شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f394/)
-   -   و للحبِ فرصٌ أخرى (1)*مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات الحب و القدر (https://www.rewity.com/forum/t355871.html)

may lu 27-09-16 09:03 AM

و للحبِ فرصٌ أخرى (1)*مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات الحب و القدر
 
https://upload.rewity.com/upfiles/S6276396.gif



و للحب فرص أخرى

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بعد طول تردد قررت نشر روايتى الأولى ... أتمنى تنال إعجابكم و تشجيعكم و لا تبخلوا علىّ بآرائكم و نقدكم البناء

https://upload.rewity.com/uploads/1510560453075.jpg

https://store2.up-00.com/2016-10/1475657628731.jpg

https://upload.rewity.com/uploads/1508952557814.jpg


المقدمة
أحيانا كثيرة نكابر حين نقع فى الحب .. نعاند و لا نعترف بسهولة أننا قد أحببنا ، خاصة حين يكون من وقعنا فى حبه عدوا .. و أحيانا أخرى يضع القدر فى طريقنا أشواكاً تحول دوننا و من نحب ، تؤذيه قبل أن تفعل بنا فنقرر الإبتعاد ، و بكل طريقة ممكنة نحارب هذا الحب و نحاول قتله... لنتمكن فى النهاية من الإجهاز عليه و حين نفعل ، نعرف كم خسرنا و نتمنى لو عاد الزمن للوراء .. نتوسل عل الحب يمنحنا فرصة أخيرة .. فهل يفعل ؟! ... هل للحب فرص أخرى ؟!!


* أعدت فتح الرواية بعد حذفها كليا بعد ما تعرض له المنتدى مؤخرا :tears: :tears: ... سيتم تنزيل الفصول التى حذفت من جديد*

مواعيد تنزيل الفصول ... كل اثنين و خميس العاشرة مساءا بإذن الله

روابط الفصول

المقدمة بنفس المشاركة
الفصل الاول المشاركة التاليه
الفصل الثاني و الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع و الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر ج1
الفصل الثالث عشر ج2
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر ج1
الفصل السابع عشر ج2
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الواحد و العشرون ج1
الفصل الواحد والعشرون ج2
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون ج1
الفصل الرابع والعشرون ج2
الفصل الخامس والعشرون ج1
الفصل الخامس والعشرون ج2
الفصل السادس والعشرون ج1
الفصل السادس والعشرون ج2

الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون

الفصل الحادي والثلاثون ج1
الفصل الحادي والثلاثون ج 2
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون
الفصل السادس والثلاثون
الفصل السابع والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون ج1
الفصل التاسع والثلاثون ج2
الفصل الأربعون ج1
الفصل الأربعون ج2
الفصل الاربعون ج3
الفصل الحادي والأربعون
الفصل الثاني والأربعون ج1
الفصل الثاني والأربعون ج2
الفصل الثالث والاربعون
الفصل الرابع والأربعون ج1
الفصل الرابع و الاربعون ج2
الفصل الخامس والاربعون
الفصل السادس و الأربعون ج1
الفصل السادس والاربعون ج2
الفصل السابع والاربعون
الفصل الثامن والأربعون
الفصل التاسع والأربعون ج1
الفصل التاسع والاربعون ج2
الفصل الخمسون
الفصل الحادي والخمسون ج1
الفصل الحادي والخمسون ج2

الفصل الثاني والخمسون ج1
الفصل الثاني والخمسون ج2
الفصل الثالث والخمسون
الفصل الرابع والخمسون ج1
الفصل الرابع والخمسون ج2
الفصل الخامس والخمسون ج1
الفصل الخامس والخمسون ج2
الفصل السادس والخمسون ج1
الفصل السادس والخمسون ج2
الفصل السابع والخمسون
الفصل الثامن والخمسون
الفصل التاسع والخمسون
الفصل الستون
الفصل الواحد والستون
الفصل الثاني والستون
الفصل الثالث والستون ج1
الفصل الثالث والستون ج2
الفصل الرابع والستون
الفصل الخامس والستون ج1
الفصل الخامس والستون
الفصل السادس والستون
الفصل السابع والستون ج1
الفصل السابع والستون ج2
الفصل الثامن والستون
الخاتمة


رابط تحميل الرواية

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

may lu 27-09-16 09:31 AM

الفصل الأول

خفق قلبها بعنف و ارتجفت يداها و عيناها تحدقان فى عدم تصديق فى الخطين البارزين أمامها بوضوح يخبراها أنها ليست فى حلم ... أغمضت عينيها بقوة و فتحتهما كأنهما سيختفيان إن فعلت , كأنها ستخرج من ذلك الحلم .. ارتجف صوتها فى همسة وجلة تخشى التصديق ... "يا الله !!"
هذا ليس حلماً ،صحيح؟! ... هذه هى المرة الرابعة التى تجرى فيها الإختبار ليخبرها بنتيجة واحدة لا تتغير ... نتيجة تخبرها أنها بالفعل تحمل طفلهُ ... لكن الآن ؟!! ...
بعد كل ما حدث بينهما !! ...بعد أن وصلت الأمور إلى نهايتها ؟!! ما الذى يفعله القدر معها ؟ ... لماذا الآن ؟!! .. لقد طلبت معجزة ... فرصة أخيرة لتعيد الأمور لنصابها الصحيح .. أهذه هى ؟!! أتكون هذه رحمة القدر بها ؟!! فرصتها الأخيرة ؟!
وضعت يدا مرتجفة على بطنها و دموعها تتساقط على خديها دون شعور ...و إحساس بالسعادة يتسلل إلى أعماقها ...أحقا!! هذه معجزتها ... فرصتها الأخيرة ... بذرة حبه التى نمت رغم كل أشواك كراهيتها و حربها له ...
ليلة واحدة فقط أسقطت فيها حصونها .. ليلة سلام واحدة فى حربهما الطويلة ..و معجزة صغيرة داخلها ... تتوسلها أن تعترف بها .. أن تحبها .. ترجوها أن تفتش داخلها لتعترف أنها وقعت فى الحب ... لا .. بل هى عاشقة .... تخبرها أن الأوان لم يفت بعد ... لم يفت الوقت لإستعادته ... هل كرهها ؟! ... بالتأكيد لا .. من الصعب لها أن تتخيل أن يتحول كل ذلك الحب الذى كان يحمله لها فى قلبه إلى كراهية .... كان .؟! هاهوعقلها يختصرالطريق ليخبرها بما تخافه ... كان ... و كيف لها أن تستنكر و هى التى لم تتوان للحظة عن قتل هذا الحب .. كل يوم و كل ليلة كانت ترد محاولات تقربه منها .. تمعن فى إظهار كراهيتها له ... تحاربه... تخبره بكل طريقة أنها لن تقع فى حبه ... أنه سيظل دوما و أبدا عدوها الأوحد ... قابلت كل لحظة حب منه بجفاء ... آآآآه كم تطلب الأمر منها كثيرا من القوة و الإحتمال.. الكثير الكثير منهما ... كان أمرا رهيبا أن تحاول الصمود أمام سيل حبه الجارف ... أن تضع الحواجز القاسية حول قلبها ... و هو ... هو بكل كبرياء و شموخ رجلٍ وجد إمراة حياته ... بكل صبرِ عاشقٍ حصل على معشوقته بين يديه و بقى فقط أن يستولى على قلبها و يغرس جذورَ عشقه عميقا فى روحها ....كان يتسلل رويدا رويدا ليزيل حاجزا تلو آخر ... يسقط حصونها حصنا حصنا ... و هى ... هى دون كلل تجدد حصونها كل ليلة... و بكبرياء أنثى كان هو سببا فى خسارتها لحبها ... بكل كراهية قلبها الذى أفقده من يحب ليحتل هو مكانه ... و بكل غباء أنثى ترفض ان تعترف أن حبها كان وهما و ان من أحبت ما كان يستحق أبدا ... و أن الحقيقة ليست إلا... هو... هو رجلها ... هو فقط من يستحق أن يحتل بكل كبريائه عرش قلبها ... هو وحده.. هى بكل جرحها و كراهيتها و غضبها و كل المشاعر التى تعصف داخلها بسببه .. بكل هذا حاربته و انتصرت !!! ... لكن إنتصارها كان مر المذاق .. كان علقما ... إنتصارا تركها خاوية على عروشها , ممزقة , وحيدة تعد الأيام بعد ان رحل ...
و أنى له أن يعود بعد أن وجهت إلى قلبه طعنتها الأخيرة بكل قسوة و برود ... طعنتها التى وجهتها إلى قلبيهما معا ...لتراقب فى شحوب إحتضار روحه لتلحقها روحها هى ... ليرحل و تبقى خلفه نظراته الباردة و كلماته الميتة التى لازالت ترن فى أذنيها تخبرها أنها انتصرت فيما سعت إليه طيلة الوقت ... أنها قد قتلت حبه أخيرا و بلا رحمة...لقد خطت بنفسها كلمات النهاية فكيف تطلب من القدر فرصة أخيرة ؟!
كيف لها أن تطلب الغفران ؟!!
أغمضت عينيها فى ألم ... ليتها تستطيع إعادة xxxxب الساعة للوراء ... رفعت يدها تتحسس بطنها فى حنان ... تلتمس القوة من معجزتها الصغيرة تعدها بأنها ستفعل المستحيل لتعيده إليهما ... تقسم أنها ستستعيد حبه لها و تعوضه كل لحظة من حياته حبا بحب تقسم ان تفعل ... فقط فليعد إليها
-"عد إلىّ (هشام) ...أنا أحتاجك"
************
على بعد مئات الكيلومترات ... بعيدا عنها بجسده... قريبا حد الألم بقربها من روحه...تنفس بقوة عل الألم فى صدره يخبو قليلا ... تنهيدة حارقة خرجت من أعماق روحه و صورتها ترتسم امام عينيه فوق امواج البحر التى عصفت بلا هوادة تنافسها العواصف التى لم تتوقف لحظة منذ تركها قبل أيام ... آآآآآآه يا (راندا) ماذا فعلتى بى يا قاسية ...لقد رحل بعيدا عنها لكنها رحلت معه ... كيف تصورأنه بهربه بعيدا قد فارقته.. هى التى ترافق روحه أينما رحل ... هى تلك التى سكنت أعماقه منذ التقاها أول مرة ... منذ أن وقع أسيرا لعينيها ... ليجثو قلبه معلنا أن الحصون الثلجية التى أحاطه بها لسنوات قد أذابتها هى بنظرة إلى أعماق روحها الشفافة ... لا يعرف كيف حدث هذا .. مازال لا يفهم ... حتى اللحظة ... كل ما يعرفه أنه ما أن أطلت بسحرها فى تلك القاعة المزدحمة من حوله .. حتى ما عاد يرى سواها ... اختفى الجميع من حوله فما عاد إلا هو و هى ... لا يصدق ما شعر به حينها ... هو الذى لم يؤمن أبدا بالحب و لا بالمشاعر ... خادع نفسه وقتها أن ما يشعره مجرد إنجذاب لأنثى جميلة ... فقط لا أكثر و لا أقل ... لكنه فى أعماقه كان يدرك كذبه ... لم يكن غرا و لم تكن سنواته الثلاثون لتعجز عن التفريق بين إعجابه بإمرأة جميلة و بين ذلك الإنجذاب الساحق الذى لم يشعره نحو إمرأة قبلها ..ذلك التملك الرهيب الذى إجتاحه لحظتها وهو يلمح نظرات الرجال فى الحفلة لا تتوقف عن ملاحقتها ... لا لم تكن أى إمرأة و ما كان مجرد إعجاب ... لازال يذكر تلك النار التى اشتعلت فى أعماقه فى اللحظة التى التقت عيناها بعينيه... تلك النار التى لم تنطفئ حتى اللحظة رغم كل جفاءها و برودها و الكراهية التى حاربته بها ليل نهار ...
لا يصدق أنه قبل دقائق فقط كان يسخر من صديقه (عصام) الذى بدا واضحا أنه واقع بيأس فى حب سكرتيرته الخاصة و لم يتوقف عن ترقب حضورها و كيف تحرك كالمسحور عندما أطلت عند مدخل القاعة ليستقبلها دون ان تفارقها عيناه للحظة طيلة الحفلة غير مبال بسخرية صديقيه (هشام) و (عاصى) منه ،كان يراقب صديقه الذى تخلى عن بروده الذى اشتهر به ... راقب بدقة تعابير وجهه و عينيه التى لم يحاول أن يخفيها و ابتسم للغيرة التى أطلت من عينيّ صديقه و هو يتدخل بغضب ليبعد عنها أى وجود ذكرى حولها ...كان يدعوها جنيته الصغيرة ... هه.. جنية ...فكر بتسلية ... لم يعرف أنه بعد دقائق قليلة سيجد نفسه محل صديقه ... ان حورية صغيرة ستقلب كيانه رأسا على عقب ..عينان سوداوان و خصلات طويلة من الليل الأسود نامت برقة على ظهرها و انسابت بحرية لا تحمل أى زينة سوى وردات بيضاء صغيرة تناثرت هنا و هناك , وجه صغير بالقليل جدا من الزينة ، كحل رقيق أظهر عمق عينيها و حمرة لامعة على شفتين رقيقتين كانتا الإغواء مجسدا ... فستانها الحريرى انساب برقة على قدها الصغير يحتضنه بنعومة مانحا إياها مزيجا غريبا من البراءة و الإغراء ...راقبها تدلف مع والديها إلى القاعة و خفق قلبه بقوة مرافقا تحركها الرقيق بين الناس ليدرك انها لم تلفت نظره وحده... ذهل من نفسه و هو لا يفهم كيف خطر بباله لحظتها أن يذهب ليسحبها من يدها و يخفيها عن نظرات الرجال التى لم تتوقف عن إلتهام براءتها ... رباااه ... ما الذى أصابه بالضبط ... نظر نحو صديقه الهائم فى وجه جنيته ... قطب حاجبيه و هو يفكر ... هل أصابه بعدوى ام ماذا ... عاد يراقبها و هى تتلفت حولها بسأم ... بدا واضحا أنها لا تحب التواجد فى هكذا مناسبات ... عيناها دارتا فى المكان دون تمييز حتى وصلتاه ... لحظة ... لحظة فقط ... توقفت عيناها عليه قبل أن تتابعا مسيرهما كأنها لم تره ... لحظة واحدة التقت عيناهما عرف بعدها بأى مصيبة وقع قلبه ... رباااه ... إنه يغرق ... رحماك .
لحظة واحدة قرر بعدها انها حتما ستكون له .... عقله بدأ يعمل سريعا ليضع قراره موضع تنفيذ ....
(عاصى) كان يحادثه لكنه لم يلتقط أيا من كلماته ... تركيزه كله كان عليها ... كان يتابع كل حركة تصدر عنها ...إيماءة رأسها الرقيقة .. إبتسامتها الصغيرة المتحفظة ... كفها الصغير و هو يزيح بعض خصلاتها الشاردة خلف أذنها ...حركة شفتيها الرقيقتين و هى تتحدث ... عقد حاجبيه بقوة حين اقترب منها أحد الشباب و ربت على كتفها فالتفتت إليه لتبتسم برقة متناهية ... انقبض قلبه بقوة مع إبتسامتها المتألقة التى كانت بعيدة تماما عن إبتسامتها المتحفظة التى ترسمها منذ بداية الحفل ... إبتسامة تألقت فى عينيها لتزيدهما بريقاً ... قبض بقوة على كأس المشروب البارد فى يده و هو يرى الشاب ينحنى على أذنها هامسا و هو يمد لها يده لتتسع إبتسامتها و هى تومئ برأسها قبل أن تمد كفها إليه ليلتقطها فى كفه و يتحركا معا نحو حلبة الرقص ... النار اشتعلت فى داخله بجنون ... شتم نفسه بقوة محاولا التحكم فيها ... هو لم يشعر هكذا فى حياته من قبل ... لقد جُن بالتأكيد ... تنفس بقوة و هو يتابع رقصهما معا ... أحد كفيها فى كفه و الآخر يستقر برقة على كتفه بينما ذراع الشاب تحيط خصرها بطريقة زادت جنونه ... تبتسم له برقة ... تنحنى نحوه لتسمع كلماته ثم تضحك و هى تهز رأسها .. كفه إزداد ضغطا على الكأس حتى كاد يتحطم ... دقيقة ... اثنتان ... لا لم يعد يحتمل.. يكفى ... وضع الكأس على الطاولة بقوة لفتت إنتباه المحيطين به و هو يهتف بعنف
-"لااا ... هذا يكفى ... لم أعد أحتمل"
لم يستمع لنداء (عاصى) و هو يتحرك مبتعداً نحو حلبة الرقص و هو يقسم داخله أن اليوم لن يمر إلا و قد بدأ الطريق نحو قلبها ... طريقاً لن ينتهى حتى تعترف بملكيتها له وحده ..
صوت رنين هاتفه أخرجه من ذكرياته فالتقطه مجيبا دون ان يرى إسم المتصل ... لم يجد الوقت لقول مرحبا و صوت عال يهدر عبر الهاتف جعله يبعده عن أذنه و هو يقطب :
-"(هشام) أيها الأحمق .. أين أنت ؟ هل جئت هنا لتتركنى وحدى أم لتساعدنى أيها الغبى"
تنهد و هو يقرب الهاتف من أذنه مجددا ليقول :
-"أوف يا (عاصى) ماذا بك ؟ ...لم أذهب بعيدا.... أردت أن أبقى وحدى قليلا .. ماذا حدث لكل هذا ؟"
زفرة حارة وصلته عبر الأثير قبل ان يسمع صوت عاصى المتذمر
-"حسنا (هشام) أخبرنى أين أنت الآن .. سآتى"
-"هل سمعت ما قلت (عاصى) أريد البقاء وحدى لبعض الوقت"
أبعد الهاتف ثانية مع صراخ (عاصى):
-"اللعنة (هشام) ... أخبرنى أين أنت فورا.. و إلا أقسم لن تلوم إلا نفسك"
تنهد بقلة حيلة فهو يعرف جنون و عناد (عاصى) ابن عمه و أقرب أصدقائه إليه ... أخبره بمكانه قبل أن يغلق الهاتف محاولا إستغلال بعض الهدوء قبل أن يأتى ابن عمه بعواصفه المجنونة للمكان ...
**********
انتهى الفصل الأول
بتمنى ينال إعجابكم و فى إنتظار آرائكم
أرق تحياتى

rontii 27-09-16 10:32 AM

يا صباح الورد
ان شاء الله بإعادة تنزيل الفصول ينتبه الاعضاء لجمال الرواية و انها تستحق المتابعه و يتبابعوها معانا
بانتظارك ان شاء الله

may lu 27-09-16 10:59 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rontii (المشاركة 11522877)
يا صباح الورد
ان شاء الله بإعادة تنزيل الفصول ينتبه الاعضاء لجمال الرواية و انها تستحق المتابعه و يتبابعوها معانا
بانتظارك ان شاء الله

صباح الياسمين حبيبتى :amwa7:

الحمد لله على كل حال و إن شاء الله يكون اللى حصل فيه خير للجميع و يزيد دعم الأعضاء لكل الكاتبات
منورانى دايما رونتى بوجودك و تشجيعك :reedface:

أرق تحياتى :29-1-rewity:

ناهد شوقى 27-09-16 02:31 PM

جزاكم الله خيرا

may lu 27-09-16 02:58 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناهد شوقى (المشاركة 11522977)
جزاكم الله خيرا

و جزاكِ عزيزتى بتمنى تعجبك الرواية و تنورينى بوجودك دايما :29-1-rewity:

salwa shazly 27-09-16 03:05 PM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

نرجس علي 27-09-16 03:07 PM

مبرووك افتتاح الروايه من جديد مايلو حبيبتي
سعيده بعودة راندا وهشام ننتظر الفصول الجديده ..
بالتوفيق ..

نرجس علي 27-09-16 03:08 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5x( الأعضاء 3 والزوار 2)‏نرجس علي, ‏Totooولا أحلا, ‏ناهد شوقى

may lu 27-09-16 03:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة salwa shazly (المشاركة 11523068)
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

تسلمى عزيزتى نورتينى بوجودك

may lu 27-09-16 03:49 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نرجس علي (المشاركة 11523078)
مبرووك افتتاح الروايه من جديد مايلو حبيبتي
سعيده بعودة راندا وهشام ننتظر الفصول الجديده ..
بالتوفيق ..

الله يبارك فيكِ يا حبيبتى و منورانى دايما بوجودك و تشجيعك :amwa7:

إنجى خالد أحمد 27-09-16 04:22 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

أعزائى القراء .. و الكاتبات .. و الكتاب .. لقد اكتشفت وسيلة جيدة جدااا أوحتها لى صديقتى روزاليندا للتو لإيجاد ردودنا الضائعة و هذا حتى نعيد الروايات كما كانت بالضبط ..

انظروا لهذا الرابط :

https://support.google.com/websearch...hl=en&p=cached

إنه سيساعدكم على أن تأتوا بنسخة جوجل التى يحتفظ بها لصفحات الروايات ..
المذكور فى هذا الرابط هو أنه حتى تحصلوا على الصفحات المحذوفة ، ما عليكم إلا أن تذهبوا لمشغل جوجل و تكتبون رابط الرواية بالصفحة التى تعتقدون أن ردكم فيها ، و بعدها ستجدون فى النتائج ، النتيجة التى ترغبون فيها ، و تحت اسم الصفحة ، تجدون رابطا باللون الأخضر و إلى جواره مؤشر صغير على اليمين من الرابط .. اضغطوا عليه و اختاروا كلمة cached ، تفتح لكم الصفحة المحذوفة و يمكنكم الحصول على كل ما كان فيها ..

أدعوا الكاتبات أن يقمن بهذا و القارئات بنسخ ردودهن لوضعها فى الروايات من جديد .. لن تأخذ منكم وقتا طويلا أبداا .. هيا حتى لا يضيع مجهود أحد سدى ..
و لا تنسوا أن تحتفظوا من الآن فصاعدا بكل ردودكم لديكم اتقاء لهذا الموقف ..

دمتم بود ..

modyblue 27-09-16 10:16 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الف مبروووك اعادة التنزيل سعيدة جدا لاني متابعة معك وزعلت جدا لضياعها بس الحمد لله انك نزلتيها تاني لانها جميلة جدا شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

may lu 27-09-16 11:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue (المشاركة 11524864)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الف مبروووك اعادة التنزيل سعيدة جدا لاني متابعة معك وزعلت جدا لضياعها بس الحمد لله انك نزلتيها تاني لانها جميلة جدا شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الله يبارك فيكى حبيبتى و نورتينى من جديد
الحمد لله على كل حال و إن شاء الله يكون خير للجميع ... انا هنزل الفصول الثمانية اللى اتحذفت كل يوم و الفصل الجديد هيبقى إن شاء الله يوم الإثنين الساعة 10 مساءا بإذن الله
سعيدة جدا بتواجدك و متابعتك الدائمة
منورانى دايما يا رب
:amwa7:

ياسمين نور 28-09-16 01:18 AM

مبروك عودة الرواية
الرواية من الروايات المبشرة والتي تحتوي كثير من المشاعر والمواقف الكهكة
أسلوب الرواية وتسلسل أحداثها ممتع للغاية
قد يكون بإعادة التنزيل دعوة للجميع لمتابعة رواية مميزة بالفعل
بالتوفيق واعتبريني من متابعيكي

may lu 28-09-16 01:44 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين نور (المشاركة 11525650)
مبروك عودة الرواية
الرواية من الروايات المبشرة والتي تحتوي كثير من المشاعر والمواقف الكهكة
أسلوب الرواية وتسلسل أحداثها ممتع للغاية
قد يكون بإعادة التنزيل دعوة للجميع لمتابعة رواية مميزة بالفعل
بالتوفيق واعتبريني من متابعيكي

