|
مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تعتقدون أن خالد قد مات وانتهى دوره بأحداث الرواية؟؟ | |||
نعم | 0 | 0% | |
لا | 6 | 100.00% | |
المصوتون: 6. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
23-01-21, 06:27 PM | #1 | |||||||||
كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
| شبح في الميدان * مميزة ومكتملة * مساء الخير أنا النهاردة بخوض تجربة جديدة عليا.. لأول مرة أقرر أنشر حاجة من كتاباتي وأتجرأ وأتغلب على خجلي في إني كنت بفضل دايما أحتفظ بكتاباتي لنفسي.. بس في كذا صوت من صديقاتي العزيزات اللي دعموني وقالوا إن اللي بكتبه يستحق إنه يتقرا.. عايزة أوجه شكر لكل حد قاللي كلمة دعم، وبشكر بشكل خاص المشرفة رونتي Rontii والكاتبة سارة عرفات لأنهم ساعدوني كتير في التعرف على أسلوب النشر داخل المنتدى.. وطبعا شكر خاص لـ Maryam Zahra على تصميم الغلاف وتوقيعات الشخصيات تزامنا مع بداية النشر.. أتمنى تقابلوا الرواية بذهن متفتح وتتقبلوها بقبول حسن وطبعا أرائكم كلها تسعدني وانا في بداية الطريق علشان أحسن من نفسي لو فعلا الموهبة متوفرة.. إليكم روايتي الأولى "شبح في الميدان" واللي هيتم باذن الله نشرها على فصول كل يوم سبت في الساعة السادسة مساء.. تنويه جميع تفاصيل هذه الرواية من شخصيات وأماكن وأحداث هي من نسج الخيال وليس لها أية علاقة بالواقع.. وإذا كان هناك تشابه مع الواقع فهذا من قبيل الصدفة مدخل كيف تتصرف عندما تكون حياتك سلسلة لا نهائية من الأوجاع والصدمات وخيبات الأمل؟ إذا تخلى عنك الأهل واتخذت داعما بديلا استغل ولاءك وكافأك بالخذلان.. فماذا أنت بفاعل حين يجذل لك العطاء ويعدك بتحقيق المستحيل؟ لم يكن لديه سوى رمق من الضوء ساعده على تحمل هذا العالم بصخبه وضجيجه وإحباطاته.. كانت عيناه دائما تطالعان حورية من الجنة وهو يدرك أن مجرد الحلم بها درب من دروب المستحيل.. ثم تمكن الشبح بطريقة ما من تلبسها وامتلاكها.. هل هي تعويض عن كل ما عاشه في هذه الحياة.. أم ستكون هي الصليب الذي سيفقد على طرفيه آخر أنفاسه فداء لحلم ظل بعيدا عن عالمه؟.. وهل يتحمل هو فقدان آخر رمق من الإنسانية بداخله أم سيخلع أخيرا قشرته الصلبة ليكشف حقيقة ما يعتمل بصدره وظل يخفيه مثل سر مشين فقط لينجو بنفسه وسط عواصف لا قِبل له بمواجهتها...؟! مقدمة شهر فبراير هو أقصر شهور السنة، ولكنه أكثرها غرابة وتقلبا، فلا هو فصل بارد يحمل الأمطار، ولا هو فصل ربيعي يؤطر القاهرة بنسماته المليئة بالحيوية والمرح.. هو فقط شهر بين بين.. تارة يعاقبنا بالرياح المحملة بالأتربة والأجواء الكئيبة التي تسيطر عليها الصُفرة والرمادية والضبابية، وتارة يهدينا نسمات رائقة بطقسٍ لطيفٍ يجعل الابتسامة ترتسم على شفاه المصريين كأمرٍ نادرٍ عزيزٍ.. فهذا لا يحدث قط في هذا البلد.. لا أحد يبتسم في مصر.. فإذا تمشيت في أحد الشوارع أو ركبت إحدى قطارات مترو الأنفاق ستسيطر عليك حالة غريبة من الاكتئاب.. يبدو أن الجميع يعيشون حالة حداد جماعية.. حداد على الظروف الاقتصادية السيئة التي جعلتهم يعانون من الفقر وضيق الحال، أو حداد على الأحلام المهدورة تحت ثقل الواقع الساحق لكل أمل.. أو هو حداد على الوطن.. نعم الوطن.. ألا يقولون أن كل مدينة تبدو بسكانها