفاخرة فقالت سامية " وكأنها ظهرت على السيرة .. أجل مازالتا تتنافسان على كل شيء من أكبر شيء لأتفه شيء "


على بعد أمتار كانت تستقبل شويكار صديقتها اللدود ثريا الفالح .. التي حركت أنظارها بشكل متعمد تتفقد تفاصيل الحفل وابتسامة متهكمة تزين شفتيها قبل أن تقول بلهجة مجاملة " عيد ميلاد سعيد يا شوشو .. يبدو أن الحفل على مستوى عال "
ردت شويكار بزهو " شكرا يا حبيبتي .. بالطبع الحفل على مستوى عال تعرفين ذوقي جيدا .. (ومالت عليها تقول ببعض الاغاظة الغير معلنة ) حفل يليق برئيسة أكبر جمعية خيرية في البلاد "


طالعتها ثريا بنظرات ساخرة ثم قالت وهي ترفع حاجبا رُسم بشكل احترافي " لبضعة اشهر فقط عزيزتي .. فلم يبق سوى بضعة أشهر وتنتهي فترة رئاستك وبعدها ( وصمتت قليلا تناظرها ببعض الغموض وقالت ) سنرى من منا ستفوز هذه المرة "


أخفت شويكار توترها وخوفها من انحصار شعبيتها بين عضوات الجمعية بسبب الوضع المالي المتردي الذي تعانيه أسرتها مؤخرا رغم أنها تنكره أمامهم .. وقالت بعد ضحكة عصبية سريعة " دورتين متتاليتين لرئاسة الجمعية وأتطلع أن تصبح ثلاثة "
اقتربت كارمن منهما تحيي ثريا الفالح .. فطالعتها الأخيرة بنظرة متعالية استشعرتها كارمن جيدا .. لكنها سألتها بلهجة عادية تداري ضيقها " ألم يستطع لؤي الحضور معك ؟"


ردت ثريا بلهجة ذات مغزى وهي تعدل من وضع العقد الألماسي المبهر حول رقبتها والذي ارتدته خصيصا لهذا الحفل " أعتقد أنه على تواصل دائم معك .. ألم يخبرك بأنه مشغول ؟"


شعرت كارمن بالارتباك وحانت منها نظرة جانبية سريعة ناحية اليمين حيث تقف والدتها بجانبها ثم غمغمت " بلى اخبرني .. قصدت ربما غير رأيه .. ( وهمت بتركهما ) بعد اذنكما "
فردت شويكار بسرعة " بالطبع عزيزتي هما على تواصل ألم يتربيا سويا.."
تركتهما كارمن تبتعد شاعرة بالاختناق ..
تركتهما تتنافسان وتتفاخران أمام بعضهما ..
تركتهما تستعيدان مجد الأجداد القديم ..
وتتصارعان على الانتصارات الحالية والمستقبلية .


وتحركت نحو ركن هادئ من زوايا الحديقة الكبيرة لفيلا والدها .. تشحن بعضا من الطاقة من جديد .
انها ذلك الشخص الذي يفقد طاقته ويشعر بالإجهاد كلما احتك أو تعامل مع عدد كبير من البشر .. تفضل الوحدة وتشعر بالسعادة في عالمها الخاص ومحيطها الضيق وتفضل الابتعاد عن التجمعات والحفلات وما الى ذلك ..


لكن هذا للأسف عكس ما تريده والدتها .. المحبة للأضواء .. والتي تزداد طاقة بالتعامل مع الناس .. لذا لا تتوقف عن انتقادها وتوبيخها شاعرة بالإحباط من أن تكون ابنة شويكار الشبكشي وعاصم السيوفي منغلقة.. متحفظة .. تكره التجمعات والحفلات .. وتفضل جلسة هادئة في البيت و يا حبذا في غرفتها .. دائرة أمانها الوحيدة .. وسط كتبها واقراصها المدمجة وعالمها الخاص ..


لكنها ككارمن تحسنت مهاراتها الاجتماعية كثيرا بعد أن بذلت مجهودا لتخفي ذلك الشخص المنطوي العاشق للوحدة حتى تُسعد والدتها.. فيكفيها أنها لم تكن أبدا تلك الابنة التي تمنتها والدتها وترقى لطموحها ..
إنها تحتاج للابتعاد لتنزوي في ركن هادئ تتنفس قليلا ثم تعود ترسم الابتسامة على وجهها من جديد ..


طالعت النجوم في السماء مجددا وفتحت هاتفها لتسمع بعضا من الموسيقى الهادئة متمنية أن تنتهي الساعتين الباقيتين من الحفل سريعا حتى تعود لغرفتها .. فتحظى بحمام ساخن يفكك عضلاتها المتشنجة وخاصة قدميها .. وترتدي ملابس قطنية ناعمة ومرنة وفضفاضة .. ثم تغوص في سريرها .


بعد ثوان اخترق صوت مواء قطة انغام الموسيقى الهادئة في أذنيها فنزعت السماعات لتتأكد من أنها تسمع صوت قطة صغيرة .. فحركت أنظارها في الحديقة ذات السور المنخفض لكنها لم تجد شيئا .. لتخرج من بوابة الفيلا بخطواتها الرشيقة محدثة صوت طقطقة بكعب حذائها الرفيع على أسفلت الشارع وهي تستدير حول سور الفيلا مائلة بجذعها تحدق في الأرض .. حتى وجدتها .. صغيرة منكوشة وجائعة .


تملكت الشفقة قلب كارمن نحو القطة الصغيرة ولملمت فستانها لتجلس على عقبيها تتأملها بتعاطف .. ولم تلحظ تلك السيارة ذات الزجاج الأسود التي ترابط منذ مدة على بعد أمتار من فيلا والدها .


استقامت كارمن وتحركت لداخل الفيلا تخترق الجموع وتحي هذا وتلك بابتسامة مجاملة حتى دخلت لمبنى الفيلا الداخلي متجهة نحو المطبخ .. لتخرج بعد دقائق من البوابة إلى تلك البقعة التي تنكمش فيها القطة وعادت لتجلس على عقبيها مجددا واضعة أمامها صحنا من الحليب .. وأخذت تراقبها بحنان وهي تلعقه بجوع فغمغمت بلهجة رقيقة " اشربي يا حلوتي .. ما أجملك !.. اشربي الحليب ولا تخبري شويكار هانم بأني اقتربت من قطة شوارع وإلا لحصلت على التوبيخ المتين "
من خلف النافذة في السيارة الرابطة بالقرب منها راقبها في جلستها أمام القطة.. وراقب حركتها المتكررة وهي ترفع شعرها الناعم من على وجهها إلى خلف أذنيها لكنه يأبى أن يبقى ليعود لينسدل مجددا على وجهها المائل تحدق بما خمنه من هذا البعد بأنها قطة .. ثم نظر للهاتف في يده الخشنة مترددا هل يضغط على زر الأرسال أم لا .


بعد دقيقة اهتز هاتف كارمن في يدها منبها فتركت مراقبة القطة لتنظر فيه.. ثم تغيرت ملامحها للصدمة.. واستقامت تحدق في الهاتف بعدم استيعاب لبعض الدقائق وتحرك صورا أمامها بإصبعها تطالعها مصعوقة .. ليهتز الهاتف مرة أخرى وتجد رسالة أخرى تحتوي على عنوان .. فلم تشعر بنفسها إلا وهي تتجه نحو الداخل لتعود بعد دقيقة تحمل حقيبة يدها وتسرع الخطى بخطوات عصبية يصدرها كعب حذائها الرفيع حتى وصلت لأول الشارع وأوقفت سيارة أجرة .


في السيارة ذات الزجاج الأسود تكلم أحدهم من المقعد الامامي بجوار السائق موجها الحديث للمقعد الخلفي قائلا " هل نذهب وراءها فارس باشا ؟ "
رد فارس بصوت رخيم غامض " أجل "
ثم حدق مجددا بهاتفه ليقبض عليه بقوة كادت أن تحطمه بينما انطلقت سيارته تتبع سيارة الأجرة التي استقلتها كارمن .




××××




يتبع







Shammosah 07-10-19 01:02 PM

2
 


طرقت على باب شقته الخاصة بتوتر وإلحاح .. فما وصلها من صورله على هاتفها مع إحدى الفتيات في أوضاع جريئة ومقززة في مكان يبدو كملهى ليلي صدمها .. لكن الرسالة الثانية التي أتت من نفس الرقم المجهول الذي بعث لها بالصور كانت تحتوي على عنوان فخمنت أنها شقته .. فهي كانت تعلم جيدا أنه يملك شقة خاصة في هذه المنطقة رغم أنه لا يزال يعيش في فيلا والده صفوت عَظَمَة .. وكثيرا ما ألح عليها لأن تقابله في هذه الشقة وهو يخبرها بأشواقه لكنها لم تطاوعه أبدا .. وكانت تخبره دائما أنها لن تدخل هذه الشقة إلا وهي عروس .. ورسمت الأحلام والأمنيات بأنها ستكون قريبا من ساكني هذا الحي الراقي في العاصمة .. حيا يليق بابنة عاصم السيوفي وابن صفوت عظمة .. رغم أنهما لم يعلنا خطبتهما رسميا حتى الآن بالرغم من معرفة الأسرتين والأصدقاء أنهما على علاقة عاطفية ..
لكن لم يكن في حسبانها أبدا أنها ستدخل الشقة لأول مرة لتبحث عنه بعد أن وصلتها تلك الصور المقززة .


وضعت يدها على العين السحرية في الباب لتجبره على أن يفتح إن كان موجودا بالشقة دون أن يعلم بحضورها .. وهو بالفعل ما حدث خلال الثواني التالية ليفتح لؤي بانزعاج شاتما ذلك الذي يلح على الباب .. ثم وقف متسمرا يحدق فيها بعينين متسعتين ..


لاحظت فانلته التي يرتديها بوضع عكسي فحدقت فيه بصدمة وهو يقول بارتباك " كارمن .. روحي .. من ؟ .. ماذا أتى بك إلى هنا ؟!!!!"
تقدمت للداخل بهدوء رغم صخب قلبها الذي يضرب في صدرها بجنون تقاوم ارتعاش جسدها وقالت بصوت مبحوح " ألم تلح عليّ كثيرا لأن أزورك في هذه الشقة ؟!! "
قال لؤي بارتباك " الآن !! .. ( وتحرك نحوها يسحبها من مرفقها للخارج وهو يقول ) دعينا نذهب لمكان عام فأنا لا أضمن رد فعلي ونحن وحدنا وستغضبين مني كثيرا "
سحبت مرفقها من يده بعصبية وصرخت بصوتها الرفيع "لا تلمسني يا لؤي لا تلمسني "


واندفعت للداخل نحو غرفة النوم تقتحمها وجسدها يختض من الانفعال .. لتجد فتاة نصف عارية كانت تحاول ارتداء ملابسها بسرعة .. فتجمد المشهد دون حركة لثوان تناظر الفتاة بذهول غير مصدقة ما تراه .


اقترب لؤي يقول بارتباك " كارمن .. دعيني أشرح لك"
استدارت تحدق فيه بعينين متسعتين قائلة " وهل ستجد مبررا لما رأيته الآن !!"
لم تنتظر رده بل تحركت مغادرة بسرعة تشعر بالألم يمزق صدرها .. هاربة من لؤي الذي يحاول اللحاق بها لكنه وجد نفسه حافيا فعاد لشقته ليرتدي شبشب المنزل .. أما هي فلم تصبر على استدعاء المصعد واندفعت نحو السلم تطرق بكعبيها الرفيعين على الدرجات الرخامية فكادت أن تنكب على وجهها عدة مرات .


خلال الرحلة نزولا على السلم مر بها عمرها الذي مضى معه .. لؤي الفتى الصغير وزميل الدراسة والرحلات والعطلات وزميل النادي وسنوات المراهقة .. فالحياة التي جمعت بين أميهما متنافستان جمعت بينهما صديقان ثم حبيبان متفقان على الزواج .. لكنه اتفاق طالت مدته ولم تفهم أبدا سببه و لم تناقشه يوما في هذا الشأن رغم إلحاح والدتها التي ترغب في الفوز على ثريا في إحدى الجولات بأن يتزوج ابنها من ابنتها ..
كان لؤي دائما يتحجج بالمشاكل التي كانت بينه وبين أبيه وبأن الوقت لم يحن بعد لارتباطهما .. وهي ككارمن لم تكن متلهفة على الابتعاد عن عائلتها .. هذا بالإضافة للظروف المالية المتردية التي تعانيها العائلة منذ خمس سنوات بعد أن خسر والدها مبلغا كبيرا في المضاربة في البورصة تراكمت عليه بعدها الديون والقروض .. فأشفقت على والدها تكاليف الزواج التي بالطبع لابد وأن تكون باهظة الثمن حتى ترضي ثريا الفالح والمجتمع المخملي وترضي أيضا كبرياء شويكار الشبكشي .
وحدها والدتها التي كانت متلهفة لهذا الارتباط .. تلح عليها متهمة إياها بأنها فشلت في أن تشعل قلبه بعاطفة تجعله يسرع للارتباط بها ..


رباه بماذا ستتهمها شويكار الشبكشي الآن !! .


أهناك وصفا أسوأ من (فاشلة ) ستنعتها به !!


وقفت كارمن بجوار الحائط أسفل البناية تنهت من فرط التعب والانفعال .. شاعرة بآلام مبرحة في قدميها .. فلم تستطع الوقوف ونزلت وهي تلملم فستانها الأنيق حول ساقيها وتجلس على عقبيها تحضن ركبتيها في الشارع .. يسترها ظلام الليل وسكونه .. وشعرها الناعم الذي يغطي وجهها .. فلم يظهر لمن يراقبونها من السيارة ذات النوافذ الداكنة إن كانت تبكي أم لا ..
هتف الذي يجلس في مقعد السائق قائلا بشفقة " يبدو أنها رأت كل شيء وكشفت ما يفعله ذلك الخائن من خلف ظهرها"
قال الشخص الآخر الجالس بجواره موجها السؤال لفارس في المقعد الخلفي بنبرة متعاطفة " هل أنزل إليها يا فارس باشا وأساعدها في إيقاف سيارة أجرة؟"


ساد الصمت لبضع ثوان ليأتي بعدها صوت فارس الرخيم يقول بهدوء وهو يشير بيده آمرا " بل تحرك لنعود للمنزل "
فتحركت السيارة على الفور والرجلان في المقعدين الأماميين ينظران لبعضهما .. لتمر السيارة من أمام كارمن فتطلع إليها فارس بملامح جامدة عبر النافذة وهي على نفس الوضع قبل أن تبتعد صورتها عن ناظريه .


××××


دخلت كارمن بعد أقل من ساعة من باب الفيلا الخلفي متجنبة صخب الحفل الذي لا يزال مقاما بالخارج .. في حالة يرثى لها لا ترغب سوى بالهرب لغرفتها منطقتها الآمنة وقد أغلقت الهاتف بسبب إلحاح لؤي عليه ..


عند درجات السلم جاءها صوت والدها من مكتبه يتحدث مع بعض الأشخاص لكن ما استوقفها رغم الحالة السيئة التي كانت عليها هو صوته الذي بدا متألما وهو يقول " يا جمال بك أنا مستعد لأن أوقع على ضمانات للبنك بأي فائدة ربحية المهم أن امنع هذا القرار أرجوك (صمت قليلا فتحركت كارمن تنزل من السلم وتقترب من غرفة مكتب والدها لتسمعه يقول ) جمال بك أنا أدرك كل ما تقوله لكن ( واختنق صوته فشعرت كارمن بالاختناق بالتبعية ليكمل والدها ) نحن أصحاب منذ زمن ولن يرضيك أن أدخل السجن في هذا العمر "


ازدادت ضربات قلب كارمن وهي تسمع كلمة (السجن ) فحبست أنفاسها تحاول السيطرة على ارتجاف جسدها غير مصدقة أن أصبح الأمر بهذه الخطورة .. إنهم يعانون منذ سنوات من أزمة مالية حادة فشل والدها في تخطيها خاصة مع صحته المتردية وحالة قلبه المريض .. وفشلت هي في أن تحمل معه عبء شركته فهي لا تستوعب أمور المال والحسابات وما إلى ذلك ..
وهذا فشل آخر يضاف لها كابنة وكإنسانة لم تمنح والداها ما يسعدهما بوجودها في حياتهم كابنة وحيدة .. فازدادت حياتهم صعوبة بل أصبحت غاية في السوء ماديا رغم الجهود التي تقوم بها والدتها للتعتيم حتى لا ينفضح أمر العائلة ..
وكم تمنت أن يبادر صفوت عظمة والد لؤي بالمساعدة بأي شيء في محنتهم لكنه لم يحدث .