الله يبارك فيكِ عزيزتى نورتينى بوجودك و رأيك :amwa7:
سعيدة جدا إنك أحببتيها و هيشرفنى أكيد متابعتك و تشجيعك ... الفصول اللى اتحذفت هتنزل كل يوم و بعد كده الفصول الجديدة كل إثنين و خميس بإذن الله 10 مساءا
أرق تحياتى :29-1-rewity:

may lu 28-09-16 11:47 PM

الفصل الثانى

أمسكت (راندا) هاتفها للمرة التى لم تعد تعرف عددها .. ارتجفت يدها بتوتر ... ليتها تتخلى عن كبريائها الغبية تلك وتعتذر له .. تخبره انها اشتاقت إليه .. أنها تحبه .... و تطلب منه أن يعود ... فى كل مرة تمسك الهاتف محاولة الإتصال به .. تتراجع فى جبن ... أتخشى ردة فعله .. أم أنها فقط جبانة ...هى فقط لا تعرف كيف تتنازل و تخبره بمشاعرها ... لا تستطيع .. بعد كل شئ هو كان عدوها ... الرجل الذى أقسمت أنه لن ينالها أبدا ... أنها تفضل الموت عن أن تمنحه قلبها و نفسها .. و انتهى الأمر بأن منحته كل شئ ... مازال صعبا بالنسبة إليها أن تصدق أنها حنثت بقسمها ... أن قلبها الغبى كان أضعف من أن يبر بقسم كهذا الذى أقسمت به أمامه حين أخبرها بكل غرور و صلف أنه سيفعل المستحيل لتكون له ... و قد فعل .. استغل حبها لعائلتها و خيانة من أحبته ... حاصرها من كل الجهات لكى تخضع ... كان هوسا ... هذا ما آمنت به طول الوقت ... ليس حبا .. هو فقط رغب بها و أرداها .. وقوفها ضد رغبته هو ما جعلها هوسا بالنسبة له هو الذى لم يفشل يوما فى الحصول على شئ أراده .. و هى رفضت أن تكون هذا الشئ .. لم تصدق أنه حب ....حاربته بكل قوتها و فشلت و حين رحل عرفت قدر خسارتها ... كانت واهمة ...
تنهدت بحرارة و هى تلقى بهاتفها جانبا ... حسنا ..بعد كل شئ ... مازالت لا تستطيع إتخاذ هذه الخطوة ... ربما من الأفضل أن تتعذب حتى يعود من نفسه ... على الأقل هذا ما تستحقه ...أغمضت عينيها و هى تهمس "جبانة" ..
تمددت فوق الأريكة مغمضة العينين تلمس بطنها فى حنان و هى تخاطب جنينها همساً ... تخبره كيف التقت والده أول مرة و كيف خطف راحة بالها منذ تلك اللحظة ... كانت من المرات النادرة التى تذهب فيها إلى إحدى تلك الحفلات الإجتماعية التى تكرهها كثيرا ... تكره ذلك الزيف الإجتماعى و الغرور و التلون من أجل المصالح ... ربما يكون والدها رجل أعمال كبير وهى بحكم ولادتها فى عائلة ثرية و معروفة كانت تنتمى لتلك الطبقة الذهبية ، لكنها أبدا لم تحب الإنتماء لطبقتها المزيفة المليئة بالمتباهين و الملونين كما كانت تراهم ... حتى فى إختيارها لرفقتها ، اقتصرت على علاقات سطحية مع بنات طبقتها ..... ابتعدت عن الكثيرات منهن اللاتى لا يشغلهن سوى التباهى بآخر صيحات الموضة و يتسابقن فى إظهار ثرائهن الفاحش ... هى كانت تميل للبساطة و الحرية ...
أحلامها كانت بسيطة فيما والديها كانت آمالهما المعلقة بها كبيرة جدا ... كانت تعرف السبب وراء إصرار أمها على حضورها تلك الحفلات الإجتماعية المملة ... تمكنت من الهرب مرات عديدة و التنصل من الحضور ... لكن بعض الأحيان كانت تفشل ... حسنا هذه كانت إحداها ...كان حفلا لأحد أصدقاء والدها المقربين لذا لم تستطع التخلص من إصرار أمها فذهبت و ليتها عرفت ما كان ينتظرها هناك ... هل كان لها أن تتخيل أن تنقلب حياتها رأسا على عقب بمجرد أن تخطو بقدميها لتلك القاعة الفخمة المزدحمة ... التصقت بوالديها طول الوقت و هى تدعو الله أن تتمكن من الصمود حتى النهاية بعد ان سئمت من الإبتسامة الغبية التى التصقت بشفتيها و هى تسلم على أشخاص لم تلتقط حتى أسماءهم و والدها يعرفهم بها .... إبتسامة و تحية بسيطة متمثلة فى هزة رأس و همهمة غير مسموعة ... و يا إلهى متى ستنتهى هذه المسرحية ... أدارت رأسها تنظر حولها و هى تتنهد فى سأم ... عيناها مرتا فوق الجميع دون تحديد ... لم تكن تراهم حقيقة ً ... لكن عينيها توقفتا عنده هو ... لماذا؟! .. لا تعرف ... لكنها تعرف أن عينيها اختصتاه هو بلحظة تدقيق ... لحظة جعلت الزمن يتوقف من حولها و اختفى الجميع ماعداه هو ... ارتعش قلبها بقوة و عيناها تصطدمان بعينيه اللتين لم تستوعب تلك العواصف العنيفة التى رأتها داخلهما ... نظرته لم تكن كهؤلاء الرجال اللذين لم يتوقفوا عن النظر إليها ... لم تحمل وقاحة تلك النظرات و لا قدرتها على إثارة نفورها و ضيقها ... كان بهما شئ آخر ... أخافها ... جعل قلبها ينتفض ترقباً و قلقاً ... جعلها ترغب فى الهرب بعيداً جداً ... لكن قدميها لم تطاوعا أوامر عقلها فاكتفت بأن أدارت عينيها بعيدا عنه و تعود لتنشغل بحديث وهمى مع إحدى معارف والدتها ... كأنه كان شيئاً عابراً لا أهمية له ضمن رحلة عينيها السأمتين ... كانت تدرك أنها كاذبة ....تخدع نفسها ... هو لم يفارق خيالها بمجرد ان غادرته عيناها ... صورته كانت قد انطبعت فى عقلها و أبت ان تفارقها و ذلك زادها قلقاً و حيرةً ... توتر جسدها و قلبها يزداد إرتجافاً بين ضلوعها ... رفعت كفاً مرتجفة تتحسس عنقها و هى تزدرد لعابها بصعوبة ... تشعر به خلفها مازال يراقبها ... تشعر بعينيه تخترقان وجودها كله دون ان تراه ... رغبتها بالهروب إزدادت و روحها تستشعر ذلك الخطر الذى يمثله حتى و لو لم تفهم ماهيته لحظتها ... أخرجها من أفكارها تربيتة رقيقة على كتفها و صوت مازح يقول :
_"أميرة آل (هاشمى) متألقة الليلة .. لقد سرقتى الأنظار صغيرتى"
التفتت نحوه بإبتسامة متألقة لأول مرة منذ دخلت الحفل و هى تهتف بسعادة بالغة :
_"(زياد) ... أنت هنا ؟!! ... متى وصلت؟!!"
إبتسامة عابثة ارتسمت على وجهه الوسيم و هو يمد كفه نحوها مجيبا و هو يميل ليهمس فى أذنها :
_"مفاجأة جميلة ،صحيح؟ .. سأخبرك بكل شئ و لكن أولا ... هل تتنازل سموكِ و تشاركنى هذه الرقصة ، أميرتى؟"
اتسعت إبتسامتها حتى تحولت لضحكة صغيرة و هى تجاريه عبثه المعتاد و مدت كفها ليلتقطها كفه و تهز رأسها موافقة لتقول بينما يرافقها نحو حلبة الرقص :
_" (زياد هاشمى) بنفسه يطلبنى للرقص ؟! ... و هل يمكننى أن أرفض فرصة الرقص مع وسيم آل (هاشمى) و أفوت على نفسى رؤية الحسرة على وجوه جميلات الحفل كلهن"
ضحك و هو يهز رأسه بموافقة و هو يقول بغرور مصطنع بينما يحيط خصرها باحد ذراعيه و يبدأ الرقص معها على أنغام الموسيقى الناعمة :
_"نعم .. نعم ... يحق لكِ أن تفخرى الآن .. لقد منحتُكِ إمتيازاً ساحقاً عليهن"
هزت رأسها بيأسٍ منه و هى تقول بينما تمط شفتيها بأسف مصطنع :
_"لا فائدة ... لن تتغير أبداً .. لكن ..."
و أردفت بإبتسامة صادقة :
_" ستظل دائماً إبن عمى المفضل .. تعرف ذلك ، صحيح؟!"
رفع أحد حاجبيه بخبث و هو يهز رأسه قائلا :
_"حقاً ؟! ... لا تحاولى التلاعب بى يا صغيرة لأنسى المقلب الذى قمتى به أنتِ و (هاميس) الشقية قبل سفرى ... هل تصورتى أننى لن أعرف ؟!!"
احمرت وجنتيها بشدة و هى تخفض رأسها بينما تحاول إخفاء إبتسامتها المتلاعبة و هى تقول بلهجة إعتذار مخادعة:
_"لقد كانت مجرد مزحة صغيرة"
-"مزحة صغيرة؟! .. حقاً؟! ... لكنها لن تمر دون عقاب .. قريباً جداً سآخذ بثأرى و أردها لكما"
ضحكت و عيناها تلمعان بمشاغبة و هى تتذكر كل مرة كانا يوقعان بعضهما بالمقالب دون ملل:
_"سأنتظر إذن ... أعلى ما فى خيلك"
فتح عينيه بإتساع و هو يمثل الصدمة قائلاً :
_"هذه نبرة تحدى التى سمعتها الآن ، صحيح ؟ .. أعلى ما فى خيلى ؟! ... يبدو أنكِ نسيتِ أننى بطل فروسية يا صغيرة .. لا بأس سأذكركِ قريباً"
بادلته ضحكته التى ختم بها جملته قبل أن ترفع عينيها لتسأله بلهفة لم تستطع مقاومتها كثيراً و هى تفكر بفارسٍ آخر لا يغيب عن بالها أبداً تموت إشتياقاً لتراه :
_"هل قابلته (زياد) ؟! ... هل هو بخير؟! ... هل أخبرك إن كان سيعود قريباً ؟! .. أو أنه .. "
قاطع أسئلتها المتلاحقة و هو يقول بتفهم :
_"مهلاً مهلاً يا صغيرة ... التقطى أنفاسك قليلاً... إنه بخير حقاً ... فقط يحتاج لبعض الوقت .. لنمنحه ما يريد "
_"لكن .."
عاد يقاطعها و هو يلمح الحزن يبدأ فى التسلل إلى عينيها :
_" ما مر به ليس هيناً صغيرتى ... سيعود ما أن يتجاوز محنته .. (آدم) قوى لا تخافى عليه .. هل نسيتى .. إنه هاشمى بعد كل شئ و .. "
توقف عن الكلام بغتة مما جعلها ترفع رأسها متسائلة فى حيرة تحولت لإندهاش وهى ترى إبتسامة عابثة تعرفها جيداً ترتسم على شفتيه و عيناه تلمعان بشدة جعلتها تناديه بتوجس ليميل على أذنها هامساً :
_" وووو ..يبدو أن سحركِ الليلة قد أودى بأحدهم يا صغيرة ..و من ؟!! (هشام رضوان) بذاته ؟!! ...هاه .. لستِ هينة أبداً ... يا إلهى !! لو كانت النظرات تقتل لسقطت ميتاً فى التو و اللحظة"
_"ما الذى تهذى بـ ..."
دار بها فى هذه اللحظة لتواجه عيناها (هشام) مباشرةً فقطعت جملتها بشهقة صغيرة و عيناها تقعان على براكين الغضب المشتعلة فى عينيه و هو يتابع رقصتهما بينما يضغط على كأسٍ فى يده بقوة جعلتها تشفق على الكأس المسكين ... قلبها عاد ليرتجف بقوة حتى ظنت أن (زياد) قد شعر بإرتجافته ... أشاحت عينيها عن كتلة الغضب المجسدة و هى تسمع (زياد) يقول بإستمتاع ضاحكاً و هو يدور بها مجدداً يخفيها عن عينى (هشام)المشتعلتين :
_"هل رأيتِه؟!! ... أشعر بذبذات غضبه تكاد تخترق جسدى ... سأسقط قتيلاً فى أى لحظة و ستكونين أنتِ السبب"
_"أنت أحمق"
هتفتها و وجهها يكاد يحترق .. لم تشعر بشئٍ كهذا الذى شعرته و هى ترى تلك النيران التى لفحتها عن بعد ... ماذا أصابها الليلة؟!! ... ليست بخير أبداً ... و ذلك الرجل يثير خوفها و يبعثر أعماقها بطريقة لا يمكنها إستيعابها أبداً ... عاد صوت (زياد) المتلاعب يقاطع أفكارها و شعرت به يشدد ذراعه حول خصرها ليقربها أكثر من صدره و إبتسامته تزداد خبثاً و هو يميل على أذنها ليبدوا من بعيد كعاشقين لا يستطيعان إخفاء عشقهما ... قطبت (راندا) حاجبيها و هى تشتمه داخلها .. (زياد) الخبيث .. ما الذى يخطط له بالضبط .. و تمادياً فى عبثه كان يمد كفه ليعيد خصلة شاردة خلف أذنها و هو يرسم إبتسامة هائمة على شفتيه و قبل أن تقوم بأى رد فعل على عبثه كان يهتف ساخراَ و هو يطلق ضحكة عابثة زادت قلقها :
_"لقد إنفجر أخيراً ... ماذا فعلتى بالرجل يا ساحرة ؟! .. لم يحتمل قربى منكِ ... سيقتلنى فى أى لحظة الآن "
هتفت بسخط و هى تعقد حاجبيها و هى تستوعب تقريباً ما يفعله
_"(زياد) توقف عن عبثك ... ما الذى تخطط له ؟!! .. أعرف أنـ ..."
توقفت الكلمات فى حلقها حين قاطع رقصتهما ظلٌ توقف بقربهما ... لمحت عيناها حذاءه اللامع و ارتجف جسدها فى ترقب و هى ترفع عينيها ببطء صعودا على قامته الممشوقة ، لينتفض قلبها و عيناها تقعان فى بركتى النار المشتعلتين اللتين جعلتا أنفاسها تحتبس فى صدرها ... أنفاساها التى إزدادت تهدجاً و ضيقاً و هى تستمع لصوته القوى كوجوده القوى و المسيطر ... صوتٍ كصاحبه ، وُجِد فقط ليأمر فيُطاع ... ليقود .. ليسيطر و يُخضِع ...
_"هل تمانع إن سرقت مرافقتك الجميلة لتشرفنى برقصة قصيرة؟"
كان أمراً واضحاً لا طلباً ... أمراً التقطته روحها العنيدة المتمردة ، أثار إشتعالها فكادت تصفعه برفضٍ وقح لولا أن سبقها (زياد) الخبيث هاتفاً بمرحٍ ما جعلها تصعق :
_"بالطبع لا أمانع ... لا يحق لى إحتكار هذه الفتنة وحدى ،صحيح؟!"
(زياد) .. أيها المحتال ... أيها الوغد ... ما الذى تفعله ... تابعت سبه فى سرها و هى تراه يتخلى عن كفها غامزاً و لمحت النيران فى عينىّ البركان الماثل أمامها يزداد لهيبها رغم برود وجهه ... أيقنت أنه بالفعل على وشك قتل (زياد) خاصة حين انحنى على أذنها هامساً بصوت لم يبلغ (هشام) المشتعل
_"أخبرتكِ أننى سآخذ بثأرى قريباً جداً ... استمتعى"
و حين ابتعد لمح يد (هشام) تنقبض بشدة فابتسم بخبث قبل أن يميل ليطبع قبلة على خد (راندا) المحترق خجلاً و غضباً من أفعاله و هو يتابع بلهجة عشق مصطنعة و إبتسامة هائمة :
_"استمتعى حبيبتى ... و لا تنسى .. سأرافقك الليلة للمنزل"
و ابتعد و هو يكتم ضحكته بصعوبة ... اشتعلت النيران بقوة فى أعماقها غضباً منه و هى تراه يبتعد لتهتف به و هى تتبعه تقسم أن تجعله يندم ، متجاهلةًً ذلك الواقف أمامها يكاد يفقد السيطرة على نفسه
_"(زياد) ... (زياد) توقـ .. "
انقطعت جملتها بشهقة قوية و هو يلتقط كفها ليشدها نحوه بقوة ... لم تكن قد ابتعدت سوى خطوتين حتى ... وجدت نفسها تعودهما فى دورة قصيرة حول نفسها لترتطم بصدره القوى و كفها الحر يستقر فوق خافقه الذى كان فى هذه اللحظة يخفق بجنون استشعرته فارتجفت نبضاتها بقوة و عيناها تتسعان ... تفقدان حريتهما لتقعا أسيرتىّ عينيه العاصفتين لا تملك منهما فكاكاً ... أسيرتين تماماً كروحها التى ارتجفت فى أسرهما و هى تدرك لحظتها أن الخطر الذى تصورته كان أسوأ مما تخيلت .. كان أخطر مما تحتمل روحها البريئة ... أخطر بكثير ...
***********
انتهى الفصل الثانى
أتمنى ينال إعجابكم و فى إنتظار آرائكم و تعليقاتكم