وأجوائها وطرزها المعمارية وحركة الحياة فيها، وكأنها إنسانا ينبض بالحياة.. فإذا كانت لندن مثلًا شابا مثقفا ومنمقا ويتصرف بكل لباقة وذوق فني عالٍ.. وبدت باريس كامرأة حسناء مغوية تتمتع بإثارة الرجال واجتذاب نظرات العشق والرغبة التي تشرق في عيونهم ثم تتدلل عليهم بغنج مغوٍ لتعلمهم الحب والغزل والاستمتاع بالحياة بلا قواعد أو منغصات.. فإن القاهرة ولا شك هي سيدة عجوز أنهكتها الأيام وأتعبها أبناؤها حتى انحنى ظهرها وذبل جمالها وأوشك على الاختفاء تماما.. ولم يتبق منها سوى نظرة عينيها التي تحدها خيوط التجاعيد البارزة بحدة لتكشف عن الكثير من الصبر والحكمة والخبرات المتراكمة على مدى آلاف الأعوام ظلت خلالها تتابع حال أبنائها يوما بعد يوم.. تتدخل أحيانا وتتجمد ذعرا في أحيانٍ أخرى.. لكن اليوم، هناك شيء مختلف.. الجميع يشعر به، فاليوم هو الأول من فبراير عام 2011، أي مشارف الأسبوع الثاني من "ثورة الغضب".. هكذا اصطلحت منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية على تسميتها الآن، وذلك بعد المظاهرة الحاشدة التي طالبت بتعديلات سياسية واقتصادية من شأنها تقليل التضخم وضمان تداول السلطة بشكل ديمقراطي ثم امتدت المطالبات فجأة لتدعو لإسقاط النظام السياسي كله في بلادنا.. الشباب قرروا في لحظة شجاعة غير محسوبة أن يرحموا أمهم من وهنها وأن يمنعوا علامات تقدم العمر عن التسلل لوجهها البهي بعد الآن، فهي لا زالت جميلة وحسناء حتى وإن امتلأ وجهها بأنهار جافة من التجاعيد واستقرت خطوط القهر والظلم على جنباته بعد أن بلغ اليأس بهم مبالغه وظنوا أن مجرد تغيير من يمسكون بمقاليد السلطة كفيل بتحقيق التطور الاقتصادي المأمول في ظل نظام ديمقراطي يضمن الشفافية ومحاسبة المسؤولين.. غير أن حلمهم النبيل كان قاصرا ومبتورا فلم تكن مطالبهم مدعومة باقتراحات فعالة لتقديم البديل في حالة نجاح مساعيهم وتنفيذ ما يطلبونه على أرض الواقع.. مجرد مغامرة نزقة تمت بعشوائية مغيظة. وها هي تركض بين رفاقها كنحلة طنانة تطمئن إلى تمام العمل في الخلية.. شروق رحيم عماد الدين.. طالبة في السنة النهائية في كلية الطب.. حسناء في الرابعة والعشرين من عمرها.. تتمتع بقامة طويلة نسبيا، ولكنها ليست نحيفة أبدا.. فمنحنياتها الأنثوية الناعمة تتركز في جميع الأماكن الصحيحة من جسمها لتجعل منها أنثى شديدة الجاذبية، لكنها تخفي هيئتها المثيرة خلف ملابسها العملية الواسعة وحجابها المزموم إلى الخلف على الستايل الأوروبي "توربان" والتي تكشف الجذور البنية المتوهجة بحمرة دافئة بعد أن انفلتت بعض خصلاته وهربت لتحدد قسمات وجهها ذات الجمال الملائكي ولون بشرتها البيضاء المخضبة باللون الوردي، وذلك لإصرارها على لفة الحجاب العجيبة التي تعتمدها مؤخرا والتي تمنحها تميزا ملفتا نظرا لعدم شيوعها بين الكثير من الفتيات المتواجدات في محيط الميدان. فاليوم هو ثامن أيام الاعتصام.. والجميع يتمركز في قلب ميدان التحرير بعد أن أعلنوا بصوت واحد وبشكل علني أدهش العالم أنهم يسعون لبناء جمهورية جديدة وأن يبدلوا الخراب الملاصق لكل مناحي الحياة بألوان الحياة المبهجة وأن يمنحوا الأجيال القادمة الأمل بدلا من اليأس الذي كاد يعتصرهم قبل أن يقرروا أخيرا أنه حان الوقت لـ "التغيير".. وتوحدت هتافاتهم