استفاقت من شرودها على صوت محامي العائلة يقول لوالدها الذي أنهى المكالمة " علينا إيجاد طريقة لسداد أي مبلغ للبنك حتى يؤخر الحجز على الممتلكات .. واقترح أن تعرض هذه الفيلا للبيع أو الرهن علها توفر بعضا من السيولة المالية قبل أن يصدر قرار رسمي بالحجز على ممتلكاتك "


جحظت عينا كارمن خارج الغرفة غير مصدقة أنه من الممكن أن يبيعوا الفيلا التي كانت قصرا يوما من الأيام لأجدادها .. بينما تجول عاصم السيوفي بناظريه يتأمل غرفة والده وأجداده وما شهدته من تاريخ لأجيال لتتحول الغصة في حلقه إلى ألم حارق مبرح في صدره جعله يئن متأوها وهو يميل بجذعه على مكتبه .. فهتف المحامي بجزع " عاصم بك !!!!!!"


سقط عاصم السيوفي مغشيا عليه فاطلقت كارمن صرخة ملتاعة
" أبييييييييييييييييييييييي ييييي !!!!!!!"
××××


يتبع

Shammosah 07-10-19 01:02 PM

3
 
بعد شهرين :




كانت السماء تمطر بالحصى !
لكنه لم يكن مهتما وهو يطارد ذلك الظل على واجهات المنازل القديمة في ذلك الحي الشعبي الذي كان يقطن فيه حتى بضع سنوات مضت ..
ظل يطارده بإصرار عجيب.. متجاهلا الصور التي تلاحقه على واجهات تلك المنازل تعيد له ما مر به في حياته الصعبة المجهدة ..فكل ما يريده هو الإمساك بذلك الظل الذي قلب حياته رأسا على عقب .
يدخل في حارات الحي القديم...
ويخرج من حارات أخرى ..
ليجد نفسه قد عاد لنفس النقطة !.
لكنه لم ييأس.. مستمرا في الركض ورائه بينما الآخر يفلت منه من جديد ..
يختفي ..
ويهرب ليلاعبه ..
بينما صوت ضحكاته المرعبة تسخر منه ..
تستفزه ..
تغيظه .. وتصم أذنيه ...


ليكتشف فجأة أنه يقف على مركب .. بإصرار منه لمطاردة ذلك الظل لكنه التفت يبحث عنهم ليجدهم على الشاطئ هناك .. وصورتهم تبتعد عنه أكثر فأكثر .. يصيحون بصيحات لا يفهمها ويشيرون له بالعودة ..


كانت أمه تجلس على الرمل تولول ورأى فريدة أخته الصغرى في عمر الأربع سنوات غارقة في دموعها ويونس أخاه الأصغر وكأنه في الثامنة من عمره يناديه ..


وهي ..
هي أيضا كانت معهم..
يستطيع أن يرى ملامحها جيدا رغم المسافة .. ورغم أن المركب كانت تبتعد ..
تجلس على عقبيها تحتضن ركبتيها ..
وتصرخ..
أكانت تناديه ؟!!!
حاول أن يرهف سمعه ..
ماذا تقول؟؟ ..
بمَ تصيح ؟؟ ..
هل تناديه فعلا ؟!!!
نظر للمركب التي يقف عليها تبعده أكثر فأكثر ..
وتطلع في الماء أمامه ..
متسائلا في نفسه " هل يقفز في الماء ؟!!"


لكن الأجراس انفجرت في رأسه فجأة ليشهق فاتحا عينيه يحدق في السقف لثوان قبل أن يدرك أنه في غرفته وفي سريره.
وظلت تضرب في رأسه بإصرار فالتفت ليمد ذراعه ويلتقط الهاتف مجيبا على هذا الاتصال الملح بصوت صلب أجش " نعم....... هل أنت متأكد ؟ ..( اعتدل على السرير وبدل الهاتف ليده الأخرى قائلا باهتمام) حسنا لا تتحرك قبل أن آتي "


أغلق الخط ليقفز من سريره متجها لحمامه الخاص .. ثم يعود بعد دقائق يلف المنشفة حول خصره ليرتدي ملابسه على عجل وهو يحدق في انعكاس صورته في المرآه ويغطي بملابسه الثمينة ذلك الوشم الكبير المرسوم على كتفه الأيسر بطول ذراعه العضلي .. والذي لا تحب والدته أن تراه أبدا .. بينما ذهنه مشغول بتلك المكالمة التي تلقاها منذ قليل.. متسائلا .. هل سيعترف ذلك الرجل الذي أمسكوا به عن مكان الشماع ؟.
أيستطيع أن يطمئن نفسه أنه قد اقترب بالفعل من تحقيقانتقامه من قاتل أبيه ؟؟!


××××××


اقتحم المستودع يبحث عنهم حاملا فوق ظهره الذخيرة وفي يده مدفع أر بي جي ..
كان المكان قديما مهجورا ولا يوحي بوجود أحد لكنه بخبرته يعلم أن هناك من يختبئون .. ليأتيه صوت زميله (الدرفيل) يقول في أذنه
" يا بني آدم أين أنت ؟"


فرد عليه وهو مستمر في البحث وقلب الكراكيب القديمة بساقه " أنا في المستودع الموجود بالمنطقة إكس .. ابحث عمن أقتله أشعر بأني قد اشتقت لاصطياد الأغبياء".


فجأة سمع صوت طرقعة ليجد نفسه قد دعس على فخ بدائي والذي التف حول قدمه في جزء من الثانية ليرتفع في الهواء ويعلق من قدميه رأسا على عقب .. فشتم شتيمة وقحة ثم اطلق استغاثة ليقول له الدرفيل " بُقّلُظ ! .. ماذا حدث يا بُقّلُظ ؟؟ ..رد يا غبي !"


تكلم بُقّلُظ صارخا " اصطادوني الكلاب .."
قال الدرفيل "أنا قادم إليك حالا.."


بعد ثوان اقتحم الدرفيل المكان بهيئة لا تمت لاسمه بصلة فقد كان يرتدي زيا كالقناصة .. ويربط عصابة فوق رأسه .. ودخلت خلفه فتاة شقراء بشعر طويل بشكل مبالغ فيه.. ترتدي ملابس عارية مكونة من صدرية وشورت .. وبمجرد دخولهما صرخ بُقّلُظ
" انقذاني يا أوباش .. اشعر بهم قادمون "
حاول الدرفيل التصويب على الحبل المعلق به لكنه لم يفلح فأخذ يعيد التصويب
بينما اقتحم عليهم المستودع فجأة ثلاث شخصيات وقال أحدهم بالألمانية "انتم الثلاثة معا يا مرحبا ! "


رد عليه بقلظ بالألمانية بطلاقة" لا تشعر بالفخر إلى هذه الدرجة وارينا مدى قوتك"


التحم الدرفيل مع المهاجمين وهو يصرخ بالعربية موجها الحديث لبقلظ " أنت تستفزهم تحت أي بند اخبرني ؟!! ونحن اثنان فقط وأنت معلق كميدالية المفاتيح !! "
ثم التفت للفتاة الي كانت تصوب نحو الحبل المعلق به بقلظ بتصميم لتقطعه فصرخ فيها الدرفيل " انستازيا ! .. هل هذا وقته !! أنا اتعرض للهجوم يا غبية"
ردت عليه ببرود " سنستطيع محاربتهم والفوز عليهم لو كنا ثلاثة.."


بعد دقائق كانت المعركة لا تزال مشتعلة وقد اضطرت انستازيا للالتحام مع المهاجمين وترك بقلظ معلقا كما هو لكن الوضع كان سيئا بينما يصرخ فيهم بقلظ " كنت اعلم اني لن استطيع الاعتماد عليكما .. سنخسر جميعا هذه الجولة يا أوباش "
تكلم أحد المهاجمين بالألمانية متهكما " لا افهم شيئا منكم يا عرب لكن التوتر واضح في نبرات أصواتكم"


شتمه بقلظ بالألمانية .. فصرخ الدرفيل معترضا " سأقتلك يا يونس .. سأنتهي منهم وأقتلك .. أنت تستفزهم وأنا مطحون وذخيرتي أوشكت على النفاذ "


نزع يونس من أذنه سماعة صغيرة مثبت بها ميكروفون وألقى بها على السرير حيث كان يجلس أمام حاسوبه المحمول يلعب إحدى ألعاب المحاكاة الشهيرة .. ثم استقام متجها ناحية أحدى حوائط الغرفة وضرب عليها بكفه صارخا لزميله في الغرفة المجاورة" استسلم يا بني انتهى أمرنا .. كنت أعلم أنكما فاشلان "


جاءه صوت زياد من الغرفة الأخرى " هل تركتنا يا نذل لنحارب أنا وانستازيا وحدنا !!"


لم يرد عليه يونس وإنما عاد لسريره يبرطم وهو يتفقد هاتفه ليسمع صوت زياد وهو يصرخ في زميلتهما في اللعبة (عهد ) التي تلعب بشخصية انستازيا يطالبها بالهجوم من الجهة الأخرى .. فوضع يونس يده على أذنه منزعجاً من صراخ زياد انفعالا مع اللعبة وفتح مشغل الأغاني على هاتفه ليشغل أغنية شعبية عالية الصوت لتغطي على صراخ زياد الذي ازداد غيظه حين سمع الأغنية فشتمه بصوت عال .. بينما يونس يحرك ذراعيه راقصا بمطواه وهمية في جلسته على السرير وهو يتفقد بريده الالكتروني .


الدنيا زي المرجيحة
يوم تحت وفوق
في خلق عايشة ومرتاحة
وفيها ناس مش فوق
وانا ماشي بتمرجح فيها
من تحت لفــــــــوق
لفوق .. لفوق


في اللعبة وخارج المستودع اقتربت طائرة هليكوبتر من المكان ليقفز منها شخص ما في الهواء بجسارة ثم تنتفخ فوقه مظلة هوائية لينزل على الأرض ثم يستقيم برشاقة مرتديا زيا اسود وملثم فلم تظهر ملامحه سوى عيناه وتوجه نحو المستودع .
ليقتحم ذلك الملثم المكان بعد ثوان بقوة .. فتطلع يونس في حاسوبه الشخصي باندهاش متسائلا وهو يقرأ هوية المقتحم مكتوبة بالحروف اللاتينية (كُرنّبَة ) ..فرفع حاجبه مندهشا وأسرع بإغلاق الأغنية ووضع السماعة في أذنه مجددا ليقول لزياد وعهد شريكاه في اللعبة عبر الميكروفون المثبت بجوار فمه" هل قبلتما أحدا؟"


جاءه صوت عهد ( انستازيا ) في أذنه وقد امسك بها المهاجمون تقول" أنا لم اقبل احدا "
بينما قال زياد وهو يتحكم في الدرفيل " أنا قبلت"
صرخ يونس باستنكار " قبلت من يا بني انطق ؟؟ من هو كرنبة هذا؟!"


لم يرد عليه زياد منشغلا بمحاربة المهاجمين بتبادل اطلاق نار بينما اخرج كرنبة مدفعا ثقيلا وصوبه نحو احد المهاجمين فارداه قتيلا بتصويبة متقنة فصاح زياد بفرح " عاش يا وحش"
بينما زفرت عهد بعد أن اصيبت انستازيا واستلقت على أرض المستودع ..


أما يونس فجز على أسنانه وقد علم هوية تلك الـ كُرُنّبَة فشتم مغمغما
" فريدة"


صرخ زياد عبر السماعات وهو يراها تصوب بجسارة وتقلب ميزان القوى " فريدة يا بنت سعد الدين عاش يا وحش عاش"


تمتم يونس بامتعاض " كُرُنّبَة !!! .. ما هذا الاسم السخيف !! .. ليس لديها أي مخيلة أبدا.. إنه عشم ابليس في دخول الجنة بينما ساقيها في الحقيقة بحجم ساق كرسي المقهى !!"


فجأة وقع بُقّلُظ على الأرض بعد أن صوبت كُرُنّبة على الحبل المعلق به تصويبة دقيقة .. فاغتاظ يونس أكثر لكنه استعاد تحكمه في بقلظ واستقام يلتحم مع المهاجم الذي التحمت معه كرنبة ..


في خلال دقائق كانوا قد سيطروا على الوضع وكسبوا الجولة وسط شتائم بالألمانية من الفريق الآخر .. فتحرك الدرفيل يفك وثاق انستازيا ثم وقف يرقص منتشيا بالنصر .. لتزيح كرنبة ذات القوام الرشيق اللثام عن وجهها وتقف أمام الدرفيل ترقص ( تشا تشا ) في اللعبة ..


استشاط يونس غضبا وصرخ في فريدة عبر السماعات " ما الذي جعلك تدخلين اللعبة يا فريدة لا أفهم ؟!! "
استدارت كرنبة لبقلظ في اللعبة ووقفت متكتفة ليأتيهم صوت فريدة الناعم تقول" ما المشكلة؟ .. أهذه كلمة (شكرا لك على انقاذي )؟"


اقتربت انستازيا ليأتيهم صوت عهد تقول ببرود" كنا نستطيع السيطرة على الوضع بدون تدخلك"
قال يونس بغيظ " اسكتي يا عهد"


فتحرك الدرفيل ليشد انستازيا ويخرجا من المستودع بينما وقفت كرنبة تواجه بقلظ بتحدي وفريدة تصرخ في الميكروفون
" أتعلم .. انا المخطئة بإنقاذك .. كان عليّ أن اتركهم ليهزموك ويقطعوك قطعا صغيرة ثم يطعموك للإوز "
رد يونس بامتعاض " يطعموني للإوز !! .. ستظلين بألفاظ الحواري الشعبية مهما سكنتِ الفيلات يا بنت سعد الدين "


سحبت كرنبة مدفعها وصوبت ناحيته
فقفز بقلظ بسرعة من أمامها ليختبئ خلف أحد البراميل..
فتحركت عينا فريدة السوداوان الجميلتان تمسحان المكان عبر شاشة حاسوبها المحمول أمامها وهي تسمع صوت ضحكات يونس العالية المستفزة عبر السماعة في أذنها فتمتمت بغيظ
" مستفز .. حتى عبر القارات والبحار التي تفصلنا لا يزال قادرا على استفزازي .. كان عليّ أن أتركه يموت دون انقاذ"
تحكمت فريدة في اللعبة فوجهت كرنبة مدفعها الثقيل نحو البرميل الذي يختبئ خلفه بقلظ لكنها رفعت المدفع فجأة وصوبت فوقه مباشرة نحو شيء ما في سقف المستودع لتنزل زنزانة حديدية كانت معلقة في السقف فوق بقلظ والبرميل المختبئ خلفه.


فشتم يونس ثم راقب كرنبة أمامه على الشاشة محاولا استيعاب ماذا ستفعل به ليصرخ بعدها باستنكار " ماذا ستفعلين يا مجنونة؟؟!!"


لم ترد فريدة بينما كانت كرنبة توزع قنابل حول الزنزانة الحديدة وبقلظ يضرب على قضبان الزنزانة يحاول الخروج
صرخ يونس عبر السماعة " ماذا تفعلين يا متخلفة؟؟؟!!! هل ستقتلين زميل في فريقك؟!! "


جاء صوت فريدة يقول ببرود بينما كرنبة أمامه على الشاشة تقوم بإخفاء وجهها بالوشاح الأسود " الآن اصبحت زميلتك !! ومن فريقك ؟!! الوداع يا زميل" .


تحركت كرنبة تخرج من المستودع بينما يونس يصرخ بهلع "فريدااااااااه"




بخطوات شامخة وقامة ممشوقة متشحة بالسواد خرجت كرنبة من المستودع وفريدة تضغط على أزرار لوحة المفاتيح.. وفي خلال ثوان كان المستودع قد انفجر خلفها محدثا دويا عاليا وتشكل خلفها انفجارا مخيفا وألسنة عظيمة من اللهب ..


نزع يونس السماعة المثبتة على أذنه بغيظ وألقى بها على السرير لا يعلم أن فريدة التي تبعد عنه آلاف الأميال قد ألقت بنفسها على السرير منفجرة في الضحك وشعرها البني الداكن يتدلى من حافته.. ترتدي منامة قطنية مكونة من بنطال قصير حتى الركبة وبلوزة بنصف كم منقوشة بصورة أميرة من أميرات ديزني ..
ثم اعتدلت فجأة وقد لمعت عيناها بالمزيد من المكر لتأخذ صورة للمشهد الأخيرة في اللعبة لشخصية كرنبة التي تلعب بها وهي خارجة من المستودع والنيران مشتعلة في الخلفية .. ورفعت الصورة على الفيسبوك مشيرة ليونس سعد الدين فيها .. وكتبت تحتها


"ألف لا بأس عليك يا زميل .. إذا أردت أن أخبرك باسم مرهما للحروق اخبرني .. لكن عليك بلملمة اشلاءك أولا.. (وجه يقهقه ) ".