may lu 29-09-16 12:08 AM

الفصل الثالث

نار غضب شديدة هى تلك التى شعرت بها (راندا) و رغبة عارمة فى قتل (زياد) لذلك الموقف الكريه الذى وضعها فيه إنتقاماً ... شعرت كما لو كان أدخلها عرين أسد و جذب ذيله ليتركها وحدها فى مواجهة غضبه العارم ، تبعته و رغبتها فى قتله تزداد .. لكنها لم تعمل حساب ذلك الأسد الغاضب أمامها .. خطوتان فقط و شعرت بكفه تقبض على يدها ، لم تفهم أى صاعقة تلك التى أصابت جسدها مباشرة ، امتدت من كفها الصغير المحاصر داخل قبضته القوية لتصل مباشرة نحو قلبها الذى كانت ارتجافته هذه المرة أعتى من سابقاتها ... قبل أن تحاول فهم ما يحدث وجدت نفسها تُشد بقوة لتدور حول نفسها فى دورة قصيرة حول كعب حذائها العالى و حرير فستانها يدور معها برقة آسرة قبل أن ينسدل حول ساقيها فيما جسدها الصغير ارتطم بجسده حتى كادت تلتصق بصدره تماما لولا كفها الآخر الذى استقر دون إرادتها فوق موضع نبضه .. فى لحظة واحدة كانت محاصرة بين ذراعيه التى أحاطت إحداهما بخصرها ، اتسعت عيناها و عقلها يحاول إستيعاب ما يحدث و جسدها يرتجف بقوة كأنما فقد عقلها السيطرة عليه ... ما يحدث كان خارج إرادته ... بدا كما لو أن قوة جذب ساحقة لثقب أسود قد ابتلعتها و الكلمات توقفت فى حلقها فلم تنطق بحرف و عيناها تتوقفان أمام عينيه ... وجدت نفسها تغرق فى لُجة عميقة من الزيتون و العسل تعصف بهما الآف الرسائل و المشاعر التى تشربتها روحها فى لهفة كأنما كانت تنتظرها منذ الأزل ... لا تفهم ... يا الله .. ماذا يحدث لها ... لماذا لا تستطيع الإبتعاد ؟!! .. لماذا يبدو كما لو أنها قد .. قد وجدت وطنها أخيراً ...وطنها!!! .. عند هذه النقطة و عقلها بدأ يستيقظ رافضاً ، ليرسل الإشارة تلو الأخرى لجسدها المتجمد ... اشتعلت عيناها بالغضب من جديد و قطبت حاجبيها و هتفت من تحت أسنانها و هى تدفع بكفها فى صدره محاولةً الإبتعاد عن نطاق صدره
_"ما هذا الذى فعلته؟! ... كيف تجرؤ؟! .. ماذا تظن نفسك تفعل؟ّ!"
بدا كما لو كانت تدفع بكفها الصغير حائطاً خرسانياً لم يهتز لحظة .. بل زاد من ضغط ذراعه حول خصرها يقربها أكثر و صوته المميز يعاود مغازلة أذنها
_"أظن فى هذه اللحظة أننى أراقصك ... إهدأى قليلاً عزيزتى أعدك أننى لن آكلك"
لكنّ النظرة فى عينيه كانت تقول شيئاً آخر فعادت تتلوى بجنون و هى تكاد تصرخ و عيناها تكادان تخرجان من محجريهما
_"قلت ابتعد عنى و إلا سأصرخ الآن و أسبب لك فضيحة لن تنساها... أنا لا أريد الرقص معك ..لا أراقص غرباء يا هذا ... هل ستجبرنى؟!"
مال ليهمس فى أذنها ليرتجف قلبها مع أنفاسه الدافئة بطريقة أثارت غضبها من نفسها أكثر و أكثر
_"لا أعتقد أنكِ قادرة على تحمل نتيجة إثارة فضيحة فى هذا الحفل الكبير حيث بالتأكيد سنكون أنا و أنتِ فاكهة أحاديثهم الفضولية لأسابيع قادمة"
كانت تدرك أنه محق ... لكنها تكره أن تكون فى موضع ضعف أو أن يجبرها أحدهم على تقبل وضع لا تتقبله ... أدارت عينيها فى المكان من حولها كأنما تبحث عن مهرب أو مُنقذ .. لمحت والديها كلٌ منهما منشغل فى حديث مع بعض أصدقائهما دارت بعينيها مرة أخرى لتلمح (زياد) يقف بعيدا مع أحد الأشخاص لكنه كان يراقبها بإهتمام ، فتوسلت إليه بعينيها أن يخرجها من المأزق الذى ورطها فيه لكن نظرة الإهتمام فى عينيه اختفت لتحل محلها نظرة عابثة و هو يبتسم لها و يرفع كفه و يرسل نحوها قبلة فى الهواء لسوء حظها لمحها (هشام) الذى ازدادت حدة غضبه ... لمعت عيناها بدموع قهر و هى تقسم أن (زياد) لن يفلت بفعلته ...تحكمت فى دموعها لترفع إليه عينين غاضبتين لتقول بلهجة حاولت صبغها بالإحترام رغم رغبتها العارمة فى صفعه بقوة أمام كل هؤلاء الحضور
_"اسمع يا سيد ..."
قاطعها قائلا
_"هشام ... هشام رضوان ... آنسة ..؟؟!"
لوت شفتيها كأنها لا تهتم بمن يكون أصلا و زفرت بقوة و هى تقول
_" (راندا) ... حسنا ... اسمع يا سيد (هشام) ...أعترف أنك محق .. لكن حقا أنا لا أرغب بالرقص الآن ، لذا رجاءا هل يمكن أن تدعنى أذهب ... من فضلك"
لم تنتبه أن جسدها فى هذه اللحظات كان يتحرك بتناغم مع جسده على أنغام الموسيقى الهادئة و لا أن كفها عاد ليستقر فوق قلبه الذى كان ينبض بقوة فيما صاحبه لم يكن أفضل حالاً منها ... كان يسب نفسه غاضباً ... لم يكن أبداً من الأشخاص الذين يندفعون دون تفكير أو أولئك الذين يحركهم غضبهم ... لكنه وجد جدار سيطرته الذى اعتقده دوما قوياً يتحول رماداً إثر بركان غضبه الذى انفجر و هو يرى قرب ذلك الـ(زياد) منها لتلك الدرجة و رغبة عارمة فى إنتزاعها من بين ذراعيه ليدفنها داخله هو .. يخفيها عن أعين الجميع و أن يعلن لهم جميعاً و هى قبلهم أنها ملكه ... عندما وجدها تتحرك لتلحق بـ(زياد) ، قلبه تلوى بين ضلوعه معترضاً يخبره أن لا يتركها تبتعد و لو قليلاً .. أنها لن تعود إن لحقت بالآخر .. وجد نفسه يتحرك دون تفكير ليقبض على كفها الصغير و يشدها نحو صدره و شئ ما اهتز فى أعماقه يخبره أن روحه المفقودة قد عادت مستقرها أخيراً ... أنه يحيا أخيرا و لأول مرة منذ دهور ...
عيناه كانتا تجريان على ملامحها الرقيقة بشغف ...كانت أجمل و هى قريبة منه لهذه الدرجة و عيناها غارقتان فى عينيه ... عيناها اللتان كانتا بلون القهوة الداكنة من هذا القرب ، كانتا تنظران إليه فى هذه اللحظة كأنه الرجل الوحيد فى هذا الكون ، لم تكن فانتة ... لم تكن أجمل إمرأة يراها فى حياته ... لم يلتفت أصلا لجمال إمرأة من قبل .. لكنه الآن يقسم أنه لم يخلق من النساء من هى أرقى و لا أروع ... لم يُخلق غيرها أصلا لتملأ الفراغ المدعو قلباً داخل تجويف صدره و لا أمرأة تتناسب بهذه المثالية مع محيط ذراعيه ... لم يُخلق من أجله سواها ...
النار التى اشتعلت فى عينيها بعد ذلك أيقظت داخله روحاً كانت غافلة فى سبات طويل ... روح محارب وجد أخيرا خصمه المناسب كان يستمتع بكل لحظة من غضبها و تمردها الذى يثب من عينيها .. راقب بإستمتاع كيف تحاول السيطرة على غضبها لتحاول الحديث معه بتحضر ليتركها تذهب ..هاه كأنه قد يفعل ... قربها نحوه أكثر حين لمح نظرتها المتوسلة نحو (زياد) و الدموع التى لمعت فيهما قبل أن تسيطر عليها و قبلة (زياد) التى جعلته يُجن غيرة فأدارها ليخفيها عنه و هو ينحنى ليهمس بنبرة حملت غضبه
_"إنه غبى"
رفعت نحوه عينيها مستفهمة ليستطرد و هو يشير برأسه فى إتجاه (زياد)
_"صديقك هذا غبى"
عادت تنظر نحو(زياد) الذى كان مندمجا لحظتها مع صديقه فى حوار ما ... عاد صوت (هشام) يقول بتملك
_"لو كنت مكانه لما تركتك من بين ذراعىّ أبداً و لقطعتُ يدَ أى رجلٍ قبل أن تمتد إليكِ"
شهقة قوية ترددت فى أعماقها و هى تنظر نحوه بذهول و أعماقها تنقلب رأسا على عقب مع نبرة التملك فى كلماته التى بعثرتها بقوة ... يا إلهى !! ... ماذا يجرى ؟!! ... ما يحدث الآن يجب أن يتوقف بأى طريقة ... ذلك الطوفان الذى يكاد يغرقها رغم كل مقاومتها يجب أن يتوقف ... يجب أن تبتعد عن طريقه و إلا ستضيع للأبد ... عادت تنظر نحو (زياد) فى أمل و هى تستشف نبرة الغيرة فى صوت (هشام) ... حسنا .. لم لا تستغله .. هو ورطها مع هذا الأسد ، و هو من سيخرجها ... ابتسمت برقة و هى تعود لترفع عينيها المتألقتين لتقول بلهجة رقيقة مغرقة بالحب
_"لحسن الحظ انك لست مكانه ... (زياد) حبيبى ليس كأى رجل فى هذا العالم ... لا أحد أبدا يستطيع ان يُقارن به .. المقارنة ستكون غير عادلة"
ضغطت على كلمة حبيبى مؤكدة كأنما تريدها أن تخترق أذنيه ... لم تعرف أنها اخترقتها فعلا مباشرة نحو قلبه ليضغط على أسنانه بقوة يقاوم رغبته فى أن يخرس شفتيها الباسمتين اللتين منحتا ذلك اللقب لرجل آخر ... رجل غيره ... عوضا عن ذلك كان يبعدها على إمتداد ذراعه قبل أن يشدها نحوه مرة أخرى لتلتصق به و كفه الحر يستقر خلف رأسها يغوص بين موجات شعرها الناعم ، يشدها نحوه و عيناهما تتبادلان صراع إرادات عنيف ... أنفاسها انحبست و هى تستشعر التملك و التحدى فى رقصته .. هل أساءت التصرف و أشعلت فتيل بركانه أكثر .. لكنها لن تسمح له بالتمكن منها ، بادلته نظرته المتحدية بأخرى تماثلها و أنفاسها تعود لتتردد بقوة كأنفاسه الحارة التى لامست وجهها ... غرقت فى تحديه ... جسداهما استمرا فى الرقص بتناغم بدا واضحا ، فلم تنتبه لإتجاه حركته و لا أن الموسيقى كانت تخفت فى كل لحظة ... كانت غارقة فيه حتى النخاع... أدارها حول نفسها قبل أن يقربها منه مرة أخرى ليميل و يهمس فى أذنيها بتملك
_"للأسف يا جميلة .. الآن (هشام رضوان) قد دخل فى المعادلة لذا ..."
صمت لحظة ناظرا فى عينيها بتحدى ليتابع بثقة
_"أى مقارنة لن تكون لصالح أى رجل آخر"
رسالته كانت واضحة لها دون أى لبس ... سيطرت بقوة على رجفة قلبها لتقول
_"أنت مغرور جدا يا هذا... ثم من وضعك أصلا فى مقارنة مع (زياد)"
أدارها ليصبح ظهرها ملاصقا لصدره و هو يتمايل معها على النغمات البعيدة هامسا فى أذنها بنبرة جعلتها تقشعر
_"أنتِ عزيزتى ... وجودكِ الآن بين ذراعىّ هو ما يدخلنى فى المعادلة .. و بقوة ... أنتِ الآن دخلتِ بقدميكِ حدود مملكتى .. و لا أحد يدخلها ليغادر دون إرادتى يا جميلة"
جذبت نفسها لتبتعد بقدر ما سمح لها لتواجهه و عيناها تلمعان بتحدى لتقول و هى تضغط على أسنانها بقوة
_"ألا ترى أنك تعطى نفسك قدرا أكبر من حجمها ... ثم إننى لا أهتم البتة بك ... أنا لا أعرفك أصلا يا هذا ... أنا سأغادر هذا الحفل و سأنسى كل ما مر هنا فى الصباح الباكر كأى كابوس مزعج"
أمسك بكفيها و هو يفرد ذراعيهما معا على إمتدادهما و يدور معها دون ان تفترق عيناهما المتحديتان ليهمس قرب وجهها
_"أنتٍ تعرفين داخل أعماقك أنكِ تكذبين ... أنتِ تشعرين بنفس ما أشعر به الآن أعرف هذا ... روحك تعرف رغم أنكِ تكابرين ... وجودكِ هاهنا ... بين يدىّ و بقربى كقرب أنفاسى يثبت كلامى ... أنتِ داخلك تدركين أنكِ لن تتمكنى من نسيان ما يحدث الآن ... لن يمكنكِ إنتزاعى من داخلك كما لن أستطيع أنا إنتزاعك من داخلى"
شهقت بقوة و هى تنتزع نفسها من بين ذراعيه لتبتعد و عيناها تتسعان و شعور مرعب بالغزو يجتاحها ... كانت تتنفس بقوة و هى تحدق به .. هذا الرجل ... كيف يقرأها إلى هذا الحد ... كيف يغزوها بهذه القوة فلا تتمكن من مقاومته ... لفت ذراعيها حول نفسها تحاول إستعادة سيطرتها على مشاعرها المرتجفة بوضوح أمام عينيه تثبت صدق حديثه ... كراهية شديدة نحو ضعفها أمامه و نحوه تولدت داخلها فهتفت فى وجهه
_"أنت مجنون ... مغرور ... تتصور أن العالم كله يدور فى فلكك ... أنا لا أصدق كيف تجرؤ على قول ما قلته الآن ... لكن هذا لا يهم .. أنا لدىّ حبيب و لا أرى رجلا غيره فى هذا العالم"
عاد يقترب منها لحد خطير و هو يقول بصوت عنيف
_"عليكِ إذن أن تعيدى حساباتك لأننى لن أسمح لأى رجل بالتواجد قربكِ من الآن فصاعدا"
حاولت الإبتعاد عن مجال سيطرته و هى تهمس بفحيح
_"ابتعد عن طريقى ... أقسم أننى لن أهتم بأى فضيحة سأحدثها إن تماديت معى أكثر"
همس لها و ركن فمه يرتفع بسخرية
_"تفضلى عزيزتى ... لكن ربما يجدر بكِ أن تلقى نظرة حولكِ أولا"
انتبهت فى هذه اللحظة أنهما كان فى الشرفة الخارجية الواسعة .. معزولين عن الجميع و أن الموسيقى تنساب إليهما من بعيد ... كيف وصلا إلى هنا ... كيف سمحت له بأن يسيطر على حواسها فلا تنتبه لأى شئ إلا هو ... هزت رأسها فى عدم تصديق و هى تكاد تبكى ... لكنها لن تسمح له أن يرى ضعفها ... أبدا .. رفعت رأسها بكبرياء و هى تنظر نحوه لتقول بلهجة إعتذار و عينين باردتين
_"سيد (هشام) ... أرجو منك أن تعذرنى ... ما يحدث الآن خطأ كبير ... أنا لست من هذا النوع من الفتيات ... أرجو أن تمنحنى قليلا من الإحترام ... أنا حقا آسفة لأى سوء فهم قد حدث أو أى فهم خطأ قد يكون تكون لديك"
أخذت نفسا عميقا لتتابع بهدوء
_"أنا لا أكذب عليك و لا أحاول تحديك ... أنا فعلا أحب شخصا آخرا .. حقا .. لدىّ حبيب و هو الرجل الوحيد الذى أراه لذا أرجوك أن تتفهم هذا ... اعذرنى الآن"
كادت تبتعد بعد كلماتها تلك لكن صوته الغاضب أوقفها و هو يقول
_"لا تنطقيها مرة أخرى"
_"ماذا؟"
اقترب ليشدها من ذراعها ليهتف بقوة
_"لا تنطقى بكلمة حبيب هذه مرة أخرى"
انتزعت ذراعها و هى تقطب حاجبيها لتهتف غضبا
_"و ما شأنك أنت ؟! ... نطقتها أم لا ليس من شأنك ... و أنا لدى حبيب بالفعل"
اقترب من وجهها لتحرقها أنفاسه الغاضبة و هو يميل ليهمس بحرقة أمام شفتيها
_"إياكِ ... إياكِ أن تنطقيها مرة أخرى ... المرة القادمة التى ستنطقين بكلمة "حبيبى" مقرونة برجل آخر لن أكون مسؤولا عن أفعالى"
ضمت قبضتها بشدة و هى تنظر نحوه بعينين مشتعلتين قبل أن ترفع اصبعها لتدفعه فى صدره مرارا قائلة بإندفاع
_"حقا ... و ماذا ستفعل؟!.. أرنى ماذا يمكنك أن تفعل .. ستمنعنى من قولها ... هاه... هيا امنعنى الآن ...أنا أحب آخر هو حبيبى الوحيد و لن أحب غيره ... حبيبى ... حبيبى .. حبيـ "
فى اللحظة التالية كانت كفه تغطى شفتيها بقوة توقف سيل كلماتها المتحدية و هو يتنفس بقوة بينما عيناه تأسران عينيها اللتين اتسعتا و هى تشعر بكفه على فمها ... توقفت أنفاسها فى صدرها و هى تحدق فيه و هو يقترب أكثر ليهمس أمام كفه التى غطت شفتيها الناعمتين
_"لقد حذرتك من أن تنطقى بها (راندا) ... لا تحاولى إثارة جنونى أكثر ... أنا رجل يعرف دوما ماذا يريد و لا يتخلى عنه ، و كلمتى لا تُرد أبدا ... و أنا أخبرك فى هذه اللحظة أننى ..."
و رفع أحد كفيها ليضعه برفق حيث قلبه النابض بجنون لتتسع عيناها أكثر و هو يتابع بتملك و ببطء كأنما يتلو فرمانا ملكيا يختمها فيه بصك ملكيته الأبدى
_" أنا (هشام رضوان) قد اخترتكِ أنتِ لتكونى مُلكى و مليكتى ... لتكونى مليكة هذا القلب ... وحده ...لا سيدة له إلا أنتِ"
عاصفة .. لا لا .. بل إعصار .. إعصار عنيف هو ذلك الذى يجتاح أعماقها فى هذه اللحظة مطيحا بكل ذرة عقل أو تفكير تبقت لديها ... ضاعت ... ذابت .. غرقت .. لا بل هى الآن فنيت ... ذراتها تحللت ، فلم تعد تشعر بأى تجسد مادى لها على الأرض ... هى الآن لا ترى نفسها إلا داخل عينيه اللتين غرقتا هما أيضا فيها ... كانا غارقين فى عالمها , كفه مازال يلامس شفتيها اللتين ارتجفتا أسفله و عيناها تتوسلانه أن يحررها ... يرحمها من ذلك المجهول الذى لا تفهمه ... أزاح كفه ببطء و عيناه مازالتا تأسرانها ... تخبرانها أنه يفهم ما يدور داخلها لأنه تماما ما يعصف فى داخله ... لون الزيتون فى عينيه صار أقوى ليطغى على العسل الرقيق داخلهما و مشاعره كلها تتجسد فيهما بقوة ... أنفاسه أصبحت أثقل و هو يزيح كفيه ملامسا شفتيها المرتجفتين ... همس اسمها بصوت متهدج حمل كل مشاعره و هو يقترب منها أكثر حتى تنفست أنفاسه ... صوت داخلها كان يحاول إيقاظها ... يصرخ بها أن تبتعد ... هذا خطر ... و ما يحدث الآن خطأ كبير يجب إيقافه ... لكنها ظلت متجمدة فى مكانها محتبسة الأنفاس تترقب ... صوت نحنحة بقربهما تسلل إلى سمعهما تلاه صوت سعال قصير قطع تيار السحر بينهما لتنتزع عينيها عنه فى ذهول و تبتعد عنه و أنفاسها تتهدج فى صدرها بقوة ... غاضبة هى حد الموت ... مذهولة و غاضبة من نفسها ... كانت تنظر نحوه و صدرها يرتفع و ينخفض و دموع لا تعرف ماهيتها تجمعت فى داخل روحها لتندفع نحو عينيها بحرقة ... ارتجفت شفتاها و هى تراه يتنفس بقوة و يحاول هو الآخر السيطرة على نفسه ... قبل أن يلتفت نحو ذلك الصوت الذى قاطعهما ، لتلتفت هى الأخرى نحوه ... نظرت من بين عينيها المشوشتين بالدموع إلى ذلك الواقف قربهما ... بجسده الممشوق ، طويل القامة كـ (هشام) ... لحية قصيرة مشذبة بعناية منحته جاذبية خاصة ... كان ينظر نحوهما بعينين تلمعان فيما تلتوى شفتيه بإبتسامة عابثة خبيثة تكاد تختفى خلف قبضته التى كان يرفعها إلى فمه متنحنحاً كى ينال إنتباههما ... صوته الساخر دوى و هو يشير نحوهما بكفه قائلا بعبث مسرحى
_"أنا حقا آسف بشدة ... لم أقصد أن أقاطعكما ... فكما يبدو كنتما مشغولان جدا ... سأذهب فورا و يمكنما البدء من حيث توقفتما"
كلماته العابثة أشعلت غضب كل منهما و رغبة شديدة فى قتله راودت كل منهما ...كان (هشام) أول من سيطر على إنفعاله و هو يتنفس بعمق ليقول بعدها بهدوء قاتم
_"ما الأمر يا (عاصى) ؟ ... أردت شيئاً؟!"
اقترب (عاصى) بخطوات متمهلة و شفتيه تتسعان بإبتسامته العابثة و هو يتابع
_"اعذرنى (هشام) أنا أعرف كم أنت غاضب الآن لمقاطعتى .. إحم .. أعنى أنا أقدر الموقف بالطبع و لذا .."
ضغطت (راندا) قبضتها بقوة و هى تحترق بشدة من داخلها فيما كز (هشام) على أسنانه قائلا
_"(عاصى) كُف عن إستفزازك ... ماذا تريد ؟"
ضحك (عاصى) قبل أن يقول بإعتذار
_"حسنا حسنا .. أنا أعتذر ...لكن ... هناك أمر مهم يجب أن تعرفه"
مال على أذنه هامسا فانعقد حاجبا (هشام) بقوة ليومئ برأسه قبل أن يقول
_"حسنا ... سأرى الأمر"
عاد يلتفت إلى (راندا) التى كانت تأكل نفسها غضبا فى هذه اللحظة و تحاول السيطرة على بركان غضبها الذى تعرف أنه سيندلع فى أى لحظة خاصة مع نظرات (عاصى) الساخرة نحوها ... ذلك الوقح ... يبدو من النوع العابث ...وسيم ... يبدو خطِرا كـ(هشام) ... لكن ليس بنفس الطريقة ... كما أنها لا تشعر بأى تأثير من ناحيته سوى الرغبة فى لكمه على فمه علها تمحو إبتسامته الساخرة ... قاطع (هشام) تفكيرها و هو يلتفت نحوها بعينيه اللتين باتت تعرف خطورتهما على نفسها استمعت له بدهشة و حاجبين مرتفعين و هو يقول
_"مضطر للذهاب الآن جميلتى لكننى سأعود فورا "
لم تستطع النطق و هو يلتقط كفها ليطبع قبلة رقيقة أطارت صوابها و هو يقول
_" لا تذهبى لأى مكان و انتظرينى"
حدقت إثر جسده المبتعد بعينين مصدومتين ... مجنون ... هذا الرجل مجنون ... ما الذى فعله ؟ ... ماذا قال قبل أن يذهب ... لا تذهبى لأى مكان ... انتظرينى ... عادت النار تشتعل ببطء داخلها ... تنتظره ... للجحيم ... كأنها ستفعل ... تفضل أن تحرق نفسها قبل ان تنتظر عودته ... هتفت بصوتٍ عالٍ و هى تكز على أسنانها
_"انتظرك؟!! ... اذهب إلى الجحيم أيها المغرور"
و اندفعت لتعود نحو القاعة .. ستخبر والديها أنها ستعود إلى البيت و ستجر (زياد) من عنقه ليرافقها للمنزل قبل أن تذبحه ... لا لا .. هذا رحمة له ... ستسلخ جلده عن جسده ببطء قبل أن تذبحه و تراقبه ينزف حتى الموت .. أجل .. هذا أفضل ... توقفت خطواتها العنيفة و هى تنتبه لـ(عاصى) الذى مازال واقفا يراقب إنفعالاتها بإبتسامته المستمتعة و يكاد يسيطر على ضحكته بصعوبة فهتفت بعنف
_"ماذا ؟!! ... لماذا مازلت هنا ؟! ...هل تريد شيئا أنت الآخر ؟!"
رفع كفه نحو فمه الذى اتسعت إبتسامته و هو يقول
_"لا.. بالتأكيد لا ... أنتِ كنتِ مغادرة ، صحيح؟! ... لا تدعينى أعطلك"
رمقته بشراسة و ابتعدت خطوة غاضبة وحيدة قبل أن تلتفت نحوه مرة أخرى قائلة بنبرة مستفهمة تتأكد
_"أنت صديقه؟!"
رفع أحد حاجبيه و هو يقول بغباء مصطنع مستفز جعلها تزجره بنظرة قاتلة
_"صديق من ؟ ... آآآه .. تقصدين (هشام) ... إحم .. تقريبا"
رمقت إبتسامته المستفزة ببرود لتقول
_"أخبره إذن أنه وقح ... لم أرى من هو أكثر وقاحة منه .. و أخبره أيضاً أن يبتعد عن طريقى إن كان يريد البقاء على قيد الحياة"
ارتفع حاجبا (عاصى) و أطلق صفيرا طويلا ليهتف بعدها بمرح
_"يا إلهى !! (هشام) المسكين .. اطمئنى أيتها الشرسة ... رسالتك ستصل صاحبها فى أمان .. و بكل نزاهة"
قالها و هو ينحنى بطريقة مسرحية جعلتها تشتعل أكثر فرمقته بعنف و هى تهتف
_"فى الواقع ربما علىّ أن أعيد النظر قليلا ... فمن الواضح أنك الأكثر وقاحة"
قالتها و اندفعت بقوة لتعود إلى الداخل تتبعها ضحكاته التى لم يتمكن من السيطرة عليها فتعالت لتصل إلى أذنيها تزيد براكينها إشتعالا فوق إشتعالها ....
*****************
انتهى الفصل الثالث
أتمنى ينال إعجابكم و فى إنتظار آرائكم و تعليقاتكم :amwa7:

rontii 29-09-16 12:35 AM

اعادة تعليقي عن الفصل الثاني
اسلوبك ممتع جدا
يعني مشهد ارقصة ضحكت جدا
زياد مسخرة و زي العسل و عملها مقلب محترم
هشام ياتري هلي فيه انتقام دخل في علاقته بيها و ﻻ فعلا كان اعجاب و بس
ادم حبيب و ﻻ صديق و ﻻ اخ
هنشوف الاجابة الفصول الجاية


rontii 29-09-16 12:36 AM

اعادة تعليقي عن الفصل الثالث

خطير هشام بصراحة داخلة قوية للبنت
زياد مقلب بسيط قلب بمصيبة و تحدي و رغبة في التملك و غيرة قوية
عاصي مسخرة و اكيد له قصة هو كمان مش هتقل عن قصة هشام من حيث القوة و التشويق
ياتري رندا هتعمل ايه في زياد و الاهم هتعمل ايه لي هشام
ادم اعتقد هو الحبيب المجهول هنشوف قصته ايه و ربنا يستر
__________________

نرجس علي 29-09-16 01:35 AM

هلو مايلو
الفصل الثاني كان راااااائع جدااااا جداااا
هههههههه من اقرأ عن هشام من جد اضحك طريقته رائعه حبه من النظره الاولى كان فعلآ شيئ يستحق الاعجاب بالاخص انه ومن اللحظه الاولى قاتل من اجله .. شخصيه نادره افمر مستقبلآ اعمل بطل عاشق بدل البطل البارد لأنه يضفي جمال اخر للروايه اهنئك ماي لقد امتعتني كثيرااا بكل حرف .. طريقة السرد رائعه جداا وغير ممله ابدا .. زياد هههههه مقلب من الطراز الاول لقد اوقع المسكينه .. فصل روووعه حبيبتي ننتقل للفصل الاخر .. تحيااااتي

نرجس علي 29-09-16 01:42 AM

الفصل الثالث
با اللهي * هشام * ما هذا .. عندما حذر راندا من قول حبيبي مره اخرى وانه لن يكون مسؤولا عنه تصرفه لو قالتها كم ارعبني حينها وكأنني انا اعيش الموقف ... لقد اخترتك مليكتي ... ياللروعه هشام انا احبك حقا يا رجل اي جرأه هذه التي تمتلكها انت حقآ تستحق الثناء ايها العزيز ... عاصي *-* يعجبني ايظا ههههههه لكنه مسافز قليلا ... شخصياتك كلها حلوه مايلو وكلها مهضومه وممتعه .. الفصل كان جميل ورائع ومميز ننتظر القاذم بصبر ..
تحياااتي

soe 29-09-16 01:52 AM

مبروك روايتك الاولى اسلوبك شيق بالتوفيق

may lu 29-09-16 02:19 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rontii (المشاركة 11529860)
اعادة تعليقي عن الفصل الثاني
اسلوبك ممتع جدا
يعني مشهد ارقصة ضحكت جدا
زياد مسخرة و زي العسل و عملها مقلب محترم
هشام ياتري هلي فيه انتقام دخل في علاقته بيها و ﻻ فعلا كان اعجاب و بس
ادم حبيب و ﻻ صديق و ﻻ اخ
هنشوف الاجابة الفصول الجاية


تسلمى كتير حبيبتى و منورانى دايما بوجودك
زياد مسخرة فعلا و هو و راندا بيعملوا مقالب فى بعض من صغرهم و علاقتهم قوية
هشام وقع فى الحب و هيبدأ طريقه لقلب راندا بس هى رد فعلها إيه هنشوف قريب
آدم شخصيته و علاقته براندا هتبان اكتر فى الأحداث الجاية
إن شاء الله الأحداث الجاية كلها تعجبك

(أنا حاسة فعلا إنى رجعت بآلة زمن ههههههه بس مبسوطة بقراءة ردك من جديد )
أرق تحياتى :amwa7:

may lu 29-09-16 02:20 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rontii (المشاركة 11529863)
اعادة تعليقي عن الفصل الثالث

خطير هشام بصراحة داخلة قوية للبنت
زياد مقلب بسيط قلب بمصيبة و تحدي و رغبة في التملك و غيرة قوية
عاصي مسخرة و اكيد له قصة هو كمان مش هتقل عن قصة هشام من حيث القوة و التشويق
ياتري رندا هتعمل ايه في زياد و الاهم هتعمل ايه لي هشام
ادم اعتقد هو الحبيب المجهول هنشوف قصته ايه و ربنا يستر
__________________

هشام وقع فى الحب بجنون و اكتشف فى نفسه تملك و غيرة نحوها و لأول مرة يتصرف بإندفاع و تهور
زياد رماها فى قلب النار و سابها هى فى ورطة بس هى مش هتسيب حقها
عاصى الساخر دوما له قصة أكيد و تفاصيلها هتبان قريب
راندا مش هتسيب حقها أكيد و هتنتقم من زياد ... و هى خلاص وضعت هشام فى خانة العدو
آدم هنعرف قريب مين هو
منورانى دايما حبيبتى :amwa7:

may lu 29-09-16 02:33 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نرجس علي (المشاركة 11530062)
هلو مايلو
الفصل الثاني كان راااااائع جدااااا جداااا
هههههههه من اقرأ عن هشام من جد اضحك طريقته رائعه حبه من النظره الاولى كان فعلآ شيئ يستحق الاعجاب بالاخص انه ومن اللحظه الاولى قاتل من اجله .. شخصيه نادره افمر مستقبلآ اعمل بطل عاشق بدل البطل البارد لأنه يضفي جمال اخر للروايه اهنئك ماي لقد امتعتني كثيرااا بكل حرف .. طريقة السرد رائعه جداا وغير ممله ابدا .. زياد هههههه مقلب من الطراز الاول لقد اوقع المسكينه .. فصل روووعه حبيبتي ننتقل للفصل الاخر .. تحيااااتي

تسلمى حبيبتى و نورتينى بوجودك :amwa7:
سعيدة إنك أحببتى الأحداث و الشخصيات
هشام فعلا رائع و عاشق مجنون و متملك ... ههههههههههه أيوه فكرى فى شخصية عاشقة .. كفاية اللى عامله فينا يوسف ... آه منه و من بروده القاتل ههههههههه بس إن شاء الله ربنا يهديه و يبقى عاشق و يبطل بروده :icon_smile_rotating
زياد صاحب المقالب الدائمة بس راندا هتنتقم منه على المقلب أكيد
أحببت تعليقك جدا حبيبتى و يا رب دائما تنورينى بوجودك و تشجيعك :amwa7:

may lu 29-09-16 02:38 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نرجس علي (المشاركة 11530090)
الفصل الثالث
با اللهي * هشام * ما هذا .. عندما حذر راندا من قول حبيبي مره اخرى وانه لن يكون مسؤولا عنه تصرفه لو قالتها كم ارعبني حينها وكأنني انا اعيش الموقف ... لقد اخترتك مليكتي ... ياللروعه هشام انا احبك حقا يا رجل اي جرأه هذه التي تمتلكها انت حقآ تستحق الثناء ايها العزيز ... عاصي *-* يعجبني ايظا ههههههه لكنه مسافز قليلا ... شخصياتك كلها حلوه مايلو وكلها مهضومه وممتعه .. الفصل كان جميل ورائع ومميز ننتظر القاذم بصبر ..
تحياااتي

ههههههههه هشام خطير جدا ... هو قرر خلاص أنها ملكه و مليكته و بس بينفذ القرار و يبلغها به
عاصى ساخر و مستفز كتير هههه و تفاصيل شخصيته هتبان أكتر مع الأحداث
سعيدة جدا إنك أحببتى أبطالى و بتمنى الأحداث الجاية كلها تعجبك
نورتينى بوجودك العطر حبيبتى :amwa7:

may lu 29-09-16 02:40 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soe (المشاركة 11530123)
مبروك روايتك الاولى اسلوبك شيق بالتوفيق