تنادي بالحرية والعدل والكرامة. ولأن فبراير شهر التقلبات.. فقد استغل البعض فورة الحماس والنزق الثوري، للمطالبة علنا بخلع الرئيس عن سدة الحكم.. لقد ضاق المتظاهرون بتجاهل مطالباتهم وعلا سقف التمنيات إلى القمة بالسعي لإقامة نظام ديمقراطي شامل.. صاروا يريدون تغييرا جذريا ليتأكدوا أنهم سيتخلصون نهائيا مما أسموه "حكم الديناصورات" أملا في نمط حياة جديد قائم على مبادئ المساواة والعدل والشفافية بعيدا عن الأفكار البالية والروتين القاتل والبيروقراطية الطاحنة. وشروق رحيم تدور بين جنبات الميدان بحقيبتها التي تحملها على ظهرها بعد أن ملأتها بالأدوية والمعدات الطبية البسيطة التي تزودت بها من المستشفى الميداني المتاخم لمكان التجمهر، وذلك حتى تتمكن من علاج الجرحى بشكل فوري بما استطاعت من قوة وعلم، فالمشوار طويل بالفعل ولا يأتي حق بدون ثمن.. والمتظاهرون يدفعون الثمن بدمائهم وأرواحهم وحتى بالوقوع أحيانا ضحايا للطامعين في التخريب وإثارة الفتن بسبب انعدام الخبرات السياسية لأبناء هذا الجيل الذي تربى على تبادل الأفكار والآراء عبر منصات التواصل الاجتماعي بدلا من الانخراط في مجال الممارسة السياسية على أرض الواقع. اقتربت شروق من جمع يضم نحو عشر شباب وستة فتيات، كان بينهم اثنان يعانيان من السعال الشديد بفعل تأثير قنابل الغاز التي كانت تملأ الأجواء، وواحد منهم كان مصابا بشقٍ عريضٍ أسفل كتفه الأيسر، ويبدو أن إصابته سببها ضربات قاسية متكررة بهراوة أحد جنود الأمن المرابطين حول مكان تجمع المعتصمين، فالجرح مفتوح طوليا وحوله تورم شديد، إذ كان أحد أصدقائه يحاول تضميده، ولكنه فوجئ بتلك الحسناء ممشوقة القوام التي ترتدي سروالا قطنيا فضفاضا باللون البيج الداكن، حيث جاء واسعا عند الخصر والفخذين لينتهي محتضنا لساقيها، مع بلوزة قطنية واسعة بنفس اللون ويعلوها جاكيت من التريكو باللون الأزرق ويحيط رقبتها وشاح متعدد الألوان ينسدل على منطقة الصدر ليخفي أنوثتها، فيما زمت شعرها بحجابها المعقود بطريقة بوهيمية يحيط برأسها بلون أخضرٍ داكنٍ، بينما كانت تضع على وجهها كمامة طبية لتحميها من العدوى الميكروبية التي يسهل انتقالها بسبب التجمعات وكذلك تقيها من استنشاق رائحة الغاز المسيل للدموع، غير أن ذلك القناع بتصميمه العملي الرتيب لم يفلح في إخفاء ابتسامة عينيها عندما قالت بصوتٍ مبتهج: "هل أساعدكم يا شباب؟ أنا طالبة طب في السنة النهائية".. فرد الشاب الذي كان ينوي مساعدة صديقه المصاب: "مرحبا.. اسمي سامح وأنا مصور حر ومدون وهذا صديقي حسام وهو خريج كلية الإعلام ويسعى للعمل كسيناريست سينمائي، لكنه الآن بالطبع يعمل كثائر بدوامٍ كاملٍ كما ترين".. ليدخل الجميع في نوبة من الضحك.. قالت هي: "مرحبا.. وأنا شروق.. شروق رحيم.. تشرفت بمعرفتكم.. حسنا.. اسمح لي أن أعطيك وصديقك الآخر هذا الدواء لتقليل السعال.. ارتاحا قليلا وأنا سأتكفل بعلاج الثائر السينمائي ربما أنجح في أن أكون ملهمة لإحدى شخصيات فيلمه الأول". شارك الجميع الضحك قليلا قبل أن ينصرفوا إلى الحديث عن أحوال الميدان ومدى تقدم التظاهرات في تحقيق المطالب التي نادى بها المعتصمين مع بداية أسبوعها الثاني، لتبدأ هي في استخراج معداتها الطبية والعمل بحرفية واضحة على القطع الموجود بظهر