في نفس اللحظة في ألمانيا وبالتحديد في الشقة الصغيرة ذات الغرفتين التي يسكن فيها يونس وزياد دخل الأخير إلى غرفة يونس غير قادر على السيطرة علي هيستيريا الضحك .. فطالعه يونس بعينين تطلقان شررا ليعدل زياد نظارته ذات الإطارات الأنيقة ويقول من بين ضحكاته
" يا الهي! .. لا أصدق .. فريدة سحقتك .. تستحق أكثر من هذا .. لا افهم لمَ تناكفها دائما وتستفزها ؟ .. إنها لاعبة ممتازة"


اطبق يونس حاسوبه المحمول يغلقه بعنف وهتف بغيظ
" لا تدخلها معنا مرة أخرى .. هل فهمت ؟؟ "
قهقه زياد وهو يضرب كفا بكف قائلا" أنت مجنون اقسم بالله"
بعد دقائق قال زياد وهو يتأمل الغرفة بقرف " ألن ترتب هذه الفوضى؟"


رد عليه يونس ببرود " ما المناسبة ؟"
اتسعت عينا زياد ورد مستنكرا " المناسبة أننا اليوم عطلة أخيرا بعد وقت طويل من السحل في الدراسة"


قال يونس وهو يلتقط المنشفة ليستعد لدخول الحمام " اترك غرفتي وشأنها .. كما أنني متعجل وعلي أن ألحق بموعد هام"


ضيق زياد عينيه مفكرا وهو يتأمل ذلك الشبشب الخفيف ذا الإصبع الواحد الذي يرتديه يونس فبدا أمامه بالشورت وجذعه العضلي العاري وذلك الشبشب وكأنه في الحارة الشعبية ذاهبا لشراء طبق فول وليس في العاصمة الألمانية برلين .. ثم قال متسائلا " أي موعد هذا هل ستقابل كلاوديا؟"
راوغه يونس "هذا ليس من شأنك ؟"


انزل زياد نظراته أرضا لثوان ثم رفعها يقول" لا تخبر عهد إذن فقد كانت متلهفة لخروجنا جميعا والذهاب للسينما وزيارة المول الكبير"
رد يونس وهو يحضّر ملابس الخروج "اذهبا .. وسألحق بكما"
قال زياد بإصرار" لا تخبرها انك ستقابل كلاوديا "
رد يونس بلامبالاة " لماذا؟"
جز زياد على أسنانه وقال" لا تخبرها فقط"


مط يونس شفتيه بامتعاض وتجاوزه يخرج من الغرفة قاصدا الحمام فاطرق زياد برأسه قليلا ثم تحرك يخرج من الغرفة ويقف عند باب الحمام واضعا يديه في جيبي بنطاله ويقول بصوت عالي وهو يسمع صوت تدفق الماء
" يونس .. أنا مضطر للعودة للوطن .."


صرخ يونس من الداخل " لمَ هذا القرار المفاجئ؟؟!!!!"


اطرق زياد برأسه وقال " أبي اتصل بي أمس مستاءً جدا .. يشعر أن سفري قد طال .. وحجتي بالدراسة انتهت الآن باعتبارنا قد انتهينا منها أخيرا وحصلنا على الماجستير الذي لم يكن مقتنعا بسفري للحصول عليه كما تعلم .. وفشلت في اقناعه في أن ابقى لبعض الوقت معك (واكمل مصححا بخفوت) معكما"


ساد الصمت لبضع دقائق قبل أن يكسره صوت باب الحمام يُفتح ليخرج منه يونس يلف خصره بمنشفة ويقول وقطرات الماء تتساقط من شعره " لا أفهم لمَ يصر عليك والداك في العودة فهما غير مستقران في الوطن وإنما في دولة عربية أخرى ويتركونك في الوطن وحيدا"


رد زياد بهدوء وهو مطرق الرأس "لكن مكتب الاستيراد والتصدير عليّ أن أباشره بنفسي يكفيني ثلاث سنوات أتابعه عن بُعد .. لقد تأثر حجم اشغال المكتب بالفعل بسبب عدم وجودي بنفسي للإشراف عليه ..وآلمني حديث أبي أمس وهو يشعرني بخيبة أمله فيّ "


مط يونس شفتيه بغير رضا وقال وهو يتركه ليدخل الغرفة مرة أخرى "افعل ما تريد"


صرخ زياد فجأة بغيظ "يا بني آدم بللت الأرضية (ورفع اصبعه يقول بتهديد) اسمع أنا لست خادمك ولن أمسح خلفك الأرضية ككل مرة"
رد يونس ببرود "اتركها إذن"
جز زيادة على أسنانه وحاول تجاهل منظر قطرات الماء الملطخة للأرضية ليذهب خلفه قائلا " ما رأيك أن نعود ثلاثتنا للوطن معا ؟"


قال يونس وهو يرتدي ملابسه " أنا لا أنوي العودة الآن "
تكلم زياد باستغراب " احترت في أمرك والله .. ترفض العودة رغم أنك شديد التعلق بعائلتك .. أنا أشعر أنهم هنا معك في برلين وليس في الوطن من كثرة الاتصالات والاحاديث بينكم يوميا "


رد يونس ببساطة " لا يوجد سبب سوى أني أنوي الحصول على الدكتوراه أيضا لأكون أصغر الحاصلين عليها "
تنهد زياد وقال وهو يخرج هاتفه الذي يهتز بتنبيه في جيبه " لقد حصلت على الماجستير للتو يا فتى اهدأ قليلا "
تمتم يونس وهو يرش بعضا من العطر " الفرصة متاحة لمَ أضيعها؟ "


رد زياد بغيظ" بل هي رغبتك في الهروب يا يونس .. عليك أن تستسلم وتواجه الامر وتجد له مخرجا "
لثوان ارتعشت عضلة في فك يونس وتوقف عما يقوم به لكنه استعاد قناعه اللامبالي ليقول ببرود " لا أفهم علام تتكلم ومما أهرب !! "


ثم تأمل هيئته في المرآه معجبا بها .. يرتدي بنطالا من الجينز الأزرق وكنزة تلائم لسعة الخريف ورتب شعره الناعم المموج للخلف ليأتيه صوت زياد الذي يواجهه في المرآه " أنت غبي.. وعنيد وتموت ببطء يا يونس .. وما تنتظره أن يحدث سيفتت قلبك .. سيسحقه أكثر مما هو مفتت .. وقتها لن تشفى من وجعك بل ستموت .. صدقني هذا الشعور قاتل"


ارتعش قلب يونس ارتعاشة تدفق الألم في أوردته .. لكنه احتفظ بوجهه الساخر وقال متهكما " أسلوب رخيص لإقناعي بالعودة معك لكني أحفظ كل وسائلك أيها السيد المتحذلق "
انفجر فجأة زياد في الضحك فاستدار له يونس يرفع حاجبا مستفهما ليجده ينظر في هاتفه غير قادر على التوقف عن الضحك .. فضيق يونس عينيه مقتربا منه ليقول زياد من بين ضحكاته
" فريدة تكسب بنتيجة 2:0 "


كشر يونس فأشار زياد للهاتف وقال وهو يغمز مغادرا الغرفة " انظر لصفحتك على الفيسبوك "


أسرع يونس لهاتفه ليجد صورة الشخصية التي تلعب بها فريدة (كرنبة) وألسنة اللهب والدمار في الخلفية في منشور على صفحته وعدد كبير من الضحكات والتفاعل من أصدقائهم المشتركين في الوطن .. فانهالت التعليقات المتهكمة على يونس والمشجعة لفريدة .. ليجز يونس على أسنانه وهو يرد على تعليقات أصدقائهما باستفزاز ومناكفة وتهكم حتى لفت انتباهه تعليقا لأحد الشباب لا يذكر أنه يعرفه كتب لها
" رائعة أنت يا فريدة .. والحقيقة أنت ألذ كرنبة رأيتها يا فرفورة "


غلى الدم في رأس يونس وكتب له معلقا " أرى أن ظرافتك تعدت الحدود وستحتاجني لأساعدك على أن تلتزم حدودك في الحديث"


كتب له الشاب بالإنجليزية" كن هدئا يا يونس أنا أمزح معها "
شتم يونس شتيمة وقحة وكتب " أأنت مجنون يا فتى !!.. اسمع .. المنشور على العام وبه آنسات وسيدات تعال على الخاص لأخبرك ما تستحقه وقاحتك بالضبط "


تدخل صديق آخر " صلوا على النبي يا اخوان .. أعتذر بالنيابة عنه يا يونس أنا سأتصرف معه "


أسرع يونس بإرسال رسالة على الخاص لأحد أصدقائه المقربين " من ابن ( ...... ) ( ..... ) هذا يا بدر ؟"


كتب له بدر " اهدأ يا يونس إنه شاب تافه كان معنا في المرحلة الإعدادية وسافر وقد عاد مؤخرا وانضم للمجموعة من جديد .. انه كثير الظرف يحاول لفت الانتباه بهذه الطريقة "
كتب يونس بعصبية " هذا الولد أريد أن يتم التعامل معه كما يجب .. أرسل له تحية مني تليق بما فعل يا بدر "
كتب بدر " لا تقلق يا قرصان سنقوم بالواجب .. متي ستعود اشتقنا لك ؟"


كتب يونس بمزاج متعكر " لم يحن موعد عودتي بعد .. أنا مضطر أن أخرج الآن .. أبلغ سلامي لكل الشِلة "


أسرع يونس بعدها بالاتصال بفريدة التي نظرت للهاتف بجانبها على السرير وكتمت ضحكتها ولم ترد .. فتفتت يونس من الغيظ وأسرع بالإرسال لها على الواتساب " ردي على الهاتف وإلا أقسم أن اتصل بأخيك الآن ولن أنهي المكالمة إلا وهو يصدر أمرا بمنعك من استخدام الانترنت "


زفرت فريدة وتوترت حين قرأت رسالته فأسرعت بالرد حين اتصل مجددا فبادرها بالقول بعصبية " ألم احذرك أكثر من مرة من كتابة اسمك على حسابك على مواقع التواصل !! "
زفرت فريدة وقالت " عدنا للجهل من جديد .. من يسمعك لن يتخيل أبدا أنك حصلت على درجة الماجستير من ألمانيا للتو وأنك متخرج من الجامعة الأمريكية وتتقن ثلاث لغات "


قال يونس باستفزاز " أجل أنا جاهل ورجعي ومن أهل الكهف يا فريدة فلا تظهري باسمك على الفيسبوك وهذا آخر انذار مني لك .. سأعطيك ربع ساعة تغيرين اسمك وإلا لن تدخليه مجددا "


صاحت بغيظ " وبماذا سأسمي نفسي يا متخلف غير (فريدة سعد الدين ).. أنا لست متزوجة بعد لأكتب اسم زوجي وليس لدي أبناء لأكتب أم فلان ؟!! ( ثم لانت نبرة صوتها تدريجيا لتقول بهيام ) أم تريدني أن اسمي نفسي باسم أم لأحد الأولاد الخمسة الذين أنوي أن أنجبهم في المستقبل .. ( واكملت تستفزه ) المشكلة هي أيهما أختار من أبنائي المستقبليين لأُكنى به؟! "


لاح شبه ابتسامة على وجهه لكنه حافظ على صوته الجاد الموبخ وهو يقول " هذا شأنك أنت .. حتى لو كان ( أم جلامبو ) ما يهمني أن تغيري اسمك هذا الذي يناديك به الرائح والغادي "
صاحت فريدة من جديد " يا بني آدم أصدقائي واصدقائك يعرفون أن أسمي فريدة وسينادونني بفريدة !!!"
صاح يونس بإصرار " باقي أربعة عشر دقيقة "


سمع صوتها يبتعد وهي تبرطم فتحكم في ضحكته متلذذا بإغاظتها .. بينما تحركت فريدة تخرج من غرفتها وهي لا تزال تمسك بالهاتف " قمة الاستبداد في هذا البيت !.. قمة العبودية !.. سيظل جاهلا بدائيا مهما حصل على أعلى الشهادات .. إنه كإنسان الغاب طويل الناب "


هتف يونس على الناحية الأخرى مستنكرا
" انسان الغاب طويل الناب !!!.. ما رأيك أن تسمي نفسك زينات صدقي يا ضفدع المستنقعات أنت !!؟"


لم ترد عليه فريدة وإنما طرقت بعصبية على باب غرفة فارس الذي كان يحضر بعض الأوراق مرتديا حُلة أنيقة بعد أن تعطل قليلا عن الخروج بسبب مكالمة عمل هامة ..
فأمر بالدخول لتدخل فريدة كزوبعة تبرطم صارخة " أخوك هذا متخلف ورجعي ومجنون يا أبيه"
سأل فارس بهدوء منشغلا وهو يضع أوراقه في الحقيبة " ماذا فعل يونس يا فريدة ؟"


قالت بلهجة باكية " يريدني أن أغير اسمي على الفيسبوك "
جاءها صوت يونس متهكما يقول " سمي نفسك باسمك الحقيقي "


ضيقت فريدة حاجبيها ليكمل يونس " ضفدع المستنقعات "
صرخت فريدة بغيظ فوضع فارس اصبعه في أذنه متأذيا من صرختها ورد بلهجة جادة صارمة " أنا لا أفهم بأمور الفيسبوك هذه يا فريدة .. ويونس مطلع على تفاصيله أكثر مني ومادام طلب ألا تكتبي اسمك عليه فبالتأكيد لديه وجهة نظر وجيهة"
أتاها ضحكة يونس العالية فردت على فارس بغيظ " وجهة نظر جاهلة متحجرة يريد أن يتحكم فيّ لا أكثر ويتلذذ بذلك "


تنهد فارس بقلة صبر وهو يحمل حقيبته ليتحرك وقال منهيا الحديث " حبيبتي أنا متعجل للخروج .. نفذي ما يقوله يونس فهو أدرى بأمور التكنولوجيا تلك .. تعلمين أني جاهل فيها "
نظرت إليه فريدة باكية وتحركت بغيظ لكن قبل أن تغادر قالت صارخة في وجه فارس " قبل أن تذهب متعجلا مُر على أمك فهي لم تغادر سريرها اليوم "


قال فارس بلهفة وقد بدا على ملامحه الجامدة أخيرا بعض العاطفة " ما بها أمي؟؟ "
وردد نفس الجملة يونس عبر الهاتف.. إلا أن فريدة قوست شفتيها للأسفل لتقول بلهجة طفولية حزينة " لن أرد عليك يا أبيه فأنا أخاصمك "


وتحركت مغادرة بعد أن أغلقت الهاتف في وجه يونس الذي كان يسأل بإلحاح عما أصاب والدته .


في غرفة والدته وقف فارس يتأمل أمه التي توليه ظهرها فقال بصوته الرخيم الجاد " ما بك يا أم فارس؟ .. خضرة تقول أنك ترفضين الطعام من ليلة أمس ولم تغادي السرير إلا للصلاة فقط "


جاءه صوت والدته هادئا تقول بلهجة حزينة " أتركوني في حالي وعيشوا حياتكم كما تريدون .."