الله يبارك فيكِ عزيزتى ... سعيدة إن أسلوبى حاز إعجابك و أتمنى تنورينى بوجودك و تشجيعك
أرق تحياتى :29-1-rewity:

may lu 29-09-16 10:19 PM

الفصل الرابع

للحب طرقه الغريبة ... قد يقضى البعض عمره بحثا عنه دون جدوى ... و البعض الآخر لا يؤمن به ... يقيم حول قلبه جدراناً قاسية و حصوناً... يتحدى الحب ان يطرقها يوماً ..و بكل غرور يظن أنه أضحى منيعاً ،... والحب!! ... الحب لم يعترف يوما بالجدران ... وقت ان يقرر ... يحطم الحصون كأنها ما كانت ... يستولى على زمام القلب و الروح حتى يخضعا .. حتى يعترفا به ، البعض يعترف بسهولة و يدرك أنه ما وضع القلبُ تلك الأسوار إلا لتُفتح لمن يملك مفتاحها فقط ... ذلك الذى حين يأتى سيعرفه ليُسلِم أسوارَه دون أدنى مقاومة ... و البعض يرفض ....يحارب بضراوة، يقاوم ... و تستمر المقاومة حتى ينحنى الغرور مستسلماً و معترفاً ... و يتنهد القلب فى راحة مستكيناً.
لكن الحب متطرف فى بعض الأحيان... لامبال ..متلاعب .. يرمى سهامه بعشوائية ... يرمى سهماً فيصيب قلباً دون آخر ... تقع فى حبِ قلبٍ فلا يجد حبكُ صدى لديه ... هل يستهوى الحبُ تعذيبنا أم أننا من يفعل ؟!! ،لماذا دوما نقع فى حب معذبينا ... لماذا نستلذ بعذابنا فى الحب ... نلتمس العذر تلو الآخر للمحبوب ... نفنى أنفسنا و ذواتنا من أجل إبتسامة .. نظرة واحدة منه ... فقط لنرى الرضا فى عينيه ، كيف إذا كان المحبوب يبادلنا حباَ بحب ... ماذا عسانا نقدم له أكثر .. هل يمكن ان نحبه أكثر مما فعلنا ….
و هو ... هو رفض الحب طوال حياته .. ظن نفسه منيعا ... لم يعرف أنه فقط ينتظرها هى ... هى وحدها كانت تملك مفتاح قلبه ... و حين أتت جثى القلب مستسلما و مسلما مقاليد عرشه ...
هى وحدها من كانت تملك هذا الحق ... و هى وحدها من طالب بها وأقر أنها ملكه و مليكته ... ما كان يملك خياراً آخراً ..... و هل يملك رفضاً من كاد يهلك عطشاً حين يمن عليه القدر بقطراتٍ من سلسبيل .. هل يملك رفضاً من كان يحياً جسداً دون روح حين ترد إليه ... فيحيا أخيراً ...
تنهيدة محرقة خرجت من بين شفتيه محملة بالآم قلبه العاشق .. تنهيدة استلمتها أمواج البحر التى كانت تواسى عواصفه ... يجلس على رمال الشاطئ التى تعانقها الأمواج كل حين و تتراجع خجلاً بعد كل عناق ... ليجذبها الحنين نحو الشاطئ مرة أخرى ... تعاود الكرة دون ملل ... تلامس قدميه الحافيتين فيما هو شارد نحو الأمواج يبثها شكواه ... يشكو تلك القاسية التى تتربع عرش قلبه و جذور عشقها تمتد عميقا عميقا فى روحه فلا يملك لها إجتثاثا و لا يملك منها تحررا ... يستعيد تفاصيل إقتحامها حياته ذات ليلة دون إستئذان ... دون رحمة ... و دون إرادتها ... أيظلمها حين يتهمها أنها هى من أقتحمت حياته ...أيكون منصفا إن قال أنه هو من طاردها مقتحما دنياها .. أنه من أدخلها قسرا فى عالمه .. من عذب نفسه مرارا بقربها و استخدم كل وسيلة ليصل إليها ... تحداها أن يجعل خافقها ملكه .. أن يملكها قلبا و روحا و جسدا ... و أقسمت هى أنه لن يفعل ... فماذا كانت النتيجة و من فاز منهما ... هل عليه أن يتنحى عن غروره فيعترف أنه قد خسر و يمنحها حريةً يعرف أن فيها مقتله ... قبض كفه على الرمال بقوة و روحه التى لم تعترف بالهزيمة يوماً تصرخ رافضة ذلك القرار ... لم يحن الوقت للهزيمة بعد ... ليس هو من يهزم و ليس هو من ينكسر أمام أى تحدى... نعم ابتعد .. و غضب .. و أخبرها أنها نجحت و هنأها بإنتصار لم تعترف به روحه ... حسنا سيدعها تستمتع قليلا بنصرها الأجوف قبل أن يعود ليقلب الطاولة من جديد ... سيعمل على أن يعاقبها جيدا قبل أن يجعلها تعترف بملكيتها له وحده ... هذه المرة سيلعب أوراقه جيدا و سيحكم حصاره حولها ... هذه المرة لن تجد مفرا من حصار عشقه ... إبتسامة منتشية واثقة ارتسمت على شفتيه مع قراره الأخير و هو يتراجع بظهره قليلا مستندا على كفيه و عيناه تنظران بتحدى نحو الشمس التى تغرب فى هدوء ...
_"يا إلهى!! ...تبدو مخيفاً بهذه الإبتسامة ... أنا حقاً أشفق على الشخص الذى تفكر به"
صوت (عاصى) الساخر انتزعه من شروده فالتفت نحوه .. ارتفعت عيناه نحو ابن عمه الذى كان يتطلع نحوه و على شفتيه إبتسامة ساخرة ... ابتسم و هو يتأمله يقف حافيا و قد شمر بنطاله قليلا عن ساقيه و فك رباط عنقه تاركا إياه حول ياقة قميصه الذى فك أزراره العلوية و الهواء يعيث فسادا فى شعره الذى تركه ليستطيل قليلا ... بدا عابثا كعادته ... أخرج (عاصى) يديه من جيب بنطاله و هو يقترب ليجاوره فى جلسته ... ثنى ساقيه الطويلتين و سند مرفقه على إحدى ركبتيه و هو يتأمله قليلا بنفس الإبتسامة قبل أن ينظر أمامه متطلعا نحو البحر
_"مازلت تفكر فيها؟!"
لم يرد (هشام) فتابع قائلا
_"أنا أعرف أن قدومك معى كان مجرد عذر (هشام) ... يمكننى ان أعرف فيما تفكر... إذن هل توصلت لقرار بعد هذا"الإنفراد" الذى تحدثت عنه؟"
صمت (هشام) قليلا قبل أن يتنهد و هو يلتقط بعض الرمال فى قبضته ليجعلها تتسرب من بين أصابعه قائلا :
_"لا أدرى (عاصى) ... كلما اعتقدت أننى قد اقتربت ، أكتشف أننى فقط ازداد بعدا ... تتسرب من بين أصابعى كهذه الرمال "
و تابع و هو ينفض كفيه من بقايا الرمال التى علقت بها :
_"تتسرب من بين أصابعى تاركةً بعض آثارها تتحدانى أننى لن أحصل منها على شئ سوى الفتات ... الفتات الذى تتركه هى بإرادتها ... تمعن فى تحدىّ و تتلذذ بقتالى ... لا تتوان عن توجيه أقسى طعناتها إلى قلب قلبى "
ارتسمت على شفتيه إبتسامة منتشية و هو يتمتم
_"و حربها ليست سهلة أبدا (عاصى) لكننى أتلذذ بكل لحظة منها ... لم أتوقع أن تكون بالخصم الهين حين قابلتها أول مرة لكنها فاقت كل تخيلاتى ،كلانا ينتظر اللحظة التى سيستسلم الآخر معترفا بهزيمته"
ضحكة قصيرة انطلقت من بين شفتىّ (عاصى) قبل أن يقول
_"يا إلهى !!(هشام) ... لم أتخيل أبدا أن أراك هكذا"
نظر (هشام) نحوه بتساؤل
_"هكذا كيف؟!!"
اتسعت إبتسامة (عاصى) و هو يجيبه :
_"عاشقا بهذه الطريقة اليائسة ... اعتقدت دوما أنك لا تؤمن أبدا بالحب .. ربما أكون قد تخيلت (عصام) واقعا فى الحب رغم كل عمليته و بروده الشهيرين اللذين أؤمن الآن أنهما ما كانا إلا مجرد قناع واه ... لكن أنت .. لا أبدا لم يخطر على بالى ... المشاعر لم تكن يوما فى حساباتك ،صحيح؟!"
هز (هشام) كتفيه متطلعا للبعيد كأنما ينظر لماضيه و أجابه
_"أنا أيضا كنت أعتقد هذا ، لكننى اكتشفت أننى فقط كنت أنتظرها هى ... فى لحظة واحدة أدركت هذه الحقيقة ... لحظة واحدة أدركت بعدها أن حياتى لن تعود كما كانت و أنه لا معنى لهذه الحياة دون وجودها فيها "
تساءل (عاصى) و هو يفتش فى جيبه عن شئ ما
_"حسنا و ماذا قررت من أجل قصة حبك المستحيلة تلك "
تابع و هو يشعل السيجارة التى أخرجها من علبة سجائره لينفث دخانها أمام عينىّ (هشام) الحانقتين
_" أتمنى أن تكون قد خرجت من جلستك الإنفرادية هذه بقرار حاسم"
ضيق (هشام) عينيه و هو ينظر نحو دخان السيجارة فى ضيق قبل أن يمد يده لينتزعها من (عاصى) قبل أن تلمس شفتيه مرة أخرى ليرميها بعيدا نحو الماء قائلا :
_"قلت لك ألف مرة .. لا تدخن أمامى (عاصى)"
و زفر بحدة متابعاً
_"هذه السجائر اللعينة ستقتلك يوما أيها الأحمق"
غامت عينا (عاصى) و قلبه ينتفض بين ضلوعه بخيانة و ذكرى عينين بلون العسل الصافى تعود إلى عقله و صوت صاحبتهما الرقيق الضاحك تهتف بذات الجملة و هى تنتزع سيجارته من يده بشقاوة ، لتتأوه و هو يقرص أذنها لائما لتعتذر و هى تمسك أذنها متطلعة إليه بعينيها كقطة بريئة قبل أن تلمع الشقاوة بهما مجددا و هى تخرج لسانها له قبل أن تهرب من أمامه مغيظة و هى تلوح بعلبة سجائره التى سرقتها فى غفلة منه... أغمض عينيه و أخذ نفسا عميقا .. لينتزع نفسه من ذكرياته و قناع من الغموض يكسو ملامحه سائلا :
_"إذن ماذا قررت؟!"
تنهد (هشام) مجيبا :
_"ماذا برأيك ؟! ... هل عرفت عنى يوما أننى خسرت أى تحدى ... تعرف أننى لا أتخلى أبدا عما أريده ،صحيح؟!"
ابتسم (عاصى) مؤكدا و هو يضرب كتف (هشام) مداعبا
_"بالطبع (هشام) ... أنت قدوتى فى الحياة يا رجل"
بادله (هشام) ضحكة قصيرة قبل أن يقول بجدية
_"دعك من مشاكلى الآن (عاصى) ... ماذا عنك أنت ؟ ... هل قررت ماذا تنوى أن تفعل ؟ ... فيما يخص (رهف)؟! ... تعرف أننى مازلت غير راض عن ما فعلته أنت و أبى ... و لولا الوضع وقتها لم رضخت للموقف "
لم يحر (عاصى) جوابا و هو يمرر أصابعه فى شعره و زفرة حارة تخرج من فمه يحاول ألا يغوص فى عمق ذكرياته ... لا يريد أن يفكر فيما حدث قبل أكثر من سنة ، هل كان مخيرا وقتها أم مسيرا ... أكان دافعه هوالواجب نحو عائلته ... نحو عمه الذى ضمه يتيما صغيرا إلى كنف عائلة محبة عوضته دفء أبويه - اللذين خسرهما باكرا فى حادث أليم أودى بحياتيهما - أم كان شيئا آخرا ، شيئا يخشى كثيرا أن يعترف به فى أعماقه ... يريد ان يختزل موقفه فى كلمتى الشهامة و الواجب فقط ... يخشى كثيرا أن يتخطاهما إلى ذلك المجهول الذى يجعل قلبه مشوشا ...
رغم كل ما حدث وقتها و الأشهر التى تلته ... هو ليس نادما أبدا و لو عاد به الوقت لما اتخذ قرارا غيره ... لم يكن ليتخلى عنها أبدا ... لذا فليتوقف عن البحث عن مبررات ... ليكن واجبا ... شهامة .. أو شيئا آخرا ... هو لن يتراجع أبدا ..
انتزعه هشام من أفكاره سائلا
_"(عاصى) ... أنت أخى و صديقى المقرب قبل أن تكون ابن عمى و أخبرتك أكثر من مرة ... لا داعى لأن تشعر بالحرج منى ... كُن صريحاً معى ... أعرف أن الأمر كان صعبا بالنسبة لك ... أنت شخص يرفض تماما أن تحكمه الظروف و لا أن يفرض عليه أحدهم شيئا ... كُن صريحا مع نفسك أولا (عاصى) ... هل أنت راضٍ بهذا الوضع؟! ... إذا أردت يمكننى بكلمة منك أن أنهى كل شـ.."
_"لا"
اندفعت من بين شفتيه قوية قاطعة قبل أن يزفز بحدة و هو يلتفت نحو هشام قائلا بلهجة حملت توسلا كان غريبا على (عاصى) :
_" لا (هشام) ... أرجوك لا تفعل"
أخذ نفسا عميقا محاولا السيطرة على مشاعره ... يحاول محاربة ذلك الشعور بالخوف .. لا ...بل بالرعب من أن ينفذ (هشام) ما يقول ... لا ... هو لا يجب أن يسمح لمشاعره بالسيطرة على تفكيره و لا التحكم فى مجريات حياته ... عاد يلتفت نحو (هشام) قائلا بهدوء أخفى صراعات نفسه
_"أرجوك (هشام) ... هذه مشكلتى أنا ... و أنت قلتها أنا لا أحد يستطيع فرض إرادته علىّ ... أنا اتخذت قرارى بكل رضا و تقبلته بكل نتائجه و لا شئ سيجعلنى أتراجع عنه ... فقط دع الأمور تأخذ مجراها و أنا سأهتم بكل شئ ... لا تقلق"
رد هشام بغضب مكتوم:
_"متى ستفعل يا (عاصى) ؟ ... تقول لا أقلق ... لقد مضت سنة كاملة و أنت واقف مكانك ... لم تتقدم خطوة واحدة و لم تتخذ قرارا حاسما ... لا أنت أخبرتها و لا تركتنى أفعل و لا حتى قررت أن تنهى الأمر قبل أن تتعقد الأمور ... و الأدهى أنك تعيش حياتك العابثة كأن شيئا لم يتغير ... هل تعتقد أن حياتك و تصرفاتك هذه ستجعلنى سعيدا .. تقول لا تقلق ... بحق الله إنها حياة شقيقتى يا (عاصى)"
و أضاف عندما لم يرد عاصى :
_"ما الذى تريده بالضبط (عاصى) ؟ ... هل تعرف حتى ؟"
لا ... هو لا يعرف ... هو حقا لا يعرف ... لا يعرف مبرراته ... و لا يعرف حقيقة مشاعره ... و لا يعرف حتى لماذا يعجز عن إتخاذ قرار ... كل ما يعرفه أن داخله رغبة أنانية لا يستطيع السيطرة عليها ... رغبة فى أن لا يفلتها أبدا من مدار فلكه ... رغبة فى أن يكون هو من يمحو تلك النظرة الميتة فى عينيها ... تلك النظرة الباردة المحملة بالكراهية و الموجهة نحوه على وجه الخصوص قبل أى مما يحيط بها ... رغبة جارفة أن يكون وحده من يعيد ذلك الألق الحى إلى عسل عينيها كما كان يوما ... لن يفتش فى أعماقه عن أسباب ذلك الجنون العبثى الذى يتملكه نحوها ... هو يعرف فقط شيئا أكيدا ... هى أصبحت جزءا من قدره ... فمتى كان القدر شيئا يسهل الهروب منه ؟!!
******************

may lu 29-09-16 10:21 PM

_"هل ترى صغيرى ... والدك كان رجلا مجنونا منذ أول يومٍ التقينا فيه"
همست (راندا) بالعبارة و هى تتحسس بطنها فى حنان و تتابع و هى تضحك برقة
_"فى الواقع هو مازال مجنونا ... لم يتغير أبدا ..ممم .. ربما علىّ أن أقول أنه ربما أصبح أكثر جنونا ... هل تعرف ؟! ... لقد جعلنى أكرهه بشدة ، لم يترك وسيلة تجعلنى أتمنى قتله يوميا إلا اتخذها ... لم يترك لى مهربا فى أى مكان ... كنت أشتعل غضبا و كراهية لأكتشف أننى فقط أغرق فيه عشقا دون أن أدرى"
مسحة من الحزن لمعت فى عينيها و هى تتمتم
_"لقد أغضبته جدا حبيبى ... هل تعتقد أنه سيسامحنى ؟!.. لكن لا تقلق .. (ماما) هنا و هى ستعيده إلينا بأى طريقة .. لكننى لن أخبره عنك الآن ، اتفقنا ؟! ... سامحنى صغيرى ... أعرف أنه سيحبك جدا و سيُجن فرحا عندما يعلم بوجودك ... لكن لوقت قصير فقط ..دعنا نجعل هذا سرنا أنا و أنت ، حسنا؟"
تنهدت فى سعادة و هى تتمدد لترتاح أكثر على الأريكة و تقول بحب
_" انا سعيدة جدا جدا ... أعرف أنك تشعر بى ، أليس كذلك ؟! ... لا أعرف إن كنت صبيا أم فتاة حبيبى ... لكننى أتمنى صبيا يشبه (هشام) فى كل شئ ... عناده... جنونه .. غروره ... تسلطه و حنانه و قلبه الكبير ... كل شئ"
عادت تغمض عينيها و تعود لتغرق فى ذكريات ذلك اليوم الذى اقتحم فيه (هشام) حياتها بكل قوة ... متحديا إياها بكونه يملك حقا حصريا فيها ... مازالت تتذكر كل ما حدث بينهما يومها ، كأنما حدث البارحة ، ما فعلاه و ما قالاه ... ذلك الإعصار من الأحاسيس التى إجتاحتها عن قدميها و التى جعلتها تغضب بشدة من نفسها و منه ... تركت (عاصى) العابث دوما واقفا فى الشرفة حيث راقصها (هشام) و اندفعت للداخل تنتوى إخبار والديها برغبتها فى العودة للبيت ... بحثت بعينيها عن (زياد) .. ذلك الأحمق أين ذهب ... هذه الليلة موته سيكون مؤكدا على يديها .. فلتعثر عليه فقط و سينتهى أمره ... الوغد يجرؤ على إيقاعها فى هذه الورطة ... لن تكون (راندا هاشمى) إن لم تجعله يدفع الثمن مضاعفا ... اقتربت من أمها لتميل هامسة
_"أمى هل تنتوين أنتِ و أبى المبيت هنا أم ماذا ؟!! ألم تملا بعد ؟"
ابتسمت والدتها بدبلوماسية و هى تقرصها خفية و تهمس من تحت أسنانها
_"(راندا) كُفى عن أسلوبك الساخر هذا... متى تنوين أن تنضجى قليلا و تعرفى ما يجب عليكِ ... يوما ما ستصبحين سيدة مجتمع و مسؤولة عن صورة إجتماعية مشرقة أمام الناس ... لماذا لا تحاولى التدرب قليلا من الآن"
زفرت (راندا) بتأفف لترد
_"آآآآه ... سيدة (ثريا هاشمى) لن تكفى أبدا عن محاضرات سيدات المجتمع الراقى هذه حتى تقتليننى قهرا ، صحيح ؟!... أمى هذه الحياة تخنقنى حاولى ان تتفهمى هذه الحقيقة ... كلما سارعتِ بتقبلها ، كلما كان ذلك أفضل لكلينا"
رفعت (ثريا) عينيها للسماء و هى تقول
_"رحماك يا رب ... (راندا) أرجوكِ دعي هذه الليلة تمر فى سلام ... أنتِ أصلا لا فائدة منكِ "
_"جيد أمى أنكِ أدركتِ الحقيقة أخيرا ... إذن سيدة ماما..."
تلفتت حولها باحثة بعينيها لتتابع
_"هل رأيتِ (زياد) فى أى مكان هنا ؟! ... أحتاجه ضرورى ... مسألة حياة أو موت إن شئنا الدقة"
_"لا ... لمحته مع أحد أصدقائه منذ قليل ... لا أدرى أين ذهب "
_"حسنا ... كنت أريد العودة للمنزل ... تبدوا مشغولان أنتِ و أبى العزيز ... هل يمكننى العودة وحدى ؟!"
قطبت امها حاجبيها و هى تقول
_"هل تريدين إصابتى بالجنون (راندا) ؟ ... أنتِ لم تكملى الساعة حتى .. لماذا لا تحاولين الإستمتاع بوقتك قليلا و ليتك تتعرفين على بعض الفتيات هنا ، ربما يمكنك أن تتوقفى عندها عن التسكع مع فتيات الطبقات الدنيا"
عقدت (راندا) حاجبيها فى ضيق و هى ترد
_"أمى ... أنا لا أتسكع مع فتيات الطبقات الدنيا كما تقولين ... و إن كنتِ تقصدين بحديثك هذا (سمارا) .. فهى صديقتى الوحيدة و هى أفضل آلاف المرات من الكثير من فتيات الطبقة الراقية التافهات إن أردتِ الحق"
رمقتها أمها و تنهدت فى يأس
_"لا فائدة منكِ"
تركتها (راندا) لتقترب من والدها .. تأبطت ذراعه و هى تقول بدلال إعتادت عليه مع والدها
_"بابا ... أنا أشعر بالملل هنا ... هل يمكننى أن أعود للمنزل ؟!... أرجوك"
قالتها و هى تنظر إليه بعينين متوسلتين و شفتين مضمومتين كالأطفال فضحك و هو يربت على شعرها بحنان
_"صغيرتى المخادعة ... حسنا يمكنك العودة ... انتظرى (زياد) قليلا و عودى برفقته"
مالت برأسه على كتفه و هى تبتسم
_"أنت حبيبى .. أنت وحدك تفهمنى .. عكس بعض الناس هنا"
قالتها و هى تنظر بشقاوة نحو أمها التى تنهدت فى يأس فيما والدها أطلق ضحكة مرحة و هو يقرب (راندا) منه بحنان ... التصقت بوالدها تحاول أن تحتمى به من أفكارها التى تدور فى فلك واحد لا تريد ان تنجذب إليه ... سترحل الآن و ستنسى كل شئ فى الصباح الباكر كما قالت ... ستنسى هذا الرجل بغروره و وقاحته و لن تراه بعدها أبدا ... و كأنما استدعته أفكارها فى التو .. كان يتجسد أمامها بكل غطرسته .. يدلف إلى القاعة برفقة (عاصى) ... تأملته من بعيد و هو يتوقف على بعد يتحاور مع بعض الأشخاص فى حديث بدا جدى .. غرقت فى تأمله دون أن تستطيع منع عينيها عن الإبتعاد عنه ، فقد قلبها إحدى نبضاته حين التفت نحوها و ضبطها و هى تحدق فيه ... تقابلت عيناهما و ارتفع ركن فمه بإبتسامة و تألقت عيناه كأنما يخبرها أنه يعلم أنها تراقبه من مكانها ... عاد الغضب يندلع داخلها و هى تقطب حاجبيها لتشيح بعينيها عنه ... المغرور .. من يظن نفسه ... ليس لأنها نظرت نحوه قليلا هذا يعنى أنه لا يقاوم .. تبا له .. تبا .. تبا ... لماذا تسمح له بتعكير مزاجها ... هى ستغادر الآن و ستعود لغرفتها لتنعم بنوم هادئ .. لكن ليس قبل أن تقتل (زياد) الأحمق ... هكذا ستحصل على نوم هانئ و أحلام سعيدة ... قبل أن تضع فكرتها قيد التنفيذ و تخبر والدها برغبتها كانت قد لمحته يغادر رفاقه ليتحرك نحوها ... لا .. ربما كان ذاهبا لمكان آخر ... القاعة واسعة .. لن يجرؤ حقا على الإقتراب منها فى وجود والديها ... ... آآآآه لا بل هو فعلا يتجه حيث تقف عائلتها ... يا إلهى !! .. فلتنشق الأرض و تبتلعها ... تحركت بتململ و هى تتابع إقترابه المتمهل بمشيته الواثقة و قامته الطويلة ... كانت أنفاسها تضيق كلما اقتربت خطواته حتى وصل قربها و والديها ... خفق قلبها بقوة مع صوته القوى و هو يلقى التحية على والديها اللذين بدا أنهما على معرفة به ... والدتها كانت سعيدة جدا و هى تسأله عن والدته و شقيقته و والدها تبادل معه حوارا ترحيبيا معتادا كان خلاله يرد بإحترام و بإبتسامة واسعة و سخيفة .. أجل ... إبتسامته سخيفة ..و.. و بغيضة ... لهذا غضت عينيها عنها ... بالطبع هذا هو السبب ...لذلك قلبها انقبض بلوعة داخل صدرها هكذا ... لا تفسير آخر ...
التفتت لوالدها بحاجبين مزمومين ضيقا حين سمعته يعرفها إليه
_" (هشام) دعنى أقدم لك ابنتى (راندا) ... لا أعتقد أنكما التقيتما من قبل"
التفت نحوها مبتسما و عيناه تلمعان و هو يقول بلهجة جعلتها تشهق فى أعماقها
_" لا سيدى .. لم نلتقى قبل اليوم ... لم أعرف أن قصر (هاشمى) كان يخفى جوهرته النادرة هذه عن أعين البشر العاديين أمثالنا ... آنستى"
المغرور .. يغازلها أمام والديها و يتصرف كأنه يتعرفها لأول مرة ... كأنه لم يراقصها بوقاحة قبل قليل..... صوته القوى كان يخترق كيانها كله فيزيد من إحتراقها غضبا من نفسها لتأثرها به و بغزله الوقح ... لن تلتفت .. متأكدة أن إبتسامته اللعينة ستقابلها ... تشعر بها دون ان تراها ... لكزة من أمها - التى بدت سعيدة جدا بإعجاب (هشام) الواضح بابنتها - جعلتها تلتفت .. آه ... ها هى إبتسامته أمام عينيها ... تماما ... و قلبها عاد للإنقباض ... حسنا لقد التفتت ... لكنه يحلم إن فكر أنها سترحب به أمام والديها بالإحترام الذى يعتقدان أنه يستحقه... رفعت حاجبيها بترفع و هى تنظر لكفه التى إمتدت نحوها .. فلينتظر للأبد فهى لن تمنحه كفها ... ذلك المغرور ... حسنا الوسيم المغرور ... ذو الإبتسامة ال ...ال .. أجل ...الكريهة ... وكزة أخرى من أمها و نظرة تأنيب من والدها لترحب به .. للجحيم ... رفعت رأسها بإبتسامة سمجة :
_"آسفة لا أصافح الرجال"
حاجباه ارتفعا فى سخرية واضحة لمعت بين عينيه و هو يسحب كفه فيما زاوية فمه ارتفعت بتسلية جعلت حريقا يشب داخلها .. و بدا واضحا أنه يكتم ضحكته .. حقا ؟! .. ماذا قالت ؟! .. لا تصافح الرجال ؟!! ... هى فقط تراقصهم .. كزت على أسنانها و هى ترى ضحكته المكتومة ... حسنا و من يهتم .. فليحترق فى الجحيم .. هذا ما يستحقه بعد وقاحته معها ... عادت تلتفت نحو والديها بإبتسامة مصطنعة دون أن تبال بالذهول المرتسم على وجهيهما من وقاحتها معه لتقول
_"سأذهب للخارج لأستنشق بعض الهواء النقى"
ثم رمقته بنظرة مستفزة من عليائها و هى تردد
_"الجو هنا أصبح خانقا للغاية"
و غادرت و ضحكاته التى سيطر عليها تتردد فى مخيلتها بوضوح تزيدها إحتراقا ... التهمت بخطواتها المسافة حتى وصلت للشرفة ... نفس عميق ... تنهيدة طويلة و أصابعها تشبثت بحاجز الشرفة بقوة ... حريق .. حريق هائل داخلها لا تستطيع السيطرة عليه ... ذلك المغرور .. من يظن نفسه ...لقد أحرق أعصابها تماما ... لقد اكتفت منه و من وقاحته لسنوات قادمة ...ما السوء الذى ارتكبته اليوم ليعاقبها القدر بوضعه فى طريقها هكذا ... لم تشعر نحو أحدهم هكذا من قبل ..أبدا لم تعامل أحدا بتلك الوقاحة قبلا .. لم يستفزها شخص كما ذلك المغرور المعتد بنفسه لأقصى درجة ... اللعنة لقد أخرج أسوأ ما فيها ....همست ضاغطة على أسنانها بقوة _"غادر رأسى أيها المزعج"
همهمة مستمتعة قاطعت همسها تلاها صوته :
_"كنتِ محقة .. الجو هنا أروع من الداخل بكثير"
التفتت إليه بعينين مشتعلتين ... لقد لاحقها هنا أيضا ... أهى حمقاء ؟! .. ألم يكن ذلك متوقعا ؟! .. كان يجب أن تغادر فورا حتى و لو مشيا على الأقدام ... لكنها كالفريسة الحمقاء وقفت فى إنتظاره ... لم ترد عليه ...أشاحت بوجهها فاقترب ليجاورها ... جسدها كله تشنج بقوة مستشعرا قربه منها ، فتشنجت أصابعها المتشبثة بالسور ... سترتكب جريمة ... أجل .. و الصورة ترتسم فى عقلها بوضوح الآن ...و لن يلومها أحد إن فعلت ... تفكيرها الدموى قاطعه صوت مألوف ينادى إسمها التفتت بدهشة لتهتف
_"(وتين) أنتِ هنا ؟! ... لم تقولى أنكِ ستحضرى هذا الحفل "
اقتربت (وتين) برقتها الملائكية المعتادة يرافقها خطيبها الذى كما يبدو كان على معرفة بـ(هشام) .. صافحه بحرارة و تحدث معه قليلا .. بينما مالت (وتين) على أذن (راندا) هامسة
_"انتِ برفقة (هشام رضوان)؟! ... ما الذى يحدث بالضبط؟"
همست (راندا) بدهشة
_"أنتِ أيضا تعرفينه (وتين) ؟"
ردت (وتين) بذات الهمس
_"تعرفين أننى لا أهتم لأخبار الإقتصاد و رجال الأعمال .. لكن (سالم) تحدث عنه كثيرا ... إنه لا يتوقف عن مدحه .. هو من لمحكما الآن و أخبرنى"
لوت (راندا) شفتيها إمتعاضا و هى تتابع حديث (هشام) الجدى مع خطيب ابنة عمها الذى لا تطيقه أصلا فضغطت أسنانها قائلة
_"حقا؟! ... لكن لم تخبرينى أنتِ .. منذ متى و أنتِ تحضرين هذه الحفلات المملة؟!"
ألقت (وتين) نظرة حذرة نحو (سالم) قبل أن تخفض وجهها بمسحة حزن
_"إنه (سالم) ... تعرفين زواجنا اقترب .. و قريبا سأكون زوجة لرجل فى مكانته .. يجب أن أقوم بواجباتى الإجتماعية ، صحيح؟"
عقدت (راندا) حاجبيها و هى تهتف غضبا
_" (وتين) .. لا تدعيه يتحكم بكِ .. لا تتغيرى من أجل أى شخص ... أنا لم أعد أعرفك حقا .. أين ذهبت ابنة عمى التى كنت أعرفها"
تنهدت (وتين) بأسى و هى تقول
_"لا شئ يبقى على حاله (راندا)"
و تابعت و هى تحاول الإبتسام لتقول بلهجة مرحة مخادعة لم تهضمها أذن (راندا)
_"دعكِ منى حبيبتى و أخبرينى .... من أوقعك فى طريق هذا الرجل الخطير؟ّ"
هتفت من بين أسنانها دون أن تنتبه لكلماتها
_" إنه (زياد) الأحمق"
شهقة (وتين) الخافتة نبهتها لزلة لسانها التى ما كان يجب أن تنطق بها أمامها و راقبت وجه (وتين) الذى شحب رغم أن صوتها حمل لهفة واضحة لم تخطأها أذن (راندا) و هى تقول
_"(زياد) هنا ؟! .. هل عاد من السفر؟"
تنهدت (راندا) و هى تقول فى أسف
_"أجل .. إنه فى مكان ما فى الداخل إن لم يكن قد غادر"
و تابعت و هى تتأمل وجه (وتين) الشاحب قبل أن تنظر نحو خطيبها المنشغل مع (هشام)
_"أتمنى لو فعل .. سيكون من الأفضل للجميع لو كان قد غادر الحفل"
اذدردت (وتين) لعابها بألم قبل أن تلتفت نحو خطيبها هامسة بصوت حاولت محو الحزن منه
_"(سالم) ... هل يمكنك أن تمنحنى لحظة ؟ .. أريدك قليلا لو سمحت"
_"بالطبع عزيزتى"
صافح (هشام) بقوة و هو يعتذر منه قبل أن يقترب من (راندا) و يمد كفه مصافحا فيما ذراعه الآخر امتدت لتحيط خصر (وتين) أمام عينىّ (راندا) الحانقتين .. كانت غاضبة حقا ... من (زياد ) ومن (وتين) و من هذا الذى يقف قرب (وتين) متبجحا بملكيته لها ... صافحته ببرود و هى تبتسم إحدى إبتسامتها المستفزة التى حفظها (سالم)
_"مرحبا (قاسم) ... سعيدة لرؤيتك اليوم"
صحح ببرود و هو يترك كفها
_"(سالم) .. (سالم) يا آنسة (راندا هاشمى) .. لن أصححه لكِ كل مرة"
ضحكت بإستفزاز و هى تقول
_" (سالم) ...(قاسم) كلها أسماء فاعل ،صحيح؟"
قالتها و هى ترفع كفها كأنما تنوى ضرب كفه .. رمقها ببرود دون أن يمد كفه فحركت كفها مشيرة بإبهامها لأسفل ... لمحت (هشام) يضغط على شفتيه كاتما ضحكة فيما رمقتها (وتين) بعتاب فقالت
_"نكتة سخيفة ... أعرف هذا .. آسفة (وتين) لكن (سالم) يعرف كم أحبه ، صحيح (سالم)؟!"
بادلها ردها البارد بأبرد منه و هو يقول
_"بالطبع ... الشعور متبادل عزيزتى ... هيا (وتين) لا يجب أن نتأخر أكثر .. اعتذر منك سيد (هشام)"
أومأ (هشام) برأسه فيما قطبت (راندا) حاجبيها و هى تضم قبضتها غضبا و ترمقه بحدة و كراهية و هو يبتعد و ذراعه يحيط خصر (وتين) بتملك ... عاودت الالتفات نحو الحديقة المطلة أمامها تحاول السيطرة على مشاعرها ... دعت أن يكون (زياد) قد غادر الحفل .. رغم كل شئ لا تتمنى له أن يتألم .. ذبحها له فى الواقع سيكون أرحم له ... انتبهت لـ(هشام) الذى كان يتأملها فى صمت ... تساءلت متى سينصرف من نفسه قبل أن تطرده هى أو تترك له المكان بأكمله... صوته الساخر أخرجها من تفكيرها و هو يقول
_"إذن ... أنتِ ... لا تصافحين الرجال!!"
ضغطت على شفتيها بقوة و هى تتساءل ما الذى يمنعها من الإلتفات و صفعه بكلمة من قاموس السباب الذى يدور فى عقلها علها تمحو إبتسامته الساخرة تلك ... لكنه لم ينتظر أصلا ردة فعلها وهو يقترب أكثر ... تصلب جسدها و عيناها تتسعان فى ذهول حين إستشعرت أنفاسه الحارة تلفح جانب وجهها فيما يهمس فى أذنها :
_"يسعدنى إذن أنكِ لم تري هنا رجلا غيرى عزيزتى"
صفعة على وجهه وينتهى الأمر , لكن جسدها لم يطاوعها و قبل أن تجد الفرصة لتمنحه الرد المناسب كان هاتفه قد رن فالتقطه و ألقى نظرة غاضبة على الإسم الظاهر و سمعته يهتف من بين أسنانه
_"(عاصى) ... يوما ما سأقتلك بيدىّ"
ضغط على رفض المكالمة قبل أن يبتعد ليرمق عينيها بنظرة عميقة قبل أن يبتسم قائلا
_"للأسف علىّ الإنصراف ... لكننا سنلتقى قريبا عزيزتى"
لم تستطع منع لسانها من الهتاف بشراسة
_"فى أحلامك"
ابتسم و هو يلتقط كفها تحت أنظارها الذاهلة و يقبله برقة ناظرا فى عينيها قبل أن يغمز قائلا
_"سأنتظركِ إذن لا تتأخرى"
و ابتعد و هى تحدق فى إثره بغضب و هى تدعو ألا تلتقيه أبدا مرة أخرى ... كان يجب أن تعرف أنه ليست كل الأمانى قابلة للتحقيق ... و أنها لو كانت تعرفه قبلا لعرفت انه لا يتراجع عن وعدٍ و لا يلقى بكلماته جزافا ... و لو كانت قادرة على قراءة أفكاره يومها لعرفت أنها لن تجد مكانا تهرب إليه منه ... و لو كانت تملك رؤية الغيب لأدركت ان الهرب ما كان يجدى نفعا و أنها ما كانت ستهرب إلا لتعود إليه مرة أخرى ... قدرها كان هو...و مصيرها هو .. و وطنها الأوحد ...