حسام، وعندما ضمدته تماما، استأذنت بالمغادرة، لكن استوقفها حسام بنظرات يملؤها الامتنان ووجه لها بعض عبارات الشكر والإطراء على مهاراتها الطبية ومنحها عبوة كارتونية من العصير كتحية لها على مجهوداتها فتقبلتها بابتسامة، ثم ذهبت لتتفحص مجموعة أخرى من الثوار وتقدم المساعدة لمن يحتاجها. مرت ساعات النهار على هذا الشكل حتى حل المساء، وانتشرت جلسات السمر وغناء الأناشيد ونظم الأشعار الثورية التي تبث الحماس بين مجموعات المتظاهرين على اختلاف أطيافهم السياسة ومآربهم من التواجد في الميدان والاعتصام به، وكذلك اشتعال حلقات النقاش بالتساؤلات حول الخطوة القادمة بعد أن فشلت جميع المحاولات السابقة لإخلاء الميدان ممن رابضوا به حتى حين. ومع مرور الوقت، علت سماعات أجهزة الراديو والهواتف المحمولة والسماعات الضخمة المتمركزة في أركان الميدان بكلمات الخطاب الثاني لرئيس الجمهورية، والذي أكد بما لا يدع مجالا للشك أنه يرفض مطالب المتظاهرين ولا يقبل الاستقالة من منصبه، فشعر الجميع بالغضب، وبدأوا يتناقشون حول الخطوة التصعيدية القادمة لتوصيل صوتهم إلى جميع القوى السياسية والكتلة الحاكمة.. مصرين على التعبير عن كلمتهم بسلمية، فهم لا يريدون أن يكتب التاريخ أن وقفتهم كانت مدفوعة بالعنف والدماء وقسمت المصريين وفرقت شملهم.. الجميع يعلم أن هذه البلاد لن تنهض أبدا من كبوتها التي دامت سنين طويلة بدون تكتل الجميع كيد واحدة بعيدا عن الحسابات الخاصة. فجأة، اندلعت أصوات التنبيه من الهواتف الذكية بشكل واسع بمحيط الميدان، والجميع صار في حالة من التأهب المصحوب بالقلق.. ما الذي يحدث؟ هرج ومرج وركض وصراخ.. كانت منصات التدوين الإلكتروني تعلن عبر تنبيهات قصيرة ما جاء في بعض التقارير الإخبارية عن قذف عبوات كيماوية متفجرة تشتهر باسم (قنابل المولوتوف) بغرض إحداث الفوضى حول محيط المتحف المصري لإفزاع المتظاهرين وتفريقهم ثم القيام بسرقة محتوياته من الكنوز الأثرية لصالح مستفيدين مجهولين بدؤوا بتنفيذ مخططاتهم الإجرامية من خلف الستار وفي غفلة عن الجميع.. ثوار ورجال أمن. شعر الجميع بحالة من التوتر، وتسلل الخوف إلى قلوبهم.. وبدأت النقاشات ترتفع بأصوات تحاول أن تبدو شجاعة وقارئة للموقف بشكل صحيح.. "كيف سنبيت ليلتنا؟ هل يدبرون لنا محرقة جماعية للتخلص منا؟".. "هل كان مطلبنا بحل النظام السياسي وإقامة دولة ديمقراطية أمر مستحيل وغير مشروع؟".. "من بإمكانه تدبير هذا الشيء؟". وبعد نقاش صاخب امتد للساعات الأولى من الليل، دخل أغلب سكان الميدان في النوم لمنح أجسامهم وعقولهم راحة إجبارية تعينهم على استكمال اعتصامهم بطاقة ذهنية وبدنية مواتية. فجأة ارتفعت أصوات تهشم قطع زجاج بشكل عنيف لتعم الأرجاء.. ويرافقها رائحة محروقات تلف الأركان.. وصراخ.. صراخ يتزايد عاكسا حالة الهلع والخوف التي عمت بالميدان في تلك الليلة، فهناك جمع من مثيري الشغب المرتزقة تمركزوا أعلى أسطح المباني المتاخمة للميدان، وبدؤوا في قذف "قنابل المولوتوف" على سكان الميدان وباتجاه المتحف المصري، وسادت حالة من الارتباك والهلع، والشباب وقعوا في حيرة شديدة.. أيحمون أنفسهم أم يحمون المتحف.. إرث أجدادهم من ألاف السنين! وشروق رحيم تقف في حالة هلع بين أصدقائها الجدد الذين تعرفت عليهم منذ تطوعت في