تنهد فارس ونظر في ساعته ثم قال بلهجة مهذبة وإن كانت جادة " أخبريني يا أمي ماذا يزعجك ؟؟"


استدارت أمه بوهن لتواجهه بوجهها الأبيض المضيء وتقول بحزن " ألا تعرف ماذا يزعجني يا فارس ؟؟ .. يزعجني حال أولادي المائل.. هذا ما يزعجني .. ( ثم استغفرت وأكملت بلهجة باكية ) اللهم لا اعتراض"




فهم فارس الموضوع الذي ستتحدث بشأنه لكن يبدو أن موجة الانزعاج هذه المرة أكثر من أي وقت مضى فقال متظاهرا بعدم الفهم ليترك لها الفرصة بالبوح بما في صدرها علها ترتاح حتى لو وصل الأمر لتوبيخه أو تعنيفه أو حتى سبه المهم أن تشعر بالتحسن " ما به حال أولادك يا أمي أخبريني؟"


قالت وهي تشيح بيدها البارزة العروق التي تشهد على سنوات عمرها وشقاء الماضي " حال أولادي الذي لا يسر أحد .. ابني الكبير قد قارب على الأربعين ولم يتزوج حتى الآن .. يقضي نهاره وليله في عمله .. لا يفعل شيئا في حياته سوى العمل .. وكلما صبّرت نفسي وقلت اصبري يا نفيسة لولا ما بذله من مجهود جبار لم يكن ليصل لما وصل إليه الآن ولما اعتبره الكثيرين رمزا للكفاح يستحق الاعجاب .. لكنك والحمد لله أصبحت الآن من أكبر رجال الأعمال الآن وآن الأوان لأن تتواجد بشكل أكبر مع أسرتك.. لكنك لا تفعل .. ابني الكبير الذي قارب على الأربعين أرى سنوات عمره تهرب من بين يديه ولم يتزوج بعد ولن أرى لي حفيدا قبل أن أموت "


زم فارس شفتيه بضيق بينما أكملت أم فارس " والأخر انتهى من الماجستير أخيرا لكنه يتحجج لعدم العودة ( وتلون صوتها بالبكاء وأكملت ) ثلاث سنوات لم أره فيها إلا عبر الهاتف .. ثلاث سنوات بعيدا عني وعن حضني .. أما تلك الصغيرة المدللة فهي ترفض الزواج وتتعزز على الخاطبين .. بل وتزعج من يأتونها فيهربون .. ( واستمرت بلهجتها الباكية تربت على صدرها وتقول ) صحيح أني أشعر أني سأموت حين تترك فريدة هذا البيت لكني أوبخ نفسي بأنها سُنة الحياة .. لقد أصبحت في الرابعة والعشرين إلى متى ستنتظر أكثر من ذلك ؟.. حتى تصبح في الثامنة والثلاثين مثل أخيها الكبير!!! .. ( واختنق صوتها وهي تكمل ) اتركوني في حالي وعيشوا كما تريدون "


نظر فارس في ساعته فتمتمت بيأس " اذهب يا فارس.. اذهب يا بني ستتأخر عن عملك الذي تزوجته "


اقترب منها فارس وقبل رأسها فأشاحت برأسها بعيدا ليغمغم بهدوء " حسنا يا أمي بالنسبة ليونس أنا أيضا أرى أن سفره قد طال وأنا لم أعد اتحمل ذلك يكفي هذا القدر من الدراسة.. افتقد وجوده بالفعل وسأجعله يعود فورا أعدك بذلك .. أما فريدة فلا تحملي هما بشأن زواجها أنا سأتولى هذا الأمر فأنا أيضا أرغب في أن اطمئن عليها (وربت على يدها برفق يقول هاربا من الشق الخاص به ) لا تقلقي يا أم فارس ولا تحملي هما "


نظرت إليه أمه بعينيها الزرقاوين الصغيرتين كعين السمك وسط تجاعيد الزمن وقالت بغيظ " وأنت يا ولدي .. أما آن الأوان لأراك متزوجا .. وارى أبناءك ؟!! أم ستظل عازفا عن الزواج لأكثر من ذلك "


فرك فارس جبينه بيده وقال بهدوء يعيد ما يقوله مرارا " يا أماه .. أنا أجد وقتا للنوم بصعوبة .. من سترضى بأن تتزوج رجلا متزوج من عمله كما قلت ؟"


قالت أم فارس بلهجة موبخة " ولماذا كل هذا الوقت في العمل .. الحمد لله أصبحت ذا شأن كبير .. من مجرد عامل بناء أجير لرجل أعمال كبير في وقت قياسي أبهر الجميع .. حاذر يا فارس حاذر من أن يسرقك العمر يا ولدي .. حاذر من أن تضيع عمرك كله وأنت تعمل .. متى ستعيش حياتك إذن؟ .. ألم يحن الوقت لأن تتذوق ثمار ما جنيت من تعبك وشقى عمرك!!"
ربت فارس على يدها ينهي الحديث وهو يقول " أعدك أن أفكر في الأمر يا أمي .. سأغادر الآن وسأتصل لأتأكد أنك قد غادرت سريرك وأكلت وإلا لن أنفذ ما تريدين "


وتحرك مغادرا غرفة والدته في عجلة ليجد فريدة تقف عند باب الفيلا الداخلي تنتظره كعادتها .. برغم أن ملامحها كانت مستاءة .


وبمجرد أن اقترب تفحصت ملابسه الأنيقة فتمهل عند الباب لثواني لتمد يدها تعدل له ياقة قميصه بنظرة اعجاب مغمغمة" اللهم صل على النبي دائما ما تبهرني باختيارك لملابسك يا أبيه .. عموما على الرغم من استيائي منك لكنني مثل أي أم لن تستطيع أن تترك ابنها يغادر قبل أن تُقبّله "


واستطالت على اطراف اصابعها ليميل قليلا يمنح لها خده لتطبع قبلة حانية عليه قبل أن تستعيد عبوسها في وجهه .. فتحركت زاوية فمه بشبح ابتسامة نادرة لا يستطيع احد سوى فريدة انتزاعها من وجهه الواجم .


قالت فريدة وهي تشيح بوجهها عنه " في أمان الله"
فربت على رأسها بحنان وتحرك مغادرا لتغلق فريدة الباب خلفه وتكلم نفسها بصوت مسموع" ها قد انتهيت من ابني المدلل.. لأذهب واتفقد ابنتي المدللة هي الأخرى التي ترفض الطعام ( ثم صاحت بصوت عال ) احضري الطعام لأمي يا خالة خضرة من فضلك "




في الخارج قطع فارس حديقة الفيلا يعبر البوابة الضخمة ليجد زغلول والشيمي تابعاه الشخصيين يقفان بجوار السيارة .. يمسك الشيمي عملة معدنية ويقوم بوضعها على اصبعه الوسطى ويضربها بإبهامه لتطير العملة في الهواء ثم تنزل فيتلقاها في كفه الضخم المفتوح ويطبق عليها بالكف الأخر لثانية .. فهتف زغلول بتوتر "مَلِك .. وهذه المرة سأراهن على مبلغ مضاعف لأستعيد خسارتي "
رفع الشيمي كفه ليقول " بل كِتابة "


ثم اطلق ضحكة خشنة من تحت شاربه الكث فصرخ زغلول بحنق "أنت غشاش اقسم بالله غشاش!!"
هدر فارس فيهما" هل جننتما ! كم عمريكما لتلعبا القمار !!"
انتفض الاثنان واستقاما في وقفتيهما فبديا متناقضان فزغلول رفيع متوسط الطول .. بينما الشيمي اطول منه قليلا لكنه بعضلات مفتولة منتفخة وشارب كث والذي ابتسم بحرج يغمغم
"كنا نسلي وقتنا حتى تخرج إلينا"


رفع فارس حاجبا مستنكرا بينما صاح زغلول بحنق طفولي " تسلى وسرق مني مبلغا كبيرا"


حدجه الشيمي بنظرة خطرة متوعدا وقال بصوت خشن "هل ستبكي كالأطفال؟!!.. أنا لم أجبرك على اللعب "


هدر فارس بحزم "كفى .. تبدوان بالفعل أطفال وليس رجال فوق الاربعين .. هيا لقد تعطلت بما يكفي"
قالها بعصبية فتحرك الاثنان بسرعة ليذهب زغلول ناحية مقعد السائق ويسرع الشيمي بفتح باب السيارة لفارس لكن الأخير أشار له بإصبعه وقال بلهجة آمرة مخيفة " اعد له نقوده يا شيمي"


ابتلع الشيمي ريقه واخرج النقود من جيبه ليعطيها لزغلول بخشونة حين استقر ثلاثتهم في السيارة التي سرعان ما نهبت الاسفلت على الانغام التي تتسلل من الراديو.


جدع بلا جاه..
مرسى الهموم قلبه
ديما يقول الآه...
والذنب مش ذنبه
دا أنا لو شكيت وبكيت..
جبل الحديد هيدوب
الأولة غربتي ..
والثانية المكتوب .
××××


يتبع







Shammosah 07-10-19 01:04 PM

4
 

في نفس التوقيت في المانيا كان يونس يستعد للخروج ففتح هاتفه ليتفقد الفيسبوك مغمغما " يبدو أني سأشكو.. ضفدع المستنقعات هذه ..لأخيها الكبير "


لكنه بمجرد أن تفقد صفحتها على الفيسبوك ليتأكد إن كانت قد غيرت اسمها الحقيقي لأي اسم مستعار آخر .. شاكرا في نفسه أنها لا تضع صورتها أيضا على حسابها على الفيسبوك وإلا لكان ارتكب جريمة قتل ..


جحظت عيناه لثوان وهو يتطلع لشاشة الهاتف في يده .. ثم انفجر في هيستريا ضحك حين وجد فريدة قد غيرت اسمها من (فريدة سعد الدين ) لـ ( عبد الجبار سعد الدين ) ثم كتبت على صفحتها "حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا يونس سعد الدين خذ من قلبي يا رب واعطه بما يستحق"


بينما التعليقات تنهال عليها من أصدقائهما ضاحكة ومتفكهة كان اكثرها تكرارا "ستظلان مجنونان مهما مر بكما العمر"
فكتب يونس بعد العديد من الملصقات الي تدلل على هيستيريا الضحك التي اصابته


"حبيبي يا عبد الجبار! .. ما أجمل شواربك !"


×××××


خرج يونس من غرفته متعجلا بعد أن تعطل بسبب فريدة وهو مازال يتفحص الهاتف ويضحك على ردود الأفعال ليجد زياد يمسك بعصا الممسحة ويجفف قطرات الماء التي لطخت الأرضية فتواجهت نظراتهما ليطبق زياد كفيه على بعضهما ويقول بلهجة مسرحية ذات لكنة " خادمتك آمنة يا بك التي جلبوها لك أهلك لتمسح خلفك الأرضية "


تطلع يونس في هيئته لثوان ثم انفجر ضاحكا بينما زم زياد شفتيه محاولا ألا يظهر ضحكه .. فقال يونس بوقاحة من بين ضحكاته وهو يخرج من الشقة " مجهود رائع يا آمنة .. لكن احلقي لحيتك الخشنة هذه فهي تشوكني "


شعر زياد بالخرس وامتقع وجهه من مزحته فانفجر يونس بالمزيد من الضحك وهو يقول " يا بني مهما حاولت أن تجاريني في الوقاحة لن تستطيع .. ففي النهاية ستظل أنت ابن الوزير السابق ذو الأصول الأرستقراطية وسأظل أنا ابن مقاول الانفار ربيب الحارة الشعبية .. "


وأشار له مودعا قبل أن يغلق الباب خلفه .


×××××


في نفس المبنى التي يقطن فيه يونس وزياد في العاصمة الألمانية والذي يتكون من وحدات سكنية صغيرة تحتوي كل منها على غرفتين صغيرتين يحتل الطلبة والمغتربون من مختلف الجنسيات غالبيته كانت عهد في شقتها في آخر الممر تنظر من النافذة التي تطل على الشارع الرئيسي وهي تميل بجذعها يمينا ويسارا تمارس بعض التمارين الرياضية .. في انتظار أن يخبرها يونس وزياد باستعدادهما للخروج .. فهي تنتظر تلك النزهة منذ فترة بعد انهاك الدراسة في الفترة الماضية .. خاصة وهي تعمل بجانب الدراسة رافضة أي عروض من الشابين لدعمها ماديا ..
لفت انتباهها يونس اسفل البناية يخرج دراجته .. فتعجبت أنه لم يخبرها بذهابه .. متسائلة إن كان سيهرب من النزهة معهما لمخططات أخرى لديه فأسرعت تلتقط حقيبتها وترفع الهاتف على أذنها تحاول الاتصال به لكنه لم يرد .


حين نزلت لاستقبال المبنى وجدت فانيسا المرأة البدينة الشقراء التي تدير المكان خلف مكتبها فسألتها عن يونس لتخبرها أنه ذهب بدراجته منذ قليل فأسرعت عهد بفضول تركب دراجتها هي الأخرى لترى إلى أين يذهب مرجحة أن المكان قريب مادام قد استخدم الدراجة .


بعد دقائق كان زياد يقف أمام فانسيا هو الآخر في الطابق الأرضي وهاتفه على أذنه يحاول الاتصال بعهد التي لا ترد فسأل المرأة بعد أن ألقى عليها تحية الصباح " هل رأيت عهد يا فانيسا ؟؟"
صاحت المرأة الخمسينية مهللة لرؤيته " زياد .. لقد اتفقت مع يونس أنه سيعلمني العربية حتى استطيع أن أتواصل مع حبيبي العربي الذي أتحدث معه على الانترنت .. ولقد علمني بعض الكلمات منذ قليل"


عقد زياد حاجبيه وقال بدون اهتمام " جميل.. هل رأيت عهد ؟"
استمرت المرأة في كلامها تقول بفرحة عارمة " هل أخبرك بالكلمات التي علمني إياها ؟ ( وأكملت بفخر) أنا تلميذة نجيبة حفظتها بسرعة "


وافقها زياد بلباقة وذهنه منشغلا يكتب لعهد على الواتساب ليسألها أين هي .. فتكلمت المرأة بفخر وحبور " سه ..ده.. إنبو .. إدي .. واد .. لأبوه "


تجمدت يد زياد على الهاتف ورفع رأسه ينظر إليها بعينين متسعتين ليقول بالألمانية مستفهما " نعم !! "


تمايلت المرأة يمينا ويسارا تهز جسدها البدين لتقول بإيقاع رتيب " سه ..ده.. إنبو .. إدي .. واد .. لأبوه (واكملت بالألمانية تعقد حاجبيها ) لكنه لم يخبرني بالمعنى قال أنه سيخبرني به حين يعود .. أخبرني أنت يا زياد "


رد زياد بغيظ " هذه لغة الحاج عدوية في طهور ابن خالته وليست لغة عربية ( ثم صاح بقلة صبر) فانيسا .. أتركي يونس ومقالبه وأخبريني أين عهد ؟"


اجفلت المرأة من عصبيته وردت بسرعة " ذهبت منذ قليل بدراجتها بعد أن سألتني عن يونس .. أعتقد أنها ستلحق به "
جحظت عينا زياد بقلق واسرع مغادرا بينما فانيسا تصيح خلفه " زياد .. لم تخبرني بالمعنى ( ثم غمغمت بصوت خافت بإحباط بعد أن اختفى زياد من أمامها ) كنت أريد أن أقولها لحبيبي العربي ليعرف أني اتعلم العربية ( لتلمع فكرة في رأسها فجأة وتقول بسعادة وهي تمسك بهاتفها ) سأطلب من حبيبي أن يترجمها لي .. وسيعرف وقتها أني أتعلم العربية من أجله "


×××××


لوحت له من بعيد تهديه ابتسامة جميلة وهي تختبئ خلف نظارتها السوداء حتى لا يتعرف عليها أحد المعجبين .. فمن سيتخيل أن الممثلة الشابة الجميلة كلاوديا تقف في أحد الحدائق العامة ببرلين بملابس بسيطة بينما يقف أحد حراسها الشخصيين على مسافة منها تحسبا لأي مضايقات قد تتعرض لها تاركا لها مساحة من الخصوصية لتقابل صديقها العربي الوسيم الذي لوح لها مقتربا.


تقدم يونس نحوها بثقة ومد يده يسلم عليها فبادرته بالقول " أخيرا وجدنا فرصة للمرح يونس أنا منشغلة بالتصوير وأنت منشغل بالدراسة والعمل .. كيف حالك اشتقت لك؟ "


منحها يونس ابتسامته الساحرة وأمسك بقلبه يقول بالألمانية مغازلا " ألا تعرفين بحالتي وأنت تزدادين جمالا كلما رأيتك !! "
اطلقت ضحكتها وهي ترفع شعرها الأشقر الناعم عن وجهها وهي تقول " مازلت شقيا أيها الوسيم "


ضحك يونس وقال " أنا بخير الحمد لله واشتقت إليك أيضا"
أسندت بجذعها على السياج المعدني للبحيرة الجميلة خلفها وهي تقول " اهنئك على الماجستير .. هل تنوي العودة للوطن ؟"


رد يونس بجدية وهو يستند على السياج بجانبها " لا أخطط للعودة حاليا وأفكر في التقدم للحصول على الدكتوراه أيضا "


هتفت كلاوديا بانبهار " رائع يونس رائع .. إذا حصلت عليها ستكون من المميزين جدا أن تحصل على درجة الدكتوراه في هذا السن الصغير .. أنا انبهرت أن تحصل على الماجستير في عمر الثمانية وعشرين والآن ازداد انبهاري بك لعزمك للحصول على الدكتوراه أيضا اعتقد أنك ستكون من أصغر المتقدمين لطلب الدكتوراه "


رد يونس موضحا "لست وحدي لاحظي أيضا زياد وعهد في نفس عمري وقد حصلا على درجة الماجستير في إدارة الأعمال أيضا "
تمتمت كلاوديا بإعجاب" انتم مبهرون أيها العرب "


تأمل يونس طفلة صغيرة ببشرة خمرية وشعر أسود تتحرك على العشب قادمة نحوه بعد أن جرت الكرة التي تلعب بها لتستقر بجانبه فاتسعت ابتسامته ليجلس على عقبيه ممسكا بالكرة يعيدها إليها بابتسامة حانية .. فأخذت منه الطفلة الكرة لتقترب والدتها الشابة تقول لابنتها بالألمانية " ماذا ستقولين؟"


ردت الفتاة بعبارة شكر فقال لها يونس " أنت جميلة جدا "
رفعت الفتاة رأسها لأمها لتعرف بم ترد عليه بينما قال يونس وهو يمنح ابتسامته الساحرة لأمها " هل تمانعين أن ألتقط صورة معها؟ "


رحبت الأم ببساطة وتركته يحتضن ابنتها ويلتقط صورا لهما سويا ورفعت ناظريها لتنظر لمرافقته ثم تفاجأت حيت تعرفت على كلاوديا لتشير لها الأخيرة بألا تصدر جلبة فابتسمت وطلبت من كلاوديا أن تلتقط صورة معها .