may lu 29-09-16 10:23 PM

صوت رنين جرس الباب أخرجها من ذكرياتها ... انتفضت .. و سارعت نحو الباب ... قبل أن تتوقف لاعنة غباءها ... لو كان هو لكان فتح الباب بمفتاحه الخاص ... عادت تتجاهل الرنين ... لا تريد ان ترى احد ... فليذهب أيا من كان يقف خارجا ... تريد البقاء وحدها ... الرنين لا يتوقف .. ما بالهم ... ألا يشعرون انها تريد الهرب بعيدا عن كل شئ ... ليتها تختفى عن وجود لا معنى له فى غيابه ... و الطارق لا يبدو انه يهتم لذلك يستمر فى الرنين دون يأس ... تنهدت فى ضيق و هى تنهض.. تتجه نحو الباب فى بطء عل الطارق يمل و يرحل ... مدت يدها لتفتح لذلك الزائر المصر على قطع خلوتها ... تصلبت بمكانها و عيناها تتوقفان بإتساع على آخر شخص تتمنى أن تراه ... عيناها تحركتا تتأملان تلك الواقفة أمامها بشموخ ... نزلتا عليها من قمة رأسها بخصلاتها النارية الناعمة مصففة باناقة كعادتها ، شفتيها الكرزيتين المصبوغتين بأحمر شفاه قرمزى ،إلى فستانها الضيق الذى رسم منحنياتها بإغراء لينتهى تحت ركبتيها بقليل كاشفا عن ساقيين مرمريتين تنتهيان بحذاء أنيق ذو ماركة عالمية ،بدت كأنها قد خرجت لتوها من مجلة أزياء ، لتصعد عيناها مرة اخرى لتتوقفا امام عينين بلون الزمرد تبادلانها النظر دون أن تطرفا ... احتدت عينا راندا و شع الغضب داخل سوادهما و هى تستشعر كل الكراهية و الغضب و .. و غيرة مجنونة هى تلك التى تشتعل فى أعماقها و نيرانها طغت لتلمعا فى عينيها و هما تضيقان بغضب لترتسم إبتسامة صغيرة على شفتىّ تلك المرأة و الزمرد يلتمع فى عينيها بنظرة واثقة لرؤيتها تلك النيران ...تتسلى ؟!! ..تتسلى على حسابها .. تلك الحمراء اللعينة ... ما الذى أتت لتفعله هنا .. جاءت لتصب المزيد من الملح على جراحها .... لتسخر منها.. كيف واتتها الجرأة لتظهر أمامها ثانية بعد كل ما فعلته، بعد ان سلبتها أحلامها مرتين، قبضت على كفها تتذكر خيانة الرجل الذى اعتقدته حبيبا ذات يوم ... كيف تركها من أجل تلك الحمراء ، كيف دمرها بخيانته ... بسبب تلك المرأة خسرت أمام حصار (هشام) لها ... (هشام) ؟!! .. و هل سلم (هشام) هو الآخر من نيران تلك الحمراء المغوية ... نيران غيرتها اشتدت فأتت تماما على قلبها ، هى لم تنسى بعد... و كيف لها أن تنسى ما رأته عيناها فى مكتبه ؟!! ، كيف لها أن تنسى ان تلك المرأة كانت قبل أيام قليلة فقط بين ذراعيه؟! ... بين ذراعىّ زوجها هى ...
************
انتهى الفصل الرابع
أتمنى ينال إعجابكم و فى إنتظار آرائكم و تعليقاتكم
أرق تحياتى :amwa7:

rontii 29-09-16 11:19 PM


بدانا نعرف اكتر عن عاصي و زواجه من بنت عمه
واضح ان فيه مشملة خصلت لرهف و ابوها طلب من عاصي انه يتجوزها
هشام و اصراره بيزيد برحوع رندا له
عي فاكرة انه خانها وواضح ان المةضوع فيه خدعه
زيتد ووتين وﻻد عم برضو و فيه سبب خلاهم يبعدو و وتين ترتبط بغيره
لقاء رندا و سالم كان مسخرة هي دمها ش بات
زياد وخشني و اتمني يجي الفصل الجاي

نرجس علي 29-09-16 11:36 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7x( الأعضاء 3 والزوار 4)‏نرجس علي, ‏socomisso, ‏برستيج اردنية