المستشفى الميداني القريبة من مسجد عمر مكرم، حيث كان الكثيرون يحرصون دائما على التمركز بجوار المتحف لرمزية المكان بالنسبة لهم، كما أن دخول ميدان التحرير من بوابة المتحف كان أفضل طريق بالنسبة لها وهي قادمة من منزلها في مصر الجديدة، حتى أن حراس البوابة صاروا يحفظونها وبدأت بينها وبينهم صداقة نامية، لكن الآن الجميع في حالة فزع وتخبط.. ورغم محاولتها الحفاظ على هدوئها الخارجي.. تساءلت شروق في نفسها (ما الذي يحدث؟ هل سنموت حرقا؟ كيف لهذا النظام أن يعاملنا بكل عنف وعجرفة ونحن لم نفعل شيئا سوى المطالبة بحقوق مهدورة منذ عشرات السنين؟". وبينما هي غارقة في تساؤلاتها، لم تشعر أن إحدى قنابل المولوتوف الحارقة كادت أن تسقط عليها، كل ما شعرت به هو ذلك الجسد الدافئ الذي أحاطها بذراعيه وتشبث بها بقوة ثم سقط بها على أرض الميدان القاسية وتدحرج بضع لفات وهي بين أحضانه لا تستوعب ما الذي يحدث لها حتى استقرت عينيها في عينيه.. بلونهما البني المائل إلى السواد وسط ظلام الليل إلا من اشتعال الحرائق من حولهما. أول ما لاحظته بعد ذلك، كان ذلك الشال الصوفي الأسود الذي لثم به وجهه بالكامل قبل أن تنتبه فجأة لذراعيه المغلفين بكتلة عضلية تشي بقوة بنيانه، ثم شعرت بذبذبات دافئة مصدرها صدره الملتصق بصدرها جعلتها تنتبه لوضعهما الغريب فدفعته بقوة متجاهلة محاولته التقاط أنفاسه بعد لحظات من إنقاذه لها من إصابة مروعة قد تترك لديها ندوبا وتشوهات على أقل تقدير، ما لم تصيبها بعاهة مستديمة. وقف كلاهما، ونظرت هي لعينيه مطولا.. ثم تفحصت هيئته لتلاحظ أنه طويل القامة ذات بنية رياضية واضحة ونظراته الثاقبة تكتشف الكثير دون أن تكشف شيئا بذات الوقت، وما يزيده غموضا ظهوره مغطى بالسواد بالكامل، ملابسه ووشاحه على وجهه وحذائه حتى شعره أسود اللون. قسمات وجهه ونظراته تعكس قسوته والخطوط المستقرة باستحياء على الزوايا الخارجية لعينيه لا تكشف عمره بأي حال، ولكن ما ألجمها حقا هما عينيه بلونهما البني واللتين تطالعانها بشراسة، ولكن هذه الشراسة تحبس بداخلها دفئا مصدره لون الشوكولاتة الغني الذي ظهر بجلاء بعد أن انعكست الأضواء المنبعثة من الحرائق المشتعلة حولهما على صفحتيهما.. لكن عينيه لم يخفيا هيئته المرعبة.. كشبح أسود ملثم.. طالت نظرات الملثم الغامضة نحو شروق، مما جعلها تتساءل لماذا ينظر إليها وكأنه يعرفها؟ لماذا يبدو خائفا عليها بهذا الشكل؟ ظلت عينا الشاب الغامض تدوران جيئة وذهابا على جسمها من أعلى رأسها حتى حذائها وكأنه يحاول تفحصها ليتأكد أنها بخير.. ورغم أنهما تحاولان ادعاء الثبات إلا أن القلق يبدو حبيسا بين مقلتيه بطريقة جعلته يفشل تماما في السيطرة على نظراته الوجلة المصوبة نحوها دون سيطرة منه.. ومضة مفاجئة اشتعلت في رأس شروق.. مهلا.. هاتان العينان.. لقد رأتهما من قبل.. هي شبه متأكدة أنها تعرف هذا الملثم.. قاطعها هو بصوته الأجش وباغتها بسؤاله: "هل أنتِ بخير؟ هل حدث لكِ شيء؟ لماذا تقفين مثل البلهاء تحت النيران بهكذا الشكل؟ ألا تقدرين حياتك؟ لماذا لا تحتمي مثل أصدقائك بمكان ما؟ هل تعرضين نفسك لخطر التعرض للإصابة بحرق شديد من أجل حفنة من التطلعات البراقة والأفكار الصاخبة؟". انهالت أسئلته على رأسها كصعقات برق غاضب، فشعرت بالحنق الشديد من ذلك الوقح الذي أنقذها قبل دقيقة واحدة ثم غمرها بين ذراعيه كدرع فولاذي وكأنها كنزه الأغلى في الحياة، ليبدأ الآن في توبيخها ومحاسبتها وكأنه معلمها أو والدها رغم أنه لم يصرح بعد عن هويته أو يلمح لوجود معرفة مسبقة بينهما، فصاحت فيه: "لماذا تصرخ عليّ هكذا؟ من أنت؟ هل طلبت منك مساعدتي؟ وهل وصفتني فعلا بالبلهاء؟ أحمق تعس".. أمسك الرجل يدها بقوة وسحبها بشدة فاضطرت لمجاراته والهرولة برفقته غصبا وإلا ستسقط أرضا، وعندها تسلل الخوف إلى قلبها، لتصيح فيه: "لماذا تجرني هكذا؟ من أنت؟ ماذا تريد مني؟ إلى أين تأخذني".. رد هو بصوت ثائر وبكلمة واحدة: "اصمتي"، ثم أسرع الخطى وهي تجاريه رغما عنها حتى وصلا قبالة بوابة مسجد عمر مكرم البعيدة نسبيا عن مرمى نيران "قنابل المولوتوف"، فأمرها بحزم: "اجلسي هنا ولا تتحركي حتى ينتهي الأمر"، ثم دار وسار في طريقه بخطوات مسرعة.. غير أنها انتبهت إلى أنه لم يتوجه إلى قلب الميدان أو يحتمي بالقرب من مبنى المجمع مثل باقي الثوار.. بل تحرك بخفة مثل الشبح الذي لا وزن له برغم ضخامة عضلاته، ليتجه نحو أحد الأبنية التي على ما يبدو استوطنها مثيرو الشغب الذين يقذفون القنابل نحو تجمعات المتظاهرين.. تاركا خلفه تلك الحسناء في حالة من الانشداه تحدث نفسها بصوت مرتفع كالمصابة بمس من الجنون فتعلو تساؤلاتها لتهمس بها: "من هذا الشبح؟ ولماذا أنقذني إذا كان أحد مثيري الشغب الذين يكرهون معتصمي الميدان ويريدون حرقهم والتخلص منهم؟ ولماذا أشعر أنني أعرفه؟ لقد رأيت عينيه من قبل.. وذلك الصوت.. بالتأكيد أنا سمعته.. من أنت أيها الشبح الأسود؟؟"... متابعة قراءة وترشيح للتميز : مشرفات وحي الاعضاء التصاميم لنخبة من فريق مصممات وحي الاعضاء تصميم الغلاف الرسمي : Heba Atef تصميم لوجو الحصرية ولوجو التميز ولوجو ترقيم الرواية على الغلاف :كاردينيا الغوازي (كاردينيا73) تصميم قالب الصفحات الداخلية الموحد للكتاب الالكتروني (عند انتهاء الرواية) : كاردينيا الغوازي (كاردينيا73) تصميم قالب الفواصل ووسام القارئ المميز (الموحدة للحصريات) : DelicaTe BuTTerfLy تنسيق ألوان وسام القارئ المميز والفواصل وتثبيتها مع غلاف الرواية : كاردينيا الغوازي (كاردينيا73) تصميم وسام التهنئة : كاردينيا الغوازي (كاردينيا73) المقدمة .. اعلاه الفصل الأول .. بالأسفل الفصل الثاني الفصل الثالث الفصل الرابع الفصل الخامس الفصل السادس الفصل السابع الفصل الثامن الفصل التاسع الفصل العاشر الفصل الحادي عشر الفصل الثاني عشر الفصل الثالث عشر الفصل الرابع عشر الفصل الخامس عشر الفصل السادس عشر الفصل السابع عشر الفصل الثامن عشر والتاسع عشر الفصل العشرون الفصل الحادي والعشرون الفصل الثاني والعشرون الفصل الثالث والعشرون الفصل الرابع والعشرون الفصل الخامس والعشرون الفصل السادس والعشرون الفصل السابع والعشرون الفصل الثامن والعشرون الفصل التاسع والعشرون الفصل الثلاثون الفصل الحادي والثلاثون الفصل الثاني والثلاثون الفصل الثالث والثلاثون الفصل الرابع والثلاثون الفصل الخامس والثلاثون الاخير الخاتمة مشهد اضافي من الرواية التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 12-02-22 الساعة 10:36 PM | |||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|