بعد قليل كانت عهد تبحث عن يونس في الحديقة التي تضم الكثيرين ممن جاءوا للتنزه متسائلة عن سبب وجوده هنا بدونهما .. لتتفاجأ به وهو يقف بجوار فتاة بملامح أوروبية وشعر أشقر قصير وبشرة بيضاء فاقتربت بهدوء تشعر بالضيق حين أدركت هويتها .. إنها الممثلة كلاوديا صديقة يونس وزياد شاهدتها عدة مرات معهما لكن على ما يبدو أنها ويونس مقربان بشكل خاص .


تملك الإحباط والألم منها .. واقتربت منهما وهي تسمع يونس يقول لكلاوديا وهو يتفحص صورة على هاتفه " جميلة جدا هذه الطفلة .. سأرسلها لفريدة إنها تعشق الأطفال "


ليصله من فريدة خلال ثواني قلوبا حمراء وعبارات تدل على إعجابها وهيامها بالطفلة.. فابتسم يقول لكلاوديا وهو يريها رد فعل فريدة "تتحول لمجنونة حين ترى الأطفال.. إن هذه المخبولة تنوي إنجاب خمسة أطفال "


اتسعت عينا كلاوديا منبهرة وتمتمت " وااااو خمسة أطفال !!"


حرك يونس رأسه بيأس قائلا " فريدة هذه مشكلة تتحرك على قدمين (وعاد يتأمل الطفلة من جديد وتمتم قائلا ) بالمناسبة هذه الطفلة تشبه فريدة جدا وكأنها ابنتها "
تأملت كلاوديا الصورة وأيدته قائلة " بالفعل تشبهها كما أنك تشبهها كثيرا .. "


قال يونس باندهاش" أنا اشبه هذه الطفلة !!"
فردت كلاوديا موضحة " بل تشبه فريدة .."
هتف يونس باستنكار " أنا!!!! .. أنا أشبه فريدة !!! أنا أحلى منها بمراحل"


انفجرت كلاوديا ضاحكة فقهقه يونس لتقول هي من بين ضحكاتها "أنا لا أمزح يونس .. رغم أن ملامحكما ليست متطابقة لكن من يراكما يشعر بأنكما توأمين.. هل تفهم ماذا أقصد ؟"


قال يونس بعند من وسط ضحكاته " كلا لا أفهم .. فأنا أكبر منها بأربعة أعوام كيف نكون توأمين !!! "


شعرت عهد بالغيظ ولم تستطع الصبر فاندفعت نحوهما تقول " يونس !!"


تحفز حارس كلاوديا المرابط من بعيد وقد استشعر انفعال عهد واندفاعها فأشارت له كلاوديا مطمئنة بينما هتف يونس متفاجئا " عهد !!.. ما الذي أتى بك إلى هنا ؟؟!!"


واستدار حوله ليجد زياد يقف خلفها على بعد أمتار لاهثا بعد أن كان يهرول للحاق بعهد قبل أن تلحق بيونس لكنه وصل متأخرا ..


بادرت كلاوديا تقول ببساطة " أنت (أهد ) صديقتهما أليس كذلك ؟.. أعتقد أني رأيتك بضع مرات ( ونظرت لزياد الواقف على بعد أمتار منهم ينظم أنفاسه وصاحت بتهليل ) كيف حالك زياد اشتقت لك "


اقترب زياد بهدوء ولوح لها مرحبا بينما شعرت عهد بالحرج ولم تعرف ماذا ستقول فكرر يونس السؤال مستفهما وهو يوجه سؤاله لزياد هذه المرة " ماذا تفعلان هنا ؟ ألم يكن لديكما خططا أخرى وقلت لك سألحق بكما ؟"


تمتمت عهد مستدركة وهي تدعي اللاشئ " جئنا أنا وزياد لنتنزه نحن أيضا ( ونظرت لزياد تدعو ألا يحرجها ) أليس كذلك يا زياد ؟"


اقترب منها زياد يمنحها ابتسامة مؤيدة قائلا " أجل ولا ننوي أن نزعجكما .. هيا بنا يا عهد "


وسحبها مبتعدا ليستدير يونس لكلاوديا قائلا " ماذا كنا نقول ؟.. تذكرت .. كيف تقارنين وسامتي بفريدة !! "


ورفع هاتفه يلتقط صورة له مع كلاوديا وهو يغمغم " سأرسل لها صورتنا معا لأثبت لها كم هي قبيحة "


قهقهت كلاوديا وتحركت تتأبط ذراعه ليسيرا على ضفة البحيرة وحارسها يتحرك خلفهما وقالت " أعترف أنك وسيم .. ورأسك يابسة .. أخبرتك أنك تستطيع أن تستغل وسامتك في الظهور على الشاشة خاصة وأنك تتقن الألمانية .. وأنني سأساعدك في هذا الأمر "


رد يونس ممازحا وقد ابتعد كثيرا عن زياد وعهد التي أخذت تراقبهما بضيق " إن كان دوري يحتوي على تبادل القبلات مع احدى الجميلات لا أمانع "
انفجرت كلاوديا ضاحكة مرة أخرى وتمتمت " يونس أنت خفيف الظل لكنك كاذب .. قلت لي من قبل أن دينك يمنعك من تخطي الحدود مع النساء "
قال زياد لعهد بضيق" تحركي معي يا عهد .. ماذا تفعلين هنا بالله عليك؟ !!"
نظرت لزياد تقول" هل يجمعهما شيئا خاصا ؟!!.. أخبرني يا زياد أرجوك"
انزل زياد نظراته لبضع ثوان ثم رفعها ليقول " أنا قررت أن أعود للوطن يا عهد "
تفاجأت عهد وشعرت بالضيق فقالت " يونس قال أنه لا ينوي العودة"


رد زياد بلهجة غاضبة " أنا زياد يا عهد من جاء بسيرة يونس ؟!"
ردت عهد موضحة " أنا أقصد أني اعتقدت أننا سنبقى مادام يونس لا يفكر في العودة حاليا "
رد عليها منفعلا " أنا لست تابعا ليونس يا عهد!! .. أنا أقرر ما أريده بنفسي!"


اسرعت عهد تقول بارتباك لغضبه منها " لا أقصد صدقني .. أنا قصدت أنكما متفقان في معظم الأحيان وتأخذان قرارات ثنائية وأنا وجدتها فرصة لأبحث عن عمل بدوام كامل وربما أحصل على الدكتوراه مثله "


حدق زياد في الأرض لثوان واضعا يديه في جيبي بنطاله ثم رفع نظراته يتأمل شعرها الكستنائي ووجهها الأبيض الجميل بصدغيها العريضين وشفتيها الورديتين الرفيعتين وقال بلهجة أهدأ " للأسف أنا مضطر أن أعود ..لقد تركت مكتب الاستيراد والتصدير كثيرا ووالدي لن يصبر عليّ أكثر من ذلك "
شعرت بالضيق لكنها قالت" إذن أنت ستسافر ويونس سيبقى؟"


رد متألما "أجل .. يونس لا يريد أن يعود الآن"
قالت ببساطة وهي تحدق أرضا وكأنها تبحث عن شيء ضائع منها " إذن سأبقى أنا أيضا".
أشاح بوجهه بعيدا عنها لدقائق يحاول السيطرة على ذلك الألم الذي يعتصر قلبه ثم عاد ليقول بخفوت متوسل " تعالي معي لنعود للوطن لأطمئن عليك "


ردت بثقة " لا تقلق عليّ فيونس موجود "
أكمل بنفس الهدوء في محاولة يائسة لإقناعها بالعودة " تستطيعين أن تعملي معي في المكتب فأنا سأحتاج لشخص ضليع في الحسابات مثلك .. صحيح أن شهادة الماجستير قد تمنحك فرصة في موقع أكبر من شركتي المتواضعة لكني سأكون مطمئنا عليك وسعيدا لو وافقت على العمل معي .. وإن لم تكن الوظيفة التي أعرضها عليك تحقق طموحاتك تستطيعين أن تعملي بشهادة الماجستير في الوطن .. (وابتلع ريقه ليقول بلهجة متألمة ) عودي معي يا عهد"


ردت عهد غافلة عن تلك اللهجة المتألمة التي يحدثها بها " لمن سأعود؟ .. لأمي وزوجها السخيف مرة أخرى؟ .. أم لقيود المجتمع المعقدة هناك التي تتحكم فيما ألبس وماذا أفعل ؟! .. هنا أنا أعمل وأعيش بحرية دون أن تطبق على أنفاسي تلك القيود الشرقية الهمجية "


لم يعرف زياد بماذا يجيب .. دوما يشعر بالأسف حين تتحدث بتلك الطريقة رغم أنه بحكم مرافقته لها لسنوات طويلة يعلم جيدا ظروفها الأسرية الصعبة .. فهي صديقة الدراسة منذ الطفولة كبرا سويا وذهبا لنفس المدرسة ونفس الفصل حتى الثانوية العامة حين انضم لهما يونس فأصبحوا ثلاثة وظلوا بهذا الترابط حتى تخرجوا من الجامعة .. وحين قرر يونس السفر لاستكمال دراسته تشجع زياد للذهاب معه .. ليتفاجآ بعهد معهما في المطار تصعد على نفس الطائرة .. بعد أن قررت أن تهرب من بيت زوج والدتها والتي ليست على وفاق معه .
تحركت عهد بعد أن ربتت على ذراعه تقول " سأشتاق لك من الآن يا زودة .. حاول أن تزورنا من وقت لآخر .. ( وقاومت شعور بالضيق يسيطر عليها بسبب خبر سفره وقالت ) عليّ أن أذهب الآن فورديتي في العمل ستبدأ بعد قليل.. سلام"


اسرعت مبتعدة تتحكم في شعور بالحزن لفراق صديق العمر .. لكنها بعيدا عن عدم رغبتها في العودة للوطن فهي لابد أن تبقى بجوار يونس .. لربما أحس بوجودها يوما ما .. كما تأمل.
بينما أغلق زياد عينيه بيأس متألما ثم فتحها ليسرع خلفها قائلا " عهد انتظريني سأوصلك .. عهد "


××××


اطلق الرجل صرخة معذبة وهو يشعر بقبضة الشيمي على فكه بينما امسكه زغلول من شعره يقول بلهجة مهددة " أخبرنا من يورد إليك البضاعة وسنتركك"


قال الرجل صارخا وهو جالس على كرسي خشبي وسط منطقة خربة خالية" قلت لك لا اعرف من هو الشماع الذي تتكلمون عنه أنا اتعامل مع أكثر من تاجر .."


قال زغلول متهكما" أكثر من تاجر مخدرات أم في عملك الحقيقي بالسوق!!"


ابتلع الرجل ريقه وقال موجها كلامه لفارس الذي يقف بعيدا متخصرا فاتحا سترته الأنيقة للخلف .. يطالعه بملامح غاضبة " صدقني يا بك أنا مجرد تاجر صغير للصنف اعمل بكمية قليلة تسند بجانب تجارتي أنت تعلم الحالة الاقتصادية في البلد هذه الفترة"


تكلم فارس بقرف "وتعوض خسارتك بالحرام!!"


اطرق الرجل برأسه ولم يرد فهدر فارس بلهجة مخيفة " ألن تخبرنا إذن ممن تحصل على تجارة الصنف ؟.. حسنا سنسلمك للشرطة"


نظرا زغلول للشيمي مستفهما فغمز له الشيمي وقال للرجل " لدينا كل الأدلة التي تدينك "


رن جرس هاتف فارس فعبس وهو يخرجه لتتغير ملامحه وتمر ومضة انتصار في عينيه قبل أن يرفع الهاتف على أذنه ويقول بلهجة متهكمة " عَظَمَة بك .. كيف يمكنني أن اساعدك؟!!"
جاءه صوت صفوت عظمة يقول منفعلا " اطلق سراح الرجل الذي في يدك يا فارس"


اطلق فارس ضحكة باردة خشنة وقال" إذن الأخبار كلها لديك يا عظمة بك ومع هذا مازلت تنكر أنك لا تعرف طريق الشماع؟!"
هدر صفوت عظمة يقول " قلت لك مرارا اترك أمر الشماع وانساه وانس الماضي معه والتفت لحياتك ومستقبلك .. أنت تدمر نفسك وستدمر كل ما وصلت إليه بعنادك هذا .."


جلجل فارس بصوت مخيف ملأ الفرغ حولهما في تلك الأرض الفسيحة " انسى الماضي!! .. تطلب مني أن أنسى الماضي!!!.. أن انسى الثأر لأبي!!!!!! ..أنسى حياتنا في الشوارع مفترشين الأرصفة !! ..بينما أنت والشماع تنعمون وتعيشون حياتكم وتتكاثر أموالكم!!"


تنهد صفوت وقال " أخبرتك أكثر من مرة أني لا اعرف مكانه صدقني .. وأكررها لك اترك هذا الرجل وامض في حياتك"
صاح فارس بغل واضح " وكيف عرفت إذن أن أحد رجاله معي إن لم يخبرك هو بذلك؟ "


قال صفوت بلهجة حادة " لأني اراقبك كما تراقبني يا فارس .. اراقبك لأرى لأي مدى سيأخذك الانتقام الأسود.. هل تظن أني لا أعرف أنك تراقبني ؟ "


لم يهتز فارس ولم يتفاجأ ولكن رد بثقة" جميل .. أحببت لعبة كشف الأوراق هذه ..ما رأيك يا عظمة بك أن نكمل كشف الأوراق لبعضنا وتخبرني عن تفاصيل تلك الليلة (وتوتر صوته وهو يكمل ) ليلة أن قتلتم أبي المسكين الذي ليس له ذنبا في احد المباني التي كان يشرف على بنائها ..وفررتم هاربين"
صاح صفوت بقوة "قلت لك ليس لي علاقة بمقتل محمود سعد الدين"


قارعه فارس بغل أسود " لكنك تعرف أن الشماع قتله .. لقد كنت موجودا تلك الليلة وهربت كالجبان ولم تشهد شهادة حق".


قال صفوت بصلابة مهددا " اسمع يا فارس سأقولها لك لآخر مرة ابتعد عن ملاحقة الشماع .. وانظر لحياتك ومستقبلك وإلا ستندم أشد الندم"


هدر فارس بصوت مخيف أجفل من حوله " وأنا أقول لك أني لن أترك الشماع حتى أجده واقتله بيدي.. ولن أتركك أنت أيضا تنعم بحياتك .. لا أنت ولا أسرتك .. عليكم جميعا أن تدفعوا ثمن عذاب عائلتي .. عليكم أن تدفعوا ثمن ظهر أمي الذي كُُسِر من الشقاء والعمل ..عليكم أن تدفعوا ثمن تشريدنا ككلاب الطرق لسنوات "


تكلم صفوت ببرود" استطيع أن اسجل تهديداتك هذه واقدمها للشرطة"
قال فارس بدون أن تهتز له شعرة " افعلها إذا كنت واثق أن ثوبك نظيف .. ولكن ثق في دخولك السجن أنت أيضا فأنا لن أدخله وحدي يا ... عظمة بك"


وأغلق الخط وهو يتفتت من الغضب فنظر زغلول والشيمي لبعضهما مشفقين على حالة رئيسهما بينما ابتعد فارس بعصبية ووقف متخصرا يوليهم ظهره وصدره يعلو ويهبط بانفعال محاولا السيطرة على ذلك الألم الذي يذبحه كلما تذكر ذلك الحادث ..


تذكر !!
وهل نسيه ؟!!
كيف يمكن أن ينساه وهو كالجرح النابض المتقيح في قلبه ..
وكأنه كان البارحة وليس منذ عشرين سنة !!..
الغضب أصابه برعشة في جسده ..بينما الألم في صدره كان لا يطاق .. فمال يمسك بحصاة كبيرة في يده وبكامل غضبه وألمه ألقى بها بعنف في الفضاء الواسع أمامه في تلك الساحة الخربة خارج العاصمة .. يتحكم في رغبة قوية في الصياح..
رغبة في الصراخ بأعلى صوته ..


عله يهدئ تلك النار التي لا تخبو أبدا في صدره طيلة عشرين سنة .
بعد ثوان فتح يديه يحدق فيهما .. فرآهما غارقتان في الدماء .
دمائه ..
دماء والده المسكين الذي قتلوه دون ذنب .


تأمل فارس الدماء الوهمية بمقلتين مرتعشتين ثم أسرع يطبق قبضتيه مستشعرا ملمسها الدافئ الذي لم ينساه من عشرين سنة .