مايلو لي تعليق بعد وقت قليل انتظريني

rontii 01-10-16 01:58 AM


الفصل الخامس

قبل ستة أشهر
اليوم التالى للحفل

كانت (راندا) غارقة فى نوم عميق لا تشعر بأى شئ حولها ... لم تنتبه أن الوقت قد تأخر و أن الشمس التى تسللت إلى داخل الغرفة تعلن أن الوقت فى الخارج كاد أن يقترب من الظهيرة ... لم تكن قد استطاعت النوم حتى الساعات الأولى من الصباح ... عادت إلى المنزل بعد أن فشلت فى رؤية (زياد) ... حاولت الإتصال به لساعات لكنّ هاتفه كان مغلقا طيلة الوقت ..تمنت أن يكون قد غادر قبل دخول (وتين) و خطيبها للحفل أو أن تكون (وتين) قد استطاعت إقناع خطيبها بمغادرة الحفل بأى حجة ، و لكنها تعرف (سالم المنصورى) ذلك الرجل البارد العملى إلى درجة الإختناق ... لن يسمح لـ(وتين) بالتنفس بحرف واحد و لن يبال لأى رغبة لها أو رأى .. المهم هو واجِهته و علاقته الإجتماعية اللعينة ... و (وتين) الحمقاء غارقة هى و (زياد) فى لعبة تدمير ذات غبية ... لا تعرف لها سببا و لا تفهم إلا أن أمامها عاشقين أحمقين استخدما أبشع طريقة للإنتحار .. هل هناك أسوأ من أن تموت حيا ... تتنفس دون روح .. تراقب روحك تنسل ببطء من جسدك .. و الأدهى أنها تغادرك لتسكن جسدا آخر ...
قضت ساعات الليل منذ عودتها فى الحركة بتوتر ذهابا و إيابا فى غرفتها .. تتطلع للساعة كل حين ثم تخرج لشرفتها تنتظر عودة أى منهما لتطمئن ... تحاول الإتصال بـ(زياد) دون جدوى ... صوت سيارة قادمة أنقذها من الموت قلقا ، اندفعت بسرعة نحو الشرفة لترى القادم .. كانت سيارة (سالم) تدلف إلى ساحة القصر .. نظرت فى ساعتها لتجدها تعدت الثانية بعد منتصف الليل ، وقفت مكانها لترى (وتين) تهبط من السيارة ... كانت من هذه المسافة و رغم أضواء الحديقة الخافتة قادرة على رؤية مسحة الحزن التى تعلو وجهها ... الحزن الذى هى أكيدة من أن عينيها تحملان منه أضعافا مضاعفة و قلبها الصغير يحمل أطنانا منه ... راقبت بعينين باردتين (سالم) يغادر السيارة بدوره ليقترب من (وتين) التى كان الهواء يداعب فستانها الحريرى و خصلات شعرها .. تأملتها (راندا) بألم .. كانت تبدو كالملاك كعادتها ... ملاك عائلة (هاشمى) الرقيق ... لطالما مثلت (وتين) لـ(راندا) حالة خاصة ... فهى النقيض التام لها ... فبينما كانت (راندا) تعتبر متمردة العائلة و الأكثر جموحا و تعبيرا عن نفسها و رغباتها ... العنيدة دوما و التى لا يُرفض لها طلب رغم أن ذلك الدلال لم يفسدها ... لكنها دائما كانت شرسة فى الدفاع عن ما تعتبره حقها و لا تسمح للآخرين بالتعدى على هذا الحق ، بينما كانت (وتين) دوما اكثر فتيات العائلة رقة و أدبا... الأكثر تسامحا و رُقيا فى المعاملة مع الجميع حتى مع أولئك الذين يحملون لها الكراهية ... (وتين) التى تضع مصالح الجميع و مشاعرهم قبل مشاعرها و رغباتها هى نفسها ... (وتين) التى ذبحت روحها و روح (زياد) من أجل عائلتها ..
عادت تتابع حركة (سالم) الذى اقترب من (وتين) و طبع على خدها قبلة باردة أحرقت قلب (راندا) و هو يهمس لها ببعض الكلمات المودعة ... تأففت (راندا) بإمتعاض .. بالتأكيد كلمات باردة مثله ... لن يتغزل بجمالها بالتاكيد و لن يخبرها كم كانت الأكثر رقة بين فتيات الحفل و لن يشكرها على رفقتها الجميلة .. لن يفعل أيا من ذلك .. ربما يلقى على أسماعها بعض الأوامر الجديدة أو يخبرها أنها أجادت لعب دور السيدة (المنصورى) القادمة جيدا ... ذلك الكريه ... استمرت فى النظر إليهما متابعة (وتين) التى تحركت لتدخل القصر و هى تلوح له مودعة حتى اختفت فى الداخل ... عادت بعينيها نحوه تتابعه و هو يعود ليتحرك نحو السيارة ليغادر لكنه توقف فجأة ليرفع رأسه نحو شرفتها كأنما أحس بمراقبتها له ... لم تحاول الإختباء عن ناظريه بل استمرت فى مقابلة نظراته الباردة التى وجهها ناحيتها ... لم يرف له جفن و هو يستقبل نظرة الكراهية الباردة فى عينيها و قابلها بأخرى أكثر برودا و غموضا ... هذا الرجل يخيفها ... لا تستطيع أن تتقبله أبدا فى حياة عائلتها ... ربما يكون السبب الرئيسى لكراهيتها له هو (زياد) ... لكن هناك شئ به يجبرها على النفور منه ... ربما بروده و عمليته التى تجعل منه جبلا ثلجيا ينافس ثلوج (سيبيريا) نفسها .. ربما لامبالاته و ربما تعاميه عن الحقيقة الواضحة و المكتوبة على وجه (وتين) ... الحقيقة التى يعلمها جيدا فهى بنفسها ألقتها فى وجهه قبل أن يتمم خطبته على (وتين) حين اقتحمت مكتبه ذات يوم ليصدمها بقوله أن (وتين) قد اتخذت قرارا و هو أيضا و لن يتراجع عنه و بالتأكيد ليس من أجل شئ تافه لا يعترف بوجوده كالحب مثلا .. يومها ودت لو لكمته فوق وجهه البارد لتغير ملامحه كلها ... ربما أيضا هذه النظرة الميتة فى عينيه التى يبدو كما لو كانت قد التصقت بهما ... بإختصار هذا الرجل مخيف غامض و (وتين) ليست ندا له أبدا ... (وتين) ستبتلعها دوامته العميقة و لن ترحمها ، لن تنجو روحها المذبوحة سلفا على مذبح التضحية الأزلية التى تعتنقها ...
دقيقة مرت و هما يتبادلان النظرات المتحدية الباردة قبل أن يقطع هو التواصل بين عينيهما و هو يبادلها نظرة أخيرة ، غامضة عميقة لم تستطع فهمها ، خفض رأسه بعدها دون كلمة أو تحية ليعود و يستقل سيارته و يغادر ساحة القصر ... زفرت بحدة و راحة و هى تعود بخطوات غاضبة لغرفتها ... كادت تذهب رأسا إلى غرفة (وتين) لكنها تراجعت عن ذلك ... جلست على طرف الفراش تفكر ... لابد أن (وتين) ستكون متعبة جدا الآن و ما رأته على وجهها الآن ينبأها أنها تحتاج أن تكون وحدها فى هذه اللحظة ... حسنا ستمنحها الوقت الذى تحتاجه و غدا سيكون بينهما حديث طويل ... إن كانت هى و (زياد) يستمتعان بما يفعلانه فهى لن تسمح لهما أبدا بالمَُضى قدما فى تدمير نفسيهما ... عادت تنظر فى الساعة مجددا ، ليت (زياد) يعود هو الآخر و يرحمها من هذا القلق ... عادت تذرع غرفتها و بين الحين و الآخر تعود لتقف فى الشرفة ... لم يعد (زياد) إلا بعد الفجر ... لم ينتبه لوقوفها فى ركن منعزل من شرفتها ... تأملت خطواته الهادئة و وجهه المطرق الذى رفعه ليلقى نظرة نحو شرفة (وتين) ... وضعت يدها على قلبها فى ألم و دمعت عيناها و هى تلمح نظرة عينيه الضائعة و التى رافقتها إلى فراشها حتى غرقت فى النوم أخيرا و هى تمنى نفسها ببضع ساعات من الراحة قبل أن تلقاهما فى الغد
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx*
تقلبت (راندا) فى نومها الثقيل دون أن تشعر بما حولها ... لم تنتبه لباب غرفتها الذى فُتِح بهدوء و لا إلى الخيالين الصغيرين اللذين تسللا إلى غرفتها و هما يمشيان على أطراف أصابعهما ... اقتربا من فراشها و كلاهما يشير للآخر بالصمت و تسلقا الفراش ليجلسا جوارها بهدوء دون أن تشعر بهما أبدا ... عادت تتقلب فى نومها و شفتيها تتحركان بتمتمات غير مفهومة .. اقتربا قليلا منها ليفهما ماذا تقول ... عقدت (راندا) حاجبيها و هى تقول بصوت حانق
_"(زياد) أنا سأقتلك ... لا لا ... يجب أن أعذبك أولا قبل أن أذبحك ... تعال هنا .. أنت ميت"
ثم عادت لتتقلب مرة أخرى و لوحت بكفها فى الهواء كمن يصفع شخصا لتعود و تهتف
_"(هشام رضوان) أنت أيضا يجب أن تموت ... سأقتلك .. مت أيها المغرور "
ضحكات صغيرة انطلقت فى فضاء الغرفة قبل أن تسكت فجأة و صوت طفولى يهمس
_"ششش .. اصمتى (روفى) ... (رورو) ستستيقظ"
نزعت كفه من على شفتيها و هى تضحك بخفوت لتكمل بتآمر هامس
_"لا تخاف ... هيا نبدأ ... بسرعة قبل أن تفعل"
لم تستمع (راندا) للهمسات الدائرة حولها و لا أحست بما يقومون به
_"لا يا (رامى) ... ليس الأزرق ...انا أحب الوردى أكثر... الوردى أجمل"
_"(روفى) .. هذه ليست باربى خاصتك ... أمسكى هذا اللون بسرعة"
صوت ضحكات قصيرة خافتة تلاها حديثهما الهامس
_"إنها تتقلب كثيرا ... لا أستطيع وضع هذا اللون هنا .. خذه أنت و ضعه ناحيتك"
_"(رورو) ستغضب كثيرا"
ضحكة قصيرة خافتة تلاها صوت الصغيرة هامسا
_"ستتحول لساحرة شريرة ... هيا بسرعة يجب أن ننتهى قبل أن تستيقظ"
مضت دقائق و هما منهمكان قبل أن تتململ (راندا) فى إنزعاج جعلاهما يتسمران ... مضت لحظة قبل أن تفتح عينيها فجأة .. رفرفرت برموشها قليلا و هى تحاول العودة للنوم ، لكنها أن انتبهت لمقتحمىّ غرفتها الصغيرين ... نظرت نحوهما بعينين مشوشتين تحملان أثر النوم ... كان ينظران نحوها و بدا كما لو يكتمان ضحكاتهما بصعوبة ... تمطت بكسل قبل أن تفتح عينيها لتنظر نحوهما فى حنان و تقول باسمة
_"صباح الخير صغيرىّ الجميلين ... كيف حالكما؟ .. ما هذه المفاجأة الجميلة؟!... هاه من سيمنح (رورو) قبلة الصباح اولا"
تبادلا نظرات شقية قبل أن يندفعا نحوها بصخب طفولى محبب ... احتضنتهما فى حب قبل أن تبعدهما مرة أخرى لتعتدل فى فراشها ... انتبهت حينها للألوان التى افترشت سريرها و لطخت وجهيهما و أكفهما الصغيرة ... عقدت حاجبيها قبل أن تضحك و هى تمد يدها تداعب أنف (رامى) الذى كان ملطخا بلون أزرق .. مسحته برقة و هى تقول فى تأنيب حنون
_"ماذا تفعل هذه الألوان على فراشى يا شقيين؟ ... ثم ألم أقل لكما أكثر من مرة أن الألوان نستخدمها فى كراس الرسم و التلوين و ليس على وجوهنا"
عادت تتأمل ملاحهما الصغيرة بحب و حنين لذلك الشقيق الغائب الذى يحملان ملامحه ... كم يشبهانه بدرجة كبيرة و كأن أمهما وضعت كل حبها له فى ملامح طفليه فجاءا على شاكلته لم يآخذا إلا القليل جدا منها ... هما نسخة مصغرة منه ، نفس الشعر و العينين و الإبتسامة .. نفس لمعة عينيه ... يا الله كم تشتاق له ... عادت تبتسم و هى تنظر لهما ... عينيهما اللامعتان بشقاوة و ... مهلا لحظة ... هذه النظرة ... هى تعرفها جيدا .. ذلك اللمعان الشقى فى عينيهما تحفظه جيدا فهو يظهر خاصة حين يدبران مقلبا ما ... نظرة تشبه جيدا نظرة (زياد) ... اختفت إبتسامتها و هى تقطب حاجبيها قبل أن ترفع أحدهما و تنظر لهما فى حذر قبل أن تقول بتوجس
_"مهلا لحظة ... أنا لا أرى أى كراسات تلوين معكما ..ماذا تفعلان بالألوان وحدها فى فراشى أيها المحتالان؟!"
لم يردا و ازدادت نظراتهما الشقية و هما يتبادلان إبتسامة خبيثة كإبتسامة (زياد) الوغد فسألت بجدية
_"حسنا ... رفيف و رامى هاشمى أريد إجابة صريحة حالا و إلا سوف تـ"
قبل أن تكمل جملتها أو تحصل على أى إجابة منهما .. انتفض جسدها و جسد الصغيرين على تلك الصرخات العالية التى تنامت لأسماعهم من خارج الحجرة ..
_" (رفييييف) ... (راااامى) ... أين أنتما أيها الشيطانين ؟ ... انتظرا فقط .. عندما أعثر عليكما ستتمنيان لو أنكما لم تولدا أبدا"
نظرت لهما فى دهشة و هما ينتفضان من على فراشها و (رفيف) تهتف
_"(ميسا) قادمة ... هيا (رامى) بسرعة"
راقبتهما بحاجبين مرتفعين و هما يجريان فى الغرفة بحثا عن مخبأ ... لم يكادا يختفيان جيدا خلف أحد ستائر الشرفة حتى اندفعت (هاميس) مقتحمة الغرفة بقوة و هى تصرخ كالمجانين ... شهقت (راندا) بقوة و هى ترى منظر (هاميس) المذرى ... كانت تقف ببيجامة نومها و شعرها الطويل مشعثا كالساحرات و خصلاته اختفى لونها الجميل لتحمل كل خصلة منه لونا مختلفا فيما ملامح وجهها اختفت تماما خلف العديد من الألوان فبدا كلوحة فنية لفنان مجنون .. هتفت بذهول و غباء
_"يا إلهى!! ...(هاميس) ماذا فعلتى بنفسك؟!"
نظرت لها (هاميس) كأنما تخاطب مجنونة و صرخت فيها
_"ماذا فعلت بنفسى؟! ... هل تظنيننى مجنونة لأفعل شيئا كهذا بنفسى؟ ... أين هما ؟ أين اختفيا ؟! .. أعرف أنهما هنا ... أين ذهبا هذان الشقيان؟ ... انتظرا فقط حتى أعثر عليكما"
كانت تدور حول نفسها تفتش كل ركن فى غرفة (راندا) التى تسمرت فوق فراشها تراقب (هاميس) فى بحثها المحموم تنحنى لتبحث تحت المقاعد و الأريكة و تستقيم لتفتح دولاب الملابس .. حاولت الا تطرف بعينيها نحو الشرفة حيث يختبآن فيما صوت (هاميس) المتوعد يتابع صارخا
_"انتظرا فقط حتى تقعا تحت يدى ... سأعلقكما من أقدامكما أمام باب غرفتى لتكونا عبرة لمن يعتبر ... انتظرا فقط ... آآآآآه ... هأنتما ذا "
قامت (راندا) مسرعة من فراشها عندما رأت (هاميس) تشد الصغيرين إلى داخل الغرفة قبل أن تمسك أذنيهما مؤنبة
_"هل اعتقدتما أننى لن أعرف من فعل هذا بى؟ ... انظرا الآن ماذا سأفعل بكما"
هتفت بها (راندا) وهى تسرع نحوها و تنتزعها من بين يديها
_"(هاميس) هل جُننتى؟ .. كيف تعنفيهما هكذا؟"
التصقت (رفيف) بها و تمسكت بثيابها و هى ترفع عينين دامعتين لها و تقول ببكاء طفولى
_"(رورو) ... (ميسا) شريرة ... ضربتنى"
ربتت (راندا) على شعرها فى حنان و تضمها إليها و ذراعها الآخر يضم (رامى) هو الآخر إليها و هى تزجر (هاميس) بلوم دون أن تنتبه إلى (رفيف) التى كانت تبتسم بشقاوة مغيظة (هاميس) التى انفجرت غاضبة و هى تقول
_"انظرى إليهما !!! ... (راندا) إنهما يخدعانك .. لقد ارتكبا خطأ و يجب أن يعاقبا .. لن يفلتا من العقاب ككل مرة بسبب تدليلك لهما"
أجابتها (راندا) فى حزم
_"إنه تأثير أخيك الأحمق هو وحده من يعطيهما دروسا فى الشيطنة ...يا إلهى!! ... شقيقى ترك لى ملاكين صغيرين و انظرى ماذا فعل بهما (زياد) .. لقد حولهما لشيطانين مثله ... إن كان هناك من يجب أن يُعاقب فى المقام الأول فهو شقيقك الأحمق وحده"
هتفت (هاميس)
_"بل السبب هو جيناتك الغبية التى تسللت إليهما حتما"
_"حقا ؟! ... لا تنسى إذن أن جيناتك الغبية أنتِ و شقيقك قد تسللت إليهما هى أيضا"
_"أنتِ حمقاء يا (راندا) و تفسدينهما دلالا ... أنا خالتهما و قلت يجب أن يعاقبا"
_"فعلا يا خالة ؟! ... سمعت أن الخالة حنونة جدا و أقرب من العمة ... ربما عليكِ أخذ بعض الدروس (هاميس)"
_"تركت لكِ الحنان كله آنسة (راندا)"
ضحكات الصغيرين أوقفت جدالهما فنظرا نحوهما ... (راندا) ابتسمت فيما (هاميس) لوت شفتيها و أشاحت بوجهها و هى تغلى غضبا .. تأملتها (راندا) لحظة قبل أن تبتسم إبتسامة بدأت صغيرة قبل أن تتحول إلى ضحك هيستيرى لم تستطع التحكم فيه و هى تلوح بكفها و تمسك ببطنها
_"يا الله !! (هاميس) لا يمكننى التحمل حقا ... آسفة لكنكِ حقا .. أنتِ تبدين رهيبة"
نظرت (هاميس) نحوها ببرود و كتفت ذراعيها و ركن فمها يرتفع بتهكم و هى تقول
_"حقا؟! ... أبدو رهيبة ؟! ربما عليكِ إذن أن تلقى نظرة على نفسك فى المرآة أولا أيتها الأميرة"
توقفت (راندا) عن الضحك قبل أن تنظر نحوها بحيرة و تقول بتوجس و هى تهز رأسها
_"ماذا هناك؟ ..لا .. لا تقولى ما أفكر فيه"
هزت (هاميس) كتفيها و هى ترفع حاجبيها بنظرة تقول لا تصدقى هذا شأنك... أطلقت (راندا) ضحكة عصبية و هزت رأسها و هى تلوح بسبابتها بإشارة نافية و هى تنظر للصغيرين
_"لا لا تقولى هذا .. هذا ليس صحيحا ... صغيرىّ أنتما لم تفعلا هذا بـ(رورو) ، صحيح؟"
هتفت (هاميس) فى حنق و هى تضرب كفيها ببعضهما و ترفع عينيها نحو السماء بنفاذ صبر قبل أن تشير للألوان على الفراش
_" لا حول و لا قوة إلا بالله ... ألهمنى الصبر يا رب ... (راندا) بالله عليكِ .. ألم تلاحظى علب الألوان هناك ؟! ماذا فى رأيك كانا يفعلان بها فى فراشك و أنتِ نائمة .. يلونان أحلامك مثلا؟!! .. ماذا عن الألوان التى تلطخ وسادتك ؟! إن كنتِ لا تستطيعين النظر فى المرآة ربما عليكى الإكتفاء بالنظر إلى شعرك إذن"
مدت (راندا) كفها فى حذر تلتقط خصلة من شعرها و نظرت إليها ... لا .. هذا ليس حقيقيا .. ليس هى .. تحركت نحو المرآة .. وقفت أمامها و رفعت ناظريها نحو صورتها فى توجس و اتسعت عيناها و هى ترى الصورة المنعكسة أمامها... شعرها مشعث كـ(هاميس) بالضبط و خصلاته !! .. يا إلهى!! ...أمسكت خصلاتها الطويلة بعدم تصديق .. ألوان برتقالية و حمراء و زرقاء ... الكثير من الألوان صبغت خصلاتها .. و وجهها .. يا الله .. هناك دائرة زرقاء بشعة حول عينها اليمنى و يبدو أن تقلبها فى نومها زاد الأمر سوءا .. ما هذا الشئ الأصفر على خدها .. أهذه شمس ؟!! و ماذا ؟!! .. شمس بذراعين أيضا و عينين و إبتسامة ؟!! .. هل تمزحان ؟! ... تحسست خدها تتتبع ملامح وجهها الذى حوله الصغيرين إلى لوحة من الرسوم العشوائية و ارتجفت شفتيها و التمعت عيناها بدموع قهر و رغبة عنيفة فى الصراخ تحرقها ... هذان الشقيان لن يفعلا هذا من نفسيهما .. هناك من حرضهما .. هى متأكدة .. كما أنها متأكدة تماما من اسمه .. شخص واحد يمكنه أن يحرضهما على ذلك .. شخص واحد ليس إلا .. و هى تعرفه جيدا
_"(رامى) ... لماذا هى صامتة هكذا .. لماذا لا تتحول كالساحرات؟"
_"انتظرى لحظة (روفى) .. ستفعل أكيد .. (ديدو) قال أنها ستصرخ بصو"
آذانها الحساسة التقطت همساتهما التى توقفت فجأة لكنها كانت قد سمعتها و إسم واحد التصق بهما كالصمغ التفتت نحوهما فجأة لتجد (هاميس) تقف خلفهما و كفاها يغطيان فميهما لتمنعهما من إكمال كلامهما و هى تنظر نحو(راندا) بهلع ... التمعت عيناها بنظرة شريرة و هى تهمس ببطء و إبتسامة شريرة ترتسم على شفتيها
_"(ديدو)!! .. هذا رائع .. هذا أكثر من رائع"
تمتمت (هاميس) و هى تحاول تهدئتها
_"(راندا) حبيبتى ... استهدى بالله .. لا داعى لهذه النظرات .. أنتِ ترعيبيننى "
عادت (راندا) تلتفت للمرآة و تتأمل شكلها المرعب و النار تشتعل فى صدرها .. نار لن يخمدها إلا شئ واحد ... كزت على أسنانها و هى تبتسم بتوعد و الشر مرتسم فى نظراتها المجنونة
_"(زياد هاشمى) هذه المرة لن أرحمك .. موتك اليوم مؤكد على يدىّ"
مطت (هاميس) شفتيها و هى تهمس بأسف
_"أخى (زياد) أنت ميت !! فليرحمك الله"
بينما مالت (رفيف) على توأمها هامسة
_"(رورو) تحولت للساحرة الشريرة أخيرا"
أومأ برأسه و هو ينظر إلى (راندا) التى زادت نظرات الجنون فى عينيها و هى تضم قبضتها بقوة و شفتيها لازالتا تتحركان بتوعد .. همس لأخته مؤكدا
_"انظرى لها .. ستصرخ الآن .. بسرعة غطى أذنيكِ"
قالها و هو يضع اصبعيه فى أذنيه لتتبعه (رفيف) فيما (هاميس) اتسعت عيناها فى إنتظار الإنفجار المعتاد و رفعت كفيها بسرعة لتغطى أذنيها هى الأخرى ...أخذت (راندا) نفسا عميقا قبل أن ترفع رأسها و تصرخ بصوت عال جعل الطيور فى الخارج تجفل من على أعشاشاها
_"(زيااااااااااااد)"
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
استرخى (هشام) على أحد الكراسى فى شرفة منزله و التى تطل على الحديقة التى أجادت والدته الإعتناء بها عبر سنوات طوال و زرعتها بورودها و نباتاتها المفضلة و تولت (رهف) مساعدتها ... كانت هذه إحدى الصفات التى تقاسمتها هى و شقيقته الصغرى التى عشقت النباتات حتى أنها صممت على أن تكون تخصصها العلمى فى الجامعة ... ربما كانت النباتات هى الوحيدة التى مازالت (رهف) توليها إهتماما و التى تستطيع أن تخرجها من دوامة الماضى التى مازالت مصرة على أن تحبس نفسها داخلها ... (رهف) التى أصبحت تتنفس فقط مع نباتاتها و يظن أنها وحدها من يستمع إلى شكواها و أنينها الصامت الذى تخفيه عن الجميع حتى هو و أمهما ... ربما يكون (عاصى) هو الآخر إستثناءا فلم يفشل يوما فى إستفزازها و الحصول على ردة فعل حتى و لو نظرة كراهية قاتلة أو غضب مستتر ... حتى لو كان تأثيرا يكاد لا يرى ، لكنه يُحتسب ردة فعل بدل البرود المميت الذى غرقت فيه ... فرد ساقيه فوق كرسى مقابل و هو يتنفس بعمق محاولا الحصول على قدر أكبر من الإسترخاء و هو يلتقط فنجان قهوته و يرتشف منه قليلا ... فقط لو يذهب هذا الصداع .. ضغط بين عينيه فى ألم ... لم يحصل على نوم كاف الليلة الماضية ... فى الواقع هو لم يستطع النوم أبدا حتى أشرقت الشمس و لا حتى عندما أغمض عينيه محاولا الحصول على بضع ساعات من النوم بعد أن أكد على (عاصى) أن يتولى هو مهامه فى الشركة ... ابتسم فى شماتة و هو يفكر فى جدول الأعمال المزدحم الذى سيغرق فيه (عاصى) حتى أذنيه .. يستحق بعد ما فعله بالأمس ... يخشى فقط من الجنون الذى سيصيب سكرتيرته بسبب (عاصى) لكنه سيعوضها بأجازة تعالج فيها الآثار النفسية الجسيمة التى ستصيبها بعد تعاملها معه .. تراجع أكثر فى مقعده و هو يشبك ذراعيه خلف رأسه .. ابتسم و هو يستعيد أحداث الأمس بتفاصيلها .. هو أصلا لم يتوقف لحظة عن التفكير فيها و استعادتها مرارا و تكرار .. لم يتمكن من النوم بسببها حتى عندما استسلم لنوم قلق لم تتوقف عن غزو أحلامه ، مثلما أخبرها أنه سينتظرها ، فلم تتأخر بالفعل ... لكنها فى أحلامها كانت أكثر رقة .. أكثر نعومة و عاطفية ... كانت تبتسم له فى الحلم و تنظر له بعينيها الغارقتين بالمشاعر ... اتسعت إبتسامته و هو يغمض عينيه بشغف يستعيد شعوره بها فى الحلم ... كان شيئا خياليا لكنه أبدا لا يفوق وجودها الحقيقى بين ذراعيه بالأمس و شعوره بها قربه كأنفاسه .. يراقصها و يستمتع بخرمشاتها و حربها الكلامية معه ... ضحك و هو يتذكر كيف كان يستفزها و كيف تصرف لأول مرة خلاف طبيعته الجادة .. بالله .. هو لم يقترب من إمرأة بهذه الطريقة من قبل و لا أن يلمسها أو يراقصها كما فعل مع (راندا هاشمى) ... لماذا تجاوز كل الحدود التى يؤمن بها و أقترب منها بهذه الطريقة ... لا يعرف سوى هذا الشعور الجارف بإنتمائها له وحده .. أن من حقه أن يقترب منها كيفما شاء و أن يبعد عنها كل وجود ذكرى قد يقترب من محيطها .. ينتزعها من بين الجميع إنتزاعا كما فعل و هو يأخذها من (زياد) ... شعور الغيرة عاوده و هو يتذكره و يتذكر مدى قربه من (راندا) و كيف بديا منسجمين معا كما لو كانت تربطهما علاقة قوية قبل أن يعرف أنه (زياد شاكر) ابن عمها ... أحد أبناء آل هاشمى و الذى سمع عنه دوما لكنه لم يسبق أن التقاه رغم معرفته بوالده (شاكر هاشمى) ... ربما لأن (زياد) قد اختار طريقا آخرا لحياته العملية بعيدا عن أعمال العائلة و ترك إدارة شركات العائلة لعميه و والده و شقيق (راندا) الأكبر ... رغم معرفته هذه لكنه لم يستطع التغلب على شعوره بالضيق من علاقتهما حتى بعد أن أخبره (أمجد هاشمى) والد (راندا) أن (زياد) بمثابة شقيق آخر لها و أنهما دوما كالقط و الفأر منذ صغرهما ... تنفس (هشام) بقوة .. يبدو انه سيعانى كثيرا فى محاولة تفهم هذا القرب بين هذين الإثنين و تعلم السيطرة على مشاعره دون أن ينفجر غضبا و غيرة كلما اقترب (زياد) منها أو مازحها كما فعل بالأمس .... كلامه مع والدها أزاح ثقلا كبيرا من فوق صدره ، فـ(زياد) لم يكن الحبيب الذى تبجحت به أمامه ... عادت وساوسه تهاجمه مرة أخرى .. أكانت صادقة ؟!! ... ربما قصدت شخصا آخر غير (زياد) .. حتى و إن كان هذا صحيحا و هناك آخر ... هو لن يسمح لأى آخر بالتواجد قربها و لا أن يتصور أن له مكانا فى قلبها ... ذلك القلب ملكه وحده ... عاجلا أم آجلا هى ستدرك هذه الحقيقة كما فعل هو ... الطريقة التى كانت تقاتله بها البارحة .. كيف تتوتر و كيف تشتعل أعصابها فقط بقربه منها .. كل هذا يؤكد أن ما أصابه قد نال منها هى الأخرى ... و قبل كل هذا الطريقة التى كانت تنظر بها نحوه فى الشرفة حيث رقصا بتناغم مثالى كأنما كانا قد فعلاها من قبل مئات المرات ... كيف كانت تنظر إليه كأنه الرجل الوحيد فى هذا العالم تعترف عيناها بإنتمائها له وحده ...غامت عيناه و هو يتذكر كيف كاد يفقد كل سيطرة على عقله و يفلت العنان لطوفان مشاعره ، نظر لكفه التى مازالت تحمل نعومة شفتيها .. ارتجفت أعماقه بقوة و هو يفكر كيف كان سيتجاوز كل حدوده .. رباه!! لقد كاد ينحنى مقبلا شفتيها دون وعى لو لم يقاطعهما (عاصى) ... زفر بحرارة و هو يمرر أصابعه فى شعره ... رباه لقد جُن أخيرا ... و هى كانت غارقة فيه بالمثل لم تحاول الإبتعاد و لم تنجو بدورها من دوامة السحر التى جذبتهما لحظتها و مقاطعة (عاصى) أنقذتهما من الوقوع فى خطأ كهذا ، لم تكن ستسامحه و لا كان هو سيسامح نفسه ...كان عليه أن يشكر (عاصى) رغم أن جزءا عميقا داخله كره توقيت (عاصى) الخاطئ كالعادة و ود لو أنه لكمه على فمه الساخر لحظتها ..
كان (هشام) مستغرقا فى تفكيره فلم ينتبه لأمه التى كانت تقف قربه تتأمل إبتسامته الحالمة بحنان و ارتسمت على شفتيها إبتسامة سعيدة و كأنما أدركت ما يعتمل فى صدر ولدها ... اقتربت لتقاطع أفكاره و هى تضع كفها بحنان على رأسه
_"ما الأمر (هشام) ؟!! ... ما سر هذه الإبتسامة الحالمة بنى؟!"
التفت (هشام) نحوها و أنزل ساقيه من على الكرسى و هو يعتدل فى جلسته ... ابتسم و هو يرى لأول مرة منذ فترة طويلة إبتسامتها السعيدة التى اشتاق إليها كثيرا فى الآونة الأخيرة .. تلك الإبتسامة التى اختفت مصطحبة معها سعادة المنزل ..تأمل ثوبها الأسود الأنيق و تنهد ... لازالت مصرة على إرتداء الأسود رغم مرور أكثر من نصف العام على رحيل والده و ما حدث لـ(رهف) ... لكن لا بأس هاهى تبتسم بسعادة واضحة عكس إبتساماتها السابقة المغرقة فى الحزن ، التقط كفها و قبله فى حب و هو يقول
_"و كيف لا أبتسم و أمامى هذا الوجه الجميل سيدتى الفاتنة؟!"
ضحكت و هى تضربه بكفها على رأسه برفق و تمتمت
_"أيها المخادع !! .. أنا أقف منذ وقت طويل و أنت لم تنتبه لى أصلا"
_"و هل أنا غبى سيدة (سلمى)؟!.. كى يكون أمامى هذا الجمال ولا أنتبه له"
ضحكت و هى تهز رأسها دون تصديق
_"ماذا بك (هشام)؟! ... هل تقمصتك روح (عاصى) أخيرا .. ربما هذا يفسر لماذا كان يبدو جادا و هو يغادر للشركة هذا الصباح مبكرا على غير العادة ... لابد أنكما قد تبادلتما الشخصيات فلا تفسير آخر"
ضحك (هشام) وهو يقول
_"رباه !! .. أمى .. فكرتك عنى سيئة للغاية ... و يبدو أنكِ تفضلين شخصية ذلك الوغد المغازل (عاصى) ... أنتِ تحبينه أكثر منى"
تأملته للحظات بحب قبل أن تجلس على مقعد مجاور له و تمد كفها تتحسس خده بحنان و إبتسامة حانية على شفتيها
_"أنتما ولدىّ (هشام) ... أحبك كثيرا أنت و (رهف) فأنتما هدية والدك لى .. أنتما رمزا حبى له و جزءا غاليا منه و منى .. بينما (عاصى) المشاغب كان هدية غالية من أبيك و عمك و والدته (همسة) التى كانت أقرب لى من أخت ... هدية غالية منحها لى ثلاثتهم ثم رحلوا ..(عاصى) استولى على جزء كبير من قلبى لكنك تعرف أننى لم أفرق أبدا بينكم فى المعاملة بنى ،صحيح"
قبل كفها مرة أخرى و هو يؤكد
_"بالطبع أمى .. أنتِ كنتِ و ستظلين دوما أفضل الأمهات .. لكن لا تخبرى (عاصى) بهذا الكلام فسيصبح أكثر غرورا و تبجحا بحبك له أكثر مما هو فى الواقع"
قاطعه صوت (عاصى) المتهكم الذى كان قد وصل لحظتها
_"للأسف (هشام) .. لقد فات الأوان و سمعت كل شئ"
و تابع و هو يقترب ليحيط السيدة (سلمى) من الخلف و هو ينحنى ليطبع قبلة رقيقة على خدها و هو يكمل
_"ثم إننى أعرف مسبقا مكانتى الكبيرة لدى هذه الجميلة ... هى تجاملك لأنك ابنها ، لكنها فى الواقع تحبنى أكثر منك ، صحيح أمى؟!"
وضعت كفيها على ذراعه التى تضمها و مالت برأسها للخلف لتقبله و هى تقول همسا
_"صحيح بنى .. و لكن لا تخبر (هشام) بهذا ... إنه يغار بشكل سئ"
أومأ برأسه فى تآمر و هو يستقيم ليلتقط كوبا من العصير الموضوع على المائدة قبل أن يجلس هو الآخر على أحد المقاعد .. ارتشف من الكوب و أغلق عينيه بإستمتاع و هو يقول
_"هل رأيت (هشام)؟! .. أراهنك أن أمى أعدت هذا العصير خصيصا من أجلى فهى تعرف أنه مشروبى المفضل .. لابد أن قلبها أخبرها أننى قادم فى الطريق"
ابتسم (هشام) بسخرية و هو يقول
_"قلبها هو الذى أخبرها ؟ أم مكالمة الهاتف التى كانت تؤكد عليك فيها ألا تتغيب عن موعد الغداء و إلا ستواجه عواقب وخيمة"
منحها (عاصى) نظرة لوم تمثيلية فابتسمت و هى تهز رأسها فيما تابع (عاصى) قائلا
_"كنتِ محقة .. يغار بشكل سئ لدرجة أنه أصبح يتلصص على مكالمتنا أمى"
وضعت (سلمى) كفها على فمها تحاول السيطرة على ضحكاتها بينما قال (هشام) ببرود
_"هذا يذكرنى ... كيف انتهيت بهذه السرعة من كل الأعمال التى كلفتك بها فى الشركة؟!"
وضع (عاصى) كأس العصير من يده على المائدة و هو يهتف بحنق
_"تبا (هشام) كنت تعرف أنك تورطنى ، أنت تعمدت ذلك ... ثم .. كيف تصورت أننى يمكن أن أحتمل العمل فى مكان واحد مع سكيرتيرتك الباردة تلك ؟ رباه ... لقد كدت أُجن من ردود أفعالها .. كيف تحتملها؟!"
تنهد (هشام) و هو يدرك مدى المأساة التى حلت بسكيرتيرته حين أرسل (عاصى) ليتابع العمل .. اعتذر لها مجددا داخله و هو يعدها بتعويض مجزى ، قبل أن يخاطب (عاصى)
_"متأكد أنها هى من أصابتك بالجنون ؟!! .. أراهن أننى سأستغرق وقتا طويلا لأعالج الآثار النفسية التى سببتها لها اليوم .. أنت فقط لم تتمكن من التعامل معها لأنها لا تستجيب لسخافاتك كباقى الفتيات اللاتى عرفتهن"
وضع (عاصى) كفه على قلبه فى ألم
_"آه .. كانت هذه ضربة موجعة لغرورى (هشام) .. كل ما فى الأمر أنها إنسانة غير طبيعية"
_"بل هى فتاة محترمة و جادة جدا .. تعمل من أجل عائلتها و ليس لديها أى رغبة فى تضييع وقتها فى العبث الغير مجدى ... ثم لم تخبرنى بعد ... أنهيت كل الأعمال؟!"
_"لا (هشام) لم أنهى كل شئ .. لقد عدت من أجل الغداء إن كنت لا تمانع"
قال (هشام) بإستفزاز
_"حقا؟! ... و ماذا عن إستراحة الغداء هناك ؟ .. ألم تستطع تناول الطعام فى المكتب؟!"
هتف (عاصى) بإستنكار و هو ينظر نحو (سلمى) التى كانت تضحك على نقاراهما المعتاد
_"لم أعرف أنك قد اشتريتنى عبدا يا سيد (هشام) نحن شريكين على حد علمى .. هذا ما ينقصنى .. أتنازل عن طعام أمى اللذيذ لأتناول الغداء فى مكتبك البارد ، يرضيكِ هذا أمى؟!"
ربتت (سلمى) على كفه بحب و هى تبتسم
_"بالطبع لا بنى .. دعك منه .. أخبرتك أنه يغار ... حماتك تحبك بنى ، الطعام كله اليوم أعددته من أصنافك المفضلة"
قبل يدها و هو يغمز لها
_"أعرف أنها تحبنى ... رغم أنها ابنتها لا تفعل بل لا تطيقنى أصلا"
ربتت على خده فى حنان
_"لا تقلق حبيبى ... ستفعل يوما أنا واثقة من هذا ... كن على يقين .. لا فتاة يمكنها أن تقاوم الوقوع فى حبك طويلا"
زفر (هشام) فى نفاذ صبر مفتعل و هو يرفع عينيه نحو السماء و استقام واقفا و هو يقول
_"رباااه!! ... لقد اكتفيت من سطور الغزل التى تتبادلاها دون أدنى احترام لى .. سأصعد غرفتى حتى يحين موعد الغداء"
و تحرك ليبتعد لكن ليس قبل أن يضرب (عاصى) بقوة على كتفه و هو يقول
_"عليك أن تتوقف عن عبثك أولا إن أردت أن تتقبلك ابنتها فى حياتها"
انحنى ليقبل خد والدته و هو يتابع
_"أمى سأرتاح قليلا .. نادينى حين تستعدون للغداء"
أومأت برأسها و هى تتابعه بعينيها حتى اختفى داخل المنزل قبل أن تنحنى نحو (عاصى) سائلة
_"ماذا به (هشام) ؟! ... يبدو مختلفا منذ الصباح"
ضحك (عاصى) و هو يميل إليها هامسا و عينيه تلمعان بخبث
_"صدقى أو لا أمى ... ابنك البارد هذا وقع أخيرا فى الحب ... إنه عاشق"
رفعت حاجبيها بعدم تصديق قبل أن تقول
_"حقا ما تقول (عاصى) ... (هشام) عاشق .. و متى حدث هذا أصلا؟!! متى التقاها؟!"
_"البارحة"
هتفت بذهول
_"البارحة؟!! ...أنت تمزح ... هكذا سريعا ؟!... لا أصدق"
ضحك بقوة و هو يؤكد
_"بل صدقى أمى ... فى لحظات فقط وقع ابنك المبجل فى العشق رأسا على عقب .. رباه!! ... كان يجب أن تريه بنفسك أمس ... لقد أصيب بالجنون ... انتظرى لحظة .. سترين بنفسك"
قالها و هو يخرج هاتفه المحمول و يفتح بعض الملفات قبل أن يناولها إياه و هو يضحك
_"انظرى ... لقد صورتهما ... ما كان يمكننى مقاومة هذا السبق ... (هشام رضوان) واقع فى العشق ... هذا حدث نادر جدا لا يمكن تفويته أبدا ، صحيح؟!"
ضحكت و هى تشاهد الصور التى التقطها (عاصى) ثم هتفت بدهشة ضاحكة
_"وفيديو أيضا؟! ... أنت حقا يا (عاصى) !! ... لحظة!! أليست هذه (راندا) ابنة (ثريا) و (أمجد هاشمى)"
_"تعرفينها؟!"
أومأت برأسها و هى تتذكر الفتاة المرحة المشتعلة بالحيوية و التمرد التى لطالما اشتكت (ثريا) من جنونها و تمردها اللذين لا تستطيع التحكم بهما أبدا فوالدها و جدها يتماديان فى دعم تلك الصفات بها ... قالت و إبتسامة سعيدة ترتسم على شفتيها و هى تتأمل (هشام) الذى بدا بوضوح إلى أى حد هو مُغرم
_"أجل ... قابلتها بضع مرات ... إنها فتاة لطيفة جدا"
هتف بإستنكار
_"لطيفة ... هذه لطيفة ؟!! .. مفهومك عن اللطف غريب جدا أمى ... لقد كادت تقتلنى أنا و (هشام) البارحة .. إنها شرسة لو أردنا الدقة"
ضحكت (سلمى) و هى تعاود النظر إلى صورة (راندا) قبل أن تقول
_"تعرف يا (عاصى)؟! ... أول مرة قابلت فيها (راندا) وفاجأتنى حيويتها و إنطلاقها و شخصيتها المتمردة ، داعبت عقلى أمنية واحدة لم أتمكن من نزعها من رأسى و فى كل مرة كنت أراها فيها كانت تعود لتلح على ، أن تكون يوما من نصيب (هشام)... كنت أعرف أن روحها هذه وحدها من تناسب (هشام) ... وحدها ستتمكن من إختراق جدران البرود التى أحاط بها قلبه طويلا .. و يبدو أننى كنت محقة"
_"يبدو هذا .. رائع جميلتى تتمعين ببصيرة مذهلة .. أحييكِ"
أعادت إليه الهاتف ضاحكة و هى تقول
_"بصيرتى تخبرنى أيضا أن (هشام) لن يفلتك أبدا إن عرف بأمر هذه الصور على هاتفك"
_"لا تخافى ... ساحتفظ بها حتى ابتزه بها يوما ، قد يدفع مقابلها الكثير"
_"و قد يقتلك أيضا"
صمتت لحظة قبل أن تتابع بنبرة حزينة
_"فى الواقع كنت أنوى أن أفاتح (ثريا هاشمى) برغبتى فى أن أخطب ابنتها لـ(هشام)"
_"حقا؟!!"
هتف بدهشة لتومئ برأسها متابعة بأسف
_"أجل ... لكن للأسف لم أتمكن من ذلك ، كل حياتنا انقلبت فجأة .. حادثة (رهف) و رحيل عمك .. و السعادة فارقت منزلنا و تركت للحزن مكانها"
رفعت كفها تمسح دمعة غافلتها و سقطت على خدها فمد (عاصى) كفه و احتضن يدها قائلا بتأكيد
_"لا تقولى هذا أمى ... الحزن لا يدوم و السعادة ستعود لتسكن منزلنا مرة أخرى .. أنا أعدك بهذا حبيبتى .. تثقين بى ، صحيح؟!"
_"أكثر من نفسى بنى ... لكن (رهف) كما ترى .."
قاطعها مؤكدا
_"ثقى بى .. (رهف) ستعود كما كانت دوما ... أنا سأتكفل بإعادة الحياة مجددا إلى عينيها و روحها ... قليل من الوقت و سيتكفل الزمن بكل الجراح حبيبتى"
شدت على كفه قائلة
_"عدنى (عاصى) .. عدنى بنى أنك لن تتخلى عن (رهف) أبدا .... مهما طردتك خارج حياتها أو استمرت فى دفعك بعيدا بقسوتها و كراهيتها ... أنت لن تتركها حتى تعود (رهف) القديمة مجددا"
أغمض (عاصى) عينيه و خفق قلبه و هو يتذكر وعدا آخرا قطعه لنفسه قبل أن يقطعه لعمه الذى طالبه بحماية صغيرته و ألا يتخلى عنها أبدا .. تنفس بقوة و هو يفتح عينيه مرددا
_"أعدك أمى .. لن أتركها أبدا .. حتى عندما تعود (رهف) القديمة و تستعيد قدرتها على الحياة مجددا ... عندها حتى لن أتركها أبدا .. و هذا وعد من ابنك الثانى "
و ضغط على كلماته و هو ينظر لعينيها التى ترقرقت بهما الدموع ليؤكد لها بكل يقين
_"هذه كلمتى لكِ ... و تعرفين ان كلمة (عاصى رضوان) لا تُرد أبدا ... (رهف) شاءت أم أبت أصبحت قدرى و أنا لن أفلتها أبدا ... أبدا"
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx*
انتهى الفصل الخامس يا جميلات بتمنى ينال إعجابكم

قراءة ممتعة


rontii 01-10-16 01:59 AM


اعا د ة التعليق

فصل جمييييييل جدا
مشهد الطفلين و رندا كان مسخرة
طيب كده اخو راندا متجوز اخت زياد و هاميس
هل اخوها هو ادم طيب سدمسافر ليه و غايب فترة كبيرة واضح ان له قصة مهمه
كمان حكاية رهف غامضة
فهمت انه ابوها اللي طلب من عاصي يتجوزها
واضح كمان ان حصل حادثة لرهف و ابوها من وقتها هي اتغيرت تماما و ابوها مات
هل ده معناه ان عاصي اتحوزها قبل الحادثة و لا و ابوها علي فراش الموت
سلمي جميلة طيبة حنونه و قلبها كبير اوي
فصل جميل و بانتظار الفصل السادس علي ناااار

may lu 01-10-16 08:57 PM

تسلمى رونتى على تنزيل الفصل .. تعبتك معايا حبيبتى :amwa7:

may lu 01-10-16 09:19 PM

الفصل السادس
اندفعت (راندا) خارج غرفتها كالمجانين و هى تصرخ بإسم (زياد) ... قطعت المسافة بين جناحيهما و هى تدك الأرض تحت خطواتها الغاضبة و هى لا تتوقف عن الصراخ بإسمه ... أصابت بالصدمة كل من التقاها من الخدم فى طرقات القصر التى تقطعها بجنون و هيئتها المرعبة أخرست الجميع و هم يرون السيدة الصغيرة بهذا المنظر المذرى تصرخ كساحرة مجنونة و خصلاتها الطويلة الملونة تتطاير خلفها تزيد من مظهرها الجنونى ... بدا أنها لم تنتبه أبدا لأى شخص آخر و عيناها لا تريان أمامها سوى صورة (زياد) و هو مضرج بدمائه بينما الصحف تتحدث عن مجنونة آل (هاشمى) التى تمكنت أخيرا من القضاء على الشخص الذى كان السبب الرئيسى فى إصابتها بالجنون ... كزت على أسنانها .. ذلك الوغد ... هى نادمة على أنها قضت الليل كله تشعر بالحزن من أجله ... لا يستحق .. هو لا يستحق ... و ما ستفعله به الآن هو الشئ الوحيد الذى يستحقه و لن تهدأ نارها قبل أن تنتزع منه كل حساباته القديمة و المتأخرة ... كانت قد وصلت غرفته فعادت تصرخ بإسمه و هى لا تتوقف عن ركل باب غرفته بجنون و صراخها يرتفع حتى سمعه كل من فى القصر الكبير
_"(زياااااااااد) ... أيها الوغد ... افتح هذا الباب حالا أيها الأحمق .. افتح و سترى ما سأفعل بك ... (زياااااد) ...أنا سأقتلك .. سأقتلك أيها الوغد ... افتح هذا الباب اللعين أيها الغبى"
كانت لازالت تركل الباب و تدفعه بكل قوتها حين انفتح فجأة فاندفعت داخل الغرفة بكل ثقلها دون أن تتمكن من دعم جسدها ... كادت تسقط أرضا لولا أن توازنت فى اللحظة الأخيرة ... استقامت و هى تنظر أمامها إلى الغرفة الفارغة بعينين مشتعلتين ... أين ذهب ؟! .. كادت تصرخ لولا أن انتبهت للحركة الخافتة خلفها فالتفتت بسرعة نحو (زياد) الذى كان يقف قرب الباب بعد أن فتحه فجأة لها ...
كان (زياد) قد عاد فجرا و جسده متعب و عقله و قلبه مثقلان بالهموم و آلام لا تريد أن تتوقف قليلا و ترحمه ... كانت ضربة قاسية تلك التى تلقاها بالأمس .. أكثر قسوة و ألما مما توقع أعادت فتح الجرح الذى اعتقد أنه قد كواه قبل عودته فإذا به يكتشف أن الجرحَ مفتوحٌ على أقصى إتساع لتأتى هى و تذر ملحا حارقا فوقه دون رحمة ... ظل يجوب بسيارته شوارع المدينة التى ضاقت على إتساعها بضيق روحه التى عاودت جراحها النزيف ببشاعة دون توقف ... عاد دون أن يتمكن من النوم لحظة ... أغمض عينيه لتطارده الكوابيس التى أمعنت فى طعنه كأنما الواقع لا يكفيه ... لا يعرف كم مر من الوقت و هو غارق فى كابوس قاتل لا يرحم ... لكنه استيقظ على أصوات عالية تناديه ... كانا (رامى) و (رفيف) الشقيين ... توأم شقيقته الراحلة اللذين انتزعاه من ظلمة أحزانه فجأة ... لم يتوقفا عن القفز على فراشه و هما يناديان بإسمه ففتح عينيه ليتوقفا عن القفز و هما يندفعان ليغرقانه فى عناق و قبلات لانهائية ... ضحك و هو يضمهما إلى حضنه بحب و يغرق أحزانه كلها فى أحضانهما الملائكية الصغيرة و حبهما اللامحدود له .. ابتسم و هو يستمع لهذرهما الطفولى يخبرانه كم اشتاقا له طيلة سفره و كم يحبانه و لم يتوقفا لحظة و هما يتبادلان الحديث .. يتوقف أحدهما ليتولى الآخر مكانه ... يخبراه بكل ما فاته من أحداث و ماذا فعل كل شخص فى العائلة فى غيابه ... خصوصا (ميسا) الشريرة التى لم تتوقف عن تعنيفهما ليتوقفا عن شقاوتهما ... و عندما كاد الحديث ينزلق بهما ليخبراه عن (وتين) و حفل خطبتها الذى كانت تبدو فيه كسندريلا ... أوقفهما عن طعنه مجددا ... اعتدل فى فراشه ليقلبهما عليه و يهجم عليهما مدغدغا حتى صدحت ضحكاتهما العالية فى جو الغرفة .. قبل أن ينتزعا نفسيهما من هجومه الضارى ليبادلاه هجوما أقوى و هما يتعلقان بعنقه و صرخاتهما السعيدة لا تتوقف .. نهض يدور بهما فى الغرفة و جسداهما الصغيران معلقان بجسده كالقرود ... أغرق كل همومه معهما ... ناسيا أو متناسيا لكنهما انتزعا جزءا كبيرا من ألم روحه ... ذكراه بوالدهما حين سافر إليه قبل شهرين ليقنعه بالعودة للمنزل و أن يكتفى من غيابه الطويل و انتهى الأمر به هو و قد مد أجازته و حل ضيفا على (آدم) ... (آدم) الذى برغم ألامه الشخصية احتوى حزنه و ألمه و انهياره الجنونى حين بلغه خبر خطبة (وتين) أثناء سفره ... منحه أذنا صاغية و قلبا داعما كعادته معه منذ الصغر ... يتذكر كيف ضمه إليه بقوة يخفى دموع القهر و الشعور بالخيانة التى تسربت من عينيه رغم كل مقاومته ... (آدم) أخرجه من كل يأسه و دفعه للعودة لينتزع ما يؤمن أنه حقه وحده ... أرغمه على العودة حتى و هو مستمر فى الهرب بعيدا عن عائلته و طفليه اللذين حُرما من أمهما فجأة ليلحق بها والدهما .. لذا أفسدهما هو و (راندا) دلالا علهما يعوضانهما قليلا عن غياب أبويهما ... و هاهما صغيراه هما الآخران يتمكنان كوالدهما من إنتزاعه من ألمه و كوابيسه السوداء بحبهما و مرحهما المعدى ... بقى فقط جزء من الألم يتشبث بصدره لا يريد الرحيل و هو يعرف الشخص المناسب لينتزعه إنتزاعا ... حسنا يجب ان يستدرجها لأرضه أولا و هو يعرف كيف ... ألقى بنفسه و بهما فوق الفراش و هو يصرخ بهما يمثل الإستسلام و يهتف لهما بلهاث مصطنع
_"توقفا .. توقفا ... أنا أستسلم .. لقد انتصرتما"
أطلقا صيحات منتصرة كالهنود الحمر جعلته يطلق ضحكة عالية قبل أن يقترب منهما ليهمس لهما بخطة جديدة و رائعة جدا ... أخبرهما بالتفاصيل سيبدآ بغرفة (ميسا) أولا و يجب عليهما الحذر حتى لا تستيقظ و تفسد الخطة ... ثم يذهبا رأسا إلى غرفة (رورو) التى أكدا له أنها غارقة فى نوم عميق جدا لم يستطيعا أن يوقظاها منه صباحا رغم كل محاولاتهما الحثيثة ... أسرع الصغيران للخارج لينفذا الخطة التى وعدهما أنها ستجعل (راندا) تتحول و تصرخ كالساحرات الشريرات ... نهض (زياد) و هو يتابع خروجهما بعينين استعادتا بعض حزنهما من جديد ... هز رأسه يتخلص من أفكاره قبل أن تبتلعه دوامتها من جديد و هو يسرع إلى الحمام الملحق بجناحه ليأخذ دشا سريعا يتخلص فيه من آثار النوم ... خرج بعد وقت و هو يجفف شعره بمنشفة ألقاها على أحد الكراسى بغرفته ... غير ثيابه و أعد كوبا من القهوة السريعة كعادته كل صباح ليستعيد نشاطه و جلس ينتظر قدومها .. ارتشف قليلا من كوبه و هو ينظر فى ساعته يحسب كم مر من الوقت ... عاد يتطلع نحو الباب و إبتسامته العابثة تتجدد على شفتيه ... قليلا بعد و ستقتحم المكان بكل جنونها و غضبها النارى الذى هو فى أشد الحاجة إليه الآن ... رشفة أخرى و نظرة ثانية للوقت قبل أن يرفع أصابع يده يعد تنازليا
_"ثلاثة ... اثنان ...واحد و ... أكشن"
لم يكد يتم جملته حتى تعالت صرختها حاملة إسمه إلى أذنيه ... ابتسم و هو ينهض عن كرسيه ببطء ينتظر وصولها إلى غرفته ... كان صراخها يتعالى و هى تقترب حتى وصلت لتنهال بكل جنونها ركلا على باب الغرفة حتى كادت تحطمه ... وقف بهدوء خلف الباب ليفتحه فجاة و هو يراقب إندفاعها اللإرادى إلى المكان بكل زوابعها و براكين غضبها ... وقف خلفها بهدوء و من مكانه كان قادرا على رؤية خصلات شعرها المشعثة بألوانها المجنونة و بيجامة نومها المجعدة من أثر النوم ... رفع كوب القهوة يأخذ رشفة أخرى بإستمتاع حين التفتت نحوه فجأة ... اتسعت عيناه عن آخرهما و هو يبصق القهوة من فمه ... وضع يده على فمه يكتم شهقته و هو يكتشف إلى أى حد بدا شكلها مذريا ... هذان الشقيان تماديا جدا فى تنفيذ الخطة ... عادت عيناه تلمعان مجددا بإبتسامة رأتها بوضوح و عرفت أنها ارتسمت على شفتيه المختفيتين خلف كفه ... ازداد إشتعال البركان داخلها و هى تراه يفقد كل سيطرة على ضحكاته لتدوى بهيستيرية جنونية حتى طفرت الدموع من عينيه ... نظر نحوها من بين دموع الضحك و هو يحاول التوقف دون جدوى ... اقترب منها دون أن يتوقف عن الضحك وضع الكوب على منضدة قريبة ... اقترب ليدور حولها يتأملها جيدا و هو يقول وسط ضحكه
_"ربااه ... (راندا) هل نظرتِ فى المرآة قبل أن تخرجى من غرفتك بهذا المنظر و أمام كل من فى القصر؟! ... لابد أنكِ قد أصبتِ الجميع بصدمة عصبية .. يا الله !! لا أتخيل ردة فعل العمة (ثريا) إن رأتك هكذا ... قد تموت من الصدمة لا قدر الله"
كانت تضم قبضتها بكل قوة و هى تكز على أسنانها و تتابع حديثه بينما يمد يده و يمسك ببعض خصلاتها الملونة
_"اخبرينى هل هذا مظهر جديد تبعا لموضة ما (راندا)؟! .. لم أعرف أنكِ تتبعين تلك الصيحات المجنونة"
و مط شفتيه بأسف و خفض جفنيه بحزن مصطنع و هو يتابع
_"للأسف ... لقد صدمتينى فيكِ (راندا) .. أسوأ صدمة"
شدت قبضتها و حركت رأسها و هى تأخذ نفسا عميقا قبل أن تقول بعنف
_"(زياد) ... لقد تماديت حقا فى ألاعيبك معى ... لم أنس بعد ما فعلته البارحة لتكمل علىّ اليوم ... حسابك ثقُل جدا معى (زياد) و قد حذرتك قبلا"
كتف ذراعيه و هو يقول بسخرية كأنما يختبر أقصى درجات الغضب داخلها
_حقا؟! .. ماذا تنوين ؟! .. أنتِ تهددين بقتلى .. أرينى ماذا تستطيعين فعله بجسد صغير كهذا"
_"أستطيع فعل الكثير أيها الغبى"
_"حقا؟! .. مثل ماذا؟!"
_"مثل هذا"
قالتها و هى تدور حول نفسها نصف دورة و ترفع قبضتها لتهوى بها على فكه بكل قوتها لترتطم به فى لكمة قاسية جعلته يتراجع للخلف يحدق فيها بذهول و عينين متسعتين فابتسمت بشر و هى تلهث قائلة
_"هذه لفعلتك الدنيئة أمس"
و عاجلته بلكمة أخرى على الفك الآخر قبل أن يستوعب و هى تتابع
_"و هذه من أجل فعلتك الشيطانية بى اليوم .. و هذه لأجل .."
قبل أن تهوى لكمتها الثالثة على فكه مجددا كان قد خرج من ذهوله و هو يلتقط قبضتها داخل كفه القوى و هو يمسكها بكل قوته مانعا إياها من محاولة لكمه ...آلمتها قبضتها و ذراعها المعلقة فى الهواء فيما كان هو يدلك فكه بكفه الحر و هو يهتف بألم
_"تبا ... لكِ قبضة سيئة ... كيف تعلمتِ اللكم هكذا؟!... لا بأس .. لاتتخيلى أنكِ لمجرد أن تعلمتى كيف تلكمين سوف تتمكنين من .."
قطع جملته بآهة طويلة حين باغتته بحركة قتالية أخرى مفاجئة من ساقها أصابت ساقه قبل أن تقوم بحركة أخرى طرحته أرضا فانحنت تثبته و هى تضع كفيها حول رقبته هاتفة و هى تلهث
_"لا تستخف بى (زياد) .. أنا أكثر من قادرة على أن أدمى وجهك الوسيم هذا لكننى أشفق على أستاذ جامعى مثلك أن يكون واجهة مرعبة للطلاب المساكين ... لذا سأكتفى بخنقك"
أمسك قبضتها بقوة يبعدها عن خناقه و هو يهتف
_"تبا .. انهضى عنى ... انهضى أيتها المجنونة"
رفعت نفسها فجأة لتقف متحفزة بينما نهض هو الآخر هاتفا
_"ماذا كان هذا قبل قليل ؟ ... متى تعلمتِ كل هذا؟!"
هزت كتفيها بلامبالة و هى تقول بينما تأخذ وضعية قتالية
_"التحقت بنادى فنون قتالية أثناء سفرك ... هيا توقف عن الكلام و استعد للموت "
هتف بإستنكار و سخط
_"استعد للموت ؟!! .. و نادى فنون قتالية؟! .. هل أنتِ مجنونة؟!"
هتفت به و هى تندفع نحوه لتتابع قتالها له
_"أجل .. و سأكون مجنونة رسميا إن لم أبرحك ضربا مقابل ما فعلت بى"
اتخذ وضعا دفاعيا تلقائيا و استقبل ضربتها على ذراعه و صد ضربة أخرى و هو يضحك هاتفا
_"حسنا .. توقفى أيتها المجنونة .. ماذا يرضيكِ ؟! .. هل تريدين إعتذارا؟!"
هتفت بشراسة و هى توجه ضربة خائبة أخرى و قبضتها استقرت فى كفه مجددا
_"أريد دمك"
شد على قبضتها قائلا بصوت رقيق و هو يقترب منها فجأة بطريقة أثارت ريبها
_" فقط دمى ؟! .. اطلبى أى شئ جميلتى .. كُلى لكِ و تحت أمرك"
عقدت حاجبيها و عقلها يحاول فهم الموقف الجديد و هى تراه يقترب أكثر و هو مازال ممسكا بقبضتها داخل كفه .. اتسعت عيناها فى ذهول و هى تشعر بذراعه الآخر يحيط خصرها ليقربها منه و جسدها تجمد فى عدم فهم وشفتاها تحركتان بغباء لتسأله
_"ماذا تفعل؟!!"
سمعته يهتف بوله
_"هل أخبرتك كيف أدرتِ عقلى أمس عندما لمحتك أول ما دخلت إلى قاعة الحفل؟ .. لم أعرف أنكِ كنتِ تخفين كل هذا الجمال خلف شراستك (رورو)"
نطق بإسم دلالها الخاص بـ(رامى) و (رفيف) بطريقة جعلت قشعريرة خوف تسرى فى جسدها و هى تتساءل فى حذر ما هذه الإستراتيجية التى يتبعها الآن ... هى تعرف (زياد) جيدا كراحة يدها .. هو بالتأكيد يخطط لمكيدة ما و لن تكون (راندا هاشمى) إن لم تفسد مخططه الجديد أيا كان ... همست من تحت أسنانها
_"(زياد) هل جُننت الآن ؟ .. أعرف أننى طرحتك أرضا قبل قليل ... لابد أن رأسك قد أصيب، لكنى لا أعتقد أن الصدمة كانت بهذه القسوة .. دعنى أرى"
و مدت كفها تتحس مؤخرة رأسه بسخرية .. كانت يدها قد غاصت بين خصلات شعره الناعمة حين انتبهت إلى إزدياد البريق الماكر داخل عينيه .. فسحبت يدها بسرعة و كادت تشتمه و رغبتها تجددت بطرحه أرضا و إشباعه لكما حتى يعترف بكل شئ .. لكنه شد يدها مجددا و هو يجذبها نحوه بقوة و هو يقول بصوت مسموع
_"لا داعى للخجل أميرتى ... يمكنك لمسى و الإقتراب منى قدر ما شئتى فلن أمنعك .. (راندا) أريد أن أخبرك شيئا و لا أريدك أن تشعرى بالصدمة ... أظن أننى بدأت حقا الوقوع فى حبك عزيزتى"
شهقتها ترددت فى الغرفة بصدى غريب و كادت تدفعه لتصرخ فيه أن يكف عن عبثه معها حين استوعب عقلها أن الصوت الآخر لم يكن صدى لشهقتها هى بل كانت شهقة أخرى ترددت على باب غرفة (زياد) الذى كان لازال مفتوحا ... التفتت بهلع لتنظر خلفها و اتسعت عيناها و هما تقعان على (وتين) التى وقفت هناك بوجه شاحب و ملامح باهتة و عيناها تحملان ألما رهيبا تجلى داخلهما بكل وضوح ...
********************
حين طرقت (وتين) غرفة جدها (رفعت هاشمى) كبير عائلة (هاشمى) و عمادها الذى رغم سنواته التى تجاوزت الخمس وثمانين كان مازال يحتفظ بذهنه الصاف و عقله الذكى الذى مكنه فى سنوات شبابه أن يؤسس مكانة قوية رسخها أبناؤه و أحفاده من بعده بجهودهم و دعمه الدائم لهم ... كان الجد قد انتهى من صلاة الظهر و جلس يقرأ فى مصحفه قليلا ، حين دوت طرقاتها الرقيقة التى يعرفها جيدا فنادى لها سامحا بالدخول ... دخلت (وتين) برقتها المعهودة و إبتسامتها الحنونة و هى تقترب قائلة بمرح
_"كيف الحال يا أحلى جد بالعالم كله؟!"
أغلق الجد مصحفه و وضعه جانبا و عدل من وضع نظارته فوق عينيه و هو يمد نحوها يدا مرتجفة قليلا بفعل السن و هو يبتسم بحنان
_"تعالى يا ملاك ... كيف حالكِ أنتِ صغيرتى؟!"
ابتسمت (وتين) و هى تسمع الإسم الذى إعتاد جدها أن يناديها به منذ صغرها و اقتربت منه لتحتضنه بحب , أحاطها بذراعيه يضمها إلى صدره فى حنان كاد يدفع بالدموع إلى عينيها ... كم هى فى حاجة ماسة إلى هذا الحضن الدافئ ... تحتاج بشدة أن تهمس له بكل أوجاعها .. و كأنما شعر الجد بما يعتمل فى روح حفيدته الغالية فهمس و هو يضمها أكثر
_"أنتِ بخير ملاكى؟!"
تحكمت فى دموعها بقوة كعادتها و رفعت رأسها ترسم إبتسامة واسعة على شفتيها و هى تهتف بمرح
_"بالطبع .. مادمت أنت بخير فكل شئ بخير حبيبى"
ابتسم بتفهم و هو يمسح على شعرها بحنان ليقول
_"ظننتك ستنامين طويلا صغيرتى .. أعرف أنكِ عدتى متأخرا البارحة فقد شعرت بكِ عندما مررتِ للإطمئنان علىّ"
أمسكت (وتين) بكفه تطبع قبلة عليها بكل حب و هى تجيبه
_"تريدنى أن أنام و أفوت مواعيد دوائك يا كبير الهاشمية؟!"
ضحك بقوة قبل أن يسعل قليلا و هو يقول
_"لست كبيرا لدرجة ألا أتمكن من تناول الدواء بنفسى يا صغيرة"
شهقت و هى تقول ضاحكة
_"من هو الكبير يا حبيبى؟! .. إن كنت تقصد مقاما فلن أجادلك .. لولا أننى أغار عليك لخطبت لك عروسا بنفسى"
قرص خدها بقوة و هو يقول ضاحكا
_"أيتها الشقية !!"
قبلت خده و هى تنهض لتتناول علبة أدويته و تفتح إحداها لتناوله قرصا و وقفت تنتظره ممسكة بكوب ماء منحته إياه فور أن ابتلع القرص و هى تهمس بدعاء أن يتم الله شفاءه و تعافيه ... وضعت الكوب و هى تلتفت مجددا لتقول ضاحكة
_"كما أننى فى غنى عن أن تطاردنى جدتى الحبيبة فى أحلامى لأننى أفكر بأن أزوجك اخرى بعدها"
تنهد ليقول بلهجة يختلط بها الحب بالحنين إعتادت أن تسمعه يتحدث بها و هو يذكر جدتها الراحلة
_"(عائشة) حبى الأول و الأخير يا ملاك ... لا امرأة أخرى كانت قادرة على أن تملأ عينىّ بعدها"
تلألأت عيناها بحب لتلك المشاعر التى مازال جدها يحملها داخله لزوجته التى رحلت قبل سنوات و مازال هو ينتظر لقاءها بكل شوق ... من غيرها يمكنه أن يدرك كم يمكن أن يكون الشوق للحبيب مؤلما ... كم يمكن أن يبلغ الحب منك مبلغا لا تستطيع بعده أن تتنفس لحظة واحدة بعيدا عن الحبيب ... من غيرك يا (وتين) يدرك ذلك .. من سواكِ يفعل
هزت رأسها تهرب من نظرات جدها التى لا تفوتها شاردة و لا واردة و هى تقول
_"أعرف حبيبى ... و من مثل (عائشة) التى روضت هذا القلب القوى داخلك؟! ... أعرف كم أحبتك هى أيضا فلطالما استمعت إليها بشغف و أنا صغيرة و هى تقص علىّ قصة حبكما"
اقتربت لتعدل من وضع الوسادة خلف ظهره و هى تتابع
_"كنت أستمع لها بشغف و أنا أتمنى أن أكبر لأعيش قصة حب كقصتكما ... لقد أفسدتنى زوجتك الحبيبة جدى .. أنا أحملها المسؤلية الكاملة"
ضحك و هو يمسك يدها و يضغطها برفق
_"و وجدتها يا صغيرة ، صحيح؟! ... لقد وجدتى قصتك و عشتيها لكنك تتركينها تتسرب من بين يديك "