أخرجه صوت الهاتف من هلوسته لتختفي الدماء من كفيه فجأة .. فيدس يده بعصبيه في جيب سترته الداخلي ويطالع الهاتف بجبين معقود قبل أن يجيب بصوت رخيم وهو ينهت من الانفعال " ماذا هناك يا ريتا ؟؟ .. سأخبرك حين أصل للمكتب بعد ساعة .. (صمت قليلا يستمع لمحدثته ثم صاح بغضب ) ريتا أنا لا أملك ذرة من الصبر فكفي عن فضولك وحين سأصل للمكتب سأتصل بك .. سلام "


وأغلق الخط ليأتيه صوت الرجل المربوط على الكرسي يقول لفارس بتوسل باك "صدقني يا بك لا اعرف اسم الرجل الذي تبحث عنه .. أنا تاجر صغير أتعامل مع تاجر أكبر يتعامل مع تاجر أكبر منه وهكذا .. نبيع الصنف في السوق بجانب تجارتنا فتوفر لنا مبلغا من المال "


ساد الصمت لبعض الوقت قبل أن يستدير فارس أخيرا ليشير لمساعديه .. فأطبق الشيمي على ياقة الرجل بخشونة ليقف ويجره وهو مربوط اليدين نحو السيارة التي يقف بجانبها اثنان أخران من الاتباع هم من قاما بخطفه واحضاره .. فصاح الرجل متوجسا "ماذا ستفعلون بي ها ؟!!!.. ماذا ستفعلون ؟؟.. استحلفكم بالله عندي أولاد صغار .."


ألقي الشيمي بالرجل في السيارة ثم قال للسائق آمرا "الق به حين تقترب من العاصمة في مكان مأهول بالسكان حتى يستطيع أن يعود لبيته .. ولا تنس أن تشدد عليه ألا ينطق باسم فارس بك وإلا هو يعرف ماذا سنفعل به"


تحرك الرجل بسرعة مطيعا ليركب السيارة بجوار زميله وينطلق بها بينما تحرك الشيمي نحو سيارة فارس الثمينة ذات الزجاج الاسود ليأخذ مكانه بجوار السائق فينطلق زغلول بالسيارة..
في الطريق استدار الشيمي يطمئن على فارس الذي بدا متجهما عابس الوجه فسأله" ماذا سنفعل معه ؟ .. هل سنبلغ عنه الشرطة؟"


رد فارس بلهجة جامدة امتزجت منذ زمن طويل مع الحزن " فلنتركه لربما راجع نفسه بعد ما هددناه وتوقف عما يفعله .. وإن أكمل طريقه في تجارة الصنف وقتها لا يلومن إلا نفسه سنبلغ عنه الشرطة .. خذنا إلى المصنع يا زغلول"


يتبع





Shammosah 07-10-19 01:05 PM

5
 
ما أسوأ من أن تكون كورقة الشجر تتحكم الرياح في وجهتها !.


أو قشة ..
تطفوا فوق الأمواج تأخذك إلى حيث تريد دون أن يكون لك رأيا !.


وما أصعب أن تنقلب حياتك رأساً على عقب فيُلقى بك من فوق قمة الهرم الاجتماعي نحو القاع ببطء مخيف قاتل لترى في رحلتك نحو ذلك القاع أنك سترتطم به لا محالة حتى تتفتت عظامك .


حضنت كارمن نفسها بقلق ووقفت تنتظر خروج الطبيب من غرفة والدها بالمستشفى .. إنها المرة الثالثة منذ تلك الليلة المشؤمة التي خسرت فيها لؤي وسقط فيها والدها بأزمة قلبية من شبح الإفلاس الذي يخيم على حياتهم منذ سنوات ليعلن أخيرا اقتراب وصوله .. وقد بقي والدها في المستشفى لعدة أيام لكنهم لم يستطيعوا إجراء العملية الجراحية المطلوبة نظرا لسوء حالتهم المادية فخرج بعدها ليعود مرة ثانية وها هو يعود إليها لمرة ثالثة ..


كل ما استطاعوا عمله بعد معرفة اقتراب اعلان حجز البنك على أملاكهم أن باعت شويكار هانم مجوهراتها لتدفع جزء من القسط للبنك ليقبل مسئولوه أخيرا الجلوس للتفاوض معهم لكنها ككارمن لا تفقه في أي من تلك التفاصيل الخاصة بالأرقام والأموال والأصفار الكثيرة .. طيلة عمرها فاشلة في الحساب ولم يكن ووالدها بصحة جيدة ليجلس للتفاوض .. كل ما فهمته من والدتها أن البنك يرفض جدولة الديون بشكل يمنحهم فرصة للسداد .. هذا بخلاف الديون الأخرى كما يقول المحامي .




الصادم في الأمر هو تغير الكثيرين في معاملتهم منذ أن انتشرت اشاعات ظروفهم المادية .. الكثير مما كانوا يحيطون بهم أداروا لهم ظهورهم .. ومن كان متعاطفا توقف الأمر عنده عند هذا الحد فالكل يدعي عدم استطاعته المساعدة ..
فركت كارمن جبينها بإرهاق تحاول التماسك ..
تحاول ألا تنهار ..
تشعر أن الانهيار في الظرف الذي تمر به عائلتها يعد رفاهية لا تملكها .. فخبأت جرحها الشخصي لتركز في مصيبة العائلة .. محاولة للبحث عن مخرج .. لكن الأمر صعبا جدا ومعقد .


تمتمت بكل الأدعية التي تحفظها ترجو من الله أن يكون رؤوفا بحال أسرتها وعادت لتفتح مصحفها لتكمل قراءة فيه حتى خرج الطبيب فتوترت ملامح كارمن تنظر إليه بقلق بينما استقامت والدتها التي كانت جالسة في وجوم ليبادرهما الطبيب بالقول " الحالة الآن مستقرة لكننا لابد أن نقوم بالعملية الجراحية في أقرب وقت "


غمغمت والدتها شاكرة الطبيب ودخلت للغرفة فتبعتها كارمن بلهفة مسرعة نحو والدها الذي يرقد في سريره بوهن وألقت برأسها على صدره تبكي فمسد عاصم على شعرها بحنان بينما أخذت شويكار تتحرك في الغرفة بعصبية مفكرة .


رفعت كارمن رأسها تقول لوالدتها " ماذا سنفعل مماه ؟"
تكلمت شويكار بعصبية " لا أعرف .. لقد غرقنا وانتهى أمرنا حتى الفيلا أصبحت مرهونة ولن نستطيع التصرف فيها ( وأكملت بلهجة ذات مغزى) ربما لو لم تفترقا أنت ولؤي لاستطعت طلب أي مساعدة من والده صفوت بك عظمة "


هتفت كارمن باستنكار " مماه !! هل كنت تريدين مني أن أظل معه بعد ما حدث؟؟!! "
شوحت أمها بيدها بقرف وقالت " لم أقل شيئا من هذا ولكن هذا الرجل لديه علاقات مع البنوك ونستطيع الحصول على فرصة أخرى لجدولة الديون .. لكن الظروف اجتمعت حتى نسقط شر سقطة ( ووضعت يدها على صدرها تحاول التنفس بينما يدها الأخرى تسند بها ظهرها وهي تتحرك في الغرفة وغمغمت ) استرها يا رب ولا تفضحنا .. ماذا سنفعل؟؟ .. كيف سنعيش .. أشعر أني سأموت.. سأموت "


تأمل عاصم زوجته بحزن في ذلك الثوب الأسود ذو الخطوط البيضاء من تنورة حتى منتصف ساقها وسترة من نفس اللون بينما شعرها الأسود القصير حتى كتفيها والتي لم تمنعها ظروفهم المادية من أن تهتم بأناقتها بمبالغة كعادتها .. ثم أشاح بوجهه بعيدا مشلول التفكير .. فبالرغم من غيظه وحنقه من زوجته ويود لو يفجر رأسها خاصة وأنها لم تحاول ترشيد الانفاق طيلة السنوات الماضية التي تلت تلك الضربة القاصمة التي حلت بشركة في البورصة لكنه يعرف أنها لن تستطيع أن تعيش في مستوى مادي واجتماعي أقل مما تربت عليه وعاشت فيه ..
أما الأمر الذي لا يستطيع أن يتحمله وربما يكون هو السبب الرئيسي في أزماته القلبية المتكررة هو خوفه من أن تقسو الحياة على كارمن .. ورعبه من أن يغادر ويتركها لأمها بأفكارها التي لا ترى سوى المال والمظاهر الاجتماعية .. خاصة وهو يعرف ابنته .. يعرفها جيدا .. منساقة لوالدتها بشكل مغيظ .
وكأن كارمن تسمع أفكاره فربتت على شعره الأشيب تقول بحنان " لا تقلق دادي كل شيء سيكون بخير صدقني "


قالتها كارمن كاذبة حتى تريحه وتنفض عنه القلق فربت على كتفها وقال "ثقتي في الله كبيرة "
رن هاتفها فخمنت هوية المتصل قبل حتى أن تنظر فلم يعد إلا قلة قليلة ممن يسأل عن أحوالها خاصة وأنها لم تكن ذلك الشخص الاجتماعي الذي يرتبط بصداقات فمن ناحية كانت علاقاتها سطحية حتى في الحفلات والتجمعات الخاصة بوالدتها ومن ناحية أخرى لم يكن لديها وقت لاستمرار الصداقات وسط حفلات ومناسبات والدتها وسفراتها التي لا تنتهي .


تجاهلت كارمن الهاتف ولم ترد فوجدت رسالة على الواتساب من لؤي يقول " أنا أمام المستشفى.. إن لم تنزلي إليّ سأصعد أنا لغرفة والدك وقد ينفعل ويحتد عليّ وتسوء حالته .. لابد أن نتحدث يا كارمن أرجوك "
وقفت كارمن تقول بارتباك "سأعود بعد قليل"
لاحظت والدتها ارتباكها فقالت " هل هذا لؤي ؟ "..


توترت كارمن فقالت والدتها" اسمعي حبيبتي انه يحاول التواصل معك طيلة الشهرين الماضيين (وابتلعت ريقها واكملت ببطء ) فكنت أقول لو تعطيه فرصة ربما عرض أن يقوم والده باتصالاته مع البنك و ..."
قاطعها صوت زوجها بوهن قائلا" لا أريد منه شيئا حتى لو سأدخل السجن الآن .. كيف تفكرين يا شويكار!! "


صاحت شويكار "ليس بالضرورة أن تكون جادة في العودة إليه .. ربما لو أوهمته ثم ... "
صاح عاصم باسمها ناهرا ثم سعل لتسرع إليه كارمن جزعة فأشار لها عاصم يطمئنها بينما تمتمت شويكار مستدركة بحرج " كنت أقصد .. كان غرضي الأساسي أن تعود إليه .. فابنتك تحبه .. أليس كذلك يا كراميلا أنت تحبينه ؟"
بدا سؤال والدتها غريبا .. وتعجبت أن ترتبك من هذا السؤال..


هل تحب لؤي ؟ ..
إن لم تكن تحبه كيف هو الحب ؟؟
والسؤال الأهم...
أيوجد حب كالذي تقرأ عنه في الروايات ؟
انقذها والدها من إيجاد رد سريع على سؤال والدتها حين قال بوهن قبل أن يعود ليسعل " أتركيها يا شويكار ولا تشوشي على أفكارها "
نظرت كارمن نظرة شاردة لأمها فأكمل والدها " إذا أردت الحديث معه اذهبي يا كارمن ( نظرت نحوه كارمن بنفس النظرة الشاردة فأكمل ) وإن لم تريدي فلا تفعلي "


رسالة أخرى على الواتساب لتجد لؤي يقول " بعد خمس دقائق سأصعد .. أنا أعلم أنك في غرفة والدك الآن "


كانت رسالة لؤي الثانية هي من حسمت الموقف فتحركت كارمن تستأذن قبل أن تغادر لتقابل لؤي في حديقة المستشفى وسؤال ملح يدور في ذهنها هل تقبل بالعودة له حتى يساعد صفوت بك عائلتها ؟


لكن من يضمن لها أن صفوت عظمة سيساعدهم إن سحقت كرامتها وعادت للؤي !.. فهو على علم هو وابنه بالأزمة المالية التي تعصف بهم منذ عدة سنوات ولم يبادر أحد منهما بأي مساعدة أبدا .


حين فُتح المصعد في الدور الأرضي شاهدها لؤي تخرج منه ترتدي بنطالا من القماش وبلوزة ذات أكمام طويلة تتهادى برشاقة بذلك الحذاء ذو الكعب العالي مقبلة نحوه فبدت كنجمة سنيمائية خاصة مع شعرها البني الفاتح الذي ينسدل على كتفيها وظهرها ..
وقفت كارمن أمامه تتحكم في الألم في صدرها ورغبة ملحة في البكاء .. وشعور بالإهانة يخنقها .. فتمتم لؤي بحشرجة " مرحبا "


قالت باختناق " ماذا تريد ؟"
نظر للمارة حولهما في استقبال المستشفى وقال " هل سنتحدث هنا ؟"
قالت بإصرار "قل ما تريد يا لؤي بسرعة "
قال لؤي بحرج" فلنقف في الحديقة ما رأيك "
لم تجيبه ولكن تحركت تخرج إلى حديقة المستشفى بشكل آلي فتبعها لؤي في صمت .


بعد دقائق قال لؤي وهو يقف قبالتها ويراها تواجهه متكتفة " أنا أعترف أني أخطأت "
صاحت كارمن بصوتها الرفيع منفعلة" أخطأت !! اسمها خنت يا لؤي أنت خائن "
أطرق لؤي برأسه أرضا في حرج ثم قال" أعترف أني خنتك ( ورفع رأسه ليقول بعاطفة ) لكني أحبك يا كارمن صدقيني "
شعرت كارمن بالغثيان فقالت بقرف" تحبني لكنك تعاشر نساء أخريات ( وأكدت على كل حرف ) في الحرام "


قال لؤي بتوسل " أعدك أني لن أكررها .. أعترف أني مخطئ .. تعلمين الرجال أحيانا يضعفون تجاه هذه الأمور ولا يوجد شاب لا يفعل ذلك صدقيني أنت فقط لا تعرفين عالم الرجال"


رددت كارمن مستنكرة" لا يوجد شاب لا يفعل ذلك !! .. أنا لست ساذجة لهذه الدرجة يا لؤي فليس كل الشباب يمارسون الحرام "
همت بالمغادرة فأمسك بذراعها قائلا بتوسل " كارمن أنا أخطأت فاعطني فرصة واحدة فقط "
استدارت إليه تقول بانفعال" وماذا ان أعطيتك فرصة وتغاضيت عن جرح كرامتي ؟.. ماذا ستفعل؟ .. ما نهاية هذا الحب الذي تتحدث عنه؟؟؟"


ارتبك لؤي وتمتم" أنا أحاول أن أقنع والداي بزواجنا صدقيني أحاول لكن ..."
صمت قليلا فقالت كارمن " لكن ماذا؟؟.. هما غير موافقان على زواجنا أليس كذلك؟ .. كنت أعرف أنني لا أروق لوالدتك لكني كذبت على نفسي بأنك ستستطيع اقناعها .. ( وقالت بلهجة متألمة ) هل هذا بسبب حالتنا المادية ؟"


أسرع لؤي يقول " كلا ليس بالضبط ولكن (وصمت قليلا يحاول ايجاد صيغة مناسبة ثم أكمل ) ولكن أبي يرغب في تزويجي من عائلة الشهاوي لوجود مصالح مشتركة بينهما ولدمج الشركتين سويا "


شعرت كارمن بخيبة الأمل .. لكنها ابتلعت المرارة في حلقها وتمتمت وهي تهم بالمغادرة "مبروك "


أمسك لؤي بمرفقها يقول" أنا أراوغه وأحاول إقناعه .. اعطني الفرصة يا كارمن أرجوك "
استدارت إليه تداري الألم في صدرها وقالت وهي تتأمله وكأن ما مر بها منذ شهرين قد صفعها لتستفيق فتجد أمور كثيرة غريبة حولها " كان لديك فرصا كثيرة لسنوات عديدة مضت لكنك لم تفعل شيئا .. (وابتلعت ريقها لتكمل بصوت مختنق) لا ترسل لي مرة أخرى .. فحياتي لم يعد فيها أي فرصة لرفاهية التفكير في الزواج بعد الآن .. وانفصالنا أفضل للجميع فعائلتك لن تقبل بأن ترتبط بعائلة مفلسة .. اذهب ونفذ رغبة والدك فما أصعب من أن توجعهما بتمردك .. ( ونظرت أمامها تكمل بشرود ) أما أنا .. فالدنيا أدارت وجهها لي وانتشلتني من طريق ورمت بي في طريق آخر لم اكتشفه بعد .. اذهب إليهم يا لؤي ودعني أنا وعائلتي فلدينا ما هو أهم بكثير من علاقة عاطفية انتهت بخيانة وخيبة أمل "


××××


في المساء :


أمسك يونس بذراع زياد بقوة فكاد أن يهشم عظامه وهو يقول بلهجة باكية وصوت أعلى من الموسيقى الصاخبة التي تعم المكان في ذلك النادي الليلي " أمسكني جيدا سأموت .. إنهن مذيبات للأعصاب "


قال له زياد موبخا " أنت السبب.. أنت من جلبتنا إلى هنا .. بالله عليك ما هذا العذاب الذي أوقعتنا فيه (وتطلع للفتيات اللاتي ترقصن الديسكو أمامه في الساحة التي تضم شبابا من الجنسين تحت الكشافات الملونة وابتلع ريقه يكمل بلهجة معذبة ) بالله عليك ما معنى أن نشاهد دون أن نلمس أو حتى نشرب !! "
رد يونس بشك وهو يتطلع في فتاة معينة ترتدي شورتا قصيرا من الجينز وبلوزة ذات حمالات رفيعة ترقص بنشاط وأنوثة " نحن على العهد أليس كذلك يا زياد ؟!!.. لن ننزلق في الوحل أليس كذلك يا صاحبي !!"