رفعت نظرها إليه فى وجل ليتابع
_"جدك العجوز يعرف كل شئ يدور فى القصر منذ سنين يا صغيرة"
و تابع و هو يضع كفه فوق قلبها بحنان
_"أتتصورى للحظة أنه لن يعرف أبدا ما يدور داخل هذا القلب الصغير الكتوم .. بل هو يعرف جيدا و يفهم ، فلا داعي لكتمانه صغيرتى"
اقتربت لتضع رأسها على صدره و هى تهمس
_"أحبك جدى"
ربت على شعرها برفق و هو يهمس
_"أنتِ سعيدة صغيرتى؟"
أومأت برأسها برفق قبل أن ترفع رأسها و تنظر فى عينيه
_"مادمت راضيا عنى .. فلا رغبة لدى فى أى شئ آخر حبيبى"
أبعدها قليلا قبل أن يربت على الفراش بجواره يدعوها لتجلس جانبه ففعلت و هى تطرق برأسها ... فمد كفه يرفع ذقنها بحنان و يتأمل ملامحها التى امتزجت فيها ملامح آل (هاشمى) بملامح أمها الراحلة التى أورثتها خصلاتها الشقراء القمحية و عينيها الفيروزيتين اللتين تحملان كل حنان العالم داخلهما ... تأملها قبل أن يزيح بعض خصلاتها خلف أذنها و هو يهمس
_"كم تشبهين أمك يا ملاك!!"
رفعت إليه عينين حائرتين و هى تسأل
_"و هذا شئ جيد أم سئ؟!"
ابتسم و هو يقول بلوم
_"بل جيد جدا يا صغيرة ... مازلت أذكر تلك الفتاة الرقيقة التى وقع ابنى فى حبها و ترك كل شئ فقط ليكون معها ... كانت المرة الأولى التى يقف بها أمامى ... لقد غامر بكل شئ ... حين قابلتها لأول مرة أدركت كم كان محقا ... كانت امرأة نادرة .. امرأة لا تتكرر كـ(عائشتى) بالضبط"
ابتسمت بحنين و اشتياق لطيف أمها الراحلة و هى تتذكر ملامحها الحنونة بتوق ... كم تحتاج لحنانها و حضنها الدافئ الآن و بشدة .. عادت تسأل جدها
_"و أنت لم تمانع جدى ... رغم أن والدتها كانت .."
لم تكمل كلمتها و وجع غريب يرتسم بعينيها فهمه فابتسم مكملا بحنان
_"أمها كانت خادمة ؟! ... لماذا تخجلين من قولها حبيبتى ؟! ... أمها كانت امرأة عظيمة فعلت المستحيل لتربى أطفالها اليتامى وحدها حتى أوصلتهم لمكانة محترمة فى المجتمع ... هذا يجعلها ماذا فى نظرى غير امرأة تستحق منى كل إحترام و تقدير"
ابتسمت فى حب و دمعت عيناها تأثرا و هى تستمع إليه يتابع مؤكدا
_"لا يحق لكِ سوى أن تشعرى بالفخر نحو جدتك لأمك يا ملاك و لا تخجلى أبدا منها .. و لا تسمحى أبدا لأى شخص ان ينتقص منها أبدا .. هل تفهمين كلامى جيدا؟!"
أومأت بتفهم و هى تتطلع إليه بكل إحترام و حب لهذا الصرح الكبير و اعتدلت لتحتضنه مجددا و هى تهمس
_"أحبك أيها الرجل العظيم ... أحبك جدا"
أسند ذقنه إلى رأسها و هو يرد بحب
_"و انا أحبك يا ملاكى الصغير"
مضت لحظة من الصمت قبل أن تتمالك (وتين) مشاعرها و تستعيد شقاوتها و تنهض هاتفة بمشاغبة و تحذير
_"لكن .."
و مدت يدها أسفل الوسادة باحثة و هى تكمل
_"هذا لن ينسينى حملة التفتيش المعتادة ... أين تخبأها هذه المرة ... آه ... هاهى .. لم تجد الوقت لتتمكن من إخفاءها بعيدا هذه المرة"
هتفت بإنتصار و هى تمسك بقطعة الحلوى التى كان يخفيها أسفل الوسادة فتنهد بقلة حيلة بينما هى تهتف
_"كيف وصلت هذه إلى هنا ؟ ... الخدم لن يجرؤ أحدهم على مخالفة أوامرى أو أوامر أبى أو عمىّ ... من أوصلها إذن ؟"
فتحتها و قضمت منها قطعة أمام جدها الذى قطب حاجبيه و أكملت هى مفكرة و هى تلوك قطعة الحلوى بتلذذ مغيظ
_"(راندا) مازالت غارقة فى النوم كالقتيلة إلا إن كانت سربتها لك بعد عودتها من الحفل ... (سؤدد) لن تفعلها مؤكد فهى أشد صرامة منى بمراحل ... (سيف) أيضا لن يفكر فى هذا ... (هاميس) هددتها مسبقا إن أعادتها لذا أنا واثقة أنها لن تكررها ... لم يبق إذن سوى الشقيان (رامى) و (رفيف) ... أراهن أنهما من سربها إليك و بالتأكيد أسرا لك ببعض خططهما الشيطانية الجديدة"
ضحك (رفعت هاشمى) بقوة قبل أن يرفع أحد حاجبيه و يقول بخبث
_"نسيتِ (زياد) يا ملاك ... ربما كان هو"
ابتسمت بهدوء دون أن تقع فى فخه و هى تجيب
_"لا ... أعرف أن (زياد) لن يفعلها جدى ... هو أكثرنا إهتماما بصحتك"
لم يبق من الحلوى سوى قطعة صغيرة اقتربت لتضعها فى فمه و هى تقول بحب
_"هذه فقط للآن حبيبى ... لا تهمل صحتك أرجوك فأنت تعرف كم أنت غال علينا جميعا ، اتفقنا؟!"
أومأ موافقا فعادت تعدل وسادته و هى تقول
_"سأدعك ترتاح قليلا حتى تحين الصلاة و سأذهب لأرى أى مصيبة يحضر لها الصغيرين فقد رأيتهما يغادران غرفتيهما قبل قليل و هما يحملان علب الألوان كأنهما فى مهمة سرية"
بادلها ضحكاتها و هو يتراجع ليريح ظهره إلى الوسادة و تابعتها عيناه حتى غادرت الغرفة لتتحرك شفتاه بدعاء لله أن يرفق بقلب ملاكه الصغير و يمنحها السكينة و السعادة
*************


may lu 01-10-16 09:20 PM

غادرت (وتين) غرفة جدها و هى تبتسم ... رغم كل الألم الذى يعتصر قلبها لكنها لن تدعه يغادر أعماقها و يظهر على ملامحها ... هى سعيدة ... يجب أن يؤمن الجميع بهذا ... و أولهم هى ... لقد اتخذت قرارها و لم يعد هناك مجال للرجوع ... عليها فقط أن تستعد لأيام كثيرة قادمة ستقضيها بعيدا عن روحها ... قشعريرة باردة مرت بجسدها و هى تتخيل ذلك المستقبل الخالى منه ... كيف ستتمكن من فعلها ... مرت الليلة السابقة بكل أحداثها أمام عينيها و عاد وجعها يتجدد ... لم تستطع النوم و هى تقطع غرفتها ذهابا و إيابا فى قلق ... تنتظره كعادتها فى روتين لم يتوقف يوما حتى عندما سافر ... كانت تقف كل ليلة كعادتها فى الشرفة كأنه سيعود فجأة ... تقف هناك فى إنتظاره كما كانت تفعل قبل أن يسافر إلى (باريس) و تتخذ هى قرارها الذى ذبح كليهما دون رحمة ... حتى يوم خطبتها وقفت فى الشرفة تنتظره ... كل ليلة كانت تفعلها و البارحة لم تكن مختلفة ... ظلت حتى عاد فجرا و وقفت خلف ستائر شرفتها التى أغلقت أنوارها ... وضعت يدها على كفها و هى تراه يرفع عينين جريحتين نحو شرفتها ... قديما اعتاد أن يرفع وجهه ليبتسم لها بحب عندما يجدها تنتظره قلقا مهما تأخر فى الخارج .. و أحيانا يشير إليها بإعتذار على إثارة قلقها قبل أن يرسل إليها قبلة فى الهواء ... البارحة رفع وجها يحمل آثار روحه الذبيحة بكل وضوح ... انسحبت للداخل مع دخوله للقصر و استلقت على فراشها و تركت لدموعها العنان و هى تتذكر كلماته و وعيده لها حين التقاها فى الحفل " لقد انتهينا (وتين) و أنا سأنسى ... أنا سأنساكِ أعدك بهذا"
تنفست بقوة و هى تهز رأسها تتخلص من أفكارها الحزينة و عادت ترسم إبتسامة مصطنعة على شفتيها و هى تبحث بعينيها عن الصغيرين ... توجهت نحو حديقة القصر بحثا عنهما ، كادت تعود للداخل قبل أن تتوقف و هى تلمح (سؤدد) ابنة عمتها تقف بجسدها الطويل الرشيق و شعرها الأسود مزموم كعادته فى ذيل حصان متزمت ، بينما تمسك هاتفها و تحدث أحدهم بصوت مرتفع غاضب قبل أن تلقى بالهاتف بكل قوتها على الأريكة المقابلة حيث كانت تقف أسفل الشرفة المعروشة فى الحديقة ... اقتربت (وتين) منها لتسأل بقلق
_"كل شئ بخير (سؤدد)؟!"
ألقت (سؤدد) بجسدها على أحد المقاعد و هى تتنفس بعمق قبل أن تدلك جبينها فى ألم نادرا ما تسمح له بالظهور على ملامحها و أجابت بهدوء
_"لا تقلقى (وتين) ... فقط بعض المشاكل فى العمل"
تأملتها (وتين) و هى تحاول إختراق ذلك السطح البارد و الغامض الذى تظهره (سؤدد) دون أن تسمح لأى شخص بإختراقه ... (سؤدد) أكثر فتيات العائلة تحكما فى مشاعرها .. الأكثر صرامة بينهن ، لكن (وتين) تدرك أن أسفل ذلك القناع الصارم الذى ترتديه (سؤدد) تكمن أكثر الأرواح رقة و أكثر القلوب حبا لعائلتها ... ابتسمت فى حنان و هى تربت على رأس (سؤدد) بطريقة تثير غضبها دوما و هى تقول
_"سأحضر لكِ كأسا من النعناع الأخضر المغلى ... سيمنحك بعض الإسترخاء"
تحركت شفتىّ (سؤدد) بإبتسامة صغيرة ممتنة و هى تقول
_"و قرصا من المسكن إن أمكن (وتين)"
أومأت لها (وتين) و هى تتحرك مبتعدة قبل أن تتوقف فجأة و تسألها
_"صحيح !! .. هل رأيتِ (رامى) و (رفيف) فى أى مكان؟!"
هزت (سؤدد) كتفيها بحركة لامبالية و هى تقول بينما تسترخى بظهرها إلى مقعدها
_" أين سيكونان برأيك؟! ... ربما يكونان فى هذه اللحظة يقومان بقتل (هاميس) أو (راندا) بتحريض من (زياد) كالعادة"
ضحكت (وتين) و هى تهز رأسها و بادلتها (سؤدد) ضحكتها بإبتسامة صغيرة متفكهة ... قبل أن تنتفض (وتين) مع صرخة (راندا) العالية التى حملت إسم (زياد) ... نظرت بقلق نحو (سؤدد) التى هزت كتفيها مجددا و هى تقول
_"أرأيتِ؟! ... لم يتأخرا كثيرا"
كانت صرخات (راندا) تزداد و هى تتوعد (زياد) ... ابتسمت (وتين) إبتسامة صغيرة مرتجفة و هى تومئ برأسها لـ(سؤدد) موافقة قبل أن تدخل إلى القصر بخطوات سريعة حملت قلقها ، بينما تابعتها نظرات (سؤدد) التى تنهدت بقوة و هى تتراجع لتسترخى أكثر بينما تتجاهل رنين هاتفها المرمى بقربها و تغمض عينيها و هى تفكر ... فى هذا القصر ... كل يبكى على ليلاه ...
*****************
تابع (عاصى) بعينيه (سلمى) و هى تدلف إلى داخل المنزل بعد أن اطمأن قلبها مع وعده الذى قطعه لها أن يحمى (رهف) و ألا يتركها أبدا ... حسنا ... لقد قطع وعدا و لم تكن المرة الأولى التى يقطع فيها هذا الوعد ... قبل ثمانية أشهر كان عمه يستلقى فى المشفى بين الحياة و الموت بعد أن فشل قلبه أن يتحمل صدمة الخسارة الكبيرة التى مُنيت بها شركته لتتلوها بقسوة صدمة تعرض (رهف) لحادثتها التى أتت تماما على سلام العائلة ... روح العائلة المرحة وصلت إلى المشفى بين الحياة و الموت لتغادر الحد الفاصل بينهما بمعجزة ، فقط لتغرق فى غيبوبة عميقة لم يتنبأ أحد إن كانت ستغادرها أم لا ... و إن غادرتها فهل ستفعل ذلك بدون خسائر ؟! .. أغمض عينيه بقوة و هو يستعيد كل الألم الذى شعر به لحظتها و هو يندفع إلى المشفى حيث أبلغوه بوجودها ... كان هو أول من عرف بالخبر ... كيف لا و هو من كان يحاول الإتصال على هاتفها دون جدوى بعد أن وجد مكالمات فائتة عديدة كان مصدرها واحدا ... صغيرته كانت تحاول الإتصال به دون أن ينتبه ... كانت تحتاجه و هو ... هو خذلها عندما كانت فى أشد الحاجة إليه ... جزء منه كان يحمله الذنب فيما أصابها .. لو أنه انتبه باكرا .. لو أنه لم يتجاهلها ... فقط لو ... و متى كانت لو تفيد شيئا غير التمنى و العجز ... لا يلومها أبدا ... لا يلومها و هى ترمقه بإحدى تلك النظرات المحملة بكراهيتها القاتلة ... لا يلومها و هى لا تكف عن ذبحه بلومها الصامت ... يعرف هذا حتى و هى لم تنطق بها ... يعرف أنها تحمله الذنب .. و جزء منها هى الأخرى يشعر بالذنب لذلك مازالت مصممة على حبس نفسها فى دوامة الماضى ... ترفض أن تخرج منها و ترفض أن يمد أحدهم يده إليها لينتشلها ... فى أعماقها هى تؤمن أنها لا تستحق النجاة أبدا ... لكنه لن يتركها ... ليس و فى صدره نفس واحد يرغب فى عودتها مجددا ... ليس و هو قد منح كلمته لعمه الذى رحل مطمئنا و قد ترك زهرته الصغيرة فى رعايته و هو يؤكد له ثقته أنه الوحيد الذى يمكنه أن يعيدها ... رحل عمه دون أن يرى ابنته و كيف صارت كأنه كان يعلم كم ستكون الصدمة قاتلة لروحها ... رحل دون أن تراه (رهف) التى غادرت غيبوبتها بعد شهور لتقضى بعدها أياما طويلة صائمة عن الكلام ، تقضى وقتها شاردة إلى اللاشئ ... ترفض التجاوب مع أى شخص حتى طبيبها النفسى ... (رهف) التى علمت برحيل والدها لتزداد تقوقعا و إنعزالا و رفضا للعالم من حولها ... رحل عمه و صمتت (رهف) و فقدت روحها التى كانت تحمل معها سعادة المنزل كله ... غادرت حاملة معها سلام العائلة و روحها دون رجعة ... لكنه لن يكون (عاصى رضوان) إن سمح لها بالإستمرار فى إنغماسها المميت فى شرك الماضى الأليم ... مهما بلغ الذنب الذى يحمله أو الذى تحمله هى داخلها هو لن يتركها أبدا ...
تنفس بعمق و هو يغادر مقعده قبل أن يزفر بقوة و هو يمرر أصابعه فى شعره بتوتر ... دون شعور تحركت قدماه ليغادر الشرفة إلى الحديقة التى تفننت (سلمى) الحبيبة هى و عسليته فى إخراجها بهذا الإبداع ... دار حول المنزل و هو يدرك فى أعماقه إلى أين تأخذه قدماه دون مقاومة ... رغبة محرقة تلك التى تنتابه ليراها و لو من بعيد ... ليلمح حتى طيفها ... رغبة توقف منذ زمن عن البحث عن أسبابها ... توقف عن البحث عن معنى تلك الرفرفة التى ترتعش داخل قلبه كلما كانت قريبة منه ... رغبة حاربها طويلا طويلا جدا ... لكن القدر صفعه فجاة ليثبت له أن كل مقاومته ما كانت تجدى نفعا لأنه مهما فعل سيضعها القدر مرارا فى طريقه ... و مهما ابتعد و حارب القدر فإن القدر عندها سيجعلها جزءا منه لن يستطيع أبدا الإبتعاد عنه مهما حاول ... و هو ما عاد يرغب فى الإبتعاد ... توقفت قدماه عند ذلك الجزء من الحديقة ... ابتلع ريقه بتوتر و هو يرفع عينيه بترقب و تنفس بقوة و هو ينظر إلى شرفتها التى داعب النسيم ستائرها برقة ... بينما زهورها الجميلة تنتظرها لتخرج كعادتها لترويها و تجالسها قليلا ... كان يعرف من (سلمى) أنها لم تغادر غرفتها بعد منذ الصباح ... وقف بترقب كطفل ينتظر ليلة العيد بكل شغف ... و دون أن يعى كان يهمس بتوسل ... هيا ... أخرجى هيا .. أنا أنتظر ... أخرجى يا عسلية فزهورك تنتظرك ... و لم تتأخر .. كأنما استمعت لندائه و توسله فأطلت دون تأخير... تنفس بقوة و قلبه يختلج بتلك الرفرفة المألوفة و هو يراها تطل برقتها و شحوبها الذى أصبح معتادا ... راقبها و هى تروى أزهارها بحنان و تهمس لها ببعض الكلمات التى لم تصله ... فقط حركة شفتيها الرقيقتين أخذتا كل تركيزه و وجد نفسه يتمنى لو تهمس له بكل وجعها كما تفعل مع نباتاتها الآن ... كأنما شعرت بمراقبته لها ... رفعت رأسها فجأة و اقتربت من سور الشرفة القصير ... عتمت عيناها بشدة و هما تقعان عليه ... انقبض قلبه بقوة و هو يستقبل نظراتها التى حملت شفافية غريبة و هما تقعان عليه لأول وهلة قبل أن تفقدا صفاء العسل الشفاف بهما و تعتمان بنظرتها القاتلة تلك ... بادلته النظرات دون أن ترف للحظة قبل أن تشيح بوجهها عنه بكل برود و هى تحرك كرسيها المتحرك بهدوء لتغادر الشرفة و تختفى داخل غرفتها تاركة خلفها (عاصى) الذى وقف يحدق فى الشرفة الخالية إلا من زهورها التى حملتها للتو بعض أسرارها و شكواها و حبها الذى تبخل به على الجميع و هو أولهم
*****************
انتهى الفصل السادس أتمنى ينال إعجابكم
فى إنتظار آرائكم و تعليقاتكم
قراءة ممتعة :amwa7:











فاطمة بنت الحسين 01-10-16 09:34 PM

لي عودة بعد قراءة الفصول

rontii 01-10-16 11:15 PM

اعادة تعليقي عن الفصل السادس

ما زال السؤال الاهم هو حادثة رهف ة سر قبول وتين بخطيبها الغتيت
واضح ان وتين بتعشق وياج هل فيه مصالح مشاركة ماليه احبرتها علي الموافقة
هو ابوها عايش و ﻻ نتةفي انا نسيت
طيب حاسة ان موضوع جدتها لامها هيكون سبب في فركشة خطبتها
زياد مجروح و بيحاول يحافظ علي كبرياءه كراجل سابته حبيبته
بس هملته طين علي جماعه ﻻن رانجه مش هتسمح انه يستغلها بالطريقة دي
الجد حبيته اوووي
ادم فهمت ان مراته توفقت و ﻻ فهمي غلط
نرحع لرهف هل حادثتها كانت حادثة سيارة الكلام بيقول غيبوبه فضلت لمدة كبيرة
حاسةان الحادثة مش مجرد حاجة جسدية هل كانت اغتصاب او خطف و ﻻ مجرد حاجثة عادية
هنشوف و نعرف
بارت جميل و احسن حاجة ان رنده طلعت بتدرب و ضربت زياد لما قالت يا بس


الساعة الآن 08:14 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.