أنزل زياد نظارته الأنيقة ومسح زجاجها وأعادها مرة أخرى على عينيه لتتيح له الرؤية بشكل أوضح متمنيا لو تكون نظارة معظّّمة وليست طبية .. وقال وهو يحدق في فتاة أخرى بجوارها " غالبا .. نعم "


لاح الهلع على وجه يونس ليصيح بعينين متسعتين " ها ؟؟ غالبا ؟؟"
استدرك زياد وهو يشيح بنظراته عن الفتاة وينظر ليونس قائلا " أقصد نعم .. بالتأكيد نحن على العهد .. لا مُنكر .. لا علاقات محرمة .. لا انزلاق في الوحل "


فعاد يونس ليقول بلهجته المعذبة مازحا " لكني أحب الوحل يا زياد أحبه جدا.. أريد هذا الوحل ذو الشورت القصير و (............)"
قهقه زياد وقال " ومن كان صاحب فكرة هذا العهد منذ أن وصلنا من ثلاث سنوات يا فهيم ؟!"


أكمل يونس مزاحه وهو يتجرع مشروب غير كحولي ليقول بنفس اللهجة المعذبة "

اعتبرني طفلا وسحبت كلمتي .. تستطيع أن تخبر الجميع وتعلنها صراحة .. وتقيم عليّ حفلا كما تريد .. لكن دعني انزلق في الوحل يا صديقي .. فأنا أحبه "
وتحرك نحو ساحة الرقص فأمسك زياد بذراعه ضاحكا ليعود معه يونس بملامح بائسه ثم سأله" من منا كان صاحب هذه الفكرة المعذبة بالحضور إلى هنا اليوم ؟ "


رد عليه زياد وهو يتجرع مشروبه " شخص مجنون يدعى يونس الشهير ببقلظ "
رد عليه يونس " وكيف توافق مجنونا في هذيانه يطلق على نفسه اسم بقلظ يا درفيل !! "


ضحك زياد مجددا وهو ينظر في ساعته ليرى إن كان الوقت الذي ستنتهي فيه عهد من ورديتها في محطة البنزين قد اقترب أم لا ليقول مسرعا وهو يترك الزجاجة جانبا " عموما عليّ أن أغادر فعهد ستنتهي من عملها بعد قليل .. هل ستأتي معي أم ستبقى؟؟ "
رد يونس وهو مازال يحدق في الفتاة التي لاحظت وسامته وتحديقه بها فغمزت له " بل أتركني في الوحل قليلا "
سحبه زياد من ياقة قميصه فتحرك معه يونس وهو مازال يتطلع للفتاة التي تعجبت من مغادرته رغم أنها دعته لمشاركتها.


في الخارج لفحهم الهواء البارد عند خروجهم من باب النادي الليلي فرطب من سخونة احاسيسهما ليتمتم يونس بلهجة معذبة " إلى متى يا درفيل سنشاهد فقط دون أن نتذوق .. أرأيت جمالهن؟! .. ماذا يكلن ؟.. البوغاشة "


عقد زياد حاجبيه وسأله وهما يسيران في الشارع الهادئ " ما هي البوغاشة ؟!"
رفع يونس حاجباه اندهاشا ثم رد " ألا تعرف ما هي البوغاشة !!.. ألم تأكل في بيت والدك الثري بوغاشة من قبل؟! "


حرك زياد كتفيه ورد نافيا فتطلع إليه يونس وقال متهكما " إلى متى سأعلمك وأطلعك على العالم حولك يا بني .. أحيانا تشعرني أنك كنت تعيش في علبة مخملية محفوظا في خزانة عليها أرقام سرية "


تأمله زياد وهما يسيران شاعرا بوحشة لصاحبه من الآن .. متألما من الفراق الوشيك .. ثم مط شفتيه وقال بكبرياء يناكفه وهو يضرب كتفه بخشونة في ذراع يونس " هذا أفضل من أن أتربى في حارة شعبية "


رد يونس وهو يعيد له الضربة في ذراعه بكتفه هو الآخر شاعرا بنفس المشاعر الحزينة لاقتراب فراق صاحبه " عزيزي .. من ولدوا وتربوا في حارة شعبية أفضل من أمثالك المدللين المولودين بملعقة فضة في أفواههم "


صاح زياد باستنكار طفولي " أنا مدلل يا همجي "
لف يونس ذراعه العضلي حول رقبة زياد الذي قال بصوت مختنق " يونس .. يونس رقبتي يا يونس .. دعني يا غبي هاتفي يرن .. هذه نغمة عهد"


حين لم يستجب يونس واستمر ضاغطا أخرج زياد هاتفه ووضعه على أذنه بصعوبة يقول بصوت مختنق " نعم عهد ( ليعلو صوته صائحا بجزع ) ماذا حدث يا عهد اهدئي لأفهم "


قبل قليل :


تحركت عهد تحاول أن تعتمد على الخريطة في هاتفها للوصول لذلك النادي الليلي الذي يلهوان فيه .. فقد أخبرها يونس أنهما سيسهران في هذا النادي حتى تنتهي من عملها ليأتيا لاصطحابها كما يفعلان كل يوم لكنها اليوم استأذنت مبكرا لتفاجئهما في الملهى الليلي وتضعهما أمام الأمر الواقع .. فهما يرفضان تماما أن تشاركهما جنونهما ومرحهما في مكان كهذا ..
وهذا يستفزها ..


تكره أن يقصيانها بعيدا بحجة أنها فتاة .. يكفي تسلطهما عليها في تحركاتها آخذين على عاتقهما حمايتها في هذا البلد الغريب .. وبالرغم من أنها ممتنة لذلك الاهتمام والأمان الذي يمنحانها وهي التي لم تتلق ذلك الاهتمام والرعاية من قبل من أي أحد .. لكنهما يستفزانها في مبالغتهما في حمايتها ..
حتى عملها في محطة البنزين كان لابد أن يصاحبها أحد منهما وهي عائدة ليلا لأنها تعمل في الفترة المسائية حتى تلحق بدروسها في الصباح ..


وقفت في الشارع الهادئ تشعر بأنها قد أخطأت الاتجاهات فحدقت في الخريطة الالكترونية في هاتفها تتبع الإشارات التي تخبرها أنها في المكان الخطأ فتحركت عائدة من حيث أتت لتبحث عن الطريق الصحيح ..
لكن صوت بعض الخطوات خلفها وبعض الضحكات المكتومة وترها وجمد عمودها الفقري رغم ادعائها دوما أمام صاحبيها بكل عِند أنها لا تخشى السير في الشارع ليلا.
أسرعت الخطى فألقى أحدهم بالألمانية عبارة وقحة متغزلا وصلت لمسامعها ليقصف قلبها في صدرها بعنف ..


وحين لم تلتفت أكمل الرجل " إلى أين أنت ذاهبة يا حلوتي؟ .. ألا تشعرين بالوحدة مثلي؟ .. تعالي لنتسلى معا "


ارتفع لهاثها وهي تهرول محاولة الهرب لكن الشارع كان طويلا لا ينتهي والهدوء يعم المكان في هذا الوقت من الليل رغم أن الساعة لم تتجاوز العاشرة .. ففتحت الهاتف لتطلب زياد بسرعة وتقول وهي تهرول " زياد انجدني يا زياد .. أنا لا أعرف أين أنا وهناك رجل يتتبعني "
قال الرجل من خلفها ضاحكا " بأي لغة تتحدثين ؟.. أم أنك مخلوق فضائي !"


قالت لزياد متوترة" سأرسل لك المكان على الهاتف "
صرخ زياد على الجانب الآخر وهو يتحرك هو ويونس بتوتر " أرسلي العنوان بسرعة وابقي معي على الهاتف"..
بعد ثوان تطلعا بحيرة في المكان الذي أرسلته ليحدد يونس احداثياته فيتجهان نحو الشارع بسرعة بينما عهد مازالت تهرول وضحكات الرجل الذي يتتبعها تطاردها وقد خمنت من طريقة حديثه أنه سكران .


قال الرجل بلهجة متسلية " سألحق بك في النهاية لذا لا تجهدي نفسك يا حلوتي في الركض"


صرخ زياد على الهاتف مرعوبا" اجري يا عهد ولا تلتفتي وراءك نحن آتين من شارع جانبي "
قالت عهد بلهجة يخنقها البكاء" أسرعا"
فجأة وقع الهاتف أرضا وانكفأت عهد على وجهها في الشارع فشعرت بألم مبرح في ركبتها لكنها اعتدلت بسرعة واستدارت لتجلس وتحدق في وجه الرجل الذي بدا بالفعل سكرانا وهو يقف ينظر لها من عِليّ ويضحك بانتصار .. فتراجعت للخلف وهي جالسة على الأرض تنظر له بتوتر لاهثة بينما قلبها يكاد يتوقف من فرط سرعة خفقانه .. ثم تطلعت حولها تبحث عن مخرج .. لكن الرجل لم يترك لها مجالا ومال بجذعه يسحبها من شعرها فأطلقت عهد صرخة قبل أن يترك الرجل شعرها متأوها حين ركله زياد في جانبه بينما عاجله يونس في وجهه بقبضته.


ترك زياد يونس يتعامل مع الرجل الذي استقام مزمجرا يلقي بنفسه على يونس ونزل بركبتيه على الأرض أمامها يسألها بلهفة "هل أنت بخير يا عهد؟؟ "


ظلت لبضع دقائق تغطي وجهها بكفيها تحاول لملمة أعصابها وهي تسمع صوت المعركة وتأوهات الرجل .. ثم رفعت رأسها تطمئن زياد بأنها بخير برغم ارتجاف جسدها الشديد .
فتقبض زياد محاولا التحكم بأعصابه حتى لا يأخذها بين ذراعيه يسحقها بقوة ليطمئنها ويطمئن نفسه أنها بخير .. وحتى لا يتهور ويحطم رأسها اليابسة بالأسفلت .. واستدار لتفقد يونس ليصيح فجأة بهلع وهو يستقيم ويندفع نحوه " يونس .. كفى يا يونس ستقتل الرجل"


كان الرجل ممددا على الأرض ويونس يجلس فوقه يسدد له اللكمات المتلاحقة بهيستيريا وغل .. ولم يستجب لصياح صاحبه حتى وصل إليه الأخير وسحبه بقوة ليقف على قدميه تاركا الرجل .. وأرعبه تلك النظرات المخيفة التي كانت تلوح في عيني يونس .. فضربه على كتفيه بكلتا يديه يبعده بخشونة قائلا بتوبيخ " الرجل كان سيموت في يدك "


بلع يونس ريقه ومرر أصابعه في شعره بتوتر يحاول السيطرة على انفعاله ثم استدار لعهد يقول بصوت مبحوح "هل أنت بخير؟"


أومأت عهد برأسها وهي تنفض عن ملابسها التراب فقال زياد " هيا نهرب بسرعة من هنا .. فلو اكتشفوا أننا تشاجرنا مع مواطن لن يمر الأمر على خير "


ثم تقدم يسحب عهد من يدها ويهرول بينما الأخيرة تنظر ليونس من خلف كتفها .




بعد ساعة كان يونس يقف في غرفة عهد يصيح بعصبية موبخا "لا أفهمك صدقا يا عهد لا أفهمك .. كيف تغامرين وتسيرين في الشارع وحدك في هذا الوقت من الليل؟!!!"
صاح فيه زياد الذي كان يقف بجواره متخصرا " لا تصيح في وجهها (ثم استدار إليها صائحا ) أخبريني يا عهد كيف فعلت ذلك؟؟"


تدخلت فانيسا التي كانت تجلس على السرير بجوار عهد التي تحضن ركبتيها وتنام عليهما بينما شعرها الكستنائي المموج ملقي على جانب واحد تحدق بنظراتها في الفراغ لتقول فانيسا بالألمانية" اخفض صوتك يا زياد .. الفتاة مازالت تحت تأثير الموقف "
صاح زياد بالألمانية منفعلا" إنها متهورة .. وغير مسئولة كادت أن تتسبب لنفسها في مصيبة "


التزمت عهد الصمت تحدق في اللا شيء .. بينما تحرك يونس مغادرا في مزاج عابس بعد أن أشعل سيجارة متوجها لشقته بينما هاتفه على أذنه يطلب فريدة التي ردت بوجوم " ماذا تريد ؟"
قال بخفوت" ماذا تفعلين؟ "
ردت ساخرة " وماذا تعتقد اني أفعل في هذا الوقت من الليل !!... بالطبع في سريري استعد للنوم"


قال بصوت فضح مزاجه العكر " ماذا فعلت اليوم أخبريني؟ كيف كان يومك؟"
استشعرت فريدة أنه ليس على ما يرم فقالت بقلق "ما بك يا يونس هل حدث شيء"
قبل أن يرد أصدر هاتفه اهتزازا فأبعده ليجد فارس يتصل فقال لفريدة " أخوك يتصل بي سأعاود الاتصال بك"


ثم فتح المكالمة يبادر بالقول ملونا صوته بلهجة مرحه حتى لا يقلق أخاه " عم الشباب ! أأمرني "
قال فارس بلهجة صلبة " متى ستعود؟ "
ضيق يونس عينيه ورد " لم أحدد بعد "
قال فارس بلهجة آمرة " بل حدد .. خلال أيام أريدك في الوطن "


رفع يونس حاجباه ورد " لكني لست مستعدا بعد للعودة وأفكر في الحصول على درجة الدكتوراه أيضا"
هدر فارس قائلا " ماذا ؟!! .. أنا لن أسمح بهذا .. ستعود فورا لسنا بحاجة لتلك الدكتوراه "


قال يونس محاولا إقناعه وهو يدخل شقته ويغلق الباب خلفه "حصولي على الدكتوراه سيجعلني أفيدكم في المصنع أكثر يا كَبير .. كما أنني لم أقصر في عملي معك في إدارة المصنع سنبقى كما نحن ( أنت المخ وأنا العضلات ) اقصد أني اتولى الأمور التي تخص العلاقات الخارجية والاتفاقات والتعاقدات باللغات الأجنبية وأدير بريدك الالكتروني أفضل من أي سكرتير فذ مجتهد وأساعدك في إدارة المصنع .. ولا أجد أن سفري يؤثر على العمل إطلاقا"


قال فارس بإجهاد وقلة صبر وهو يدخل غرفته بعد يوم طويل مرهق " الأمر ليس له علاقة بالعمل .. الأمر أننا لم نعد نستطيع تحمل سفرك .. ووالدتك تكبر بالعمر وتريد أن تراك .. هل ستتحمل أن يسترد الله أمانته أطال الله في عمرها وأنت بالخارج "


انقبض قلب يونس وتمتم " أطال الله في عمرها لا تقل هذا الكلام يا فارس "


بينما أكمل فارس بلهجة غامضة وهو يخلع سترته " كما أنني أريدك أن تكون هنا لتعرف كل كبيرة وصغيرة في المصنع لتديره من بعدي"


صاح يونس منفعلا " ما هذا الكلام يا فارس !!!!... بعد عمر طويل بإذن الله .. إرث ماذا الذي سأديره من بعدك .. ما هذا التشاؤم !"
غمغم فارس بخفوت " لا أحد يعلم متى تحين ساعته"


رد يونس بإصرار وهو يتجول بعصبية في الغرفة جيئة وذهابا متفاجئا بطلب أخيه الذي لم يحسب له حسابا " لكني لست مستعدا للعودة الآن يا فارس"


هدر صوت فارس بقوة " يونس ! .. ستعود فورا .. أريد أن أراك أمامي خلال أيام هل سمعت !"
حك يونس جبينه بيده متوترا وقد تسارعت أنفاسه يقاوم مشاعر متضاربة في صدره لكنه لم يملك آخر الأمر أمام لهجة فارس الآمرة إلا أن يقول بخفوت مستسلما "أمرك أخي "


قال فارس وقد شعر بالراحة " حسنا أخبرني حين تحصل على تذكرة العودة تصبح على خير"


أغلق فارس الخط ليجد اتصالا من الشيمي الذي تركه قبل قليل فعقد حاجبا متعجبا ورد بلهجته الصلبة الجادة " نعم "


جاءه صوت الشيمي يقول " لؤي عظمة زار عائلة السيوفي بالمستشفى لكنه لم يصعد .. بل نزلت إليه ابنة عاصم السيوفي وظلا يتحدثان .. وأمين المكلف بمراقبتهم يقول أنهما بديا وكأن لؤي يحاول اقناعها بالعودة له "
ازدادت ملامح فارس خطورة وجز على أسنانه يقول "حسنا.. نبه عليه أن يستمر في المراقبة "


وأغلق الهاتف ليلقي به على السرير وتسمر قليلا يفكر ثم تمتم بغل وهو يفك أزرار قميصه " ما دمنا قد كشفنا أوراقنا .. إذن فلنلعب على المكشوف يا صفوت بك فقد سئمت الانتظار .. وتأكد أنني لن أتركك تهنأ بشيء لا أنت ولا أسرتك.."


وخلع قميصه يلقيه أرضا ليتأمل جذعه العضلي العاري في المرآة وذلك الوشم الذي رسمه يوما ما وهو مراهق يغطي كتفه الأيسر حتى رسغه وكأنه أراد في لحظة يأس أن يسجل على جسده مأساة عائلته حتى لا ينسى يوما أن عليه أن ينتقم لوالده ولأسرته..
تأمل فارس الوشم .. وخيل إليه في تلك اللحظة أن خطوط الوشم السوداء قد تأججت حتى صارت كالجمر المشتعل.


××××


يتبع





Shammosah 07-10-19 01:06 PM

6
 
في اليوم التالي :


صرخت شويكار بحدة " هل تعرف من أنا ؟؟؟ .. كيف تتكلم معي بهذه الطريقة ؟؟ "
قال موظف الاستقبال بأدب " آسف يا هانم لكني لا أجد إساءة أدب فيما قلت بأن المستشفى تريد تسديد دفعة من المصاريف دون مزيد من التأجيل.. كما أنكم عليكم تحديد موقفكم من العملية الجراحية خلال ثمانية وأربعون ساعة لأن الطبيب الأجنبي سيغادر بعدها عائدا لبلاده .. ( وأكمل بلهجة ذات مغزى ) وهذا القرار سيتطلب اعطائنا دفعة تحت الحساب من مبلغ العملية الجراحية "
شمخت بأنفها بكبرياء وقالت " الأمر وما فيه أن هناك بعض الإجراءات تعطل السحب من ارصدتنا في البنوك ولقد وعدتك ...."
قاطعها الموظف بإصرار مهذب " آسف يا هانم "


ردت شويكار بوعيد لتحافظ على ماء وجهها "سأتحدث بنفسي مع المدير لأرى هذا الأسلوب الغير راقي في التعامل مع النزلاء "
وابتعدت تطرق بكعب حذائها بعصبية وشموخ رغم حالتها النفسية السيئة ورعبها من المصير المجهول للعائلة ..


لمن تلجأ وماذا تفعل؟..
وكيف ستستطيع العيش هي وأسرتها في مستوى اجتماعي أقل مما تربت عليه طيلة عمرها .. هذا بخلاف شماتة الحاقدات والمنافسات لها .. فهي مؤمنة بأن كلهن يغرن منها ومن ابنتها.


جلست في مقهى المستشفى تفكر في أي حل لإنقاذ السفينة التي أوشكت على الغرق شاعرة بالصداع النصفي يشق رأسها .. وهي تعيد اتصالها بأخيها المهاجر للخارج منذ سنوات طويلة لترى إن كان سيستطيع مساعدتها لكنه بعد تلقى اتصالها منذ أيام ووعدها بعبارات مجاملة لم يرد على اتصالاتها المتكررة بعد ذلك حتى الآن ..


شتمت بالفرنسية في سرها وتمتمت بنفس اللغة "سيظل نذل وجبان "
أخذت تهز ساقها تحت المنضدة بتوتر .. متسائلة عما يمكن أن تقوم به المستشفى لو لم تدفع لهم اليوم ولو دفعة من الحساب المتأخر؟ ..


هل سيطردونهم ؟ أم ماذا ؟
وكيف سيكون منظرها أمام مدير المستشفى والجميع إن لم تدفع .. ستتأكد بذلك الشائعات التي تحاول انكارها أمام المحيطين بقرب اعلان افلاسهم وبأنهم رهنوا الفيلا من أجل تسديد بعض الديون.


كيف سيكون منظرها أمام عضوات الجمعية الخيرية التي ترأسها ؟؟.. وأمام الوسط المخملي الذي تعيش فيه؟؟ ..
شويكار الشبكشي مفلسة!! ..
شويكار الشبكشي ابنة الباشوات سليسلة أعرق العائلات ..مفلسة !!..


شعرت بصدرها يضيق والدموع تتحجر في عينيها والصداع النصفي يزداد ..
ياله من شعور مذل أن تضطر لأن تمد يدك للرعاع والدهماء تستجديهم وأنت كريم الأصل .
قررت أن تستخدم ذكائها في كسب المزيد من الوقت فلا يوجد لديها سوى ذلك حاليا .. فاستقامت تعود لموظف الاستقبال بخطوات رشيقة أنيقة أرستقراطية تشمخ بأنفها بتعمد..


لفت انتباهها وهي في طريقها للاقتراب من مكتب الاستقبال ذلك الرجل الذي يتحدث معه الموظف ببشاشة وأدب .. وتأملت الحلة الأنيقة التي يرتديها فأثنت في سرها على اختياره بخبرتها الكبيرة في بيوت الأزياء المحلية والعالمية .. ولمعت عيناها بإعجاب لتلك الوجاهة والهيبة التي يبدو عليها صاحبها.. فتملكها الفضول أن تعرف هويته .. وحين اقتربت شعرت بأنها سبق وأن رأته.. لكنها لم تستطع اللحاق به .. فبمجرد أن اقتربت كان هو يودع موظف الحسابات بلهجة جادة ويرحل .


وقفت لثوان تتأمل طول قامته من الخلف واستشعرت هيبته الخطرة .. ثم استدارت تقول لموظف الحسابات بكبرياء " أخي سيقوم خلال ساعات بتحويل بعض الأموال السائلة لنا من الخارج حتى ننهي الإجراءات الخاصة بالبنك ونستطيع السحب من أرصدتنا.. (وأكملت بلهجة ذات مغزى ) ولكني لن أنسى هذه المعاملة .. وتأكد أني كرئيسة أكبر جمعية خيرية في البلد سأنصح جميع عضواتي بعدم التعامل مع مشفاكم لتدني المستوى المهني للعاملين به "


قال الموظف بلهجة مهذبة استشعرت اختلافها عما حدث منه قبل قليل " أنا أعتذر جدا يا هانم لكنك تعلمين أني مجرد موظف أقوم بعملي .. عموما لقد قام البك بدفع كامل المتأخرات ودفع مبلغ من تحت الحساب للعملية الجراحية ( وأكمل بلهجة احترافية ذات معنى ) وسنقوم حالا بحجز موعد للعملية الجراحية حيث أخبرنا سيادته بأنه سيرسل بمن يهتم بباقي إجراءات الدفع لتكاليف العملية الجراحية وأعطانا عنوان مكتبه "


من ؟
ماذا ؟
كيف ؟؟؟


وقفت شويكار ذاهلة .. فاقدة للنطق لثواني تحاول الاستيعاب .. شاعرة بأنها أخطأت في السمع .. لكنها سرعان ما تماسكت لتبدو غير متفاجئة وغير راغبة في أن تنهار من البكاء .. وسألته بلهجة جاهدت أن تكون عادية "من تقصد بالضبط قام بالدفع؟؟؟؟؟؟ حيث أن أخي أخبرني أنه قد يرسل أحدهم للدفع "
تكلم الموظف وهو يمسك ببطاقة عمل في يده " فارس بك يا هانم .. فارس سعد الدين .. "


وجهت شويكار نظراتها نحو باب المستشفى الذي خرج منه فارس منذ دقائق واختفى.. وتذكرت أنها شاهدته في بعض المناسبات من بعيد.. وسمعت عنه الأخبار الكثيرة التي تملأ المجتمع المخملي وهمست " فارس سعد الدين رجل الأعمال صاحب مصانع السيراميك ؟!!"


أكد الموظف وقد سمعها ليقول " أجل يا هانم .. وقد كان في زيارة لعاصم بك منذ قليل "
همست شويكار بمزيد من الاستغراب " عاصم !!"


ثم استدارت مسرعة تضرب بكعبها الأرض الملساء تحت قدمها بعجلة لتحاول فهم ماذا يحدث بالضبط.




قبل قليل في غرفة عاصم السيوفي :


أخذت كارمن من والدها سماعة الهاتف لتعيدها بجانب السرير وتأملت للحظات شروده بقلق من أن تكون مكالمة استقبال المستشفى بشأن المستحقات المتأخرة التي لم تدفع بعد فسألته " ما بك دادي ماذا يريدون؟ ".


خرج من شروده ليرد عليها بلهجة عادية طمأنتها "إنهم يبلغوني بزيارة أحدهم "
شعرت كارمن بالراحة وقالت بلهجة مداعبة تداري حالتها النفسية السيئة وهي تسحب حقيبتها وتقف "حسنا دادي مادام لديك ضيوف سأذهب لمقهى المستشفى لأشرب بعضا من القهوة وآخذ مسكنا فيبدو أن الصداع النصفي سيزورني الليلة ( وأكملت في سرها ) وأختلي بنفسي قليلا حتى لا أنهار أمامك "


ابتسم لها عاصم بحنان يداري هو أيضا قلقه ومعاناته النفسية والجسدية وطوفان الأفكار الذي يعصف به ليسمعا طرقا خفيفا على الباب قبل أن يدخل فارس بملامحه الجادة المتجهمة عليهما يلقي السلام ..
شعرت كارمن بالرهبة وبعض الخوف حين دخل ذلك الرجل المهيب والذي تجاهل وجودها موجها نظراته لوالدها متقدما نحوه يسلم عليه بتهذيب فارتبكت وتمتمت بكلمات غير مفهومة واسرعت بالمغادرة وقد داهمتها رغبة غريبة في البكاء! .


تمتم عاصم مرحبا رغم اندهاشه من الزيارة الغريبة لذلك الشاب حديث عالم الأعمال في السنوات الأخيرة .. ما بين معجب بأن يتحول في خلال عشرين عام من مجرد عامل بلاط وسيراميك بسيط لرجل أعمال يملك مصنعا للسيراميك بدأ ينافس المصانع الكبيرة .. وبين حاقد عليه كيف استطاع هذا الشاب متوسط التعليم والذي لا يحمل شهادة جامعية وإنما مجرد شهادة الثانوية العامة أن يصل لما وصل إليه .. وثالث متوجس ومرتاب يتبنى تلك الأخبار والاشاعات التي تحوم من حوله تشكك في مصدر أمواله وثراؤه الغير مقنع .


تكلم فارس بصوته الرخيم يقول بثقة وهو يفتح زر سترته ويعتدل جالسا على المقعد المواجه للسرير "أعتقد أن سيادتك لا تعرفني ( وأخرج بطاقة العمل يناولها له فالتقطها عاصم دون أن ينظر فيها متفرسا في ملامح فارس الذي أكمل يقول ) أنا فارس سعد الدين .."


قاطعه عاصم يقول " أعرف من تكون سمعت عنك الكثير ورأيتك في أكثر من ملتقى لرجال الأعمال"
قال فارس بجديته التي تلازمه " أولا أحببت أن أطمئن على صحتك وثانيا جئت اليوم إليك بطلب واقتراح "
بدا الاهتمام على ملامح عاصم ليقول بهدوء "تفضل"


صمت فارس لثانية يسحب نفسا يملأ به صدره قبل أن يبادر بالاقتراح أولا بأسلوب التاجر المتمرس " اذا سمحت لي أنا سمعت بشأن التعثر المادي الذي تواجهه في الفترة الأخيرة .. وكنت أقترح إن لم يكن لديك مانع أن تسمح لي بالمساعدة .. فأنا أعرف من يستطيع التأثير على مدير البنك الذي تتعامل معه ليمنحك فرصة لإعادة جدولة الديون بأقساط مريحة .. كما أنني إذا رغبت من الممكن إذا ما اطلعت على الوضع المالي لشركتكم بالتفصيل أن اقترح بعض الحلول (وتنحنح متحرجا يقول ) ربما لا أحمل شهادة جامعية لكني موهوب في الحساب وأثق أني قد استطيع اقتراح بعض الحلول منها أن تصفي شركتك وتدخل كمساهم معي في مشاريعي فلا تجهد نفسك في العمل .. ( وأكمل بلهجة ذات مغزى ) كما أنني بالتأكيد سأتعلم من خبرتك ما ينقصني في عالم الأعمال "
لم ينبهر عاصم ..


ولم يهتز من العرض السخي الذي قد يبهر السذج .. فبخبرته الطويلة يعلم أن هذه المبادرة منه هي من أجل الطلب الذي جاء من أجله .. فصمت قليلا يتفحص ملامحه ثم قال بهدوء " والطلب ؟"


بلع فارس ريقه ليقول بلهجة جادة
" جئت إليك لأطلب يد كريمتك للزواج "
××××




نهاية الفصل الأول

اتمنى يعجبكم

تحياتي

شموسة











AdamDado 07-10-19 01:35 PM

ياعيني ياعيني😍😍😍😍

Khawla s 07-10-19 01:39 PM

الف الف مبروك ياقلبي نزول روايتك الثانيه عالمنتدى عقبال الف روايه يارب ♥♥😘😘😘

تميمة الخير 07-10-19 02:18 PM

حبيبتي يا شيمو.. الف الف مبروك والله تستاهلي كل الخير

nagwa ibrahem 07-10-19 02:52 PM

الف مبروك شموسة وبالتوفيق دائما يا رب 😍

mayna123 07-10-19 03:38 PM

صباح النور عليكم مبروك التنزيل على المنتدى

mayna123 07-10-19 03:40 PM

ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﺎﻫﺪﻭﻥ ﻣﺤﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻵﻥ : 69 ‏( ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ 11 ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﺭ 58 ‏)
mayna123 , Shammosah , Amera mahfoz , Abeer el , mili39 , Shimaaantar , loubna j , nagwa ibrahem , ﺍﻟﻔﺮﺍﺷﻪ ﺍﻟﻨﺎﺋﻤﻪ , ﻭﻻﺀ ﻧﺒﻴﻞ , ﺍﻟﻮﺩ 3

mayna123 07-10-19 03:42 PM

ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﺎﻫﺪﻭﻥ ﻣﺤﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻵﻥ : 69 ‏( ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ 11 ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﺭ 58 ‏)
mayna123 , Shammosah , Amera mahfoz , Abeer el , mili39 , Shimaaantar , loubna j , nagwa ibrahem , ﺍﻟﻔﺮﺍﺷﻪ ﺍﻟﻨﺎﺋﻤﻪ , ﻭﻻﺀ ﻧﺒﻴﻞ , ﺍﻟﻮﺩ 3
.

ياسمين@# 07-10-19 04:03 PM

ألف مبروك الرواية يا أحلى شموسة انشالله دائما بالتوفيق والنجاح انت كاتبة ومبدعة واسلوبك بجنن

samam1 07-10-19 04:07 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مبروك الرواية الجديدة. ما شاء الله مبدعة كالعادة

نهى على 07-10-19 05:31 PM

وحشونى قوى يا شموسة فارس الفارس الاصيل وكارمن البسكوتة ويونس بقلظ افندى وكرنبته الحميلة وزيزو وعهد الله الله على الجمال

زهرورة 07-10-19 11:02 PM

الف الف💖💖 مبرووك ياشموسة 😘😘😘روايتك الجديدة

Tota Yehia 07-10-19 11:44 PM

حبيبتي عود أحمد مستنينك على نار موفقة وإن ء الله تكون رائعة كسابقتها❤❤❤

Mwatena mesrya 08-10-19 02:39 AM

الزخات منورة روايتى ياشيمو
وغيابك طال واحنا مش هنصبر كتير
بليز الحقينا ببسمة بقى وروايتها المنتظرة

ام زياد محمود 08-10-19 03:59 AM

يامراحب بعيلة سعد الدين

بداية فى منتهى الجمال

واضح جدا غرور شويكار واستهزائها بكارمن عشان مش على مستوى طموحاتها الغريبة انها على استعداد لأن بنتها تتنازل عن كرامتها وترجع للؤى الخاين عشان تنقذهم من الافلاس
يونس بقلظ افندى عسل ودمه خفيف جدا وصداقته مع زياد حلوه وممتعه جدا

فارس اللى شايل انتقامه على ايده وبيدور على اللى قتل ابوه عشان يجيب حقه

تسلم ايدك ياجميلة

منال سلامة 08-10-19 10:50 AM

الف الف الف مبروووووك شموسة المبدعة ❤❤❤
كل التالق والتميز لعملك ياااارب 🙏❤❤
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


الساعة الآن 03:50 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.